المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرط المجتهد أن يكون محيطا بمدارك الأحكام - الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي - جـ ٧

[تاج الدين ابن السبكي - تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌(الكتاب السادس: في التعادل(1)والتراجيح

- ‌(مسألة إذا نقل عن مجتهد قولان في موضع واحد

- ‌الحالة الأولى: إذا كان في موضع واحد

- ‌الحالة الثانية: أنْ يكون نقل القولين عن المجتهد في موضعين

- ‌(الباب الثاني: في الأحكام الكلية للتراجيح

- ‌(مسألة لا ترجيح في القطعيات

- ‌إنما يترجح(1)أحد الدليلين على الآخر إذا لم يمكن العمل بكل واحد منهما

- ‌(الباب الثالث: في ترجيح الأخبار

- ‌الأول: بحال الراوي

- ‌الترجيح بكيفية الرواية

- ‌ الترجيح بوقت ورود الخبر

- ‌(الخامس باللفظ

- ‌(السادس بالحكم

- ‌(السابع بعمل أكثر السلف)

- ‌(الباب الرابع: في تراجيح الأقيسة

- ‌ الأوّل: بحسب العلّة فترجح المظنة ثم الحكمة ثم الوصف الإضافي ثمّ العدمي ثم الحكم الشرعي والبسيط والوجودي للوجودي والعدمي للعدمي)

- ‌(الثاني بحسب دليل العلية فيرجح الثابت بالنص القاطع

- ‌(الثالث بحسب دليل الحكم فيرجح النص ثم الإجماع لأنّه فرعه)

- ‌(الرابع بحسب كيفية الحكم

- ‌ بحسب الأمور الخارجية

- ‌(الكتاب السابع: في الاجتهاد والإفتاء

- ‌الأولى يجوز له صلى الله عليه وسلم أنْ يجتهد

- ‌فائدتان:

- ‌(الثانية يجوز للغائبين عن الرسول صلى الله عليه وسلم وفاقًا وللحاضرين أيضًا إذ لا يمتنع أمرهم به

- ‌شرط المجتهد أنْ يكون محيطًا بمدارك الأحكام

- ‌(الفصل الثاني: في حكم الاجتهاد

- ‌أولها: ذهب طوائف المسلمين على طبقاتهم إلى أنَّه: ليس كلُّ مجتهدٍ في الأصول مصيبًا

- ‌البحث الثاني: في تصويب المجتهدين في المسائل الفروعية

- ‌(الباب الثاني: في الإفتاء

- ‌الأولى: النظر فيما يتعلق بالمفتي

- ‌(الثانية يجوز الاستفتاء للعامي

- ‌(الثالثة: إنما يجوز في الفروع وقد اختلف في الأصول ولنا فيه نظر وليكن آخر كلامنا وبالله التوفيق)

- ‌خاتمة

الفصل: ‌شرط المجتهد أن يكون محيطا بمدارك الأحكام

القياس

(1)

.

واحتج من أنكر الوقوع مطلقًا

بأنّهم لو اجتهدوا في عصره صلى الله عليه وسلم لنقل واشتهر كاجتهادهم بعده

(2)

.

والمختار عندنا التوقف في حقّ الحاضرين

(3)

.

وأمّا الغائبون فالظاهر وقوع تعبدهم به ولا قطع.

قال: (الثالثة

(4)

: لا بد له أن يعرف من الكتاب والسنّة والإجماع ما يتعلق بالأحكام وشرائطِ القياس وكيفيةِ النظر وعلمِ العربية والناسخ والمنسوخِ وحالِ الرواة ولا حاجة إلى الكلام والفقه؛ لأنّه نتيجته).

‌شرط المجتهد أنْ يكون محيطًا بمدارك الأحكام

، ومتمكنًا من استثارة الظنّ بالنّظر فيها، وتقديم ما يجب تقديمه، وتأخير ما يتعين تأخيره

(5)

، وإنما يكون كذلك بأمور:

(6)

(1)

ينظر: ص 2196.

(2)

ينظر: المعتمد: 2/ 722، والتبصرة: ص 519، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 26، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3816.

(3)

وهو اختيار عبد الجبار من المعتزلة. ينظر: المعتمد: 2/ 722، والإحكام للآمدي: 4/ 236.

(4)

في (غ): الثانية.

(5)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 350.

(6)

ينظر: الحاوي للماوردي في شروط القاضي: 20/ 106 - 218.

ص: 2897

أحدها: كتاب الله فإنّه الأصل ولا بدّ من معرفته، ولكن لا يشترط معرفة جميع الكتاب بل ما يتعلق منه بالأحكام.

قال الغزالي: وهو مقدار خمسمائة آية، ولا يشترط حفظها من وراء ظهره، بل أنْ يكون عالمًا بمواقعها، حين يطلب الآية إذا احتيج إليها

(1)

.

