الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونموًا (1) لأن اعتبار عدد السقي، وما يسقى به في كل وقت يشق، فاعتبر الأكثر كالسوم (2)(ومع الجهل) بأكثرهما نفعًا (العشر) ليخرج من عهدة الواجب بيقين (3) وإذا كان له حائطان، أحدهما يسقى بمؤنة، والآخر بغيرها ضما في النصاب (4) ولكل منهما حكم نفسه، في سقيه بمؤنة أو غيرها (5) ويصدق مالك فيما سقى به (6) (و
إذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة)
(7) .
(1) لا المدة وعدد السقي، وفي الفروع: فإن كان أحدهما أكثر، فالحكم له وفاقًا.
(2)
أي فإنه اعتبر في السوم أكثر الحول، فمثله السقي بفتح السين وبكسرها ما يسقى به الأرض أو الزرع.
(3)
ولأن الأصل وجوبه كاملاً.
(4)
إن كانا من جنس واحد، وإن كان أحدهما مغايرًا للآخر، كنخل وعنب فلا.
(5)
فيخرج مما يشرب بمؤنة نصف عشره، ومما يشرب بغيرها عشره.
(6)
بلا يمينه لأنه مؤتمن، ولأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم، لأنها حق لله، فلا يستحلف فيه كالصلاة.
(7)
أي على مالكه، وفاقًا لمالك والشافعي وجمهور أهل العلم، فلو باعه أو وهبه بعد ذلك، قبل الخرص أو بعده فزكاته عليه، لا على المشتري والموهوب له، «وبدا» بإسكان الألف غير مهموز، أي ظهر نضجه، وطاب أكله.
لأنه يقصد للأَكل والإقتيات كاليابس (1) فلو باع الحب أو الثمرة، أو تلفا بتعديه بعد، لم تسقط (2) وإن قطعهما أو باعهما قبله فلا زكاة (3) إن لم يقصد الفرار منها (4)(ولا يستقر الوجوب إلا بجعلها في البيدر) ونحوه، وهو موضع تشميسها
(1) ولأنه وقت خرص الثمرة، لحفظ الزكاة، ومعرفة قدرها، فدل على تعلق وجوبها به.
(2)
«بَعْدُ» بالبناء على الضم، لحذف المضاف إليه، ونية معناه، أي بعد اشتداد الحب، وبدو الصلاح، لم تسقط الزكاة، سواء خرصت الثمرة أو لم تخرص، وإن اشترطها على المشتري صح، للعلم بها، فكأنه استثنى قدرها، ووكله في إخراجها.
(3)
أي عليه وفاقًا، وقاله الشيخ وغيره، وهو ما إذا كان لغرض صحيح، كأكل أو بيع أو تحسين بقيتها، وينبغي تقييده في صورة البيع بأنه مع أصله، أو أن على المشتري القطع، وتجب فيما إذا كان البيع مع أصله على المشتري، إن كان من أهل الزكاة، ولا يجوز شرطها على البائع.
(4)
فإن قصد الفرار من الزكاة وجبت عليه، لتفويته الواجب، بعد انعقاد سببه، هذا في صورة القطع والإتلاف واضح، وأما في صورة البيع، فينظر: هل تجب عليه كما تجب على المشتري، فتجب زكاتان علي عين واحدة؟ قال مرعي: ولعلها لا تجب عليه. وقال في الفروع: ولو ملك ثمرة قبل صلاحها، ثم صلحت بيده، لزمته زكاتها، لوجود السبب في ملكه، ولو صلحت في مدة خيار، زكاها من قلنا الملك له، ومتى صلحت بيد من لا زكاة عليه، فلا زكاة فيها، إلا أن يكون الأول قصد الفرار.
وتيبيسها (1) لأنه قبل ذلك في حكم ما لم تثبت اليد عليه (2)(فإن تلفت) الحبوب أو الثمار (قبله) أي قبل جعلها في البيدر (بغير تعد منه) ولا تفريط (سقطت)(3) لأنها لم تستقر (4) وإن تلف البعض، فإن كان قبل الوجوب، زكى الباقي إن بلغ نصابًا، وإلا فلا (5) .
