المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد السابع عشر بعد التسعمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ١١

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْحُرُوف العاطفة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للتسعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بِعَهْد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد لحادي عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف التَّنْبِيه)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف التحضيض)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف الشَّرْط)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(نون التوكيد)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بِهِ التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(هَاء السكت)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

الفصل: ‌(الشاهد السابع عشر بعد التسعمائة)

وَأنْشد بعده: الطَّوِيل

وَمن عضةٍ مَا ينبتن شكيرها وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخمسين بعد الْمِائَتَيْنِ.)

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد التسْعمائَة)

المتقارب

(لَا وَأَبِيك ابْنة العامر

ي لَا يَدعِي الْقَوْم أَنِّي أفر)

على أَن لَا تَجِيء كثيرا زَائِدَة قبل الْمقسم بِهِ للإعلام بِأَن جَوَاب الْقسم منفي فَإِن الْوَاو حرف قسم.

وَجُمْلَة: لَا يَدعِي الْقَوْم جَوَاب الْقسم وَهِي منفية فَأتى بالنافي قبل الْقسم للإشعار ابْتِدَاء بِأَن جَوَابه منفي كَقَوْلِه تَعَالَى: فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك.

قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: ورد بقوله تَعَالَى: لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد الْآيَات فَإِن جَوَابه مُثبت

وَقيل: زيدت لمُجَرّد التوكيد وتقوية الْكَلَام كَمَا فِي: لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب ورد بِأَنَّهَا لَا تزاد لذَلِك صَدرا بل حَشْوًا. انْتهى.

ص: 221

وَيُجَاب بِأَن زيادتها فِي صدر الْقسم الْمَنْفِيّ جَوَابه أغلبيٌ لَا كلي. وَالْكَاف من أَبِيك مَكْسُورَة لِأَنَّهُ خطاب مؤنث أقسم بأبيها تَعْظِيمًا لَهَا.

وَابْنَة العامري: منادى وحرف النداء مَحْذُوف وَهُوَ: يَا ابْنة العامري اسْمهَا هرٌ بِكَسْر الْهَاء وَتَشْديد الرَّاء.

وَقد أوردهَا امْرُؤ الْقَيْس فِي هَذِه القصيدة بقوله:

(وهرٌ تصيد قُلُوب الرِّجَال

وأفلت مِنْهَا ابْن عَمْرو حجر)

والعامري هُوَ من بني عَمْرو بن عَامر من الأزد واسْمه سَلامَة بن عبد الله. وَقَالَ الْخَطِيب التبريزي فِي شرح معلقته عِنْد قَوْله: الطَّوِيل

(أفاطم مهلا بعض هَذَا التدلل

وَإِن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي)

قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: فَاطِمَة هِيَ بنت عبيد بن ثَعْلَبَة بن عَامر. قَالَ: وعامر هُوَ الأجدر بن عَوْف بن عذرة وَلها يَقُول:

(لَا وَأَبِيك ابْنة العامر

ي

...

... . . الْبَيْت

)

قَالَ ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر: وَمِنْه تَخْفيف المشدد فِي القوافي نَحْو قَول امْرِئ الْقَيْس: لَا يَدعِي الْقَوْم أَنِّي أفر)

وَقد خفف عدَّة قوافٍ من هَذ القصيدة وَإِنَّمَا خفف ليستوي لَهُ بذلك الْوَزْن وتطابق أَبْيَات القصيدة.

أَلا ترى أَنه لَو شدد أفر لَكَانَ آخر أَجْزَائِهِ على فعولن من الضَّرْب الثَّانِي من المتقارب وَهُوَ يَقُول بعد هَذَا:

(تَمِيم بن مر وأشباعها

وَكِنْدَة حَولي جَمِيعًا صَبر)

ص: 222

وَآخر جُزْء من هَذَا الْبَيْت فعل وَهُوَ من الضَّرْب الثَّالِث من المتقارب وَلَيْسَ بالجائز لَهُ أَن يَأْتِي فِي قصيدة وَاحِدَة بِأَبْيَات من ضَرْبَيْنِ فَخفف لتَكون الأبيات كلهَا من ضرب وَاحِد. وَسَوَاء فِي ذَلِك الصحح والمعتل. انْتهى كَلَامه.

