الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكعبة نَجْرَان: هِيَ ذُو الخلصة وهدمها جرير بن عبد الله بِأَمْر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ: وَيزِيد هُوَ ابْن عبد المدان الْحَارِثِيّ وَقيس هُوَ ابْن معد يكرب الْكِنْدِيّ.
وَمن أبياتها: المتقارب
(وكأسٍ شربت على لذةٍ
…
وَأُخْرَى تداويت مِنْهَا بهَا)
(لكَي يعلم النَّاس أَنِّي امرؤٌ
…
أتيت الْمَعيشَة من بَابهَا)
وَهُوَ أول من ابتكر هَذَا الْمَعْنى وَأَخذه قيس بن ذريح فَقَالَ: الطَّوِيل
(
تداويت من ليلى بليلى من الْهوى
…
كَمَا يتداوى شَارِب الْخمر بِالْخمرِ)
(دع عَنْك لومي فَإِن اللوم إغراء
…
وداوني بِالَّتِي كَانَت هِيَ الدَّاء)
وترجمة الْأَعْشَى تقدّمت فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعِشْرين من أَوَائِل الْكتاب.
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد التسْعمائَة)
الطَّوِيل
(إِذا قَالَ قطني قلت بِاللَّه حلفةً
…
لتغنن عني ذَا إنائك أجمعا)
على أَن الْفراء نقل عَن طَيئ أَنهم يحذفون الْيَاء الَّذِي هُوَ لَام فِي الْوَاحِد الْمُذكر بعد الْكسر وَالْفَتْح فِي المعرب والمبني.
والمعرب: هُوَ الْمُضَارع وَهُوَ مُعرب قبل اتِّصَال النُّون بِهِ وَيكون مَا قبله الْيَاء فِيهِ مكسوراً نَحْو: ليرمن زيد.
وكقول الشَّاعِر:
لتغنن عني الْبَيْت ومفتوحاً نَحْو: ليخشن زيد. وَالْأَصْل وَهُوَ الْكثير الِاسْتِعْمَال ليرمين ولتغنين وليخشين فحذفوا والمبني: هُوَ الْأَمر وَكَذَلِكَ يكون مَا قبل الْيَاء فِيهِ مكسوراً نَحْو: ارمن وكقول الشَّاعِر: الْبَسِيط
(وابكن عَيْشًا تقضي بعد جدته
…
طابت أصائله فِي ذَلِك الْبَلَد)
ومفتوحاً نَحْو: اخشن يَا زيد وَالْأَصْل ارمين وابكين واخشين فحذفت الْيَاء كَذَلِك.
وَغير طَيئ يبقون الْيَاء أَيْضا على حَالهَا.
هَذ تَقْرِير كَلَامه. وَأَرَادَ بِفعل الْوَاحِد الْمُذكر أَن لَا يتَّصل بِهِ ضمير مؤنث فَيدْخل فِيهِ: لتخشن الْجَمَاعَة وَأَن أنث بِالتَّاءِ من أَوله. وَلم يستشهد لمفتوح الْيَاء فيهمَا بِشَيْء.
وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم َ: لتؤدن الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يُقَاد للشاة الجلحاء من الشَّاة القرناء تنطحها رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ.
قَالَ التوربشتي: هُوَ على بِنَاء الْمَفْعُول والحقوق مَرْفُوع هَذِه هِيَ
الرِّوَايَة المعتد بهَا.
-
وَيَزْعُم بَعضهم ضم الدَّال وَنصب الْحُقُوق وَالْفِعْل مُسْند إِلَى الْجَمَاعَة الَّذين خوطبوا بِهِ وَالصَّحِيح الأول.
قَالَ الطيي: إِن كَانَ الرَّد لأجل الرِّوَايَة فَلَا مقَال وَإِن كَانَ بِحَسب الدِّرَايَة فَإِن بَاب التغليب وَقد أنمر ابْن مَالك الرِّوَايَة الأولى وَقَالَ: لَا تصح فِي الْعَرَبيَّة وَكَانَ الْوَاجِب لتؤدين الْحُقُوق بِإِثْبَات)
الْيَاء.
وَهُوَ فِي هَذَا مَعْذُور فَإِن لُغَة طَيئ فِي حذف الْيَاء إِذا كَانَت لَام الْفِعْل فِي الْوَاحِد الْمُذكر غير مَشْهُورَة وَلم أر نقلهَا عَن الْفراء عَنْهُم إِلَّا من الشَّارِح الْمُحَقق وَهُوَ ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ.
وَإِنَّمَا الْمَشْهُور عَن الْفراء عَنْهُم حذف يَاء الضَّمِير بعد الفتحة.
قَالَ ابْن مَالك فِي التسهيل: وَحذف آخر الْفِعْل إِن كَانَ يَاء لُغَة فزارية. ثمَّ قَالَ: وَحذف يَاء الضَّمِير بعد الفتحة طائية.
