الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماعة التكفير في هولندا
الملقي: عندنا في إحدى المدن الهولندية جماعة جاؤوا بفكرة
…
الفكرة بحسب رأي أنا منبعها من مصر وهي التكفير والهجرة.
الشيخ: التكفير والهجرة نعم. هذه وصلت إلى بلاد الجزائر. أي
الملقي: ففي إحدى المدن الهولندية في جماعة لا يصلون في المساجد ويكفرون يعني غيرهم من الأخوة كذلك السلفيين الذين يقولون بإنهم يعني يصلون خلف هذا الإمام؛ لأنه مبتدع، ولأنه كذا وكذا، فهم الآن قالوا إنهم إذا سمعوا إذا سمعوا فتوى تجيز لهم مثلاً أن يصلوا في هذه المساجد التي هي نفس الصورة أو نفس المساجد التي في البلاد الإسلامية، نفس الأئمة جاؤوا إلى هولندا واشتروا مساجد الحمد لله الجالية الإسلامية، وجابوا إمام ويعطى له راتب، فما في فرق بين هذا الإمام اللي مثلاً في المغرب أو في الجزائر أو في مصر أو الإمام في هولندا، وهم يقولون: نحن لا نصلي خلف هذا خلف هذا الإمام، فذهبت إليهم مرة، فقلت لهم، يعني ناقشتهم شوية، فقالوا لي في الأخير: إن اعتزالنا لهذه المساجد هو تحذير منا على عدم الرضا بهذه البدع
وهذه المنكرات الموجودة في هذه المساجد على حد تعبيرهم، فهل يجوز لهم يعني مثلاً أن يبقوا على حالتهم تلك، أم يصلوا يعني كسائر الناس؟
الشيخ: مشكلة هؤلاء يا أخي أخطر بكثير من الصورة التي ذكرتها وهي أنهم يعني لا يصلون في مساجد المسلمين، وراء امتناعهم من الصلاة في هذه المساجد ليس لأنه فيها مثلاً أئمة غير مخلصين في الصلاة وإنما يؤمون
…
الناس مقابل راتب، أو أن في هذه المساجد كثير من البدع والحوادث، ليست هذه هي المشكلة، المشكلة أن هؤلاء هم عندهم كفار؛ لأنهم أولاً في البلاد الإسلامية فضلاً عن البلاد: آه، وفضلاً حتى المسلمين الذين يعيشون في بلاد الإسلام كهذه البلاد وغيرها، فضلاً عن المسلمين الذين يعيشون هناك في بلاد الكفر، المسلمون الذين يستوطنون بلاد الإسلام هؤلاء كفار عنهم، وهم يسلسلون الكفر من الحاكم إلى المحكوم، ويطبقون قوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] على كل حكام الدول الإسلامية، لا يفرقون بين أحد منهم، ثم يسلسلون القضية إلى خادم المسجد، وليس فقط إلى الإمام ولا المؤذن، بل وإلى خادم المسجد؛ لماذا؟ لأن هؤلاء يعينون الحاكم ويرضون بحكمه، فيسلسلون الكفر الذي بدؤوا بالحاكم إلى أصغر محكوم، فكل هؤلاء كفار، ولذلك هم يمتنعون من الصلاة لهذا السبب، وليس لأنه في بدع وفي أمور أو ما في إخلاص أو ما شابه ذلك، وهذه
شنشنة نعرفها من أَخْزَم، ونحن بلينا هنا من بعض الأفراد من الشباب المسلم الذي كنا نظنه أنه معنا ومنا وفينا، وفعلاً كنت أتعجب منه؛ لأنهم كانوا يستدلون بكتبي وينتفعون بها ويصرحون بذلك، آه، فاجتمعنا نحن مع بعضهم هنا، كانوا يمتنعون عن صلاة الجمعة وعن صلاة الجماعة، لا يصلون إطلاقاً، والسبب هو الذي ذكرته لك آنفاً، فخطؤهم يبدأ من الآية الكريمة حيث فهموها فهماً خطأً ويتلوا ذلك أخطاء كثيرة وكثيرة جداً، منها أنهم يخطئون الرواية التي تقول بأن ابن عباس لما فسر الآية المذكورة قال: كفر دون كفر، قال هذه رواية غير صحيحة، وهم جهلة، لا يعرفون علم الحديث ولا علم
