الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحضرة عند الصوفية
سائل: التواشيح الدينية والذكر بصوت عالى مع الترنح تسمى الحضرة. فهل هاى ممارسات مقبولة من الشريعة الإسلامية أم غير مقبولة؟
الشيخ: لا، إذا نحن نظرنا إلى ما قلناه أنفا:{وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ، نفهم أن هذه الممارسات تخالف سبيل المؤمنين، لأنه بلا شك كل عالم دارس لسيرة الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام - سواء فى زمنه أو بعد وفاته - عَلَيْهِ الصلاةَ السَلامَ- يعلم يقينا أن هؤلاء الصحابة لم يكونوا يذكرون الله على هذه الطريقة التى يذكرها أصحاب الحلقات، والنوبات، أنت بتستعملوا كلمة نوبات هنا؟
الحضور: الحضرات
الشيخ: لكن كلمة نوبات تستعمل عندنا فى سوريا وهى أنسب لهم، لأن النوبات جمع نوبة هذه، فالمقصود أن هذه الحلقات وهذه الحضرات يقينا لم تكن فى عهد الرسول عليه السلام، ولذلك بالغ علماء المسلمين - الفقهاء منهم - بالتنديد بهؤلاء الذين يذكرون الله عز وجل مثل هذا الذكر الذى لا يقبله نقل
ولا عقل، أما النقل: فربنا عز وجل أمرنا أن نعزر نبيه ونعظمه ونوقره، فهو عبد من عباده المصطفين الأخيار، تُرى ماذا يكون موقف العبد مع الرب؟ لاشك أنه سيجله، ليس بعده إجلال لأحد لأنه هو خالق الكل والجميع، فإذا كان الأمر كذلك فالصحابة لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالذكر، ليس حلقات هكذا ولا فى مساجد، وإنما فى الصحراء فى العراء لقد جاء فى صحيح البخارى وصحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله قال كنا فى سفر مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم فكنا إذا علونا جبلا كبرنا الله، وإذا هبطنا واديا سبحنا الله ورفعنا اصواتنا، فقال عَلَيْهِ الصلاةَ السَلَّامَ:
ثم إلتفت إلي وقال ياأبا موسى: «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قل لا حول ولا قوة إلا بالله» فإذا كان الرسول صَلَّوات اللَّهُ وَسَلَّامَه عَلَيْهِ ينهى أصحابه أن يرفعوا أصواتهم فى الصحراء، بعلة شرعية إن من تدعونه ليس بأصم ولا غائباً إلى اخر الحديث، تُرى ماذا يقول الرسول عَلَيْهِ الصلاةَ السَلَّامَ لهؤلاء الناس الذين يرفعون اصواتهم بذكر الله فى بيوت الله؟ هنا فيه إخلال بأدبين إثنين: الاول: الأدب مع الرب وقد عُرف من حديث أبي موسى، الثانى: الأدب مع العبد العابد لله فى المسجد، إلى هذه الحقيقة أو الأدب الثانى أشار عَلَيْهِ الصلاة
والسَلامَ بقوله حينما سمع بعض الناس يرفع صوته بالذكر فى المسجد قال: «ياأيها الناس كلكم يناجى ربه فلا يجهر بعضكم على بعض فى القراءة» كلكم يناجى ربه يعنى إن من تدعونه ليس بأصم ولا غائب، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة جاء فى رواية أخرى
«فتؤذوا المسلمين» هذه هى العلة الثانية فيها إيذاء للجالسين فى المسجد، يذكرون الله، يصلون على رسول الله، يصلون ركعتين لله، فهؤلاء يُشَوِّشون عليهم فيؤذونهم، مثل هذه الأحاديث بتُكون فكرة عند الباحث بأن هؤلاء الذين يذكرون الله بهذه الأصوات - الحقيقة أنا ما رأيت هنا ما كان يحصل عندنا فى دمشق خاصة فى بعض الليالى كليلة القدر، ليلة 27 رمضان تدخل أكبر مسجد فى سوريا وهو المسجد الأموى فبدك تسد أذنيك، حتى ما تصم آذانك بالأصوات المرتفعة، هنا حلقة وهناك حلقة، هنا قادرية وهناك رفاعية .. الخ - ولذلك يعجبنى قول أبن القيم الجوزية:
متى علم الناس في ديننا
…
بأن الغناء سنة تتبع
وأن يأكل المرء أكل الحمار
…
ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا: سكرنا بحب الإله
…
وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت
…
يرقصها ريها والشبع
ويسكره الناى ثم الغنا
…
وياسين لو تليت ما انصدع
هنا الشاهد:
فيا للعقول ويا للنهى
…
ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسماع
…
وتكرم عن مثل ذاك البيع
وقال اخر:
ايا جيل ابتداع شرَّ جِيلٍ
…
لقد جئتم بأمرٍ مستحيل
أفي القرآن قال لكم إلهي
…
كلوا مثل البهائم وارقصوا لى؟
يحاول هؤلاء بسبب جهلهم بشيئين اثنين: الأول: فقة الكتاب والسنة والأخر: ماكان عليه سلفنا الصالح، بيتعربشوا «تعبير شامى» يتشبثون ببعض النصوص من الكتاب والسنة ماكان في الكتاب يتأولونه بغير تأويله ويفسرونه بغير تفسيره، أما السنة فهى ما يحتجون به إما صحيح لا يدل على ما يذهبون إليه، وإما صريح لكنه غير صحيح، فمثلا من القرآن يحتجون بقوله تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ *الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} يقولوا ها هيك قال الله ويَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ.
