الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
لا يعتبر لوجوبها ملك نصاب
(1) وإن فضل بعض صاع أخرجه (2) لحديث «إذا أَمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم» (3)(و) يعتبر كون ذلك كله بعد (حوائجه الأصلية) ، لنفسه، أو لمن تلزمه مؤنته، من مسكن وعبد (4) ودابة وثياب بذلة، ونحو ذلك (5) .
(1) وقاله شيخ الإسلام وغيره، لأنه قد حصل له غنى هذا اليوم، فاحتمل ماله المواساة، ولعموم حديث ابن عمر، ولما رواه أبو داود قال «أما غنيكم فيزكيه الله، وأما فقيركم فسيرد الله عليه أكثر مما أعطاه» وقال أحمد: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر، على الغني والفقير. وظاهره صحة هذا الحديث عنده.
(2)
صححه في التصحيح وغيره، كنفقة القريب وفرقوا بينه وبين الكفارة.
(3)
وغيره، وقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ولأنها طهرة، فوجب منها ما قدر عليه، كالطهارة بالماء.
(4)
لمن يخدم مثله، بيان لحوائجه، جمع حاجة، والأصلية ضد الفرعية، والمؤنة فعولة، وقيل مفعلة، من «ألأين» التعب والشدة، أو من «الأون» الحرج، ويقال: مأنتهم. بالهمز، ومنتهم. بتركه، بناء على المؤنة، وكذا حلي امرأة للبس وكرى، يحتاج إليه، لأنه مما تتعلق به حاجته الأصلية، فلم يلزمه بيعه، كمؤنة نفسه يوم العيد، وما فضل عن حوائجه الأصلية وأمكن بيعه، أو صرفه في الفطرة وجبت به.
(5)
كفراش وغطاء ووطاء وماعون، وما يشبهها وفاقًا، «وبذلة» بالكسر والفتح، أي مهنة في الخدمة، ومتى كان معسرًا لم تجب، وإن أيسر يوم العيد، فعنه: تجب، اختاره الشيخ.
(ولا يمنعها الدين) ، لأنها ليست واجبة في المال (1)(إلا بطلبه) أي طلب الدين، فيقدمه إذًا (2) لأن الزكاة واجبة مواساة، وقضاء الدين أهم (3)(فيخرج) زكاة الفطر (عن نفسه) لما تقدم (4)(و) عن (مسلم يمونه) من الزوجات والأقارب (5) وخادم زوجته إن لزمته مؤنته (6) ، وزوجة عبده الحرة (7) وقريبه الذي يلزمه إعفافه (8) .
(1) وقاله ابن عقيل وغيره، وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أبي حنيفة، لتأكدها كالنفقة، وكالخراج والجزية، وقال الشيخ: كما يطعم عياله يوم العيد.
(2)
أي الدين على زكاة الفطر، لوجوب أدائه عندها، ولقوله «لا صدقة إلا عن ظهر غنى» رواه أحمد.
(3)
فيبدأ به، نص عليه، وهو رواية عن مالك، لأنه لا فضل عنده، قال في الفروع: واختاره الأكثر.
(4)
من خبر ابن عمر، وقوله «ابدأ بنفسك» والأحاديث صالحة بذلك، والمراد إخراجها عن نفسه من ماله، وأما من أخرجها من مال من تلزمه نفقته فلا تجزئه.
(5)
إن قدر وفاقًا، وقال الوزير: من أولاده الصغار، ومماليكه المسلمين، الذين ليسوا للتجارة.
(6)
بأن لم يكن مكرى ولا معارًا، وإلا فلا تلزمه مؤنته، فكذلك فطرته.
(7)
كما تجب نفقتها، بخلاف الأمة إذا تسلمها ليلاً فقط، فعلى سيدها.
(8)
وهو من تجب عليه نفقته وفاقًا، وترتيبها كالنفقة.
لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «أَدوا الفطرة عمن تمونون» (1) ولا تلزمه فطرة من يمونه من الكفار، لأنها طهرة للمخرج عنه، والكافر لا يقبلها، لأنه لا يطهره إلا الإسلام، ولو عبدًا (2) ولا تلزمه فطرة أجير وظئر استأجرهما بطعامهما (3) ولا من وجبت نفقته في بيت المال (4)(ولو) تبرع بمؤنة شخص جميع (شهر رمضان) ، أدى فطرته (5) لعموم الحديث السابق (6) .
