الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الصيام
(1)
(1) هو أحد أركان الإسلام، وفرض من فروض الله، المعلوم من الدين بالضرورة، وإجماع المسلمين، بل من العلم العام، الذي توارثته الأمة، خلفًا عن سلف، وقد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، وأجمعوا على أن من أنكر وجوبه كفر، قال تعالى {كُتِبَ} أي فرض {عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فهو وصلة إلى التقوى، لما فيه من قهر النفس، وترك الشهوات، وقال {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} والأمر للوجوب، لما في من تزكية النفس، وطهارتها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة، والأخلاق الرذيلة.
وقال صلى الله عليه وسلم «بني الإسلام على خمس» وذكر منها صوم رمضان، والأحاديث كثيرة في الدلالة على فرضيته وفضله.
وفي الحديث «كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به» ويأتي، وقال «والصوم جنة» .
وقال «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا مجاريه بالجوع بالصوم» فإذا أكل أو شرب انبسطت نفسه إلى الشهوات، وضعفت إرادتها، ومحبتها للعبادات، ولما فيه من التزهيد في الدنيا، وشهواتها، والترغيب فيما عند الله، والرحمة، والعطف على المساكين، وموافقتهم، يتحمل ما يتحملون أحيانًا.
لغة مجرد الإمساك (1) يقال للساكت: صائم؛ لإمساكه عن الكلام (2) .
(1) والكف، والامتناع، والترك، من «صام يصوم صومًا» أمسك، وفي اللسان، والمحكم: الصوم ترك الطعام، والشراب، والنكاح، والكلام. وكان معقولاً عندهم أن الصيام هو الإمساك عن هذه، لقوله {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} قال الشيخ: كانوا يعرفونه قبل الإسلام، ويستعملونه كما في الصحيحين: يوم عاشوراء كان يومًا تصومه قريش في الجاهلية.
(2)
وامسك عن الشيء، وكف عنه، وتركه، فهو صائم، وقال ابن قتيبة: كل ممسك عن طعام، أو كلام، أو سير، فهو صائم. ويقال: صام النهار إذا وقف سير الشمس، وصام الفرس، أمسك عن العلف وهو قائم، أو عن الصهيل في موضعه، قال الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة
…
تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
أي ممسك عن الصهيل.
ومنه (إني نذرت للرحمن صومًا)(1) وفي الشرع: إمساك بنية (2) عن أشياء مخصوصة (3) في زمن معين (4) من شخص مخصوص (5) وفرض صوم رمضان في السنة الثانية من الهجرة (6) .
(1) أي سكوتًا وإمساكًا عن الكلام، وأشار بـ «مِنْهُ» فصلاً له عما قبله، للخلاف في ذلك، وقد قرئ به (صيامًا) ، وكانوا لا يتكلمون في صيامهم.
(2)
فلا يجزئ بدون النية إجماعًا، وكذا سائر العبادات، والأولى «وشرعًا» للمناسبة.
(3)
هي مفسداته الآتية في الباب بعده، من أكل، وشرب، وجماع، وغيرها مما ورد به الشرع، ويتبع ذلك الإمساك عن الرفث، والفسوق.
(4)
وهو: من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، قال تعالى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} يعني بياض النهار، من سواد الليل، فالخيط الأبيض هو الصباح، ولا يكون السحور إلا قبله إجماعًا، {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} وهذا مجمع عليه، قال ابن نصر الله: فظاهره أنه لا يجب إمساك جزء من الليل في أوله، والمذهب وجوبه، وكذا في آخره، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(5)
وهو المسلم، البالغ، العاقل، القادر، المقيم، غير الحائض والنفساء، فلا يتحتم فعله مع قيام العذر، بل يجب القضاء مع زوال العذر، كما سيأتي، والصوم خمسة أنواع، المفروض بالشرع، وهو صوم شهر رمضان أداء، وقضاء، والصوم الواجب في الكفارات، والصوم الواجب بالنذر، وصوم التطوع.
(6)
إجماعًا، حكاه غير واحد من أهل العلم.