وَبِهَذَا تعلم أَنه لم يصب من قَالَ: إِن أفر فِيهِ مشدد اجْتمع فِيهِ ساكنان واجتماعهما فِي القافية جَائِز وَهُوَ أَبُو الْفرج بن الْمعَافى قَالَ فِي أَمَالِيهِ حَدثنَا صديقنا الْحسن بن خالويه قَالَ: كتب الْأَخْفَش إِلَى صديق لَهُ يستعير مِنْهُ دَابَّة ودابة لَا يَقع فِي الشّعْر لِأَنَّهُ لَا يجمع فِيهِ بَين ساكنين فَقَالَ: المتقارب وَإِنَّمَا امْتنع دُخُول دَابَّة وَنَحْوهَا فِي الشّعْر لِئَلَّا يلتقي فِيهِ ساكنان فِي غير القافية كَقَوْلِه: لَا يَدعِي الْقَوْم أَنِّي أفر وَقد جَاءَ فِي الشّعْر فِي مزاحف للمتقارب وَذَلِكَ قَوْله:

(

فَقَالُوا: الْقصاص وَكَانَ التقا

ص حَقًا وعدلاً على المسلمينا)

وَرَوَاهُ بَعضهم: وَكَانَ الْقصاص. هَذَا كَلَامه.

وَاعْلَم أَن هَذِه القصيدة من بَحر المتقارب هُوَ فعولن ثَمَان مَرَّات وَفِيه الْحَذف فَإِن أفر وَزنه فعو وَحذف مِنْهُ لن فَأتى بدله فعل.

وَفِي أول هَذَا

ص: 223

الْبَيْت ثرم فَإِن وزن قَوْله: لَا وفعل وَأَصله فعولن فَلحقه الثرم فَصَارَ وَزنه مَا ذكر.

وَهَذَا الْبَيْت مطلع قصيدة لامريء الْقَيْس على الصَّحِيح عِنْد الْمفضل وَأبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ كَمَا تقدم التَّنْبِيه عَلَيْهِ فِي شرح بَيت مِنْهَا فِي الشَّاهِد الثَّامِن وَالْخمسين من أَوَائِل الْكتاب وَتقدم أَيْضا شرح أبياتٍ مِنْهَا فِي الشَّاهِد الْعشْرين بعد السبعمائة.

وَأنْشد بعده: الرجز

)

فِي بِئْر لَا حورٍ سرى وَمَا شعر على أَن زِيَادَة لَا بَين المتضايفين شَاذَّة وَالْأَصْل: فِي بِئْر حور فزيدت لَا بَينهمَا لفظا وَمعنى كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّارِح الْمُحَقق فِي بَاب لَا النافية للْجِنْس. أَي: سرى فِي بِئْر هلاكٍ وَمَا شعر بسقوطه فِيهَا.

وَهَذَا قَول جمَاعَة.

وَذهب الْفراء وَتَبعهُ جمَاعَة إِلَى أَن لَا هُنَا نَافِيَة وَلَيْسَت بزائدة قَالَ: لِأَن الْمَعْنى فِي بِئْر مَاء لَا يحير عَلَيْهِ شَيْئا كَأَنَّك قلت: إِلَى غير رشدٍ توجه وَمَا درى وَوَقع على مَا لَا يتَبَيَّن فِيهِ عمله فَهُوَ جحد مَحْض.

وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ مفصلا فِي الشَّاهِد السِّتين بعد الْمِائَتَيْنِ.

