المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٣

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي

- ‌ لا يؤخذ من الميت شيء

- ‌فصل في الكفن

- ‌ تكفن المرأة في خمسة أثواب

- ‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم

- ‌ المطلوب في صفتها ستة أشياء

- ‌فصلفي حمل الميت ودفنه

- ‌كره جلوس تابعها حتى توضع)

- ‌اللحد أفضل من الشق)

- ‌كره لمصاب تغيير حاله

-

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة بهيمة الأنعام

- ‌فصل في زكاة البقر

- ‌فصل في زكاة الغنم

- ‌الضأن والمعز سواء، والسوم شرط

- ‌لا أثر لخلطة من ليس من أهل الزكاة

- ‌باب زكاة الحبوب والثمار

- ‌إذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة)

- ‌ الزكاة، إنما تتكرر في الأموال النامية

- ‌يباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه

- ‌باب زكاة العروض

- ‌باب زكاة الفطر

- ‌لا يعتبر لوجوبها ملك نصاب

- ‌باب إخراج الزكاة

- ‌الغنى في باب الزكاةنوعان

- ‌أهل الزكاة قسمان

- ‌ الذي عليه الدين لا يعطيه، ليستوفي دينه

- ‌من أَراد الصدقة بماله كله

-

- ‌كتاب الصيام

- ‌(يجب صوم رمضان برؤية هلاله)

- ‌الأصل أن الله علق الحكم بالهلال والشهر

- ‌إن اشتبهت الأَشهر، على نحو مأْسور، تحرى وصام

- ‌أسباب الفطر أربعة

- ‌ الصوم الشرعي الإمساك مع النية

- ‌باب ما يكره ويستحب في الصوموحكم القضاء

- ‌لا يقضى عنه ما وجب بأَصل الشرع، من صلاة وصوم

- ‌يكره الصمت إلى الليل

-

- ‌كتاب المناسك

- ‌من كملت له الشروط وجب عليه السعي (على الفور)

- ‌يحج النائب من حيث وجبا

- ‌باب المواقيت

- ‌ليس للإحرام صلاة تخصه

- ‌ ابتداء التلبية عقب إحرامه

الفصل: ‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم

فزوج بعد ذوي الأرحام (1) ومن قدمه ولي بمنزلته، لا من قدمه وصي (2) و‌

‌إذا اجتمعت جنائز: قدم إلى الإمام أفضلهم

، وتقدم (3) .

(1) لأن له مزية على باقي الأجانب، فقدم لأجلها.

(2)

أي ومن قدمه ولي من أولياء الميت صار بمنزلته، في إمامة الصلاة على الميت، مع أهليته، كولاية النكاح، لا من قدمه وصي في الصلاة على الميت، فإن ذلك لما أمله الميت في الوصي من الخير، فإن لم يصل الوصي فإلى من بعده، وهذا إذا لم يجعل الموصي له ذلك، فإن جعله صح، وإن تقدم أجنبي بغير إذن ولي أو وصي صح، لأنه ليس فيه كبير افتيات تشح بها الأنفس عادة، فإن صلى الولي خلفه صار إذنًا، وإلا فله أن يعيد الصلاة عليه، لأنها حقه.

(3)

يعني في باب صلاة الجماعة، من أنه يليه الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء وفاقًا، وهو قول عثمان وعلي وجمهور الصحابة والتابعين، وكذا في المسير، وإذا دفنوا في قبر واحد، وروى البيهقي عن ابن عمر، أنه صلى على تسع جنائز، رجال ونساء، فجعل الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة، وأخرج أبو داود والنسائي وغيرهما، بسند صحيح، قال عمار: شهدت جنازة أم كلثوم وابنها، فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك عليه، وفي القوم ابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأبو قتادة، وأبو هريرة، فقالوا: هذه السنة. وفي رواية البيهقي: ونحوٌ من ثمانين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر المصلي

سعيد بن العاص، ولم يذكر ابن المنذر وغيره عنهم خلاف ذلك، وكان عليه الصلاة والسلام يقدم في القبر من كان أكثر قرآنًا، فيقدم حر مكلف الأفضل فالأفضل، فَعبْدٌ كذلك،، فصبي كذلك، ثم خنثى، ثم امرأة كذلك، قال الموفق: ولا نعلم خلافًا في تقديم الخنثى على المرأة.