نحن نقول من المنهج فى تفسير القرآن الكريم أن يفسر القرآن بالقرآن، فإذا لم يوجد آية فبالحديث، فإذا لم يوجد حديث فبأقوال السلف الصالح
والمفسرين، فهنا أنتم بتفسروا {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} فى حالة واحدة، من هو المفسر لهذه الجملة لهذه الآية الكريمة بمثل هذا التفسير؟ لا أحد قاطبة، إذا أخذنا تفسير ابن جرير وهو إمام المفسرين، وتفسير ابن كثير وهو الذى جمع الكثير من تفسير ابن جرير، كلهم بدون أي استثناء يجمعون على أن هذه الآية يمكن تفسيرها بتفسيرين لا ثالث لهما، التفسير الأول: الذين يذكرون الله قياما حالة كونهم قائمين، وقعودا حالة كونهم قاعدين وجنوبا حالة كونهم مضجعين، القول الثانى: وهذا القول سيظهر الفرق بينه وبين الآخر، هذا القول يشمل الأحوال كلها مش بس فى الصلاة، فى أي حال، الآن أنت تقعد وتقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أو تضع جنبك وتقرأ آية الكرسى، هذا هو تفسير الآية على القول الأول، القولين الثانى والأخير: الذين يذكرون الله قياما فى صلاتهم حين الإستطاعة، وقعودا حين العجز عن القيام، وعلى جنوبهم حين العجز عن القيام والقعود، وهذا جاء صريحا فى صحيح البخارى «عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ الصَّلاةِ، فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» هذا الحديث يؤيد القول الثانى أو تفسير الآية بالقول الثانى، أي فى الصلاة، أي يذكرون الله قائمين فى الصلاة، لأن القيام ركن من أركان الصلاة كما قال تعالى:{وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِينَ} ، لا والله ما تستطيع إلا قاعدا فقاعدا، فإن لم تستطيع إلا على جنب فعلى جنب.
ثم نقول تفسيركم هذا أول من ينقضه هو أنتم، لأنهم هم يجمعون بين القيام والقعود، لكن الجنوب لا يضعونها، ولذلك نقول عليكم بقى فى أثناء الذكر يميل بعضكم على بعض حتى يصيروا مضحكة عند الناس، وشئ أخر وأهم، الآية لها تتمة تتمة {وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} عمرهم ما بيتفكروا، تفكيرهم فقط منصب على ذكرهم، وليت هذا الذكر كان على نهج الرسول كما ذكرنا، فهم يعنى أعرضوا عن العمل بالآية من أولها إلى أخرها لأن من تمامها {وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ، لذلك جاء فى صحيح مسلم أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم
…
كان إذا قام من الليل رفع رأسه إلى السماء وقرأ هذه الآية هذا من السنة {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .
* فهو مبتدع كما سمعت
ايا جيل ابتداع شرَّ جِيلٍ
…
لقد جئتم بأمرٍ مستحيل
أفي القرآن قال لكم إلهي
…
كلوا مثل البهائم وارقصوا لى؟
طالب: الشيخ عبد القادر الجيلانى متمسك بالكتاب والسنة فما معنى الصوفية لرجل متمسك بالكتاب والسنة، ماهى الصوفية؟ وأضيف هل ممكن أن يكون سلفى صوفى؟
الشيخ: على حسب بقى تفسير الصوفية، لما تجادل صوفية آخر الزمان بيقولوا - بس هم غير صادقين - بيقولوا يا اخى شو بتنكروا علينا؟ الصوفية هى الأخلاق التى جاء بها الإسلام، وهى السلوك الذى جاء به الإسلام، نحن نقول: إذا فسرتم الصوفية بهذا المعنى فمعنى ذلك أنكم على الكتاب والسنة، لكن انتم لا تقفون عند الكتاب والسنة، بل تزيدون على ذلك أشياء سواء من حيث المبالغة فى الزهد- كما ذكرانفا -أو الإنحراف فى السلوك فى الذكر مثلا ونحو ذلك، والترهب والإعراض عن نعم الدنيا والتمتع بها.
الطالب: يعنى بيهتموا بالباطن شوية.
الشيخ: معلش، إذا كان فى حدود الشرع فنحن نرحب بهذه الصوفية، لكن الصوفية ليس لها دلالة محددة النطاق بحيث أنها ترفع الخلاف، وعلى العكس، نحن نقول كلمة صوفية دخيلة فى الإسلام لفظا على الأقل، كل منهم يعطى لهذا اللفظ معنى، ولا تجدهم يتفقون على معنى واحد حتى نقول هذا المعنى يطابق الكتاب والسنة.
إذن إذا كان هذا المعنى هو المقصود بالصوفية فأهلا وسهلا، لكن لا يوجد هذا بين أيدى القوم إطلاقا، فيه عندك مثلا كتاب حقائق عن الصوفية لابن بلدنا هذا، حقائق عن الصوفية بيجيب أشياء ثقافات وخرافات منها أن الصحابة كانوا إذا ذكروا الله مالوا فى ذكرهم كما تميل الأشجار، هذا حديث
صوفى وكفاك، ماله اصل فى كتب السنة إطلاقا، كل من رواه إنما هو صوفى أيضا، مع كونه من أهل الحديث يعنى يروى الحديث وهو أبو نعيم الأصبهانى فى كتاب «حلية الأولياء» تجد هذا الأثر فى الكتاب بسند لا تقوم به حجة.
فهذا يأتى بهذا الأثر فى كتابه على قاعدة لا إسلامية الغاية تبرر الوسيلة، هو يريد أن يدعم ماهو فيه ولو أن يتعلق بخيوط العنكبوت أو بخيوط القمر، فهو ألف هذا الكتاب ليثبت للناس أنه على السنة، تُرى من يأخذ بالأحاديث التى لا تصح إطلاقا ولو على قول لايكون من أهل السنة سواء قال انا صوفى أو قال أناحنفى أو قال أنا حنبلى.
العبرة ليس بالأسماء هنا بقى الحقيقة - وإنما العبرة بالمسميات، ومادام أن لفظة التصوف صارت تفسر بعدة تفاسير فحينئذ «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» أنت أيها المنتمى إلى التصوف بالمعنى السالم، مالذى يحملك على أن تسمي هذا المعنى السالم الذى جاء به الشرع بالتصوف؟ وأنت تعرف أن هذا الإسم له معانى غير المعانى التى تدندن حولها؟ فأقل ما يقال هنا «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» لكن الواقع أن الذين يعرفون عند الناس بأنهم من الصوفيين بلا شك أنهم لا يستوون فى مدى تمسكهم بالتصوف ونوعية هذا التصوف، هل هو منحرف فى العقيدة؟ أم منحرف فى السلوك؟ أم منحرف
فى الغلو فى الزهد؟ وعدم الإنحراف فى السلوك شو مداه؟ هل هو كثير أم قليل أشياء.