(1) رواه البيهقي والدارقطني، وإسناده ضعيف، وصوب وقفه، ورواه أبو بكر في الشافي، من حديث أبي هريرة، «والفطرة» كأنها من الفطرة التي هي الخلقة، المرادة بقوله {فِطْرَةَ اللهِ} قال ابن تميم: قيل لها فطرة، لأن الفطرة الخلقة، وفي بعض طرق حديث ابن عمر «فرض صدقة الفطر، عن كل صغير وكبير، وحر وعبد، ممن تمونون» رواه الدارقطني، ولإطلاق «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» وغيره.
(2)
نص عليه، وفاقًا لمالك والشافعي، ولا تلزم الكافر عن عبده المسلم وفاقًا، لظاهر الخبر.
(3)
وفاقًا، لأن الواجب هنا أجرة تعتمد الشرط في العقد، فلا يزاد عليها، كالأثمان، وكما لو كانت دراهم، وكذلك الضيف وفاقًا.
(4)
كلقيط، لأن ذلك ليس بإنفاق، بل إيصال حق إلى مستحقه، ولا لقن لا مالك له معين، كعبد الغنيمة والفيء.
(5)
نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب.
(6)
«أدوا الفطرة عمن تمونون» وعنه: لا تلزمه وفاقًا. وحكاه الوزير
اتفاقًا، إلا ما روي عن أحمد، واختاره أبو الخطاب، وصاحب الفائق، والموفق وغيرهم، وقال: هو قول أكثر أهل العلم. قال الشارح: وهو الصحيح. وصوبه في تصحيح الفروع، والحديث محمول على من تلزمه مؤنته، لا حقيقة المؤنة، بدليل وجوبها على الآبق، ويحمل قول أحمد على الاستحباب، لعدم الدليل، ولأن سبب الوجوب وجوب النفقة، بدليل وجوبها لمن تجب له.
بخلاف ما لو تبرع به بعض الشهر (1)(فإن عجز عن البعض) وقدر على البعض (بدأ بنفسه) لأن نفقة نفسه مقدمة، فكذا فطرتها (2)(فامرأته) لوجوب نفقتها مطلقًا (3) ولآكديتها، ولأنها معاوضة (4)(فرقيقه) لوجوب نفقته مع الإعسار (5) .
(1) ولو لم يبق إلا ليلة، لأنه يصدق عليه اسم البعض، ولو كان الكثير، هذا على ما مشى عليه الأكثر، وعلى القول الثاني، الذي عليه الجمهور؛ لا تلزمه من باب أولى، وكذا إن مانه جماعة، جزم به في الإقناع وغيره.
(2)
مقدمة على فطرة غيره، فهي تبنى على النفقة، لخبر «ابدأ بنفسك» وخبر «أنفقه على نفسك» وفي الإنصاف: بدأ بنفسه، بلا نزاع.
(3)
معسرًا كان أو موسرًا، وموسرة هي أو معسرة، بخلاف الأقارب، وحكم فطرتها فيمن تدفع إليه، حكم فطرته، وكذا غيرها.
(4)
أي ووجه البداءة بفطرة امرأته، آكدية نفقتها عليه، ولأن نفقتها معاوضة، فتأكد تقديمها.
(5)
فتجب فطرته عليه إجماعًا، وقال ابن عقيل: ويحتمل تقديمهم على الزوجة، لأن فطرتهم متفق عليها، وكذا عبيده، لأنهم ملكه وفاقًا، ولعله ما لم تجب نفقتهم على العبد، فكذا فطرتهم.
ولو مرهونًا أو مغصوبًا، أو غائبًا، أو لتجارة (1) (فأُمه) لتقديمها في البر (2) (فأَبيه) لحديث: من أَبر يا رسول الله؟ (3)(فولده) لوجوب نفقته في الجملة (4) .
(1) اتفاقًا، إلا أبا حنيفة فقال: لا يلزمه ذلك، لأنها زكاة، ولا تجب في مال واحد زكاتان. وعموم الأحاديث في وجوبها على الحر والعبد، يشملهم، وفي الحديث «ليس على المسلم في عبده صدقة، إلا صدقة الفطر» وهي إنما تجب على البدن، ونفقتهم واجبة، فكعبيد القنية، «والغائب» الذي لا تعلم حياته، تجب فطرته، إذا علم أنه حي، قال ابن المنذر: في قول أهل العلم «والرقيق» المملوك، واحد أو جمع «والرق» بالكسر العبودية، وبالفتح ما يكتب فيه، وبالضم مارق من ماء البحر والنهر.
