المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد التسعون بعد الثمانمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ١١

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْحُرُوف العاطفة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي والتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للتسعمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي بِعَهْد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد لحادي عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف التَّنْبِيه)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف التحضيض)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(حُرُوف الشَّرْط)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(نون التوكيد)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بِهِ التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(هَاء السكت)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)

الفصل: ‌(الشاهد التسعون بعد الثمانمائة)

زِيَادَة الْفَاء وَحكم بزيادتها هُنَا للضَّرُورَة. وَمن تبعه وجّه مَا أوهم الزِّيَادَة فوجّهها صَاحب اللّبَاب بِأَنَّهَا إِنَّمَا كرّرت هُنَا لبعد الْعَهْد بِالْفَاءِ الأولى كَمَا كرّر الْعَامِل فِي قَوْله: الطَّوِيل

(لقد علم الحيّ اليمانون أنّني

إِذا قلت أمّا بعد أنّي خطيبها)

أُعِيد أنّي لبعد الْعَهْد بأنني انْتهى.

وَهَذَا لَا يطّرد لَهُ فِي الْآيَة.

وَهَذَا المصراع عجز وصدره: لَا تجزعي إِن منفسٌ أهلكته وَالْبَيْت آخر قصيدة للنمر بن تولب الصَّحَابِيّ وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ مَعَ شرح القصيدة وترجمته فِي الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعِينَ من أَوَائِل الْكتاب.

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد التِّسْعُونَ بعد الثَّمَانمِائَة)

الْخَفِيف

على أنّ ثمّ فِيهِ لمُجَرّد التَّرْتِيب فِي الذّكر إِلَى آخِره.

وَهَذَا أحد أجوبة ثَلَاثَة عَن إِشْكَال وَهُوَ أنّ ثمّ هُنَا قد عطفت المتقدّم على المتأخّر وَهُوَ عكس وَضعهَا فَأجَاب الْفراء وَهُوَ مَا ذكره الشَّارِح بأنّ ثمّ

ص: 37

فِيهِ للتَّرْتِيب الذكريّ وَيُقَال لَهُ: التَّرْتِيب الإخباري وترتيب اللَّفْظ أَيْضا.

وَذَلِكَ أنّ الْفَاء وثمّ يكونَانِ لترتيب الْأَفْعَال والأقوال وثمّ هُنَا لترتيب القَوْل بِحَسب الذّكر والإخبار والتلفّظ قَالَ الْفراء وَمِنْه: بَلغنِي مَا صنعت الْيَوْم ثمَّ مَا صنعت أمس أعجب.

وَإِلَيْهِ ذهب ابْن مَالك فِي التسهيل فَقَالَ: وَقد تقع ثمَّ فِي عطف المتقدّم بِالزَّمَانِ اكْتِفَاء بترتيب اللَّفْظ. انْتهى.

وَفِي هَذَا الْجَواب اعْتِرَاف بأنّ ثمّ هُنَا للتَّرْتِيب بِدُونِ تراخٍ ومهلة كَمَا صرح بِهِ الشَّارِح وَهُوَ خلاف وَضعهَا.

وَأجَاب ابْن عُصْفُور وَهُوَ الْجَواب الثَّانِي بأنّ ثمّ هُنَا على بَابهَا بِتَقْدِير أنّ الممدوح سَاد أوّلاً ثمَّ سَاد أَبوهُ بسيادته ثمَّ جدّه.

قَالَ فِي شرح الْجمل: وَمَا ذكره الْفراء من أنّ الْمَقْصُود بثمّ تَرْتِيب الْأَخْبَار لَا تَرْتِيب الشَّيْء فِي نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ: اسْمَع منّي هَذَا الَّذِي هُوَ: بَلغنِي مَا صنعت الْيَوْم ثمَّ اسْمَع منّي هَذَا الْخَبَر الآخر الَّذِي هُوَ: مَا صنعت أمس أعجب لَيْسَ بِشَيْء لِأَن ثمّ تَقْتَضِي تَأْخِير الثَّانِي عَن الأول بمهلة وَلَا مهلة بَين الإخبارين.

وَأما قَول الشَّاعِر: إنّ من سَاد الْبَيْت فَيَنْبَغِي أَن يحمل على ظَاهره وَيكون

الجدّ قد أَتَاهُ السّودد من قبل الْأَب وأتى الْأَب من قبل الابْن.

وَذَلِكَ مِمَّا يمدح بِهِ وَإِن كَانَ الْأَكْثَر فِي كَلَامهم توارث السّودد وَيكون الْبَيْت إِذْ ذَاك مثل قَول ابْن الرُّومِي: الْبَسِيط

(قَالُوا: أَبُو الصّقر من شَيبَان قلت لَهُم

كلاّ لعمري وَلَكِن مِنْهُ شَيبَان)

(فكم أبٍٍ قد علا بابنٍ ذرا حسبٍ

كَمَا علت برَسُول الله عدنان)

انْتهى.)