الطالب: بدى أفهم شو هى هالمراقبة والمقامات الى بيحكوا فيها.
الشيخ: صحيح، لكن أخى الذي بدو يقرأكتب الحارث المحاسبى أو كتب الغزالى بدو يكون فقيه حتى ما تزل به القدم، هل قرأت قصة الإمام أحمد مع الحارث المحاسبى؟
الطالب: نعم.
الشيخ: طيب، تُرى من اعلم بالكتاب والسنة الحارث أم الإمام إمام السنة؟ إمام السنة سمع درس وعظ الحارث المحاسبى وهو مخبئ بالتعبير السورى - باليوك - يعنى مكان توضع فيه الثياب وله ستارة - كان للإمام أحمد تلميذ بلغه أنه يحضر مجالس المحاسبى ووعظه فقال له: أخبرنى بيوم ميعاد مجئ الحارث أريد أن اسمع، فأخبره وحطه فى مكان لا يشعر به احد، والحارث بدأ فى الوعظ والإرشاد، ومن شدة وعظة وتأثيره فى القلوب تأثر الإمام أحمد وبعد ما انصرف الجماعة خرج هو وقال له: انا ما سمعت كلاما يؤثر فى القلوب كهذا الكلام ومع ذلك أنصحك ألا تجلس معهم شو السبب؟
الطالب: تكلم فى علم الكلام.
الشيخ: ما أعتقد الحارث صوفى وليس من علماء الكلام، المهم سواء كان هذا أو هذا هل أنت فى شك أن الحارث المحاسبى كان واعظا وكان يؤثر؟ فسواء تكلم فى علم الكلام أو التصوف، المهم أنه هذا فيه مزلق بل مزالق، فالي بدو يقرأ للحارث المحاسبى بدو يكون متمكن فى العلم الصحيح المستقى من الكتاب والسنة.
* أنا أحدثك عن نفسى قصتى طويلة لكن نقدم الخلاصة، أنا أول ما بدأت العلم بكتاب الغزالى إحياء علوم الدين، لكن ليس من أجل كتابه، وإنما من أجل الأحاديث التى أوردها هو فى كتابه وجاء الحافظ زين الدين العراقى من بعده وخرجها وميز صحيحها من ضعيفها، فأنا لما علمت وكان عمرى يمكن ستة عشر سبعة عشر سنة، لما علمت أن فيه كتاب بيخرج أحاديث الإحياء نزلت السوق مثل المجنون أسأل وين ها الكتاب حتى وجدته، وأنا سنى صغير ووالدى معيل وفقير مافى عندنا طاقة نشترى هذا الكتاب فاستأجرته بالأجرة، المهم بدأت أنسخ الكتاب - أى كتاب التخريج مش الإحياء - بطريقة مالنا فيها الأن، لكن شو بيصير معى، يجيب حديث مثلا شو علاقة هذا الحديث وشو البحث فيه؟ واطلع فوق بقى، الحديث تحت وكلام الغزالى فوق، تشوفنى رحت مع الغزالى وقرأت صحيفة صحيفتين.
مثلا عجائب القلب فصل كتاب من كتبه، كتاب الرياء، كتاب العجب إلى أخره، الحقيقة أنا أنتفعت منه من الناحية هذه، لكن غيرى تضرر به شو السبب؟ لأنه صار يقول مثلا بما يقول هو مثلا بما يقول هو فى أول كتاب فى كتابه الإحياء اسمه كتاب «العقائد» يقول فيه «لله تكليف العباد بما لا يطيقون» كيف وربنا يقول {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} .
الطالب: يقول لكنه لم يفعل.
الشيخ: ها الوهمة بتكفينى منك، هاى بيكفينى منك، معناها أنت متأثر، كيف كلف وهو يقول لا يكلف كيف أقول {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَاّ وُسْعَهَا} لعلى أنا ما فهمت عليك؟
الطالب: نعم: لا نافية للجنس يعنى لا يكلف أبدا.
الشيخ: فيه أشياء أكثر من هيك - لعلك قرأت هذا - هم يقولون لله تعذيب الطائع وإثابة العاصى - وأظنك قرأت هذا- كيف هذا؟ وربنا يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ، تعذيب الطائع، إذا شرحنا هذا الكلام يعنى: يجوز على الله أن يأخذ محمد يوم القيامة يحطه فى اسفل سافلين، ويأخذ إبليس الرجيم ويضعه فى المقام المحمود، يجوز على الله هذا، يجوز على الله، هذا من كلام علم الكلام.
الطالب: الأشاعرة.
الشيخ: نعم الاشاعرة بس خليها مستورة.
مداخلة: لو سمحت سيدنا الشيخ بالنسبة للصوفية، الى بفهمه أنه لا صوفية فى الإسلام وطبعا فيه قول عن الرهبنة فى المسيحية، بدى أسأل مدى حكمكم على الوهابية التى تحرم الصوفية والأولياء والمزارات وها الشغلات هاى، وتأخذ بالسنة كما نقرأ عنها، هل هى أقرب شئ للسنة الصحيحة.
الشيخ: بس بفهم منك كلمة قبل ما أجاوبك أنه الأولياء بينكروا الأولياء.
مداخلة: مش ينكروا، هم لا يعتقدون يعنى.