(2)
أي على الأب وغيره من سائر الأقارب، وتكرير حقها وتأكده، وضعفها عن التكسب.
(3)
قال «أمك» قال: ثم من؟ قال «أمك» قال: ثم من؟ قال «أباك» ولحديث «أنت ومالك لأبيك» .
وقال الوزير: اتفقوا على أنه يجب على الابن الموسر – وإن سفل – زكاة الفطر عن أبويه، وإن عليا، إذا كان معسرين، إلا أبا حنيفة، وقال مالك: إلا عن أجداده.
(4)
لأن الفطرة كالنفقة، أي فلا تجب له على كل حال، كما لا تجب النفقة على كل حال، ولو قال: لقربه، ولوجوب نفقته بالنص. لكان أولى، فأما ولده الصغير، فلأن نفقته ثابتة بالنص والإجماع، فكذلك فطرته، حتى قيل بتقديمه على الزوجة، وأما الكبار فالجمهور على أنه يجب عليه أن يخرج عنهم؛ إذا كانوا في عياله، إلا أبا حنيفة.
(فأقرب في ميراث) لأنه أولى من غيره (1) فإن استوى اثنان فأكثر، ولم يفضل إلا صاع، أُقرع (2)(والعبد بين شركاء عليهم صاع) بحسب ملكهم فيه، كنفقته (3) وكذا حر وجبت نفقته على اثنين فأكثر، يوزع الصاع بينهم، بحسب النفقة (4) لأن الفطرة تابعة للنفقة (5)(ويستحب) أن يخرج (عن الجنين) لفعل عثمان رضي الله عنه (6) ولا تجب عنه (7) .
(1) فقدم كالميراث، ولحديث مسلم «فإن فضل شيء، فلذي قرابتك» .
(2)
بينهم كأولاد، وإخوة، وأعمام. ولم يفضل ما يكفيهم أقرع بينهم، لتساويهم، وعدم المرجح.
(3)
وحكاه الوزير وغيره اتفاقًا، إلا أبا حنيفة فقال: لا تجب عليهم. وأنهم اتفقوا على أنه لا يلزم المكاتب أن يخرج عن نفسه، إلا أحمد، وحكي عن مالك والشافعي أن السيد يزكي عنه.
(4)
كجد، وأخ لغير أم.
(5)
لقوله «عمن تمونون» وغيره.
(6)
واتفق عليه الأئمة الأربعة وغيرهم، وعن أبي قلابة: كان يعجبهم الفطر عن الحمل، في بطن أمه.
(7)
يعني عن الجنين، حكاه ابن المنذر: إجماع من يحفظ عنه، من علماء الأمصار. والجنين ما استتر في بطن أمه، فإن خرج حيًا فهو ولد، وإن خرج ميتًا فهو سقط.
لأنها لو تعلقت به قبل ظهوره، لتعلقت الزكاة بأجنة السوائم (1)(ولا تجب لـ) زوجة (ناشز)(2) لأنها لا تجب عليه نفقتها (3) وكذا من لم تجب نفقتها لصغر ونحوه (4) ، لأنها كالأجنبية، ولو حاملاً (5) ولا لأَمة تسلمها ليلاً فقط (6) وتجب على سيدها (7)(ومن لزمت غيره فطرته) كالزوجة والنسيب المعسر (8)(فأخرج عن نفسه بغير إذنه) أي إذن من تلزمه (أَجزأَت)(9) .
(1) ولا قائل بذلك، فصار الجنين كذلك، لا تجب عنه، ولأنه لا تثبت له أحكام الدنيا، إلا في الإرث والوصية، بشرط خروجه حيًا.
(2)
أي لا تجب على الزوج فطرة الزوجة الناشز، وقت وجوب زكاة الفطر، وفاقًا لمالك والشافعي.
(3)
كغير المدخول بها، إذا لم تسلم إليه.
(4)
كحبسها، وسفرها لقضاء حاجتها أو حج نفل، ولو بإذنه.
(5)
بخلاف النفقة، فإنها لا تجب لها، بل لحملها.
(6)
دون نهار، لأنها زمن الوجوب عند السيد.