ص: 38

قَالَ الْمرَادِي فِي الجنى الداني: مَا ذكره ابْن عُصْفُور فِي تَأْوِيل الْبَيْت لَا يساعد عَلَيْهِ قَوْله: قبل ذَلِك. انْتهى.

قَالَ الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة: وَذَلِكَ لأنّ مَضْمُون الْكَلَام على مَا أجَاب بِهِ ابْن عُصْفُور أنّ سودد الابْن سَابق لسودد الْأَب وسدود الْأَب سَابق لسودد الجدّ وَالسَّابِق للسابق لشَيْء سَابق لذَلِك الشَّيْء فَتكون سيادة الابْن سَابِقَة لكل من سيادة أَبِيه وسيادة جدّه وسيادة الْأَب وَأجَاب بَعضهم عَن ابْن عُصْفُور بتحمّل وردّ عَلَيْهِ ويردّ عَلَيْهِ أَيْضا بأنّ ثمّ على التَّرَاخِي فَمَا معنى التَّرَاخِي والمهملة هُنَا وَأجَاب الْأَخْفَش وَهُوَ الْجَواب الثَّالِث بأنّ ثمّ هُنَا بِمَعْنى الْوَاو لمُطلق الْجمع. وردّ عَلَيْهِ بَعضهم بِأَنَّهُ لَو صحّ جريانها مجْرى الْوَاو لجَاز وُقُوعهَا حَيْثُ مَا يصلح إلاّ معنى الْوَاو فَكَانَ يُقَال: اخْتصم زيد ثمَّ عَمْرو كُنَّا يُقَال: اخْتصم زيد وَعَمْرو ولكنّ ذَلِك غير مقول بِاتِّفَاق.

-

قَالَ الشاطبي فِي شرح الألفية: قَالَ الْمَاوَرْدِيّ: الدَّلِيل على أَن ثمَّ لَا تكون بِمَعْنى الْوَاو إِجْمَاع الْفُقَهَاء على أَنه لَا يجوز أَن يُقَال: هَذَا بيمن الله ويمنك بِالْوَاو وَلَكِن أَجَازُوا أَن يُقَال: هَذَا بيمن الله ثمَّ يمنك. قَالَ: وَلَو كَانَت بِمَعْنى الْوَاو مَا فرّوا إِلَيْهَا.

قَالَ: وَفِي الحَدِيث أنّ بعض الْيَهُود قَالَ لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم: تَزْعُمُونَ أَنكُمْ لَا تشركون بِاللَّه وَأَنْتُم تَقولُونَ: مَا شَاءَ الله وشئت فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ: لَا تقولوها وَقُولُوا: مَا شَاءَ الله ثمَّ شِئْت. حدّث بِهِ قَاسم بن أصبغ. انْتهى.

ص: 39

وَأَقُول: هَذَا لَا يرد على الْأَخْفَش فَإِنَّهُ لم يدّع أنّ ثمَّ بِمَعْنى الْوَاو دَائِما وَإِنَّمَا يُرِيد قد تكون بمعناها فِي بعض الْموَاد وَذَلِكَ على سَبِيل الْمجَاز وَلَا يخفى أَن الْبَيْت إِذا حمل على قَوْله لم يرد عَلَيْهِ شَيْء.

قَالَ الدماميني: لَا خَفَاء فِي كَون الْقَائِل بِأَن ثمَّ تسْتَعْمل بِدُونِ تَرْتِيب كالواو يَقُول: بِأَن ذَلِك اسْتِعْمَال مجازيّ وَلَا يشْتَرط فِي آحَاد الْمجَاز أَن تنقل بِأَعْيَانِهَا عَن أهل اللُّغَة بل يكْتَفى بالعلاقة على الْمَذْهَب الْمُخْتَار.

والعلاقة المصححة هُنَا الِاتِّصَال الَّذِي بَين هذَيْن الحرفين من جِهَة أَن الْوَاو لمُطلق الْجمع وَثمّ لجمع مقيّد وَالْمُطلق دَاخل فِي المقيّد فَثَبت أنّ بَينهمَا اتِّصَالًا معنوياً فَجَاز اسْتِعْمَال ثمَّ بِمَعْنى الْوَاو مجَازًا لذَلِك.)

وَحِينَئِذٍ فالسعي فِي تَأْوِيل تِلْكَ الْأَمْثِلَة مِمَّا يصحح التَّرْتِيب فِيهَا نظر فِي أَمر جزئيّ لَا يَقْتَضِي بطلَان المدّعى من أَصله انْتهى.