قَالَ شراحه فِي الأول: الْمَشْهُور فِي لِسَان الْعَرَب فتح آخر الْفِعْل صَحِيحا كَانَ أَو مُعْتَلًّا إِلَّا فَزَارَة فانهم يحذفونها إِذا تلت كسرةً فَإِنَّهُم يَقُولَن: ارمن وليرمن زيد وَغَيرهم: ارمين وليرمين.
وَقَالُوا: فِي الثَّانِي: لُغَة الْعَرَب الْيَاء بعد الفتحة تثبت متحركة بِالْكَسْرِ وَلَا تحذف يَقُولُونَ: هَل تخشين يَا هِنْد. وَنقل الْفراء عَن طئ أَنهم يحذفونها فَيَقُولُونَ: اخشن يَا هِنْد.
قَالَ السمين فِي شَرحه: لم يتَعَرَّض المُصَنّف لحركة مَا قبلهَا حِين حذفهَا هَل تبقى الفتحة أَو تكسر دلَالَة على الْيَاء وَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي. انْتهى.
-
وَمَا نسبه ابْن مَالك إِلَى فَزَارَة نسبه ثَعْلَب إِلَى طَيئ. قَالَ ثَعْلَب فِي الْجُزْء الْحَادِي عشر من أَمَالِيهِ وَفِي لُغَة غَيرهم: لتغنين وَاللَّام لَام الْأَمر أدخلها فِي المخاطبة وَالْكَلَام: أغنن عني. انْتهى كَلَامه.
وَالرِّوَايَة الأولى: لتغني بِكَسْر اللَّام وَآخره يَاء مَفْتُوحَة. وَالثَّانيَِة: لتغنن بِفَتْح اللَّام وَكسر النُّون الأولى وَتَشْديد الثَّانِيَة. وَقَوله: وَفِي لُغَة غَيرهم: لتغنين
…
إِلَخ.
يَعْنِي أَن الْيَاء لَا تحذف فِي غير لُغَة طَيئ إِلَّا إِذا كَانَ أمرا للْأُنْثَى وَإِذا كَانَ أمرا لَهَا فالفصيح أغنن عني بِصِيغَة الْأَمر لَا بلام الْأَمر وَذَلِكَ بِفَتْح الْهمزَة وَكسر النُّون الأولى وَبعدهَا نون التوكيد.
وَقد نقل أَبُو عَليّ الْفَارِسِي كَلَام ثَعْلَب برمتِهِ فِي الْمسَائِل البصريات وَنَقله غَيره أَيْضا.
وَقد نقل أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر أَيْضا أَن ثعلباً روى لتغنن بِفَتْح اللَّام وَكسر النُّون الأولى. وَكَذَا روى العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف عَن المعمري عَن ثَعْلَب.
وَالْبَيْت الثَّانِي أَيْضا خطاب لمذكر بِدَلِيل مَا قبله:
(يَا عَمْرو أحسن نماك الله بِالرشد
…
واقرأ سَلاما على الأنقاء والثمد
)
كَذَا أنشدهما ابْن الْأَنْبَارِي فِي شرح المفضليات. وَبِه يرد على الدماميني فِي الْحَاشِيَة الْهِنْدِيَّة فِي)
زَعمه أَن قَوْله: وابكن خطاب لامْرَأَة مَعَ أَن سِيَاق كَلَام الْمُغنِي يأباه فَإِنَّهُ بعد أَن روى: لتغنن قَالَ: وَذَلِكَ على لُغَة فَزَارَة فِي حذف آخر الْفِعْل لأجل النُّون إِذا كَانَ يَاء تلِي كسرة. وَأنْشد فَإنَّك إِذا قلت ابكي يَا هِنْد كَانَت الْيَاء ضمير المخاطبة وَأَنا لَام الْكَلِمَة فَهُوَ مَحْذُوف لالتقاء الساكنين وَأَصله: تبكيين على وزن تفعلين تحركت الْيَاء الأولى وَهِي لَام الْفِعْل وَانْفَتح مَا قبلهَا فقلبت ألفا وحذفت لالتقاء الساكنين.
وَأما الرِّوَايَة الأولى لثعلب وَهِي لتغني عني بِكَسْر اللَّام وَفتح الْيَاء بِدُونِ توكيد فقد نَسَبهَا الْجُمْهُور إِلَى أبي الْحسن الْأَخْفَش مِنْهُم أَبُو عَليّ فِي كتاب الشّعْر وَغَيره. وَاخْتلف فِي لَام كي فَمنهمْ من أجَاز أَن يتلَقَّى بهَا الْقسم وَمِنْهُم من منع.
