الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدل المصنف على اختياره بالإجماع عليه في زماننا
(1)
.
وهذا قد ذكره الإمام فقال: انعقد الإجماع في زماننا هذا على جواز العمل بهذا النّوع لأنّه ليس في هذا الزمان مجتهد، والإجماع حجّة
(2)
.
ولقائل أنْ يقول: لا يجامع قولك: ليس في هذا الزمان مجتهد
(3)
. قولك: إجماع أهل هذا الزمان حجّة؛ لأنَّ الإجماع المعتبر هو إجماع المجتهدين
(4)
.
قال:
(الثانية يجوز الاستفتاء للعامي
لعدم تكليفهم في شيء من الأعصار بالاجتهاد وتفويت معائشهم واستضرارهم بالاشتغال بأسبابه دون المجتهد؛ لأنّه مأمور بالاعتبار.
قيل: معارض بعموم {فَاسْأَلُوا} ، {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} .
(1)
قال الأصفهاني في شرح المنهاج: 2/ 846: "والمختار عند المصنف تبعًا للإمام جواز تقليد المجتهد الميت للإجماع عليه في زماننا، فإنه قد انعقد الإجماع في زماننا على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى؛ لأنه ليس في هذا الزمان مجتهد حجة. ." وينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 97.
(2)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 98.
(3)
(والإجماع حجّة، ولقائل أنْ يقول لا يجامع قولك ليس في هذا الزمان مجتهد) ساقط من (ت).
(4)
ينظر الاعتراض والجواب عليه في شرح العبري: ص 690.
وقول عبد الرحمن لعثمان: أبايعك على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة الشيخين.
قلنا: الأول مخصوص وإلا لوجب بعد الاجتهاد والثاني في الأقضية والمراد من السيرة
(1)
لزوم العدل).
هذه المسألة ناظرة فيما يتعلق بالمستفتي باحثة عمّن يجوز له الاستفتاء ومن لا يجوز فنقول للمكلف حالات:
الأولى: أنْ يكون عاميًا صرفًا لم يحصِّل شيئًا من العلوم التي يترقى بها إلى منازل المجتهدين.
- فالجماهير على أنَّه يجوز له الاستفتاء، ويجب عليه التقليد في فروع الشريعة جميعها، ولا ينفعه ما عنده من علوم لا تؤدي إلى الاجتهاد، وإن كانت عدد الحصى
(2)
.
- ومنع منه معتزلة بغداد مطلقًا، وقالوا: يجب عليه الوقوف على طريق الحكم، ولا يرجع إلى العالم إلا لينبه
(3)
على أصولها وطريقة النظر فيها
(4)
.
(1)
في (غ)، (ت): الأقضية.
(2)
وقد حكى ابن عبد البر فيه الإجماع. ينظر: المعتمد: 2/ 934، والتبصرة: ص 414، والتمهيد للكلوذاني: 4/ 399، والمستصفى للغزالي: 2/ 101، والإحكام للآمدي: 4/ 306، وشرح تنقيح الفصول: ص 430، والمسودة: ص 458، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3893، والبحر المحيط للزركشي: 6/ 283.
(3)
في (ت): لتنبيهه.
(4)
ينظر: المعتمد: 2/ 934، والإحكام للآمدي: 4/ 306، ونهاية الوصول للصفي =
قال القاضي عبد الوهاب
(1)
: وعلى هذا جعفر بن مبشر
(2)
وجعفر بن حرب
(3)
منهم
(4)
.
- وفصّل الجبائي فقال: يجوز في المسائل الاجتهادية دون ما عداها كالعبادات الخمس
(5)
.
= الهندي: 8/ 3893.
(1)
هو أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد التغلبي البغدادي المالكي القاضي، ولد ببغداد سنة 362 هـ، شيخ المالكية في العراق، له الإشراف والمعونة والتلقين، وغير ذلك خرج في آخر عمره إلى مصر وتوفي بها سنة 422 هـ.
ينظر: ترجمته في: تاريخ بغداد: 11/ 31 - 32 رقم (5703)، وترتيب المدارك: 7/ 220 - 227، والديباج المذهب: 2/ 26 - 29 رقم (3)، وسير أعلام النبلاء: 17/ 429 - 432 رقم (287).
