الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السيرة
(1)
.
وأيضًا في سند الحديث سفيان بن وكيع وقد قال فيه أبو زرعة
(2)
متّهم بالكذب
(3)
(4)
.
قال:
(الثالثة: إنما يجوز في الفروع وقد اختلف في الأصول ولنا فيه نظر وليكن آخر كلامنا وبالله التوفيق)
.
هذه المسألة فيما يجوز فيه الاستفتاء وما لا يجوز
فنقول: أمّا الاستفتاء في الفروع، فهو جائز على ما سلف فيه من
(1)
ينظر: التبصرة: ص 406 - 407، والمستصفى للغزالي: 2/ 285، والإحكام للآمدي: 4/ 307، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 122، والسراج الوهاج: 2/ 1090، وشرح الأصفهاني: 2/ 848، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 302، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3917.
(2)
أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن زيد بن فروخ الرازي، سيد الحفاظ، ولد بعد نيف ومئتين، قال الإمام أحمد عنه: كان يحفظ ستمائة ألف حديث، توفي سنة 264 هـ.
ينظر ترجمته في الجرح والتعديل: 1/ 328 - 349، 5/ 324 - 326 رقم (1543)، وتاريخ بغداد: 10/ 326 - 337 رقم (5469)، وسير أعلام النبلاء: 13/ 65 - 85 رقم (48). وينظر: الجزء الأول من كتاب أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية مع تحقيق كتاب الضعفاء وأجوبته على أسئلة البرذعي للدكتور سعدي الهاشمي، فقد استقصى فيه أخباره.
(3)
ينظر: الجرح والتعديل 4/ 230.
(4)
مدى توسعه بين شرَّاح المنهاج، في الحكم على الحديث مما ينم على الخلفية التي عند السبكي في مجال الصناعة الحديثية.
الكلام.
وهل عملُ العاميِّ بقول المجتهدِ تقليدٌ؟
فيه ما أوردناه عن القاضي والأصوليين.
وأما الاستفتاء في الأصول
(1)
.
فذهب كثير من الفقهاء، وبعض المتكلمين كعبيد الله بن الحسين العنبري والحشوية
(2)
والتعليمية
(3)
إلى جوازه
(4)
.
(1)
كوجود الصانع ووحدته وإثبات الصفات، ودلائل النبوة.
(2)
الحشوية: بسكون الشين وفتحها، فرقة تمسكوا بظواهر النصوص فذهبوا إلى التجسيم، حيث اعتقدوا أن ظواهر نصوص الصفات مراد، وأن كيفيتها معلومة، ويجوز أن يخاطبنا الله بالمهمل، ويسمون الدين حشو. وسبب تسميتهم بذلك: أنهم كانوا في حلقة الحسن البصري فوجدهم يتكلمون كلاما فقال: ردوا هؤلاء إلى حشى الحلقة أي جانبها فسموا حَشَويَّة بفتح الشين. وقيل: لأنهم مجسمة، والجسم حشو، فسمّوا حشْو، بسكون الشين، نسبة إلى الحشو. ينظر: شرح الكوكب المنير: 2/ 147.
(3)
التعليمية: - بفتح التاء وسكون العين نسبة إلى التعليم - وهم فرقة من الباطنية يقولون: إن في كل عصر إمامًا معصومًا، لا يجوز عليه الخطأ أو الزلة، يعلِّم غيره ما بلغه من العلم، وسمُّوا بذلك؛ لأنهم يقولون بوجوب الرجوع إلى التعليم من الإمام المعصوم في كل ما يستجد من وقائع وأحداث، وهم لا يحتجون بالعقليات. ينظر: الأنساب للسمعاني: 1/ 468.
(4)
ينظر: المعتمد: 2/ 941، واللمع: ص 70، والتبصرة: ص 401، والمستصفى للغزالي: 2/ 387، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 125، والإحكام للآمدي: 4/ 300، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 305، وشرح تنقيح الفصول: ص 430، وتيسير التحرير: 4/ 595، والمسودة: ص 457، وفواتح الرحموت: 2/ 401، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3925 - 3926.
وربما بالغ بعضهم فقال التقليد: واجب والنظر في ذلك حرام
(1)
.
وذهب الباقون: إلى عدم جوازه
(2)
، وأنه يجب على كلّ أحدّ معرفة الله وما يجب له من الأوصاف، ويجوز عليه ويتقدَّس عنه، وكذلك جملة العقائد بالنظر والاستدلال.
ولما كان محل المسألة علم الكلام، لم يطل المصنف فيها، ولتقاوم الأدلة عنده لم يجزم بشيء بل قال: إنَّ له
(3)
فيه نظرًا، ونحن نورد نزرًا
(4)
يسيرًا من معتصمات الفريقين.