مداخلة: لا يؤمنون بزيارة الأولياء يعنى مثل فى مصر السيد البدوى والسيدة زينب والحسين يعنى زيارات للتبرك ما بيؤمنوا فيها، بيحرموها حتى، ولكن يمشوا على السنة والشغلات الرئيسية فى الإسلام، طبعا الصوفية ما يعترفوا بها
الشيخ: بلا شك قبل ما بنتكلم بريد أن الفت نظرك ونظر الإخوان، فيه ناس بيقولوا عن أنفسهم صوفيون، لكن لا يوجد ناس يقولون على أنفسهم نحن وهابيون، وحينئذ لا ينبغى لنا نحن أن نلمز ناس من الناس بلقب هم لا يتبنونه، إذا قلت للشيعى أنت شيعى، يقول لك بكل فخر، إذا قلت للشيوعى
أنت شيوعى ما بينكر، إذا قلت للصوفى أنت صوفى بيقول لك نعم أنا صوفى، لكن لا يوجد على وجة الأرض من يقول أنا وهابى، هذه حقيقة تأريخية يجب أن نكون منها على بينة، بعد ذلك أجيب عن سؤالك بعد هذا التنبية، الناس الى بيقولوا عنهم من لا يعرفون حقيقة أولئك الناس الى يقولوا عنهم وهابية، هؤلاء يقولون عنهم ما لا يعتقدون.
* مثلا أنت آنفا نقلت بأنهم ينكرون زيارة الأولياء، ما ينكرون زيارة الأولياء، ما ينكرون زيارة المؤمنين كافة، لكن ينكرون ما يقع من بعض الجهلة عند هذه القبور، والحقيقة أن هذا خطأ -ولا مؤاخذة - ربما تكون أنت ناقل، وناقل الكفر ليس بكافر، وناقل الخطأ ليس بمخطئ، لكن هذا الخطأ مسطور يعنى - قرأناها فى عديد من الرسائل - أن هادول الى بيقولوا الناس عنهم وهابية بينكروا زيارة القبور، لعلكم جميعا تعرفون أن هؤلاء الناس الذين لا يقولون عن أنفسهم نحن وهابيون، إنما الناس هم الذين يقولون عنهم وهابية، هم لهم تاريخهم من أكثر من ميتين سنة لأنهم هم اتباع محمد ابن عبد الوهاب.
* هذا الذى يقوله محمد بن عبد الوهاب وجماعته إلى اليوم معروفين «النجديين أو السعوديين» هؤلاء وجدوا بعد ابن تيمية بنحو قول تقريباً أربعمائة
سنة خمسمائة سنة، فابن تيمية يقول بقولهم وبالمعنى الأدق هم يقولون بقول ابن تيمية، فهل ابن تيمية وهابى وهو وجد قبل بتلات أربع قرون؟ طبعاً لا.
أخر: هو مؤسس مذهب عندهم، لكن تعاليمه مشيت لحد الأن على اساس أنها هى السنة الصحيحة اعتقدوا هيك، لكن التسمية مش واردة وهى فعلا كما تفضلت مأخوذ عن ابن تيمية.
الشيخ: أعتقد أن الوهابية يختلفون عن سائر المسلمين فى شئ، نحن بنساير الناس فى الإسم، لكننا لا نعتقد هذه الكلمة، لأن فى الحقيقة يقول قائلهم:
إن كان تابع أحمدٍ متوهِّباً
…
فأنا المقرُّ بأنني وهَّابي
هذا على ميزان ما روى عن الإمام الشافعى حين قال:
إن كان رفضاً حب آل محمد
…
فليشهد الثقلان أني رافضي
فهو اقتبس منه فقال:
إن كان تابع أحمدٍ متوهِّباً
…
فأنا المقرُّ بأنني وهَّابي
الجماعة النجدين هادول هالى بيقولوا عنه وهابى يلتقون مع المسلمين فى أصول التمذهب، كما أنه غالب المسلمين اليوم إما حنفية أو شافعية أو مالكية أو حنابلة، النجدين هادول حنابلة، تراهم كسائر المسلمين تماما فى التمذهب،
يختلفون عن سائر المسلمين فى ناحية هامة جدا وهى فهمه للتوحيد فهما صحيحا، فهمهم لكلمة لا إله إلا الله فهما منجى لقائله من الخلود فى النار يوم الله، لأنه قد جاء فى القرآن الكريم كما نعلم جميعا {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ .. } اليوم أكثر المسلمين لا يعرفون أنواع الشرك التى تخل بعقيدة لا إله إلا الله بخلاف النجديين فقد درسوا هذه العقيدة دراسة دقيقة جدا، الأطفال الصغار منهم يعنى يعرفون هذه العقيدة أحسن ما بيعرفها الكبراء منا.
فهم الحقيقة فى مسألة العقيدة قدوة للناس جميعا، لكن من الناحية المذهبية هم مذهبيون، نحن نلتقى معهم فى التوحيد ونختلف عنهم فى التمذهب، فنحن لا نرى أنه يجوز للمسلم أن يتدين وأن يتقرب الى الله بالتمسك بمذهب إمام من أئمة المسلمين لسببين اثنين:
الأول: أن هذا التدين - وأنا لا أقول التقليد فأرجو الإنتباه- فأنا لا أقول لا أرى التقليد، بل أرى التقليد أحيانا ضرورة لكبار العلماء، لكنى أقول -وأكرر ما أقول - لا نرى التدين بالتقليد، أي: أن ينشأ الإنسان ما يعرف من دينه إلا مذهبه، ومذهبه شو مذهب أبوه؟ لا فرق إن كان سنيا أو شيعيا أو زيديا أو قديانيا أو .. أو .. الخ، هذا التدين بالتقليد لا نراه لأن الله لام المشركين على تقليد أبائهم.
* لكننا نوجب على كل مسلم ما أوجبه الله تبارك وتعالى إن كان عالم أن يأخذ بالكتاب والسنة، وإن كان غير عالم أن يستفيد من العلماء جميعا وليس من عالم واحد، أنا حنفى، حتى لعله من المعروف لديكم أنه هذا الجو مش
…
إلي بعيشه، حتى الخاصة من المشايخ يأتى العامة ليسأل أحد المشايخ فيسأله أنت شو مذهبك؟ يقول له حنفى، يفتيه على المذهب الحنفى شافعى بيفتيه على المذهب الشافعى، هذا إن كان دارس المذاهب، وإلا بيفتيه على مذهبه، لانه ما بيعرف المذاهب، بينما واجب العالم أن يفتيه بما قال الله وبما قال رسول الله، وهنا فيه بحوث طويلة الأئمة من وين أخذوا؟ صحيح أخذوا من كتاب الله ومن حديث رسول الله.