ص: 224

(

حرفا التَّفْسِير)

أنْشد فيهمَا

(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد التسْعمائَة)

الطَّوِيل

(وترمينني بالطرف أَي أَنْت مذنبٌ

وتقلينني لَكِن إياك لَا أقلي)

على أَن أَي فِيهِ حرف تَفْسِير للجملة قبله.

قَالَ ابْن يعِيش: قَوْله: أَي: أَنْت مذنب تَفْسِير لقَوْله: وترمينني بالطرف إِذا كَانَ معنى ترميني بالطرف: تنظر إِلَيّ نظر مغضب وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا عَن ذَنْب. انْتهى.

وَقَالَ صَاحب التخمير: الرَّمْي بالطرف: عبارَة عَن النّظر يُقَال: رَمَاه بطرفه إِذا نظر إِلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ: تَفْسِير رميها بالطرف إيَّايَ أَي: أَنْت مذنب أَي: أشارت إِلَيّ بطرفها إشارةٌ دلّت على أَنِّي مذنب فِي حَقّهَا.

هَذَا كَلَامه وَالْمعْنَى هُوَ الأول.

وَفسّر الدماميني والسيوطي: ترمينني بتشيرين إِلَيّ.

-

وَتعقبه ابْن الْحَنْبَلِيّ وَقَالَ: الطّرف: نظر الْعين أَي: وترمينني الطّرف كَأَنَّهُ سهم فكثيراً مَا يستعار السهْم لطرف الْعين. كَمَا قَالَ الشَّافِعِي: الطَّوِيل

(خُذُوا بدمي هَذَا الغزال فَإِنَّهُ

رماني بسهمي مقلتيه على عمد))

ص: 225

وَقَالَ: أَي: أَنْت مذنب على التَّفْسِير لِأَن الرَّمْي بالشَّيْء قد يكون على عمدٍ وَقد لَا يكون وَالْمرَاد الأول لكَون المرمي ذَا ذَنْب وَلَو فِي ظن الرَّامِي. وَالْإِشَارَة وَإِن كَانَت قد تكون بالطرف كَمَا قَالَ: الطَّوِيل أشارت بِطرف الْعين خيفة أَهلهَا وَقُلْنَا: إِن الرَّمْي بِهِ بِهَذَا الْمَعْنى يسْتَلْزم الْإِشَارَة بِهِ فَالْأولى أَلا تكون الْإِشَارَة بِهِ مَقْصُودَة للشاعر مِنْهُ وَأَن لَيست معنى ترمينني وَحده وَلَا لَازِمَة بل لَازم مَجْمُوع ترمينني بالطرف. هَذَا مَا قَرَّرَهُ.

وَالْحَاصِل: أَن أَي تفسر الْجُمْلَة وَغَيرهَا وَهِي أَعم من أَن لِأَنَّهُ يُفَسر بهَا الْمُفْرد وَالْجُمْلَة وَالْقَوْل الصَّرِيح وَغَيره. تَقول: رَأَيْت غضنفراً أَي: أسداً وَأمرت زيدا أَي: اضْرِب وَقلت قولا أَي: عبد الله منطلق وَخرج زيد بِسَيْفِهِ أَي: خرج وسيفه مَعَه.

وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى التَّفْسِير إِذا كَانَ فِي الْكَلَام غرابة أَو إِبْهَام أَو حذف شَيْء. وَمَا بعد أَي عطف وَهَذَا ظَاهر فِيمَا إِذا فسرت مُفردا وَأما إِذا فسرت جملَة كَمَا فِي الْبَيْت فَلَا.

وَذهب الْكُوفِيُّونَ وتبعهم الْمبرد إِلَى أَنَّهَا حرف عطف إِذا فسرت مُفردا ورد عَلَيْهِم بِأَنَّهَا تفسر الضَّمِير الْمَرْفُوع الْمُتَّصِل بِلَا تَأْكِيد وَلَا فصل وتفسر الضَّمِير الْمَجْرُور

بِلَا إِعَادَة الْجَار وَلَو كَانَ مَا بعْدهَا مَعْطُوفًا بهَا لم يستقم الأول بِدُونِ تَأْكِيد أَو فاصل وَلَا الثَّانِي بِدُونِ إِعَادَة الْجَار.