(2)
جعفر بن مبشر الثقفي المتكلم أبو محمد البغدادي الفقيه البليغ كان مع بدعته يوصف بزهد وتأله وعفة، وله تصانيف جمة وتبحر في العلوم صنف كتاب الأشربة وكتابا في السنن وكتاب الاجتهاد وكتاب تنزيه الأنبياء وكتاب الحجة على أهل البدع وكتاب الإجماع ما هو وكتاب الرد على المشبهة والجهمية والرافضة والرد على أرباب القياس وكتاب الآثار الكبير وأشياء مفيدة ذكره محمد بن إسحاق النديم وأنه توفي سنة أربع وثلاثين ومئتين. ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 10/ 549.
(3)
أبو الفضل جعفر بن حرب الهمذاني المعتزلي العابد كان من نساك القوم، وتوفي سنة ست وثلاثين ومئتين عن نحو ستين سنة وله كتاب متشابه القرآن وكتاب الاستقصاء وكتاب الرد على أصحاب الطبائع وكتاب الأصول. ينظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء: 10/ 549.
(4)
ينظر: المعتمد: 2/ 934، والإحكام للآمدي: 4/ 306، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3893، والبحر المحيط: 6/ 284.
(5)
وتحريم الربا في الأشياء الستة المنصوصة عليه. ينظر: المعتمد: 2/ 934، والإحكام للآمدي: 4/ 306، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3893.
الحالة الثانية: العَالِمُ الذي تعالى عن رتْبَةِ العامَّةِ بتحصِيلِ بعضِ العلومِ المعتبرَةِ، ولم يحِطْ بمنصبِ الاجتهادِ.
فالمختار: أنّ حكمَه حكمُ العاميِّ الصِّرف؛ لعجزه عن الاجتهاد
(1)
.
وقال قوم
(2)
: لا يجوز له ذلك، ويجب عليه معرفة الحكم بطريقه؛ لأنَّ له صلاحية معرفة طرق
(3)
الأحكام بخلاف العامي
(4)
.
واستدل المصنف على جواز الاستفتاء للعامي سواءً كان عاميًا صرفًا وهو المذكور في الحالة الأولى، أو عالمًا وهو المذكور في الثانية
(5)
بوجهين:
أحدهما: إجماع السلف عليه إذ لم يكلّفوا العوام في عصر من الأعصار بالاجتهاد، بل قنعوا منهم بمجردِ أخذِ الأحكامِ من أقوالهم من غيرِ بيانِ مأخذِها
(6)
.
(1)
وهو اختيار ابن الحاجب أيضًا، وقال: والخلاف جار في غير المجتهد سواء كان عاميًا او عالمًا محضًا. ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 306، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 306، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 586 - 587، والبحر للزركشي: 6/ 284.
(2)
في (ت): قولًا.
(3)
(طرق) ليس في (ت).
(4)
ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 306، ومختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 306، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 586 - 587، والبحر للزركشي: 6/ 284.
(5)
(في الثانية) ليس في (ت).
(6)
ينظر: المعتمد: 2/ 934 - 935، والتبصرة: ص 414، والمستصفى للغزالي: 2/ 389، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 101، والإحكام للآمدي: 4/ 307، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3894، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 578.
فإن قلتَ: دعوى قيامِ الإجماعِ على إفتاءِ المستفتين صحيحة، ولكن من أين لكم أنّ المستفتين لم يسألوا عن بيان المأخذ؟
قلت: لم ينقل ذلك ولا لَامَ أحدٌ العوام على تركِهم السؤالَ عن وجهِ دلالةِ الدليلِ، ويعلم قطعًا أنّهم كانوا لا يذكرون الدليل عند الإفتاء مع علمهم بجهل المستفتى به
(1)
.
والثاني: أنّ وجوب ذلك عليهم يؤدي إلى تفويت معايشهم واستضرارهم بالاشتغال بأسبابه، وذلك مؤذن باختلال نظام العالم وفساد الأحوال
(2)
.
فإن قلت: هذا يقتضي أنْ لا يجب النظر في أصول الدين، وأن يجوز فيه التقليد؛ لأنا نعلم أنّ الصحابة والتابعين ما كانوا يلومون من لم يتعلم علم الكلام، بل ربما لاموا المشتغل به مع أنَّه يلزم منه تعطيل أمور المعايش؛ لأنَّ غموض أدلة الأصول أكثر.