(1) أي البيدر بالشام والشرق، ويسمى بمصر الجرين، وكذا بالعراق، والمربد بالحجاز، والجوخان بالبصرة، ويسمى أيضًا المصطاح والطباية والفداء والقوع، وغير ذلك، لكل أهل جهة اصطلاح، والجميع اسم للموضع الذي تجمع فيه الثمرة، حتى يتكامل جفافها، والتيبيس بسط الشيء حتى يجف، والتشميس بسط الشيء في الشمس، ولا يلزم منه أن لا توضع في مخزنها بدونه، فقد توضع فيه الثمرة أو بعضها.
(2)
فلم تجب فيه، فإنه لو اشترى ثمرة فتلفت بعطش ونحوه، رجع على البائع.
(3)
يعني الزكاة، خرصت أو لم تخرص، قال ابن المنذر وابن عبد البر وغيرهما: أجمع أهل العلم على أن الخارص إذا خرص الثمر ثم أصابته جائحة قبل الجذاذ، فلا شيء عليه. وقيل: فائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال، لا الوجوب.
(4)
أي على المالك بدون وضعها في بيدرها ونحوه.
(5)
أي وإن لم يكن الباقي نصابًا، فلا زكاة فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» وهو يعم حالة الوجوب، ولزوم الأداء.
وإن كان بعده زكى الباقي مطلقًا، حيث بلغ مع التالف نصابًا (1) .
(1) يعني سواء بلغ الباقي نصابًا، أو لم يبلغ، لوجوب التالف عليه، لأنه متعد أو مفرد، وإن ادعى تلفًا قبل قوله وفاقًا، بلا يمين، إلا أن يدعيه بجائحة ظاهرة، فلا بد من بينة وفاقًا، ويحرم القطع مع حضور ساع بلا إذنه، ويسن أن يبعث الإمام خارصًا، إذا بدا صلاح الثمر، وهو مذهب مالك والشافعي وجماهير العلماء، لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر، يخرص عليهم النخل، قبل أن يؤكل؛ وفي الترمذي وغيره: يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم. وفي المنتهى وغيره: لا تخرص الحبوب بلا خلاف. اهـ. وعمل المسلمين على خلافه، لإمكانه فيه كالثمر، وشرط في الخارص العلم بالخرص، والعدالة والحرية والذكورية، ويجب أن يترك في الخرص الثلث أو الربع لحديث «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وتركه توسعة لحاجة المالك، اختاره الشيخ وغيره، وقال النبي صلى الله عليه وسلم «خففوا على الناس، فإن في المال الوطية والأكلة والعرية» رواه أبو عبيد، وقال: الوطية السابلة، سموا بذلك لوطئهم بلاد الثمار مجتازين، والعرية هي هبة ثمر نخلة أو نخلات لمن يأكله، والأكلة أهل المال يأكلون منه. وقال ابن عقيل، والآمدي وغيرهما: يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف، بلا تحديد، للأخبار الخاصة، وللحاجة إلى الأكل والإطعام والتناثر وغير ذلك، وهو قول أكثر العلماء. قال الشيخ: وتسقط فيما خرج من مؤنة الزرع والثمر منه، لأن الشارع أسقط في الخرص زكاة الثلث أو الربع، لأجل ما يخرج من الثمرة بالإكراء والضيافة وإطعام ابن السبيل، وهو تبرع، فما يخرج عنه لمصلحته التي لا يحصل إلا بها أولى بإسقاط الزكاة عنه، قال في الخلاف: وأسقط أحمد عن أرباب الزرع الزكاة في مقدار ما يأكلون، وإن ترك الساعي شيئًا من الواجب وجب إخراجها، لأنها لا تسقط بتركه، ولا يزكي ما نقص عما قال، لأنه لا زكاة عليه فيما ليس في ملكه.
ويلزم إخراج حب مصفى (1) وثمر يابسًا (2) ويحرم شراءُ زكاته أَو صدقته، ولا يصح (3) ويزكي كل نوع على حدته (4) .
(1) إجماعًا، قال الشيخ: ويعتبر عندهم اليبس والتصفية في الحبوب، والجفاف في الثمار. اهـ. والتصفية التنقية والتنظيف من نحو تبن وقشر لا يؤكل ولا يدخر معه.
