الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيعطى الصنفان تمام كفايتهما مع عائلتهما سنة (1) ومن ملك – ولو من أثمان – ما لا يقوم بكفايته، فليس بغني (2) .
(1) من الزكاة وجوبًا، يتكرر بتكرر الحول، ما يكفيه إلى مثله، وكل واحد من عائلتهما مقصود دفع حاجته، فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد، ومن تمام الكفاية ما يأخذه الفقير ليتزوج، إن لم يكن له زوجة، واحتاج إلى النكاح.
(2)
وفي الوجيز وغيره: وكفاية عياله؛ أي فليس بذي غنى، يمنعه من أخذ الزكاة، وإن كثرت قيمته، أو ملك عقارات أو غيرها، لا تقوم بكفايته، لقوله «حتى يصيب قوامًا من عيش، أو سدادًا من عيش» رواه مسلم، والسداد الكفاية، ولم يحك متقدموا الأصحاب خلافًا و «ما» موصولة، و «لا» نافية، والغني ما عده الناس غنيًا، قال الشافعي: قد يكون الرجل بالدرهم غنيًا مع كسبه، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه، وكثرة عياله. وقال أحمد: إذا كان له عقار وضيعة، يستغلهما عشرة آلاف، أو أكثر، لا تكفيه، يأخذ من الزكاة. وقيل له: يكون له الزرع القائم، وليس عنده ما يحصده، أيأخذ من الزكاة؟ قال: نعم. قال الشيخ: وفي معناه ما يحتاج إليه لإقامة مؤنة، وإن لم ينفقه بعينه في المؤنة، وكذا من له كتب يحتاجها، للحفظ والمطالعة، أو لها حلي للبس أو كراء، تحتاج إليه، فلا يمنع ذلك الأخذ من الزكاة. قال: و
الغنى في باب الزكاة
نوعان
، نوع يوجبها، ونوع يمنعها، والغنى هنا ما يحصل به الكفاية على الدوام، إما من تجارة، أو صناعة، أو أجرة عقار، أو غير ذلك، فمن كان محتاجًا، حلت له الزكاة، وإن ملك نصبًا، ومن لم يكن محتاجًا، لم تحل له، وإن لم يملك شيئًا، لحديث «لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة، رجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، أو سداد من عيش» وذكر قول عمر: أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا، ولأن في العرف أن من كان محتاجًا فهو فقير، فيدخل في عموم النص.
(و) الثالث (العاملون عليها وهم) السعاة، الذين يبعثهم الإمام لأخذ الزكاة من أربابها (1) كـ (ـجباتها، وحفاظها) وكتابها، وقسامها (2) وشرط كونه مكلفًا، مسلمًا، أمينًا، كافيًا (3) .
(1) للنص والعمل المستمر المجمع عليه.
(2)
بين مستحقيها، وعدادها وكيالها، ووزانها، وجماع المواشي، ورعاة وجمال، ومن يحتاج إليه فيها، لدخولهم في مسمى العاملين عليها، وكان صلى الله عليه وسلم يبعث على الصدقة سعاة، ويعطيهم عليها، فبعث عمر، وأبا موسى، وغيرهما، وليس فيه اختلاف، مع ما ورد من النص.
(3)
أي قادرًا على ذلك العمل وفاقًا، لأنها ضرب من الولاية، ولعل هذا الشرط متضمن لكونه: عالمًا بفرائض الصدقة، فقد قيل: من شرطه معرفة ما تجب فيه الزكاة، وجنسه. وقيل: إن كان من عمال التفويض. ولا تشترط حريته، وفاقًا للشافعي، لقوله «وإن استعمل عليكم عبد حبشي» ولا يشترط فقره إجماعًا، لحديث أبي سعيد «لا تحل لغني، إلا لخمسة، لعامل عليها» الحديث، والمراد بالأمانة هنا العدالة، ولأن غير الأمين لا تجوز توليته، وشرط كونه مسلمًا، لأنها ولاية على المسلمين، فاشترط الإسلام فيها، وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} وقال عمر: لا تأمنوهم وقد خونهم الله. ويأتي المنع من تولية أهل الذمة، في الجهاد إن شاء الله تعالى، وقيل: لا يشترط. لأن ما يأخذه بحق جبايته، ويجوز أن يكون حاملها وراعيها ونحوهما، وشرط التكليف، لأن غير المكلف مولى عليه، لعدم أهليته.
