الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ قِطْعَة من بَيت: الوافر
(وَإِن يَك صدر هَذَا الْيَوْم ولى
…
فَإِن غذاً لناظره قريب)
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الرجز
أطرباً وَأَنت قنسريٌ على أَن همزَة الِاسْتِفْهَام فِيهِ للإنكار.
قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: هِيَ فِيهِ للإنكار التوبيخي فَيَقْتَضِي أَن مَا بعده وَاقع وَأَن فَاعله ملوم نَحْو: أتعبدون مَا تنحتون. انْتهى.
واورده سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب مَا ينْتَصب فِيهِ على الْمصدر قَالَ: وَأما مَا ينْتَصب فِي الِاسْتِفْهَام من هَذَا الْبَاب فقولك: أقياماً يَا فلَان وَالنَّاس قعُود وأجلوساً وَالنَّاس يفرون. لَا يُرِيد أَنه يخبر أَنه يجلس وَلَا أَنه قد جلس وانقضى جُلُوسه وَلكنه مخبر أَنه فِي تِلْكَ الْحَال فِي جُلُوس وَفِي قيام.
وَقَالَ العجاج: أطرباً وَأَنت قنسريٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ: أتطرب أَي: أَنْت فِي حَال تطرب وَلم يرد أَن يخبر عَمَّا مضى وَلَا عَمَّا يسْتَقْبل.
انْتهى.
قَالَ الأعلم: الشَّاهِد فِيهِ نصب طرب على الْمصدر الْمَوْضُوع مَوضِع الْفِعْل وَالتَّقْدِير: أتطرب طَربا. وَالْمعْنَى: أتطرب وَأَنت شيخ.
والطرب: خفَّة الشوق هُنَا. والطرب أَيْضا: خفَّة السرُور. والقنسري: الشَّيْخ وَهُوَ مَعْرُوف فِي اللُّغَة وَلم يسمع إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْت. انْتهى.
-
وَهُوَ من قصيدة للعجاج أَولهَا:
(بَكَيْت والمحتزن البكي
…
وَإِنَّمَا يَأْتِي الصِّبَا الصَّبِي)
(أطرباً وَأَنت قنسريٌ
…
والدهر بالإنسان دواري)
محر نجم الجامل والنؤي وَهَذِه القصيدة من مشطور السَّرِيع وضربها كعروضها مشطور مَكْشُوف وَهُوَ الضَّرْب السَّادِس مِنْهُ.
قَالَ ابْن الملا: زعم السُّيُوطِيّ فِي شرح الأبيات أَنَّهَا أرجوزة. وَفِيه نظر لِأَنَّهُ جعلهَا من الرجز يُؤَدِّي إِلَى أَن يكون فِي ضربهَا سوى الشّطْر تغييران: حذف نون مستفعلن وتسكين لامه غن)
أطلق على مجموعهما اسْم الْقطع. وَجعلهَا من السَّرِيع إِنَّمَا يُؤَدِّي إِلَى أَن يكون فِيهَا تَغْيِير وَاحِد وَهُوَ حذف تَاء
مفعولات الْمُسَمّى بالكشف وتغيير وَاحِد أولى من تغييرين.
اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: أطلق عَلَيْهَا الأرجوزة وَإِن كَانَت من السَّرِيع لشبهها بِمَا كَانَ مشطور الرجز وزوحف بِالْقطعِ.
وَأما ضرب مطْلعهَا فمزاحف بالخبن الَّذِي هُوَ حذف الثَّانِي السَّاكِن فوزن فعولن.
-
وَإِن جعل من الرجز وَجب أَن يكون فِيهِ ثَلَاث تغييرات. انْتهى.
وَقَوله: بَكَيْت هُوَ خطاب لنَفسِهِ. والمحتزن: مفتعل من الْحزن. قَالَ الْجَوْهَرِي: احتزن وتحزن بِمَعْنى. وَأنْشد الْبَيْت. والبكي: الكثيرؤ الْبكاء فعيل من بَكَى يبكي.
وَالصبَا بِكَسْر أَوله وَالْقصر: التصابي والميل إِلَى الْجَهْل وَحَقِيقَته أَن يفعل كالصبيان. وَالصَّبِيّ: فعيل قَالَ صَاحب الصِّحَاح: يُقَال: صبيٌ بَين الصِّبَا والصباء إِذا فتحت الصَّاد مددت وَإِذا كسرت قصرت. وَصبي صباءً كسمع سَمَاعا: لعب مَعَ الصّبيان.