وَهَذَا الْبَيْت من شعرٍ مولّد لَا يوثق بِهِ وأوله مغيّر اشْتهر بِهِ وَهُوَ أول أَبْيَات

سَبْعَة لأبي نواس الْحسن بن هَانِيء مدح بهَا الْعَبَّاس بن عبيد الله بن أبي جَعْفَر وَهِي: الْخَفِيف

(قل لمن سَاد ثمَّ سَاد أَبوهُ

قبله ثمَّ قبل ذَلِك جدّه)

(وَأَبُو جدّه فَسَاد إِلَى أَن

يتلاقى نزاره ومعدّه)

(ثمَّ آباؤه إِلَى الْمُبْتَدَأ من

هـ أبٌ لَا أبٌ وأمٌّ تعدّه)

(يَا ابْن بحبوحة البطاح عبيد الل

هـ غوثاً من مستغيثٍ تودّه)

ص: 40

(واستزدني إِلَى مكارمك الغ

رّ وفضلٍ إِلَيْك خيّم مجده)

(عبدريًّ إِذا انْتَمَى أبطحيًّ

تالدٍ نسجه عتيقٍ فرنده)

وَالْعَبَّاس هَذَا: عمّ هَارُون الرشيد.

وَلم يعرفهُ ابْن الملا فِي شرح الْمُغنِي فَقَالَ: لَعَلَّه الْعَبَّاس بن الْمَأْمُون بن الرشيد وَأَبُو نواس مَاتَ قبل أَن يصير ابْن الْمَأْمُون فِي عداد من يمدح.

والمأمون اسْمه عبد الله وَأَبُو الممدوح اسْمه عبيد الله بِالتَّصْغِيرِ كَمَا فِي الشّعْر.

وَقَوله: وَأَبُو جده مَعْطُوف على جده وَقَوله: فَسَاد يُرِيد فَسَاد من بَقِي من جدوده وَاحِدًا بعد وَاحِد إِلَى أَن يلاقيه جده نزار بن معد بن عدنان وَهُوَ عَمُود النّسَب المحمدي صلى الله عليه وسلم َ.

وَزعم ابْن الملا أَن قَوْله: وَأَبُو جده فَسَاد مُبْتَدأ وَخبر وَالْفَاء زَائِدَة.

وَقَوله: ثمَّ آباؤه أَي: بعد معد وَقَوله: إِلَى الْمُبْتَدَأ مِنْهُ أَب هُوَ آدم عليه السلام خلقه الله تَعَالَى من ترابٍ لَا من أبٍ وَأم.

-

وَقَوله: وَلَا أَب وَأم تعده أَي: لَا لَهُ أَب تعده وَلَا لَهُ أمٌ تعدّها.

وَعبيد الله بِالْجَرِّ: بدل من بحبوحة وَقَوله: غوثاً مَنْصُوب بِتَقْدِير أطلب وَهُوَ اسْم الإغاثة

ص: 41

وَقَوله: فاهتبل الاهتبال: الاغتنام والصنيعة: الْفِعْل الْجَمِيل. واذخرني: أَمر من ذخرته ذخْرا من بَاب نفع إِذا أعددته لوقت الْحَاجة إِلَيْهِ وَالِاسْم: الذخر بِالضَّمِّ وأجيده من الإجادة: أَي: أحسّنه وأجده أَي أحدثه جَدِيدا.)

وَقَوله: واستزدني إِلَى مكارمك أَي: اجْعَلنِي زِيَادَة مَضْمُومَة إِلَى مكارمك أَي: اجْعَلنِي بعض مكارمك أَي: أفعالك الَّتِي تمدح بهَا والغر: جمع أغر وغرّاء والأغر: الْوَاضِح الْمَشْهُور.

وَقَوله: وَفضل بِالْجَرِّ مَعْطُوف على مكارمك وخيّم: أَقَامَ. وَالْمجد: الشّرف والعز.

وَقَوله: عبدري بِالْجَرِّ: صفة لفضل مَنْسُوب إِلَى عبد الدَّار وَهُوَ أحد أَوْلَاد قصي بن كلاب.

وانتمى: انتسب. وأبطحي بِالْجَرِّ أَيْضا يردي أَنه من قُرَيْش البطاح وهم أشرف من قُرَيْش الظَّوَاهِر.

وَقَوله: تالدٍ نسجه بِالْجَرِّ: صفة سَبَبِيَّة لفضل. ونسجه: فَاعل تالد والتالد: الْقَدِيم الْأَصْلِيّ وَالْهَاء فِي نسجه ضمير فضل. وعتيق بِالْجَرِّ أَيْضا. والفرند بكسرتين: الْجَوْهَر وَالْحسن.