من غير ذوي القربى (1) ويعطى قدر أَجرته منها، ولو غنيًا (2) ويجوز كون حاملها، وراعيها ممن منع منها (3) .
(1) وهم مؤمنوا بني هاشم، وكذا مواليهم، وفاقًا للشافعي، ولأن الفضل والمطلب سألا النبي صلى الله عليه وسلم العمالة على الصدقة، فقال «إنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد» رواه مسلم وغيره، إلا أن يدفع إليه أجرة من غيرها.
(2)
أي يعطي العامل قدر أجرته منها، ولو كان غنيًا، بغير خلاف، للخبر سواء جاوزت الثمن أو لا، لأنه أجرة، وقال ابن عبد البر: إجماعًا. وإن تلفت بلا تفريط، فمن بيت المال، وقال الشيخ وغيره: ويلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه ابن اللتبية حاسبه، وقال في الفروع: يلزمه مع التهمة.
(3)
نحو كافر، أو من ذوي القربى، قال في الإنصاف: بغير خلاف. لأن ما يأخذه للعمل، لا للعمالة، بخلاف الجابي ونحوه، ولا يجوز للجابي قبول هدية من أرباب الأموال، ولا رشوة، وما خان فيه، أخذه الإمام، ليرده إلى مستحقه.
الصنف (الرابع المؤلفة قلوبهم) جمع مؤلف (1) وهو السيد المطاع في عشيرته (2)(ممن يرجى إسلامه، أَو كف شره (3) أو يرجى بعطيته قوة إيمانه) (4) أو إسلام نظيره (5) .
(1) من التأليف، وهو جمع القلوب، وهم قسمان: كفار، ومسلمون، والمسلمون أقسام.
(2)
ومن لم يكن كذلك فلا، وقال أبو حنيفة: حكمهم منسوخ، وعن مالك والشافعي قولان، الصواب الأول للنصوص، فيعطون إن احتيج إليهم، لوجود العلة، وبقاء المصلحة، «والعشيرة» القبيلة أبو بنو الأب الأدنون.
(3)
فيعطى من يرجى إسلامه، لتقوى نيته في الإسلام، وتميل نفسه إليه، ليسلم، لقصة صفوان بن أمية’ أو ليحسن إسلامه، كما أعطى صناديد الطلقاء، وأشرافهم، أو من يخشى شره، فيرجى بعطيته كف شره، وشر غيره معه، قال ابن عباس: كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرضخ لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم قالوا: هذا دين صالح. وإلا عابوه. ولو كان المؤلف امرأة، كملكة الفرس.
(4)
أو نصحه في الجهاد، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الأقرع بن حابس، وعينيه بن حصن، وزيدًا الطائي، فقالت قريش: تعطي صناديد نجد؟ فقال «لأتألفهم» ولا يحل للمؤلف المسلم ما يخذه إن أعطي لكف شره، كالهدية للعامل، وإلا حل، وقال الخلوتي: لعله: ولو مسلمًا، خلافًا لما في الإقناع، وعمومه يشمل الخوراج وغيرهم كالعرب. اهـ. والإقناع مثل بالهدية، فعلم منه أنه المؤلف المعطى لكف شره، لا يختص بالكافر؛ كما توهمه بعضهم، وعلى هامش المنتهى، بخط أبا بطين: ولو مسلمًا على ما في الإقناع فلا مخالفة.
(5)
لأن أبا بكر أعطى عديًا والزبرقان: رجاء إسلام نظرائهما «ونظير الشيء» مثله.
أو جبايتها ممن لا يعطيها (1) أو دفع عن المسلمين (2) ويعطى ما يحصل به التأْليف، عند الحاجة فقط (3) فترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم، لعدم الحاجة إليه في خلافتهم، لا لسقوط سهمهم (4) فإن تعذر الصرف إليهم، رد على بقية الأصناف (5)(الخامس الرقاب، وهم الكاتبون)(6) .
(1) بأن يكونوا إذا أعطوا منها، جبوها ممن لا يعطيها.
(2)
بأن يكونوا في طرف بلاد الإسلام، وإذا أعطوا منها، دفعوا الكفار، عمن يليهم من المسلمين، فيعطون من الزكاة، لدخولهم في مسمى المؤلفة.
(3)
أي لا غيرها، لترك الخلفاء الإعطاء مع عدم الحاجة.
