المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌146 - باب ما روي في تسريح اللحية - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ: سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌137 - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌138 - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌139 - بَابُ ما روي في التَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌أبواب فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ

- ‌140 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌141 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ اللِّحْيَةِ

- ‌142 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي طُولِ اللِّحْيَةِ

- ‌143 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خِفَّةِ اللِّحْيَةِ

- ‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

- ‌145 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ وَطُولَ الشَّارِبِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

- ‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

- ‌148 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ

- ‌149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ

- ‌150 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّنَوُّرِ

- ‌151 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ

- ‌152 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌153 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌154 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنَ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ

- ‌155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ

- ‌156 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ

- ‌157 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌158 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خَضْبِ الْأَظْفَارِ

- ‌159 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَفْنِ الْأَظْفَارِ وَالشَّعَرِ وَالدَّمِ

- ‌160 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعَرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا

- ‌أبواب الْخِتَانِ

- ‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

- ‌163 - بَابٌ: هَلْ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بِالْخِتَانِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

- ‌165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌166 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَجِّ الْأَقْلَفِ

- ‌167 - بَابُ وَقْتِ الْخِتَانِ

- ‌168 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَعْوَةِ الْخِتَانِ

- ‌169 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ شُهُودِ الْخِتَانِ

- ‌170 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ بَوْلِ الْأَقْلَفِ

الفصل: ‌146 - باب ما روي في تسريح اللحية

‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

961 -

حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ:

◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي حُجْرَتِهِ، وَمَعَهُ مِدْرًى لِيُسَرِّحَ (يُسَرِّحُ) بِهِ لِحْيَتَهُ، إِذْ جَاءَ إنسانٌ فَاطَّلَعَ مِنْ [جُحْرٍ فِي] حُجْرَتِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: ((لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِي

(1)

، لَقُمْتُ بِهَذَا الْمِدْرَى فَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ (لَفَقَأْتُ بِهَذَا الْمِدْرَى عَيْنَكَ)، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: "يسرح به لحيته"، فمنكر، والمحفوظ بلفظ:"يَحُكُّ - أو: يُرَجِّلُ- بِهِ رَأْسَهُ" كما في الصحيحين وغيرهما، وهذه السياقة سندها ضعيف.

[اللغة]:

المِدْرَى والمِدْراة: شيء يُعمل من حديد أو خشب على شكل سنٍّ من أسنان المشط وأطول منه يسرَّح به الشعر المتلبِّد، ويستعمله مَن لا مشط له. (النهاية 2/ 115).

(1)

في مطبوع المعجم الكبير": "تنتظرني"، وفي نسختنا الخطية (2/ ق 89/ أ): "تنتظر"، والصواب: "تَنْظُرُنِي"، كما في رواية النَّسائي وغيره، وهو المناسب للسياق.

ص: 236

[التخريج]:

[غر 189 "واللفظ له" / طب (6/ 111/ 5668) "والزيادة والروايتان له" / حل (7/ 96)]

[السند]:

رواه النَّسائي في (الإغراب)، قال: أخبرنا عيسى بن عثمان بن عيسى ابن أخي يحيى بن عيسى، عن سفيان، عن أبي سلمة- وهو محمد بن أبي حفصة- عن الزُّهْري، عن سَهْل بن سعد، به.

كذا وقع الإسناد في المطبوع من (الإغراب)، وفيه سقط لعله من الناسخ؛

فقد رواه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا القاسم بن زكريا، ومحمد بن يحيى بن مَنْدَه الأصبهاني، قالا: ثنا عيسى بن عثمان الكِسَائي، حدثنا يحيى بن عيسى، عن سفيان، عن أبي سلمة، عن الزُّهْري، عن سَهْل بن سعد، به.

ورواه أبو نُعَيم في (الحلية) قال: حدثنا أبو بكر الطلَّحْي، حدثنا الحَضْرمي، (ح)

وحدثنا سُلَيْمان بن أحمد، حدثني محمد بن يحيى الأصبهاني، قالا: حدثنا عيسى بن عثمان الكِسائي ابن أخي يحيى بن عيسى، ثنا يحيى بن عيسى، عن سفيان، عن أبي سلَمة، عن الزُّهْري، عن سَهل، به.