ص: 82

فأَسن فأَسبق (1) ويقرع مع التساوي (2) وجمعهم بصلاة أفضل (3) ويجعل وسط أُنثى حذاءَ صدر رجل، وخنثى بينهما (4)(ويكبر أربعًا) لتكبير النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي أربعًا، متفق عليه (5) .

(1) أي فإن استووا في الفضل قدم أسن، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم «كبر كبر» فإن تساووا في السن فسابق لسبقه.

(2)

في الكل، فقدم إلى الإمام من تخرج له القرعة كالإمامة.

(3)

أي من إفراد كل ميت بصلاة، وهو مذهب مالك، ولأنه أسرع، وأبلغ في توفر الجمع، وقيل عكسه، وفاقًا للشافعي، قال في الفروع: ويتوجه احتمال بالتسوية، وفاقًا لأبي حنيفة. اهـ. وإذا اجتمع موتى قدم من الأولياء للصلاة عليهم أولادهم بالإمامة، فإن تساووا أقرع، ولولي كل ميت أن ينفرد بصلاته على ميته.

(4)

إذا اجتمعوا، ليقف الإمام أو المنفرد من كل واحد من الموتى موقفه. ويسوى بين رؤوس كل نوع، وتكون عن يمين الإمام ندبًا، فلو كانت عن يساره أجزأت، صرح به المالكية، ووسط بفتح السين، وكل ما كان مصمتًا، وما كان يبين بعضه من بعض كوسط الصف فبالسكون.

(5)

من غير وجه، وفي الصحيح عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة أربعًا، وفيهما عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قبر، بعدما دفن، وكبر أربعًا، ويأتي.

ص: 83

(يقرأُ في الأُولى) أَي بعد التكبيرة الأُولى، وهي تكبيرة الإحرام و (بعد العوذ) والبسملة (الفاتحة) سرًا ولو ليلاً (1) لما روى ابن ماجه عن أم شريك الأنصارية قالت: أَمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأَ على الجنازة بفاتحة الكتاب، ولا نستفتح، ولا نقرأ سورة معها (2)(ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في) أي بعد التكبيرة (الثانية) كالصلاة في (التشهد) الأَخير (3) .

(1) وفاقًا في غير التعوذ، للأمر به، وعنه: لا يتعوذ وفاقًا، وأما البسملة فأجمعوا على الإتيان بها، وتقدم أنها آية من القرآن، قبل كل سورة سوى براءة، وأما الاستفتاح فأكثر العلماء أنه لا يستفتح، خلافًا لأبي حنيفة، لأن مبناها على التخفيف، كما أنه لا يقرأ السورة بعد الفاتحة، ولأنه لم يرد الاستفتاح فيها، فتركا لطولهما، ونقل إمام الحرمين الإجماع على أنه لا يستحب قراءة سورة معها.

(2)

ولما رواه النسائي وغيره، عن أبي أمامة قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثًا، والتسليم عند الآخرة. وإسناده على شرطهما، وأبو أمامة هذا صحابي، ونحوه عن الضحاك، وللبخاري عن ابن عباس أنه صلى على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب، وقال: لتعلموا أنها سنة. وقال مجاهد: سألت ثمانية عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن القراءة على الجنازة، فكلهم قال: يقرأ. وكالصلوات، ولأنه فعل السلف، واستمر العمل عليه.

(3)

لنقل الخلف عن السلف من طرق متعددة، وعمل المسلمين عليه.

ص: 84

لما روى الشافعي عن أبي أمامة بن سهل، أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى، سرًا في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلص الدعاءَ للميت، ثم يسلم (1)(ويدعو في الثالثة) لما تقدم (2) .

(1) وأخرجه الحاكم وابن الجارود وغيرهما، قال الحافظ: ورجاله مخرج لهم في الصحيحين، ولفظ الحاكم: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه أنه من السنة. وزاد الأثرم وغيره: والسنة أن يفعل من وراء الإمام مثل ما يفعل الإمام، وذكر أبو أمامة عن جماعة من الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، في الصلاة على الجنازة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما سألوه: كيف نصلي عليك؟ علمهم ذلك، وقال أبو هريرة: إذا وضعت، يعني الجنازةـ كبرت وحمدت الله، وصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم رواه مالك.