(4)
فإن حكمهم باق، لإعطاء النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة، من المسلمين والمشركين، وكذلك أبو بكر رضي الله عنه، وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم، وأعدل السياسة سياسته صلى الله عليه وسلم، ومنع وجود الحاجة على ممر الزمان، واختلاف أحوال النفوس، في القوة والضعف، لا يخفى فساده، واتباع سيرته صلى الله عليه وسلم أحق. قال الشيخ: ويجوز بل يجب الإعطاء لتأليف من يحتاج إلى تأليف قلبه، وإن كان لا يحل له أخذ ذلك، كما في القرآن العزيز، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة من الفيء.
(5)
قال المجد وغيره: لا أعلم فيه خلافًا.
(6)
أي الذين لا يجدون وفاء، ولو مع القوة والكسب، لعموم الآية، وقال أبو حنيفة والشافعي: لأنهم من سهم الرقاب، وفي المبدع: لا يختلف المذهب أنهم من الرقاب، لقوله {فَكَاتِبُوهُمْ} ولأنه يملك المال على سيده، ويصرف إليه أرش جنايته، فكان له الأخذ من الزكاة، إن لم يجد وفاء، كالغريم، وأما الرقاب فلا نزاع في ثبوت سهمهم.
فيعطى المكاتب وفاءَ دينه، لعجزه عن وفاء ما عليه، ولو مع قدرته على التكسب، ولو قبل حلول نجم (1) .
ويجوز أن يشتري منها رقبة لا تعتق عليه، فيعتقها، لقول ابن عباس (2)(و) يجوز أن (يفك منها الأسير المسلم) لأَن فيه فك رقبة من الأَسر (3) لا أن يعتق قنه أَو مكاتبه عنها (4) .
(1) لئلا يؤدي إلى فسخها عند حلول النجم ولا شيء معه، والأولى دفعها إلى سيده، قال في الإقناع وشرحه: ولو تلفت بيده أجزأت، كالغارم وابن السبيل.
(2)
ولعموم قوله {وَفِي الرِّقَابِ} وهو متناول للقن، بل صريح فيه، لأن الرقبة متى أطلقت، انصرف الإطلاق إليه، وهذا مذهب مالك، وظاهر عبارته: لا تعتق عليه مطلقًا، سواء كان برحم، أو تعليق، أو شهادة، بأن شهد على سيد عبد أنه أعتقه، وردت شهادته، فإنه إذا اشتراه يعتق عليه، قال في الفروع: ولو علق العتق بشرط، ثم نواه من الزكاة عند الشرط، لم يجزئه وفاقًا، وجعله المجد أصلاً للعتق بالرحم وفاقًا، لعود نفعها إليه.
(3)
أشبه ما يدفع إلى الغارم، لفك رقبته من الدين، وهو من أفضل الأعمال، المنجية من العذاب، فإنه تعالى لما ذكر اقتحام العقبة، أخبر أن المنجي منها {فَكُّ رَقَبَةٍ} .
(4)
لأنه بمنزلة إخراج العروض أو القيمة، ويشترط في الزكاة تميك المعطى وفاقًا، ليحصل الإيتاء، ولا يدفع زكاته إلى سيده، اختاره القاضي وغيره، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقال المجد: هي أقيس، لأن تعلق حقه بماله، أشد من تعلق الوالد بمال ولده.
(السادس الغارم)(1) وهو نوعان، أحدهما: غارم (لإصلاح ذات البين) أي الوصل (2) بأن يقع بين جماعة عظيمة – كقبيلتين، أو أهل قريتين – تشاجر، في دماء وأموال، ويحدث بسببها الشحناء، والعداوة (3) فيتوسط الرجل بالصلح بينهما، ويلتزم في ذمته مالاً، عوضًا عما بينهم، ليطفئ النائرة (4) فهذا قد أتى معروفًا عظيمًا، فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة، لئلا يجحف ذلك بسادات القوم المصلحين، أَو يوهن عزائمهم (5) .
(1) وهو المدين، والغرم – في الأصل – لزوم ما يشق على النفس، وسمي الدين غرامًا لكونه شاقًا على الإنسان.
(2)
فالغارم لإصلاح ذات البين، هو من غرم لإصلاح حال الوصل الفاسد، قال تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقال {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وتقدم حديث قبيصة قال: تحملت حمالة، فقال له «أقم، حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» .
(3)
ويتوقف صلحهم على من يتحمل ذلك، والتشاجر بالتاء، والشين، والجيم المضمومة، فاعل «يقع» أي يقع تخاصم.