قلت: إنْ سلمنا عدمَ جوازِ التقليدِ فيه، فالفرقُ أنَّ مطالبه معدودة محصورة لا تتكرر، وأكثر أدلتها قواطع تحمل الطبع السليم على الإذعان لها، بخلاف الأحكام الفرعية، فإنّها غير متناهية، وأكثر
(1)
ينظر: المصادر نفسها.
(2)
ينظر: المعتمد: 3/ 934 - 936، والتلخيص للجويني: 3/ 462، والتبصرة: ص 414، والمستصفى للغزالي: 2/ 389، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 102، والإحكام للآمدي: 4/ 308، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3895، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 578.
أدلتها ظنون، تضطرب بحسب الأذهان، فكان تحصيل رتبة الاستدلال فيها محتاجًا إلى الانقطاع عن الاشتغال بغيرها فأدّى إلى ما ذكرناه
(1)
.
واحتج الجبائي: بأن الحقّ في المسائل الاجتهادية متعدد، بخلاف غيرها، فإنّه واحد، فالتقليد فيه لا يؤمن من الوقوع في غير الحقّ.
والجواب: بعد تسليم
(2)
أنّ كلّ قول في المجتهدات حقّ، أنَّه لا يؤمن فيها أيضًا من الوقوع في الخطأ؛ لاحتمال تقصير المجتهد في الاجتهاد، أو أنْ لا يجتهد أو يفتي بخلاف اجتهاده
(3)
.
تنبيه: ذهب معظم الأصوليين إلى أنّ القول بأنّ العاميَّ مقلدٌ للمفتي فيما يأخذ منه؛ لأنَّ التقليد إن عرف بأنه: قبول قول القائل بلا حجّة فقد تحقق ذلك، إذ ليس قوله في نفسه بحجة، وإن عرف بأنّه: قبول قول القائل مع الجهل بمأخذه، تحقق في قول المفتي أيضًا.
قال القاضي في مختصر التقريب: والذي نختاره أنّ ذلك ليس بتقليدٍ أصلًا، فإنَّ قولَ العالمِ حجةٌ في حقٍّ المستفتي نَصَبَهُ الربُّ تعالى علمًا في حقّ العامي، وأوجب عليه العمل به، كما أوجب على المجتهد العمل باجتهاده،
(1)
ينظر: المعتمد: 2/ 935، والمستصفى للغزالي: 2/ 390، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 104 - 107، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3897 - 3898.
(2)
في (ص): تسلم، وفي (غ): تسلمهم.
(3)
ينظر أدلة الجبائي والإجابة عنه: المعتمد: 2/ 938، والتبصرة: ص 414، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 111، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3903.
واجتهادُه علمٌ عليه، وقولُه علم على المستفتي.
ويخرج لك من هذا أنّه لا يتصور تقليد مباح في الشريعة لا في الأصول ولا في الفروع؛ إذِ التقليد على ما عرَّفه القاضي: هو اتباع من لم يقم باتباعه حجّة ولم يستند إلى علم.
قال: ولو ساغ تسميةُ العاميِّ مقلدًا مع أنّ قول العالم في حقه واجب الاتباع جاز أنْ يسمى المتمسك بالنصوص وغيرها من الدلائل مقلدًا
(1)
.
قوله: "دون المجتهد" هذا هو الحال.
الثالثة: وهو أنْ يبلغَ المكلَّفُ رتبةَ الاجتهاد، فإنْ كان قدْ اجتهدَ في المسألة، ووضح في ظنّه وجه الصواب، لم يقلد غيره بلا ريب.
وإنْ لم يكن قدْ اجتهدَ فيها فهي مسألة الكتاب، وقد اختلفوا فيها على مذاهب:
الأول: المنعُ من التقليدِ مطلقًا، وإليه ذهب أكثر الفقهاء وجمع من الأصوليين
(2)
منهم القاضي، واختاره المصنف تبعًا
(1)
التلخيص للجويني: 3/ 426 - 427.