ولكن هل كل إمام وكل ما أخذه هذا الإمام من الكتاب والسنة صواب؟ إذن تعددت الصوابات وتناقضت الأحكام الشرعية.
ولعل المثال المعروف اليوم: واحد لمس يد أمرأة انتقض وضوؤه والا لا؟ فى المسألة قولان:
1 -
انتقض إن كان بشهوة،
2 -
وما انتقض إذا كان بغير شهوة،
أما مسألة خروج الدم فيها ثلاث أقوال:
1 -
ينتقض مطلقا سواء كان قليلا أو كثيرا وهذا مذهب الحنفية، مذهب الشافعى
2 -
لا ينقض مطلقا سواء كان قليلا أو كثيرا،
3 -
مذهب الحنابلة إن كان كثيرا نقض وإن كان قليلا لم ينقض
* هذه أقوال أئمة بلا شك قالوها بإجتهاد وهم مأجورين على كل حال، لكن هل هذه الأقوال الثلاثة المتناقضة ممكن أن تكون وحياً من السماء؟ هذا مستحيل لأن الله عز وجل مما وصف به كتابه تبارك تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} فوجودالإختلاف الكثير فى المسألة دليل أن هذا الإختلاف ليس من الله عزو جل إذن من أين هذا الإختلاف؟ من الائمة فمن اصاب منهم له أجران ومن أخطأ له أجر واحد.
* لذلك نحن مانرى أن الانسان يتدين بتقليد مذهب، الآن بيجوز يكون المذهب الثانى فى مسألة ما أصح من المذهب ألي عاش عليه، فجماعة النجدين هؤلاء الذين يقال عنهم وهابين هم فى العقيدة لا يؤخذ عليهم شئ أبدا، لكن من حيث التمذهب هم كسائر المسلمين، إلا طبعا أفراد كما فى كل المذاهب، علماء فحول يدرسون الشريعة على ضوء الكتاب والسنة، ويفتون بما يعلمون من الكتاب والسنة، فهؤلاء قلة هنا وهناك وفى كل البلاد، لكن كأمة أو كشعب - بمعنى أصح لغة - الشعب النجدى حنبلى، والشعب التركى
مثلا حنفى والشعب المغربى مالكى والشعب السورى والأردنى والمصرى حنفى وشافعى، لكن النجديين يتقول عليهم كثيرا بسبب أن عقيدتهم فى الواقع على الكتاب والسنة، وبيخالفوا علماء المسلمين فى كثير من المسائل منها ماسبق ذكره آنفاً، هم لا يقولو بأن الله يكلف عباده مالا يطيقون لأن هذا نص القرآن الكريم، هم لا يقولون أنه يجوز على الله أن يعذب الطائع ويثيب العاصى مع أن هذا يقوله كثير من علماء الكلام، لاأدرى إذا كنت أجبتك عن سؤالك؟
مداخلة: سؤالى عن الأولياء.
الشيخ: عفوا، بقى كلمة حول الأولياء والصالحين فعلا، كثير من المسلمين اليوم ليس فقط فى مصر كما أشرت حتى فى سوريا وربما هنا فيه مقامات يدعى أن مدفون فيها أولياء وصالحين، فيُقصدون بقصد قضاء الحوائج، ويتبركوا، بيأخدوا الخرا عشان الولى يتذكره عند ربه ويطلب منه الحاجة ويقضى له إيها، هذه كلها تنافى الكلمة الطيبة لا إله إلا الله لآن معنى لا إله إلا الله لامعبود بحق فى الوجود إلا الله، المسلم حينما يأتى يزور القبر ويطلب منه المدد ويطلب منه المعونة والشفاء ونحو ذلك هذه كلها شركيات ووثنيات يحاربها النجديون أشد محاربة لأن كتاب الله قام على ذلك، .
* من الحقائق العلمية التى يغفل عنها المسلمون اليوم إلا القليل منهم أننا نجهل ما الشرك الذى كان فيه المشركون الذين بعث اليهم الرسول مباشرة فقاتلوه وقاتلهم ايش هو شركهم؟ يتوهم الكثير أن هؤلاء كانوا ينكرون وجود الله هذا فقط، هم كانوا يؤمنون بوجود الله تبارك تعالى لأن صريح القرآن يقول:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} يصرحون بأن الخالق واحد لا شريك له، وهذه آية من آيات كثيرة تحكى عنهم بأن الخالق واحد، إذن ماهو كفرهم؟ قال تعالى فى الآية الأخرى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فإذن هم غايتهم الله، وحينما اتخذوا الألهة من دون الله جعلوها وسيلة توصلهم وتقربهم الى الله تبارك وتعالى، فمن الجهل الفاحش المقيت أن المسلمين يظنون أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان الخلاف بينه وبين المشركين أنهم كانوا ينكرون وجود الله، لا أبداً، وإنما كانوا ينكرون ألوهية الله، ليس ربوبية الله، ماكانوا يؤمنون بالوحدانية. لأن التوحيد عند أهل العلم ثلاث أقسام:
1 -
توحيد الربوبية.
2 -
توحيد الألوهية وبعضهم يعبر بتوحيد العبادة وهذا أوضح بالنسبة لعامة الناس.
3 -
توحيد الأسماء والصفات.