(7)
لأن نفقتها على سيدها، فكذا فطرتها، إلا أن يشترط تسلمها نهارًا، أو يبذله له سيد.
(8)
أي القريب، لما تقدم، وليس المراد به من كان من جهة الزوجة، كأخيها ونحوه، فإنها لغة عامية.
(9)
أي من مال نفسه، وهل يجزئ إخراج أهله عنه، أم لابد من الوكالة؟ استظهر ابن ذهلان: لا تجزئ إلا بوكالة، إلا إن أخرج عنه المتصرف والمخرج في حضوره وغيبته جاز، لأنه كالوكيل المطلق. وأما من أخرجها من مال، من تلزمه نفقته بدون إذنه، فلا تجزئ.
لأنه المخاطب بها ابتداءً، والغير متحمل (1) ومن أَخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أَجزأَ، وإلا فلا (2)(وتجب) الفطرة (بغروب الشمس ليلة) عيد (الفطر)(3) لإضافتها إلى الفطر، والإضافة تقتضي الاختصاص والسببية (4) وأول زمن يقع فيه الفطر من جميع رمضان، مغيب الشمس من ليلة الفطر (5)(فمن أسلم بعده) أي بعد الغروب (6)(أو ملك عبدًا) بعد الغروب (7) .
(1) لكونها طهرة له، لا أصيل، وإن كان مخاطبًا بها، ولو لم يخرج من تلزمه فطرة غيره مع قدرته، لم يلزم الغير شيء، وله مطالبته بالإخراج، كنفقته.
(2)
أي وإن لم يكن إخراجه عنه بإذنه، فلا تجزئ عنه، قال الآجري: هذا قول فقهاء المسلمين.
(3)
وفاقًا لمالك والشافعي.
(4)
يعني في قول صلى الله عليه وسلم «زكاة الفطر» فتجب بغروب شمس ليلة الفطر، حيث أضيفت إليه.
(5)
لما تقدم من حديث ابن عمر وابن عباس: فرض صدقة الفطر من رمضان؛ فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر للصائم. والفطر من رمضان في الحقيقة، يحصل بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، فوجب أن يتعلق الوجوب به.
(6)
لم تلزم فطرته، لعدم وجود السبب الموجب لها.
(7)
لم تلزم سيده فطرته.
(أو تزوج) زوجة بعد الغروب (1)(أو ولد له ولد) بعد الغروب (لم تلزمه فطرته) في جميع ذلك، لعدم وجود سبب الوجوب (2)(و) إن وجدت هذه الأشياء (قبله) أي قبل الغروب (تلزم) الفطرة لمن ذكر، لوجود السبب (3) (ويجوز إخراجها) معجلة (قبل العيد بيومين فقط) (4) لما روى البخاري بإسناده عن ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) لم تلزم الزوج فطرة زوجته، لعدم وجود السبب.
(2)
وهو وجود ما ذكر، قبل الغروب ليلة الفطر، فلا فطرة، وكذا لو أيسر بعد الوجوب، فلا فطرة وفاقًا، وعنه: إن أيسر يوم العيد وجبت، اختاره أبو العباس، لحصول اليسار في وقت الوجوب، فهو كالمتمتع إذا قدر على الهدي يوم النحر، وعنه: يخرج متى قدر. وقال الشيخ: من عجز عن صدقة الفطر وقت وجوبها عليه، ثم أيسر فأداها، فقد أحسن.
(3)
اتفاقًا، فإن الاعتبار بحال الوجوب، بأن أسلم، أو تزوج، أو ولد له، أو ملك عبدًا، أو أيسر، وإلا فلا، ولا تسقط بعد وجوبها، بموت ولا غيره، قال في الإنصاف: بلا نزاع. وذكره المجد إجماعًا في عتق عبد، وتخرج من مال من وجبت عليه، فإن مات قبل أدائها، أخرجت من ماله، فإن كان عليه دين، وله مال يفي بهما قضيا، وإلا قضي بين الدين والفطرة بالجصص.
