الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نصيحة لامرأة من أتباع عبدالله الحبشي
الشيخ: يجب أن تعلمي أننا بزمان
…
هو آخر الزمان، ويجب أن تعلمي مع هذه الحقيقية الواقعية التي لا يشك فيها إنسان، يجب أن تعلمي معها حقيقة أخرى، وهي: أننا في زمان تفرق المسلمون فيه تفرقاً شيء منه ورثوه عن التفرق السابق، وشيء منه تفرقوا فيه في هذا الزمن اللاحق مصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث صحيح معروف أوله:«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ ! قال: هي ما أنا عليه وأصحابي» .
فأرجو أن تقفي معي عند هذه الكلمة، وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصف الفرقة الناجية التي هي فرقة واحدة من ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا هذه الفرقة الناجية، وصفها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بأنها هي التي تكون على ما كان عليه الرسول عليه السلام، ليس هذا فقط، بل أضاف إلى ذلك قوله:«وأصحابي» ، ولا شك أن التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحدها هو الكافي، وهو الهدي والنور.
ولكن ما دام أن بيننا وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعة عشر قرناً، وهناك الفرق الكثيرة التي أشار إليها الرسول عليه السلام في الحديث السابق، فيجب على المسلم فوق اعترافه أو تعرفه على السنة، أن يتعرف على ما كان عليه الصحابة، ولذلك قال عليه السلام:«هي التي على ما أنا عليه وأصحابي» ذلك لأن أصحاب الرسول عليه السلام تلقوا البيان منه صلى الله عليه وآله وسلم للشريعة، من فمه غضاً طرياً، أما نحن فبيننا وبينه عليه السلام وسائط كثيرة، وهذه الوسائط من أجل تمييز ما يجوز التمسك بها مما لا يجوز، أو ما يجوز الاحتجاج بها مما لا يجوز، وجد علم اسمه علم الحديث، واسمه علم التجريح والتعديل، ولذلك فإذا ما أردنا أن نعرف ما كان عليه الرسول عليه السلام، فنحن نعرفه من طريق علماء الحديث الذين يصلوننا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما كان عليه أصحابه الكرام.
بعد هذه المقدمة الوجيزة نأتي إلى ذلك المثال الذي حدثنا به أخونا أبو أحمد جزاه الله خيراً، وهي حديث الجارية الثابت في كتب السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل الجارية: أين الله؟ فقالت: في السماء.
فأنت تبعاً للشيخ عبد الله الهرري تنكرون هذا الذي أقره الرسول عليه السلام من القول من الجارية إن الله عز وجل في السماء، علماً أن ما قالته الجارية هو ما نص عليه ربنا عز وجل في القرآن الكريم في قوله في سورة تبارك: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ
أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك: 16 - 17].
وأنا أعلم أن هناك تأويلات لمثل هذه الآية تصدر من مثل الحبشي وغيره، وهنا أقول: عليك أن تعودي في فهم الكتاب والسنة إلى الصحابة الذي جعلهم الرسول عليه السلام دليلاً على أن من تمسك بما كانوا عليه تبعاً للرسول عليه السلام، فهو من الفرقة الناجية، فهل علمت بواسطة كتب الحبشي أو غيره أن أحداً من السلف أنكر هذا الذي أنكره الحبشي من القول بمثل ما قالت الجارية إن الله عز وجل في السماء؟
ثم من أنكر أن الله عز وجل في السماء، فهو سيكون أحد شيئين لا ثالث لهما:
الشيء الأول: أنه تحت السماء، وهذا كفر صريح بواح.
وإما أن الله في الوجود كله، كما يقول به المعتزلة قديماً صراحة، ومن تشبه بهم حديثاً ضمناً وليس صراحة، حيث يقولون بمناسبة وبغير مناسبة، الله موجود في كل مكان، الله موجود في كل الوجود، وهذا هو الكفر؛ لأنه يعني القول بوحدة الوجود التي يقول بها غلاة الصوفية، وهم الذين يقولون: لا خالق ومخلوق، إنما هو شيء واحد، كما يقول بعض غلاتهم: كل ما تراه بعينك فهو الله.
ويقول آخر: لما عبد المجوس النار، ما عبدوا إلا الواحد القهار.
ذلك لأنهم يعتقدون قول الطبائعيين والدهريين أنه ليس هناك خالق متميز بصفاته عن المخلوقات، ما هو إلا هذا الدهر، وهذا ما صرح به القرآن الكريم:{وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] عن الكافرين الأولين، فلذلك نفي القول بأن الله في السماء المصرح به في القرآن وحديث الجارية وغيره، يلزم هؤلاء النفاة أن يقولوا إنه الله تحت السماء، أو أن يقولوا إن الله في كل مكان، وسواء قالوا هذا أو ذاك فهو كفر.
أما حينما يقول المسلم: إن الله على العرش استوى، استواء يليق بجلاله وكماله، هذا الاستواء هو العلو الذي يسبح الله به حينما يسجد متواضعاً لربه فيقول: سبحان ربي الأعلى .. سبحان ربي الأعلى.
ما الذي ينبغي على المسلم أن يفكر وأن يفسر قوله: سبحان ربي الأعلى، إذا لم يؤمن بأنه حقيقة الله على العرش استوى، وإنما آمن بأنه معه في الأرض أو تحت السماء، بينما الله عز وجل كما هو عقيدة السلف الرحمن استوى استواء يليق بجلاله، ويفسر عبد الله المبارك هذا الاستواء بقوله: الله تبارك وتعالى فوق العرش بذاته، وهو بائن من خلقه، وهو معهم بعلمه، الله لا تغيب عليه غائبة في الأرض ولا في السماء، ولكنه على العرش استوى.
هذه الكلمة خلاصتها أنه يجب على كل مسلم أن يتفهم الإسلام على ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام، وليس على ما يقوله الحبشي من عنده، وها أنتِ الآن أمام تجربة، هل عند الحبشي أو غيره كلمة عن أحد من الصحابة فضلاً عن الحديث عن رسول الله أن الله ليس فوق العرش، لا يجدون شيئاً إلا ما يسمى بعلم الكلام، وها الكلام، وعلم الكلام هو مزلة للأقدام، هذه نصيحة وذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين، والسلام عليكم.
مداخلة: الله يجزيك الخير يا أستاذي.
(الهدى والنور/20/ 27: 19: 1.).