وترجمة أبي نواس تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخمسين من أَوَائِل الْكتاب.

ص: 42

-

وَأنْشد بعده الطَّوِيل فَلم أجزنا ساحة الْحَيّ هُوَ قِطْعَة من بَيت من معلقَة امرىء الْقَيْس وَهُوَ:

(فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ وانتحى

بِنَا بطن خبتٍ ذِي قفاف عقنقل)

على أَن الْوَاو فِي قَوْله: وانتحى قيل: زَائِدَة وانتحى: جَوَاب لما وأوله البصريون.

وَهَذَا الْخلاف فِي الْبَيْت مَبْنِيّ على أَن مَا بعده هَذَا:

(إِذا قلت هَاتِي نوليني تمايلت

عَليّ هضيم الكشح ريا المخلخل)

فَإِن لما فِي الْبَيْت السَّابِق تَقْتَضِي جَوَابا وَلَا شَيْء فِي الْبَيْتَيْنِ صَالح لِأَن يكون جَوَابا فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: انتحى هُوَ الْجَواب وَالْوَاو زَائِدَة.

وَقَالَ البصريون: الْوَاو عاطفة وَالْجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره: فَلَمَّا أجزنا وانتحى بِنَا بطن خبتٍ أمنا أَو نلْت مأمولي وَنَحْو ذَلِك وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة أَن مَا بعد فَلَمَّا أجزنا

الْبَيْت هُوَ هَذَا:

(هصرت بفودي رَأسهَا فتمايلت

عَليّ هضيم الكشح ريا المخلخل)

وَعَلَيْهَا يكون هصرت جَوَاب لما عِنْد الْفَرِيقَيْنِ فَلَا زِيَادَة وَلَا نقص.

-

وَاعْلَم أَن الْكُوفِيّين وَجَمَاعَة من الْبَصرِيين أَجَازُوا زِيَادَة الْوَاو قَالَ الْفراء فِي تَفْسِير سُورَة يُوسُف: قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا جهزهم بجهازهم جعل السِّقَايَة جَوَاب وَرُبمَا أدخلت فِي مثلهَا الْوَاو)

وَهِي جَوَاب على حَالهَا

ص: 43

كَقَوْلِه فِي أول السُّورَة: فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غيابة الْجب وأوحينا إِلَيْهِ وَالْمعْنَى وَالله أعلم أَوْحَينَا إِلَيْهِ.

وَهِي فِي قِرَاءَة عبد الله: فَلَمَّا جهزهم بجهازهم وَجعل السِّقَايَة. وَمثله فِي الْكَلَام: لما أَتَانِي وأثب عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ وَثَبت عَلَيْهِ. وَقد جَاءَ الشّعْر فِي ذَلِك قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ وانتحى الْبَيْت وَقَالَ آخر: الْكَامِل

(حَتَّى إِذا قملت بطونكم

ورأيتم أبناءكم شبوا)

(وقلبتم ظهر الْمِجَن لنا

إِن اللَّئِيم الْعَاجِز الخب)

أَرَادَ: قلبتم.

وَقَالَ أَيْضا فِي آخر تَفْسِير سُورَة الْأَنْبِيَاء: وَقَوله تَعَالَى: واقترب الْوَعْد الْحق

مَعْنَاهُ وَالله أعلم: حَتَّى إِذا فتحت اقْترب وَدخُول الْوَاو فِي الْجَواب فِي حَتَّى إِذا بِمَنْزِلَة قَوْله تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاؤوها وَفتحت. وَفِي قِرَاءَة عبد الله: فَلَمَّا جهزهم بجهازهم وَجعل السِّقَايَة وَفِي قراءتنا بِغَيْر وَاو. وَمثله فِي الصافات: فَلَمَّا أسلما وتله للجبين وناديناه مَعْنَاهُ ناديناه.

ص: 44

فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ وانتحى الْبَيْت يُرِيد: انتحى. انْتهى كَلَامه.

وَقد أورد أَن ابْن الْأَنْبَارِي فِي مسَائِل الْخلاف كَلَام الْفَرِيقَيْنِ فَلَا بَأْس بنقله مُخْتَصرا قَالَ: ذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الْوَاو العاطفة يجوز أَن تقع زَائِدَة وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو الْحسن الْأَخْفَش وَأَبُو الْعَبَّاس الْمبرد وَأَبُو الْقَاسِم بن برهَان من الْبَصرِيين. وَذهب البصريون إِلَى أَنه لَا يجوز.

