الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الحال) عند الصوفية
مداخلة: ممكن تعيد شيخنا.
الشيخ: تسمعون عن الصوفية، عندهم حالة يسمونها الحال، هذا قلما يقع من مسلم عالم رزين، قد يقع لكن نادر جداً، أما الصوفيون فقد جعلوا ذلك ديدنهم ومهنتهم وصنعتهم، لكن وقع ما يشبه ذلك في زمن الرسول عليه السلام، رجل من الصحابة اسمه حنظلة، ذات يوم خرج من بيته، نستطيع أن نقول الآن أخذه الحال، كلام غير طبيعي، يصيح بأعلى صوته ويقول: نافق حنظلة، نافق حنظلة على الماشي، كالمسجلة، نافق حنظلة، نافق حنظلة، وهو ماشي يلتقي مع أبو بكر، يقول له: مالك يا حنظلة؟ قال له: مالي؟ نجلس بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام فننسى الدنيا، ونذكر الآخر ونعيمها، فإذا ما رجعنا عافسنا، كلمة عربية تعجبني.
عافسنا الأموال والأولاد والنساء ..
يعني: خالطناهم، وكأن الشيء الذي حصل معنا من (حصل هنا انقطاع صوتي)
قال له أبو بكر: وأنا كذلك، هيا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، راح لسه الرجل آخذه الحال، نافق حنظلة، نافق حنظلة، لما وصل عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ما لك يا حنظلة؟ ذكر له ما ذكر لأبي بكر، فقال عليه الصلاة والسلام:«يا حنظلة! لو أنكم تدومون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» .
كأن الرسول عليه السلام يقول: أنه ليس من طبيعة الإنسان الذي خلقه الله بشراً أن يظل في غيبوبة عن حياته، عن نسائه، عن زوجاته، عن أولاده، إذا كان حاضراً في درس أخذ هذا الدرس جميع لبه وقلبه، ليس من المعقول أن يظل كذلك، وإلا لفسدت الدنيا، وهكذا تجد الصوفية الحقيقيين الذين لا يستغلون ما يدعونه من التصوف في سبيل الوصول إلى حطام الدنيا كانوا يخربون دنياهم؛ لأنهم حقيقة غائبين عن أنفسهم بسبب هذه الحال الغريبة التي كانت تتسلط عليهم، أما صوفية آخر الزمان هؤلاء في الحقيقة لو جاز لنا أن نقول ليتهم كانوا كصوفية ذاك الزمان؛ لأن أولئك حقيقة يجاهدون أنفسهم ولكن يبالغون في هذا الجهاد النفسي ويقعون في مخالفة الشرع، فيضلون عن سواء السبيل مع قصدهم جهاد النفس، أما صوفية آخر الزمان فهم يتسترون بالتصوف وقلوبهم أطغى من قلوب الجبابرة، وهذا ما كان بعضهم يعبر عن باللغة الشامية العامية، يقول:
تَمَّيت أصلي حتى حصل لي
لما حصل لي بطلت أصلي
لأنه حَصَّل الغاية الذي كان يسعى إليها جمع الطلبة حوله، ترأس عليهم، سلب أموالهم، وصل للغاية التي أرداها، وبعد ذلك أقفل محله وفتح محل جديد للتجارة. هكذا يفعلون.
فإذاً: جاء الشرع الحكيم بالعدل قال: «لو أنكم تدومون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» .
من هنا تقول العامة: ساعة لك وساعة لربك، لكن العامة يظنوا كلمة ساعة لك، يعني افعل ما تشاء من حلال من حرام، هذا ما يجوز بطبيعة الحال، لكن ساعة لك تتمتع بما أباح الله لك، تتمتع بزوجتك، بالنظر إلى أهلك، مراعاتك لمالك لكن شريطة أن لا تضيع حق ربك عليك. نعم.
(الهدى والنور /426/ 03: 18: 00)