(2)

أي من قوله: ويخلص الدعاء للميت. وقال عليه الصلاة والسلام «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» رواه أبو داود، وصححه ابن حبان، ويدعو بأحسن ما يحضره من الدعاء. قال الموفق: والأولى أن يدعو لنفسه ولوالديه، وللميت، وللمسلمين بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا توقيت فيه، ونص عليه أحمد، وقال: ادع بأحسن ما يحضرك. وأخرج عن أبي الزبير: سألت جابرًا عما يدعى به للميت، فقال: ما أتاح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر ولا عمر. ومعنى: أتاح؛ قدر، والأمر المطلق بإخلاص الدعاء للميت يقضي بأن يخلص للمسيء كالمحسن، فإن ملابس المعاصي أحوج إلى دعاء

إخوانه المسلمين، ولذلك قدموه بين أيديهم، قيل: إن كان محسنًا فزده إحسانًا، وإن كان مسيئًا فأنت أولى بالعفو عنه خلاف وإخلاص الدعاء له، وفي صحيح مسلم عن عائشة «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين، يبلغون مائة، كلهم يشفعون له، إلا شفعوا فيه» .

ص: 85

(فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا (1) وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأُنثانا (2) إنك تعلم منقلبنا ومثوانا (3) وأنت على كل شيءٍ قدير (4) اللهم من أَحييته منا فأَحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منَّا فتوفه عليهما) (5) .

(1) الغائب ضد الشاهد، والشاهد الحاضر.

(2)

المقصود الشمول والاستيعاب، كأنه قيل: اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات. وذكر الصغير لعله لرفع الدرجات.

(3)

يجوز أن يكونا مصدرين، أي انقلابنا وثوانا، وأن يراد بهما المنزل. أي: إنك تعلم مرجعنا ومنصرفنا، ومأوانا ومنزلنا الذي نعود إليه.

(4)

قادر على المغفرة لنا معشر المسلمين، والعفو والرحمة أو النقمة، فلك القدرة العامة الشاملة لكل شيء فما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن.

(5)

أي على الإسلام والسنة، وفي رواية: فتوفه على الإيمان. والإسلام هو العبادات كلها، والإيمان شرط فيها، ووجودها في حال الحياة ممكن، بخلاف حالة الموت، فإن وجودها متعذر، فلهذا اكتفى بالموت على الإيمان خاصة، وطلب الحياة على الإسلام، الذي الإيمان جزء منه، ويفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمان بالأعمال الباطنة إذا اقترنا، وإذا افترقا فسر كل منهما بالآخر، والسنة في اللغة السيرة والطريقة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرع الاجتماع عليها، جمعها سنن، كغرفة وغرف.

ص: 86

رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، من حديث أبي هريرة (1) لكن زاد فيه الموفق: وأنت على كل شيءٍ قدير. ولفظة: السنة (2)(اللهم اغفر له، وارحمه وعافه واعف عنه (3) وأكرم نزله) بضم الزاي وقد تسكن، وهو القرى (4)(وأَوسع مدخله) بفتح الميم مكان الدخول، وبضمها الإِدخال (5)(واغسله بالماء والثلج والبرد (6) ونقه من الذنوب والخطايا، كما ينقى الثوب الأَبيض من الدنس (7)

(1) وأصله في صحيح مسلم، وفي آخره «اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده» قال ابن القيم وغيره: روي من طرق تدل على أن له أصلاً.

(2)

أي زاد الموفق رحمه الله في المقنع لفظ: وأنت على كل شيء قدير؛ ولفظة: السنة. لكونه لائقًا بالمحل، ونبه عليه ليعلم أنه ليس في متن الحديث.

(3)

الضمير عائد إلى الميت، فلا يحول الضمير.

(4)

يهيأ للضيف أول ما يقدم، وفي رواية: وقه فتنة القبر، وعذاب القبر.

(5)

وليس هذا موضعه، فالفتح أولى، ليكون المعنى: وأوسع مكان الدخول.

(6)

بالتحريك، يعني المطر المنعقد، وجمع بينها مبالغة في التطهير، وليس المراد بالغسل هنا على ظاهره. وإنما هو استعارة بديعة، للطهارة العظيمة من الذنوب.

(7)

أي نقه من الذنوب بأنواع المغفرة، كما أن هذه الأشياء أنواع المطهرات من الدنس.