قَالَ ابْن عُصْفُور فِي شرح الْجمل: زعم أَبُو الْحسن أَن جَوَاب الْقسم قد يكون لَام كي مَعَ الْفِعْل نَحْو: تالله ليقوم زيد. قَالَ: فعلى هَذَا يكون الْجَواب من قبيل الْمُفْرد لِأَن لَام كي إِنَّمَا تنصب بإضمار أَن. وَأَن وَمَا بعْدهَا يتَأَوَّل بِالْمَصْدَرِ فكأنك قلت: تالله للْقِيَام.
إِلَّا أَن الْعَرَب أجرت ذَلِك مجْرى الْجُمْلَة لجَرَيَان الْجُمْلَة بِالذكر بعد لَام كي فَوضعت ذَلِك لتفعل مَوضِع لتفعلن.
وَقَالَ فِي شرح الْإِيضَاح: زعم أَبُو الْحسن أَن الْعَرَب قد تتلقى الْقسم بلام كي وَحمل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: يحلفُونَ لله لكم ليرضوكم.
وَاسْتدلَّ أَبُو عَليّ فِي العسكريات على صِحَة مَا ذهب إِلَيْهِ بقوله: قَالَ أَبُو عَليّ: فَإِن قيل: إِن الْمقسم بِهِ إِنَّمَا يكون جملَة وَلَيْسَ هَذَا بجملة لِأَن أَن وَالْفِعْل فِي تَقْدِير اسْم مُفْرد. قيل: إنة ذَلِك لَا يمْنَع من وُقُوعه موقع الْجُمْلَة الَّتِي يقسم عَلَيْهَا وَإِن كَانَ مُفردا وَذَلِكَ أَن الْفِعْل وَالْفَاعِل اللَّذين جَريا فِي الصِّلَة يسدان مسد الْجُمْلَة لَكِن رَجَعَ أَبُو عَليّ عَن ذَلِك فِي التَّذْكِرَة والبصريات وَقَالَ: إِن ذَلِك لم يرد فِي كَلَام الْعَرَب. وَأما قَوْله تَعَالَى: يحلفُونَ بِاللَّه الْآيَة فَاللَّام مُتَعَلقَة بيحلفون وَلَيْسَ الْقسم بِمُرَاد إِنَّمَا المُرَاد الْإِخْبَار عَنْهُم بِأَنَّهُم يحلفُونَ أَنهم مَا فعلوا ذَلِك ليرضوا بحلفهم الْمُؤمنِينَ.
وَكَذَا الْبَيْت يحْتَمل أَن يكون لتغني مُتَعَلقا بآليت على مَا رَوَاهُ أَبُو عَليّ فِي البصريات وَلم يرد الْقسم إِنَّمَا أَرَادَ أَن يخبر مخاطبه أَنه قد آلى كي يشرب جَمِيع مَا فِي إنائه.
وَرَوَاهُ أَبُو عَليّ: قلت بِاللَّه حلفة وَلَا حجَّة فِيهِ أَيْضا لاحْتِمَال أَن يكون بِاللَّه مُتَعَلقا بِفعل)
مُضْمر لَا يُرَاد بِهِ الْقسم بل الْإِخْبَار وَيكون قَوْله لتغني عني مُتَعَلقا بِهِ وَالتَّقْدِير: حَلَفت بِاللَّه كي تغني عني.
وَيجوز أَيْضا أَن يكون الْمقسم عَلَيْهِ محذوفاً لدلَالَة الْحَال عَلَيْهِ تَقْدِيره: لتشربن لتغني عني. وعَلى هَذَا حمله أَبُو عَليّ فِي التَّذْكِرَة. انْتهى كَلَام ابْن عُصْفُور.
وَكَأن ابْن هِشَام لم يطلع على كَلَام أبي عَليّ فِي التَّذْكِرَة والبصريات على رُجُوعه عَن مُوَافقَة
أجَاز أَبُو الْحسن أَن يتلَقَّى الْقسم بلام كي وَجعل مِنْهُ: يحلفُونَ بِاللَّه لكم ليرضوكم يُقَال: الْمَعْنى: ليرضنكم. قَالَ أَبُو عَليّ: وَهَذَا عِنْدِي أولى من أَن يكون مُتَعَلقا بيحلفون والمقسم عَلَيْهِ مَحْذُوف. انْتهى.
-
وَفِي لتغني عني رِوَايَة أُخْرَى وَهِي فتح اللَّام وَالْيَاء على إِرَادَة النُّون الْخَفِيفَة ونسبها ابْن يعِيش فِي شرح الْمفصل إِلَى الْأَخْفَش ولم أر من نَسَبهَا إِلَيْهِ غَيره والمنسوبة إِلَيْهِ هِيَ الرِّوَايَة بِكَسْر اللَّام وَفتح الْيَاء على الْمَشْهُور.