قال الطبراني وأبو نُعَيم: "أبو سلمة هو محمد بن أبي حفصة"، زاد أبو نُعَيم:"واسم أبي حفصةَ مَيْسَرةُ، والحديث تفرَّد به يحيى عن الثوري".

ص: 237

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: تفرُّد محمد بن أبي حفصة به عن الزُّهْري، وابن أبي حفصة مختلَف فيه عامَّة، وضعيف في الزُّهْري خاصَّة، وإليك البيان:

المجرِّحون:

قال يحيى بن سعيد: "كتبت حديثه كلَّه، ثم رَميتُ به بعد ذلك"، ثم قال: هو نحو صالح بن أبي الأخضر"، وقال معاذ بن معاذ: "كتبت عنه عن الزُّهْري ثم رغِبت عنه" قيل لمعاذ: لِمَ؟ قال: "رأيته يأتي أشعث بن عبد الملك، فإذا قمنا جلس إلى صبيان فأملَوْها عليه"، ولهذا ذكره العُقَيلي في (الضعفاء 1709)، وذكره أحمد فلم يَرْضه

(1)

، قال المرُّوذي:"وأراه ذكر أن له رأيَ سوء"، وقال النَّسائي:"ضعيف"، وقال ابن عَدِي:"هو من الضعفاء الذين يُكتب حديثهم"، وقال الدارَقُطْني:"صالح، يُعتبر به"، وقال الفَسَوي:"هو ليِّن، إلا أنه فوق صالح بن أبي الأخضر"(علل أحمد برواية المروذي 126)، (المعرفة للفسوي 3/ 51)، (سؤالات البَرْقاني 434)، (تهذيب التهذيب 9/ 123).

(1)

- فأما ما في (الميزان 3/ 525): "وقال أحمد: صالح الحديث"، فلم نجد مَن نقله عن أحمد سوى الذهبي، ولو كان محفوظًا؛ لتسارع أصحاب التراجم إلى ذكره، بل ومن الملاحظ أن الذهبي نفسه لم يذكره في كتبه الأخرى التي ترجم فيها لابن أبي حفصة مع كثرتها، واحتياجه إليه، وقد ذكر محقق (الميزان) أن كلمة "أحمد" وقعت في النسخة (س):"آخر"، وكذا أثبتت في (ط الرسالة للميزان 4/ 98)، فلعل صوابها:"وقال أخرى" يعني: ابن مَعين، فقد عدَّد له الذهبي أقوالًا في ابن أبي حفصة، فالظاهر أن هذا أحدها، ويقويه أن هذه الكلمة نقلها ابن حجر في (المقدمة ص 438) منسوبة لابن مَعين، والله أعلم.

ص: 238

المعدِّلون:

قال ابن المَدِيني: "ليس به بأس"، ووثَّقه أبو داود، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 407) وقال:"يخطئ"(تهذيب التهذيب 9/ 123).

واختلفت الرواية عن ابن مَعين، فوثَّقه مرة، وقال مرة ثانية:"صالح"، وقال أخرى:"ليس بالقوى"، وقال مرة:"ضعيف"، (الميزان 3/ 525)، (مقدمة الفتح /ص 438).

قلنا: الظاهر أنه وثَّقه في غير الزُّهْري، فأما في الزُّهْري فضعَّفه، فقد قال ابن الجُنَيد:"سُئل يحيى بن مَعين-وأنا أسمع-: مَن أثبت الناس في الزُّهْري؟ . قال: "مالك، ثم مَعْمَر، ثم عُقَيْل، ثم يونس

قال: "ومحمد بن أبي حفصة ضعيف الحديث"(شرح علل التِّرْمذي 2/ 673)، فظاهر السياق يعطي أنه ضعيف في الزُّهْري، وقد جاء ذلك صريحًا فيما نقله ابن أبي حاتم عن الدارمي، قال: قلت ليحيى بن مَعين: محمد بن أبي حفصة-يعني: في الزُّهْري-؟ فقال: "صُوَيلح، ليس بالقوي"(الجرح والتعديل 7/ 241)، وهذه العبارة قد نقلها الدارمي عن ابن مَعين في (التاريخ 12) ضمن كلامه عن جماعة ضعَّفهم في الزُّهْري، وقد نَقل بعد ذلك في الكتاب نفْسِه عن ابن مَعين أنه وثَّقه (228)، وهذا يؤيد ما ذكرناه بشأن تعارض أقواله فيه، وهو ما اعتمده ابن القَطَّان، حيث قال:"والرجل ثقة، ولكنه يُضعَّف في الزُّهْري خاصة، كأنه لم يحفظ حديثه كما يجب، فصار يجيء فيه بخلاف ما يجيء به غيرُه"(الوهم والإيهام 2/ 361).