(4)
باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم، وأجاز أبو حنيفة والشافعي أكثر من يومين، حتى من أول الشهر، والنص يدل لمالك وأحمد، وقيل: يجوز بثلاث ونحوها، إلى من تجمع عنده، ليفرقها يوم العيد قبل الصلاة. وفي الموطأ أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر، إلى الذي تجمع عنده، قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
صدقة الفطر في رمضان. وقال في آخره: وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين (1) . وعلم من قوله: فقط. أنها لا تجزئٌ قبلهما (2) ، لقوله صلى الله عليه وسلم «أَغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (3) ومتى قدمها بالزمن الكثير، فات الإغناءُ المذكور (4)(و) إخراجها (يوم العيد قبل) مضيه إلى (الصلاة أفضل)(5) لحديث ابن عمر، السابق أول الباب (6) .
(1) ففيه الإشارة إلى جماعتهم، فيكون بالإجماع، ولم يختلف الأصحاب في ذلك، ولا الأئمة، وقوله «أغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم» لا يدفع ذلك، إذ ما قارب الشيء، أعطي حكمه.
(2)
أي اليومين، كما هو مذهب مالك.
(3)
رواه الدارقطني والحاكم وغيرهما، والإغناء عن الطلب يوم العيد ونحو ذلك، يقتضي أنه لا يجوز التقديم مطلقًا، خرج منه التقديم باليوم واليومين لما تقدم، فيبقى فيما عداه على مقتضى الدليل.
(4)
في قوله «أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» ومذهب مالك المنع قبل وجوبها، إلا إلى نائب الإمام ليقسمها في وقتها، بغير مشقة.
(5)
أي صلاة العيد، وبعد طلوع الفجر الثاني وفاقًا، وصرح به غير واحد، من الأصحاب وغيرهم، وقال غير واحد: الأفضل إذا خرج إلى المصلى. وقوله: قبل مضيه. ليس شرطًا، بل مثله: قبل قدر صلاة العيد، حيث لا تصلي.
(6)
وهو قوله فيه: وأمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
لفظ مسلم، ولفظ البخاري: وأن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، ولأبي داود، من حديث ابن عباس «من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات» . وقال عكرمة: يقدم الرجل زكاته يوم الفطر، بين يدي صلاته، فإن الله تعالى يقول {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} قال في الفروع: والأولى الاقتصار على الأمر بالإخراج، في الوقت الخاص، خرج التقديم باليوم واليومين لفعلهم.
(وتكره في باقيه) أي باقي يوم العيد، بعد الصلاة (1)(ويقضيها بعد يومه) ويكون (آثمًا) بتأْخيرها عنه (2) لمخالفته أمره صلى الله عليه وسلم بقوله «أغنوهم في هذا اليوم» رواه الدارقطني، من حديث ابن عمر (3) .
(1) لمخالفة الأمر، وخروجًا من الخلاف في تحريمها، وقال شيخ الإسلام وغيره: إن أخرها بعد صلاة العيد، فهي قضاء، لخبر ابن عباس «فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات» وقال ابن القيم: مقتضى قوله «من أداها قبل الصلاة» . الخ. أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، وأنها تفوت بالفراغ من الصلاة، وصوبه، وقال: قواه شيخنا ونصره.
(2)
إذا أخرها عمدًا إجماعًا، وقال ابن رشد: تأخيرها عن يوم العيد، حرام بالاتفاق. وقال الوزير: اتفقوا على أنها لا تسقط عمن وجبت عليه بتأخير، وهو دين عليه، حتى يؤديها.
(3)
وهو عام في جميعه، وكان عليه الصلاة والسلام يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة، فدل على أن الأمر بتقديمها على الصلاة للاستحباب، ولأنها عبادة، فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة.
ولمن وجبت عليه فطرة غيره، إخراجها مع فطرته مكان نفسه (1) .
(1) أي المحل الذي المخرج فيه، بلا نزاع، كما لو وجبت عليه زكاة قريب، وهو في مكان غير الذي هو فيه، فيخرجها مع زكاته في مكانه، وظاهر عبارته الجواز، وعبر غيره بالوجوب، وعليه أكثر الأصحاب، قالوا: ومن وجبت عليه فطرة غيره، أخرجها مكان نفسه مع فطرته، وصوبه في تصحيح الفروع، لأنها طهرة للمخرج عنه، بخلاف زكاة المال، وهذا مذهب مالك والشافعي، وقيل: يخرجها مكانهما، قريبًا كان أو بعيدًا، قال في الفروع: قدمه بعضهم، وفاقًا لأبي يوسف، وحكي عن أبي حنيفة، لأنها كمال مزكى في غير بلد مالكه.