وَنسب ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي هَذَا القَوْل إِلَيْهِم وَإِلَى صَحَابِيّ المستوفي والمفتاح ورده بِأَنا لم نر عاطفاً يصلح للسقوط دَائِما وَلَا عطفا ملازماً لعطف الشَّيْء على مرادفه.

ص: 226

وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف: وَأما أَي فَذهب الْكُوفِيُّونَ وتبعهم ابْن السكاكي الْخَوَارِزْمِيّ من أهل الْمشرق وَأَبُو جَعْفَر بن صابر من أهل الْمغرب إِلَى أَنَّهَا حرف عطف تَقول: رَأَيْت الغضنفر أَي: الْأسد وَضربت بالعضب أَي: بِالسَّيْفِ وَالصَّحِيح أَنَّهَا حرف تَفْسِير يتبع بعْدهَا الأجلي للأخفى عطف بَيَان يُوَافق فِي التَّعْرِيف والتنكير مَا قبله. انْتهى.

واستفيد مِنْهُمَا أَن ابْن السكاكي هُوَ السكاكي صَاحب الْمِفْتَاح.

وَإِذا فسر ب أَي فعل أسْند إِلَى ضمير حُكيَ ذَلِك الضَّمِير بعْدهَا نَحْو استكتمته الحَدِيث أَي سَأَلته كِتْمَانه فالتاء من سَأَلته مَضْمُومَة واستكتمه زيد الحَدِيث أَي: سَأَلَهُ كِتْمَانه واستكتمه يَا زيد الحَدِيث أَي: سَله كِتْمَانه. فَيجب أَن يُطَابق الضَّمِير بعْدهَا لما قبلهَا فِي التَّكَلُّم والغيبة)

وَإِن فسرت الْجُمْلَة بالمراد مِنْهَا لم يحك فاعلها كالبيت الشَّاهِد. وَإِذا تقدم تَقول على فعل مُسْند إِلَى تَاء الْمُتَكَلّم وَجئْت بإذا مَكَان أَي وَجب فتح التَّاء لِأَنَّهُ ظرف لتقول. ونظم بَعضهم هَذَا فَقَالَ: الْبَسِيط

(إِذا كنيت بِأَيّ فعلا تفسره

فضم تاءك فِيهِ ضم معترف)

(وَإِن تكن بإذا يَوْمًا تفسره

ففتحك التَّاء أمرٌ غير مُخْتَلف

ص: 227

)

وَقَوله: إِذا كنت بِأَيّ مَعْنَاهُ: إِذا جِئْت بضمير مَعَ أَي حَال كونك تفسره فعلا فَإِن الضَّمِير يُقَال لَهُ: الْكِنَايَة وكنيت أَي: أتيت بكناية.

وَقَالَ ابْن الملا فِي شرح الْمُغنِي: كنى عَن الْأَمر أَي: تكلم بِغَيْرِهِ مِمَّا يسْتَدلّ بِهِ عَلَيْهِ نَحْو فلَان كثير الرماد تُرِيدُ أَنه كريم وكنيت عَن الشَّيْء: سترته وَهَذَا الْمَعْنى هُوَ المُرَاد هُنَا. وفعلاً مفعول كنيت على التَّوَسُّع بِحَذْف الْجَار.

وتفسره: نعت لَهُ أَي: إِذا كنيت عَن فعل تُرِيدُ تَفْسِيره حَال كونك مصاحباً لأي. هَذَا كَلَامه.

