المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب السادس: في التعادل(1)والتراجيح

- ‌(مسألة إذا نقل عن مجتهد قولان في موضع واحد

- ‌الحالة الأولى: إذا كان في موضع واحد

- ‌الحالة الثانية: أنْ يكون نقل القولين عن المجتهد في موضعين

- ‌(الباب الثاني: في الأحكام الكلية للتراجيح

- ‌(مسألة لا ترجيح في القطعيات

- ‌إنما يترجح(1)أحد الدليلين على الآخر إذا لم يمكن العمل بكل واحد منهما

- ‌(الباب الثالث: في ترجيح الأخبار

- ‌الأول: بحال الراوي

- ‌الترجيح بكيفية الرواية

- ‌ الترجيح بوقت ورود الخبر

- ‌(الخامس باللفظ

- ‌(السادس بالحكم

- ‌(السابع بعمل أكثر السلف)

- ‌(الباب الرابع: في تراجيح الأقيسة

- ‌ الأوّل: بحسب العلّة فترجح المظنة ثم الحكمة ثم الوصف الإضافي ثمّ العدمي ثم الحكم الشرعي والبسيط والوجودي للوجودي والعدمي للعدمي)

- ‌(الثاني بحسب دليل العلية فيرجح الثابت بالنص القاطع

- ‌(الثالث بحسب دليل الحكم فيرجح النص ثم الإجماع لأنّه فرعه)

- ‌(الرابع بحسب كيفية الحكم

- ‌ بحسب الأمور الخارجية

- ‌(الكتاب السابع: في الاجتهاد والإفتاء

- ‌الأولى يجوز له صلى الله عليه وسلم أنْ يجتهد

- ‌فائدتان:

- ‌(الثانية يجوز للغائبين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفاقًا وللحاضرين أيضًا إذ لا يمتنع أمرهم به

- ‌شرط المجتهد أنْ يكون محيطًا بمدارك الأحكام

- ‌(الفصل الثاني: في حكم الاجتهاد

- ‌أولها: ذهب طوائف المسلمين على طبقاتهم إلى أنَّه: ليس كلُّ مجتهدٍ في الأصول مصيبًا

- ‌البحث الثاني: في تصويب المجتهدين في المسائل الفروعية

- ‌(الباب الثاني: في الإفتاء

- ‌الأولى: النظر فيما يتعلق بالمفتي

- ‌(الثانية يجوز الاستفتاء للعامي

- ‌(الثالثة: إنما يجوز في الفروع وقد اختلف في الأصول ولنا فيه نظر وليكن آخر كلامنا وبالله التوفيق)

- ‌خاتمة

الفصل: ‌الأول: بحال الراوي

قال: ‌

‌(الباب الثالث: في ترجيح الأخبار

.

وهو على وجوه:

‌الأول: بحال الراوي

فيرجح بكثرة الرواة وقلة الوسائط وفقه الراوي وعلمه بالعربية وأفضليته وحسن اعتقاده وكونه صاحب الواقعة وجليس المحدثين ومختبرًا ومعدلًا بالعمل على روايته وبكثرة المزكين وبحثهم وعلمهم وحفظه وزيادة ضبطه ولو لألفاظه صلى الله عليه وسلم ودوام عقله وشهرته وشهرة نسبه وعدم القياس اسمه وتأخر إسلامه).

اعلم أنّ تعارض الأخبار إنما يقع بالنسبة إلى ظنّ المجتهد، أو بما يحصل من خلل بسبب الرواة، وأمّا التعارض في نفس الأمر بين حديثين صحّ صدورهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أمر - معاذ الله - أنْ يقع؛ ولأجل ذلك قال الإمام أبو بكر بن خزيمة رضي الله عنه: لا أعرف أنَّه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأت به حتّى أؤلف بينهما

(1)

.

(1)

انظر: الكفاية ص 606؛ والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي: ص 285؛ وفتح المغيث ج 4 ص 65.

وللشافعي قول يشبه هذا حيث قال في الرسالة: "ولم نجد عنه [صلى الله عليه وسلم] شيئًا مختلفا فكشفناه إلا وجدنا له وجهًا يحتمل به ألا يكون مختلفا، وأن يكون داخلا في الوجوه التي وصفت". وقال: "ولم نجد عنه [صلى الله عليه وسلم] حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج، أو على أحدهما دلالة بأحد ما وصفت: إما موافقة كتاب أو غيره من سنته أو بعض الدلائل". الرسالة ص 216 - 217. وينظر كلام ابن خزيمة في: البحر المحيط للزركشي: 6/ 149.

ص: 2751

إذا عرفت هذا فنقول ترجِيح

(1)

الأخبار على سبعة أوجه:

الأول: بحسب حال الراوي وذلك باعتبارات:

أولها: بكثرة الرواة وقد مرّ هذا آنفًا

(2)

.

مثاله: لو قال الحنفي لا يجوز رفع اليدين في الركوع وعند الرفع منه لما روى إبراهيم

(3)

(4)

عن علقمة

(5)

عن ابن مسعود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الافتتاح ثمّ لا يعود

(6)

.

(1)

في (ص): ترجح.

(2)

مرت في المسألة التي قبل هذا في الترجيح بكثرة الأدلة وهذا أحد صورها. وينظر: رفع الحاجب للسبكي: اللوحة 305/ ب.

(3)

(إبراهيم) ليس في (غ).

(4)

هو إبراهيم بن يزيد بن عمرو بن الأسود، أبو عمران النخعي، أحد الأعلام يرسل عن جماعة وكان لا يحكم العربية وربما لحن، واستقر الأمر على أن إبراهيم حجة وأنه إذا أرسل عن ابن مسعود وغيره فليس بحجة، رأى إبراهيم زيد بن أرقم وغيره من الصحابة، ولم يصح له سماع من صحابي، وكان فقيه أهل الكوفة. توفي سنة 95 هـ، وقيل 96 هـ. ينظر ترجمته في: طبقات الفقهاء: ص 79، وسير أعلام النبلاء: 4/ 322، وشذرات الذهب: 1/ 111.

(5)

هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة، أبو شبل النخعي، الكوفي، التابعي أحد الأعلام، فقيه العراق، وكان أكبر أصحاب ابن مسعود، وأشبههم هديًا ودلالة، سمع عمر بن الخطاب وعثمان وعليا وابن مسعود وسلمان وخبابًا وحذيفة وأبا موسى الأشعري وعائشة وغيرهم، وأخذ عنه إبراهيم النخعي والشعبي وابن سيرين وغيرهم وأخرج أحاديث أصحاب الكتب الستة توفي سنة 62 هـ. ينظر: ترجمته في: طبقات الفقهاء: ص 76، شذرات الذهب: 1/ 70، سير أعلام النبلاء: 4/ 53.

(6)

أخرجه الترمذي من حديث عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال: لأصلين بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، فلم يرفع =

ص: 2752

فنقول: روى ابن عمر أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك. وروي رفع اليدين كما روى ابن عمر ووائل بن حجر

(1)

وأبو حميد الساعدي

(2)

في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة

(3)

وأبو أسيد

(4)

، وسهل

= يديه إلا مرّة واحدة. كتاب الصلاة (2) باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلا في أول مرّة حدث رقم (257) وقال: حديث حسن. وأخرجه أحمد في المسند: 1/ 388، وأبو داود في كتاب الصلاة (2) باب من لم يذكر الرفع عند الركوع، حديث رقم (748) وقال أبو داود: هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ. وينظر تخريج الحديث والكلام عنه التلخيص الحبير: 1/ 364 - 365.

(1)

هو وائل بن حجر بن ربيعة بن يعمر الحضرمي، أبو هنيد، كان من ملوك حمير، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشر أصحابه بقدومه قبل أن يصل بأيام، وعند وصوله رجب به وقربه ودعا له، وأقطعه أرضًا، ثمّ نزل الكوفة، وشهد صفين مع عليّ رضي الله عنه، وكان على راية حضرموت، ثم قدم على معاوية في خلافته، فتلقاه وأكرمه، وروى عدّة أحاديث في مسلم والسنن الأربعة، مات في آخر خلافة معاوية. ينظر ترجمته في: الإصابة: 6/ 312 رقم (9101)، وأسد الغابة 5/ 435.

(2)

هو عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مالك، أبو حميد الساعدي، الأنصاري الصحابي، وقيل في اسمه واسم أبيه غير ذلك، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّة أحاديث،. قيل إنه شهد أحدًا وما بعدها، توفي في آخر خلافة معاوية، أو أول خلافة يزيد. ينظر ترجمته في: الاستيعاب، والإصابة: 7/ 46 رقم (301)، وأسد الغابة 6/ 78.

(3)

هو الحارث بن ربعي بن بلدمة، أبو قتادة الأنصاري الخزرجي السلمي، فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، اخلف في شهوده بدرًا، وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، توفي سنة 54 هـ، وقيل: قبل ذلك في سنة 40 هـ. ينظر ترجمته في: الاستيعاب: 4/ 1731 - 1732، رقم (3130)، وأسد الغابة: 6/ 250 - 251 رقم (6166)، والإصابة: 7/ 327 - 329 رقم (10405).

(4)

هو مالك بن ربيعة بن البَدَن، الخزرجي، أبو أُسَيْد الساعدي، الأنصاري، =

ص: 2753

ابن سعد

(1)

ومحمد بن مسلمة

(2)

ورواه أيضًا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وابن الزبير وأبو هريرة وجمعٌ بلغ عددهم ثلاثة وأربعين صحابيًا

(3)

.

= الصحابي، مشهور بكنيته، شهد بدرًا وأحدًا وما بعدها، وكان معه راية بني ساعدة يوم الفتح، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنه أولاده وبعض الصحابة، وأضر في آخر عمره، مات بالمدينة سنة 60 هـ، وهو آخر البدريين موتًا، وقيل غير ذلك. ينظر ترجمته في: الإصابة: 6/ 23 - 24 رقم (7622)، وأسد الغابة 5/ 23.

