الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من هم الخوارج
؟
أما سؤالي أنا، فهو: من هم الخوارج؟ سؤالي من شقين: وهل يحكم عليهم، أو يفهم من حديث:«يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية» أي: يخرجون من الملة الإسلامية.
ثم نقطة أخرى: الذي يُكَفِّر الحكام الآن .. حكام المسلمين ولا يكفر بالمعاصي، هل يقال: إنه من الخوارج، أو فيه شيء من الخوارج؟ هذا سؤالي.
الشيخ: أولًا: ما ينبغي نحن أن نتمسك بالألفاظ، وإنما نتمسك بالمعاني والحقائق العلمية.
سؤالك الأخير: هل يقال عن هؤلاء: خوارج أو لا يقال؟ إن قيل أو لم يقل، ما هو الحصيلة؟ الحصيلة أنهم على صواب أم على خطأ.
مداخلة: نعم.
الشيخ: لأننا نستطيع أن نقول مثلًا وليس هذا الجواب النهائي .. نقول نحن: إنهم ليسوا من الخوارج، لكنهم ليسوا على صواب، طيب! ترى إذا قلنا: إنهم خوارج فمعنى ذلك أنهم ليسوا على صواب، فما الفرق بين العبارتين؟ أي:
بين قولي: ليسوا من الخوارج ولكن ليسوا على صواب، أو قولي: هم خوارج وهم بطبيعة الحال ليسوا على صواب، ما الفرق؟
الفرق: أن الخوارج لهم دلالة خاصة في الأحاديث، مثلًا قال فيها: سيماهم
…
طيب! هذه السمة لم تتحقق في هؤلاء الذين قد نقول عنهم: إنهم خوارج في العهد الحاضر، فهل كونهم لم تتحقق فيهم هذه السمة خرجوا عن كونهم خوارج؟ نقول: لا؛ لأن هذه السمة من السمات، وحينئذٍ فنحن نترك هذا اللفظ الذي يحتمل أخذًا وردًا، ونقول: هؤلاء الذين يكفرون اليوم حكام المسلمين بالجملة، بالتعبير الشامي: بالكوم! هي بضاعة ليست بضاعة، يجب أن نضع أمام أعيننا دائمًا خطورة تكفير المسلم ليس فقط تكفير جماهير المسلمين أو جماعة من المسلمين، فرد من أفراد المسلمين هذا خطر، كما تعلمون من الأحاديث المعروفة فيمن كفر مسلمًا فقد باء به أحدهما.
فأنا أعتقد أن هؤلاء الذين يعلنون تكفير حكام المسلمين على تفصيل بين بعض وبعض آخر، ولست الآن في هذا الصدد، إنهم من هذه الحيثية هم كالخوارج الأولين الذين كانوا يكفرون المسلم لمجرد ارتكابه كبيرة من الكبائر، فهؤلاء المعاصرين اليوم
…
يمكن أن يطلق عليهم لفظة الخوارج أو لا، للسبب الذي ذكرته آنفًا؛ لأن هؤلاء اشتهروا ليس بتكفير عامة المسلمين كما هو مذهب الخوارج والإباضية منهم اليوم والموجودين في عمان ..
مداخلة:
…
عندنا ..
الشيخ: عندكم شيء من ذلك؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: هؤلاء مذهبهم معلوم: مرتكب الكبيرة فهو كافر، هؤلاء الذين نقول آنفًا متحفظين: هل هم خوارج أم ليسوا بخوارج؟ نحن مع ما أشيع عنهم على الأقل إنهم يلتقون مع الإباضية في تكفير المسلم لمجرد ارتكابه كبيرة من الكبائر؛ لأن ديدنهم الآن هو فقط ما يتعلق بالحكم، تكفير حكام المسلمين، فنحن نقول: هذا التكفير سواء في دائرة الحكام أو في دائرة أوسع بحيث تشمل أيضًا المحكومين، وأنا التقيت مع كثيرين منهم ..
مداخلة: عندنا
…
عندنا
…
يوصلوها إلى المحكومين كذلك.
الشيخ: أنا أقول: التقيت مع جماعة من هؤلاء وناقشتهم في سوريا وفي الأردن مما ذكرني تسلسلهم في التكفير بقصة كنت سمعتها من بعض شيوخي من الألبان
…
ونعلم يقينًا بفضل الله عز وجل بعد أن
…
تبارك وتعالى علمني لغة القرآن ولغة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن
…
عندهم أشياء عجيبة وعجيبة جدًا من البعد عن الفهم الصحيح لهذا الدين.
