المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٣

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي

- ‌ لا يؤخذ من الميت شيء

- ‌فصل في الكفن

- ‌ تكفن المرأة في خمسة أثواب

- ‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم

- ‌ المطلوب في صفتها ستة أشياء

- ‌فصلفي حمل الميت ودفنه

- ‌كره جلوس تابعها حتى توضع)

- ‌اللحد أفضل من الشق)

- ‌كره لمصاب تغيير حاله

-

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط

- ‌لا أثر لخلطة من ليس من أهل الزكاة

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌إذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة)

- ‌ الزكاة، إنما تتكرر في الأموال النامية

- ‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌لا يعتبر لوجوبها ملك نصاب

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌الغنى في باب الزكاةنوعان

- ‌أهل الزكاة قسمان

- ‌ الذي عليه الدين لا يعطيه، ليستوفي دينه

- ‌من أَراد الصدقة بماله كله

-

- ‌كتاب الصيام

- ‌(يجب صوم رمضان برؤية هلاله)

- ‌الأصل أن الله علق الحكم بالهلال والشهر

- ‌إن اشتبهت الأَشهر، على نحو مأْسور، تحرى وصام

- ‌أسباب الفطر أربعة

- ‌ الصوم الشرعي الإمساك مع النية

- ‌باب ما يكره ويستحب في الصوموحكم القضاء

- ‌لا يقضى عنه ما وجب بأَصل الشرع، من صلاة وصوم

- ‌يكره الصمت إلى الليل

-

- ‌كتاب المناسك

- ‌من كملت له الشروط وجب عليه السعي (على الفور)

- ‌يحج النائب من حيث وجبا

- ‌باب المواقيت

- ‌ليس للإحرام صلاة تخصه

- ‌ ابتداء التلبية عقب إحرامه

الفصل: ‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط

‌فصل في زكاة الغنم

(1)

(ويجب في أربعين من الغنم) ضأْنًا كانت أو معزًا، أَهلية أو وحشية (شاة)(2) جذع ضأْن أو ثني معز (3) .

(1) سميت بذلك لأنه ليس لها آلة الدفاع، فكانت غنيمة لكل طالب، والأصل في وجوبها السنة والإجماع. ففي الصحيح وغيره عن أنس أن أبا بكر كتب له: هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها ورسوله. إلى أن قال «وفي صدقة الغنم – في سائمتها – إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان؛ فإذا زادت على مائتين ففيها ثلاث شياه. فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة» . قال الشيخ: وهذا متفق عليه في صدقة الغنم، عند أهل العلم. و‌

‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط

في الزكاة، إلا عند مالك وتقدم.

(2)

إجماعًا في الأهلية، وأما الوحشية فتقدم أن أحمد انفرد بوجوبها فيها. وكذا ما تولد بينهما أي ففية الزكاة، ومذهب أبي حنيفة ومالك: إن كانت الأمات أهلية. وتقدم أنه لا زكاة في الوحشية اتفاقًا.

(3)

عند الجمهور، لحديث سريد بن غفلة، قال: أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أمرنا أن نأخذ الجذعة من الضأن والثنية من المعز، ولأنهما يجزيان في الأضحية، فكذا هنا. وجذع الضأن ما تم له ستة أشهر عند الأكثر؛ والضأن مهموز، ويجوز تخفيفه بالإسكان. وهو جمع، واحده ضائن، كراكب وركب، ويقال في الجمع أيضًا ضأن، كحارس وحرس، ويجمع أيضًا على ضئين، وهو فعيل بفتح أوله، والأنثى ضائنة، بهمزة بعد الألف ثم نون، وجمعها ضوائن وثني المعز ما تم له سنة، والمعز اسم جنس، الواحد ماعز، والأنثى ماعزة، والمعزى والأمعوز بضم الهمزة والمعيز بفتح الميم بمعنى المعز.

ص: 202

ولا شيء فيما دون الأربعين (1)(وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان) إجماعًا (2)(وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه (3) ثم) تستقر الفريضة (في كل مائة شاة)(4) ففي خمسمائة خمس شياه، وفي ستمائة ست شياه، وهكذا (5) .