(2)
كابن الصباغ والباجي، قال الباجي في إحكام الفصول: ص 635 "وبهذا قال أكثر أصحابنا من البغداديين، وإليه ذهب القاضي أبو بكر، وأبو الطيب الطبري، وجماعة من أصحاب الشافعية وهو الأشبه بمذهب مالك"، ونقله الروياني عن عامة أصحاب الشافعية، وهو ظاهر نص الشافعي، ذكره في أول البحر، وكذا نقله الشيخ أبو حامد عن عامة الأصحاب خلا ابن سريج. وقال أبو إسحاق إنه مذهب الشافعي، ونقله =
للإمام
(1)
وهو المختار عند الآمدي
(2)
وابن الحاجب
(3)
.
والثاني: التجويزُ مطلقًا، وعليهِ سفيان الثوري وأحمد، وإسحاق
(4)
(5)
.
والثالث: يجوز تقليد الصحابة فقط
(6)
.
= أبو منصور وأبو بكر الرازي عن أبي يوسف ومحمد، وهو النص لأحمد بن حنبل. ينظر: التبصرة: ص 403، والمستصفى للغزالي: 2/ 384، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 115، وتنقيح الفصول: ص 635، والبحر للزركشي: 6/ 285 - 286، وفواتح الرحموت: 2/ 392 والكوكب المنير: 4/ 557.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 115.
(2)
ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 316.
(3)
ينظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد: 2/ 308.
(4)
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم التميمي أبو يعقوب الحنظلي الروزي، الشهير بابن راهويه، نزيل نيسابور، ولد سنة 161 هـ سيد الحفاظ، شيخ المشرق توفي سنة 238 هـ. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل: 2/ 209 - 210 رقم (714)، وتاريخ بغداد: 6/ 345 - 355 رقم (3381) وسير أعلام النبلاء: 11/ 358 - 383 رقم (97).
(5)
وحكاه الشيخ أبو حامد عن أبي حنيفة. وبه قال الأستاذ أبو منصور. قال الكرخي: يجوز في قول أبي حنيفة، وكذا حكاه عنه أبو بكر الرازي في أصوله، وقد حكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي أنه مذهب أحمد قال بعض الحنابلة: لا نعرفه. ينظر: الفصول في الأصول: للجصاص: 3/ 362، وشرح اللمع: 2/ 1013، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 116، والحاوي للماوردي: 20/ 105، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3905، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 589، والبحر المحيط: 6/ 286.
(6)
حكى القرافي الإجماع في ذلك، ونقل جواز تقليد الصحابي فيما لم يخالفه غيره فيه، وإن لم يظهر قوله ولم ينتشر عن الشافعي في القديم، وقال في الجديد: لا يجوز. وقد =
والرابع: يجوز تقليد الصحابة والتابعين دون غيرهم
(1)
.
والخامس: يجوز تقليدُ العالمِ لأعْلَمَ منه، ولا يجوز لمساوِيهِ ودُونَه، وإليه ذهب محمد بن الحسن
(2)
.
والسادس: يجوز له التقليد فيما يخصه دون ما يفتي به
(3)
.
= أجاب الروياني بأن ذلك ليس تقليدًا وإنما هو اتفاق رأيه لرأيهم. ونقل الأستاذ أبو منصور وإمام الحرمين عن أحمد أنه يجوز تقليد الصحابة، ولا يقلد أحد بعدهم غير عمر بن عبد العزيز. واستغربه بعض أئمة الحنابلة. ينظر: الفصول في الأصول: للجصاص: 3/ 362، والبرهان للجويني: 2/ 1146، والغياثي: ص 410، والقواطع للسمعاني: 5/ 101، والمنخول: ص 474، والإحكام للآمدي: 4/ 209، والحاوي للماوردي: 20/ 105، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 115، وشرح تنقيح الفصول: ص 432 - 433، والبحر المحيط: 6/ 286، و 3/ 312 - 313، وسلاسل الذهب له: ص 450.
(1)
وقيده الحنفية بكبار التابعين كما عزاه صاحب جامع الأسرار لهم. ينظر: جامع الأسرار في شرح المنار للكاكي: 5/ 1446، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 591، والبحر المحيط: 6/ 286.
(2)
قال الجصاص في الفصول في الأصول: 3/ 362 ". . . وقال محمد: ليس لمن كان من أهل الاجتهاد تقليد غيره". وينظر: أصول السرخسي: 2/ 110 - 111، والمغني للخبازي: ص 270 - 271، وشرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح: 2/ 17، وفتح الغفار: 2/ 140 - 141، وتيسير التحرير: 4/ 255.