ص: 87

وأبدله دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوجه (1) وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، وعذاب النار) (2) رواه مسلم عن عوف بن مالك، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على جنازة، حتى تمنى أن يكون ذلك الميت (3) وفيه «وأبدله أهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنة» (4) وزاد الموفق لفظ: من الذنوب (5)(وافسح له في قبره، ونور له فيه) لأَنه لائق بالمحل (6) .

(1) والزوج، بغير هاء، يقال للذكر والأنثى، وقد يقال للمرأة زوجة بالهاء. والمراد بالإبدال الفعلي أو التقديري، أي خيرًا من زوج لو تزوج، إذ منهم من ليس له دار بالدنيا.

(2)

وهذا من أجمع الأدعية، وقال ابن عبد البر: عذاب القبر، غير فتنته بدلائل من السنة الثابتة.

(3)

ولفظه: قال: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الميت، بهذا الدعاء الجامع الشامل، إذ من أدخل الجنة، ونجي من عذاب القبر، وعذاب النار فقد تمَّ فوزه.

(4)

أي بعد قوله: «وأبدله دارًا خيرًا من داره» قال: «وأهلاً خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة

» الخ.

(5)

أي فليست في صحيح مسلم، ورواه البيهقي وغيره بدونها، والذنب هو الإثم، والخطيئة الذنب.

(6)

«افسح» بفتح السين أي وسع، زاد الخرقي وغيره: اللهم إنه عبدك، وابن أمتك، نزل بك، وأنت خير منزول به. وقال ابن القيم: وحفظ من دعاء

النبي صلى الله عليه وسلم «اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك، وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر، ومن عذاب النار، فأنت أهل الوفاء والحق، فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم» ومنه: «اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت رزقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وتعلم سرها وعلانيتها، جئنا شفعاء، فاغفر لها» ورواه أبو داود وغيره.

وأصل الشفع الزيادة، فكأنهم طلبوا أن يزاد بدعائهم من رحمة الله، إلى ماله بتوحيده وعمله.

ص: 88

وإن كان الميت أُنثى أَنث الضمير (1) وإن كان خنثى قال: هذا الميت ونحوه (2) ولا بأْس بالإشارة بالإصبع حال الدعاء للميت (وإن كان) الميت (صغيرًا) ذكرًا أو أنثى، أو بلغ مجنونًا واستمر (3) (قال) بعد: ومن توفيته منا فتوفه عليهما (4)(اللهم اجعله ذخرًا لوالديه (5) .

(1) فيقول: اللهم اغفر لها، وارحمها؛ والأولى أن لا يحول، لعوده على الميت.

(2)

كهذه الجنازة، لأنه يصلح لهما، وينبغي عوده على الميت اتباعًا، لإطلاق النص.

(3)

يعني على جنونه، حتى مات.

(4)

وكذا إن أكمل الحديث، فقال:«اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله» لفعل السلف والخلف، ولمناسبته للحال، استحب أن يقول مكان الاستغفار للميت هذا الدعاء الآتي.

(5)

شبه تقدمه لهما بشيء نفيس يكون أمامهما مدخرًا، إلى وقت حاجتهما له.

ص: 89

وفرطًا) أي سابقًا مهيئًا لمصالح والديه في الآخرة، سواءً مات في حياة والديه أو بعدهما (1)(وأجرًا وشفيعًا مجابًا (2) اللهم ثقل به موازينهما (3) وأعظم به أجورهما (4) وأَلحقه بصالح سلف المؤمنين (5) واجعله في كفالة إبراهيم (6) .

(1) وأصل الفرط والفارط فيمن يتقدم الجماعة الواردة إلى الماء، ليهيء لهم أسبابهم في المنزل، أي فاجعله سابقًا أمام والديه، مهيئًا لمصالحهما، بمدخر نفيس في الآخرة، إلى وقت حاجتهما له بشفاعته لهما.

قال القاضي: وهو في هذا الدعاء الشافع يشفع لوالديه، وللمؤمنين المصلين عليه، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد وغيره «أما تحب أنك لا تأتي بابًا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك» .

(2)

أي أجرًا لوالديه، وشفيعًا لهما، مجاب الشفاعة، وللبيهقي عن أبي هريرة مرفوعًا «اللهم اجعله لنا سلفًا وفرطًا وذخرًا» وفي لفظ «وأجرًا» وزاد بعضهم «وعظة واعتبارا» .

(3)

أي بثواب الصبر على فقده أو الرضى به.