فصل (1)
(ويجب) في الفطرة (صاع) أربعة أمداد، وتقدم في الغسل (2)(من بر أو شعير (3) أو دقيقهما أو سويقهما) أي سويق البر أو الشعير، وهو ما يحمص ثم يطحن (4) .
(1) أي في قدر الواجب، ونوعه، ومستحقه، وما يتعلق بذلك.
(2)
وكذا تقدم تعريفها، في زكاة الحبوب والثمار، وأن الصاع أربع حفنات، بكفي الرجل المعتدل الخلق، وعبر بعضهم: بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، عند الجماهير. والحكمة كفاية الصاع للفقراء أيام العيد، وإن أخرج فوق صاع فأجره أكثر.
(3)
هذا مذهب الجمهور في البر، وأما الشعير فإجماع، وما أحسن ما قيل:
زكاة رؤوس الناس في يوم فطرهم
…
إذا تم شهر الصوم صاع من البر
(4)
رواه سفيان وهو ثقة، فتقبل زيادته، ولقوله «أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم» وهو مذهب أبي حنيفة، ولا ريب أن الغنى يحصل بالدقيق أكثر، قال المجد: بل هو أولى، لأنه كفي مؤنته، كتمر منزوع نواه، وعنه: لا يجزئ؛ وفاقًا لمالك والشافعي. وقال ابن القيم لما ذكر الخمسة الأنواع: وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك، فإنما عليهم صاع من قوتهم، فإن كان قوتهم من غير الحبوب، كاللبن واللحم والسمك، أخرجوا فطرتهم من قوتهم، كائنًا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد، ومواساتهم، من جنس ما يقتات أهل بلدهم، وعلى هذا، فيجزئ إخراج الدقيق، وإن لم يصح فيه الحديث، وأما إخراج الخبز أو الطعام، فإنه وإن كان أنفع للمساكين، لقلة المؤنة والكلفة فيه، فقد يكون الحب أنفع لهم، لطول بقائه. ثم قال: إلا أن يكون أهل بلد، عادتهم اتخاذ الأطعمة يوم العيد، فيسوغ القول به.
ويكون الدقيق أَو السويق بوزن حبه (1)(أو) صاع من (تمر (2) أو زبيب أَو أَقط) (3) يعمل من اللبن المخيض (4) لقول أبي سعيد الخدري: كنا نخرج زكاة الفطر – إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط. متفق عليه (5) .
(1) لتفرق الأجزاء بالطحن، ولو بلا نخل، لأنه بوزن حبه.
وقال الشيخ: يخرج بالوزن، لأن الدقيق يريع إذا طحن.
(2)
إجماعًا، ولا عبرة بوزنه، بل مكيل مثل مكيل البر، بأن يتخذ ما يسع صاعًا من جيد البر كما تقدم، ويحتاط في ثقيل التمر، وجوبًا إن أخرجه وزنًا.
(3)
وفاقًا، ومكيله مثل مكيل البر، وهو بفتح الهمزة وكسر القاف، ويجوز إسكانها مع فتح الهمزة وضمها وكسرها.
(4)
غير منزوع الزبد، معروف يابس، واختار شيخ الإسلام إخراج اللبن الحليب الخالص، عند فقد غيره، لأن الأصل المواساة. اهـ.
وقال ابن تميم وابن حمدان: وظاهر كلام الإمام أحمد إجزاء اللبن، وقواه في تصحيح الفروع، عند عدم الأقط.
(5)
وفيهم من حديث أبي سعيد: كنا نخرج صاعًا من طعام. وفيه: حتى
قدم معاوية المدينة، فقال: إني لأرى مدين من سمراء الشام، تعدل صاعًا من تمر. فأخذ الناس بذلك، ولأبي داود.
من حديث ابن عمر: جعل نصف صاع حنطة، مكان صاع. وله وغيره، عن ابن المسيب وغيره نحوه، وعنه: لا يجزئ نصف صاع من بر، وفاقاً لمالك والشافعي، وفي خبر أبي هريرة: أو صاع من قمح، رواه الدارقطني، وله:«أدوا صاعًا من بر» وذكر ابن المنذر وغيره أن أخبار: نصف صاع. لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله «صاعًا من طعام» أي بر، لأن الطعام هو البر، في عرف أهل الحجاز، وقال الخطابي وغيره: قد كانت لفظة «الطعام» تستعمل في الحنطة عند الإطلاق، وقال: المراد بالطعام هنا الحنطة، وأنه اسم خاص له، ويدل عليه ذكر الشعير، وغيره من الأقوات، والحنطة أعلاها، فلولا أنه أرادها بذلك، لكان ذكرها على التفصيل، كغيرها من الأقوات، والجمهور يقولون: خالف معاوية أبو سعيد وغيره، ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم. وقال النووي: وظاهر الحديث والقياس على اشتراط الصاع من الحنطة كغيره، فوجب اعتماده.