(3)
حكاه ابن القاص عن ابن سريج، وهو يقتضي إنه لا يجوز له الحكم به من باب أولى، وهو مبني على تصويب المجتهدين. أفاده صاحب البحر المحيط: 6/ 286.
وينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 116، البحر المحيط: 6/ 286
والسابع: أنَّه يجوز فيما يخصه إذا خشي فوات الوقت، باشتغاله بالحادثة وهو رأي أبي العباس بن سريج
(1)
.
والثامن: أنَّه يجوز للقاضي دون غيره
(2)
.
واستدل المصنف على أنّ المجتهد لا يجوز له التقليد مطلقًا، بأنه مأمور بالاعتبار في قوله تعالى:{فَاعْتَبِرُوا}
(3)
فإذا تركه يكون تاركًا للمأمور به فيعصي.
(1)
قال أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع: 2/ 1012 "فأمّا العالم فلا يجوز له تقليد غيره في شيء من الشرعيات سواء خشي فوات الوقت أو لم يخش الفوات، وهو قول أبي إسحاق الإسفراييني. وقال أبو العباس بن سريج: إذا نزلت بالعالم نازلة وخشي فوات وقتها جاز له ان يقلد عالمًا آخر". وعلل السمعاني في القواطع: 5/ 109، رأي ابن سريج بقوله:"لأنه في هذه النازلة بمنزلة العامي، من حيث إنه لا يتوصل إلى معرفة حكمها بالاجتهاد، ولأنه مضطر إلى التقليد، فإنه إذا اجتهد فاتته العبادة عن وقتها، فجاز له التقليد كالعامي"، وينظر: التلخيص للجويني: 3/ 434، 435، المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 116، وروضة الطالبين للنووي: 8/ 88 ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 591، والبحر المحيط: 6/ 287.
(2)
قال النووي في روضة الطالبين للنووي: 8/ 88 "فرع: ليس لمجتهد أن يقلد مجتهدًا لا ليعمل له، ولا ليفتي به، ولا إذا كان قاضيًا ليقضي به، سواء خاف الفوت لضيق وقت أم لا. وقال ابن سريج: له التقليد إذا ضاق الوقت ليعمل به، لا ليفتي، وقياسه أن لا يجوز للقضاء وأولى. وفي الشامل والتهذيب طرد قول ابن سريج في القضاء = = وصورة الضيق فيه: أن يتحاكم مسافران والقافلة ترحل، ومن قال به فقياسه طرده في الفتوى". وينظر: والحاوي للماوردي: 20/ 102، والبحر المحيط للزركشي: 6/ 287 - 288.
(3)
سورة الحشر، الآية رقم 2.
ولا يرد العامي لأنّه خرج من عموم الأمر بدليل عجزه عن الاجتهاد، هذا إن جعلناه مقلدًا وإن لم نجعله مقلدًا كما قال القاضي فلا سؤال
(1)
.
وجعل الآمدي المعتمد في المسألة أنْ يقال جوازُ تقليدِ المجتهدِ للمجتهدِ حكمٌ شرعيٌ، فلا بد عليه من دليل، والأصل عدم ذلك الدليل، فعلى مدعيه بيانه، والقياس على العامي لا يصلح أنْ يكون دليلا لما عرفت من الفرق
(2)
.
ولمعارض أنْ يقول: القولُ بوجوبِ الاجتهادِ على المجتهدِ فيما نزل به من الوقائع مطلقًا، وحرمة التقليد عليه، حكم شرعيٌّ، فلا بد عليه من دليل وعلى مدعيه بيانه.
قوله: "قيل معارض" أي: عارض
(3)
الخصم الاستدلال على منع التقليد للمجتهد
(4)
بأوجه:
الأول: قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
(5)
والعالم قبل
(6)
أنْ يجتهد لا يعلم فوجب تجويز الاجتهاد له
(7)
.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 117
(2)
ينظر: الإحكام للآمدي: 4/ 278.
(3)
في (غ): معارض.
(4)
(للمجتهد) مطموسة في (غ).
(5)
سورة النحل من الآية 43، وسورة الأنبياء من الآية 7.
