الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: (وفيه فصلان: الأول في المجتهد.
وفيه مسائل:
الأولى يجوز له صلى الله عليه وسلم أنْ يجتهد
لعموم {فَاعْتَبِرُوا} ووجوب العمل بالراجح؛ ولأنه أشقّ وأدلّ على الفطانة فلا يتركه.
ومنع أبو علي وابنه لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
قلنا: مأمور به فليس بهوى.
ولأنه ينتظر الوحي.
قلنا: ليحصل اليأس عن النّص أو لأنّه لم يجد أصلًا يقيس عليه).
اختلفوا في أنّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لا نصّ فيه؟
فذهب الشافعي وأكثر الأصحاب
(1)
، وأحمد
(2)
والقاضيان أبو يوسف
(3)
وعبد الجبار وأبو الحسين
(4)
. . . . . . . . . . . . . . .
(1)
ينظر: التبصرة للشيرازي: ص 521، والبرهان للجويني: 2/ 1356، والمستصفى للغزالي: 2/ 2/ 355، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 530، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3790.
(2)
ينظر: الروضة: 3/ 965، والمسودة: ص 506، والمدخل: ص 186.
(3)
ينظر: أصول السرخسي: 2/ 91، وتيسير التحرير: 4/ 185.
(4)
ينظر: المعتمد: 2/ 719، 762.
إلى جوازه
(1)
.
ثمّ منهم من قال: بوقوعه وهو اختيار الآمدي وابن الحاجب
(2)
.
ومنهم من أنكر وقوعه
(3)
.
وتوقف فيه جمهور المحققين
(4)
.
وذهب أبو علي وابنه أبو هاشم إلى أنَّه لم يكن متعبدًا به
(5)
.
(1)
قال الإسنوي في نهاية السول: 4/ 530 "وهو مذهب الجمهور، واختاره الغزالي وابن الحاجب، وهو قول الحنفية، ولكنهم يشترطون انتظار الوحي واليأس من نزوله" وينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 222، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 291، والمسودة: ص 506.
(2)
وهو مذهب الجمهور وهو اختيار الشيرازي والرازي أيضًا، ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 291، والتبصرة: ص 521، والمستصفى للغزالي: 2/ 356، والإحكام للآمدي: 4/ 222، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9.
(3)
قال بعدم وقوع الإجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم شرعًا أكثر المتكلمين، وبعض الشافعية. ينظر هذا القول بأدلته ومناقشتها: المستصفى للغزالي: 2/ 356، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 531، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3790، والكوكب المنير: 4/ 476، والمحلي على جمع الجوامع: 2/ 387.
(4)
وهو اختيار القاضي وصححه الغزالي في المستصفى فقال: 2/ 356 "أما الوقوع فقد قال به قوم وأنكره آخرون وتوقف فيه فريق ثالث وهو الأصح فإنه لم يثبت فيه قاطع". ينظر: المعتمد: 2/ 762، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3791، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 531، والبحر المحيط للزركشي: 6/ 216.
(5)
وهو قول بعض الشافعية، ينظر: المعتمد: 2/ 761، والتبصرة: ص 521، =
وشذّ قوم فقالوا: بامتناعه عقلًا
(1)
كما حكاه القاضي في التلخيص لإمام الحرمين
(2)
.
ومنهم من جوزه في أمور الحرب دون الأحكام الشرعية
(3)
.
وقد احتج في الكتاب على الجواز بأوجه أربعة وهي دالة على الوقوع أيضا:
أحدها: عموم قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}
(4)
وكان عليه أفضل الصلاة والسلام أعلى النّاس بصيرة
(5)
، وأكثرهم اطلاعًا على شرائط القياس، وذلك إنْ لم يرجح دخوله في هذا الأمر، فلا أقلّ من المساواة فيكون مندرجًا في الأمر، ومتى كان مأمورًا به كان فاعلًا له ضرورة امتثاله أوامر ربه ووقوفه عندها صلى الله عليه وسلم
(6)
.
= والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9، والإحكام للآمدي: 4/ 222.
(1)
حكي هذا المذهب عن الأستاذ أبي منصور عن أصحاب الرأي.
(2)
ينظر: التلخيص للجويني: 3/ 399.
(3)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9، والإحكام للآمدي: 4/ 222، وشرح تنقيح الفصول: ص 436، والمسودة: ص 506، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3791.
(4)
سورة الحشر من الآية 2.
(5)
إلى هنا ينتهي السقط من النسخة (غ).
(6)
ينظر الدليل في: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 9 - 10، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3791، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 535، وينظر كذلك: تفسير الرازي للآية: 4/ 121، وروح المعاني للآلوسي: 18/ 26.
وثانيها: إذا غلب على ظنّه صلى الله عليه وسلم كون الحكم في
(1)
الأصل معللًا بوصفٍ، ثم عَلِمَ أو ظنّ حصولَ ذلك الوصفِ في صورةٍ أخرى، فلا بد وأنْ نظنّ أنّ الحكم في الفرع مثله في الأصل، وترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات بداية العقول
(2)
.