وَاحْتج الْكُوفِيُّونَ بقوله تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاؤوها وَفتحت أَبْوَابهَا قَالُوا: فتحت جَوَاب إِذا وَالْوَاو زَائِدَة كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي صفة سوق أهل النَّار إِلَيْهَا: حَتَّى إِذا جاؤوها فتحت أَبْوَابهَا وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدبٍ يَنْسلونَ واقترب الْوَعْد الْحق اقْترب جَوَاب إِذا وَالْوَاو زَائِدَة وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا السَّمَاء انشقت وأذنت لِرَبِّهَا وحقت التَّقْدِير أَذِنت.

وَبقول الشَّاعِر: فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ وانتحى الْبَيْت

)

وَبقول آخر: حَتَّى إِذا قملت بطونكم الْبَيْتَيْنِ وَعَن الْآيَة الثَّانِيَة بِأَن التَّقْدِير: وهم من كل حدبٍ يَنْسلونَ

ص: 45

قَالُوا يَا ويلنا. وَقيل الْجَواب: فَإِذا هِيَ شاخصة.

وَعَن الثَّالِثَة بِأَن التَّقْدِير: وأذنت لِرَبِّهَا وحقت يرى الْإِنْسَان الثَّوَاب وَالْعِقَاب. وَكَذَا يقدر فِي قَول الشَّاعِر: فَلَمَّا أجزنا وانتحى بِنَا بطن خبتٍ خلونا ونعمنا. وقلبتم ظهر الْمِجَن لنا بَان غدركم ولؤمكم.

وَإِنَّمَا حذف الْجَواب فِي هَذِه الْمَوَاضِع للْعلم بِهِ توخياً للإيجاز وَقد جَاءَ حذف الْجَواب.

قَالَ تَعَالَى: وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال أَو قطعت بِهِ الأَرْض أَو كلم بِهِ الْمَوْتَى التَّقْدِير: لَكَانَ هَذَا الْقُرْآن.

وَقَالَ تَعَالَى: وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته. وَتَقْدِيره: لفضحكم بِمَا ترتكبون ولعاجلكم بالعقوبة وَحذف الْجَواب أبلغ لتذهب النَّفس إِلَى كل مَذْهَب مُمكن. انْتهى كَلَامه.

قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أدب الْكَاتِب: وَكَانَ بعض النَّحْوِيين فِيمَا حكى أَبُو إِسْحَاق الزّجاج يذهب فِيمَا كَانَ من هَذَا النَّوْع مذهبا يُخَالف فِيهِ الْبَصرِيين والكوفيين فَكَانَ يَقُول فِي الْآيَة: حَتَّى إِذا جاؤوها جاؤوها وَفتحت أَبْوَابهَا.

-

وَكَذَلِكَ بَيت امرىء الْقَيْس: فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ أجزناها وانتحى فَالْجَوَاب على رَأْيه وَذهب ابْن عُصْفُور فِي كتاب الضرائر إِلَى مَذْهَب الْكُوفِيّين إِلَّا أَنه خص الزِّيَادَة الْوَاو بالشعر وَهَذَا تحكم مِنْهُ من غير فَارق وَأنْشد تِلْكَ الأبيات وَقَول أبي خرَاش:

ص: 46

الطَّوِيل

(لعمر أبي الطير المربة بالضحى

على خالدٍ لقد وَقعت على لحم)

(وَلحم امرىءٍ لم تطعم الطير مثله

عَشِيَّة أَمْسَى لَا يبين من الْبكم)

قَالَ: يُرِيد لحم امرىء. وَهُوَ بدل من لحم الْمُتَقَدّم إِلَّا أَنه اضْطر فَزَاد الْوَاو بَين الْبَدَل والمبدل مِنْهُ.

وَأنْشد أَيْضا: الطَّوِيل

(فَإِن رشيدا وَابْن مرروان لم يكن

ليفعل حَتَّى يصدر الْأَمر مصدرا)

قَالَ: يُرِيد رشيد بن مَرْوَان فَزَاد الْوَاو بَين الصّفة والموصوف وَأنْشد أَيْضا قَول الآخر: الْكَامِل)

(كُنَّا وَلَا تَعْصِي الحليلة بَعْلهَا

فاليوم تضربه إِذا مَا هُوَ عصى)

قَالَ: زَاد الْوَاو فِي خبر كَانَ.

هَذَا. وَالْبَيْت الشَّاهِد قبله:

(وبيضة خدرٍ لَا يرام خباؤها

تمتعت من لهوٍ بهَا غير معجل

)

(تجاوزت أحراساً إِلَيْهَا ومعشراً

عَليّ حراساً لَو يسرون مقتلي)

(فَجئْت وَقد نضت لنومٍ ثِيَابهَا

لَدَى السّتْر إِلَّا لبسه المتفضل)

(فَقَالَت: يَمِين الله مَا لَك حيلةٌ

وَمَا إِن أرى عَنْك الغواية تنجلي)

(فَقُمْت بهَا أَمْشِي تجر وَرَاءَنَا

على إثرنا أذيال مرطٍ مرحل)

فَلَمَّا أجزنا ساحة الْحَيّ

...

