الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الطَّوِيل
(فمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة تعطكم
…
وَمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة تمنعا)
على أَنه يجوز أَن تدخل نون التوكيد اخْتِيَارا فِي جَوَاب الشَّرْط إِذا كَانَ الشَّرْط مِمَّا يجوز دُخُولهَا فِيهِ. وَهُوَ أقل من دُخُولهَا فِي الشَّرْط.
وَقَوله: تمنعا جَوَاب الشَّرْط وَقد أكد دون الشَّرْط بالنُّون الْخَفِيفَة المنقلبة ألفا للْوَقْف.
وَقَوله: إِذا كَانَ الشَّرْط مِمَّا يجوز
…
إِلَخ احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا كَانَ الشَّرْط مَاضِيا أَو مضارعاً بِمَعْنى الْحَال وَحِينَئِذٍ لَا يُؤَكد جَوَابه.
وَقَوله: اخْتِيَارا مَعَ قَوْله: وَهُوَ أقل من دُخُولهَا فِي الشَّرْط مَذْهَب ابْن مَالك وَهُوَ مُخَالف لقَوْل سِيبَوَيْهٍ: إِنَّه ضَرُورَة.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقد تدخل النُّون بِغَيْر مَا فِي الْجَزَاء وَذَلِكَ قَلِيل فِي الشّعْر فشبهوه بِالنَّهْي حِين كَانَ مَجْزُومًا غير وَاجِب.
وَقَالَ الشَّاعِر:
نبتم نَبَات الخيزراني الْبَيْت)
وَقَالَ ابْن الخرع: فمهما تشا مِنْهُ فَزَارَة الْبَيْت
وَقَالَ: من يثقفن مِنْهُم فَلَيْسَ بآيبٍ الْبَيْت
وَقَالَ: يحسبه الْجَاهِل مَا لم يعلمَا الْبَيْت شبهه بالجزاء حَيْثُ كَانَ مَجْزُومًا وَكَانَ غير وَاجِب وَهَذَا لَا يجوز إِلَّا فِي اضطرار وَهِي فِي وَكَذَا قل الْفراء إِنَّه ضَرُورَة قَالَ عِنْد تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله مَا نَصه: فَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّمْل ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يحطمنكم.
وَالْمعْنَى وَالله أعلم: إِن لم تدخل حطمتن. وَهُوَ نهي مَحْض لِأَنَّهُ لَو كَانَ جَزَاء لم تدخله النُّون الشَّدِيدَة وَلَا الْخَفِيفَة.
أَلا ترى أَنَّك لَا تَقول: إِن تضربني أضربنك إِلَّا فِي ضَرُورَة شعر كَقَوْلِه: فمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة الْبَيْت انْتهى.
وَكَذَا فِي الْمفصل قَالَ: فَإِن دخلت فِي الْجَزَاء بِغَيْر مَا فَفِي الشّعْر تَشْبِيها للجزاء بِالنَّهْي.
وَكَذَا فِي كتاب الضرائر لِابْنِ عُصْفُور.
وَخَالف ابْن مَالك فَأَجَازَهُ فِي الْكَلَام قَالَ فِي التسهيل: وَقد تحلق جَوَاب الشَّرْط اخْتِيَارا وَقَالَ قبله: وتلحق الشَّرْط مُجَردا من مَا. وَكَذَا قَالَ فِي الألفية.
قَالَ الشاطبي: فَإِذا قلت إِن تقومن أكرمتك وَمهما تَطْلُبن أعطك وَمهما تَأتِينِي أكرمك وحيثما تكونن أذهب إِلَيْك وَكَذَلِكَ سَائِر أدوات الشَّرْط
فَهُوَ جَائِز وَلكنه قَلِيل.
وَيحْتَمل أَن كَلَام النَّاظِم أَن أدوات الشَّرْط مسوغة لدُخُول النُّون مُطلقًا سَوَاء أَكَانَ الْفِعْل مَعهَا فِي جملَة الشَّرْط أَو فِي جملَة الْجَزَاء. إِذْ لم يُقيد ذَلِك بِفعل الشَّرْط. فَيجوز على هَذَا أَن تَقول: إِن تكرمنني أكرمنك. انْتهى.