والأَفضل تمر، فزبيب (1) فبر، فأَنفع (2) فشعير (3) فدقيقهما، فسويقهما، فأَقط (4) .
(1) ولو كان التمر غير غالب قوت البلد، لفعل ابن عمر، ولأنه قوت وحلاوة، وأقرب تناولاً، وأقل كلفة، وعنه: البر. جزم به في الكافي، وفاقًا لمالك، ومذهب الشافعي: الأفضل البر مطلقًا.
(2)
أي مما سوى الثلاثة المذكورة.
(3)
أي فإن استوت فشعير.
(4)
سواء كان قوته، أو لم يكن، أو وجدت الأربعة الباقية، أو عدمت، ويجزئ أحدها وإن كان يقتات غيره، بلا خلاف.
(فإن عدم الخمسة) المذكورة (أَجزأَ كل حب) يقتات (وثمر يقتات) كالذرة، والدخن، والأَرز، والعدس، والتين اليابس (1) و (لا) يجزئ (معيب) كمسوس، ومبلول، وقديم تغير طعمه (2) .
(1) وكذا الدبس، والمظلا، ونحو ذلك وفاقًا، إذا كان قوته، لظاهر الحديث، والعدول عنه عدول عن المنصوص عنه، وعنه: يجزئ كل حب وثمر يقتات، ولو لم تعدم الخمسة، اختاره الشيخ وغيره، وقال: هو قول جمهور العلماء، مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. واحتج بقوله {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وبقوله «صاع من طعام» والطعام قد يكون برًا أو شعيرًا، وقال أيضًا: يخرج من قوت بلده، مثل الأرز وغيره، ولو قدر على الأصناف المذكورة في الحديث، وهو رواية عن أحمد، وقول أكثر العلماء. وقال في موضع آخر: هو قول أكثر العلماء، وهو أصح الأقوال، فإن الأصل في الصدقات، أنها تجب على وجه المساواة للفقراء. وذكر الآية والحديث، ثم قال: لأن هذا كان قوت أهل المدينة، ولو كان هذا ليس قوتًا لهم، بل يقتاتون غيره، لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه. اهـ. وكذا قال غير واحد: أي أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك، فإنما عليهم صاع من قوتهم، كائنًا ما كان، وأنه قول جمهور العلماء. وقال ابن القيم وغيره: وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد، ومواساتهم، من جنس ما يقتات أهل بلدهم، لقوله «أغنوهم في هذا اليوم» وصحح النووي أنه يتعين عليه غالب قوت بلده.
(2)
تغيرًا ظاهرًا، للآية وفاقًا، إذ المعلوم أن القديم ليس كالحديث في الطعم، ولو كان أقل قيمة، و «المبلول» لأن البلل ينفخه، «والمسوس» لأن السوس أكل جوفه، وما لم يتغير طعمه ولا ريحه أجزأ لصلاحيته، والجديد أفضل.
وكذا مختلط بكثير مما لا يجزئ (1) فإن قل زاد بقدر ما يكون المصفى صاعًا، لقلة مشقة تنقيته (2) وكان ابن سيرين يحب أن ينقى الطعام (3) وقال أحمد: وهو أَحب إلي (4)(ولا) يجزئ (خبز) لخروجه عن الكيل والادخار (5)(ويجوز أَن يعطى الجماعة) من أهل الزكاة (ما يلزم الواحد (6)
(1) لأنه لا يعلم قدر المجزئ، كقمح اختلط بكثير زوان، وهي حبوب غير صالحة للأكل، ذكر الأطباء أن أكلها يورث خبالاً في العقل.
(2)
أي فإن قل الخلط مما لا يجزئ، زاد بقدر ما يكون المصفى المخرج صاعًا، وأجزأ، لقلة مشقة تنقية الصاع المجزئ.
(3)
وكذا غيره من السلف، وتقدم وجوب إخراج الحب مصفى.