وثانيها: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشترط فيها أيضًا الحفظ ولا معرفة ما لا يتعلق بالأحكام كما في معرفة الكتاب.

قال الغزالي: ويكفيه أنْ يكون عنده أصل مصحَّحٌ لجميع أحاديث الأحكام، كسنن أبي داود، ومعرفة السنن لأحمد البيهقي، أو أصل وقعت العناية فيه لجميع أحاديث الأحكام، ويكتفي منه بمعرفة مواقع كلّ باب فيراجعه وقت الحاجة

(2)

.

قال الشيخ محيي الدّين النووي قدّس الله روحه والتمثيل

(3)

بسنن أبي داود لا يصحّ فإنّه لم يستوعب الصحيح من أحاديث الأحكام ولا معظمه، وكم في صحيحي البخاري ومسلم من حديث حكمي ليس في سنن أبي داود

(4)

.

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 351، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 33.

(2)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 351، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 33، والعزيز شرح الوجيز: 12/ 416.

(3)

في (غ): والتمسك.

(4)

روضة الطالبين للنووي: 8/ 83.

ص: 2898

وثالثها: الإجماع فليعرف مواقعه حتى لا يفتي بخلافه، ولكنه لا يلزمه حفظ جميع مواقعه بل كلّ مسألة يفتي فيها فينبغي أنْ يعلم أنّ فتواه ليست مخالفة للإجماع إمّا بموافقة مذهب عالم أو تكون الواقعة متولدة في العصر ليس لأهل الإجماع فيها خوض

(1)

.

ورابعها: القياس فلتعرفه، وتعرف شرائطه، فإنّه مناط الاجتهاد، وأصل الرأي، ومنه يتشعب الفقه، وأساليب الشريعة

(2)

.

وخامسها: كيفية النظر فلتعرف شرائط البراهين والحدود وكيف تركب المقدمات وتستنتج المطلوب لتكون على بصيرة من نظره

(3)

.

وسادسها: علم العربية لغةً ونحوًا وتصريفًا، فلتعرف القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حدّ يميز به بين صريح الكلام

(1)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 34، وشرح العبري: ص 670، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3827.

(2)

ينظر: شرح العبري: ص 670. وقال: الصفي الهندي في النهاية: 8/ 3828: "واعلم أن هذا ما ذكره الشيخ الغزالي، ونقله الإمام عنه، ووافقه على ذلك، ولم يذكر فيه القياس، فإن كان ذلك بناء على أنه متفرع من الكتاب والسنة، فالإجماع والعقل أيضًا كذلك، فكان يجب أن يذكرهما، وإن كان بناءً على أنه ليس بمدرك فكونه حجة ينفي ذلك، بل هو أيضًا مدرك من المدارك، فينبغي أيضًا أن يكون المجتهد عارفًا به، وبأنواعه، وأقسامه، وشرائطه المعتبرة والطرق الدالة على العلة فيه" اهـ.

(3)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 34، وشرح العبري: ص 670، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3827.

ص: 2899

وظاهره ومجمله ومبينه وحقيقته ومجازه وعامه وخاصه إلى غير ذلك، وليس عليه أنْ يبلغ مبلغ الخليل بن أحمد

(1)

.

وسابعها: معرفة الناسخ من المنسوخ مخافة أنْ يقع في الحكم بالمنسوخ المتروك ولا يشترط حفظ ذلك جميعه كما تقدم

(2)

.

وثامنها: حال الرواة في القوة والضعف، وتمييز الصحيح عن الفاسد، والمقبول عن المردود

(3)

.

قال الغزالي وليكتف بتعديل الإمام العدل بعد أنْ يعرف صحة مذهبه في التعديل

(4)

.

وكذا قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: يعول على قول أئمة المحدثين كأحمد والبخاري ومسلم، والدارقطني وأبي داود؛ لأنّهم أهل المعرفة بذلك، فجاز الأخذ بقولهم كما يؤخذ بقول المقومين في القيم

(5)

(6)

.

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 351، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 35، والإحكام للآمدي: 4/ 220، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3828 - 3829.

(2)

وهذا عام في الكتاب والسنة. كما ينبغي أن يعرف أسباب النزول. ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 352، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 36، والإحكام للآمدي: 4/ 220، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3831، وشرح العبري: ص 669 - 670.

(3)

وهذا يخص السنة فقط. ينظر: المصادر نفسها.

(4)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 353.

(5)

(وليكتف بتعديل الإمام العدل بعد أنْ يعرف. . . . . كما يؤخذ بقول المقومين في القيم) ساقط من (ت).

(6)

ينظر: شرح اللمع: 2/ 1033.