قَالَ ابْن يعِيش: أنْشدهُ أَبُو الْحسن بِفَتْح اللَّام للقسم وَفتح آخر الْفِعْل على إِرَادَة نون التوكيد وحذفها ضَرُورَة. انْتهى.
وَكَذَا قَالَ بعض أفاضل الْعَجم فِي شرح أَبْيَات الْمفصل. وعَلى هَذِه الرِّوَايَة صدر كَلَامه السَّيِّد فِي شرح الْمِفْتَاح ثمَّ ذكر رِوَايَة كسر اللَّام.
وَفِي الْبَيْت شَوَاهِد أخر: أَحدهَا: قَوْله قطني وَفِي رِوَايَة قدني وَبِه اسْتشْهد ابْن النَّاظِم بنُون الْوِقَايَة لحفظ السّكُون عِنْد الْبَصرِيين وَمَعْنَاهَا عِنْدهم: حسب أَو لِأَنَّهَا اسْم فعل عِنْد الْكُوفِيّين وَمَعْنَاهَا: يَكْفِي.
ثَانِيهَا: أَن ذَا بِمَعْنى صَاحب وَبِه اسْتشْهد صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور من سُورَة الْمَلَائِكَة على أَن ذَات مؤنث ذُو وَهُوَ مَوْضُوع لِمَعْنى الصُّحْبَة لِأَن اللَّبن يصحب الْإِنَاء والمضمرات تصْحَب الصُّدُور قَالَ: ذَات الصُّدُور: مضمراتها وَهِي تَأْنِيث
ذُو فِي نَحْو قَول أبي بكر رضي الله عنه: ذُو بطن بنت خَارِجَة جَارِيَة وَقَوله: لتغني عني ذَا إنائك أجمعا
الْمَعْنى مَا فِي بَطنهَا من الْحَبل وَمَا فِي إنائك من الشَّرَاب لِأَن الْحَبل وَالشرَاب يصحبان الْبَطن)
والإناء.
أَلا ترى إِلَى قَوْلهم: مَعهَا حَبل. وَكَذَلِكَ الْمُضْمرَات تصْحَب الصُّدُور وَهِي مَعهَا. وَذُو مَوْضُوع لِمَعْنى الصُّحْبَة. انْتهى.
ثَالِثهَا: إِضَافَة إِنَاء إِلَى ضمير الْمُخَاطب للملابسة قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل: ويضاف الشَّيْء إِلَى غَيره بِأَدْنَى مُلَابسَة بَينهمَا. وَأنْشد الْبَيْت وَغَيره.
قَالَ ابْن يعِيش: الشَّاهِد فِيهِ أَنه أضَاف الْإِنَاء إِلَى الْمُخَاطب لملابسته إِيَّاه وَقت أكله مِنْهُ أَو شربه مَا فِيهِ من اللَّبن. وَذُو الْإِنَاء: مَا فِيهِ من لبنٍ أَو مَأْكُول. انْتهى.
وَفِيه تَقْصِير حَيْثُ قصر الملابسة على إِضَافَة الْإِنَاء مَعَ أَنَّهَا جَارِيَة فِي إِضَافَة ذَا أَيْضا وَقد نبه أَحدهمَا: أَن الْإِنَاء للمضيف وَقد أَضَافَهُ إِلَى الضَّيْف لملابسته إِيَّاه فِي شربه مِنْهُ وَفِي جعل هَذِه الملابسة بِمَنْزِلَة الِاخْتِصَاص الملكي مُبَالغَة فِي إكرام الضَّيْف واللطف.
وَالثَّانِي: أَن ذَا بِمَعْنى صَاحب وَأُرِيد بِهِ اللَّبن وأضيف إِلَى الْإِنَاء لملابسته إِيَّاه لكَونه فِيهِ. فَهَذِهِ أَيْضا إِضَافَة لأدنى مُلَابسَة. انْتهى.
رَابِعهَا: التَّأْكِيد بأجمع مَعَ أَنه لم يسْبق بِكُل وَهُوَ تَأْكِيد لقَوْله: ذَا إِنَاء بِمَعْنى اللَّبن.
وَقَوله: إِذا قَالَ فَاعله ضمير الْغُلَام القليعي وَهُوَ الضَّيْف فِي بَيت قبله كَمَا يَأْتِي. وَقَوله: قلت الْمُتَكَلّم هُوَ الشَّاعِر وَهُوَ المضيف وَأوردهُ جمَاعَة: إِذا
قَالَ قطني قَالَ مِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل وَتَبعهُ السَّيِّد فَقَالَ: أَي: إِذا قَالَ الضَّيْف: حسبي مَا شربت قَالَ المضيف. انْتهى.