(4)
أي تنقية المخرج في صدقة الفطر، كالزكاة.
(5)
فلا يعلم قدره، ويتغير بالبقاء، فتفوت منفعته على المساكين، وقال الوزير: اتفقوا على أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، إلا أبا حنيفة، فإنه قال: يجوز. اهـ. قال بعض الحنفية: إنه خلاف السنة، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه إخراج القيمة في زكاة الفطر، قال أحمد: لا يعطي القيمة. قيل له: قوم يقولون: عمر بن عبد العزيز كان يأخذ بالقيمة؟ قال: يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: قال فلان، وقد قال ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعًا
…
الخ» .
(6)
لأنها صدقة، فيدخل تحت قوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} وقوله «فترد إلى فقرائهم» وقال الموفق وغيره: لا أعلم فيه خلافًا. ويمنع منها من يمنع من صدقة الأموال، ومن لغير حاجة نفسه، فقوله «طعمة للمساكين» نص في ذلك فتجرى مجرى الكفارات، وتعطى لمن هو أحوج، لحاجة نفسه، لا في المؤلفة والرقاب، وهذا أقوى دليلاً ممن قال: تجرى مجرى زكاة المال. قال الشيخ: ولا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم.
وعكسه) بأَن يعطى الواحد ما على الجماعة (1) والأَفضل أن لا ينقص معطى عن مدَّبّر، أو نصف صاع من غيره (2) وإذا دفعها إلى مستحقها، فأَخرجها آخذها إلى دافعها (3) ، أو جمعت الصدقة عند الإمام، ففرقها على أَهل السهمان (4) .
(1) أي يجوز أن يدفع للواحد فيها ما يلزم الجماعة، كصدقة المال، ولما تقدم من الأدلة، وذكره النووي وغيره اتفاقًا، إلا ما روي عن الشافعي، وذكر الشيخ أنه قول جمهور العلماء، وقال: فإنهم يجوزون دفع صدقة الفطر إلى واحد، كما عليه المسلمون، قديمًا وحديثًا. وذكر أن ما كان على عهده صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته دفعها إلى الواحد، وأنهم لو رأوا من يقسم الصاع على بضعة عشر نفسًا لأنكروه، وعدوه من البدع، فإنَّ قدر المأمور به، صاع من تمر أو شعير، ومن البر إما نصف صاع، وإما صاع، على قدر الكفاية التامة للواحد من المساكين، فإذا أخذ المسكين حفنة، لم ينتفع بها، وكذلك من عليه دين، وإن جاز أن يكون مقصودًا في بعض الأوقات، كما لو فرض أن عددًا مضطرون، وإن قسم بينهم الصاع عاشوا، وإن خص به بعضهم مات الباقون، فهنا ينبغي تفريقه بين جماعة، لكن هذا يقتضي أن التفريق هو المصلحة.
(2)
أي البر، كتمر وشعير، ليغنيه عن السؤال ذلك اليوم.
(3)
أجزأت، لأن قبضه أزال ملك المخرج، وعادت إليه بسبب آخر، أشبه ما لو عادت إليه بميراث.
(4)
بضم السين، أجزأت.
فعادت إلى إنسان صدقته جاز، ما لم يكن حيلة (1) .
(1) أي تواطًا على عدم إخراج الزكاة، كأن يشترط عليه عند الإعطاء أن يردها إليه عن نفسه، فيمتنع الإجزاء، كسائر الحيل المحرمة، وهو المشهور في المذهب.
وقال أبو بكر: مذهب أحمد لا كشرائها فيجوز رجوع الصدقة فرضًا أو نفلاً إلى من تصدق بها في ثلاث صور، إذا دفعها إلى الإمام أو نائبه ثم ردها إليه، لأنها بلغت محلها، وأما إن تركها الإمام أو نائبه لصاحبها قبل القبض، لم تحل له، والثانية إذا ردها إليه الميراث، والثالثة إذا دفعها إلى من له عليه دين وردها إليه وفاء، بعد التمكن، إن لم يكن حيلة.
وإذا كان من تدفع إليه ببلد، مسافة قصر فأكثر، ولا يمكن دفعها إليه، فإن المستحق يوكل من يقبضها، فإن دفعها إلى جاره ونحوه، وقال: اقبضها لفلان الغائب. لم تجزه، صرح به أبا بطين وغيره.