وَقَوله: أطرباً تقدم إعرابه عَن سِيبَوَيْهٍ. قَالَ ابْن خلف: انتصب طَربا بِفعل مُضْمر دلّ عَلَيْهِ الِاسْتِفْهَام لِأَنَّهُ بِالْفِعْلِ أولى.
وَالتَّقْدِير: أتطرب طَربا وَإِنَّمَا ذكر الْمصدر دون الْفِعْل لِأَنَّهُ أَعم وأبلغ فِي المُرَاد. وَقد اسْتشْهد بِهِ ابْن مَالك على وجوب حجذف عَامل الْمصدر الْوَاقِع فِي توبيخ.
قَالَ السُّيُوطِيّ: وَالْمَشْهُور أَنه مَنْصُوب على أَنه مفعول مُطلق وَقيل: إِنَّه على الْحَال الْمُؤَكّدَة أَي: أتطرب فِي حَال طرب. حكى ذَلِك أَبُو حَيَّان. انْتهى.
وَلَا يخفى ركاكته. وَقيل: نصب بِفعل مُقَدّر: أتأتي طَربا كَمَا يُقَال: أتأتي مَعْصِيّة على أَنه مفعول بِهِ.
والطرب هُنَا: خفَّة من حزن كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق خلافًا للأعلم.
وبخ نَفسه على وُقُوع الْحزن مِنْهُ مَعَ حَالَة الشيخوخة على ديار أحبته الخالية وَحقه أَن لَا يستفزه الْحزن وَأَن يكون متثبتاً لكَونه مِمَّن حنكته التجارب.
والدواري: مُبَالغَة دَار وَالْيَاء لتأكيد الْمُبَالغَة كالياء فِي أحمري. وَفِي الصِّحَاح: الدواري:
وَقَوله: من أَن شجاك من: تعليلية مُتَعَلقَة بطرباً أَو ببكيت. وشجاه بِالْجِيم يشجوه شجواً إِذا حزنه.)
والعامي: مَنْسُوب إِلَى الْعَام وَهُوَ الْحول وَالسّنة والمنزل الْعَاميّ: الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ حول.
والكرسي: مَنْسُوب إِلَى الكرس بِكَسْر الْكَاف وَهِي الأبوال والأبعار يتلبد بَعْضهَا إِلَى بعض.
وقدماً بِالْكَسْرِ: ظرف ليرى بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول ونائبة ضمير طلل أَو منزل وَجُمْلَة من عَهده الْكُرْسِيّ: حَال مِنْهُ.
ومحرنجم بِفَتْح الْجِيم: مَكَان الاحرنجام وَهُوَ الازدحام وَهُوَ مَعْطُوف على الْكُرْسِيّ وواو الْعَطف محذوفة. والجامل بِالْجِيم: الْجمال وَالْإِبِل وَهُوَ اسْم جمع.
والنؤي: جمع نؤى بِضَم النُّون وَسُكُون الْهمزَة بعْدهَا يَاء جمع على فعول وَهُوَ حُفْرَة تحفر حول الخباء تمنع من دُخُول الْمَطَر.
وَهَذَا المصراع أوردهُ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل: قَالَ: أَسمَاء الْمَكَان وَالزَّمَان مَا بني من الثلاثي الْمَزِيد فيهه والرباعي فعلى لفظ اسْم الْمَفْعُول. وأنشده.
وَالْمعْنَى: أَن العجاج يُنكر على نَفسه الطَّرب فِي كبر سنه فَيَقُول: أتطرب طَربا وتخف خفَّة وَالْحَال أَنْت مسن كَبِير لَا يَلِيق بك الطَّرب والدهر دوار بالإنسان يديره من حَال إِلَى حَال ويقلبه وَذَلِكَ الطَّرب من أجل أَن حزنك منزل مضى عَلَيْهِ عَام وَقد خلا أَهله مِنْهُ فاندرس وَكنت قَدِيما تعهده فِيهِ الأكراس وَمَكَان ازدحام الْإِبِل والنؤي والآن اندرس وَلم يبْق مِنْهُ شَيْء. وَقَالَ بعض فضلاء الْعَجم: قَوْله: قدماً يرى
…
إِلَخ صفة منزل. ومحرنجم الجامل: بدل من الْكُرْسِيّ بدل الاشتمال والنؤي: عطف عَلَيْهِ وَيجوز أَن يكون صفة منزل. هَذَا كَلَامه.