. . إِلَى آخر الْبَيْتَيْنِ

(مهفهفةٌ بيضاءٌ غير مفاضةٍ

ترائبها مصقولةٌ كالسجنجل)

ص: 47

وَقَوله: وبيضة خدر

إِلَخ أَي: رب امْرَأَة لَزِمت خدرها تشبه الْبَيْضَة

فِي الْبيَاض والملاسة تمتعت بهَا غير خَائِف من أحد.

وَقَوله: تجاوزت أحراساً

إِلَخ يسرون بِالْمُهْمَلَةِ: يخفون وبالمعجمة: يظهرون وَيَأْتِي إِن شَاءَ الله شرح هذَيْن الْبَيْتَيْنِ فِي حُرُوف الْمصدر.

وَقَوله: إِذا مَا الثريا فِي السَّمَاء

إِلَخ إِذا: ظرف لقَوْله تجاوزت أَي: تخطيت أحراساً إِلَيْهَا وَقت تعرض الثريا فِي السَّمَاء وَهُوَ آخر اللَّيْل وَذَلِكَ وَقت غَفلَة رقبائها وحرسها.

والوشاح: شَيْء ينسج من أَدِيم ويرصع شبه قلادة تلبسه النِّسَاء وَجمعه وشح مثل كتاب وَكتب وتوشح بثوبة وَهُوَ أَن يدخلة تَحت إبطه الْأَيْمن وَيُلْقِيه على مَنْكِبه الْأَيْسَر كَمَا يفعل الْمحرم قَالَه الْأَزْهَرِي. واتشح بِثَوْبِهِ كَذَلِك كَذَا فِي الْمِصْبَاح.

وَقَالَ صَاحب الصِّحَاح: الوشاح ينسج عريضاً من أَدِيم ويرصع بالجواهر وتشده الْمَرْأَة بَين عاتقيها وكشحيها.

والتعرض: الِاسْتِقْبَال. وأثناء الوشاح: أوساطه جمع ثنى كعصا وثنى مثل إِلَى وَثني بِكَسْر أَوله وَسُكُون ثَانِيَة.

وَكَذَلِكَ مُفْرد الآلاء بِمَعْنى النعم ذكرهمَا ابْن الْأَنْبَارِي. والمفصل: الَّذِي قد فصل بالأحجار كالزبرجد والشذر.)

يَقُول: تجاوزت إِلَيْهَا فِي وَقت إبداء الثريا عرضهَا فِي السَّمَاء كإبداء الوشاح الَّذِي فصل بَين جواهره وخرزه عرضه وَأنكر قوم هَذَا وَقَالُوا: الثريا لَا تعرض لَهَا.

وَقيل: يُرِيد بِالثُّرَيَّا الجوزاء وَأَن هَذَا مثل قَول زُهَيْر: الطَّوِيل

(

فتنتج لكم غلْمَان أشأم كلهم

كأحمر عادٍ ثمَّ ترْضع فتفطم)

قَالُوا: يُرِيد كأحمر ثَمُود فغلط.

وَقيل: إِنَّهَا إِذا طلعت طلعت على استقامة وَإِذا اسْتَقَلت تعرضت. وَهَكَذَا الوشاح يعْتَرض على الكشح

ص: 48

وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تَأْخُذ الثريا وسط السَّمَاء كَمَا يَأْخُذ الوشاح وسط الْمَرْأَة.

شبه اجْتِمَاع كواكب الثريا ودنو بَعْضهَا من بعض بالوشاح المنتظم بالودع الْمفصل بَينه.

وَقَالَ الْخَطِيب التبريزي: مَعْنَاهُ: أَن الثريا تستقبلك بأنفها أول مَا تطلع فَإِذا أَرَادَت أَن تسْقط تعرضت كَمَا أَن الوشاح إِذا طرح تلقاك بناحيتيه.

