المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٣

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي

- ‌ لا يؤخذ من الميت شيء

- ‌فصل في الكفن

- ‌ تكفن المرأة في خمسة أثواب

- ‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم

- ‌ المطلوب في صفتها ستة أشياء

- ‌فصلفي حمل الميت ودفنه

- ‌كره جلوس تابعها حتى توضع)

- ‌اللحد أفضل من الشق)

- ‌كره لمصاب تغيير حاله

-

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط

- ‌لا أثر لخلطة من ليس من أهل الزكاة

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌إذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة)

- ‌ الزكاة، إنما تتكرر في الأموال النامية

- ‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌لا يعتبر لوجوبها ملك نصاب

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌الغنى في باب الزكاةنوعان

- ‌أهل الزكاة قسمان

- ‌ الذي عليه الدين لا يعطيه، ليستوفي دينه

- ‌من أَراد الصدقة بماله كله

-

- ‌كتاب الصيام

- ‌(يجب صوم رمضان برؤية هلاله)

- ‌الأصل أن الله علق الحكم بالهلال والشهر

- ‌إن اشتبهت الأَشهر، على نحو مأْسور، تحرى وصام

- ‌أسباب الفطر أربعة

- ‌ الصوم الشرعي الإمساك مع النية

- ‌باب ما يكره ويستحب في الصوموحكم القضاء

- ‌لا يقضى عنه ما وجب بأَصل الشرع، من صلاة وصوم

- ‌يكره الصمت إلى الليل

-

- ‌كتاب المناسك

- ‌من كملت له الشروط وجب عليه السعي (على الفور)

- ‌يحج النائب من حيث وجبا

- ‌باب المواقيت

- ‌ليس للإحرام صلاة تخصه

- ‌ ابتداء التلبية عقب إحرامه

الفصل: ‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه

رواه أبو داود وغيره، وصححه الحاكم (1) وروى الأثرم عن موسى بن طلحة، وأبي جمرة الضبعي، وأبي رافع، وثابت البناني، وإسماعيل بن زيد بن ثابت، والمغيرة بن عبد الله، أنهم شدوا أسنانهم بالذهب (2) (و‌

‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه

ولو كثر) (3) .

(1) وغيره، فأخرجه أهل السنن وغيرهم من عرفجة بن أسعد بن كرز التيمي السعدي، أحد فرسان الجاهلية، وكان قطع أنفه يوم الكُلاب بالضم، ماء بين الكوفة والبصرة، وقع فيه حرب في الجاهلية، بين ملوك كندة وتميم، ثم أسلم فاتخذ أنفًا مصنوعًا على صنعة الأنف من فضة، ليمنع به تشوه منظره، بذهاب أنفه، فأنتن عليه، أي فسد وتغير ريحه، فشق بقاؤه عليه منتنًا، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفًا من ذهب، فدل على جواز اتخاذ أنف من ذهب.

(2)

وهو ضرورة، فأبيح كالأنف إجماعًا، وكالقبيعة بل أولى، قال في المبدع: ويتوجه جوازه في الأنملة كالسن، وظاهره: يحرم يسير ذلك منفردًا كالإصبع والخاتم إجماعًا، وفي الصحيحين وغيرهما في خاتم الذهب: نزعه وطرحه، وقال «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار جهنم، فيجعلها في يده» وأما إذا كان فص الخاتم ذهبًا، وكان يسيرًا كمسمار ذهب في الخاتم جاز، اختاره المجد والشيخ، وهو ظاهر كلام أحمد في العلم، ومال إليه ابن رجب، وصوبه في الإنصاف، وذكره المذهب على ما اصطلحوه، وذكر أهل الخبرة أن الذهب لا ينتن، ولا يبليه الثرى، ولا يصديه الندى، ولا تنقصه الأرض ولا تأكله، فأما الفضة فإنها تبلى وتصدى، ويعلوها السواد وتنتن.

(3)

وفاقًا، لأن الشارع أباح لهن التحلي مطلقًا، فلا يجوز تحديده بالرأي والتحكم، واتفقوا أنه يجوز لها لبس خاتم الفضة، كما يجوز لها لبس خاتم الذهب

إجماعًا، وفي المبدع: وظاهره أن ما لم تجر العادة بلبسه، كالثياب المنسوجة بالذهب، والنعال، لا يباح لهن، لانتفاء التجمل، فلو اتخذته حرم، وفيه الزكاة.

ص: 254

كالطوق والخلخال، والسوار والقرط (1) وما في المخانق والمقالد والتاج، وما أشبه ذلك (2) لقوله صلى الله عليه وسلم «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها» (3) ويباح لهما تحل بجوهر ونحوه (4) .