(1)

هو سهل بن سعد بن مالك الأنصاري الساعدي، أبو العباس عمّر طويلًا، وهو آخر من بقي في المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي سنة 88 هـ وقيل: سنة 91 هـ. ينظر ترجمته في: الاستيعاب: 2/ 664 - 665، رقم (1089)، وأسد الغابة: 2/ 472 - 473 رقم (2293)، والإصابة: 3/ 200 رقم (3535).

(2)

هو محمد بن مسلمة بن خالد الأنصاري الأوسيّ، ثمّ الحارثيّ، من فضلاء الصحابة شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبوك، وهو أحد الذين قتلوا كعب بن الأشرف، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في بعض غزواته، قيل هي غزوة تبوك، واعتزل الفتنة بعد قتل عثمان، ومات بالمدينة سنة 46 هـ أو سنة 47 هـ. ينظر ترجمته في: الاستيعاب: 3/ 1377، رقم (2344)، وأسد الغابة: 5/ 112 - 113 رقم (4761)، والإصابة: 6/ 33 - 35 رقم (7811).

(3)

قال أحمد الغماري في (الهداية في تخريج أحاديث البداية (بداية المجتهد): 3/ 106 - 107): "قلت: بل رواه من الصحابة نحو خمسين رجلًا منهم العشرة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وطلحة والزبير، وسعد وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، ومالك بن الحويرث وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبو موسى، وابن عباس، والحسين بن علي، والبراء بن عازب، =

ص: 2754

واعلم أنا قد نذكر المثال الواحد للحكم وهو يصلح مثالًا لأحكام كثيرة، وأنا قد نذكر مثالًا لما اشتمل عليه من ضرب من الترجيح وإن عارضه أقوى منه، أو ساعده فلا يضرنا ذلك، وهنا ليس مستندنا مجرد الكثرة، بل والعلل المذكورة فيما رواه القوم مما ليس من غرض الشرح التطويل بذكره.

الثاني: بقلة

(1)

الوسائط وعلو الإسناد

(2)

؛ لأنّ احتمال الغلط والخطأ فيما قلّت وسائطه أقلّ، وما برحت الحفاظ الجهابذة

(3)

تطلب علو

= وزياد بن الحارث، وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وأبو قتادة، وسليمان بن صرد، وعمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وبريرة، وأبو هريرة، وعمّار بن ياسر، وعدي بن عجلان، وعمير الليثي، وأبو مسعود الأنصاري، وعائشة، وأبو الدرداء، وابن عمر، وابن الزبير، وأنس، ووائل بن حجر، وأبو حميد، وأبو أسيد، ومحمد بن مسلمة، وجابر، وعبد الله بن جابر البياضي، وأعرابي. ذكر أسماءهم التقي السبكي بدون عزو، ثم قال: فهؤلاء ثلاثة وأربعون صحابيًا رضي الله عنهم. قلت: وبقي أيضًا معاذ بن جبل، والفلتان بن عاصم، والحكم بن عمير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأم الدرداء مرسلًا عن سليمان بن يسار، والحسن البصري وقتادة". وذكر أسانيد ما وقع له منهم. وذكر ابن حجر في (فتح الباري: 2/ 280) قال: "وذكر شيخنا أبو الفضل الحافظ أنه تتبع من رواه من الصحابة فبلغوا خمسين رجلًا"، وينظر لزيادة الفائدة التلخيص الحبير: 1/ 364 - 365.

(1)

في (غ)، (ت): بكثرة.

(2)

ينظر: العدة: 3/ 1019، والمستصفى: 2/ 397، والمحصول: ج 2/ ق 2/ 553، وشرح تنقيح الفصول: ص 422، والإحكام للآمدي: 4/ 325، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3677.

(3)

الجهابذة: جمع جهبذ، النّقاد الخبير. (القاموس المحيط: ص 424 مادة "جهبذ"

ص: 2755

الإسناد وتفتخر به وتركب القفار وتنأى عن الديار في تحصيله.

ومن أمثلته: أنْ يقول: الحنفي الإقامة مثنى كالأذان لما روى عامر الأحول

(1)

عن مكحول

(2)

أنّ ابن محيريز

(3)

حدثه أنّ أبا محذورة

(4)

حدثه: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان وعلمه الإقامة. . الحديث"

(5)

(1)

هو عامر بن عبد الواحد الأحول، البصري، صدوق يخطئ من السادسة، يروي عن عائذ بن عمرو المزني الصحابي ولم يدركه. ينظر ترجمته في: تقريب التهذيب: ص 288 رقم (3103).

(2)

هو مكحول الشامي، أبو عبد الله، وقيل أبو أيوب، وقيل: أبو مسلم، الدمشقي، عالم أهل الشام، عداده في أوساط التابعين، كثير الإرسال، فقيه الشام، اختلف في وفاته فقيل: سنة 112 هـ أو سنة 113، أو سنة 116 هـ. وينظر ترجمته في: الطبقات الكبرى: 7/ 453 - 454، وسير أعلام النبلاء: 5/ 155 - 160 رقم (57)، وتقريب التهذيب: ص 545 رقم (6876).

(3)

هو عبد الله بن مُحَيْرِيز بن جنادة بن وهب الجمحي، المكي كان يتيمًا في حجر أبي محذورة بمكة، ثم نزل بيت المقدس، ثقة عابد من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين، وقيل قبلها. ينظر: تقريب التهذيب: ص 322 رقم (3604).

(4)

هو أبو محذورة أوس بن مِعْيَر القرشي الجمحي المكي مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الفتح، صحابي جليل، غلبت عليه كنيته، وقال أبو نعيم: إن اسمه سمرة. توفي بمكة سنة 59 هـ. ينظر ترجمته في: معرفة الصحابة لأبي نعيم: 2/ 365، رقم (190)، والاستيعاب: 1/ 121، رقم (116)، وأسد الغابة: 1/ 177، رقم (324)، والإصابة: 1/ 160، رقم (358).

(5)

أخرجه مسلم في الصحيح: 1/ 287، كتاب الصلاة (4)، باب صفة الأذان (3) رقم (379). والشافعي في الأم: 1/ 84 كتاب الصلاة، باب حكاية الأذان، وأبو داود في السنن: 1/ 343، كتاب الصلاة (2)، باب كيف الأذان (28)، رقم (503)، والنسائي في المجتبى من السنن: 2/ 6، كتاب الأذان (7)، باب كيف =

ص: 2756

وذكر فيه الإقامة مثنى مثنى.

فيقول الشافعي: بل هي فرادى لما روى خالد الحذاء عن أبي قلابة

(1)

عن أنس بن مالك قال: أمر بلال أن يشفّع الأذان ويوتر الإقامة

(2)

.

وهذا الحديث من حديث خالد كما رأيت وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه اثنان، والحديث الذي أورده من حديث عامر الأحول وبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثة وخالد وعامر متعاصران

(3)

روى عنهما شعبة

(4)

.

= الأذان (5)، وابن ماجه: 1/ 234، كتاب الأذان (3) باب الترجيح في الأذان (2)، والدارقطني في السنن: 1/ 233، كتاب الصلاة، باب في ذكر أذان أبي محذورة. رقم (1).

(1)

هو عبد الله بن زيد بن عمرو، أو عامر، الجَرْمي، أبو قلابة البصري، وجرم بطن من الحاف بن قضاعة، قدم الشام وانقطع بداريا، ثقة فاضل، مات بالشام وأدرك خلافة عمر بن عبد العزيز، ثم توفي سنة 140 هـ. ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 4/ 468 - 475 رقم (178)، وتقريب التهذيب: ص 304 رقم (3333)، وشذرات الذهب: 1/ 126.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح: 2/ 77، كتاب الأذان (10) باب بدء الأذان (1) رقم (603)، ومسلم في الصحيح: 1/ 286، كتاب الصلاة (4)، باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة (2)، رقم (3/ 378).

(3)

في (غ)، (ت): متعارضان. وما أثبته أولى.

(4)

شعبة بن الحجاج بن الورد، أبو بسطام الأزدي العتكي، مولاهم الواسطي، ثم البصري، عالم أهل البصرة وشيخها، الحافظ، قال عنه الثوري: أمير المؤمنين في الحديث، ولد سنة 80 هـ، وهو أول من فتش في العراق عن الرجال، توفي سنة 160 هـ. ينظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 9/ 255 - 266 رقم (4830)، وسير =

ص: 2757

الثالث: بفقه الراوي

(1)

سواء كانت الرواية بالمعنى أم باللفظ ومنهم من قال: إن روى باللفظ فلا يرجح بذلك

(2)

.

والحقّ

(3)

ما ذكرناه؛ لأنَّ للفقيه مرتبةَ التمييز بين ما يجوز وبين ما لا يجوز، فإذا سمع ما لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه، واطلع على ما يزول به الإشكال بخلاف الجاهل

(4)

.

وحكى علي بن خشرم

(5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أعلام النبلاء: 7/ 202 - 228 رقم (80)، وتقريب التهذيب: ص 266 رقم (2790)

(1)

ومثل السبكي له في رفع الحاجب اللوحة 310/ ب بقوله: "ولذلك رجحنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس على المسلم في عبده ولا قريبه صدقة" على حديث غورك السعدي عن جعفر بن محمد عن عائشة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في كل فرس سائمة دينار" فإن أبا يوسف رواه عن غورك السعدي وترك العمل به".

(2)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 554 - 555، والإحكام للآمدي: 4/ 326، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3679 - 3680، ونهاية السول للإسنوي مع حاشية المطيعي: 4/ 478.

(3)

من تصحيحات الشيخ السبكي.