ولقائل أنْ يقول: إذا وجب ترجيح الراجح فليمتنع عن العمل بهذا الراجح لقدرته على أرجح منه وهو النّص
(3)
.
وثالثها: أنّ العمل بالاجتهاد أشقّ من العمل بالنّص، فيكون أكثر ثوابًا، فلا تختص الأمّة
(4)
بفضيلة لا توجد فيه
(5)
.
ورابعها: أنّ العمل بالاجتهاد أدلّ على الفطانة والذكاء من النّص لتوقفه على النظر الدقيق والقريحة المستجادة فلا يتركه صلى الله عليه وسلم لكونه نوعًا من الفضيلة
(6)
.
(1)
في (ت): من.
(2)
وهذا يقتضي أن يجب عليه العمل بالقياس. ينظر: التبصرة: ص 522، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 10، والإحكام للآمدي: 4/ 224، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3794، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 535.
(3)
ينظر الاعتراض والإجابة عنه في: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3794.
(4)
في (ت): الآية.
(5)
ينظر: التبصرة: ص 522، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 10، والإحكام للآمدي: 4/ 224، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 291، وتيسير التحرير: 4/ 187، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3795، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 535.
(6)
المصادر نفسها.
واحتج الجبائيان بوجهين:
أحدهما: قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}
(1)
، فإنّه دال على انحصار الأحكام الصادرة منه صلى الله عليه وسلم عن الوحي.
وأجاب عنه الإمام: بأنّه متى قال له متى ظننت كذا فاعلم أنَّه حكمي، فالعمل حينئذ بالظنّ عمل بالوحي لا بالهوى
(2)
، وهذا قد ذكره الغزالي
(3)
.
ولقائل: أنْ يقول ليس هذا أمرًا بالاجتهاد فإنّه تعالى لو قال: كُلَّمَا ملكت النِّصاب وحالَ عليه الحوْل أوجبتُ عليك الزّكاة، لا يكون هذا أمرًا بملكية النّصاب، ثمّ إنْ مَلَكَه كذلك، وجبت عليه الزكاة بالنّصِّ، لا بالاجتهاد، وإنّما الكلام في الحكم الثابت بالاجتهاد، وهو لا يوجد فيه مثل هذا القول، فلا يكون النطق بذلك نطقا بالوحي.
وأجاب عنه المصنف بأن الاجتهاد إذا كان مأمورًا به
(4)
لم يكن النطق به هوى، وهو مدخول لإشعاره بأنّ الخصم احتج بصدر الآية وليس كذلك إذ هو لا يقول بأنّ القول بالاجتهاد قول بالهوى
(5)
.
والثاني: أنّه لو جاز له صلى الله عليه وسلم الاجتهاد، لامتنع عليه
(1)
سورة النجم من الآية (3، 4).
(2)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 17.
(3)
ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 355 - 356.
(4)
(به) ليس في (ص)، (غ).
(5)
ينظر: الاعتراض وجوابه في: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3803.
انتظار الوحي لفصل الحكومات وغيرها؛ لأنَّ الفصل يجب على الفور، وقد تمكن منه بالاجتهاد، ولكنّه قد أخَّرَه، وانتظر الوحي كثيرًا
(1)
.
وأجاب بوجهين:
أحدهما أنّ العمل بالقياس لما كان مشروطاً بعدم وجدان النَّص، فكان انتظاره للوحي لكى يحصل اليأس عن النّص
(2)
.
فإن قلت: إنما شرط فقدان النّص إذا احتمل أنْ يكون ثَمَّ نَصٌ، فإنّه يؤمر المجتهد إذ ذاك بالفحص الشديد، أمّا إذا تحقق عدمه
(3)
فلا يتجه انتظار تشريعه، ولو كان كذلك لانقدح
(4)
للمعترض أنْ يقول: لينتظر
(1)
يشير إلى مسألتي اللعان والظهار. فقد توقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر المجادِلة حتى جاءت الآيات الكريمة التي أنزلت في شأنها وأولها قوله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا. .} ينظر سبب نزولها في: تفسير القرطبي: 17/ 249 - 262، وتفسير ابن كثير: 4/ 318، وتفسير الطبري: 28/ 2، وفتح الباري: 9/ 382. وفي انتظار الرسول صلى الله عليه وسلم الوحي في الجواب عمن قال له: ماذا يفعل من وجد مع امرأته رجلًا، وهو عويمر العجلاني وقيل هلال بن أمية، فنزلت آيات اللعان. فحديث العجلاني في اللعان أخرجه البخاري في صحيحه: ص 1050، كتاب الطلاق (68) باب اللعان ومن طلق بعد اللعان (19) رقم (5308)، وأخرجه مسلم في صحيحه: ص 604، كتاب اللعان (19) رقم (3/ 1492)، وينظر تفسير القرطبي: 11/ 182. وينظر: التبصرة: ص 523، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 16.
(2)
ينظر: التبصرة: 523، والإحكام للآمدي: 4/ 233، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 18.
(3)
(عدمه) ليس في (ت).
(4)
في (غ): انقدح.