(4)
بالنون مهموز، العداوة والشحناء، يقال: بينهم نائرة أي عداوة، وعند العامة بالثاء المثلثة، وأما الثور، والثوران، فالهيجان، والوثب، ومنه: ثارت الفتنة بينهم «ويتوسط» أي بين المتخاصمين، فيكون وسيطًا ومصلحًا.
(5)
عن تسكين الفتن، وكف المفاسد، وكانت العرب تفعل ذلك، فيحتمل الرجل الحمالة، ثم يخرج في القبائل يسأل، حتى يؤديه. فأقرت الشريعة ذلك، و «ويجحف» بضم الياء، وسكون الجيم، وكسر الحاء، من: أجحف به. إذا ذهب به.
فجاءَ الشرع بإباحة المسألة فيها، وجعل لهم نصيبًا من الصدقة (1)(ولو مع غنى) إن لم يدفع من ماله (2) النوع الثاني ما أُشير إليه بقوله (أو) تدين (لنفسه) في شراء من كفار، أَو مباح، أَو محرم وتاب (مع الفقر)(3) .
(1) لما في صحيح مسلم وغيره، عن قبيصة قال: تحملت حمالة، فقال «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» وحديث أبي سعيد «لا تحل لغني إلا لخمسة» وذكر منهم الغارم، وكذا لو تحمل إتلافًا أو نهبًا عن غيره، أو ضمن عن غيره مالاً، وهما معسران.
(2)
أي فيأخذ من الزكاة، ولو كان غنيًا، لأنه من المصالح العامة، فأشبه المؤلف والعامل، هذا إن لم يدفع من ماله، فإن دفع فلا، لأنه قد سقط الغرم، فخرج عن كونه مدينًا بسبب الحمالة، وكذا إن لم يكن حمل الدين، أو كان ما لزمه ضمانًا وأعسر، فلكل منهما الأخذ منها لوفاء دينه.
(3)
بأن يشتري نفسه من الكفار، قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم، غرمه السلطان مالاً، ليدفع جوره، أو يستدين في نفقة نفسه، أو عياله، أو كسوتهم مع الفقر. قال الشارح وغيره: لا خلاف في استحقاق الغارمين لإصلاح نفوسهم، وثبوت سهمهم في الزكاة، وأن المدينين، العاجزين عن وفاء ديونهم، منهم. اهـ. أو يستدين في معصية، وشرب خمر، وزنا، وتاب. وإلا لم يجز، وتقدم قول الشيخ: إنه لا ينبغي أن يعطى منها من لا يستعين بها على الطاعة؛ وقال: فمن أظهر بدعة، أو فجورًا، فإنه يستحق العقوبة، بالهجر وغيره، واستتابته، فكيف يعان على ذلك.
ويعطى وفاءَ دينه ولو لله (1) ولا يجوز له صرفه في غيره، ولو فقيرًا (2) وإن دفع إلى الغارم لفقره، جاز أن يقضي منه دنيه (3)(السابع في سبيل الله، وهم الغزاة المتطوعة الذين لا ديوان لهم)(4) .
(1) أي يعطى غارم وفاء دينه، بلا نزاع كمكاتب، لاندفاع حاجتهما، لقوله {وَالْغَارِمِينَ} ولو كان ما غرمه لله، فدين الله كدين الآدمي، وحكى ابن عبد البر وأبو عبيد الإجماع على أنه لا يقضى منها دين على ميت، غرم لمصلحة نفسه أو غيره.
وقال الشيخ: يجوز أن يوفى منها الدين على الميت، في أحد قولي العلماء، لأن الله قال {وَالْغَارِمِينَ} ولم يقل {وَالْغَارِمِينَ} ، الغارم لا يشرط تمليكه على هذا، وعلى هذا يجوز الوفاء عنه، وأن يملك لوارثه ولغيره.
(2)
أي غير ما أعطي له، وإن كان فقيرًا، لأنه إنما يأخذ أخذًا مراعى.
(3)
لملكه إياه ملكًا تامًا، ومن فيه سببان، أخذ بهما وفاقًا، والمذهب أن من أخذ بسبب يستقر الأخذ به، وهو الفقر، والمسكنة، والعمالة، والتأليف، صرفه فيما شاء، كسائر ماله، وإن دفع المالك إلى الغريم، بلا إذن الفقير صح، كقضاء الإمام عن الحي بلا وكالة.