قَالَ الإِمَام الباقلاني فِي كتاب إعجاز الْقُرْآن بعد نقل هَذِه الْوُجُوه: الْأَشْبَه عندنَا أَن الْبَيْت غير معيب من حَيْثُ عابوه وَأَنه من محَاسِن القصيدة وَلَكِن لم يَأْتِ فِيهِ بِمَا يفوت الشأو ويستولي على الأمد أَنْت تعلم أَنه لَيْسَ للْمُتَقَدِّمين وَلَا للمتأخرين فِي وصف شَيْء من النُّجُوم مثل مَا فِي وصف الثريا وكل قد أبدع فِيهِ وَأحسن فإمَّا أَن يكون قد عَارضه أَو زَاد عَلَيْهِ فَمن ذَلِك قَول ذِي الرمة: الطَّوِيل

(وَردت اعتسافاً والثريا كَأَنَّهُ

على قمة الرَّأْس ابْن ماءٍ محلق

)

وَمن ذَلِك قَول ابْن المعتز: الْكَامِل

(وَترى الثريا فِي السَّمَاء كَأَنَّهَا

بيضاتٌ أدحي يلحن بفدفد)

وَكَقَوْلِه: الطَّوِيل

(كَأَن الثريا فِي أَوَاخِر لَيْلهَا

تفتح نورٍ أَو لجامٌ مفضض)

وَقَوله: الطَّوِيل

(فناولنيها والثريا كَأَنَّهَا

جنى نرجسٍ حَيا الندامى بِهِ الساقي)

ص: 49

(ولاحت لساريها الثريا كَأَنَّهَا

لَدَى الْأُفق الغربي قرطٌ مسلسل)

وَلابْن المعتز: الْبَسِيط

(وَقد هوى النَّجْم والجوزاء تتبعه

كذات قرطٍ أَرَادَتْهُ وَقد سقطا))

أَخذه من ابْن الرُّومِي: الْخَفِيف

(طيبٌ رِيقه إِذا ذقت فَاه

والثريا بِجَانِب الغرب قرط)

وَلابْن المعتز: مجزوء الْخَفِيف

(قد سقاني المدام وَال

صبح بِاللَّيْلِ مؤتزر)

(والثريا كنور غص

نٍ على الأَرْض قد نثر

)

وَلابْن الطثرية: الطَّوِيل

(إِذا مَا الثريا فِي السَّمَاء كَأَنَّهُ

جمانٌ وَهِي من سلكه فتبددا)

وَلَو نسجت لَك كل مَا قَالُوا من البديع فِي وصف الثريا لطال وَإِنَّمَا نُرِيد أَن نبين لَك أَن الإبداع فِي نَحْو هَذَا أَمر قريب وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء غَرِيب.

وَفِي جملَة مَا نَقَلْنَاهُ مَا يزِيد على تشبيهه فِي الْحسن أَو يُسَاوِيه. وَإِذا كَانَ هَذَا بَيت

ص: 50

القصيدة ودرة القلادة وَهَذَا مَحَله فَكيف بِمَا تعداه ثمَّ فِيهِ ضرب من التَّكَلُّف لِأَن قَوْله: تعرضت من الْكَلَام الَّذِي يسْتَغْنى عَنهُ لِأَنَّهُ يشبه أثْنَاء الوشاح بِالثُّرَيَّا سَوَاء كَانَ فِي وسط السَّمَاء أَو عِنْد الطُّلُوع والمغيب فالتهويل بالتعرض والتطويل بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ لَا معنى لَهُ.

وَفِيه أَن الثريا كقطعة من الوشاح الْمفصل فَلَا معنى لقَوْله تعرض أثْنَاء الوشاح وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يَقُول: تعرض قِطْعَة من أثْنَاء الوشاح فَلم يستقم لَهُ اللَّفْظ حَتَّى شبه مَا هُوَ كالشيء الْوَاحِد بِالْجمعِ انْتهى كَلَامه.

وَقَوله: أتيت وَقد نضت

إِلَخ نضت بالضاد الْمُعْجَمَة يُقَال: نضا ثَوْبه ينضوه نضواً إِذا خلعه.

واللبسة بِالْكَسْرِ: هَيْئَة لبس الثَّوْب والمتفضل: الَّذِي يبْقى فِي ثوبٍ وَاحِد لينام أَو ليخف فِي عمله وَاسم الثَّوْب الْمفضل بِكَسْر الْمِيم وَفضل أَيْضا بِضَمَّتَيْنِ وَيُقَال للرجل وَالْمَرْأَة فضل أَيْضا.

يَقُول: أتيتها وَقد خلعت ثِيَابهَا للنوم غير الثَّوْب الَّذِي تنام فِيهِ وَقد وقفت لي عِنْد السّتْر منتظرةً وَإِنَّمَا خلعت ثِيَابهَا لترى أَهلهَا أَنَّهَا تُرِيدُ النّوم كَذَا قَالَ الزوزني.

-

وَبِه يرد على الباقلاني فِي قَوْله: إنّ لَدَى السّتْر حَشْو لَا فَائِدَة لَهُ.

وَقَوله: فَقَالَت يَمِين الله

إِلَخ يرْوى بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي قسمي. ويروى بِالنّصب وَتَقْدِيره أَحْلف بِيَمِين الله. وَجُمْلَة: مَا لَك حِيلَة جَوَاب الْقسم أَي: مَا لَك حِيلَة فِي)

وَقيل: لَا أقدر أَن أحتال فِي دفعك عني. وَإِن بعد مَا زَائِدَة. والغواية بِالْفَتْح: الضَّلَالَة.