توفرت فى عقيدة مسلم فهو موحد حقا وهو الفاهم لمعنى لا اله الا الله {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} فمن آمن بالتوحيد الاول، والمعنى بتوحيد الربوبية يعنى توحيد الخالقية، يعنى مافى خالق مع الله، كما سمعتم انفا نص القرآن حكاية عن المشركين، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} بيقولوا العزى ومناة الثالثة؟ لا الخالق واحد عندهم
لذلك كان من ضلالهم فى تلبيتهم حول بيت ربهم يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا تملكه وما ملك، شوف الضلال هذا، تملكه وما ملك شو ها الشريك هذا؟
هذا الشريك فى العبادة أى أنهم كانوا يعبدون غير الله، {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} يعترفون ويصرحون أنهم يعبدون هؤلاء الأولياء والصالحين، لكن لماذا؟ لأنهم يستحقون العبادة من دون الله! ! ؟ لا، {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} إذن هادول كفروا بتوحيد العبادة القسم الثانى، ما آمنوا لأنهم عم يعبدوا غير الله، وهذا فى صريح القرآن يا إخوانا {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} شو معنى الآية؟ فيه هنا طى من الكلام، إذا قيل لهم لماذا تعبدونهم؟ قالوا لا نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى.
إذن شرك المشركين ليس هو جحدهم وإنكارهم توحيد الربوبية، توحيد الخالقية، وإنما هو توحيد العبادة توحيد الألوهية، لذلك القرآن {وإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ)) ((قالوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِد} .
* كثير منا الى اليوم يفهمون الإلة بمعنى الرب، وهذا خطأ فاحش لغة وشرعا، لأن الكافر المشرك من أي نوع كان، من أى ملة كان، إذا قال لا رب إلا الله لم يصبح مسلما، وإنما إذا قال لا إله إلا الله يصبح مسلما، وإذا قال لا إله إلا الله بمفهوم لا رب إلا الله لم يصر مؤمنا، فيه إسلام، فيه إيمان، الإسلام ينجى المسلم من أن يدان فى الدنيا - أن يعامل معاملة الكفار _ أما بيكون فيه حكم إسلامى فيه أهل ذمة، وأهل الذمة لهم الحق يعيشوا تحت راية وأحكام الإسلام الإسلام ودماؤهم محترمة وأموالهم ونساؤهم تماماً لأنهم عايشين تحت نظام الإسلام، لكن هادول يوم الله ماهم ناجين لأنهم مشركون، فهذا المشرك إذا قال لا رب إلا الله لا يصبح مسلما له مالنا وعليه ما علينا حتى يقول لا إله إلا الله، إذا قال لا إله إلا الله صار مسلم، لكن إذا قال لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله، لم يصبح مؤمنا، يعنى لا ينجو عند الله يوم القيامة لماذا؟ لأنه ما زاد إلا أن ظل على شركه الأول، لأن المشركين كانوا يؤمنون بخالق الكون، وهو يقول لا رب إلا الله فهو مؤمن والمشركين كانوا مؤمنين بأن الله هو الرب الخالق، وماذا طلب منهم رسول الله؟ أن يعبدوا الله وحده لا شريك
له وهم بإعتبارهم عرب لما يقول لهم قولوا لا إله إلا الله يستكبرون بصريح القرآن {وإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} ليه؟ ؟ ، لأننا بدنا نخالف آباءنا وأجدادنا! ؟ هكذا وجدنا آباءنا على أمة، ولذلك قالوا متعجبين {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِد} ! ماقالوا أجعل الرب ربا واحد يا إخوانا؟ بل كانوا يؤمنون بالرب الواحد، لكن ماكانوا يؤمنون بالإله الواحد، وأظن الأن وضح لكم المقصود بالإلة الواحد: المعبود الواحد، ما كانوا يؤمنون بالمعبود الواحد، كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى ويصرحون بقولهم السابق الذكر {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ
زُلْفَى}.
فإذن توحيد الربوبية وحده لا يكفى ولا ينجى، لأن المشركين كانوا يؤمنون بهذا التوحيد، وإنما كان كفرهم بتوحيد العبادة أو توحيد الألوهية وهو شئ واحد، أما توحيد الأسماء والصفات فهذا أبعد عن العرب، لأنهم كانوا يعيشون فى الجاهلية، كثير من المسلمين اليوم - الى ما درسوا التوحيد تلك الدراسة الدقيقة - يقعون فى هذه الإشكالات فيقول لا إله إلا الله أى لا رب إلا الله، هذا التفسير قاصر خاطئ لا ينجو به المسلم من عذاب الله، ولا تشمله المغفرة فى الآية السابقة:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ .. } .
* فإذن كما أن التوحيد ثلاثة أنواع، فالشرك أيضا ثلاثة أنواع، كل توحيد من هذه التوحيدات الثلاث يقابله شركه: توحيد الربوبية ينافيه نفى الخالقية. فما هو مذهب الدهريين والشيوعيين وأمثالهم؟
2 -
توحيد العبادة يقول به كل من يؤمن بالخالق لكن لا يؤمن بالإسلام، لأنه الإسلام هو الى وضح هذه العقيدة، عقيدة التوحيد بهذه الحقائق الثلاثة.
3 -
الذى يؤمن بأن الله رب واحد لا خالق معه، ويؤمن بأنه لا يستحق العبادة معه سواه، ولا يعبد معه غيره بأى نوع من أنواع العبادة يبقى القسم الثالث واحدا وهو توحيد الأسماء والصفات.
مداخلة: النافع والضار.
الشيخ: هذا من الصفات طبعا، لكن احنا بنجيب أمثلة واقعية، اليوم لو أخذت أي مسلم بيقول لك الله هو النافع والضار، لكن شو رأيك بمن يأتى اليه شخص ويطالبه بحق عليه، والحق هو فى قرارة نفسه هو ما بيجحده لكن بدو يأكله، يقول له صاحب الحق إحلف بالله إنى أنا مالى عليك حق، بيحلف فى بالله كاذبا، عندنا فى الشام بيقول الواحد للتانى «تعال احلف عند السوجى» ما بيحلف هذا شو بيدلنا؟ هذا بيدلنا ان هذا مش مؤمن بتوحيد الصفات، يعنى ربنا قال:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ} .