(4)
أي لا حق لهم في الديوان، وسموا به لأن السبيل عند الإطلاق هو الغزو، لقوله {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} ، وقوله {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله} وغير ذلك من الآيات والأحاديث، وإنما استعملت هذه الكلمة في الجهاد، لأنه السبيل الذي يقاتل فيه على عقد الدين، ولا خلاف في استحقاقهم، وبقاء حكمهم
في الديوان، إذا كانوا متطوعة، لأن من له رزق من بيت المال راتب يكفيه، فهو مستغن به وفاقًا، وأبو حنيفة يخص به الفقير، ومالك والشافعي وأحمد قالوا: يأخذ الغني منهم، كما يأخذ الفقير، «والديوان» بالكسر، وأصله «دوَّان» فعوض من إحدى الواوين ياء، لقولهم في جمعه دواوين، وأول من دون الدواوين في الإسلام عمر رضي الله عنه.
أَولهم دون ما يكفيهم، فيعطى ما يكفيه لغزوه، ولو غنيًا (1) ويجزئُ أن يعطى منها لحج فرض فقير وعمرته (2) لا أَن يشتري منها فرسًا يحبسها، أو عقارًا يقفه على الغزاة (3) وإن لم يغز رد ما أَخذه (4) .
(1) ذهاباً وإيابًا، وثمن سلاح، ودرع، وفرس، ونحو ذلك، لأنه مصلحة عامة، ومتى ادعى أنه يريد الغزو، قبل قوله، ودفع إليه، دفعًا مراعى، من سائر ما يحتاج إليه، من آلات ونفقة.
(2)
ويستعين به فيه، لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض، ولو لم يجب لفقره، ولأن الحج كالغزو، لقوله صلى الله عليه وسلم، «الحج والعمرة في سبيل الله» رواه أحمد وغيره، ولأبي داود في رجل جعل ناقته في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «اركبيها، فإن الحج من سبيل الله» وظاهر كلام أحمد والخرقي وغيرهما، جوازه في النفل أيضًا، وصححه جمع، لأنه من سبيل الله، ولا يحج بزكاة ماله، ولا يغزو، ولا يحج عنه بها، ولا يغزي.
(3)
وفاقًا، وكذلك لا يشترى بها درعًا ونحوه، ولا دارًا، أو ضيعة، ونحوهما للرباط ونحوه، لأن الشراء المذكور لوقفه، ليس من الإيتاء المأمور به.
(4)
أي وإن لم يغز من أخذ فرسًا وغيرها من الزكاة، رد الذي أخذه على الإمام وفاقًا، لأنه أعطي على عمل ولم يعمله.
نقل عبد الله: إذا خرج في سبيل الله، أكل من الصدقة (1)(الثامن بن السبيل) وهو (المسافر المنقطع به) أي بسفره المباح، أَو المحرم إذا تاب (2)(دون المنشئ للسفر من بلده) إلى غيرها، لأَنه ليس في سبيل (3) لأن السبيل هي الطريق، فسمي من لزمها ابن السبيل، كما يقال: ولد الليل؛ لمن يكثر خروجه فيه، "وابن الماء"، لطيره، لملازمته له (4)(فيعطى) ابن السبيل (ما يوصله إلى بلده) ولو وجد مقرضًا (5) .
(1) ومفهومه: لا يجوز له الأكل قبل الخروج، لأن نفسه ليست مصرفًا لزكاته، كما لا يقضي بها دينه.
(2)
لأن التوبة تجب ما قبلها، وإلا فلا، لأنه إعانة على المعصية، ولا يعطى في سفر مكروه، أو نزهة، لأنه لا حاجة إليه، ونبه بالمباح على ما هو أولى منه، كسفر الطاعة لحج، أو طلب علم، أو صلة رحم، وليس معه ما يوصله إلى بلده، أو منتهى قصده، وعوده إلى بلده، وظاهر كلامهم: لا فرق بين السفر الطويل والقصير، وتقدم أن ما سمي سفرًا تعلق الحكم به.
(3)
لأن الاسم لا يتناوله حقيقة، نص عليه وفاقًا، وإنما يصير ابن سبيل في ثاني حال، ولأنه لم يصح عليه اسمه، بل مقامه ببلده مظنة الرفق به، وقال الشافعي: يدفع إليه كالمجتاز، في جواز الأخذ، وهو رواية عن أحمد.
(4)
أي للماء، ولولد الليل لليل، وكل من لازم شيئًا سمي به في الغالب.
(5)
أو متبرعًا بالأولى، وكذا لو كان موسرًا في بلده، لعجزه عن الوصول لماله، كمن سقط متاعه في بحر، أو ضاع منه، أو غصب فعجز عنه.