(1) إجماعًا حكاه الوزير وغيره، لحديث أبي بكر في الصحيح وغيره «فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة، فلا شيء فيها إلا أن يشاء ربها» .

(2)

حكاه غير واحد، لحديث أبي بكر وغيره. وقال الوزير وغيره: أجمعوا على أن أول النصاب في الغنم أربعين فيها شاة، وأنه لا شيء في زيادتها إلى مائة وعشرين، فإذا زادت واحدة وجب فيها شاتان.

(3)

إجماعًا، إلى أربعمائة ففيها أربع شياه وفاقًا؛ وحكى الوزير الإجماع على أنها إذا زادت على المائتين ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة؛ فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه. ثم في كل مائة شاة. والضأن والمعز سواء.

(4)

وفاقًا، فعلى هذا لا يجب شيء إلى أربعمائة، فيجب أربع شياه. قال الشيخ: وهو أصح الروايتين عن أحمد، واختيار القاضي وجمهور الأصحاب، لحديث أبي بكر، والكتاب الذي عند آل عمر وغيرهما.

(5)

ففي سبعمائة سبع شياه، وثمانمائة ثمان شياه، وكلما زاد في كل مائة شاة. لما تقدم في الصحيح وغيره، وفي كتابه في الصدقات الذي عمل به أبو بكر بعده حتى توفي. وعمر حتى توف يرضي الله عنهما. وفيه «وفي الغنم من أربعين شاة شاة، إلى عشرين ومائة. فإذا زادت شاة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه، إلى ثلاثمائة، فإذا زادت بعد، فليس فيها شيء حتى تبلغ أربعمائة. فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة» رواه الخمسة إلا النسائي.

ص: 203

ولا تؤخذ هرمة ولا معيبة لا يضحى بها، إلا إن كان الكل كذلك (1) ولا حامل، ولا الرُّبى التي تربي ولدها (2) ولا طروقة الفحل (3) .

(1) أي هرمات أو معيبات بذهاب عضو أو غيره، فيجزئ منه، لأن الزكاة مواساة، فلا يكلفها من غير ماله؛ وإن لم يكن الكل كذلك فلا، لحديث أبي بكر في الصحيح وغيره؛ قال «ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس، إلا أن يشاء المصدق» قال الشيخ: وعليه جماعة فقهاء الأمصار، لأن المأخوذ في الصدقات العدل، كما قال عمر: وذلك عدل بين غذاء المال وخياره. وتقدم. وقال تعالى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ولقوله عليه الصلاة والسلام «ولكن من أوسط أموالكم، فإن الله لم يسألكم خياره، ولم يأمركم بشراره» والهرمة الشاة الشارف، وهي كبيرة السن، وذات عوار بفتح العين التي بها عيب، وبالضم التي ذهبت عينها. ولا يجزئ ذلك في الصدقة.

(2)

اتفاقًا، وقيل هي التي في البيت لأجل اللبن. وقال أهل اللغة: هي قريبة العهد بالولادة، قال الأزهري: يقال هي في ربابها بكسر الراء، ما بينها وبين خمس عشرة ليلة. وقال الأموي: هي ما بينها وبين شهرين. قال أبو زيد: الربى من المعز والضأن، وربما جاء في الإبل بضم الراء، على وزن فعلى، وجمعها رباب، والحامل هي التي في بطنها ولدها. وعبر بعضهم بالماخض. قال عمر: لا تأخذ الربى ولا الماخض وهي التي قد حان ولادها.

(3)

أي التي طرقها لأنها تحمل غالبًا.

ص: 204

ولا كريمة، ولا أَكولة (1) إلا أن يشاء ربها (2) وتؤخذ مريضة من مراض (3) وصغيرة من صغار غنم (4) لا إبل وبقر، فلا يجزئُ فصلان وعجاجيل (5) .

(1) والكريمة واحدة الكرائم، وهي النفيسة الجامعة للكمال الممكن في حقها، من غزارة لبن، وجمال صورة، وكثرة لحم وصوف، وهي التي تتعلق بها نفس صاحبها، وضدها الئيمة. والأكولة بفتح الهمزة وضم الكاف: السمينة المعدة للأكل، أو كثيرة الأكل، فتكون سمينة، وضدها الهزيلة؛ وفاقًا، لقوله صلى الله عليه وسلم «إياك وكرائم أموالهم» متفق عليه، وفيه إشارة إلى أن أخذها ظلم، ولا يؤخذ فحل الضراب اتفاقًا.