ص: 2900

قال الغزالي: فهذه هي العلوم الثمانية التي يستفاد بها منصب الاجتهاد، ومعظم ذلك يشتمل على ثلاثة فنون الحديث واللغة وأصول الفقه

(1)

.

وقال الإمام: أهمّ العلوم للمجتهد أصول الفقه

(2)

، وشرط الإمام أنْ يكون عارفًا بالدليل العقلي، وعارفًا بأننا مكلفون به

(3)

.

وقد اتبع في ذلك الغزالي

(4)

، فإنّه ذكر ذلك ولم يذكر القياس، وكأنهما تركاه لكونه متفرعًا

(5)

عن الكتاب والسنّة.

ولكن لقائل أنْ يقول: الإجماع والعقل أيضًا كذلك، فلِمَ ذكرا قوله:"ولا حاجة" أي: لا يحتاج المجتهد إلى علم الكلام؟ "

(6)

.

لأنا لو فرضنا إنسانًا جازمًا بالإسلام تقليدًا؛ لأمكنه الاستدلال بالدلائل الشرعية على الأحكام

(7)

، ولكن الأصحاب عدّوا معرفة أصول

(1)

المستصفى للغزالي: 2/ 353.

(2)

ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 36.

(3)

ينظر: المصدر نفسه: ج 2/ ق 3/ 34.

(4)

فقد صرح الإمام في المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 33 بذلك: حين قال: "قال الغزالي رحمه الله: مدارك الأحكام أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والعقل، فلا بد من العلم بهذه الأربعة. . .".

(5)

في (غ): مفرعًا.

(6)

ينظر الاعتراض في المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 36. وينظر كلام المطيعي في حاشيته: نهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 553 - 554.

(7)

وهذا جواب الإمام في المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 36.

ص: 2901

الاعتقاد من الشروط

(1)

.

ولا حاجة أيضًا إلى تفاريع الفقه، وكيف يحتاج إليها والمجتهد هو الذي يولدها ويحكم فيها

(2)

.

فإذا كان الاجتهاد نتيجته، فلو شرط فيه لزم الدور.

ونقل اشتراط الفقه عن الأستاذ أبي إسحاق. ولعله أراد ممارسة الفقه.

وهذا قد ذكره الغزالي فقال: إنما يحصل الاجتهاد في زماننا بممارسته، فهو طريق يحصل الدربة في هذا الزمان ولم يكن الطريق في زمن الصحابة رضي الله عنه ذلك ويمكن الآن سلوك طريق الصحابة أيضًا

(1)

قال الرافعي في العزيز شرح الوجيز: 12/ 417 "وعدَّ بعض الأصحاب من شروط الاجتهاد معرفة أصول العقائد". وقال الجويني في التلخيص للجويني: 3/ 460، نقلا عن القاضي الباقلاني ما يفيد ذلك أيضًا:"وقد قال القاضي رضي الله عنه في خلال كلامه، ما يدل على أن التبحر في فنّ الكلام شرط في استجماع أوصاف المجتهدين. .".

والمسألة خلافية بين مذهبين:

الأول: عدم اشتراطه، وهو قول جل أصحاب الحديث والفقهاء وغيرهم.

الثاني: الاشتراط، وهو قول القدرية كما حكاه الزركشي في البحر. وإليه ميل القاضي أبي بكر.

ينظر: البحر المحيط: 6/ 204، وتشنيف المسامع له: 4/ 573.

(2)

قاله الرازي في المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 36، وينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 353، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3830، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 554.

ص: 2902

. . .

(1)

.

قال ابن الصلاح: واشتراط ذلك في صفة المفتي الذي يتأدى به فرض الكفاية، هو الصحيح، وإن لم يكن كذلك في صفة المفتي

(2)

المستقل على تجرده؛ لأنَّ حال المفتي يقتضي اشتراط كونه على صفة تسهل عليه معها إدراك أحكام الوقائع على القرب من غير تعب كثير، ولا يحصل ذلك لأحد الخلف إلَّا بحفظ أبواب الفقه ومسائله، ولا يشترط حفظ الجميع بل قدر يتمكن به من إدراك الباقي على القرب

(3)

.

واعلم أنّ ما ذكرناه من اشتراط هذه العلوم إنما هو في حق المجتهد المطلق، أمّا المجتهد في بعض الأحكام دون بعض

(4)

، فمن عرف طرق النظر

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 353.

(2)

في (ص): المجتهد.

(3)

ينظر: أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح: ص 27.