وَقَوله: فمهما تشأ
…
إِلَخ قَالَ الأعلم: أَرَادَ مهما تشأ فَزَارَة إعطاءه تعطكم وَمهما تشأ مَنعه تمنعكم فَحذف الْفِعْل لعلم السَّامع وَإِدْخَال النُّون الْخَفِيفَة على تمنعا وَهُوَ جَوَاب الشَّرْط ضرروة وَلَيْسَ من مَوَاضِع النُّون لِأَنَّهُ خبر يجوز فِيهِ الصدْق وَالْكذب.)
إِلَّا أَن الشَّاعِر إِذا اضْطر أكده بالنُّون تَشْبِيها بِالْفِعْلِ فِي الِاسْتِفْهَام لِأَنَّهُ مُسْتَقْبل مثله. انْتهى.
وَالْبَيْت غير مَوْجُود فِي ديوَان ابْن الخرع وَإِنَّمَا هُوَ من قصيدة للكميت بن ثَعْلَبَة أوردهَا أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي فِي ضَالَّة الأديب وَهِي: الطَّوِيل
(من مبلغٌ عليا معدٍ وطيئاً
…
وَكِنْدَة من أصغى لَهَا وتسمعا)
(يمانيهم من حل نَجْرَان مِنْهُم
…
وَمن حل أَطْرَاف الغطاط فلعلعا)
(ألم يَأْتهمْ أَن الْفَزارِيّ قد أَبى
…
وَإِن ظلموه أَن يتل فيصرعا
)
(وَلما رأى أَن الْحَيَاة ذميمةٌ
…
وَأَن حُكيَ الْمَوْت أدْرك تبعا)
(شرى نَفسه مجد الْحَيَاة بضربةٍ
…
ليرحض خزياً أَو ليطلع مطلعا)
(أَبَت أم دينارٍ فَأصْبح فرجهَا
…
حصاناً وقلدتم قلائد بوزعا)
(خُذُوا الْعقل إِن أَعْطَاكُم الْعقل قومكم
…
وَكُونُوا كمن سيم الهوان فأرتعا)
…
(وَلَا تكثروا فِيهَا الضجاج فَإِنَّهُ
…
محا السَّيْف متا قَالَ ابْن دارة أجمعا)
(وَأَقْبل أقوامٌ بَحر وُجُوههم
…
وَأدبر أقوامٌ بلطمةٍ أسفعا)
(فمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة تعطكم
…
وَمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة تمنعا)
(فَزَارَة عوفٌ لَا عَزِيز بأرضه
…
وَيمْنَع عوفٌ مَا أَرَادَ ليمنعا)
(فَإِن مَاتَ زملٌ فالإله حسيبه
…
وَإِن عَاشَ زملٌ فاسقياه المشعشعا)
قَوْله: ألم يَأْتهمْ أَن الْفَزارِيّ
…
إِلَخ أَرَادَ بالفزاري هُنَا زميل بن أبير أحد بني عبد الله بن عبد منَاف.
وَيُقَال لأم زميل: أم دِينَار كَانَ سَالم بن دارة الْغَطَفَانِي هجاه بقصيدة مِنْهَا: الْبَسِيط
(بلغ فَزَارَة أَنِّي لن أسالمها
…
حتي ينيك زميلٌ أم دِينَار
)
وهجا بني فَزَارَة بقصائد تقدم بَعْضهَا فِي الشهد الْخَامِس بعد الْمِائَة وَبَعض آخر فِي الشَّاهِد السَّابِع بعد الْمِائَتَيْنِ.
فَحلف زميل أَن لَا ياكل لَحْمًا وَلَا يغسل رَأسه وَلَا يَأْتِي امْرَأَة حَتَّى يقْتله. ثمَّ بعد مُدَّة لقِيه زميل فَضَربهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَة كَانَت سَبَب مَوته وافتخر بتخلصه من الْعَار بقتْله وَقَالَ: الرجز وَتقدم شَرحه فِي الشَّاهِد الْخَامِس بعد الْمِائَة.
فَحكى الْكُمَيْت هَذَا الْحِكَايَة وتهكم بغطفان.)
وَقَوله: أَن يتل فيصرعا كِلَاهُمَا بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. والتل: الْإِلْقَاء على الْوَجْه. والصرع: الْقَتْل.
وَقَوله: وَإِن حكى الْمَوْت بِالْحَاء الْمُهْملَة فعيل بِمَعْنى مفعول من أحكيت الْعقْدَة إِذا قويتها وشددتها.