وَأَجَازَ التَّفْتَازَانِيّ فِي حَاشِيَة الْكَشَّاف أَن يتَقَدَّم يُقَال أَيْضا على ذَلِك الْفِعْل مَعَ قبح قَالَ: إِذا أُرِيد تَفْسِير الْفِعْل الْمسند إِلَى ضمير الْمُتَكَلّم فَإِن أُتِي بِكَلِمَة أَي كَانَ مَا بعْدهَا تَفْسِيرا لما قبلهَا فَيجب تطابقهما.

وَيجوز فِي صدر الْكَلَام تَقول على الْخطاب وَيُقَال على الْبناء للْمَفْعُول. وَإِن أَتَى بِكَلِمَة إِذا كَانَ صدر الْكَلَام فِي مَوضِع الْجَزَاء فَيجب أَن يكون مَا بعد إِذا لفظ الْخطاب.

وَلَا يَسْتَقِيم فِي صدر الْكَلَام يُقَال إِلَّا إِذا قدر أَن الْقَائِل هُوَ الْمُخَاطب لَكِنَّهَا عبارَة قلقة.

انْتهى.

وَفِيه مُخَالفَة لغيره فِي جعل إِذا شَرْطِيَّة لَا ظرفية.

وَقَوله: ترمينني خطاب لامْرَأَة وَالْيَاء الأولى ضمير خطاب لَهَا فَاعل الْفِعْل وَالْيَاء الثَّانِيَة ضمير الْمُتَكَلّم مَفْعُوله وَالنُّون الأولى عَلامَة الرّفْع لَا تحذف إِلَّا فِي الْجَزْم وَالنّصب وَالنُّون الثَّانِيَة نون الْوِقَايَة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الأساس: رَمَاه بالطرف والفاحشة. والطرف: الْعين. وَلَا يجمع لِأَنَّهُ فِي الأَصْل مصدر: وَقيل: هُوَ اسْم جَامع لِلْبَصَرِ لَا يثنى وَلَا يجمع وَقيل: هُوَ نظر الْعين.

ص: 228

وَقَوله: وتقلينني هُوَ من القلي.

-

قَالَ ابْن الشجري فِي أَمَالِيهِ: القلى: البغض مكسور مُصَور. وَقد صرفت الْعَرَب مِنْهُ مثالين:)

قلاه يقليه مثل: رَمَاه يرميه وقليه يقلاه مثل: رضيه يرضاه. وَهُوَ من الْيَاء بِدلَالَة يقلى وَلَو كَانَ من الْوَاو كَانَ يقلو.

وَأنْشد فِي يقلي: وَفِي التَّنْزِيل: مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى. روى أَبُو الْفَتْح لُغَة ثَالِثَة قلاه يقلوه قلاء مثل رجاه يرجوه رَجَاء.

وَأنْشد: الطَّوِيل

(إِن تقل بعد الود أم ملحمٍ

فسيان عِنْدِي ودها وقلاؤها)

انْتهى.

وَفِي الْقَامُوس: قلاه كمرماه ورضيه قلى وقلاء ومقلية: أبغضه وَكَرِهَهُ غَايَة الْكَرَاهِيَة فَتَركه.

أَو قلاه فِي الهجر وقليه فِي البغض.

وَقَوله: لَكِن إياك فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا للفراء: أَصْلهَا عِنْده لَكِن الْخَفِيفَة النُّون وَالنُّون الثَّانِيَة بَقِيَّة أَنا قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: لَكنا هُوَ الله رَبِّي مَعْنَاهُ: لَكِن أَنا هُوَ الله رَبِّي ترك همزَة الْألف من أَنا وَكثر بهَا الْكَلَام فأدغمت النُّون من أَنا مَعَ النُّون من لَكِن.

وَمن الْعَرَب من يَقُول: أَنا قلت بِتمَام الْألف فقرئت لَكنا على تِلْكَ اللُّغَة وأثبتوا الْألف فِي اللغتين فِي الْمُصحف. وَيجوز الْوُقُوف بِغَيْر ألف فِي غير الْقُرْآن

فِي أَنا. ومن الْعَرَب من يَقُول إِذا وقف: أَنه وَهِي لُغَة جَيِّدَة وَهِي فِي عليا تَمِيم وسفلى قيس.