(1) والقلادة والتاج والخاتم ونحو ذلك، «والطوق» بالفتح حلي يجعل للعنق، وكل ما استدار بشيء فهو طوق، والجمع أطواق، «والخلخال» كبلبال حلي معروف، تلبسه النساء في سوقهن، جمعه خلاخل وخلاخيل، «والسوار» بالكسر ويضم، ما تستعمله المرأة في يديها، جمعه أسورة، «والقرط» بالضم الشنف، المعلق في شحمة الأذن، أو القرط هو المعلق فيها، سواء كان درة، أو ثومة من فضة، أو معلاقًا من ذهب، جمعه أقراط وقراط، وفي الحديث «ما يمنع إحداكن أن تضع قرطين من فضة» .

(2)

من حلي النساء المعتاد وفاقًا، قل أو كثر، ولو زاد على ألف مثقال، حتى دراهم ودنانير معراة، أوفى مرسلة، «والمخنقة» القلادة الواقعة على المخنق، يقال: في أجيادهن مخانق «والمقالد» هي القلائد من الحلي، تجعل في عنق المرأة، «والتاج» الإكليل.

(3)

رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من طرق، عن جماعة من الصحابة، وصححاه، فدل على إباحة التحلي بهما لهن، وأجمع العلماء على ذلك، لهذا الخبر وغيره، ولأن المرأة محتاجة للتجمل والتزين لزوجها، فأباح الشارع لها ما تجمل به.

(4)

كزمرد وماص، ولؤلؤ وياقوت، ولو في حلي، قال ابن حزم:

اتفقوا على جواز تحلي النساء بالجوهر والياقوت، واختلفوا في ذلك للرجال. وتقدم اتفاقهم على جواز التختم لهما بجميع الأحجار، ولا زكاة فيه، لأنه يعد للاستعمال، كثياب البذلة، إلا أن يعد للكراء أو التجارة، فيقوم ما فيه، تبعًا للنقد.

ص: 255

وكره تختمهما بحديد وصفر ونحاس ورصاص (1)(ولا زكاة في حليهما) أي حلي الذكر والأنثى المباح (2)(المعد للاستعمال أو العارية)(3) لقوله عليه السلام «ليس في الحلي زكاة» رواه الطبراني عن جابر (4) .

(1) أي وكره لرجل وامرأة تختمهما بحديد وصفر ونحاس ورصاص، نص عليه في رواية الجماعة، وقال: أكره خاتم الحديد، لأنه حلية أهل النار، وكذا دملج ونحوه، مما في معنى الخاتم، وثبت في الصحيحين قوله «ولو خاتمًا من حديد» وهو مذهب الحنفية، وعليه فلا يكره، وما رواه أبو داود وغيره مرفوعًا «إنه حلية أهل النار» ففي صحته نظر، والله أعلم.

(2)

وإن لم يستعمله أو يعره، وهذا مذهب مالك، وإحدى الروايتين عن الشافعي، والحلي بضم الحاء وتكسر، والضم أشهر وأكثر، وقد قرئ بهما في السبع، واللام مكسورة، والياء مشددة فيهما، جمع حلي بفتح الحاء وإسكان اللام، ما يزين به، من مصوغ المعدنيان والحجارة.

(3)

أي المعد للبسه ونحوه أو عاريته، فلا زكاة فيه، ونقل الشيخ عن غير واحد من الصحابة أنه قال: زكاة الحلي عاريته. قال: والذي ينبغي إذا لم تخرج الزكاة أن يعيره، وهو رواية عن أحمد.

(4)

بسند ضعيف، لكن يعضده الاستعمال في عصر النبوة بدون زكاة، وكونه لم يرصد للنماء، والزكاة إنما شرعت في الأموال النامية.

ص: 256

وهو قول أنس وجابر، وابن عمر وعائشة وأسماء أُختها (1) حتى ولو اتخذ الرجل حلي النساء لإعارتهن أو بالعكس (2) إن لم يكن فرارًا (3)(وإن أُعد) الحلي (للكرى أو النفقة (4) أو كان محرمًا) كسرج ولجام وآنية (5) .

(1) قال الشيخ وغيره؛ وقال أحمد: فيه عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأمر أثر عائشة وابن عمر فرواه مالك، وأسماء وأنس رواه الدارقطني، وكونه لا زكاة فيه هو مذهب مالك والشافعي وأبي عبيد وغيرهم، وذكره الأثرم عن خمسة من التابعين، ولأنه عدل به عن النماء إلى فعل مباح، أشبه ثياب البذلة، وعبيد الخدمة، ودور السكنى، وعنه: تجب، للعمومات، وحديث المسكتين عند أهل السنن، وحديث عائشة عند أبي داود، وفيهما كلام، وأجيب بالتخصيص أو النسخ، لتظاهر الآثار عن الصحابة، والإجماع على الإباحة، وقال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء.