ووقله: شرى نَفسه أَي: اشْترى لنَفسِهِ مجد الْحَيَاة أَي: شرفها. وَقَوله: ليرحض خزياً أَي: ليغسل عاراً. والرحض بالراء والحاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة هُوَ الْغسْل. والخزي بِالْكَسْرِ: المذلة والعار.
والحصان بِفَتْح الْمُهْملَة: الْعَفِيف. وَقَوله: وقلدتم بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَالْخطاب لبني غطفان.
وبوزع بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالزَّاي قالاسود أَبُو مُحَمَّد أَعْرَابِي فِي ضَالَّة الأديب: بوزع هِيَ أم زِيَاد بن الْحَارِث وَهِي ذَات القلائد وَكَانَت أول من نصبت رايةً فِي بني مسلية وفيهَا تضرب الْعَرَب الْأَمْثَال فِي قَوْلهم: قلائد بوزع.
وَقَالَ موءلة بن الْحَارِث جد المحجل بن حزن بن موءلة: الوافر
(
من تَكُ أمه زانته يَوْمًا
…
فقد شانتك أمك يَا زِيَاد)
فلست إِلَى بني عِلّة بن جلدٍ وَلَا سعدٍ وَلَا حييّ مُرَاد وَقَالَ آخر: الوافر
(قلائد بوزعٍ جرت عَلَيْكُم
…
مواسم مثل أطواق الْحمام)
وَقد أَخطَأ أَبُو عبد الله بن الْأَعرَابِي فِي هَذَا الشّعْر من جِهَتَيْنِ: أولاهما: أَنه نسب هَذَا الشّعْر إِلَى الْكُمَيْت بن مَعْرُوف وَهُوَ للكميت بن ثَعْلَبَة. والكميت بن ثَعْلَبَة مخضرم وجد كميت بن مَعْرُوف.
وأخراهما: أَنه صحف فِي قَوْله بوزع بِالْبَاء فَقَالَ: قوزع بِالْقَافِ وَفَسرهُ على التخمين بالخزي والعر.
انْتهى كَلَام أبي مُحَمَّد وَمَا ادَّعَاهُ من التحريف حق لَا شُبْهَة فِيهِ.
والأبيات الَّتِي أنشدها تشهد لما قَالَه من أَن بوزع امْرَأَة لكنه لم يشْرَح قلائدها وَلم يبين وَجه كسبها للعار لابنها. وَقد راجعت كتب الْأَمْثَال فَلم أظفر فِيهَا بِشَيْء وَلَعَلَّ الله يطلعني على شرحها فألحقه هُنَا.
وَمَا نَقله عَن ابْن الْأَعرَابِي مَوْجُود فِي نوادره وَقد نَقله عَنهُ أَرْبَاب اللُّغَة خلف بعد سلف وَلم)
يطلعوا على مَا قَالَه أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي وَلَو اطلعوا عَلَيْهِ لحكوه.
قَالَ الصَّاغَانِي فِي الْعباب فِي فصل الْقَاف من بَاب الْعين: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: قلدتم قلائد قوزعٍ يَا هَذَا ولأقلدنك قلائد قوزع وَمَعْنَاهُ: طوقتم أطواقاً لَا تفارقكم أبدا. وَأنْشد:
(قلائد قوزعٍ جرت عَلَيْكُم
…
مواسم مثل أطواق الْحمام)
وَقَالَ مرّة: قلائد بوزع ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاف. انْتهى.
-
ولخص من هُنَا صَاحب الْقَامُوس فَقَالَ: وقلدتم قلائد قوزع: طوقتم أطواقاً لَا تفارقكم أبدا.
وَنَقله الْعَيْنِيّ أَيْضا.
وَقَالَ مُحَمَّد بن المكرم فِي لِسَان الْعَرَب: قوزع: اسْم الخزي والعار عَن ثَعْلَب. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قلدته قلائد قوزع يَعْنِي الفضائح.
وَأنْشد للكميت بن مَعْرُوف:
…
(أَبَت أم دينارٍ فَأصْبح فرجهَا
…
حصاناً وقلدتم قلائد قوزعا)
وَقَالَ مرّة: قلائد بوزع ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاف. انْتهى.