(4)

وسيأتي ذكر ما في الصبر عليه من الأجر الجزيل.

(5)

أي آبائهم المتقدمين، ومن فضل الله وكرمه أنه يلحق بالذين آمنوا وعملوا الصالحات ذريتهم.

(6)

إشارة إلى ما رواه ابن أبي الدنيا وغيره عن خالد بن معدان «إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى، كلها ضروع، من مات من الصبيان الذين يرضعون رضع من طوبى، وحاضنهم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام» .

ص: 90

وقه برحمتك عذاب الجحيم) (1) ولا يستغفر له، لأَنه شافع غير مشفوع فيه، ولا جرى عليه قلم (2) .

وإذا لم يعرف إسلام والديه دعا لمواليه (3)(ويقف بعد الرابعة قليلاً)(4) ولا يدعو، ولا يتشهد، ولا يسبح (5) .

(1) لحديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا، «والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» وفي رواية «بالعافية والرحمة» رواهما أحمد، ولفظ الترمذي وغيره «والطفل» الخ وأي دعاء دعا به مما ذكر ونحوه أجزأ، والجحيم اسم من أسماء النار، قال الخليل: هي النار الشديدة.

(2)

فالدعاء لوالديه أولى من الدعاء له، وما ذكر من الدعاء لائق بالمحل، مناسب لما هو فيه، فشرع فيه الاستغفار للبالغ.

(3)

أي موالي الصغير والمجنون، حيث كان له موال يعلم إسلامهم لقيامهما مقام والديه في المصاب به، فيقول: ذخرًا لمواليه الخ، قال شيخ الإسلام: ومن كان من أمة أصلها كفار، لم يجز أن يستغفر لأبويه، إلا أن يكونا قد أسلما للآية. اهـ. وأما ولد الزنا فيدعى لأمه فقط، لثبوت نسبه منها، بخلاف أبيه، وإن كان كل منهما زانيًا، وكذا المنفي بلعان.

(4)

لحديث زيد بن أرقم: كان يكبر أربعًا، ثم يقف ما شاء الله، فكنت أحسب أن هذه الوقفة ليكبر آخر الصفوف رواه الجوزجاني، ولما يأتي من حديث ابن أبي أوفى وغيره.

(5)

وفاقًا في الأخيرتين، لما تقدم من أن مبناها على التخفيف، وأما الدعاء فعنه: يدعو بعد الرابعة كالثالثة، اختاره المجد وغيره، وفاقًا لجمهور العلماء،

ولأن ابن أبي أوفى فعله، وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به وفعله، رواه أحمد وابن ماجه، والبيهقي، والحاكم وصححه، وقال أحمد: هو أصلح ما روي، ولا أعلم شيئًا يخالفه، ولأنه قيام في جنازة، أشبه الذي قبله، وقال في المحرر: بل يجوز في الرابعة، ولم يذكر خلافًا، فقول {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وصح أن أنسًا كان لا يدعو بدعاء إلا ختمه بهذا الدعاء، واختار أبو بكر، وفاقًا للشافعية وغيرهم: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله. ولأنه لائق بالمحل.

ص: 91

(ويسلم) تسلمية (واحدة عن يمينه)(1) روى الجوزجاني عن عطاء بن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم على الجنازة، تسليمة واحدة (2) .

(1) وفاقًا لمالك، يجهر بها الإمام كالمكتوبة.

(2)

ولقوله «وتحليلها التسليم» وقيل لأحمد: أتعرف عن أحد من الصحابة أنه كان يسلم على الجنازة تسليمتين؟ قال: لا؛ ولكن عن ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة خفيفة. وذكره البيهقي عن عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم: وهو المعروف عن ابن أبي أوفى. اهـ. وتقدم، ولأنه أشبه بالحال، وأكثر ما روي في التسليم، وقول أكثر العلماء من الصحابة والتابعين، ولأن صلاة الجنازة مبنية على التخفيف، وقال ابن المبارك: من سلم على جنازة تسليمتين فهو جاهل جاهل، واختار القاضي أن المستحب تسليمتان، وواحدة تجزئ، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي، قال الموفق: وقول القاضي مخالف لقول إمامه وأصحابه، ولإجماع الصحابة والتابعين. والجوزجاني هو إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق، ثقة مات سنة 259هـ وعطاء بن السائب أبو محمد الثقفي الكوفي، صدوق مات سنة 136هـ.

ص: 92