-
وترجمة العجاج تقدّمت فِي الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعِشْرين من أَوَائِل الْكتاب.
وَأنْشد بعده هُوَ الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة: الطَّوِيل
(وَهل أَنا إِلَّا من غزيَّة إِن غوت
…
غويت وَإِن ترشد غزيَّة أرشد)
على أَن هَل هُنَا اسْتِفْهَام صوري بِمَعْنى النَّفْي.
وَقد رُوِيَ أَيْضا: وَمَا أَنا إِلَّا من غزيَّة.
قَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف: وتنفرد هَل دون الْهمزَة بِأَن يُرَاد بالاستفهام بهَا الْجحْد نَحْو: هَل يقدر على هَذَا غَيْرِي أَي: مَا يقدر.
ويعنيه دُخُول إِلَّا نَحْو: وَهل يجازى إِلَّا الكفور وَهل أَنا إِلَّا من غزيَّة أَي: مَا يجازى إِلَّا الكفور وَمَا أَنا إِلَّا من غزيَّة.)
وَلَا يجوز أَزِيد لَا قَائِم وَلَا أَقَامَ إِلَّا زيد وَتقول: هَل يكون زيد إِلَّا عَالما وَلَا يجوز: ألم يكن وَالْبَيْت من قصيدة لدريد بن الصمَّة رثى بهَا أَخَاهُ عبد الله بن الصمَّة أوردهَا
أَبُو تَمام فِي الحماسة وانتقى منا أبياتاً فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل.
وأوردها الْأَصْبَهَانِيّ أَيْضا فِي الأغاني وَكَذَلِكَ ابْن عبد ربه أوردهَا فِي العقد الفريد.
وَهَذِه أَبْيَات مِنْهَا وَهُوَ أول مَا أوردهُ أَبُو تَمام:
(نصحت لعارضٍ وَأَصْحَاب عَارض
…
ورهط بني السَّوْدَاء وَالْقَوْم شهدي)
(فَقلت لَهُم ظوا بألفي مدججٍ
…
سراتهم فِي الْفَارِسِي المسرد)
(فَلَمَّا عصوني كنت مِنْهُم وَقد أرى
…
غوايتهم وأنني غير مهتد)
(أَمرتهم أَمْرِي بمنعرج اللوى
…
فَلم يستبينوا الرشد إِلَّا ضحى الْغَد)
(وَهل أَنا إِلَّا من غزيَّة إِن غوت
…
غويت وَإِن ترشد غزيَّة ارؤشد)
(دَعَاني أخي وَالْخَيْل بيني وَبَينه
…
فَلَمَّا دَعَاني لم يجدني بقعدد)
(تنادوا فَقَالُوا: أردْت الْخَيل فَارِسًا
…
فَقلت: أعبد الله ذَلِكُم الردي)
(فَجئْت إِلَيْهِ والرماح تنوشه
…
كوقع الصَّيَاصِي فِي النسيج الممدد
)
(فَكنت كذات البو ريعت فَأَقْبَلت
…
إِلَى قطعٍ فِي مسكٍ سقبٍ مقدد)
(فطاعنت عَنهُ الْخَيل حَتَّى تبددت
…
وَحَتَّى علاني حالك اللَّوْن أسود)
إِلَى أَن قَالَ بعد أَبْيَات كَثِيرَة:
(وَطيب نَفسِي أنني لم أقل لَهُ
…
كذبت وَلم أبخل بِمَا ملكت يَدي)
(وَهُوَ وجدي أَن مَا هُوَ فارطٌ
…
أَمَامِي وَأَنِّي هَامة الْيَوْم أَو غَد)
قَالَ صَاحب الأغاني: كَانَ السَّبَب فِي مقتل عبد الله بن الصمَّة أَنه كَانَ غزا غطفان وَمَعَهُ بَنو جشم وَبَنُو نصر أَبنَاء مُعَاوِيَة فظفر بهم وسَاق أَمْوَالهم فِي يَوْم يُقَال لَهُ: يَوْم اللوى وَمضى بهَا.
فَلَمَّا كَانَ مِنْهُم غير بعيد قَالُوا: انزلوا بِنَا. فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ دُرَيْد: نشدتك الله أَن لَا تنزل فَإِن غطفان لَيست بغافلةٍ عَن أموالها. فأقسم لَا يذهب حَتَّى يَأْخُذ مرباعه وينتقع نقيعةً فيأكل وَيطْعم.
والنقيعة: نَاقَة ينجرها من وسط الْإِبِل ثمَّ يقسم بعد ذَلِك مَا أصَاب على أَصْحَابه.