وعلى هذا؛ فلا يصح التمسُّك هنا بتوثيق ابن مَعين؛ لأن هذا الحديث من رواية ابن أبي حفصة عن الزُّهْري، وقد ضعَّفه ابن مَعين فيه.

فإن قيل: وكيف بإخراج الشيخين لحديثه عن الزُّهْري؟ .

ص: 239

قلنا: قال الذهبي: "روى له الشيخان في المتابعات، ما أظن أن واحدًا منهما جعله حُجَّة"(السير 7/ 59)، وقال ابن حجر:"أخرج له البخاري حديثين من روايته عن الزُّهْري، تُوبِع فيهما، وعلَّق له غيرَهما"(المقدمة ص 438).

وقد قال الذهبي: "بالجَهْد أن يُعَدَّ حديثُه حسَنًا، وليس هو بالمُكْثر"(السير 7/ 59)، وقال أيضًا:"فيه شيء"(الميزان 3/ 525)، وقال:"فيه لِين"(مَن تُكلِّم فيه وهو موثَّق 318)، ومع ذلك قال في (الديوان 3675):"ثقة، ضعَّفه النَّسائي وحدَه"! ! ، وقال أيضًا:"ثقة مشهور، غيره أثبتُ منه"(تاريخ الإسلام 3/ 957).

وقال الحافظ: "صدوق يخطئ"(التقريب 5826).

قلنا: ومما سبق يترجح أنه ليس بحُجَّة فيما انفرد به، لاسيما في حديثه عن الزُّهْري، فإنه كما قال ابن القطان:"لم يَحفظ حديثه كما يجب، فصار يجيء فيه بخلاف ما يجيء به غيرُه"، وكذلك الشأن في هذا الحديث، وهذه هي:

العلة الثانية: المخالفة؛ فقد روَى هذا الحديث ابن عُيَيْنة، والليْث بن سعد، وابن أبي ذِئْب، ويونس بن يزيد، وصالح بن كَيْسان، وعُقَيل بن خالد، وغيرُهم من أصحاب الزُّهْري الثقات، عن الزُّهْري، عن سَهْل، به، وقالوا فيه:((وَمَعَهُ مِدْرَى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ))، ولفظ يونس ((يُرَجِّلُ بِهِ رَأْسَهُ))، انظر:[مسند أحمد 22802 / صحيح البخاري 5924، 6241، 6901 / صحيح مسلم 2156 / صحيح ابن حِبَّان 5845/ المعجم الكبير للطبراني 5660 - 5673].

فجاء ابن أبي حفصة وحدَه! وقال فيه عن الزُّهْري: ((وَمَعْهُ مِدْرَى، يُسَرِّحُ بِهِ

ص: 240

لِحْيَتَهُ))، فهو لم ينفرد وفقط، بل خُولف أيضًا؛ فروايته تُعدُّ منكَرة، والمحفوظ هو ما رواه الثقات من أصحاب الزُّهْري.

العلة الثالثة: يحيى بن عيسى الرَّمْلي، مختلَف فيه أيضًا، فقال أبو معاوية:"اكتبوا عنه؛ فطالما رأيته عند الأعمش"، وقال أحمد:"ما أقرب حديثَه"، وقال أبو داود:"بلغني عن أحمد بن حنبل أنه أحسن الثناء عليه"، ووثَّقه العِجْلي (تهذيب التهذيب 11/ 263).