(4)

ينظر التعليل لما رجحه: المحصول: ج 2/ ق 2/ 554 - 555، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3680، ونهاية السول للإسنوي مع حاشية المطيعي: 4/ 477، والبحر للزركشي: 6/ 153.

(5)

هو علي بن خشرم بن عبد الرحمن بن عطاء بن هلال الإمام الحافظ الصدوق، أبو الحسن المروزي، ابن أخت بشر الحافي. انتهى له علو الإسناد بما وراء النهر، وبمرو، وهراة. توفي في رمضان سنة 257 هـ. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي: 2/ 56، وسير أعلام النبلاء: 11/ 552 - 553 رقم (165)، وتقريب التهذيب: ص 401 رقم (4729).

ص: 2758

قال: قال لنا وكيع:

(1)

أيُّ الإسنادين أحبّ إليكم؟ الأعمش عن أبي وائل

(2)

عن عبد الله، أو سفيان عن منصور

(3)

عن إبراهيم

(4)

عن علقمة عن

(1)

هو وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي، أبو سفيان الرُّؤاسيّ الكوفي، الإمام الحافظ، محدّث العراق ولد سنة 129 هـ، كان من بحور العلم وأئمة الحفظ، توفي سنة 197 هـ. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي: 1/ 219 - 232، وحلية الأولياء لأبي نعيم: 8/ 368 - 380 رقم (437)، وسير أعلام النبلاء: 9/ 140 - 168 رقم (48).

(2)

هو شقيق بن سَلمة أبو وائل الأسدي أسد خزيمة الكوفيُّ، صاحب ابن مسعود، شيخ الكوفة مخضرم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وما رآه. قال الأعمش: قال لي إبراهيم النخعي: عليك بشقيق فإني أدركت الناس وهم متوافرون، وإنهم ليعدونه من خيارهم. وقال محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي وائل أنه تعلم القرآن في شهرين. وقال عمرو بن مرَّة: من أعلم أهل الكوفة بحديث ابن مسعود؟ قال أبو وائل. توفي سنة 82 هـ ينظر: الإصابة: 3/ 25 رقم (3977)، وسير أعلام النبلاء: 4/ 161 رقم (59)، والتقريب: ص 268 رقم (2816).

(3)

منصور بن المعتمر أبو عتاب السُّلمي الكوفي من بني بهثة بن سليم من رهط العباس بن مرداس السلمي، أحد الأعلام الحافظ الثبت القدوة، وذكر سفيان بن عيينة منصورًا، فقال قد كان عمش من البكاء. وقال العجلي: كان منصور أثبت أهل الكوفة، لا يختلف فيه أحد صالح متعبد. مات سنة 132 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: 5/ 402 رقم (181)، وتقريب التهذيب: ص 547 رقم (6908)، وشذرات الذهب: 1/ 189.

(4)

هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، مولاهم المدني الفقيه العالم المحدث أحد الأعلام المشاهير ولد في حدود سنة 100 هـ حدث عن صالح مولى التوأمة، وابن شهاب ويحيى بن سعيد وخلق كثير، وصنّف الموطأ، حدّث عنه جماعة قليلة منهم الشافعي، والحسن بن عرفة، وإبراهيم بن موسى الفرّاء. توفي رحمه الله سنة 184 هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء: 8/ 450 - 545 رقم (119)، والجرح والتعديل: 2/ 125، وتقريب التهذيب: ص 93 رقم (241).

ص: 2759

عبد الله

(1)

. فقلنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله فقال: يا سبحان الله الأعمش شيخ، وأبو وائل شيخ. وسفيان فقيه ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء خير من حديث يتداوله الشيوخ

(2)

.

الرابع: بعلم الراوي بالعربية؛ لأنَّ العالم بها يمكنه التحفظ عن مواقع الزلل فكان الوثوق بروايته أكبر

(3)

.

قال الإمام ويمكن

(4)

أنْ يقال: هو مرجوح؛ لأنَّ العالم بها يعتمد على معرفته، فلا يبالغ في الحفظ، والجاهل بها يكون خائفًا فيبالغ في الحفظ

(5)

(6)

.

(1)

قيل: أصح الأسانيد مطلقًا: سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود. ينظر: فتح المغيث شرح ألفية الحديث للسخاوي: 1/ 23 - 24، قال شيخنا أحمد نور سيف:"هذا أصح الأسانيد مطلقا بالنسبة للكوفيين"، وينظر: تدريب الراوي للسيوطي: 1/ 76، والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي: ص 23.

(2)

ينظر: الكفاية للبغدادي: ص 611.

(3)

ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3680.

(4)

(التحفظ عن مواقع الزلل فكان الوثوق بروايته أكبر، قال الإمام ويمكن) ساقط (ت).

(5)

ينظر: المحصول: ج 2/ ق 2/ 555، ونهاية الوصول: 8/ 3680، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 478.

(6)

فعلى الرأي الأول تكون رواية الأعلم بالعربية راجحة على رواية العالم بها كما مضى في الفقه. وعلى الثاني: روايته مرجوحة بالنسبة إلى رواية العالم بها على قياس رواية الجاهل بها.

ص: 2760

الخامس: الأفضلية لأنَّ الوثوق يقول الأعلم أتمّ، فيقدم رواية الخلفاء الأربعة في رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه على رواية ابن مسعود

(1)

.

والسادس: حسن اعتقاد الراوي فرواية غير المبتدع

(2)

أولى من رواية المبتدع.

ولقائل أنْ يقول: إذا كانت بدعتُهُ بِذَهَابِه إلى أنّ الكذبَ كفرٌ، أو كبيرة لكان ظنُّ صدقِه أغلبَ

(3)

، ولكن الذي جزَم به الأكثرون ما قلناه

(4)

.

(1)

ينظر: المحصول: ج 2/ ق 2/ 561 - 562، وشرح تنقيح الفصول: ص 422، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 489، وجمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 363، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 2685.

(2)

البدعة: لغة من أبدع الله تعالى الخلق إبداعًا خلقهم لا على مثال وأبدعت الشيء وابتدعته استخرجته وأحدثته ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة، وهي اسم من الابتداع كالرفعة من الارتفاع ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدّين أو زيادة، وفلان بدع في هذا الأمر أي هو أول من فعله فيكون اسم الفاعل بمعنى مبتدع. (المصباح المنير: ص 38 مادة "أبدع").

وفي الاصطلاح: هي الفعلة المخالفة للسنة، أو هي الأمر المحدث الذي لم يكن عليه الصحابة والتابعون، ولم يكن مما اقتضاه الدليل الشرعي. (التعريفات للجرجاني: ص 43).

(3)

ينظر هذا الاعتراض في النهاية للصفي الهندي: 8/ 3678.

(4)

ينظر المحصول: ج 2/ ق 2/ 559، وشرح تنقيح الفصول: ص 423، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 487، 480، 475، والإحكام: 4/ 326.

ص: 2761

ومثاله إذا قيل: صوم الدهر سنة كما اختاره الغزالي

(1)

لما روى إبراهيم بن أبي يحيى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صام الدهر كله فقد وهب نفسه لله"

(2)

فيجيب من يقول بأنّه مكروه، كصاحب التهذيب، وغيره بأنه روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو:"لا صام من صام الدهر، صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر"

(3)

وبأنه روي أنّه صلى الله عليه وسلم "نهى عن صيام الدهر"

(4)

والحديث الذي أورده الخصم لا يعارض هذين الحديثين؛ لأنَّ إبراهيم بن أبي يحيى وإنْ سلمنا أنَّه ثقة كما قاله الشافعي

(5)

وابن الأصبهاني وابن

(1)

قال الغزالي في الوسيط: 2/ 555 "وفي الجملة صوم الدهر مسنون بشرط الإفطار يوم العيدين".

(2)

بهذا اللفظ لم أقف عليه.

(3)

متفق عليه: رواه البخاري في صحيحه، كتاب الصيام (30) باب حق الأهل في الصوم (59)، حديث رقم (1977)، ومسلم في صحيحه: 2/ 815، 816 كتاب الصوم (13)، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (35) حديث رقم (187/ 1159) بلفظ الأبد بدل الدهر،

وينظر التلخيص الحبير: 2/ 824 رقم (939، 940).

(4)

رواه مسلم في صحيحه: في كتاب الصيام (13) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به (35)، رقم (181).

(5)

قال ابن عدي في الكامل: 1/ 221: "ثنا يحيى بن زكريا، ثنا ابن حيويه قال: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريًا، قلت للربيع: فما حمل الشافعي على أن روى عنه؟ قال: كان يقول: لأن يخر إبراهيم من بعد أحبّ إليه من أن يكذب، وكان ثقة في الحديث".

ص: 2762

عقدة

(1)

وابن عدي إلا أنَّه كان مبتدعًا قال البخاري: كان يرى القدر وكان جهميًا

(2)

.

والسابع: كون الراوي صاحب الواقعة؛ لأنّه أعرف بالقصّةِ، وبهذا رجَّح الشافعي رضي الله عنه خبر أبي رافع

(3)

(4)

على خبر ابن عباس في تزويجه

(1)

هو أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله بن عجلان مولى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهَمْداني، وحفيد عجلان، هو عتيق عبد الرحمن بن الأمير عيسى بن موسى الهاشمي، أبو العباس الكوفي الحافظ العلامة أحد أعلام الحديث، ونادرة زمانه وهو المعروف بالحافظ ابن عقدة. وعقدة لقب لأبيه النّحوي البارع محمد بن سعيد، ولقب بذلك لتعقيده في التصريف. ولد أبو العباس في سنة 249 هـ بالكوفة وتوفي لسبع خلون من ذي القعدة سنة 349 هـ. ينظر: تاريخ بغداد: 5/ 14 - 22، وسير أعلام النبلاء: 15/ 340 - 355 رقم (178)، وشذرات الذهب: 2/ 332.