فَأَقَامَ وَعصى أَخَاهُ دريداً فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا سطعت الدواخن إِذا بغبار فقد ارْتَفع أَشد)
من دخانهم وَإِذا عبس وفزارة وَأَشْجَع قد أَقبلت فتلاحقوا
بالمنعرج من رَملَة اللوى فَاقْتَتلُوا فَقتل رجلٌ من بني قَارب وهم من بني عبسٍ عبد الله بن الصمَّة فَتَنَادَوْا: قتل عبد الله: فعطف دُرَيْد فذب عَنهُ فَلم يغن شَيْئا
وجرح دُرَيْد فَسقط فكفوا عَنهُ وهم يرَوْنَ أَنه قد قتل.
واستنقذوا المَال وَنَجَا من هرب فَمر الزهدمان وهما من عبس: زَهْدَم وَقيس: ابْنا حزن بن وهب بن رَوَاحَة.
قَالَ دُرَيْد: فَسمِعت زهدماً الْعَبْسِي يَقُول لكردم الْفَزارِيّ: إِنَّنِي أَحسب دريداً حَيا فَانْزِل فأجهز عَلَيْهِ. قَالَ: قد مَاتَ.
قَالَ: انْظُر إِلَى سبتة هَل ترمز فشددت من حتارها. قَالَ: فَنظر فَقَالَ: قد مَاتَ. فولى عَنهُ وَمَال بالزج إِلَى سبتة فطعنه فِيهَا فَسَالَ دم كَانَ قد احتقن فِي جَوْفه.
قَالَ دُرَيْد: فَعرفت الخفة حِينَئِذٍ حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل مشيت وَأَنا ضَعِيف قد نزفني الدَّم حَتَّى مَا أكاد أبْصر فمرت بِي جمَاعَة تسير فَدخلت فيهم فَوَقَعت بَين عرقوبي بعيرٍ ظَعِينَة فنفر الْبَعِير فنادت: أعوذ بِاللَّه مِنْك فأنتسب إِلَيْهَا فأعلمت الْحَيّ بمكاني فَغسل عني الدَّم وزودت زاداً وسقاءً فنجوت.
ورثاه بِهَذِهِ القصيدة ثمَّ حج كردم بعد ذَلِك فِي نفرٍ من بني عبسٍ فَلَمَّا قاربوا ديار دُرَيْد تنكروا خوفًا وَمر بهم دُرَيْد فأنكرهم ثمَّ عرف كردماً فعانقه وَأهْدى لَهُ فرسا وسلاحاً وَقَالَ لَهُ: هَذَا مَا فعلت بِي يَوْم اللوى. انْتهى.
وَقَوله: نصحت لعَارض
…
إِلَخ عَارض: قوم من بني جشم كَانَ دُرَيْد نَهَاهُم عَن النُّزُول حَيْثُ نزلُوا فعصوه ورهط بني السَّوْدَاء فيهم. وَالْقَوْم شهدي أَي: حاضرين مقَامي أَو شهودي أَنِّي قد نهيتهم.
وَقَوله: فَقلت لَهُم ظنُّوا
…
إِلَخ اسْتشْهد بِهِ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله
تَعَالَى: وَإِنِّي لأظنه كَاذِبًا على أَن الظَّن بِمَعْنى الْيَقِين.
وَأنْشد الزجاجي أَيْضا فِي بَاب من مسَائِل إِن الْخَفِيفَة من الْجمل. قَالَ اللَّخْمِيّ: ظنُّوا هُنَا مَعْنَاهُ أيقنوا وَهُوَ من الأضداد يكون شكا وَيكون يَقِينا.
وَقَالَ الطبرسي فِي شرح الحماسة: الْمَعْنى أيقنوا أَن سَيَأْتِيكُمْ ألفا فَارس مقنعين فِي الْحَدِيد.)
وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ ظنُّوا كل ظن قَبِيح بهم.
قَالَ الإِمَام عبد القاهر: يشبه أَن تكون الْبَاء هُنَا مثلهَا فِي قَوْله: ظَنَنْت بهم خيرا وَمَا ظن بِهِ أَنه يفعل كَذَا ثمَّ يكون قد حذف من الْكَلَام شَيْء كَأَنَّهُ قَالَ: ظنُّوا بألفي مدجج هَذِه صفتهمْ مَا يكون من أَمرهم وأمركم مَعَهم إِذا هم أَتَوْكُم. وَيكون من بَاب التَّعْلِيق كَقَوْلِك: ظن بزيد أَي شَيْء يصنع إِذا قلت لَهُ كَذَا وَكَذَا انْتهى.