(2)

بأن تتخذ المرأة حلي الرجال لإعارتهم، وأما تشبه الرجل بالمرأة وعكسه فيحرم للخبر.

(3)

أي من الزكاة في الصورتين فلا تسقط، معاملة له بنقيض قصده.

(4)

كحلي المواشط، أو أعده للنفقة إذا احتاج إليه، أو لقنية أو ادخار، أو لم يقصد به شيئًا، وكذا المكروه، قال الشيخ وغيره، فهو باق على أصله في وجوب الزكاة. اهـ. لأن الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة، ثم إن الصياغة والإعداد للباس والزينة والانتفاع، غلبت على إسقاط الزكاة، ثم جاء الإعداد للكرى فغلب على الاستعمال، وصار سببًا لإيجاب الزكاة، فصار أقوى مما قوي على إسقاطها.

(5)

ومرآة ومشط ومكحلة وميل، ومسرجة ومروحة، ومشربة ومدهنة ومسعط، ومجمرة وملعقة، وقنديل، ومراكب الحيوان، وقلائد الكلاب، وحلية الركاب، وطوق الرجل، وسواره وخاتمه الذهب، وحلية كتب العلم، بخلاف المصحف فيكره، وحلية الدواة والمقلمة، والكمران والمشط، ونحو ذلك مما تقدم وغيره.

ص: 257

(ففيه الزكاة) إن بلغ نصابًا وزنًا (1) لأنها إنما سقطت مما أُعد للاستعمال بصرفه عن جهة النماء (2) فيبقى ما عداه على مقتضى الأصل (3) فإن كان معدًا للتجارة، وجبت الزكاة في قيمته، كالعروض (4) ومباح الصناعة إذا لم يكن للتجارة، يعتبر في النصاب بوزنه، وفي الإخراج بقيمته (5) .

(1) وفاقًا، قال الشيخ وغيره: وما يحرم اتخاذه كالأواني ففيه الزكاة. وقال الزركشي وغيره: والمتخذ آنية الذهب والفضة عاص، وفيها الزكاة، ولم يحك جمهور الأصحاب فيه خلافًا، وحكاه الوزير اتفاقًا، وقال الشيخ: إن كانت تكريه ففيه الزكاة، عند جمهور العلماء.

(2)

فلم تحتمل الزكاة، كالعقار والأثاث.

(3)

من وجوب الزكاة فيه، قال غير واحد: وإن كان ليتيم لا يلبسه، فلوليه إعارته، فإن فعل فلا زكاة فيه، وإن لم يعره ففيه الزكاة، نص عليه.

(4)

إذا بلغ نصابًا وزنًا وفاقًا، بلغت قيمته النصاب أو لم تبلغ.

(5)

أي والحلي المباح الصناعة، لعدم استعمال أو إعارة ونحوه، إذا لم يكن للتجارة، كالمعد للكرى أو النفقة، يعتبر في النصاب بوزنه.

وفي الإخراج بقيمته، لأنه لو أخرج ربع عشره وزنًا، لفاتت الصنعة المتقدمة شرعًا على الفقراء، وهو ممتنع، فلو كان وزن مائتي درهم، وقيمته مائتين وخمسين، زكاه زكاة مائتين وخمسين، والصناعة بالكسر والفتح، أخص من الحرفة، إذ لا بد فيها من المباشرة.

قال في الفروع: وإن انكسر الحلي، وأمكن لبسه، فهو كالصحيح وفاقًا، وإن احتاج إلى تجديد صنعة زكاه وفاقًا، ولا زكاة في الجوهر واللؤلؤ ونحوهما، وإن كثرت قيمته، أو كان في حلي، إلا أن يكون لتجارة، فيقوم جميعه تبعًا لنقد.

ص: 258

ويحرم أن يحلى مسجد، أو يموه سقف أو حائط بنقد (1) وتجب إزالته وزكاته بشرطه (2) إلا إذا استهلك، فلم يجتمع منه شيٌ (3) .

(1) أو محراب ونحوه، بنقد ذهب أو فضة، وكذا سرج ولجام، ودواة ومقلمة ونحوها، بذهب أو فضة، كما تقدم، لأنه سرف وخيلاء، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التختم بخاتم الذهب، فتمويه نحو السقف أولى.

(2)

أي إذا بلغ نصابًا بنفسه، أو بضمه إلى غيره، للعموم.

(3)

أي بعرضه على النار، فإذا عرض عليها، ولم يجتمع منه ذهب ولا فضة، فلا تجب إزالته، ولا زكاته، لعدم المالية، ولما ولي عمر بن عبد العزيز، أراد جمع ما في مسجد دمشق، مما موه به من الذهب، فقيل له: إنه لا يجتمع منه شيء فتركه.

ص: 259