(2)
إجماعًا لحديث عتاب بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبًا، كما يخرص النخل، وتؤخذ زكاته زبيبًا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرًا، ولا يسمى زبيبًا وتمرًا إلا اليابس، وقيس عليهما الباقي، وقال الشيخ: الزيت فيه من الزيتون، وما لا يزبب من العنب، ولا يتمر من الرطب، تخرج الزكاة من ثمنه أو غيره. وفي الإنصاف: إن احتيج لقطعه قبل كماله أخرج منه رطبًا وعنبًا. وتجب فيه إجماعًا، وإن قطعه قبل سقطت، وفرارًا تجب.
(3)
بأن يشتريها بعد دفعها، ولو من غير من أخذها منه، لحديث عمر قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، وأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه» متفق عليه، قال ابن المنذر: يلزم من ذلك فساد البيع. ولأنه وسيلة إلى استرجاع شيء منه، استحياء أن يماكسه، وقيده في الوجيز: لغير ضرورة. وهو مراد من أطلق، وإن رجعت إليه بإرث جاز، لما رواه مسلم وغيره من حديث بريدة قال «وجب أجرك، وردها عليك الميراث» وكذا لو عادت إليه بهبة أو وصية ونحو ذلك.
(4)
فيزكى الإبراهيمي على حدته، والمعقلي على حدته، والبر على حدته، والقمح على حدته، وإن كان نوعًا واحدًا أخذ منه بلا نزاع، وإن كان أنواعًا، فاختار الموفق وغيره أنه يجمع ويخرج من الوسط، بين أعلى وأدنى، لأن كل شيء
على حدته يشق، وقد رفعت المشقة والحرج شرعًا، وكالسائمة، ويؤخذ الواجب من الزرع والثمر بحسبه، جيدًا أو رديئًا، منه أو من غيره وفاقًا، ولا يجوز إخراج الرديء عن الجيد وفاقًا، ولا الإلزام بإخراج الجيد عن الرديء وفاقًا، وله أن يخرج الواجب منه مشاعًا أو مقسومًا، بعد الجذاذ أو قبله بالخرص، وفاقًا لمالك والشافعي لأنها مواساة.
(ويجب العشر) أو نصفه (على مستأْجر الأَرض) دون مالكها كالمستعير (1) لقوله {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (2) ويجتمع العشر والخراج في أرض خراجية (3) .
(1) أي يجب على المستأجر، لأنه مالك للزرع، كالمستعير وفاقًأ وحكي إجماعًا، لعموم الأخبار، إلا أبا حنيفة في المستأجر، دون صاحبيه، لأن الغرم يتبع الغنم، فإذا استأجر إنسان من أهل الزكاة، فزرع أو غرس، فما أثمر مما تجب فيه فعلى المستأجر أو المستعير، دون المالك أو المعير، وكتاجر استأجر حانوتًا، وفي إيجابها على المالك إجحاف ينافي المواساة، وهو من حقوق الزرع، ولأنها زكاة مال، فكانت على مالكه كالسائمة، وأما المزارعة يجزء فعلى رب الأرض عشر سهمه، قال الشيخ: باتفاق الأئمة، ولم يقل أحد من المسلمين إن رب الأرض يقاسم العامل، ويكون العشر كله على العامل، فمن قال هذا فقد خالف إجماع المسلمين.
(2)
أي يوم الجذاذ والقطع، أو يوم الكيل، وحقه الزكاة المفروضة، أمرهم تعالى بأدائها بعد أن ذكر ما أنعم به على عباده من الثمار، وأنه أباح لهم الأكل منها.
(3)
وفاقًا لمالك والشافعي وجماهير العلماء، للعموم، فالخراج في رقبتها، والعشر في غلتها، ومن سبب الخراج التمكين من النفع، وسبب العشر الزرع والأرض الخراجية هي ما فتحت عنوة ولم تقسم، أو جلا أهلها خوفًا منا، أو صولحوا أنها لنا ونقرها معهم بالخراج.