(6)
(والعالم قبل) مطموسة من (غ).
(7)
ينظر: التبصرة: ص 406 - 407، والمستصفى للغزالي: 2/ 385، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 119 - 121، والإحكام للآمدي: 4/ 307، ونهاية الوصول للصفي =
والثاني: قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}
(1)
والعلماء هم أولو الأمر لأنَّ أمورهم تنفذ على الأمراء والولاة
(2)
.
والثالث: إجماع الصحابة: روى أحمد عن سفيان بن وكيع بن الجراح
(3)
قال: حدثنا قَبِيصَة
(4)
قال حدثنا أبو بكر بن عياش
(5)
عن عاصم عن [أبي]
(6)
وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف
= الهندي: 8/ 3915، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 592.
(1)
سورة النساء من الآية 59.
(2)
ينظر: التبصرة: ص 406 - 408، والمستصفى للغزالي: 2/ 385، والمحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 121 - 123، والإحكام للآمدي: 4/ 307، ونهاية الوصول للصفي الهندي: 8/ 3915 - 3916، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 592.
(3)
سفيان بن وكيع بن الجراح أبو موسى الرؤاسي، الكوفي، كان صدوقًا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه. توفي سنة [. . . . .]. ينظر: ترجمته في: تقريب التهذيب: ص 245، رقم (2456).
(4)
قَبِيصَة بن عقبة بن محمد بن سفيان السّوائي، بضم المهملة وتخفيف الواو والمد أبو عامر الكوفي، صدوق ربما خلف توفي سنة 115 هـ ينظر: ترجمته في: تقريب التهذيب: ص 453، رقم (5513).
(5)
أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الإمام المقرئ معدود في الكوفيين. قال الأندرشي يروي عن حصين بن عبد الرحمن السلمي وحميد الطويل وسليمان الأعمش وغيرهم وعنه أحمد بن عبد الله بن يونس وإسماعيل بن أبان الوراق وأبو بكر إسماعيل بن حفص الإبلي وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وغيرهم أثبته ابن حبان في الثقات روى له البخاري في صحيحه ومسلم في مقدمة كتابه والأربعة، وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة وقيل سنة ثلاث وقيل سنة أربع. ينظر ترجمته في: الجرح والتعديل: 9/ 388، تذكرة الحفاظ: 1/ 265، والكواكب النيرات: ص 87.
(6)
ساقطة من جميع النسخ. وما أثبته أصحّ لأنه لا يستقيم سند الحديث إلا بهذه الإضافة، كذا في كتب الحديث، ولأن وائل غير أبي وائل.
كيف بايعتم عثمان وتركتم عليًا، فقال: ما ذنبي قد بدأت هكذا
(1)
لعلي، فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة أبي بكر وعمر، فقال: فيما استطعت، ثم عرضت ذلك على عثمان، فقال: نعم، فقد التزم عثمان ذلك بمحضر من عظام الصحابة من غير نكير عليه
(2)
.
(1)
(هكذا) ليس في (غ).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ - كما أشار الشارح - الإمام أحمد في المسند بتحقيق شعيب الأرنؤوط، وعادل مرشد: 1/ 560 رقم (557) مسند عثمان بن عفان. قال محققاه: إسناده ضعيف، سفيان بن وكيع ضعفه غير واحد، قال الحافظ في التقريب: ص 245 رقم (2456) كان صدوقًا إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل فسقط حديثه. والحديث أصله في البخاري أخرجه في صحيحه: ص 706 - 708، في كتاب فضائل الصحابة (62) باب قصة البيعة (8) رقم (3700). ولفظه:"أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن، وبايعه الناس المهاجرون والأنصار، وأمراء الأجناد، والمسلمون"، وأخرجه الطبري في تاريخه: 5/ 34، 35، وابن الأثير في الكامل: 3/ 36. قال ابن حجر في فتحه: 13/ 197 ". . . ويؤيده رواية عاصم بن بهدلة عن أبي وائل قال "قلت: لعبد الرحمن بن عوف كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا فقال: ما ذنبي بدأت بعلي، فقلت له: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: فيما استطعت وعرضتها على عثمان فقبل". أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند عن سفيان بن وكيع عن أبي بكر بن عياش عنه وسفيان بن وكيع ضعيف، وقد أخرج أحمد من طريق زائدة عن عاصم عن أبي وائل، قال الوليد بن عقبة لعبد الرحمن بن عوف مالك جفوت أمير المؤمنين يعني عثمان فذكر قصة وفيها =
فكان إجماعًا على جواز أخذ المجتهدِ بقول المجتهدِ الميِّتِ، وإذا ثَبَتَ في الميِّتِ ثَبَتَ في الحيِّ بطريقِ الأولى
(1)
.