لقد روى لنا القصة التالية: أن رجلًا عالمًا زار صديقًا له في بيته، فلما خرج فبدل أن يودعه بالسلام عليه ودعه بأن حكم عليه بالكفر، لماذا؟ عندما عاد في بلاده ربما كما تزار بلاد الأعاجم إذا دخل الضيوف كما دخلتم أنتم الآن ينزعون نعالهم فتبقى نعالهم كما تركوها إذا ما خرجوا، عندهم أدب .. قد يكون أدب لكن انظر ماذا يترتب من وراء هذا الأدب: ربة البيت أو ولد رب البيت أو الخادم إن كان عندهم يخرج النعال ويوجهها هكذا .. أليس أنتم دخلتم هكذا، هو يوجه النعال هكذا، إذا خرج الضيوف يجدون النعال موجهة ليس إلا أن يضعوا أرجلهم فيها، هذا احترام للضيف .. إكرام.
هذا العالم لما خرج وجد نعليه كما تركهما، يعني: غير مُوَجَّهين، قال: هذا رب البيت كفر، لماذا؟ قال: لأنه لم يحترم العالم، كيف؟ لأنه ما وجه النعلين له، هذا يكلفه أنه يمد رجله ويمد يده ويوجهها، هذا ليس إكرام للعالم، والذي لم يكرم العلم لم يكرم العلم، والذي لم يكرم العلم لم يكرم من جاء بالعلم وهو محمد رسول الله، هذا ما أكرم رسول الله .. ما أكرم جبريل .. ما أكرم رب العالمين، إذًا: هو كافر!
ذكرني واقع هذه
…
ولا أستطيع أن أضع لها صبغة أو بلدًا معينًا، لكن أعلم أن فيهم من تسلسل في تكفير الحكام .. إلى المحكومين .. إلى أئمة المساجد .. إلى المؤذنين .. إلى معلمي الديانة في المدارس التي يسموها:
المعارف، لماذا؟ لأنهم كلهم يؤيدون هذا الحكم الكافر، هذا ما يقول به مسلم.
نحن نبدأ منطلقين من هذا الأصل الذي بنوه: وهو تكفير حكام المسلمين، هذا في دين الله غلو في الدين؛ لأن التكفير لا يجوز إلا إذا تبين أن هذا المكفر قد أنكر حكمًا معلومًا من الدين بالضرورة، ثم أقيمت الحجة عليه، فقد يكون أعجميًا .. قد يكون عربيًا لكنه جاهل إلى آخره، فهؤلاء يتركون الكلام
…
{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ثم يعرضون عما جاء في تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير: أن المقصود بـ {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] أي: الجاحدون لشريعة الله تبارك وتعالى وهم اليهود، ونحن حينما نقول في تفسير الآية هذا القول فلسنا نعني أنه لا يكفر إلا اليهود لا، لكن من شارك اليهود أيضًا في إنكار شريعة الله تبارك وتعالى، وأنها صالحة لكل زمان ومكان فحينئذٍ تطبق عليه هذه الآية:{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
ولكن من كان يعتقد أن شريعة الله هي التي ينبغي أن تكون هي الحاكمة، ولكن لا
…
فالذين يرابون ويسرقون ويزنون فهؤلاء كفار، لكن لا نقول: إنهم كفار إلا إذا علمنا أنهم استحلوا ما ارتكبوا من المعاصي، كذلك هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، فإن استحلوا ذلك بقلوبهم ودانوا بذلك في عقيدتهم أي: كما نسمع عن بعض الكفار مع الأسف، يقولون: إن شريعة
الإسلام الآن ما تصلح في الحكم فهؤلاء هم كاليهود سواء فيطبق عليهم قوله تعالى: {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].
أما إن كانت الأخرى، وهي: أنهم يعترفون بأن الحكم للإسلام هو الذي يجب أن يكون، لكن النفس الأمارة بالسوء التي تحمل الزناة والمرابين على استحلال ما حرم الله هي هذه النفس الأمارة بالسوء التي تحملهم على
…
والخضوع للضغط العالمي الكافر إلى آخره، لكن قلوبهم ونحن لم نطلع عليها بطبيعة الحال، أحد شيئين:
إما أن تكون مُقِرَّة بشرعية هذا الإسلام، فحينئذٍ هم لم يخرجوا عن دائرة الإسلام، هم كالفساق الآخرين الذين يرتكبون المحرمات، أما إن اعتقدوا بأن الإسلام لا يصلح للحكم في هذا الزمان فهو الكفر بعينه.
من أين لهؤلاء الناس الذين يطلقون التكفير بالجملة؛ لأن كل حاكم من حكام المسلمين اليوم إما أنهم اطلعوا على ما في قلوبهم، أو سمعوا من أوصافهم ما
…
لأنهم لا يعتقدون الإسلام، إن كان شيء من هذا فنحن معهم، لا يكون مسلمًا من أنكر صلاحية الإسلام بالحكم في كل زمان ومكان، لكن لا سبيل للوصول إلى ذلك، أما
…
فكلنا يعلم قوله عليه السلام لذاك الصحابي: «هلا شققت عن قلبه؟ » مع أنه صار تحت ضربة السيف، ويغلب على الظن أن هذا المشرك ما قال: لا إله إلا الله إلا فرارًا من القتل، مع ذلك
غلب الرسول عليه السلام لفظة الشهادة على ظاهر الفعل، هذه الظاهرة التي تدل أنه قالها نفاقًا وخلاصًا من القتل، فأنكر الرسول عليه السلام ذلك وقال:«هلا شققت عن قلبه؟ » .