(2)

قال ابن عدي في الكامل: 1/ 220 "سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي مولاهم مدني كان يرى القدر وكان جهميًا تركه ابن المبارك والناس".

(3)

هو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اختلف في اسمه فقيل: أسلم، وقيل: إبراهيم، غلبت عليه كنيته، توفي في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ينظر ترجمته في: الاستيعاب: 1/ 83 - 85 رقم (34)، 4/ 1656 - 1657 رقم (2948)، وأسد الغابة: 6/ 106 - 107 رقم (5867)، والإصابة: 7/ 134 - 135 رقم (9875).

(4)

وأما خبر أبي رافع فنصه: "أنّ رسول الله تزوّج ميمونة حلالًا، وبنى عليها حلالًا وكنت الرسول بينهما". والحديث أخرجه مالك في الموطأ 1/ 348 في كتاب الحج (20) باب نكاح المحرم (22) رقم (69)، والشافعي في المسند: 1/ 317، في كتاب الحج، الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم. رقم (826 - 827)، وأحمد في المسند: 1/ 392 - 393، والدارمي: 1/ 369، في كتاب المناسك (5) باب في =

ص: 2763

ميمونة أنَّه صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم

(1)

، لأنَّ أبا رافع كان السفيرَ في ذلك

(2)

فكان أعرفَ بالقصّة

(3)

كذا قيل.

والحقّ

(4)

أنّ هذا من باب الترجيح يكون أحد الروايين مباشرًا لما رواه، وهو قسم آخر فصَله الآمدي

(5)

وغيره عن هذا

(6)

.

بل مثال هذا قول ميمونة: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن

= تزويج المحرم (21) رقم (1832)، والترمذي في سننه: 3/ 200 في كتاب الحج (7)، باب ما جاء في كراهية تزويج المحرم (23) رقم (84)، والنسائي في الكبرى: 3/ 288، في كتاب النكاح (43)، باب ذكر الاختلاف في تزويج ميمونة (38) رقم (5409)، والبيهقي في السنن الكبرى: 5/ 66 في كتاب الحج، باب المحرم لا ينكح ولا ينكح.

(1)

أخرجه البخاري في صحيحه: 2/ 214 كتاب جزاء الصيد (28)، باب تزويج المحرم (12)، وفي 5/ 86 كتاب المغازي (64) باب عمرة القضاء (43). وأخرجه مسلم في صحيحه: 2/ 1031 - 1032 في كتاب النكاح (16) باب تحريم نكاح المحرم (5) رقم (46 - 47).

(2)

ينظر التعليل في المحصول: ج 2/ ق 2/ 556، والإحكام للآمدي: 4/ 326، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3682.

(3)

في (ص)، (ت): القضية.

(4)

من ترجيحات الشيخ السبكي.

(5)

قال الآمدي في الإحكام: 4/ 326 "السابع: أن يكون راوي أحد الخبرين مباشرًا لما رواه، والآخر غير مباشر، فرواية المباشر تكون أولى، لكونه أعرف بما روى، وذلك كرواية أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو حلال فإنه يرجح على رواية ابن عباس أنه نكحها وهو حرام؛ لأن أبا رافع كان هو السفير بينهما".

(6)

كذا صنيع الزركشي في تشنيف المسامع: 3/ 510 - 511.

ص: 2764

حلالان"

(1)

فتقدم على رواية ابن عباس

(2)

وقد خالف في هذا الجرجاني

(3)

من أصحاب أبي حنيفة

(4)

.

الثامن: يكون الراوي جليس المحدثين أو أكثر مجالسةً من الراوي الآخر؛ لأنّه أقرب إلى معرفة ما يعتور الرواية ويداخلها من الخلل

(5)

. ويمكن

(6)

أنْ يمثل لهذا برواية عبد الرحمن بن القاسم

(7)

عن

(1)

أخرجه مسلم في صحيحه: 2/ 1032، في كتاب النكاح (16) باب تحريم نكاح المحرم (5) رقم (48).

(2)

السابق تخريجها.

(3)

هو يوسف بن علي بن محمد الجرجاني أبو عبد الله كان عالمًا بفقه أبي حنيفة وأصحابه، ومن تصانيفه: خزانة الأكمل في ست مجلدات. ينظر ترجمته في: تاج التراجم: ص 82، والفوائد البهية: ص 231، والجواهر المضية: 3/ 630 رقم (1848)، والطبقات السنية: رقم (2744).

(4)

ينظر: البحر المحيط للزركشي: 6/ 154.

(5)

ينظر المحصول: ج 2/ ق 2/ 557، ونهاية الوصول للهندي: 8/ 3682 - 3683، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 480.

(6)

في (غ): يكون.

(7)

هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبي بكر الصديق رضي الله عنه، الإمام المثبت الفقيه، أبو محمد القرشي التّيمي، البكري، المدني. سمع من أبيه ومحمد بن جعفر بن الزبير وطائفة سواهم، وحدّث عنه شعبة، وسفيان الثوري، والأوزاعي، ومالك وسفيان بن عيينة وآخرون. وهو خال جعفر بن محمد الصادق. قال عنه ابن عيينة: كان أفضل زمانه. طلبه الخليفة الوليد بن يزيد إلى الشام في جماعة ليستفتيهم، فأدركه الأجل بحوران في 126 هـ وهو في عشر السبعين. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل: 5/ 278، وسير أعلام النبلاء: 6/ 5 رقم (1)، وتقريب التهذيب: ص 348 رقم (3981).

ص: 2765

أبيه

(1)

عن عائشة أنّ زوج

(2)

بريرة

(3)

كان عبدًا

(4)

.

(1)

القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أبو محمد وأبو عبد الرحمن القرشيّ التيمي البكري المدني الإمام القدوة الحافظ الحجة، أحد فقهاء المدينة ولد في خلافة الإمام علي، رُبِيَّ القاسم في حجر عمته أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتفقه منها وأكثر عنها. حدّث عنه ابنه عبد الرحمن، والشعبي ونافع، وسالم بن عبد الله وغيرهم كثير. توفي سنة 106 هـ ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 5/ 53 - 60 رقم (18)، وتقريب التهذيب: ص 451 رقم (5489)، طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 53، وشذرات الذهب: 1/ 135.

(2)

زوج بريرة كما جاء في صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة عن ابن عباس رضي الله عنه "أنّ زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث، كأنِّي انظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعباس: يا عباس ألا تعجب من حبِّ مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته. قالت: يا رسول الله تأمرني؟ قال: إنما أنا أتشفع، قالت: لا حاجة لي به". فتح الباري شرح صحيح البخاري: 9/ 510 - 511 كتاب الطلاق (68)، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة (16). رقم (5283). وفي سنن الترمذي: من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أيوب "كان عبدًا أسود لبني المغيرة". وفي سنن أبي داود: بسند فيه ابن إسحاق "وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد".

(3)

بريرة مولاة عائشة رضي الله عنها قيل كانت مولاة لقوم من الأنصار، وقيل لآل عتبة. ينظر ترجمتها في: الاستيعاب: 4/ 1795، وأسد الغابة: 7/ 39، والإصابة: 8/ 29 رقم (177).

(4)

ذكر ابن حجر في الفتح كلاما طويلًا حول زوج بريرة هل كان حرًّا أم كان عبدًا عند الإعتاق؟ نذكره على طوله للفائدة وتحقيقًا للمسألة. قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري 9/ 513 - 514 ". . . قال الأسود وكان زوجها حرًّا. قال البخاري: قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: "رأيته عبدًا" أصح. وقال في الذي قبله في قول الحكم نحو ذلك، وقد أورد البخاري عقب رواية عبد الله بن رجاء هذه عن =

ص: 2766

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= آدم عن شعبة ولم يسق لفظه لكن قال: وزاد فخيرت زوجها"، وقد أورده في الزكاة عن آدم بهذا الإسناد، فلم يذكر هذه الزيادة، وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن آدم شيخ البخاري فيه فجعل الزيادة من قول إبراهيم ولفظه في آخره قال الحكم: قال إبراهيم: وكان زوجها حرًّا فخيرت زوجها، فظهر أن هذه الزيادة مدرجة، وحذفها في الزكاة لذلك، وإنما أوردها هنا مشيرًا إلى أن أصل التخيير في قصة بريرة ثابت من طريق أخرى، وقد قال الدارقطني في العلل: لم يختلف على عروة عن عائشة أنه كان عبدًا، وكذا قال جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن عائشة، وأبو الأسود وأسامة بن زيد عن القاسم. قلت: وقع لبعض الرواة فيه غلط، فأخرج قاسم بن أصبغ في مصنفه وابن حزم من طريقه قال: أنبأنا أحمد بن يزيد المعلم حدثنا موسى بن معاوية عن جرير عن هشام عن أبيه عن عائشة: "كان زوج بريرة حرًّا" وهذا وهم من موسى أو من أحمد، فإن الحفاظ من أصحاب هشام ومن أصحاب جرير قالوا: كان عبدًا، منهم إسحق بن راهوية وحديثه عند النسائي، وعثمان بن أبي شيبة وحديثه عند أبي داود، وعلي بن حجر وحديثه عند الترمذي، وأصله عند مسلم وأحال به على رواية أبي أسامة عن هشام، وفيه كان عبدًا. قال الدارقطني: وكذا قال أبو معاية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه. قلت: ورواه شعبة عن عبد الرحمن فقال كان حرًا، ثم رجع عبد الرحمن فقال: ما أدري، وقد تقدم في العتق. قال الدارقطني: وقال عمران بن حدير عن عكرمة عن عائشة كان حرًا وهو وهم، قلت: في شيئين في قوله: حر، وفي قوله عائشة، وإنما هو رواية عكرمة عن ابن عباس، ولم يختلف على ابن عباس في أنه كان عبدًا، وكذا جزم به الترمذي عن ابن عمر وحديثه عند الشافعي والدارقطني وغيرهما، وكذا أخرجه النسائي من حديث صفية بنت أبي عبيد. قالت: "كان زوج بريرة عبدًا" وسنده صحيح. وقال النووي: يؤيد قول من قال: إنه كان عبدًا قول عائشة: كان عبدًا، ولو كان حرًا لم يخيرها، فأخبرت وهي صاحبة القصة بأنه كان عبدًا، ثم عللت بقولها: ولو كان حرًا لم يخيرها. ومثل هذا لا يكاد أحد يقوله إلا توقيفًا، وتعقب بأن هذه الزيادة في رواية جرير عن هشام بن عروة في آخر الحديث، وهي =

ص: 2767

وهكذا رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.