وفي المقابل، قال ابن مَعين:"ليس بشيء"، وقال أيضًا:"ضعيف"، وقال:"لا يُكتب حديثُه"، وقال الدارمي:"هو كما قال يحيي، هو ضعيف"، وقال النَّسائي:"ليس بالقوي"، وقال مَسْلَمة:"لا بأس به، وفيه ضعْف"، وذكره العُقَيلي في (الضعفاء 2052)، وكذلك ابن عَدِي، وقال:"عامة رواياته مما لا يُتابع عليه"، وقال الجُوزَجاني:"يروي أحاديثَ يُنكرها الناس"، وقال ابن حِبَّان:"كان ممن ساء حفظه، وكثُر وهَمُه، حتى جعل يخالف الأثبات فيما يروي عن الثقات، فلما كثُر ذلك في روايته؛ بطَل الاحتجاجُ به"، وأقرَّه السَّمْعاني، انظر:(الكامل 2120) و (المجروحين 2/ 479)، و (أحوال الرجال 62) و (الأنساب 5/ 113) و (تهذيب التهذيب 11/ 263).

وقال الذهبي: "صُوَيلح، ضعَّفه ابن مَعين

خرَّج له مسلم في الشواهد لا في الأصول" (مَن تُكلِّم فيه وهو موثَّق 376)، وفي موضع آخَرَ: "صدوق يَهِم" (الديوان 4671)، وفي موضع ثالث قال: "حسن الحديث"! (العبر 1/ 263)، وفي (التقريب 7619): "صدوق يخطئ".

قلنا: وقد تفرَّد يحيى بهذا الحديث عن سُفْيان الثَّوْري- كما قال أبو نُعَيم-، وتفرُّد مَن هذه حالُه بمثل هذا الحديثِ عن مثل الثوري تفرُّد فيه نظر، فأين

ص: 241

أصحاب الثوري الكبار عن هذا الحديث؟ ! بل لو كان الحديث عند الثوري فكيف قَنِعَ بروايته عن ابن أبي حفصة وحدَه عن الزُّهْري، وتركَ روايته عن أصحاب الزُّهْري الكبار؟ ، لاسيما وفيهم مَعْمَر الذي رحل إليه الثوري، وقال:"قد كفانا مَعْمَرٌ الزُّهْري"(مقدمة الجرح والتعديل ص 76) بسند صحيح.

فمِن المحتمل- إن لم يكن الغالب- أن يكون يحيى بن عيسى قد أخطأ في هذا الحديث، ووهِمَ فيه كغيره من الأحاديث التي وهِمَ فيها، والله أعلم.

لطيفة تتعلق بهذا الحديث:

قال الخليلي في ترجمة شيخه الحاكم: "سألني في اليوم الثاني لمَّا دخلت عليه ويُقرأ عليه في فوائد العراقيِّين: سُفْيان الثَّوْري، عن أبي سلَمة، عن الزُّهْري، عن سهْل بن سعد، حديثَ الاستئذان، فقال لي: مَن أبو سلَمة هذا؟ فقلت من وقته: هو المغيرة بن سلَمة السَّرَّاج، فقال لي: كيف يروي المغيرة عن الزُّهْري؟ ، فبَقِيت، ثم قال: قد أمهلْتُك أسبوعًا حتى تتفكرَّ فيه، فمن ليلته تفكرُّت في أصحاب الزُّهْري مِرارًا حتى بقيت فيه أكرِّر التفكُّر، فلما وقعت إلى أصحاب الجزيرة من أصحابه تذكرت محمد بن أبي حفصة، فإذا كُنيتُه أبو سلَمة، فلما أصبحت حضرت مجلسه ولم أذكر شيئًا حتى قرأت عليه مما انتخبْتُ قريبًا من مائة حديث، قال لي: هل تفكَّرْت فيما جرى؟ فقلت: نعم، هو محمد بن أبي حفصة، فتعجَّب، وقال لي: نظرت في حديث سفيان لأبي عمرٍو البَحيري؟ قلت: والله ما لقيت أبا عمرو، ولا رأيتُه، فذكرت له مما أَمَّمْتُ في ذلك، فتحيَّر، وأثنى عليَّ"(الإرشاد 3/ 852 - 853).

ص: 242

962 -

حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ [بِالْمَاءِ]، وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ [بِثَوْبِهِ]، حَتَّى كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيَّاتٍ [أَوْ دَهَّانٍ])).

[الحكم]:

ضعيف، وضعَّفه الحافظ أبو الفضل العراقي، وابنه أبو زُرعة، وابن الجَزَري، والسُّيوطي، وابن حجر الهيتمي، والعظيم آبادي، والألباني.