وَهَذَا على أَن الشَّاعِر مخبر حاكٍ عَن شَخْصَيْنِ فَهُوَ لَا ضيف وَلَا مضيف. وَأورد بعض آخر: إِذا قلت قطني قَالَ: فَيكون الشَّاعِر هُوَ الضَّيْف. وَالصَّوَاب مَا شرحناه أَولا كَمَا يظْهر من سِيَاق القصيدة.
وَقَوله: لتغني عني قَالَ ابْن يعِيش: الْعَرَب تَقول: أغن عني وَجهك أَي: اجْعَلْهُ بِحَيْثُ يكون غَنِيا عني لَا يحْتَاج إِلَى رؤيتي. يَقُول لَهُ الضَّيْف: حسبي مَا شربت فَيَقُول لَهُ المضيف: اشرب جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء وَلَا ترده عَليّ.
وَقَالَ السَّيِّد: أَي لتبعدن ذَا إنائك عني ولتجعله فِي غنى مني كَأَن الطَّعَام مُحْتَاج إِلَى من يطعمهُ.
وَقد نقل الْعَيْنِيّ فِي شرح الْبَيْت جَمِيع كَلَام ابْن هِشَام من غير زِيَادَة عَلَيْهِ وَلم يعزه إِلَيْهِ.)
وَالْبَيْت من قصيدة لحريث بن عناب الطَّائِي أوردهَا ثَعْلَب فِي أَمَالِيهِ وَهِي:
(عوى ثمَّ نَادَى هَل أحستم قلائصاً
…
وَسمن على الأفخاذ بالْأَمْس أَرْبعا)
(غلامٌ قليعيٌ يحف سباله
…
ولحيته طارت شعاعاً مقزعاً)
…
(غلامٌ أضلته النبوح فَلم يجد
…
بِمَا بَين خبتٍ فالهباءة أجمعا)
(أُنَاسًا سوانا فاستمانا فَلم يرى
…
أَخا دلجٍ أهْدى بليلٍ وأسمعا)
(فَقلت أجرا نَاقَة الضَّيْف إِنَّنِي
…
جديرٌ بِأَن تلقى إنائي مترعا)
(فَمَا بَرحت سحواء حَتَّى كَأَنَّمَا
…
تغادر بالزيزاء برساً مقطعاً)
(كلا قادميها بِفضل الْكَفّ نصفه
…
كَجلْد الْحُبَارَى ريشه قد تزلعا
)
(دفعت إِلَيْهِ رسل كوماء جلدةٍ
…
وأغضيت عَنهُ الطّرف حَتَّى تضلعا)
(إِذا قَالَ قطني قلت آلَيْت حلفةً
…
لتغني عني ذَا إنائك أجمعا)
(يدافع حيزوميه سخن صريحها
…
وحلقاً ترَاهُ للثمالة مقنعا)
هَذَا آخر مَا أوردهُ ثَعْلَب.
وَقَوله: عوى ثمَّ نَادَى
…
إِلَخ فَاعل عوى هُوَ غُلَام فِي أول الْبَيْت الَّذِي بعده. يُرِيد أَن هَذَا الْغُلَام شَردت لَهُ قَلَائِص أَربع فَخرج فِي طلبَهَا حَتَّى أظلم عَلَيْهِ اللَّيْل فضل عَن الطَّرِيق فعوى حَتَّى سَمِعت الْكلاب صَوته فنبحته فاستدل بصوتها علينا فجَاء فَسَأَلَ عَن قلائصه.
قَالَ السَّيِّد المرتضى رحمه الله فِي أَمَالِيهِ: إِن الْعَرَب تزْعم أَن ساري اللَّيْل إِذا أظلم عَلَيْهِ وادلهم فَلم يستبن محجة وَلم يدر أَيْن الْحلَّة أَي: الْقَوْم النُّزُول وضع وَجهه مَعَ الأَرْض وعوى عواء الْكَلْب لستمع ذَلِك الصَّوْت الْكلاب إِن كَانَ الْحَيّ قَرِيبا مِنْهُ فتجيبه فيقصد الأبيات.
قَالَ الفرزدق:
الطَّوِيل
(وداعٍ بلحن الْكَلْب يَدْعُو ودونه
…
من اللَّيْل سجفا ظلمةٍ وغيومها)
(دَعَا وَهُوَ يَرْجُو أَن يُنَبه إِذْ دَعَا
…
فَتى كَابْن ليلى حِين غارت نجومها)
(بعثت لَهُ دهماء لَيست بلقحةٍ
…
تدر إِذا مَا هَب نحساً عقيمها)
ابْن ليلى: هُوَ أَبُو الفرزدق. وَمعنى بعثت لَهُ دهماء أَي: رفعتها على أثافيها وَيَعْنِي بالدهماء الْقدر. واللقحة: النَّاقة.