وروى الأسود بن يزيد

(1)

عن عائشة: "أنّ زوج بريرة كان حرًّا"

(2)

.

= مدرجة من قول عروة، بين ذلك في رواية مالك وأبي داود والنسائي. نعم وقع في رواية أسامة بن يزيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قال:"كانت بريرة مكاتبة لأناس من الأنصار، وكانت تحت عبد". الحديث أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي، وأسامة فيه مقال، وأما دعوى أن ذلك لا يقال إلا بتوقيف فمردودة فإن للاجتهاد فيه مجال، وقد تقدم قريبًا توجيهه من حيث النظر أيضًا، قال الدارقطني: وقال إبراهيم عن الأسود عن عائشة: كان حرًا. قلت: وأصرح ما رأته في ذلك رواية أبي معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "كان زوج بريرة حرًا". الحديث أخرجه أحمد عنه، وأخرج ابن أبي شيبة عن إدريس عن الأعمش بهذا السند عن عائشة قالت: كان زوج بريرة حرًا. ومن وجه آخر عن النخعي عن الأسود أن عائشة حدثته: "أن زوج بريرة كان حرًا حين أعتقت". فدلت الروايات المنفصلة التي قدمتها آنفًا على أنه مدرج من قول الأسود أو من دونه فيكون من أمثلة ما أدرج في أول الخبر، وهو نادر، فإن الأكثر أن يكون في آخره ودونه أن يقع في وسطه. وعلى تقدير أن يكون موصولًا فترجح رواية من قال كان عبدًا بالكثرة، وأيضًا أن المرء أعرف بحديثه، فإن القاسم ابن أخي عائشة وعروة ابن أختها. وتابعها غيرهما فروايتهما أولى من رواية الأسود فإنهما أقعد بعائشة، وأعلم بحديثها والله أعلم".

(1)

هو أبو عمرو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، الإمام القدوة، كان مخضرمًا أدرك الجاهلية والإِسلام ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، كان رأسًا في العلم والعمل، وهو معدود من كبار التابعين، ومن أعيان ابن مسعود، ومن كبار أهل الكوفة، توفي سنة 75 هـ. ينظر ترجمتها في: الاستيعاب: 1/ 92، وأسد الغابة: 1/ 88، والإصابة: 1/ 108 - 109 رقم (457).

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه: أخرجه أحمد في المسند: 6/ 42، 170، =

ص: 2768

فحديث عروة والقاسم عن خالتهما أولى؛ لمجالستهما لها وسماعهما منها الحديث شفاهًا داخل الستر.

التاسع: بكون الراوي مختبرًا، فيرجح المعدل بالممارسة والاختبار على من عرفت عدالته بالتزكية أو برواية من لا يروي عن غير العدل؛ لأنَّ الخبر أضعف من المعاينة

(1)

.

العاشر: يكون الراوي معدلا بالعمل على روايته، أي يكون ثبوت عدالته بعمل من روى عنه، فيرجح على الذي يكون راويه معدلا بغير ذلك

(2)

.

وقد أتى صاحب الكتاب بقوله: "ثم معدلًا" ليفهم أنّ التعديل بالاختبار مقدّم على هذا الضرب.

فالمراتب ثلاثة التعديل بالاختبار ثمّ بالعمل ثم بغير ذلك.

ولقائل أنْ يقول: إنْ أردتم بغير ذلك صريحَ القول في التزكية فلا نسلم أنّ التعديل بالعمل أرجح منها كيف وقد اختلف في كونها تعديلًا.

قد جزم بهذا الآمدي وغيره وقالوا: يرجح صريح المقال في التزكية على العمل بروايته والحكم بشهادته

(3)

.

= 186، 175، والدارمي في سننه: 2/ 169، كتاب، وأبو داود في سننه، وابن ماجه في سننه، والنسائي في سننه، والبيهقي في سننه الكبرى: 7/ 223.

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 558، نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3678، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 486، وشرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 798.

(2)

ينظر: المصادر نفسها.

(3)

ينظر: الأحكام للآمدي: 4/ 329، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3678.

ص: 2769

الحادي عشر: كثرة المزكين للراوي

(1)

وقد سبق ما يناظره.

ومن أمثلته حديث بسرة بنت صفوان.

(2)

في مسّ الذكر

(3)

مع ما يعارضه من حديث

(4)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 558، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3678، والإحكام للآمدي: 4/ 329.

(2)

هي بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية بنت أخي ورقة بن نوفل صحابية لها سابقة وهجرة، عاشت إلى خلافة معاوية.

ينظر ترجمتها في: الإصابة: 8/ 30 رقم (180).

(3)

حديث بسرة: "إذا مس أحدُكم ذَكرَه فليتوضأ" أخرجه مالك في الموطأ 1/ 42، كتاب الطهارة (2)، باب الوضوء من مسّ الفرج (15) رقم (58)، والشافعي في الأم: 1/ 19 كتاب الطهارة، باب الوضوء من مسّ الذكر، وأحمد في المسند: 6/ 406 - 407، والدارمي في السنن: 1/ 184 - 185، كتاب الوضوء، باب الوضوء من مسّ الذكر، وأبو داود في السنن: 1/ 126 كتاب الطهارة (1)، باب الوضوء من مسّ الذكر (70)، رقم (181)، والترمذي في السنن: 1/ 126، كتاب الطهارة (1)، باب الوضوء من مسّ الذكر (62) رقم (82). وقال:(هذا حديث حسن صحيح)، والنسائي في المجتبى من السنن: 1/ 100 كتاب الطهارة (1)، باب الوضوء من مسّ الذكر (118)، وابن ماجه في السنن: 1/ 161، كتاب الطهارة (1)، باب الوضوء من مسّ الذكر (63) رقم (479).

(4)

حديث طلق: "أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال: هل هو إلَّا بضعةٌ منك" أخرجه أحمد في المسند: 4/ 22، 23، وأبو داود في السنن، كتاب الطهارة (1)، باب الرخصة في الوضوء من مسّ الذكر (70) رقم (182)، والترمذي في السنن: 1/ 131 كتاب الطهارة (1)، باب ترك الوضوء من مسّ الذكر (62) وقال:(وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب)، والنسائي في المجتبى من السنن: 1/ 101 كتاب الطهارة (1)، باب ترك الوضوء من مسّ الذكر (119)، وابن ماجه في السنن: 1/ 163، كتاب الطهارة (1)، باب الرخصة في الوضوء من مسّ الذكر (64) رقم (483).

ص: 2770

طلق

(1)

فحديث بسرة رواه مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير، وليس فيهم إلّا من هو متفق على عدالته، وأمّا رواة حديث طلق فقد قلّ مزكوهم بل اختلف في عدالتهم فالمصير إلى حديث بسرة أولى.

الثاني عشر: كثرة بحث المزكين عن أحوال الناس لزيادة الثقة بقولهم حينئذ

(2)

الثالث عشر: كثرة علمهم؛ لأنَّ كثرة العلم تؤدي إلى الصواب

(3)

.

الرابع عشر: حفظ الراوي

(4)

، وقد أطلقه في الكتاب، وهو يحتمل أمرين كلاهما حق معتبر:

أحدهما: أنْ يكون قد حفظ لفظ الحديث، واعتمد الآخر على المكتوب فالحافظ أولى؛ لما لعلّه يعتور الخطّ من نقص وتغيير.

قال الإمام وفيه احتمال

(5)

.

(1)

هو طلق بن علي بن طلق بن عمرو بن عبد العزى بن سحيم مشهور له صحبة ووفادة ورواية.

ينظر ترجمته في: الإصابة: 3/ 294 رقم (4276).

(2)

ينظر: شرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 798، نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3678.

(3)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 558.

(4)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 560، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3683 - 3684.

(5)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 560.

ص: 2771

قلت: وهو احتمال بعيد

(1)

.

وقد ذهب بعض العلماء إلى أنَّه لا يحتج برواية من يعول على كتابه

(2)

.

قال أشهب

(3)

: سئل مالك أيؤخذ ممن لا يحفظ وهو ثقة صحيح الحديث أتؤخذ عنه

(4)

الأحاديث؟ . فقال لا يؤخذ منه، أخاف أنْ يزاد في كتبه بالليل

(5)

.

وعن هشيم

(6)

من لم يحفظ الحديث فليس هو أولى

(7)

من أصحاب

(1)

من المواطن التي يرد فيها كلام الإمام.

(2)

ينظر: التقييد والإيضاح: ص 171، 223.

(3)

هو أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمرو القيسيّ العامريّ المصري، الفقيه، مفتي مصر، وقيل اسمه مسكين، وأشهب لقب له، ولد سنة 140 هـ، تفقه بمالك، له كتاب الاختلاف في القسامة، وله كتاب يعرف أيضًا بالمدونة غير المدونة المعروفة لمالك برواية سحنون، توفي سنة 204 هـ. ينظر: ترجمته في: ترتيب المدارك لعياض: 3/ 262 - 271، وسير أعلام النبلاء: 9/ 500 - 503 رقم (190)، = = والديباج المذهب: 1/ 307 - 308 رقم (3).