[اللغة]:

قال البَغَوي: " (الْقِنَاعُ): الْخِرْقَةُ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ مِنَ الدُّهْنِ"(شرح السنة 12/ 83).

[التخريج]:

[شما 33 "واللفظ له"، 127 "مقتصرًا على آخره" / سعد (1/ 416)، (1/ 416) "والزيادة الأولى له ولغيره" / خل 534 "مختصرًا"، 535 / تي 145 "والزيادة الأولى له ولغيره" / شعب 6044، 6045 / طاهر (تصوف 540) / بغ 3164 / نبغ 1073، 1074 / لقب (إتمام الدراية ص 161)].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه فيما يأتي.

ص: 243

رواية: "يُكْثِرُ التَّقَنُّعَ":

• وَفِي رِوَايَةٍ، قال:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ التَّقَنُّعَ حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى حَاشِيَتَيْ إِزَارِهِ كَأَنَّه زَيَّاتٌ)).

[الحكم]:

ضعيف.

[التخريج]:

[تي 146]

[السند]:

أخرجه التِّرْمذي في (الشمائل 33، 127)، قال: حدثنا يوسف بن عيسى، قال: حدثنا وَكيع، قال: حدثنا الرَّبيع بن صَبِيح، عن يَزيدَ بن أَبان- هو الرَّقَاشي-، عن أنس بن مالك، به.

وأخرجه ابن سعد في (الطبقات 1/ 416)، والدُّوري في (تاريخ ابن مَعين 145): عن قَبيصة بن عُقبة، عن سُفْيان الثَّوْري، عن الرَّبيع بن صَبِيح، به.

وأخرجه الدُّوري في (تاريخ ابن مَعين 146)، قال: حدثنا أبو نُعَيم الفضْل بن دُكَين، قال: حدثنا الرَّبيع بن صَبِيح، به. بلفظ السياقة الثانية.

ومدار الحديث عند الجميع- عدا روايةِ ابن سعد (1/ 416)، وأبي الشيخ (534) - على الرَّبيع بن صَبِيح، عن يَزيدَ بن أبان الرَّقَاشي، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه يزيد بن أبان الرَّقَاشي، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 7683). بل قال عنه ابن حِبَّان: "كان يقلب كلام الحسن فيجعله

ص: 244

عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم، فلما كثُر في روايته ما ليس من حديث أنس وغيرِه من الثقات، بطَلَ الاحتجاجُ به، فلا تحل الرواية عنه إلا على سبيل التعجب" (المجروحين 2/ 448).

وبه ضعَّفه ابن حجر الهيتمي؛ فقال: "يَزيدُ ضعَّفوه؛ فالحديث معلول"(أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل ص 99).

وقال الألباني: "ضعيف جدًّا"، وأعلَّه بيزيدَ، فنقل عن النَّسائي وغيره أنه متروك (الضعيفة 2456).

وفيه أيضًا: الرَّبيع بن صَبِيح؛ "صدوق سيء الحفظ" كما في (التقريب 1895).

وبه ضعَّف الحديثَ ابنُ الجَزَري فقال: "الرَّبيع بن صَبِيح له مناكيرُ، منها هذا الخبر؛ فإنه صلى الله عليه وسلم كان أنظف الناس ثوبًا، وأحسنَهم هيئةً"(شرح المواهب اللدنية للزُّرْقاني 5/ 505).

وتعقَّبه الزُّرْقاني: بأن الربيع لم ينفرد به، بل تابعه عُمر بن حَفص العَبْدي، عن يَزيدَ، كما عند ابن سعد في (الطبقات 1/ 416).

قلنا: لكن هذه المتابعة واهية؛ فعُمر بن حفص العَبْديُّ متروك. انظر ترجمته في (الميزان 3/ 189/ 6075).

وأَولى منها متابعةُ يحيى بنِ أبي كثير له؛ فقد أخرجه أبو الشيخ في (أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم 534) قال: حدثنا محمد بن أحمد بن راشد، نا أحمد بن إبراهيم بن خِلاص

(1)

، نا أبو عبد الرحمن المُقري، قال: سمعت

(1)

كذا في طبعة دار المسلم، وفي طبعتي (دار الكتاب العربي ص 149)، و (الدار المصرية اللبنانية 500):(خلاس).