قال الشيخ: وجمع الإمام أحمد وأهل الحديث بين العشر والخراج، لأن العشر حق الزرع، والخراج حق الأرض، وصاحبا أبي حنيفة قولهما قول أحمد أو قريب منه. ولأن الموضوع مختلف، وهو نفس الأرض والغلة، والسبب كذلك وهو الانتفاع بالأرض، وحصول النابت بها، فالخراج في رقبتها، والعشر في غلتها، إن كانت لمسلم، وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور أهل العلم للعموم، والأرض العشرية لا خراج عليها، وهي المملوكة بإحياء، أو أسلموا عليها، أو أنها لهم بخراج، أو أقطعها الخلفاء، أو قسمت كأرض خيبر، وهو مذهب مالك والشافعي. وقال الشيخ: سواء كانت الأرض ملكًا له، أو استأجرها، أو أقطعها له الإمام يستغل منفعتها، أو استعارها، أو كانت موقوفة عليه.
قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن كل أرض أسلم أهلها عليها قبل قهرهم، أنها لهم، وأن عليهم فيما زرعوا فيها الزكاة. فأرض الصلح كما قال، وكذلك أرض العنوة، إذا كان عليها خراج أدى الخراج وزكى ما بقي، فمن استأجر أرضًا للزرع، فعليه الزكاة، عند جمهور العلماء، كمالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد، وكذلك المقطعة، عليهم العشر، وهذا قول علماء الإسلام. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ العشر من الصحابة يعطيه لمستحقه، ويأمرهم أن يجاهدوا بما بقي من أموالهم، فمن أقطعه الإمام أرضًا للاستغلال والجهاد، ونبت الزرع على ملكه في أرض عشرية، فما يقول عالم أنه لا عشر عليه. وقال: من قال: إن العشر الذي أوجبه الله لمستحقي الصدقات يسقط؛ فقد خالف الإجماع. وقال: إذا كانت المقاسمة نصفين، فعلى الفلاح تعشير نصفه، وعلى المقطع تعشير نصفه، هذا على القول الصحيح، الذي عليه علماء المسلمين قديمًا وحديثًا.
..........................................................
ولا زكاة في قدر الخراج، إن لم يكن له مال آخر (1) (وإذا أَخذ من ملكه أو موات) كرؤُوس الجبال (2) (من العسل مائة وستين رطلاً عراقيًا (3) ففيه عشره) قال الإمام: أَذهب إلى أَن في العسل زكاة، العشر، قد أَخذ عمر منهم الزكاة (4) .
(1) أي يقابل قدر الخراج، لأنه كدين الآدمي، وتقدم أنه يمنع، فكذا الخراج، فإن كان في غلتها ما لا زكاة فيه، جعله في مقابلة الخراج إن أوفى به، لأنه أحوط. وإن لم يكن لها غلة إلا ما فيه الزكاة، أدى الخراج من غلتها، وزكى الباقي إن بلغ نصابًا.
(2)
أو أخذ من ملك غيره، لأن العسل لا يملك بملك الأرض كالصيد، وسواء كانت الأرض عشرية أو خراجية.
(3)
وجملته ثلاثون صاعًا نبوية، وتقديره بها لما رواه الجوزجاني عن عمر، أن ناسًا سألوه فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع لنا واديًا باليمن، فيه خلايا من نحل، وإن ناسًا يسرقونها. فقال عمر: إن أديتم صدقتها، من كل عشرة أفراق فرقًا، حميناها لكم.
(4)
يشير إلى ما تقدم، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ في زمانه من قرب العسل، من كل عشر قرب قربة. رواه ابن ماجه والأثرم، وأبو عبيد وغيرهم، ولابن ماجه وغيره عن أبي سيارة، قلت: يا رسول الله، إن لي نحلاً. قال «فأد العشور» قال: فاحم لها جبلها. قال: فحمى لها جبلها. وغير ذلك من الآثار، قال شيخ الإسلام: أوجبها الإمام أحمد في العسل، لما فيه من الآثار التي جمعها، وإن كان غيره قد لم يبلغه إلا من طريق ضعيف، وتسوية بين جنس ما أنزل الله من السماء، وما أخرجه من الأرض. ولما رجع أن المعتبر في الخارج من الأرض الإدخار، قال: ولهذا تجب الزكاة عندنا في العسل، وهو رطب، ولا يوسق لكونه يبقى ويدخر. اهـ. ولأن العسل مأكول، متولد من الشجر، يكال ويدخر، فأشبه التمر، وقال المجد: القياس عدم الوجوب، لولا الآثار.