(2)

أي يشاء إخراج الربى وهي الحامل، أو طروقة الفحل، أو الكريمة أو الأكولة، فيجوز وفاقًا، لأن المنع لحقه، فله إسقاطه؛ ولقبوله صلى الله عليه وسلم سنًا أعلى، وقوله «فإن تطوعت بخير آجرك الله» .

(3)

أي من نصاب كله مراض، وتكون وسطًا في القيمة. لأن الزكاة وجبت مواساة، وتكليف الصحيحة عن المراض إخلال بها؛ ولما تقدم من قوله «ولكن من أوسط أموالكم» ، وقال الوزير: أجمعوا على أنه يؤخذ من المراض بصفتها.

(4)

وهي ما دون ستة أشهر من الضأن؛ وستة من المعز، قال الشافعي: إنما يؤخذ من الصغار صغيرة من الغنم خاصة.

(5)

بحيث لو أبدل كبارًا بصغارٍ في أثناء الحول، أو نتجت الكبار، ثم ماتت قبل الحول، وقال شيخ الإسلام: قيل يأخذ منها. وقيل يشتري كبارًا، ولم يفرق، والفقهاء استدلوا بقول أبي بكر: لو منعنوني عناقًا. ولا يدل أنهم دفعوها، ولم ينقل، ولقوله في بعض روايات الحديث «عقالاً» ، وإنما خاطبهم

بذلك من باب التحدي، وأجمعوا أنها لا تؤخذ العناق في الكبار، لا من صغار وكبار؛ لقول عمر: اعتد عليهم بالسخلة، ولا تأخذها منهم. قال الموفق: وهو مذهب علي، ولا يعرف لهما مخالف في الصحابة، فكان إجماعًا.

ص: 205

وإن اجتمع صغار وكبار، وصحاح ومعيبات، وذكور وإناث أُخذت أُنثى صحيحة كبيرة، على قدر قيمة المالين (1) وإن كان النصاب نوعين، كبخاتي وعراب، وبقر وجواميس، وضأْن ومعز، أُخذت الفريضة من أحدهما على قدر قيمة المالين (2) .

(1) أي الصغار والكبار وما عطف عليها، وفاقًا، فيقوم كبارًا ويعرف الفرض، ثم صغارًا كذلك، ثم يؤخذ بالقسط، وكذا صحاح ومعيبات، أو ذكور وإناث؛ فلو كانت قيمة المخرج إذا كان النصاب كبارًا صحاحًا عشرين، وقيمته إذا كان صغارًا مراضًا عشرة، وكان النصف من هذا والنصف من هذا، وجب إخراج صحيحة كبيرة قيمتها خمسة عشر. لا مريضة لقوله {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ولقوله صلى الله عليه وسلم «ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، إلا أن يشاء المصدق» .

(2)

قال شيخ الإسلام: بلا خلاف بين الفقهاء. وقال الموفق وغيره: لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في ضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض. وحكاه ابن المنذر ثم قال: إذا ثبت هذا فإنه يخرج في الزكاة من أي الأنواع أحب، سواء دعت الحاجة إلى ذلك أو لا. والأولى أن يخرج من النوع، ومن أخرج عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله جاز، إن لم تنقص قيمته عن الواجب، ويجزئ من أعلى فرض من جنسه وفاقًا، لحديث كعب وغيره. لا القيمة في سائمة أو غيرها، وفاقًا لمالك والشافعي، لقوله «خذ الحب من الحب، والإبل من الإبل، والبقر من البقر، والغنم من الغنم» رواه أبو داود. ولغيره من الأحاديث، والجيرانات المقدرة في خبر الصديق وغيره، تدل على أن القيمة لا تشرع.