ص: 245

أبا النضر، يحدِّث عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد الرَّقَاشي، عن أنس، به، مقتصرًا على ذِكر دَهن الرأس.

ولكن يحيى بن أبي كثير وإن كان ثقة إلا أنه مدلِّس، فيُحتمل أن يكون أخَذه من الربيع ودلَّسه، لاسيما ولم نجد ليحيى روايةً عن يزيدَ سوى هذا الحديث.

وفي الإسناد إليه أحمد بن إبراهيم بن خِلاس أو ابن خلاص؛ لم نقف له على ترجمة.

ولهذا ضعَّف سنده الحافظ أبو الفضل العراقي في (المغنى في حمل الأسفار ص 86، 1111)، وابنُه الحافظ أبو زُرعة في (طرح التثريب 4/ 175)، والعظيم آبادي في (عون المعبود 1/ 33)، والألباني في (مختصر الشمائل 26).

وقال السُّيوطي: "وروى الشيرازي في الألقاب بسند واهٍ من حديث أنس مرفوعًا"(إتمام الدراية لقراء النقاية ص 161). ومع هذا رمز لحسنه في (الجامع الصغير 7140)! . ولعله أراد أنه حسَن لغيره، فحسَّنه بما له من شواهدَ، كما سيأتي.

وقد قال الحافظ العراقي في "شرح التِّرْمذي": "هذا الحديث إسناده ضعيف، لكن له شواهد، منها في الخِلَعيَّات عن سَهْل بن سعد: ((كَانَ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ، وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ بِالْمَاءِ))، ومنها: في سنن البَيْهَقي، عن أبي سعيد: ((كَانَ لَا يُفَارِقُ مُصَلَّاهُ سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يُكْثِرُ تَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ)). وإسناده ضعيف"(شرح المواهب اللدنية للزُّرْقاني 5/ 505).

ص: 246

وسيأتي الكلام على هذه الشواهد، والذي يظهر لنا أنها لا تتقوَّى ببعضها، والله أعلم.

[تنبيه]:

عزا الحديث الزُّرْقاني في (شرح المواهب اللدنية 5/ 505) للترمذي في "الجامع"، والحديث ليس في الجامع، إنما أخرجه في الشمائل فقط. وانظر (التحفة 1/ 433/ 1679).

ص: 247

963 -

حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ

◼ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الْقِنَاعَ، وَيُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهُ، وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهِ بِالْمَاءِ)).

[الحكم]:

ضعيف، وضعَّفه: العِراقي، والمُناوي.

[التخريج]:

[معر 616 / شعب 6046 "واللفظ له"]

[السند]:

أخرجه ابن الأعرابي في (معجمه): عن محمد بن هارون الأَزْدي

(1)

، قال: نا مسلم بن إبراهيم، نا مُبَشِّر بن مكسّر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، به.

وأخرجه البَيْهَقي في (الشُّعَب) من طريق أحمد بن عبيد، حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأَزْدي

به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات؛ عدا محمد بن هارون بن عيسى الأَزْدي؛ فمختلَفٌ فيه؛ قال عنه الخطيب: "روَى عنه أبو العباس ابن عُقْدة وأبو عُمر حمزة بن القاسم الهاشمي وأبو بكر الشافعي، أحاديثَ مستقيمة"(تاريخ بغداد 4/ 562). وقال الدارَقُطْني: "ليس بالقوي"(سؤالات الحاكم 210)، فتفرُّد مثْلِه مما لا يُعتمد عليه.

(1)

حُرِّفت هذه النسبة في مطبوع معجم ابن الأعرابي عند الحديث رقم (613) إلى: "الرَّازيّ"!

ص: 248

ومُبَشِّر بن مكسّر؛ قال عنه ابن مَعين: "ليس به بأس"(التاريخ- رواية الدُّوري 3321)، وقال إسحاق بن منصور، عن ابن مَعين:"صُوَيلح"، وقال أبو حاتم الرازي:"لا بأس به"(الجرح والتعديل 8/ 343)، وقال يعقوب بن سفيان:"لا بأس به"(المعرفة والتاريخ 2/ 124)، وقال ابن شاهين:"ليس به بأس"(الثقات 1468).