(4)

في (ص): كذا عنه.

(5)

ينظر: فتح المغيث للسخاوي على ألفية العراقي: 3/ 125.

(6)

هو هشيم بن بشير بن أبي خازم، قاسم بن دينار، أبو معاوية السلمي، مولاهم الواسطي، محدث بغداد وحافظها، ولد سنة 104 هـ، حدث عن شعبة وسفيان وحدّثا عنه، وهو ثقة ثبت إلا أنَّه كثير التدليس والإرسال الخفي، توفي سنة 183 هـ. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل: 9/ 115 - 116 رقم (486)، وتاريخ بغداد: 14/ 85 - 94 رقم (7436)، وسير أعلام النبلاء: 8/ 287 - 294 رقم (76).

(7)

(أولى) ليس في (ت).

ص: 2772

الحديث يجيء أحدهم بكتاب كأنّه سجل مكاتب

(1)

.

وثانيهما: أنْ يكون أحدُهما أكثرَ حفظًا، فإنّ روايته راجحة على من كان نسيانه أكثر وسيأتي على الأثر.

مثال هذا في حديثي شعبة وإسماعيل بن عياش

(2)

فإنَّ

(3)

شعبة: أحفظ منه بلا ريب.

ومن أمثلته أيضًا احتجاجنا

(4)

على أنّ المسْح يتأقت بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر بحديث عاصم

(5)

عن زِرِّ

(1)

ينظر: فتح المغيث للسخاوي على ألفية العراقي: 3/ 126، والكفاية للخطيب: ص 228.

(2)

هو إسماعيل بن عياش بن سُلَيم، أبو عتبة، الحافظ محدِّث الشام الحمصي العنْسي، مولاهم. ولد سنة 108 هـ كان من بحور العلم توفي رحمه الله سنة 181 هـ. ينظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 6/ 221 رقم (3276)، سير أعلام النبلاء: 8/ 312 - 328 رقم (83)، وتقريب التهذيب: ص 109 رقم (473).

(3)

في جميع النسخ: قال، ما عدا (غ). والذي أثبته أدعى للسياق.

(4)

في (ص): اجتجاجًا، وما أثبته أليق بالسياق.

(5)

عاصم بن أبي النجود أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي واسم أبيه بهدلة، إمام كبير مقرئ العصر، قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السّلمي، وزرّ بن حبيش الأسدي، وحدّث عنها. وعنه أخذ عطاء بن أبي رباح، وأبو صالح السمان وهما من شيوخه، وشعبة والثوري، وحماد بن سلمة وغيرهم. كان ذا أدب ونسك وفصاحة وصوت حسن. وهو معدود من التابعين توفى رحمه الله 127 هـ. ينظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للذهبي: 1/ 89 رقم (35)، وسير أعلام النبلاء: 5/ 256 رقم (119)، وتقريب التهذيب: ص 285 رقم (2054).

ص: 2773

ابنِ حُبَيْش

(1)

قال أتيت صفوان بن عسّال

(2)

فسألته عن المسح على الخفين فقال: "كنّا نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا أنْ لا ننزع خِفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم"

(3)

.

(1)

هو زِرُّ بنُ حُبَيْش بن حباشة بن أوس أبو مريم الأسدي الكوفي، ويكنى أبا مطرف، الإمام القدوة مقرئ الكوفة أدرك أيام الجاهلية. وحدّث عن عمر بن الخطاب وأبي بن كعب، وعثمان، وعلي، والعباس رضي الله عنهم وغيرهم. تصدر للإقراء وقرأ على عاصم بن أبي النجود. توفي رحمه الله وهو ابن اثنتين وعشرين ومائة سنة 81 هـ. ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 4/ 166 - 170 رقم (60)، وتقريب التهذيب: ص 215 رقم (2008).

(2)

صفوان بن عسال المرادي من بني زاهر بن عامر له صحبة سكن الكوفة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث روى عنه زر بن حبيش وعبد الله بن سلمة وغيرهما وذكر أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة. ينظر ترجمته في: الإصابة: 3/ 248 رقم (4075).

(3)

رواه الشافعي فى الأم: 1/ 34، 35، وأحمد في المسند: 4/ 239، والترمذي: 1/ 158، في كتاب الطهارة (1)، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم (71) رقم (59)، وقال حديث حسن صحيح. وقال: هو أكثر قول العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحاق قالوا: يمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن. وقال: وقد روى عن بعض أهل العلم: أنهم لم يوقتوا في المسح على الخفين، وهو قول مالك بن أنس. وقال: والتوقيت أصح. ورواه الترمذي: 5/ 509، في كتاب الدعوات (49)، باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده (99) رقم (3535) وقال حديث حسن صحيح، ورواه النسائي: 1/ 83 - 84 في كتاب الطهارة (1)، باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر (98) رقم (126 - 127)، ورواه ابن ماجه: 1/ 161، في كتاب الطهارة (1) باب =

ص: 2774

فإنّ للخصم في المسألة وهو مالك رحمه الله أنْ يقول: قد تُكُلِّمَ في حفظ عاصم بن أبي النجود. قال العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ

(1)

، وقال الدارقطني: في حفظه شيء

(2)

. فليرجح عليه حديث أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة"

(3)

.

الخامسَ عشرَ: زيادة ضبط الراوي

(4)

وشدّة اعتنائه؛ فليرجح من كان أشدّ اعتناء به وأكثر اهتمامًا، ولو كان ذلك الضبط لألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم بأنْ يكونَ أكثرَ حرصًا على مراعاة كلامِه وحروفِه؛

= الوضوء من النوم (62، رقم (478)، ورواه البيهقي: 1/ 276، 114، 118، وابن خزيمة: 1/ 98، 99، والدارقطني: 1/ 196، 197. ولمزيد من الفائدة في تخريج الحديث ينظر: التلخيص الحبير: 1/ 246 - 247. والهداية في تخريج أحاديث البداية للغماري: 1/ 213 - 236.

(1)

ينظر الضعفاء للعقيلي: 3/ 336 رقم الترجمة: 1358.

(2)

قال الذهبي في معرفة القراء ص 93: "وثقه أبو زرعة وجماعة، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وقال الدارقطني: في حفظه شيء" وقال الذهبي في السير: 5/ 260 "وقال النسائي: عاصم ليس بحافظ".

(3)

أخرجه الحاكم في المستدرك: 1/ 290 رقم 643، وقال هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، والدارقطني في السنن: 1/ 203، رقم (1، 2) والبيهقي في سننه الكبرى: 1/ 279، رقم (1242، 1243). وينظر أيضًا: المنتقى للباجي: 1/ 78 - 79، والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس لابن العربي: 1/ 158 - 161.

(4)

قال الإسنوي في نهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 488 - 489 "والضبط هو شدّة الاعتناء بالحديث والاهتمام بأمره".

ص: 2775

لأنّه حينئذ يكون أقربَ إلى الروايةِ باللفظِ، وقد تقدّم أنّها راجحة على الرواية بالمعنى

(1)

.

ومن أمثلته

(2)

احتجاجنا على أنّ الدمَ الخارجَ من غيرِ السبيلين لا ينقضُ الوضوءَ. مما رواه شعبة عن سهيل بن أبي صالح

(3)

عن أبيه

(4)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا وضوء إلا من صوت أو

(1)

ينظر: نهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 488 - 489، وشرح العبري: ص 628، السراج الوهاج للجاربردي: 2/ 1044، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 264 - 265، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 2684.

(2)

ومثل له السبكي في رفع الحاجب: اللوحة 309/ أ - 310 ب بقوله: "ولذلك رجح أصحابنا رواية مالك وسفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل: "زوجتكها بما معك من القرآن" على ما رواه عبد العزيز بن أبي حازم وزائدة عن أبي حازم عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ملكتها بما معك من القرآن"، لأنّ مالكًا وسفيان أعلم منهما وأوثق وأضبط".

(3)

هو سهيل بن أبي صالح أبو يزيد المدني مولى جويرية بنت الأحمس الغطفانية، حدث عن أبيه أبي صالح ذكوان السمان وغيره، وحدث عنه الأعمش، وربيعة، وهم من التابعين. وكان من كبار الحفاظ لكنه مرض مرضة غيّرت من حفظه. توفي رحمه الله في خلافة المنصور. ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 7/ 458 - 462 رقم (205)، وتقريب التهذيب: ص 259 رقم (2675)، شذرات الذهب: 1/ 208.

(4)

هو ذكوان بن عبد الله أبو صالح السمان مولى أم المؤمنين جويرية الغطفانية، القدوة الحافظ الحجة، كان من كبار علماء المدينة، وكان يجلب الزيت والسمن إلى الكوفة، ولد في خلافة عمر، وشهد يوم الدار وحصر عثمان، سمع من عائشة وأبي هريرة، وابن عباس، حدّث عنه ابنه سهيل، والأعمش والزهري وخلق سواهم. توفي سنة 101 هـ. ينظر ترجمته في: طبقات ابن سعد: 5/ 301، وسير أعلام النبلاء: 5/ 36 - 37 رقم (10)، وتقريب التهذيب: ص 203 رقم (1841).

ص: 2776

ريح"

(1)

فإن عارضه الخصم بما روى إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة

(2)

عن عائشة مرفوعًا: "من قاء أو رعف فأحدث في صلاته فليذهب فليتوضأ ثم ليَبْنِ على صلاته"

(3)

.

(1)

رواه أحمد في مسنده: 1/ 471، ورواه الترمذي في سننه: 1/ 109، كتاب الطهارة (1)، باب ما جاء في الوضوء من الريح (56) رقم (74). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه: 1/ 172، في كتاب الطهارة (1) باب لا وضوء إلا من حدث (74) رقم (515) ورواه البيهقي في السنن الكبرى: 1/ 88، 338، ورواه ابن خزيمة في صحيحه: 1/ 18 كتاب الوضوء باب ذكر خبر روي مختصرا. . . (21) رقم (27)، وينظر التلخيص: 1/ 177 لمزيد من الفائدة.