وَلَو كَانَ اسْما للخزي لَكَانَ مصروفاً وَلَا وَجه لمَنعه إِلَّا أَن يدعى أَنه علم جنس كزوبر علم للكلبة. انْتهى.
وَلم يتَعَرَّض الْجَوْهَرِي لهَذِهِ الْكَلِمَة بِشَيْء. وأوردها ابْن بري فِي أَمَالِيهِ على صحاحه فَقَالَ: وَقَوله: فيا رَاكِبًا إِمَّا عرضت أَي: أتيت الْعرُوض وَهِي مَكَّة زَادهَا الله شرفاً. قَالَ أَبُو مُحَمَّد: سحيم وباعث والمرقع كلهم من بني عبد الله بن غطفان.
وَقَوله: خُذُوا الْعقل إِن أَعْطَاكُم الْعقل قومكم هَذَا تهكم بهم. وَالْعقل: الدِّيَة. وَإِنَّمَا قَالَ قومكم لِأَن فَزَارَة هُوَ ابْن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وَبَنُو عبد الله هم بَنو عبد الْعُزَّى بن غطفان.
وَلما وَفد عبد الله على النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ: من أَنْتُم قَالُوا: بَنو عبد الْعُزَّى قَالَ: أَنْتُم بَنو عبد الله. فلزمهم هَذَا الِاسْم.
-
وَقَوله: وَكُونُوا كمن سيم الهوان فأرتعا سيم: مَجْهُول سامه الشَّيْء يسومه سوماً أَي: كلفه إِيَّاه. والهوان: الذل. وأرتعا من أرتع إبِله وَقوم مرتعون أَي: ترتع إبلهم يُقَال: رتعت الْمَاشِيَة ترتع رتوعاً أَي: أكلت مَا شَاءَت.)
وَقَوله: وَلَا تكثروا فِيهَا الضجاج أَي: لَا تكثروا فِي هَذِه الْقَضِيَّة وَهِي قتل سَالم بن دارة قَالَ الْجَوْهَرِي: وضاجه مضاجة وضجاجاً: شاغبه وشاره وَالِاسْم الضجاج بِالْفَتْح.
وَقَوله: محا السَّيْف مَا قَالَ ابْن دارة أجمعا أوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي أَمْثَاله قَالَ: هُوَ سَالم بن دارة الْغَطَفَانِي هجا بعض بني فَزَارَة بقوله: فَقتله زميل الْفَزارِيّ فَقَالَ الْكُمَيْت ذَلِك يُرِيد أَن الْفِعْل أفضل من القَوْل وَإِنَّمَا قلت أَنْت وَفعلنَا نَحن يضْرب للجبان يتوعد وَلَا يفعل. انْتهى.
وَقَوله: وَأَقْبل أَقوام بَحر وجوهم هم قوم زميل الْفَزارِيّ وَمَا بعده قوم ابْن دارة.
وَقَوله: بلطمة أسفعا أَي: بلطمة خد أسفع أَي: لطموا على خدودهم حَتَّى اسودت.
والسفعة بِالضَّمِّ: سَواد يخالطه حمرَة. والأسفع هوم المتصف بالسفعة.
وَقَوله: فمهما تشأ مِنْهُ فَزَارَة
…
إِلَخ مَعْنَاهُ: كل شيءٍ شَاءَت مِنْهُ فَزَارَة أَعْطَتْ وكل شَيْء شَاءَت منعت مغفعول تشأ مَحْذُوف كَمَا تقدم وَمِنْه مُتَعَلق بتعطكم وَمِنْه الثَّانِي مُتَعَلق بتمنع محذوفاً لَا بالمذكور لِأَن الْمُؤَكّد بالنُّون لَا يتَقَدَّم معموله عَلَيْهِ.
وَيجوز أَن يتَعَلَّق بِهِ بِنَاء على أَنه يتوسع فِي الظروف مَا لَا يتوسع فِي غَيرهَا. والضميرفي الْمَوْضِعَيْنِ رَاجع إِلَى مهما وَقَالَ الْعَيْنِيّ: رَاجع إِلَى ابْن دارة ومفعول تمنعا مَحْذُوف أَي: تمنعكم.
-
يَعْنِي: إِن أَرَادَت فَزَارَة إِعْطَاء شَيْء من الدِّيَة أَعْطَتْ وَأَن أَرَادَت منعكم من الدِّيَة فعلت لأنكم أذلاء مَعَهم