أمّا مجوزو التقليد فاحتجوا بوجوه:
منها: أنّ النظر في أصول الدين منهي عنه لقوله تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}
(5)
، {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا
(1)
ينظر: المصادر السابقة.
(2)
وعليه الأكثرون على ما نقله الآمدي في الإحكام، واختاره البيضاوي تبعا للإمام، كما اختاره ابن الحاجب. ينظر: المعتمد: 2/ 491، واللمع: ص 70، والتبصرة: ص 401، والمستصفى للغزالي: 2/ 387، والإحكام للآمدي: 4/ 300، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 125، مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 305، وشرح تنقيح الفصول: ص 430، وفواتح الرحموت: 2/ 401، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 595، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3927.
(3)
(له) ليس في (غ).
(4)
نَزُرَ الشيءُ بالضمّ نزارة ونزورًا فهو نزْرٌ ونزور ونذير أي قليل. المصباح المنير: ص 600 مادة: "نَزُر".
(5)
سورة غافر من الآية 46.
بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}
(1)
والنظر يفضي إلى فتح باب الجدال
(2)
.
(3)
وروي أنَّه صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة؛ لما رآهم يتكلمون في مسألة القدر
(4)
، وإذا كان منهيًا عنه فلا يكون واجبًا، فيكون التقليد جائزًا
(5)
.
وأجيب
(6)
عنه: بمنع كون النظر منهيًا عنه، والآيات محمولة على النهي عن الجدال بالباطل جمعًا بين الأدلة فإنّ قوله تعالى:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
(7)
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
(8)
.
وأثنى الله تعالى على الناظرين بقوله: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي
(1)
سورة الزخرف الآية 58.
(2)
في (غ): الجدل.
(3)
ينظر: نهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3932.
(4)
أخرجه الإمام أحمد في المسند: 2/ 178، والترمذي في سننه: 4/ 386، كتاب القدر (33) باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر (1) رقم (2133) وقال: هذا حديث غريب لا تعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المُرِّيّ له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها، وابن ماجه: 1/ 33 في المقدمة، باب في القدر (10) رقم (84).
(5)
ينظر وجه الاستدلال: الإحكام للآمدي: 4/ 302، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3932.
(6)
ينظر الإجابة عن الدليل: الإحكام للآمدي: 4/ 302، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3932 - 3933.
(7)
سورة النحل من الآية 125.
(8)
سورة العنكبوت الآية 46.
خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
(1)
وأمّا الحديث فلعل النبي صلى الله عليه وسلم لما علم صحةَ اعتقادِهم وحَقَيَّةَ
(2)
يقينِهم بما تَلَقَوْهُ
(3)
عنه وشاهدوا من المعجزات الخوارق، علم أنّ الجدال بعد ذلك لا يفيدهم شيئًا، وربما أورث شكًّا فنهاهم لذلك.
أمَّا الساذج
(4)
الذي لم يثبت عنده شيء، فكيف لا يجب عليه السعي في إثبات يقينه والذّب عن تأكيد دينه.
ومنها: أنّ النظر فيه مظنّة الوقوع في الشكوك والشبهات والخروج إلى البدع.
وأجيب: بأن التقليد لا بد أنَّه ينتهي إلى النّظر والاستدلال؛ لامتناع التسلسل، وحينئذ ما ذكرتم من المحذور لازم للتقليد، مع زيادة محذور احتمال كذب المقلّد فيما أخبر به المقلد عن اعتقاده.
وأمّا المانعون منه فاعتصموا بوجوه:
منها: أنّ تحصيل العلم في أصول الدّين كان واجبا على المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}
(5)
فيكون واجبًا على أمته بقوله: {فَاتَّبِعُوهُ}
(6)
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
(1)
سورة آل عمران من الآية 191.
(2)
في (ص): حقة.
(3)
في (ص): يلقوه.
(4)
الساذج: معرَّب: ساده. القاموس المحيط: ص 247.
(5)
سورة محمد من الآية 19.
(6)
سورة الأنعام الآية 153، والمقصود الأعراف من الآية 158، ولفظها {وَاتَّبِعُوهُ} .
. .
(1)
.
ومنها: أنّ التقليد مذموم شرعًا في قوله تعالى حكاية عن قوم في معرض الذّم لهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ}
(2)
.
ووجوه الحجاج في المسألة عديدة.
وقد ذكرنا أنّ محلها علم الكلام، فمن أراد الإحاطة به، فهو محال على كتبه.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 126، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3927، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 596.
(2)
سورة الزخرف الآية 22.