الجرح والتعديل، وإنما دينهم هواهم، كالخوارج الأولين تماماً، فما أعجبهم فهو دينهم وما لم يعجبهم فهم يرفضونه وينبذونها نبذ النواة، فهؤلاء في الواقع قد نجد فيهم جماعة مخلصين ولكنهم ضالون؛ لأنهم يمشون على غير علم، فهم بحاجة إلى علماء يقفون لهم بالمرصاد، ولهذا فمجادلتهم يجب أن تبدأ من تكفيرهم للمسلمين، وهم كما قلت لك أهل أهواء يأخذون من كل نص ما يشتهون، أولاً: لا ينظرون إلى من سيقت الآية، وهم اليهود، حيث كان اليهود قسمان: قسم له السلطة على القسم الآخر، ويأخذون منهم إتاوة أو ضريبة أو ما شابه ذلك، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم ووجدوا فيه الصدق والحكم بالحق ولكنهم جحدوه حسداً وبغياً من عند أنفسهم، وكما قال رب العالمين في القرآن الكريم:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146]، مع ذلك قالت
الطائفة الدون منهم: نحن نتحاكم إلى محمد، أنه هذا الذي يأخذونه منا الطائفة الكبرى والعليا عندهم هل يحق لهم ذلك، فإن أجابكم بما يوافقكم فخذوا به، وإلا فارفضوه، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، أنهم يريدون أن يأخذوا من حكم محمد وهم كفار به، فأولاً الآية تعني من لا يؤمن بالإسلام.
ولا تعني من يؤمن بالإسلام ولكنه يقصر في تطبيق جانب من جوانب الإسلام، هذا أولاً، ثانياً: هم لا يعلمون حقيقة لغوية وشرعية أن الكفر درجات، فمثلاً قوله عليه الصلاة والسلام:«سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» ، إذاً قتال المسلم كفر، هل هو الكفر الذي عناه رب العالمين في الآية السابقة وهو:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، الجواب: لا، كذلك قوله عليه السلام في الحديث الذي يرويه الإمام البخاري في صحيحه من رواية جرير بن عبد الله البَجَلي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب في حجة الوداع وقال لجرير:«استنصت لي الناس» سكتهم حتى يسمعوا ما أقول، فخطب فيهم عليه الصلاة والسلام وقال لهم:«لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» «كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» ، كفاراً بمعنى خارجين عن الملة لا تفعلون فعل الكفار يضرب بعضكم رقاب بعض، من هنا قال ترجمان القرآن عبد الله بن عباس في تفسير الآية الأولى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، قال: ليس كما يظنون، إنما هو كفر دون كفر، وهذا الحديث صحيح الإسناد لا
يمكن أحد أن يشك فيه، لكن أولئك لما وجدوه يصدم اتجاههم الخارج عن الإسلام قالوا: هذا لا يصح، وعلى ذلك قوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] حكم على الطائفة الباغية بما حكم على الطائفة المبغي عليها، طائفتان مؤمنتان مع أنه الحديث شو قال:«وقتاله كفر» ، إذاً صدق ابن عباس حينما قال: كفر دون كفر.
هؤلاء جهلة ويكفيك أن تعلم أنهم أغرار، أغرار، يعني شباب ما فيهم رجل بلغ من السن الستين والسبعين وهو يدرس العلم، وليس المقصود أنه بلغ من السن السن الكبير وهو جاهل، لا، ما بلغ سناً في دراسة العلم، حتى يعرف الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد، ثم يعرف آثار الصحابة ما يصح منها وما لا يصح. ختاماً أقول: هؤلاء الناس خرجوا عن نصوص من الآيات الكريمة منها، وبهذا النص أختم هذه الجلسة -إن شاء الله- فإن الساعة الآن الحادية عشر، قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، هؤلاء اتبعوا غير سبيل المؤمنين؛ لأنه لم يكن ما أظن واحد، هؤلاء اتبعوا غير سبيل المؤمنين؛ لأنه مضى للمسلمين أربعة عشر قرناً وجد فيهم الخوارج والمعتزلة والمرجئة ومع ذلك فالمسلمون حتى الأوائل؛ علي بن أبي طالب وغيره، قال عن الخوارج: أكفار هم؟ قال: لا، هم من الكفر فروا، شايف؟
فكيف هؤلاء يتجرؤون على تكفير كل المسلمين إلا هؤلاء الشرذمة القليلة، والتي لم تؤت شيئاً من العلم يخولهم أن يصدروا أحكاماً رهيبة جداً وهم بالكتاب والسنة جاهلون. أرجوكم الآن.
(الهدى والنور /523/ 53: 18: 00)