أَرَادَ أَن قدره تدر إِذا هبت الرّيح عقيماً لَا مطر فِيهَا. وَمَا أحسن قَول ابْن هرمة: الطَّوِيل
)
(عوى فِي سَواد اللَّيْل بعد اعتسافه
…
لينبح كلبٌ أَو ليفزع نوم)
(فجاوبه مستسمع الصَّوْت للقرى
…
لَهُ مَعَ إتْيَان المهبين مطعم)
(يكَاد إِذا مَا أبْصر الضَّيْف مُقبلا
…
يكلمهُ من حبه وَهُوَ أعجم)
يُقَال: فزعت لفُلَان إِذا أغثته. والمهبون: الموقظون لَهُ ولأهله وهم الأضياف. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ مَعَهم مطعم لأَنهم ينْحَر لَهُم مَا يُصِيب مِنْهُ. وَأَرَادَ بقوله: يكلمهُ من حبه
…
إِلَخ بصبصته وتحريكه ذَنبه.
وَمثله قَوْله أَيْضا: الْكَامِل
(وَإِذا أَتَانَا طارقٌ متنورٌ
…
نبحت فدلته عَليّ كلابي)
(وفرحن إِذْ أبصرنه فلقينه
…
يضربنه بشراشر الأذناب)
يُقَال: شرشر الْكَلْب إِذا ضرب بِذَنبِهِ وحركه للأنس.
وَأما قَول الأخطل:
الطَّوِيل
(دَعَاني بصوتي واحدٍ فَأَجَابَهُ
…
منادٍ بِلَا صوتٍ وَآخر صيت)
فَمَعْنَاه: أَن ضيفاً عوى بِاللَّيْلِ والصدى من الْجَبَل يجِيبه فَذَلِك معنى قَوْله:
بصوتي وَاحِد.
وَقَوله: فَأَجَابَهُ منادٍ بِلَا صَوت أَي: نَار رَفعهَا لَهُ فَرَأى سناها فقصدها. وَالْآخر: الصيت: وَقَوله: هَل أحستم قَلَائِص قَالَ ثَعْلَب: يُرِيد أحسستم. انْتهى.
قَالَ الْجَوْهَرِي: وَرُبمَا قَالُوا: مَا أحست مِنْهُم أحدا فَألْقوا أحد السينين استثقالاً وَهُوَ من شواذ التَّخْفِيف. انْتهى.
وَهُوَ من أحس الرجل الشَّيْء إحساساً: علم بِهِ يتَعَدَّى بِنَفسِهِ مَعَ الْألف وَرُبمَا زيدت الْبَاء فَقيل: أحس بِهِ على معنى شعر بِهِ. كَذَا فِي الصَّباح.
والقلائص: جمع قلُوص وَهِي النَّاقة الشَّابَّة. وَجُمْلَة وَسمن على الأفخاذ: صفة قَلَائِص من الوسم وَهُوَ الْعَلامَة بكي حَدِيدَة محماة. وأربعاً: صفة ثَانِيَة لقلائص.
وَقَوله: غُلَام قليعي الْغُلَام يُطلق على الرجل مجَازًا باسم مَا كَانَ عَلَيْهِ كَمَا يُقَال للصَّغِير شيخ مجَازًا باسم مَا يؤول إِلَيْهِ. كَذَا فِي الْمِصْبَاح.
وقليعي مَنْسُوب إِلَى قليع بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام وَهِي قَبيلَة أَو هُوَ مَنْسُوب إِلَى القليعة مصغر قلعة وَهِي مَوضِع فِي طرف الْحجاز وَاسم مَوَاضِع أخر.)
وَقَوله: يحف سباله بِالْحَاء الْمُهْملَة يُقَال: حف الرجل شَاربه حفاً من بَاب قتل إِذا أحفاه أَي: بَالغ
فِي قصه. والسبال بِالْكَسْرِ: الشَّارِب.
والشعاع بِالْفَتْح: المتفرق يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث. والمقزع بِالْقَافِ وَفتح الزَّاي الْمُشَدّدَة: يَعْنِي أَن لحيته من الْهَوَاء وَالْبرد تَفَرَّقت وَصَارَت كالفتائل. وَهُوَ من القزع بِفتْحَتَيْنِ. قَالَ الْأَزْهَرِي: وكل شَيْء يكون قطعا مُتَفَرِّقَة فَهُوَ قزع. وَنهي عَن القزع وَهُوَ حلق بعض الرَّأْس دون بعض.
-
وَقَوله: غُلَام أضلته النبوح أَي: هُوَ غُلَام. وأضلته: أضاعته. والنبوح بِضَم النُّون وَالْمُوَحَّدَة وحاء مُهْملَة: ضجة الْحَيّ وأصوات كلابهم وخبت بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُوَحدَة: اسْم كاء لكَلْب وَقيل: لكندة وَمَوْضِع آخر.