وتنجلي: تنكشف.

ص: 51

وَقَوله: فَقُمْت بهَا

إِلَخ أَي: مَعهَا. وَرُوِيَ: خرجت بهَا أَي: أخرجتها وَجُمْلَة أَمْشِي: حَال من التَّاء وَجُمْلَة تجر: حَال من ضميرها. والإثر بِالْكَسْرِ هُوَ الْأَثر بِفتْحَتَيْنِ.

ويروى: على أثرينا ذيل مرطٍ والمرط بِالْكَسْرِ: كسَاء من خَز أَو مَرْعَزِيٌّ أَو صوف وَقد تسمى الملاءة مِرْطًا.

والمرحل بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة الْمُشَدّدَة المنقش بنقوش تشبه الرّحال. وَرُوِيَ بِالْجِيم.

قَالَ الصَّاغَانِي: وثوب مرجل أَي: معمل وَأنْشد الْبَيْت. وَقَالَ: ويروى: مرحل بِالْحَاء أَي: موشى شَبِيها بالرحال. انْتهى.

وَإِنَّمَا جرت ذيلها على الإثر ليعفى لِئَلَّا يقتفي أثرهما فَيعرف موضعهما قَالَ الباقلاني: ذكر مساعدتها إِيَّاه حَتَّى قَامَت مَعَه ليخلوا. وَقَوله: وَرَاءَنَا لَا فَائِدَة فِيهِ لِأَن الذيل إِنَّمَا يجر وَرَاء الْمَاشِي.

وَقَول ابْن المعتز أحسن مِنْهُ: الْبَسِيط

(فَبت أفرش خدي فِي الطَّرِيق لَهُ

ذلاً واسحب أكمامي على الْأَثر

)

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أجزنا: قَطعنَا وخلفناه وجزنا: سرنا فِيهِ.

والساحة والباحة والفجوة والعروة والنالة كلهَا: فنَاء الدَّار وَيُقَال: هِيَ الرحبة كالعرصة.

والحي: الْقَبِيلَة وَيُقَال للْقَوْم النُّزُول أَيْضا. وانتحى: اعْترض. والبطن: الْمَكَان المنخفض وَحَوله أَمَاكِن مُرْتَفعَة.

والخبت بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُوَحدَة: مَا انخفض من الأَرْض.

ص: 52

وَرُوِيَ: بطن حقف بِكَسْر الْمُهْملَة وَهُوَ رمل مشرف معوج وَالْجمع أحقاف. والقفاف: جمع قف ضم الْقَاف وَهُوَ مَا غلظ من الأَرْض وارتفع وَلم يبلغ أَن يكون جبلا.

وَرُوِيَ: ذِي ركام بِالضَّمِّ وَهُوَ المتراكم بعضه على بعض. والعقنقل: الرمل المتعقد المتلبد وَأَصله من الْعقل وَهُوَ الشد.

قَالَ الباقلاني: قد أغرب بِهَذِهِ اللَّفْظَة الوحشية وَلَيْسَ فِي ذكرهَا فَائِدَة وَاللَّفْظ الْغَرِيب قد يحمد إِذا وَقع موقع الْحَاجة فِي وصف مَا يلائمه كَقَوْلِه عز وجل فِي وصف يَوْم الْقِيَامَة:)

عبوساً قمطريراً. وَأما إِذا وَقع فِي غير هَذَا الْموضع فَهُوَ مَذْمُوم.

وَقَوله: إِذا قلت هَاتِي نوليني تمايلت التنويل والإنالة: الْإِعْطَاء. والنوال: الْعَطِيَّة قَالَ الْخَطِيب: معنى التنويل التَّقْبِيل وَهُوَ من النوال: الْعَطِيَّة.

وَقَوله فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: هصرت بفودي رَأسهَا فتمايلت الهصر: جذب الْغُصْن ليؤخذ من ثمره. والفودان: جانبا الرَّأْس شبهها بشجرة

وَجعل مَا يَنَالهُ مِنْهَا كالثمر.

وهضيم: مَنْصُوب على الْمَدْح وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين بِمَعْنى مهضومة فَلذَلِك كَانَ بِلَا هَاء. وَعند سِيبَوَيْهٍ على النّسَب.

والهضيم: الضامر وأصل الهضم الْكسر وَإِنَّمَا قيل للضامر من الْبَطن: هضيم الكشح لِأَنَّهُ يدق ذَلِك الْموضع من جسده فَكَأَنَّهُ هضم عَن قَرَار الردف والوركين والجنبين.

ص: 53