وترمينني بالطرف الْبَيْت

ص: 229

يُرِيد: لَكِن أَنا إياك لَا أقلي فَترك الْهمزَة فَصَارَ كالحرف الْوَاحِد. وَزعم الْكسَائي أَنه سمع بعض الْعَرَب يَقُول: إِن قَائِم يُرِيد: إِن أَنا قَائِم فَترك الْهَمْز وأدغم وَهِي نَظِيره للكن. انْتهى. كَلَامه.

وَقد تبعه صَاحب الْكَشَّاف فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة وَأَبُو حَيَّان فِي تَذكرته وَغَيرهمَا.

ثَانِيهَا: أَن تكون من أَخَوَات إِن وَاسْمهَا ضمير شَأْن مَحْذُوف وَالْجُمْلَة بعْدهَا خَبَرهَا وَعَلِيهِ اقْتصر ابْن يعِيش وَصَاحب اللّبَاب وشراحه.

وَنقل ابْن المستوفي عَن الزَّمَخْشَرِيّ فِي مناهيه على الْمفصل أَنه قَالَ: وَجهه أَن يكون الأَصْل لكنه إياك لَا أقلي الضَّمِير ضمير الشَّأْن ثمَّ حذفه كَمَا حذفه من قَالَ: الْخَفِيف)

(إِن من لَام فِي بني بنت حسا

ن ألمه وأعصه فِي الخطوب)

وَلَو رُوِيَ لَكِن بِكَسْر النُّون اجتزاءً من الْيَاء بِالْكَسْرِ لَكَانَ وَجها سديداً.

-

ثَالِثهَا: أَن اسْمهَا ضمير مُتَكَلم مَحْذُوف لضَرُورَة الشّعْر أَي: وَلَكِنِّي كَمَا حذف اسْمهَا فِي قَول الآخر: وَلَكِن زنجيٌ عَظِيم المشافر أَي: وَلَكِنَّك زنجيٌ. وَهُوَ قَول الْخَوَارِزْمِيّ نَقله عَنهُ ابْن المستوفي.

ص: 230

فَإِن قلت: إياك ضمير نصب فَهَل يجوز أَن يكون اسْم لَكِن قلت: لَا يجوز لِأَنَّهُ لَو كَانَ اسْمهَا لوَجَبَ أَن يُقَال: وَلَكِنَّك فَإِنَّهُ مَتى أمكن اتِّصَال الضَّمِير لَا يعدل إِلَى انْفِصَاله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يدعى فَصله لضَرُورَة الشّعْر.

قَالَ الأندلسي فِي شرح الْمفصل: وَلَو قلت: أجعَل الضَّمِير الْمُنْفَصِل اسْما وَلَا أقلي خَبرا وأرتكب إِجْرَاء الْمُنْفَصِل مجْرى الْمُتَّصِل وأحذف الرَّاجِع إِلَى اسْم لَكِن وَالْأَصْل: لكنك لَا أقليك لَكُنْت لعمري متعسفاً. انْتهى.

فَإِن قلت: حَيْثُ امْتنع فِي الفصيح جعل إياك اسْم لَكِن مَا وَجه فَصله عَن عَامله وتقديمه عَلَيْهِ قلت: وَجهه الْحصْر.

فَإِن تَقْدِيم مَا حَقه التَّأْخِير يُفِيد ذَلِك فَأفَاد أَنَّهَا هِيَ الَّتِي لَا تقلى بِخِلَاف غَيرهَا فَإِنَّهُ يقلى.

-

وَهَذَا الْبَيْت لم أَقف عِلّة تتمته وقائله مَعَ أَنه مَشْهُور قَلما خلا مِنْهُ كتاب نحوي. وَالله أعلم.

ص: 231