والهباءة بِفَتْح الْهَاء وَالْمُوَحَّدَة وبالمد: مَوضِع فِي أَطْرَاف الربذَة خَارج الْمَدِينَة المنورة وَكَانَت فِيهِ حَرْب من حروب داحس لعبس على ذبيان.
وَقَوله: أُنَاسًا هُوَ مفعول قَوْله: فَلم يجد وسوانا: صفته أَي: غَيرنَا. وَقَوله: فاستمانا قَالَ ثَعْلَب: أَي: تصيدنا. والمستمي: المتصيد. والمسماة: جورب يلْبسهُ الصَّائِد فِي الْحر. انْتهى.
يُرِيد: أَنه ظفر بِنَا كَمَا يظفر بالصيد. وَهَذَا تَمْثِيل لشدَّة احْتِيَاجه من هول مَا قاساه فِي اللَّيْل من الظلام وَالْبرد والضلال فَلَمَّا وجدنَا فَكَأَنَّمَا ظفر بخزائن قَارون. وَهُوَ من السمو وَهُوَ الْعُلُوّ والرفعة.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: والسماة: الصيادون مثل الرُّمَاة. وَقد سموا واستموا إِذا خَرجُوا وَقَوله: فَلم يرى هَذِه الْألف نشأت من إشباع فَتْحة الرَّاء وَهُوَ بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول بِمَعْنى يعلم وَالضَّمِير فِيهِ للغلام. وأخا بِمَعْنى صَاحب مَفْعُوله الثَّانِي.
والدلج بِفتْحَتَيْنِ: اسْم مصدر من أدْلج إدلاجاً كأكرم إِكْرَاما أَي: سَار اللَّيْل كُله. فَإِن خرج آخر اللَّيْل فقد أدْلج بتَشْديد الدَّال. كَذَا فِي الصَّباح.
وَأهْدى: أفعل تَفْضِيل من الاهتداء إِلَى الطَّرِيق. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: هدى واهتدى بِمَعْنى.
وَكَذَا أسمع: أفعل تَفْضِيل والمفضل عَلَيْهِ مَحْذُوف أَي: مِنْهُ.
وَقَوله: فَقلت أجرا هَذَا خطاب لخادميه. وَأَجرا بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْجِيم: أَمر من أجررته رسنه إِذا تركته يصنع مَا شَاءَ.)
يَعْنِي: خُذُوا رسنها ودعوها تَأْكُل مَا شَاءَت. وناقة الضَّيْف: النَّاقة الَّتِي جَاءَ رَاكِبًا عَلَيْهَا.
وَهَذَا من أَخْلَاق الْكِرَام فَإِن إكرام دَابَّة الضَّيْف غَايَة الْإِكْرَام عِنْد الضَّيْف.
-
وَقَوله: إِنَّنِي جدير
…
إِلَخ قَالَ ثَعْلَب: أَي من عادتي هَذَا. انْتهى.
وفاعل تلقى ضمير نَاقَة الضَّيْف وإنائي بِالْمدِّ وَالْإِضَافَة إِلَى الْيَاء. والإناء: الْوِعَاء. ومترع من ترعت الْإِنَاء بِالتَّشْدِيدِ وأترعته أَي: ملأته. وَهَذَا كِنَايَة عَن الخصب وَالْكَثْرَة.
وَقَوله: فَمَا بَرحت أَي: نَاقَة الضَّيْف. وسحواء بِالنّصب خبر برح وسحواء بالمهملتين وَالْمدّ والزيزاء بِكَسْر الْيَاء الأولى وَالْمدّ: الْموضع الصلب من الأَرْض. والبرس بِكَسْر الْمُوَحدَة وإهمال الرَّاء وَالسِّين: الْقطن شبه مَا سقط من اللَّبن بِهِ. انْتهى.
يَعْنِي: مازالت نَاقَة الضَّيْف ترعى وتأكل مَا تشَاء حَتَّى كثر اللَّبن من ضروعها فَصَارَ مَا تقاطر من لَبنهَا فِي الْأَرَاضِي الصلبة الَّتِي لم تتشرب النداوة كالقطن المندوف.
وَقَوله: كلا قادميها يفضل الْكَفّ: مفعول مقدم نصفه فَاعل مُؤخر. والقادمان والقادمتان: الخلفان المتقدمان من أخلاف النَّاقة اللَّذَان يليان السُّرَّة. يَعْنِي: أَن خلفا من قادميها يفضل الْكَفّ وَلَا يَسعهُ لحفله بِاللَّبنِ.
وَقَوله: كَجلْد الْحُبَارَى بِضَم الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة وبالقصر: طَائِر على شكل الإوزة بِرَأْسِهِ وبطنه غبرة ولون ظَهره وجناحيه كلون السمانى غَالِبا. كَذَا فِي الْمِصْبَاح. وَقَوله: تزلعا بالزاي وَاللَّام قَالَ ثَعْلَب: تزلع: تقلع. انْتهى.