وقال الشيخ وغيره: صدقة المال تجب بسبب المال، من جنس ما أعطاه الله. وجوزه أبو حنيفة وسفيان والبخاري وغيرهم. وقال: باب العرض في الزكاة. أي جواز أخذه، قال ابن رشيد: وافق البخاري الحنفية، مع كثرة مخالفته لهم؛ لكن قاده إلى ذلك الدليل. وحكى الشيخ عن الناس فيه ثلاثة أقوال: الإجزاء بكل حال، كما قاله أبو حنيفة، وعدم الإجزاء كما قاله مالك والشافعي، والقول الثالث الإجزاء عند الحاجة، مثل ما يجب عليه شاة في زكاة الإبل، وليست عنده، ومن يبيع عنبه ورطبه قبل اليبس؛ قال: وهذا المنصوص عن أحمد صريحًا، وهو أعدل الأقوال. فإن الأدلة الموجبة للعين نصًا وقياسًا كسائر أدلة الوجوب. ومعلوم أن مصلحة وجوب العين، قد يعارضها أحيانًا في القيمة من المصلحة الراجحة، وفي العين من المشقة المنتفية شرعًا.

وقال أيضًا: يجوز إخراج القيمة في الزكاة، للعدول إلى الحاجة والمصلحة، مثل أن يبيع ثمرة بستانه؛ إذ قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك؛ ومثل أن يجب عليه شاة وليست عنده، أو يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم. اهـ. ولقول معاذ لأهل اليمن حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لأخذ زكاتهم: ائتوني بعرض ثياب، خميص أو لبيس في الصدقة، مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة. ذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم. ولما تقدم في الصحيح وغيره «في خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم تكن فابن لبون» . وهذا نص في دفع القيمة وغير ذلك. ولأنه مال زكوي فجازت قيمته، كعروض التجارة، ولأن القيمة مال، فأشبهت المنصوص عليه، ولأنه لما جاز العدول – بأن يخرج زكاة غنمه غيرها بالإجماع – جاز العدول من جنس إلى جنس، ولأن الخليط يرجع على شريكه بالقيمة وغير ذلك، ومقصود الزكاة سد فاقة الفقراء، ولا يختلف ذلك باختلاف صور الأموال إذا حصلت القيمة، قال في الشرح: هذا فيما عدا صدقة الفطر.

ص: 206

.....................................................

ص: 207

(والخلطة) بضم الخاء أَي الشركة (1)(تصير المالين) المختلطين (كـ) ـالمال (الواحد)(2) إن كان نصابًا من ماشية (3) والخليطان من أهل وجوبها (4) سواء كانت خلطة أعيان بكونه مشاعًا (5) .

(1) ومثل العشرة وزنًا ومعنى، جائزة في الجملة، وهي ضربان، أن يكون المال مشتركًا، مشاعًا بينهما، أو أن يكون بينهما ماشية متميزة، ولا اشتراك بينهما، لكنهما متجاوران مختلطان، على ما يأتي، فالأولى خلطة اشتراك وأعيان، والثانية خلطة أوصاف وجوار؛ وكل واحدة تؤثر في الزكاة، إيجابًا وإسقاطًا، وتغليظًا وتخفيفًا، وحكى أبو حامد في تعليقه إجماع المسلمين على أنه لا فرق بين الخلطتين في الإيجاب، وسواء كان تأثيرها في إيجاب الزكاة أو إسقاطها، أو في تغيير الفرض.

(2)

في المؤن، فوجب أن تكون زكاته زكاة المال الواحد، لأنه لو لم يكن كذلك لما نهى الشارع عن جميع المتفرق، وعكسه، خشية الصدقة، وهو مذهب مالك والشافعي.

(3)

حولاً كاملاً، فلا تؤثر فيما دونه إجماعًا، وأما سائر المال فلا تجب فيه، لأن ما زاد بحسابه فلا تأثير، وقيل: تؤثر مطلقًا، وخصها الأكثر بخلطة الأعيان.

(4)

أي الزكاة، فلو كان أحدهما ليس من أهل الزكاة ككافر أو مكاتب أو مستغرق فوجوده كعدمه.

(5)

يعني المال بين اثنين فأكثر، سميت خلطة أعيان لأن أعيانها مشتركة، وقال الشيخ: الخلطاء في الماشية إذا كان مال كل منهما متميزًا عن الآخر. فإن لم يكن متميزًا فهما شريكان.