ونحن أيضًا نقول: هؤلاء الحكام فيهم إسلام وفيهم غير إسلام، فما الذي يجعلنا نغلب عليهم غير الإسلام، والكفر على إسلامهم؟ لا شيء عندنا إلا أن نسمع منهم خطابًا أو لفظًا أو كتابةً، كما وقع من بعض الحكام الذين أنكروا شرعية الصيام مثلًا في رمضان، زعم
…
ونحو ذلك.
فإذًا: خطأ واضح جدًا أن نعلن تكفير الحكام هكذا إجمالًا بدون تفصيل، ثم هب أن الأمر كذلك؟ فما شأن المستضعفين في الأرض الذين يلحقون بهؤلاء الكفار بزعمهم، أو هؤلاء الطواغيت كما يقولون إلى آخره، إن المستضعفين في الأرض كانوا
…
في كل مكان.
ثم أين يذهبون بمثل قوله عليه الصلاة والسلام، بل بقول رب الأنام:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] قوله عليه السلام: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» هذه المخارج كلها تدلنا على أن الجماعة ينطلقون من أهوائهم كما كان الخوارج السابقون ينطلقون من أهوائهم، وإلا ما الذي رأوه في علي رضي الله عنه، وهو الخليفة الراشد حتى خرجوا عليه؟ !
فإذًا: الغلو في الدين هو ظاهرة هؤلاء الناس اليوم فيجب ألا نغتر بهم، وأن نعرف أحكام الله، وشريعة الله بتفاصيلها، هذا من جهة.
من جهة أخرى: هب أن هؤلاء الحكام كلهم هم كفار كما يقولون، فما وراء ذلك؟ وراء ذلك الخروج عليهم، هذا هو الفرق، إذا كان المقصود الخروج عليهم فهل أنتم استعددتم لمثل هذا الخروج الذي يستلزم أمرين اثنين:
الأمر الأول: الفهم الصحيح للإسلام في عقيدته .. في أحكامه.
الشيء الثاني:
…
هذه النصوص على هذا الإسلام المصفى حتى يصبحوا كتلة واحدة إذا ما قاموا بمحاربة الكافر
…
أن يتغلبوا عليه بإيمانهم واستعدادهم، ليس هناك إلا عواطف جامحة شهد الواقع في العصر الحاضر في حوادث عديدة في مصر .. في الحرم المكي .. في سوريا أخيرًا والجزائر، كل هذه الحوادث تدلنا على أن الناس يستعجلون على أمر كان لهم فيه أناة.
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عاش كما تعلمون في مكة، يضطهد من الكفار ويضرب ويهان، وضعفاء المسلمين أيضًا يطردون ويسحبون إلى آخره، ما ثاروا مثل هذه الثورة قبل أن يستعدوا بإيمانهم، ثم بسلاحهم كما وقع ذلك فيما بعد حينما هاجر الرسول عليه السلام إلى المدينة.
الشاهد: أن هؤلاء في الحقيقة أعتقد أنهم ليسوا علماء أولًا، ثم لم يربوا تربية إسلامية صحيحة ثانيًا، لذلك فهم سيثيرون مشاكل من جديد دون أن يفيدوا المسلمين أي فائدة إلا أن يكونوا سببًا في تأخر الدعوة، وما وقع يكفينا مثالًا مع الأسف الشديد.
والآن بالنسبة لاقتراحك فأنا أقول: أنا ما عندي مانع أن توجهوا أسئلة واضحة حول بعض الأعمال التي تقام هناك؛ لأنه أنا لا استطيع أن أتصور الوضع الذي أنتم تشيرون إليه هناك، فإذا كتبتم شيئًا وأنا أدرسه إن لم يكن هنا، فإذا رجعت قريبًا إن شاء الله إلى عمان وأعطيكم الأجوبة، وإن كنت لا أرى كبير فائدة في هذا العمل؛ لأنك قلت: إن كلامك كل منهم يفسره حسب هواه، مع أن كلامي الواضح وواضح جدًا، لكن ألا تعتقد أن كلام الله عز وجل حتى اليوم المبشرون النصارى يستفيدون بعض النصوص منه لتأييد كفرهم وضلالهم، هذا شأن أهل الأهواء دائمًا وأبدًا، فأنا ما أعتقد أن في كلامي الذي سمعتموه آنفًا ما يدع مجالًا بأن يتمسك به كل ذي هوًى.
فأنا صحيح أقول:
…
باطل تعاطي الجماعة لرجل
…
لرجل، ومعاداة هذه الجماعة لجماعة أخرى، هذا باطل لا يجوز، فكيف يمكن أن يستغل هذا الكلام لصالح الجماعة التي
…
عنها إنها مبطلة وإنها
…
(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (27) /00: 34: 51)