(4)

ولمزيد التفصيل في الفرق بين المجتهد المطلق وقسيمه، أقترح على القارئ نصين؛ نص من الإحكام للآمدي: يقول فيه: ". . . إنما يشترط في حق المجتهد المطلق المتصدي للحكم والفتوى في جميع مسائل الفقه وأما الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه أن يكون عارفًا بما يتعلق بتلك المسألة وما لا بد منه فيها ولا يضره في ذلك جهله بما لا تعلق له بها مما يتعلق بباقي المسائل الفقهية كما أن المجتهد المطلق قد يكون مجتهدا في المسائل المتكثرة بالغًا رتبة الاجتهاد فيها وإن كان جاهلا ببعض المسائل الخارجة عنها فإنه ليس من شرط المفتي أن يكون عالما بجميع أحكام المسائل ومداركها، فإنّ ذلك مما لا يدخل تحت وسع البشر".

وأما النص الثاني فهو من المدخل لابن بدران: ص 374 يقول في أنواع المجتهدين: "جعل بعض المتأخرين أقسام المجتهدين على خمس مراتب وممن علمناه جنح إلى =

ص: 2903

القياسي له أنْ يفتي في مسألة قياسية وإن لم يعرف غيره، وقس على هذا

(1)

.

وزعم بعض النّاس أن الاجتهاد لا يتجزأ، وهو ضعيف. وأمّا المجتهد المقيَّد الذي لا يعدو مذهب إمام خاص، فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه، وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع.

قال ابن الصلاح: والذي رأيته من كلام الأئمة مشعر

(2)

بأنّه لا يتأدى فرض الكفاية بالمجتهد المقيد، قال: والذي يظهر أنَّه يتأدى به فرض الكفاية في الفتوى وإن لم يتأد به فرض الكفاية في إحياء العلوم التي منها الاستمداد في الفتوى

(3)

.

خاتمة شرط الغزالي في المجتهد العدالة ثمّ قال: وهذا يشترط لجواز الاعتماد على قوله، أمَّا هو في نفسه، إذا كان عالمًا فله أنْ يجتهد لنفسه،

= هذا التقسيم أبا عمرو ابن الصلاح وابن حمدان من أصحابنا في كتابه أدب المفتي وتلاهما شيخ الإسلام أحمد بن تيمية فإنه نقل في مسودة الأصول كلام ابن الصلاح ولم يتعقبه وتتبعهم العلامة الفتوحي في آخر كتابه شرح المنتهى الفقهي ونحن نلخص كلامهم هنا فنقول: ذهبوا إلى أن المفتي يعني المجتهد ينقسم إلى مستقل وغير مستقل؛ فالمستقل هو المجتهد المطلق، وقد مر بيانه وأما غير المستقل فقد كان ابن الصلاح ومن دهر طويل طوى بساط المفتي المستقل والمجتهد المطلق وأفضى أمر الفتيا إلى الفقهاء المنتسبين لأئمة المذاهب المتنوعة" انتهى.

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 353.

(2)

في (ص): يشعر.

(3)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 353.

ص: 2904

ويأخذ باجتهاد نفسه، فالعدالة شرط لقبول الفتوى لا لصحة الاجتهاد

(1)

هكذا ذكره.

واقتضى كلام غيره أنّ العدالة ركن في الاجتهاد

(2)

.

ويتفرع على هذا:

أنّ الفاسق إذا أدَّاه اجتهاده في مسألة إلى حكم، هل يأخذ بقوله من عُلِمَ صدقُهُ في فتواه بقرائن؟

(3)

بل قد يقال: إذا كانت العدالة ركنًا في الاجتهاد، فلا يجوز له أنْ يأخذ في حقِّ نفسه باجتهاده، بل يقلّد لكونه والحالة هذه غير مجتهد. وهذا بعيد.

(1)

ينظر: المستصفى للغزالي: 2/ 350.

(2)

يقول ابن السمعاني في القواطع: 5/ 9 بتحقيق (ص). علي عباس الحكمي "وليس يعتبر في صحة الاجتهاد أن يكون رجلًا، ولا أن يكون حرًّا، ولا أن يكون عدلًا، وهو يصح من الرجل والمرأة، والحرّ والعبد، والعدل والفاسق. وإنما تعتبر العدالة في الحكم والفتوى فلا يجوز استفتاء الفاسق. واعلم أن الثقة والأمانة في أن لا يكون متساهلًا في أمر الدّين فلا بد منه".

(3)

قال الزركشي في تشنيف المسامع: 4/ 573 - 574 "لا يعتبر في صحة [الاجتهاد] أن يكون المجتهد رجلا ولا أن يكون حرًّا، ولا أن يكون عدلًا، وإنما تعتبر العدالة في الحكم والفتوى، فلا يجوز استفتاء الفاسق، وإن صحّ استفتاء المرأة والعبد، ولا يصح الحكم إلا من رجل عدل، فصارت شروط الفتيا أغلظ من شروط الاجتهاد بالعدالة".

ص: 2905

الفصل الثاني: حكم الاجتهاد

ص: 2907