فالذى ينبغى أن يُخشى ويُخاف منه هو الله وحده لا شريك له، فما بالك هذا المدين المنكر للحق الذى عليه يحلف بالله كاذبا ولا يخافه، ولو طلب منه يحلف بالسوجى الموصوف عندنا ببطاح الجمل عنده سلطة بيتصرف فى الكون، بيبطح الجمال قوية، ما بيحلف لأنه بيخاف أنه يجى بالليل يبطحه، هو دى طريقته، هذا معناه ما وحد الله فى الخوف من الله، لا يخشى إلا الله، وهذا له أمثلة وأمثلة كثيرة، فلنأتى الآن بالمثال الواقعى.
مداخلة: ممكن يحلف عند النبى شعيب، أو يعمل
الشيخ: المقام كثير، هذا كله لإلقاء الرهبة فى قلوب الناس.
مداخلة: هذا من الشرك؟
الشيخ: هذا كله من الشرك، بارك الله فيك، هذا مش شرك الربوبية ولا شرك العبادة وإنما هو شرك الصفات، بدنا نجيب لك الآن مثال مزدوج الضلال فيه، اولا: شرك الصفات ومصيبة أخرى التبرك بهذا الشرك، أظن انكم لعلكم تسمعون بالإمام البوصيرى الذى له قصيدة «البردة» فى مدح الرسول عليه السلام مما جاء فى شعره فى مدحه لنبيه عليه السلام قوله:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم
سمعتوا هذا بلا شك ما أول مرة عم تسمعوه، هذا بعد ما نعرف أنواع التوحيدات الثلاثة وما يقابلها من أنواع الشركيات الثلاثة، حينئذ نعرف أن هذا
الكلام شرك فى الصفات، ليه؟ لان ربنا عز وجل فى اكثر من آية يصف نفسه بأنه واحد فى العلم بالغيب، فهو يقول:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَايُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} ويقول {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} نفي متبع بالإثبات الى بيفيد ايش؟ الحصر، {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} .
كيف هذا بيقول:
فإن من جودك الدنيا وضرتها
…
ومن علومك علم اللوح والقلم
وفى الحديث الصحيح: «أول ما خلق الله القلم فقال له أكتب، قال: ما أكتب؟ قال له: اكتب ماهو كائن الى يوم القيامة» إذا كان الرسول يعلم ما هو كائن الى يوم القيامة صار شريك مع الله فى علمه الغيب، ونحن عم نقرأ فى القرآن {لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} لكن لم يقف صاحبنا البوصيري عند هذا، بل قال هذا من بعض علمه عليه السلام، لأن هذه من تبعيضيه عند النحويين، فإن من جودك الدنيا ما قال فإن جودك الدنيا وضرتها وعلمك، قال فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علمك، هذا الشرك فى الصفات ورفع الرسول عليه السلام الى مقام الإلة فى الصفة، فى العلم بالغيب، وهذا كفر بالقرآن، فما بالك ونحن بنحط المشربية فىها ماء وبنقرأعليها البردة هاذى وفيها مثل هذا الشرك عشان نداوى فيها مرضانا، هذا
بيمرض المريض بزيادة، ما يشفى لأن هذا طرح روح عليه الشرك والضلال لو كانوا يعلمون.
لذلك الحقيقة شرح التوحيد ها الى هو مداره كله حول الكلمة الطيبة لذلك قال عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» ، فهذه الكلمة حين تفهم فهما صحيحا بهذه المعانى الثلاثة المقابلة لمعانى ثلاثة أخرى، هذا الذى تشمله الأحاديث المبشرة والمرغبة على القول بالكلمة الطيبة كمثل قوله عليه السلام «من قال لا اله الا الله دخل الجنة» ، قال لا اله إلا الله بمعنى لارب إلا الله دخل النار مش الجنة، قال لا اله إلا الله بالمفهوم الصحيح للعبادة والألوهية والربوبية مع منافاته وإبتعاده عن الشركيات والوثنيات، وخلينا هنا ندخل كمان بواقع ثانى - وإن كان دون الأول - الأول شرك صريح، شو رأيكم بعالمنا الإسلامى اليوم؟ يحلفون الكبير والصغير بغير الله عز وجل «من حلف بغير الله فقد أشرك» كم وكم من الناس هذا الى بيحلف برأسه والى بيحلف بشواربه- ويمكن ماله شوارب الى آخره - هذه كله شركيات، الناس فى غفلة، يعنى أحسن منها غفلة أهل الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعة لماذا؟ مافى مذكر مافى معلم خاصة حول ما يتعلق بالتوحيد، فمثل الحلف هذا يجب على المسلمين ينتهوا منه، ما يحلفون إلا بالله لأنه
الأمر كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه - شوفوا السلف كيف كان فهمهم قال «لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلى من أن أحلف بغير الله صادقا» تُرى ما معنى هذا الكلام؟ ؟ الكذب هو كبيرة من الكبائر، الكذب بصورة عامة، لكن هو يحلف كاذبا بالله هذا أكبر وأكبر، مع ذلك يقول «لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغير الله صادقا» الى بيفهم التوحيد بالمعنى الصح السابق بيانه يسهل عليه فهم هذه الكلمة السلفية - كلمة صدرت من عبد الله بن مسعود رضى الله عنه لأن الحلف بغير الله صادق شرك، أما الحلف بالله كاذبا هو كبيرة معصية يعنى، لذلك دار الأمر عنده بين أن يحلف بالله كاذبا وبين أن
يحلف بغير الله صادقا، لا بيقول لك الحلف بالله كاذبا أهون عنده من أن يحلف بغير الله صادقا ذلك لأنه شرك وقد قال عليه السلام «من حلف بغير الله فقد أشرك» .
فيه من هذا النوع أيضا أشياء كثيرة - بس ما أدرى هل عندكم مثله؟ ربما لأن البلاد قريبة بعضها من بعض - وأنا لسه ما تعودت على اللهجة الأردنية هنا، عندنا فى بلدنا بيقول واحد بعد أن يكلفه بعمل وبينفصل أحدهما عن الثانى بيقوله «ترى مالى غير الله وأنت» فيه عنكم هيك تعبير أنتم؟ ؟
مداخلة: «أعتمد على الله وعليك» .