وأجاب المصنف عن الأوَّل بأنه: عام مخصوص، بالمقلدين، وإلَّا لوجب الاجتهاد على المجتهد بعد اجتهاده؛ لأنّه بعد الاجتهاد أيضًا ليس بعالم بل هو ظانٌّ وذلك باطل بالإجماع
(2)
(3)
.
ولقائل أنْ يقول: المراد بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}
(4)
إنْ كنتم غيرَ ذوِي علمٍ، وذَو العلمِ صادقٌ على منْ يتوصلُ إلى الأحكامِ بمسالكِ الظنونِ، وهذا واضح، بل الجواب أنّ السؤال مشروط بعدم العلم، ولم يوجد في المجتهد؛ لأنّه عالم.
وقولكم: قبل الاجتهاد لا يعلم.
= قول عثمان وأما قوله: سيرة عمر فإني لا أطيقها ولا هو وفي هذا إشارة إلى أنه بايعه على أن يسير سيرة عمر فعاتبه على تركها ويمكن أن يأخذ من هذا ضعف رواية سفيان بن وكيع إذ لو كان استخلف بشرط أن يسير بسيرة عمر لم يكن ما أجاب به عذرًا في الترك" اهـ.
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 120، والسراج الوهاج في شرح المنهاج: 2/ 1089 - 1090، وشرح الأصفهاني: 2/ 848، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 302، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 592.
(2)
(بالإجماع) ليس في (غ).
(3)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 121، والسراج الوهاج في شرح المنهاج: 2/ 1090، وشرح الأصفهاني: 2/ 848، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 302، ونهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 593.
(4)
سورة النحل: من الآية 43، وسورة الأنبياء: من الآية 7.
قلنا: لا يخرج عن كونه عالمًا بغيبوبة المسألة عن ذهنه، مع تمكنه من معرفتها من غير احتياج إلى غيره.
وأجاب الإمام أيضًا: بأنّ ظاهر الآية يقتضي وجوب السؤال على المجتهد وهو غير واجب بالاتفاق
(1)
.
قلت
(2)
: وفي دعوى الاتفاق نظر، فإنّ القائل بتجويزه إذا ضاق الوقت، لا بد وأنْ يوجبَه عليه والحالة هذه، ولعلَّ مرادَه بالاتفاقِ، اتفاقُ الخصمين المانع مطلقًا ومقابله؛ لأنَّ البحث في هذا الدليل بينهما.
وأجاب المصنف عن الثاني بأنّ الآية الأولى
(3)
دلت على وجوب الطاعة في الأقضية والأحكام جمعًا بين الأدلة
(4)
.
وأيضًا المتبادر إلى الفهم من إطلاق أولي الأمر الأمراء والحكام.
وأجاب عن الثالث بأنّ المرادَ من سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنه لزومُ العدلِ والإنصافِ والسَنَنِ المرضيِّ في جميع الحالاتِ؛ لأنّه من
(5)
المتبادر إلى الذهن من
(1)
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 121.
(2)
رأي السبكي واعتراضاته.
(3)
(الأولى) ليس في (غ).
(4)
وأتى الإسنوي بجواب آخر قال في نهاية السول مع حاشية المطيعي: 4/ 594 "إنه مطلق ولا عموم فيه فيكفي حمله على الأقضية" وقال العبري في شرحه معللًا: ص 696 "وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم ردّوا عمر رضي الله عنه في المسائل التي أخطأ فيها، فيكون وجوب طاعة ولاة الأمر مخصوصًا بالأقضية المسائل الاجتهادية".
ينظر: المحصول للرازي: ج 2/ ق 3/ 122، والسراج الوهاج: 2/ 1090، وشرح الأصفهاني: 2/ 848، ومعراج المنهاج للجزري: 2/ 302.
(5)
(من) ليس في (غ).