والمدجج بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا: الْكَامِل السِّلَاح وَقيل: لابس السِّلَاح وَإِن لم يكمل. وَقيل بِالْكَسْرِ للفارس وبالفتح: الْفرس وَإِنَّهُم كَانُوا يدرعون الْخَيل.
وسراتهم بِالْفَتْح: أَشْرَافهم مُبْتَدأ وبالفارسي خَبره وَالْبَاء بِمَعْنى فِي. والدرع الْفَارِسِي يصنع بِفَارِس. والمسرد: الْمُحكم النسج وَقيل: هُوَ الدَّقِيق الثقب.
وَقَوله: فَلَمَّا عصوني
…
إِلَخ الغواية بِالْفَتْح يَقُول: لما أصروا على مَا كَانُوا عَلَيْهِ تبِعت رَأْيهمْ وَأَنا أرى عدولهم عَن الصَّوَاب وأنني غير مصيبٍ مثلهم.
وَقَوله: أَمرتهم أَمْرِي يجوز أَن يُرِيد بِهِ الْمَأْمُور بِهِ وَالْأَصْل: أَمرتهم بأَمْري فَحذف الْبَاء.
وَيجوز أَن يكون مصدر أمرت وَجَاء بِهِ لتوكيد لفعل ومنعرج اللوى بِفَتْح الرَّاء: منعطفة.
واللوى: مَوضِع الْوَقْعَة.
وَلم يستبينوا أَي: لم يتبينوا الرشد فِي الْحَال حَتَّى جَاءَ الْوَقْت الْمُقدر لَهُ.
-
وَذكر الْغَد يكثر فِيمَا يتراخى من عواقب الْأُمُور وَالْمعْنَى فِي المستأنف من الْوَقْت. وَهَذَا زَاد عَلَيْهِ ضحى لِأَنَّهُ من النَّهَار أَضْوَأ فَكَأَن الْمَعْنى: لم يتَبَيَّن لَهُم مَا دعوتهم إِلَيْهِ إِلَّا فِي الْوَقْت الَّذِي لَا لبس فِيهِ.
وَقد تمثل بِهَذَا الْبَيْت أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رضي الله عنه بعد مَا ظهر من أَمر الْخَوَارِج مَا ظهر من التَّحْكِيم فِي قَوْله: وَقد كنت أَمرتكُم فِي هَذِه الْحُكُومَة أَمْرِي ونخلت لكم مخزون رَأْيِي لَو كَانَ يطاع لقصيرٍ أَمر فأبيتم على إباء الْمُخَالفين الجفاة والمنابذين العصاة حَتَّى ارتاب الناصح بنصحه وضن الزند بقدحه فَكنت وَإِيَّاكُم كَمَا قَالَ أَخُو هوزان: أَمرتهم أَمْرِي
…
... .
الْبَيْت.
وَقَوله: وَهل أَنا إِلَّا من غزيَّة أَي: مَا أَنا إِلَّا من غزيَّة فِي حَالَة الغي والرشاد فَإِن عدلوا عَن الصَّوَاب عدلت مَعَهم وَإِن اقتحموا اقتحمت مَعَهم. وغزية بِفَتْح الْغَيْن وَكسر الزَّاي المعجمتين:)
رَهْط دُرَيْد.
وَقَالَ أَبُو تَمام فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل: غزيَّة: جد دُرَيْد. يَقُول: أَنا تَابع لقومي على رشدٍ كَانُوا أم غي.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: الغي: الضلال. والخيبة أَيْضا. وَقد غوى بِالْفَتْح يغوي بِالْكَسْرِ غياً وغواية. وَأنْشد الْبَيْت. والرشد جَاءَ فعله من بَاب فَرح وَمن بَاب نصر.
وَقَوله: دَعَاني أخي
…
إِلَخ لم يروه أَبُو تَمام. وَاسْتشْهدَ بِهِ ابْن النَّاظِم وَغَيره فِي دُخُول الْبَاء الزَّائِدَة فِي الْمَفْعُول الثَّانِي لوجد. والقعدد بِضَم الْقَاف وَالدَّال وَيجوز
فتح الدَّال أَيْضا.