الشيخ: هيك كمان موجود عندنا، هذا كله من نوع الشرك، جاء فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم «خطب فى الصحابة يوما فقام رجل من الصحابة فقال
ماشاء الله وشئت يارسول الله، قال: أجعلتنى لله ندا، قل ما شاء الله وحده» لكن انا ما بستغرب أن اليوم نقول نحن ماشاء الله وشاء فلان وما يقول ماشاء الله وحده، أو كما فى الرواية الأخرى بيقول ماشاء الله وشاء فلان ما بيقول ماشاء الله ثم شاء فلان، لآنه نحن عرب اسما لكن أعاجم فعلا، بعد ما عرفنا لغتنا العربية الأصيلة نسيناها، مين من عامة الناس بيفرق بين ماشاء الله وفلان وماشاء الله ثم فلان، ثم هاى بيفيد مرتبة تانية، اما الواو لمطلق الجمع، لذلك أنكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على ذاك الرجل لما قال:«ماشاء الله وشئت يارسول الله، قال: أجعلتنى لله ندا، قل ما شاء الله وحده» وفى الرواية الأخرى «قل ماشاء الله ثم شئت» فيه حديث آخر عجيب «يأتى رجل من الصحابة الى رسول الله يقول: يارسول الله رأيت البارحة فى المنام بينما أنا أمشى فى طريق من طرق المدينة، لقيت رجلا من اليهود، فقلت له: يافلان نعم القوم أنتم معشر يهود لولا أنكم تشركون بالله، تقولون عزير ابن الله، بيقول الصحابى: فقال لي فى المنام: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون ماشاء الله وشاء محمد، ثم تابع طريقه فلقى رجلا من النصارى فقال له: نعم القوم أنتم معشر النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون عيسى ابن الله، فقال له النصرانى: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون ماشاء الله وشاء محمد، فقال له رسول الله: هذه رؤيا فهل قصصتها على أحد؟ قال: لا، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المنبر وجمع الصحابة، فقال لهم:
لقد كنت أسمع منكم كلمة تقولونها فأستحى منكم، فلا يقولن ماشاء الله وشاء محمد، ولكن ليقل ماشاء الله وحده»، كل
هذه الأشياء داخلة ليس فى شرك الربوبية ولا هو فى شرك العبادة وإنما هو شرك الصفات. ليه؟ ؟
عادة الإنسان الفطرى يحلف بشئ حقير عنده والا بشئ جليل؟ ؟ لا شك بشئ جليل، المفروض أن المسلم أجل شئ وأعظم شئ عنده هو الله تبارك وتعالى، فلما بيعرض عن الحلف به والإستعانة به الى الحلف بعبد من عباد الله ليكن أبوه أو جده، شيخه، أستاذه، الخ، معناها عظم هذا المخلوق دون الخالق فأشرك فى الصفة، هذه دقائق ما يتعلق بعلم التوحيد وأكثر الناس غافلون، لذلك يُجمع علماء المسلمين قاطبة أن الأنبياء والرسل أول ما بعثوا بعثوا {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ، هذه آية فى القرآن تعرفونها كلكم {أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ، نادر جدا جدا أن يتعرض ربنا عز وجل لمعالجة موضوع إثبات الرب كخالق يعنى، لأن الناس بفطرتهم يؤمنون، ولذلك لا تجدون أهل الأرض كلهم كالمشركين، يؤمنون بخالق لكن يشركون بقى فى نوع من الشركيات التى ذكرنا انفا.
* ولذلك القرآن نادرا جدا ما عالج موضوع إثبات كونه موجود وكونه خالق، لكن كثيرا وكثيرا جدا عالج ناحية توحيد العبادة، كمثل الآية السابقة
الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله والعبادات أنواع، وأنواع كثيرة، ونرى أن نكتفى الآن لأنى أرى النعاس بدأ يداعب بعض الأجفان، ولذا بدنا نصلى.
مداخلة: قرأت فى كتاب العواصم أنه فى حرب الردة كان شعار المسلمين «وا محمداه» تفسيرها من ناحية الشرك.
الشيخ: هنا أنا لا أذكر إذا كانت الرواية صحيحة وثابتة عن الصحابة، ويجب ان تعلموا بهذه المناسبة وبعدين نكمل الجواب إن شاء الله، أن فى التاريخ الإسلامى ما فى السيرة النبوية، يعنى أشياء لا تصح كثيرة جدا، فمثلا فيه هناك حدبث أن مجلسا كان معقودا فيه عبد الله بن عمر رضى الله عنه فتشنجت رجل أحدهم، فقال له ابن عمر: قل محمد، فذكر محمدا فراح التشنج ورجع الرجل طبيعى، هذه الرواية موجودة لكن إسنادها غير صحيح، كذلك يوجد فى التاريخ أكثر ما وجد فى الحديث فعلا لأنه علماء الحديث مع جهودهم الجبارة التى لا مثل لها فى العالم منذ خلق الله آدم الى أن تقوم الساعة فى تنقية السنة وتصفيتها أثر هذه الجهود مالم [يفعل] علماء التاريخ عشر معشارة فى تصفية التاريخ الإسلامى بسبب القبليات والعصبيات والشعوبية والعروبة ونحو ذلك، ولذلك مبدئياً الآن أنا ما بقدر أعطيك الجواب إن هذا صحيح والا لا حتى أرجع لسند هذه الرواية إن كان صحيحا أم لا، ثم ان صح ذلك فهو لا يعنى الإستنجاد وطلب العون من الرسول،
وإنما كشعار شعار أن نحن آمنا بنبينا بينما كفر مسيلمة وأتباعه، هكذا يجب أن تفسر إن صحت الرواية والله أعلم.
مداخلة:
…
الشيخ: لا، مش ضرورى تكون استغاثة، بيسموها فى بعض التعابير اللغوية، يعنى هذا قد يكون استغاثة وقد لا يكون حتما ليس استغاثة.
الهدى والنور (71 و 72).