الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وي
كره جلوس تابعها حتى توضع)
بالأرض للدفن، إلا لمن بعد (1) لقوله عليه السلام «من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع» متفق عليه عن أبي سعيد (2) وكره قيامه لها إن جاءَت أَو مرت به وهو جالس (3) .
(1) أي سبق إلى القبر، لما في انتظاره قائمًا حتى تصل إليه وتوضع من المشقة؛ ولأبي داود وغيره عن البراء: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فانتهينا إلى القبر ولم يلحد، فجلس مستقبل القبلة، وجلسنا معه. وتقدم أنه روي عن بعض الصحابة أنهم يتقدمون الجنازة، فيجلسون قبل أن تنتهي إليهم.
(2)
وعن أبي هريرة «حتى توضع في الأرض» وقال البخاري: باب من شهد جنازة فلا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال. وللنسائي: ما رأيناه شهد جنازة فجلس حتى توضع. قال النووي وغيره: مذهب الجمهور استحبابه، وللبيهقي عن علي: رأى ناسًا قيامًا ينتظرون الجنازة حتى توضع، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط أن اجلسوا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس، بعدما كان يقوم وقد صحت الأحاديث بالقيام، ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي، ويحتمل القعود لبيان الجواز، أو نسخ قيام القاعد، دون استمرار قيام متبعها، كما هو المعروف من مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة.
(3)
لحديث علي قال: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام، فقمنا تبعًا له، وقعد فقعدنا تبعًا له. وللنسائي عن ابن عباس: قام ثم قعد. وقال الموفق: آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك القيام لها، وقال قوم بالتخيير وأن به تتفق الأدلة، وقال أحمد: إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس، وفي الصحيحين «إذا رأيتم الجنازة فقوموا» .
ولمسلم «إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا» وروي غير ذلك، وكلها ترجع إلى تعظيم أمر الله، وتعظيم أمر القائمين به، وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي، وعنه: يستحب، اختاره الشيخ وابن عقيل، والنووي وغيرهم، فيستحب القيام لها ولو كافرة، لفعله صلى الله عليه وسلم، متفق عليه.
ورفع الصوت معها، ولو بقراءة (1) وأن تتبعها امرأة (2) .
(1) أو تهليل، حكاه الشيخ وغيره اتفاقًا، لأنه بدعة، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تتبع الجنازة بصوت أو نار، رواه أبو داود، وكان من فعل أهل الكتاب. وقد شرط عليهم أن لا يفعلوا ذلك، ونهينا عن التشبه بهم، فيما ليس هو من طريق سلفنا الأول، فكيف وقد نهينا عنه، وحرمه أبو حفص وغيره، قال الشيخ: وحرمه جماعة من الحنفية وغيرهم اهـ.
وكذا قولهم: استغفروا له؛ ونحوه بدعة محرمة، قال ابن عمر وسعيد بن جبير لقائل ذلك: لا غفر الله لك بعد. وكذا اتباعها بنار يحرم إجماعًا، إلا لحاجة، وروى ابن ماجة عن أبي بردة قال: اوصى أبو موسى حين حضره الموت فقال: لا تتبعوني بجمر فقالوا له: أو سمعت فيه شيئًا؟ قال: نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئلا يكون آخر زاده من الثناء، أو تفاؤلاً.
(2)
سواء كانت مميزة أو لا، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، ورواية عن مالك في العجوز، لحديث ام عطية: نهينا عن اتباع الجنائز. وظاهره التحريم، وفاقًا لمالك وجمهور العلماء، ولم يكن يخرجن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وما روي من قولها: ولم يعزم علينا. رأي لها رضي الله عنها، ظنت انه ليس نهي تحريم، والحجة في قول الشارع، لا في ظن غيره.
وحرم أن يتبعها مع منكر، إن عجز عن إزالته (1) وإلا وجبت (2)(ويسجي) أي يغطى ندبًا (قبر امرأة) وخنثى (فقط)(3) ويكره لرجل بلا عذر (4) لقول علي – وقد مر بقوم دفنوا ميتًا، وبسطوا على قبره الثوب، فجذبه وقال – إنما يُصْنعُ هذا بالنساء رواه سعيد (5) .
(1) أي المنكر، بنحو طبل، ونياحة ولطم، وتصفيق، ورفع صوت، لأنه يؤدي إلى استماع محظور، ورؤيته مع قدرته على ترك ذلك، وعنه يتبعها، وينكره بحسبه، وهو مذهب أبي حنيفة.
(2)
أي وإن لم يعجز عن إزالة المنكر تبعها، ووجبت الإزالة، بل لو ظن أنه إن اتبعها أزيل المنكر، اتبعها إجراء للظن مجرى العلم، ولحصول المقصودين، قال شيخ الإسلام: وضرب النساء بالدف منكر، نهي عنه بالاتفاق، ومن دعي لغسل ميت، فمسح طبلاً أو نوحًا، فقال في تصحيح الفروع: الصواب إن غلب على ظنه زوال الطبل والنوح ذهب لغسله، وإلا فلا.
ويستحب لمُتبّع الجنازة الخشوع والتفكر في مآله، والاتعاظ بالموت، وما يصير إليه الميت، قال سعد بن معاذ: ما تبعت جنازة فحدثت نفسي بغير ما هو مفعول بها. ويكره التبسم، والضحك أشد منه، والتحدث في أمر الدنيا.
(3)
للخبر الآتي، وقال الموفق وصاحب المبدع: لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم، ولأنها عورة، فلا يؤمن أن يبدو منها شيء، فيراه الحاضرون، ولأن بناء أمرها على الستر، ولو كانت صغيرة، والخنثى كالأنثى في ذلك احتياطًا.
(4)
كمطر ونحوه، ولئلا يشبه بالمرأة.
(5)
ولأنه ليس بعورة، وكشفه أبعد عن التشبه بالنساء.