قَالَ ابْن سَيّده فِي الْمُحكم: هُوَ الجبان اللَّئِيم الْقَاعِد عَن الْحَرْب والمكارم. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وَرجل قعدد وقعدد إِذا كَانَ قريب الْآبَاء إِلَى الْجد الْأَكْبَر. ويمدح بِهِ من وَجه لِأَن الْوَلَاء للكبر ويذم من وجهٍ لِأَنَّهُ من أَوْلَاد الهرمي وينسب إِلَى الضعْف. وَأنْشد الْبَيْت.
وَقَوله: تنادوا فَقَالُوا
…
إِلَخ يُرِيد: بِالْخَيْلِ الفرسان. يَقُول: نَادَى
بَعضهم بَعْضًا: اهلك الفرسان فَارِسًا فَقلت: أعبد الله ذَلِكُم الْهَالِك وَإِنَّمَا دَعَاهُ إِلَى هَذَا القَوْل أَمْرَانِ: أَحدهمَا: سوء ظن الشَّقِيق وَالْآخر: أَنه علم إقدامه فِي الْحَرْب.
وَقَوله: فَجئْت إِلَيْهِ أَي: لأقيه بنفسي فلحقته والرماح تنوشه أَي: تنَاوله.
والصياصي: جمع صيصية وَهِي شَوْكَة الحائك فِي نسجه الْمَمْدُود إِذا أَرَادَ تَمْيِيز طاقات السّديّ بَعْضهَا من بعض وَسميت بذلك تَشْبِيها بصيصية الديك وَهِي دابرته فِي سَاقه وبصيصية الثور وَهُوَ قرنه.
وَأما قَوْله تَعَالَى: من صياصيهم فَمَعْنَاه: من حصونهم وقلاعهم وَقَوله: فَكنت كذات البو
…
إِلَخ قَالَ أَبُو تَمام فِي مُخْتَار أشعار الْقَبَائِل: ذَات البو: نَاقَة.
وريعت: أفزعت والمسك بِالْفَتْح: الْجلد. والبو: جلد الحوار يحشى بالتبن فَإِذا لم تدر النَّاقة ألقوه إِلَيْهَا فَدرت. انْتهى.
يَقُول: فَكنت كناقة لَهَا ولد فأفزعت فِيهِ لما تَبَاعَدت عَنهُ فِي مرعاها فَأَقْبَلت نَحوه فَإِذا هُوَ جلد مقطع كَأَنَّهُ انْتهى إِلَى أَخِيه وَقد فرغ من قلته وقدد أَي: قطع. والسقب بِالْفَتْح: الذّكر من أَوْلَاد الْإِبِل.
وَقَوله: فطاعنت عَنهُ الْخَيل
…
إِلَخ أَي: دفعت الفرسان عَنهُ حَتَّى تكشفوا وَإِلَى أَن جرحت)
فَسَالَ الدَّم عَليّ. وَقَوله: حالك اللَّوْن أسود فِيهِ إقواء وَهُوَ من عُيُوب القوافي.
وَقَوله: قتال امْرِئ
…
إِلَخ يَقُول: قَاتَلت عَنهُ قتال رجل جعل نَفسه أُسْوَة أَخِيه أَي: مثله فِيمَا نابه من خيرٍ أَو شَرّ وَعلم أَنه سيموت فَاخْتَارَ مواساة أَخِيه ليسلما مَعًا أَو يموتا مَعًا.
-
وَقَوله: وَطيب نَفسِي
…
إِلَخ أَي: طيب نَفسِي كوني لَك أخالفه فِي شَيْء رَآهُ وَلَا قبحت عَلَيْهِ مَا أَتَاهُ وَلم أبخل عَلَيْهِ بِشَيْء من مَالِي أَي: أعظمته فِي القَوْل عِنْد مخاطبته وَفِي الْفِعْل عِنْد مُعَامَلَته فَأَشَارَ إِلَى القَوْل بقوله: لم أقل لَهُ كذبت وَإِلَى الْفِعْل بقوله: وَلم أبخل
…
إِلَخ.
وَقَوله: وهون وجدي
…
إِلَخ الوجد: الْحزن. والفارط: الَّذِي يتَقَدَّم الواردين فيهيئ الدلاء والحوض ويستقي بِالْمَاءِ. أَي: هون وجدي عَليّ بِأَن لحاقي بِهِ قريب كَمَا يقرب لحاق الواردين بالفارط. والهامة هُنَا: الذَّاهِب من هام على وَجهه يهيم هيماً إِذا ذهب من الْعِشْق أَو غَيره.
وترجمة دُرَيْد بن الصمَّة تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّانِي بعد التسْعمائَة.