ص: 208

بأَن يكون لكل نصف أو نحوه (1) أو خلطة أوصاف بأن تميز ما لكل (2) واشتركا في «مراح» بضم الميم وهو المبيت والمأْوى (3) ، و «مسرح» وهو ما تجتمع فيه لتذهب للمرعى (4) و «محلب» وهو موضع الحلب (5) .

(1) كثلث أو ربع، بأن ملكوه بنحو إرث أو شراء، واستمر بلا قسمة.

(2)

أي من الخليطين أو الخلطاء عن الآخر، كأن يكون لأحدهما شاة، وللآخر تسع وثلاثون، أو لأربعين أربعون، أو لثلاثة مائة وعشرون، كما يأتي وسميت بذلك لأن نصيب كل واحد موصوف بصفة تميزه عن الآخر.

(3)

أي يشترط في خلطة الأوصاف اشتراكهما في مراح، قال الجوهري المراح بالضم حيث تأوي إليه الإبل والغنم بالليل، وبالفتح الموضع الذي تروح منه، والمبيت من مدر أو شعر أو لا، وهو الذي تبيت فيه، وتأوي إليه، والمأوى بفتح الميم والواو، لأن اسم الزمان والمكان من معتل اللام مفتوح العين مطلقًا.

(4)

جزم به في التلخيص والرعاية وغيرهما، وقدمه في الفروع وغيرها، قال الزركشي: وهو أولى، رفعًا للتكرار. وهو الصحيح، وقال ابن حامد: المرعى والمسرح شرط واحد، وإنما ذكر أحمد المسرح، ليكون فيه راع واحد، وقال الشارح: هو المرعى، تبيت وترعى فيه الماشية.

(5)

لا اتحاد الإناء، فلو حلب هذا ماشيته في أهله، والآخر في موضع آخر فلا خلطة، و «محلب» بفتح الميم واللام، من باب نصر، وأما بكسر الميم فالإناء يحلب فيه، وهو الحلاب أيضًا، والمكان هو المراد هنا، لا الإناء كما وضحه، قال الموفق: ليس المراد خلط اللبن في إناء واحد، لأن هذا ليس بمرفق، بل مشقة، لما فيه من الحاجة إلى قسمة اللبن.

ص: 209

و «فحل» بأَن لا يختص بطرق أَحد المالين (1) و «مرعى» وهو موضع الرعي ووقته (2) لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة (3)

(1) المخلوطين إن اتحد النوع، قال الموفق: معنى كون الفحل واحدًا أن لا يكون فحولة أحد المالين لا تطرق غيره. اهـ. فإذا اختلف كالضأن والمعز والجاموس والبقر لم يضر اختلاف الفحل للضرورة، وكما لو كان مال أحدهما ذكورًا والآخر إناثًا ولا يعتبر أن يكون مملوكًا لهما، والفحل هو المعد للضراب.

(2)

نص عليه، لحديث سعد بن أبي وقاص سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول «الخليطان ما اجتمعا على الحوض والفحل والراعي» رواه الدارقطني وغيره. وأبو عبيد، وفيه بدل الراعي المرعى، وضعفه أحمد؛ والرعي يلزم من اتحاده اتحاد موضعه، ففيه استعمال المشترك في معنيين، وهو سائغ عند جمهور العلماء؛ وقال الشيخ: تعتبر بثلاثة شروط، وقيل بشرطين، وقيل بشرط، وهو الدلو والحوض والمراح والمبيت والراعي والفحل؛ وقيل بالراعي وحده؛ فإن به يجتمعون في غير ذلك. ووجه في الفروع العرف في ذلك، ولا تعتبر النية في الخلطة إجماعًا، بل تؤثر الخلطة ولو وقعت اتفاقًا، أو بفعل راع.

(3)

خطاب للمالك من جهة؛ وللساعي من جهة، أمر كل واحد أن لا يحدث شيئًا من الجمع والتفريق، خشية الصدقة؛ فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة، فيجمع أو يفرق لتقل. والساعي يخشى أن تقل الصدقة، فيجمع أو يفرق لتكثر الصدقة، كما لو كان لثلاثة مائة وعشرون شاة، وجمعوها، أو كان لهم تسعون ففرقوها. وعكسه الساعي، ومقتضاه أن للخلطة تأثيرًا في تخفيف المؤن، فجاز أن تؤثر في الزكاة كالسوم.