(2)

هو عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مُلَيْكَة بالتصغير زهير بن عبد الله بن جُدعان الإمام الحجة الحافظ أبو بكر وأبو محمد القرشي ولد في خلافة علي، حدّث عن عائشة وأختها أسماء وابن عباس وغيرهم كثير، وكان عالما ومفتيا صاحب حديث وإتقان توفي سنة 117 هـ. ينظر ترجمته في: طبقات ابن سعد: 5/ 473، وسير أعلام النبلاء: 5/ 88 رقم (30)، وشذرات الذهب: 1/ 153.

(3)

وتتمة الحديث ". . . ما لم يتكلم" أخرج الحديث ابن ماجه: 1/ 385 - 386 في كتاب الإقامة (5)، باب ما جاء في البناء على الصلاة (137) رقم (1221)، والدارقطني: 1/ 153. قال ابن حجر في التلخيص الحبير: "وأعله [أي الحديث] غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه عنه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وصحح هذه الطريقة المرسلة محمد بن يحيى الذهلي، والدارقطني في العلل وأبو حاتم، وقال: رواية إسماعيل خطأ، وقال ابن معين: حديث ضعيف، وقال ابن عدي: هكذا رواه إسماعيل مرّة، وقال مرّة عن ابن جريج عن أبيه عن عائشة، وكلاهما ضعيف، وقال أحمد: الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، ورواه الدارقطني من حديث إسماعيل بن عياش أيضًا عن عطاء بن =

ص: 2777

قلنا: ليس إسماعيل كشعبة في الضبط. كيف لا؟ وشعبة أمير المؤمنين في الحديث وابن عياش خلط على المدنيين.

السادس عشر: بدوام عقل الراوي؛ فيرجح رواية دائم العقل على من اختلط آونة من عمره ولم يعرف أنَّه روى الخبر حالة سلامة العقل أو حال اختلاطه

(1)

.

السابع عشر: شهرة الراوي بالعدالة والثقة؛ فيرجح رواية المشهور على الخامل؛ لأنَّ الدّين كما يمنع من الكذب كذلك الشهرة والمنصب

(2)

.

ومن أمثلته في مسألة القهقهة من أحاديثنا رواية شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا وضوء إلا من

= عجلان وعباد بن كثير عن ابن أبي مليكة عن عائشة، وقال بعده: عطاء وعباد ضعيفان، وقال البيهقي: الصواب إرساله، وقد رفعه سليمان بن أرقم عن ابن أبي مليكة، وهو متروك".

(1)

لكن المصنف أطلقه تبعا لصاحب الحاصل والتحصيل دونما تقييد إلا أن الإمام قيده وكذا شارحنا بقيد عدم معرفة أنه روى الخبر حالة سلامة العقل أو حال اختلاطه. ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 560، والحاصل: 2/ 978، والتحصيل: 2/ 264، وشرح العبري على المنهاج: ص 629، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3685، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 489، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 264، والسراج الوهاج للجاربردي: 2/ 2044.

(2)

كأن يكون الراوي من كبار الصحابة كالخلفاء الأربعة؛ لأن دينه كما يمنعه من الكذب، فكذا منصبه العالي يمنعه عنه، ولذلك كان علي رضي الله عنه يحلف الرواة، وكان يقبل رواية الصديق من غير تحليف أفاده صاحب نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3685.

ص: 2778

صوت أو ريح"

(1)

.

فلا يعارضه الخصم برواية بقية

(2)

عن محمد الخزاعي

(3)

عن الحسن عن عمران بن حصين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك: "أعد وضوءك"

(4)

فإنّ محمدًا الخزاعي ليس مشهورًا بل هو من مجهولي مشايخ بقية

(5)

.

(1)

سبق تخريجه قريبًا.

(2)

بقية بن الوليد بن صائد بن كعب أبو يحمد الحميري، الكلاعي الحافظ العالم، محدث حمص أحد المشاهير الأعلام ولد سنة 110 هـ روى عن كثيرين وروى عنه الكثيرون، كان من أوعية العلم، لكنه كدَّر ذلك بالإكثار عن الضعفاء والعوام، والحمل عمّن دبَّ ودرج. قال أبو حاتم الرازي: سألت أبا مسهر عن حديث بقية فقال: احذر أحاديث بقية وكن منها على تقيَّة فإنها غير نقية. مات بقية سنة 197 هـ بعد سبع وثمانين سنة. رحمه الله. ينظر: الكامل في الضعفاء لابن عدي: 2/ 504 - 512، وسير أعلام النبلاء: 8/ 518 - 534 رقم (139)، تقريب التهذيب: ص 126 رقم (734).

(3)

هو محمد الخزاعي. ينظر: ضعفاء العقيلي: 4/ 82 رقم (1637)، ولسان الميزان: 5/ 182.

(4)

الحديث أخرجه الدارقطني: عن إسماعيل بن عياش عن عمر بن قيس عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ضحك في الصلاة قرقرة فليعد الوضوء والصلاة" 1/ 165، باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها. رقم (12). ولابن عدى طريق آخر أخرجه عن بقية عن محمد الخزاعي عن الحسن عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك في الصلاة "أعد وضوءك". ينظر: الكامل الضعفاء لابن عدى: 3/ 1026 - 1027، وينظر: نصب الراية: 1/ 49.

(5)

قاله ابن عدي في الكامل: 3/ 1027 "ومحمد الخزاعي هذا هو من مجهولي مشايخ بقية".

ص: 2779

والخصم وإن احتج به على قاعدته في العمل بخبر المجهول

(1)

، لكن لا ينكر أنّه غير مشهور وأنّ شعبة من الأئمة المشهورين العظماء.

الثامن عشر: بشهرة نسبه فإنّ من ليس بمشهور النسب قد يشاركه ضعيف في الاسم

(2)

.

التاسع عشر: بعدم التباس اسمه

(3)

فيرجح رواية من لا يلتبس اسمه

(1)

قال السخاوي في فتح المغيث شرح ألفية الحديث: 2/ 44 - 45 "ونحوه قول ابن المواق لا خلاف أعلمه بين أئمة الحديث في ردّ المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد، وإنما يحكى الخلاف عن الحنفية. . . وقد قبل أهل هذا القسم مطلقًا من العلماء من لم يشترط في الراوي مزيدًا على الإسلام، وعزاه ابن المواق للحنفية حيث قال: إنهم لم يفصلوا بين من روى عنه واحد وبين من روى عنه أكثر من واحد، بل قبلوا رواية المجهول على الإطلاق" قال محققه على ابن المواق ذكر قوله هذا وذاك في بغية النقاد. وقال ابن السبكي في جمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 150 "فلا يقبل المجهول باطنا وهو المستور خلافًا لأبي حنيفة وابن فورك وسليم".

ولمزيد من التفاصيل ينظر: المغني للخبازي: ص 211 - 212، وكشف الأسرار: 3/ 42 - 44، تيسير التحرير: 3/ 48.

(2)

ينظر: رفع الحاجب للسبكي: اللوحة 111/ ب. وقال الآمدي: فإن الذي لا يلتبس اسمه ببعض الضعفاء أغلب على الظنِّ ممن يلتبس. قال السبكي في رفع الحاجب تعليقًا على كلام الآمدي: قلت: ولا يحصل الالتباس إلا عند تقارب زمانهما واجتماعهما في شيخ واحد ولذلك شرط الإمام في المحصول: أن يصعب التمييز" وينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 328 والمحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 562.

(3)

هذا الفن يعرف عند المحدثين بالمؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، وقد ألفت فيه كتب كثيرة كالإكمال لابن ماكولا والمختلف والمؤتلف لابن التركماني، وللدارقطني أيضًا، والمتفق والمفترق للخطيب البغدادي، وقد ذكرها صاحب =

ص: 2780

باسم غيره على رواية من يلتبس اسمه باسم غيره من الضعفاء

(1)

.

ومن أمثلته أنَّه لو وقع إسنادان متعارضان في أحدهما محمد بن جرير الطبري أبو جعفر الإمام المشهور، وفي الآخر ثقةٌ مثله في العلم والعدالة وصفات الترجيح. لقلنا الإسناد الذي فيه محمد بن جرير مرجوح لالتباس اسمه بمحمد بن جرير بن رستم بن جعفر الطبري

(2)

، وكذلك وقع الغلط لبعض الأئمة فنقل على ابن جرير الإمام أنَّه قال بوجوب المسح على الرجلين بدل غسلهما، وإنما القائل بذلك ابن جرير هذا، وهو رجل رافضي

(3)

.

وكذلك الليث بن سعد الإمام المشهور مع الليث بن سعد النصيبي أحد الضعفاء.

العشرون: بتأخر إسلامه؛ فيرجح رواية من تأخر إسلامه على رواية من تقدم إسلامه لأنَّ تأخر الإسلام دليل على روايته

= الرسالة المستطرفة، ولمزيد من التفصيل عن هذا الموضوع. ينظر: الرسالة المستطرفة: ص 115 - 117، وفتح المغيث للسخاوي: 4/ 268، وتدريب الراوي: 2/ 316، والتقييد والإيضاح: ص 381.

(1)

ينظر: رفع الحاجب للسبكي: اللوحة 111/ ب، المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 561 - 562، والإحكام للآمدي: 4/ 328، وشرح تنقيح الفصول: ص 422، جمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 363.

(2)

تراجع ترجمته في طبقات الشيعة.

(3)

كما فعل من المتأخرين الشوكاني في نيل الأوطار: 1/ 169.