وَفِي الصِّحَاح: تزلعت يَده: تشققت. يُرِيد أَن جلد ضروعها تشقق من حفل اللَّبن كَجلْد الْحُبَارَى إِذا تساقط ريشه. وَخص الْحُبَارَى لِأَن اللَّوْن يجمعهما.
-
وَقَوله: دفعت إِلَيْهِ
…
إِلَخ أَي: إِلَى الْغُلَام الضَّيْف. ذكر إكرام نَاقَته أَولا ثمَّ ذكر إكرامه.
وَالرسل بِكَسْر الرَّاء قَالَ ثَعْلَب: هُوَ اللَّبن. انْتهى.
والكوماء بِفَتْح الْكَاف وَالْمدّ: النَّاقة الْعَظِيمَة السنام. والجلدة بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون اللَّام قَالَ صَاحب الصِّحَاح: هِيَ أدسم الْإِبِل لَبَنًا وَالْجمع الجلاد بِالْكَسْرِ.
وَقَوله: وأغضيت يُقَال: أغصنى الرجل عينه أَي: قَارب بَين جفنيها. يَقُول: أغمضت عَيْني عِنْد شربه لِئَلَّا يستحي أَن يشرب رياً. وَهَذَا أَيْضا من أَخْلَاق الْكِرَام. والطرف: الْعين.
وتضلع قَالَ ثَعْلَب: امْتَلَأَ مَا بَين أضلاعه.)
وَقَوله: إِذا قَالَ قطني. . إِلَخ قَالَ ثَعْلَب قطني: حسبي أَي: قلت قد حَلَفت أَن تشرب جَمِيع مَا فِي إنائك. انْتهى.
وَقَوله: يدافع حيزوميه قَالَ ثَعْلَب: حيزوماه: مَا اكتنف حلقومه من جَانِبي الصَّدْر. انْتهى.
والسخن: الْحَار. والصريح: اللَّبن الَّذِي ذهبت رغوته. والثمالة بِضَم الْمُثَلَّثَة قَالَ ثَعْلَب: هِيَ رغوة اللَّبن. يُرِيد: أَنه يرفع حلقه لِاسْتِيفَاء اللَّبن. انْتهى.
ومقنع: اسْم مفعول من أقنع رَأسه إِذا رَفعه. كَذَا فِي الصِّحَاح.
وَقَوله: إِذا عَم خرشاء
…
إِلَخ الخرشاء بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء الْمُهْملَة بعْدهَا شين مُعْجمَة. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: الخرشاء كالحرباء: كل شَيْء فِيهِ انتفاخ وتفتق وخروق.
-
قَالَ مزرد: الطَّوِيل يَعْنِي بهَا الرغوة. انْتهى.
وَكَذَا فِي الْعباب. فَإِن صَحَّ أَن هَذَا الْبَيْت لمزرد يكون ابْن عناب الطَّائِي أَخذه مِنْهُ.
وَلم يتَعَرَّض لَهُ ابْن بري وَلَا الصَّفَدِي فِيمَا كتباه على الصِّحَاح بِشَيْء. وَالله أعلم.
وَعم بِمَعْنى: شَمل. وخرشاء: فَاعل وَأَنْفه: مفعول. وتقاصر مِنْهَا للصريح أَي: تراجع من الثمالة إِلَى الصَّرِيح فشربه كُله. يُقَال: أقمعت مَا فِي السقاء أَي: شربته كُله. كَذَا فِي الْعباب عَن الْأمَوِي.
وأقنعا فِي بَيت مزرد بِمَعْنى رفع رَأسه كَمَا تقدم. والمشفران: الشفتان. وثنى: عطف.
هَذَا وحريث بن عناب بِضَم الْحَاء المهلمة وَآخره ثاء مُثَلّثَة وعناب بِفَتْح الْعين المهلمة وَتَشْديد النُّون كَذَا ضَبطه العسكري فِي كتاب التَّصْحِيف عَن المعمري عَن ثَعْلَب. والجوهري فِي الصِّحَاح والصاغاني فِي الْعباب.
قَالَ الْأَصْفَهَانِي فِي الأغاني: هُوَ حُرَيْث بن عناب النبهاني وَهُوَ نَبهَان بن عَمْرو بن الْغَوْث بن طَيئ وَهُوَ شَاعِر إسلامي من شعراء الدولة الأموية وَلَيْسَ
بمذكور فِي الشُّعَرَاء لِأَنَّهُ كَانَ بدوياً مقلاً غير متصد بِشعر للنَّاس فِي مدحٍ وَلَا هجاء وَلَا كَانَ يعدو بِشعرِهِ أَمر مَا لَا يَخُصُّهُ ثمَّ أورد لَهُ أشعاراً وحكايات.