ص: 210

وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية» (1) رواه الترمذي وغيره (2) فلو كان لإنسان شاة، ولآخر تسعة وثلاثون، أو لأربعين رجلاً أربعون شاة، لكل واحد شاة، واشتركا حولاً تامًا، فعليهم شاة على حسب ملكهم (3) وإذا كان لثلاثة مائة وعشرون شاة، لكل واحد أربعون، ولم يثبت لأَحدهم حكم الإنفراد في شيء من الحول، فعلى الجميع شاة أثلاثًا (4) .

(1) أي العدالة بمقتضى الحصص، فشمل أنواع المشاركة، والمراد هنا خلطة الأوصاف، كأن يكون بينهما أربعون لكل واحد عشرون، فيأخذ المصدق من أحدهما شاة، فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بنصف شاة، وقاله الشيخ وغيره، ويجزئ إخراج خليط بدون إذن خليطه ولو مع حضوره، والاحتياط بإذنه.

(2)

عن سالم عن أبيه، ورواه أبو داود وابن ماجه، وحسنه الترمذ، وقال البخاري: أرجو أن يكون محفوظًا. وله في صحيحه من حديث أنس ونحوه، وللدارقطني وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا «لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة» والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي كما تقدم في الخبر، وبقية الشروط في معنى هذه الثلاثة، ولأن هذه الشروط تؤثر في الرفق بالخلطاء، فوجب اعتبارها كالراعي والفحل، وخلاف الحنفية لهذا النص غير مسموع، وإن اختل شرط من الشروط بطل حكمها، لفوات شرطها؛ وصار وجودها كالعدم، فيزكى كل مال على حدته إن بلغ نصابًا.

(3)

على الأول ربع عشر شاة، وباقيها على الآخر، وعلى كل واحد من الأربعين ربع عشر شاة، وهكذا حكم ما زاد أو نقص من نصيب كل من الخلطاء.

(4)

وللساعي أخذها من أي أموالهم شاء، ويرجع مأخوذ منه على خليطه بقيمة القسط الذي قابل ماله من المخرج يوم الأخذ، ويرجع بقسط زائد أخذه ساع بقول بعض أهل العلم، قال ابن تميم: إذا أخذ الساعي فوق الواجب بتأويل، أو أخذ القيمة أجزأت في الأصح، ورجع عليه بذلك. قال في الفروع: وإطلاق الأصحاب يقتضي ذلك. وقال الشيخ: والإجزاء هو الصواب. وهل يرجع على شريكه بما أخذ الساعي ظلمًا؟ حكى شيخ الإسلام قولين، واستظهر أنه يرجع على شريكه بما أخذ منه.

وقال: من صودر على مال فأكره أقاربه أو شركاؤه فلهم الرجوع، لأنهم ظلموا لأجله ولأجل ماله. وقال: لأنه يلزم العدل في هذا الظلم، ولأن النفوس ترضى بالتخصص، ومن لم يقل به لزمه من الفساد، ما لا يعلمه إلا رب العباد. واحتج بقضية ابن اللتبية، حتى قال – فيمن ألزمهم الإمام بزكاة، وفيهم من ليس له نصاب – إن كان المطلوب هو مقدار ما فرضه الله على من تجب عليه الزكاة اختصت بأدائه، وإن كان على سبيل الظلم اشترك فيه الجميع بحسب أموالهم، وإن ثبت حكم الإنفراد لهما أو لأحدهما في بعض الحول، قدم الإنفراد عليها، لأن الأصل المجمع عليه، فيزكي كل واحد ماله على حدته، وفي أثنائه مثل أن يكون لرجل نصاب ولآخر دونه، ثم اختلطا في أثناء الحول، فإذا تم حول الأول فعليه شاة، فإذا تم حول الثاني من الخلطة، فعليه زكاة الخلطة ثلث شاة.

ص: 211