ص: 2781

أخيرًا هكذا نطق به المصنف وصرّح به الشيخ أبو إسحاق في شرح اللمع

(1)

وهو حقّ متقبل

(2)

.

وجزم الآمدي بعكسه معتلا بعراقة المتقدم في الإسلام ومعرفته

(3)

، وليس بشيء

(4)

،

وقال الإمام: الأولى أنْ يفصَّل ويقال: المتقدم إذا كان موجودًا مع المتأخر، لم يمنع أنْ تكون روايتُه متأخرةً عن روايةِ المتأخر، فأمّا إذا مات

(1)

قال في اللمع: ص 84: "والثامن: أن يكون أحدهما متأخر الإسلام فيقدم؛ لأنه يحفظ آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم".

(2)

من ترجيحات ابن السبكي.

(3)

قال الآمدي في الإحكام: 4/ 327: "الحادي عشر: إذا كان أحد الراويين متقدم الإسلام على الراوي الآخر فروايته أولى، إذ هي أغلب على الظن لزيادة أصالته في الإسلام وتحريره فيه. وتبعه ابن الحاجب والصفي الهندي. ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 310، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3686. وذكر الزركشي في تشنيف المسامع: 3/ 509 أن الصفي الهندي ذكر في الترجيح بما يرجع إلى أمر خارج، أن متأخر الإسلام يقدم مطلقًا قال: "وهذا منه رجوع إلى قول الجمهور"، ولما تتبعت مباحث المسألة السادسة في ترجيح الخبر بالأمور الخارجية في نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3739 - 3744.

لم أعثر على ما نوه إليه الزركشي. بل الذي وجدته هو في المسألة الثالثة في الترجيح بحال وروده وهو من وجوه، فالوجه الرابع:"أن يكون أحد المخبرين متأخر الإسلام، ويعلم أن سماعه كان بعد إسلامه، وراوي الخبر الآخر متقدم الإسلام، فيقدم الأول لأنه أظهر تأخرًا" 8/ 3697 - 3698. ولعل هذا وهم من الزركشي.

(4)

هذا رد من السبكي على الآمدي.

ص: 2782

المتقدمُ قبل إسلامِ المتأخر، وعلمنا أنّ أكثر رواة المتقدمِ متقدمٌ على رواة المتأخر منهما، هنا

(1)

نحكم بالرجحان؛ لأنَّ النادر يلحق بالغالب

(2)

.

ولقائل أنْ يقول: قولكم لا يمنع أنْ تكون روايته متأخرة فيما إذا لم يمت قبله مسلمٌ ولكن هي مشكوكة ورواية متأخر الإسلام مظنونة التأخر فليرجح على المشكوكة فيها.

ولهذا قال ابن عباس: "كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم"

(3)

.

ومن أمثلةِ الفصلِ قال الشافعي في مسألة المسِّ

(4)

، قيس بن

(1)

في (ت): فههنا.

(2)

المحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 568 - 569.

وينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 310، وجمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 364، ورفع الحاجب للسبكي: اللوحة: 310/ أ - 311/ ب، وشرح الكوكب المنير: 4/ 644 - 647.

(3)

سبق تخريجه.

(4)

قال البيهقي في سننه الكبرى: 1/ 135 ما نصه: "وأما قيس بن طلق فقد روى الزعفراني عن الشافعي أنه قال: سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وتثبته فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ثنا علي بن عمر الحافظ ثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي ثنا رجاء بن مرجا الحافظ في قصة ذكرها قال فقال يحيى بن معين: قد أكثر الناس في قيس بن طلق ولا يحتج بحديثه، وأخبرنا أبو بكر الفقيه أنا علي بن عمر الحافظ قال قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث محمد بن جابر هذا فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه، ثم إنه إن كان صح في ابتداء الهجرة حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده وسماع =

ص: 2783

طلق

(1)

راوي حديث الخصم وهو ممن تقدم إسلامه وأبو هريرة من رواة أحاديثنا وكان إسلامه بعد الهجرة بست سنين فرَأيْنا إمكانَ النسخ متطرقًا إلى ما رواه قيس.

قال: (الثاني بوقت الرواية فيرجح الراوي في البلوغ على الراوي في الصبا وفي البلوغ، والمتحمل وقت البلوغ على المتحمل في الصبا أو فيه أيضا).

= أبي هريرة وغيره ممن روينا عنه في ذلك كان بعده وهو فيما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري المهرجاني بها ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق أنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن أبي بكر ثنا حماد بن زيد عن محمد بن جابر قال حدثني قيس بن طلق عن أبيه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد فقال: "اخلط الطين فإنك أعلم بخلطه، فسألته أو سأله رجل فقال: أرأيت الرجل يتوضأ ثم يمس ذكره فقال: إنما هو منك" ثم قد حمله بعض أصحابنا على مسه إياه بظهر كفه، ففيما أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ثنا علي بن الحسن نا عبد الله بن يزيد المقري ثنا همام ثنا محمد بن جابر قال حدثني شيخ لنا من أهل اليمامة يقال له قيس بن طلق عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أو سمع رجلا يسأله فقال:"بينما أنا أصلي فذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما هو منك" والظاهر من حال من يحك فخذه وأصابت يده ذكره أنه إنما يصيبه بظهر كفه والله أعلم".

(1)

قيس بن طلق بن علي الحنفي، اليمامي، تابعي مشهور وقال صاحب التقريب: صدوق من الثالثة، وهم من عده من الصحابة.

ينظر ترجمته في: الإصابة: 5/ 290 رقم (7350)، وتقريب التهذيب: ص 457 رقم (5580)، الثقات: 5/ 313 رقم (5004)، ولسان الميزان: 8/ 356 رقم (710)، وطبقات خليفة: ص 289، والجرح والتعديل: 7/ 100 رقم (568).

ص: 2784

الخبر الذي لم يرو رَاوِيه شيئًا من الأحاديث إلا بعد بلوغه

(1)

راجح على خبر من لم يروها إلا في صباه؛ لأنَّ البالغ أقرب إلى الضبط

(2)

.

ويرجح أيضًا على خبر من روى البعض فى صباه والبعض في بلوغه لاحتمال أنْ يكون من مروياته في الصغر

(3)

.

قوله: "والمتحمل" أي يرجح الخبر الذي لم يَتَحَمّل رَاوِيهِ الأحاديث إلَّا في زمن بلوغه على من لم يتحمل إلا في زمن صباه.

قوله: "أو فيه أيضا": أي ويرجح هذا أيضا على من يتحمل البعض في صباه والبعض في بلوغه لاحتمال أنْ يكون هذا الخبر من الأحاديث المتحملة في الصغر.

ولهذا

(4)

قدم ابن عمر روايته في الإفراد في الحج

(5)

على رواية

(1)

ينظر في الترجيح بحال الراوي وطرقه: المستصفى للغزالي: 2/ 397، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 2/ 552 وما بعدها، وجمع الجوامع مع حاشية البناني: 2/ 361، الإحكام للآمدي: 4/ 328، وفواتح الرحموت: 2/ 210، والمنهاج فى ترتيب الحجاج للباجي: ص 223، مختصر المنتهى مع شرح العضد: 2/ 310، شرح تنقيح الفصول: ص 422، المنخول: ص 430، ونهاية السول: 3/ 167، والعدة: 3/ 1024، والمسودة: ص 306، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3687، شرح المنهاج للأصفهاني: 2/ 800، وشرح المنهاج للعبري: ص 631.

(2)

قال العبري في شرح المنهاج ص 631: "لأن البالغ أكمل من الصبي فيحتاط في الرواية ما لا يحتاط الصبي".

(3)

ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3687.

(4)

ينظر المثال في رفع الحاجب: اللوحة 211/ أ.

(5)

أخرجه مسلم صحيحه: ص 492 كتاب الحج (15) باب في الإفراد والقران في الحج (27) رقم (184/ 1231). ورواية جابر رضي الله عنه الطويلة التي في صحيح =

ص: 2785

أنس

(1)

وقال: إنّه كان صغيرًا ويتولج

(2)

على النساء وهنّ متكشفات

(3)

وأنا آخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيل عليّ لعابها

(4)

.

هكذا ينبغي تقرير ما في الكتاب فلا يعدل عنه، وبه يتبين لك أنّ الكلام هنا في بحثين أحدهما: بوقت الرواية في زمن الصبا، والثاني: بوقت التحمل.

قال: (الثالث بكيفية الرواية فيرجح المتفق على رفعه والمحكي

= مسلم: ص كتاب الحج (15) باب في المتعة بالحج والعمرة (18) رقم (147/ 1218). تؤيد ما رجحه ابن عمر، وكذا رواية ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم: ص كتاب الحج (15) باب جواز العمرة في أشهر الحج (31) رقم (198/ 1240).

(1)

وهي أنه قرن في الحج. والحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه: ص 822 كتاب المغازي (62) باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن (61) رقم (4353، 4353). وأخرجه مسلم في صحيحه: ص 492، كتاب الحج (15) باب في الإفراد والقران في الحج (27) رقم (185/ 1232).

(2)

في (ت): وكنت أدخل.

(3)

(في الحج على رواية أنس وقال إنّه كان صغيرًا وكنت أدخل على النساء وهنّ متكشفات) ساقط من (غ).

(4)

"حدثنا أحمد ابن مسعود المقدسي ثنا عمرو بن أبي سلمة ثنا سعيد بن عبد العزيز عن زيد بن أسلم عن ابن عمر: أن رجلا أتاه فقال بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أهل بالحج، فانصرف عنه ثم جاءه من العام المقبل فقال: بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ألم تأتني عام أول؟ قال: بلى ولكن أنس بن مالك زعم أنه قرن، فقال ابن عمر: إن أنسا كان يتولج على النساء مكشفات الرؤوس فإني كنت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها أسمعه يلبي بالحج". مسند الشاميين: 1/ 284.

ص: 2786