ومع هذا لم يخرِّجوا له شيئًا لا في الكتب التسعة، ولا في صحيح ابن خزيمة، ولا في صحيح ابن حِبَّان؛ ولهذا قال الذهبي:"لم يخرِّجوا لذا شيئًا"(تاريخ الإسلام 4/ 490).

وتفرُّد مثْلِ هذا الراوي عن بقية أصحاب أبي حازم- كالثوري وابن عُيَيْنة وحماد بن زيد- لا يُطمئن له، والله أعلم.

ولذا قال الحافظ العراقي: "إسناده ضعيف"(فيض القدير 5/ 241)، وكذا ضعَّفه المُناوي في (التيسير 2/ 282).

ومع ذلك قد رمز لحُسنه السُّيوطي في (الجامع الصغير 7141).

وساقه الألباني في (الصحيحة 720) من عند ابن الأعرابي وحسَّن إسناده.

وساقه أيضًا في (الضعيفة 2356) لكن من طريق البَيْهَقي في "الشُّعَب"، وتصحَّف عليه (مُبَشِّر بن مكسر) إلى (بِشر بن مُبَشِّر)؛ فضعَّفه لأجله.

[تنبيهان]:

الأول: الحديث عزاه المُناوي في (فيض القدير 5/ 241)، و (التيسير 2/ 282) للترمذي في الشمائل. وهو وهْمٌ؛ لأن التِّرْمذي إنما أخرج حديث أنس فقط. وانظر (السلسلة الضعيفة 5/ 380).

ص: 249

الثاني: عزاه الحافظ العراقي في "شرح التِّرْمذي": للخِلَعيات، كما في (شرح المواهب اللدنية للزُّرْقاني 5/ 505). ولم نقف عليه فيما لدينا من أجزاء الخِلَعيات الخطية، ولم نعثر عليه كذلك في فهرس النسخة المطبوعة بتحقيق صالح اللحام/ ط الدار العثمانية.

* * *

ص: 250

964 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَ لَا يُفَارِقُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ إِذَا سَرَّحَ لِحْيَتَهُ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَانَ لَا يُفَارِقُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَ بَيْتِهِ-: سِوَاكُهُ، وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ أَحْيَانًا، وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ أَحْيَانًا، وَيَأْمُرُ بِهِ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضعَّفه ابن عَدِي، والبَيْهَقي، والعراقي، والهيثمي، وابن حجر.

[التخريج]:

[طس 6367 "واللفظ له" / عد (5/ 199) "والرواية له" / شعب 6071]

[السند]:

قال الطبراني في (الأوسط): حدثنا محمد بن عَمرو، ثنا أبي، حدثنا محمد بن سلَمة، عن سُلَيْمان بن أَرْقَم، عن الزُّهْري، عن عروة، عن عائشة، به.

ومداره- عندهم- على محمد بن سلَمة، عن سُلَيْمان بن أرْقَم

به.

قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديثَ عن الزُّهْري إلا سُلَيمانُ بن أرقمَ، تفرَّد به محمد بن سلَمة".

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ آفته سُلَيمان بن أَرْقم؛ قال فيه البخاري: "تركوه"

ص: 251

(التاريخ الكبير 4/ 2)، وقال الذهبي:"متروك"(الكاشف 2068).

وذكر ابن عَدِي هذا الحديث في ترجمته وقال: "ولسُلَيمانَ بنِ أَرْقَمَ غيرُ ما ذكرتُ من الحديث أحاديث صالحة، وعامة ما يرويه لا يُتابعه أحد عليه "(الكامل 5/ 208).

وبه ضعَّفه البَيْهَقي في (الشُّعَب)، والهيثمي في (المجمع 8876)، وابن حجر في (الفتح 10/ 367).

وضعَّفه أيضًا العراقي في (المغني عن حمل الأسفار 1/ 162).

* * *

ص: 252

965 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفَارِقُ مُصَلَّاهُ سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يُكْثِرُ تَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ)).

[الحكم]:

إسناده تالف، وضعَّفه ابن المُلَقِّن، والحافظُ أبو الفضل العراقي، وابنه أبو زُرعة.

[التخريج]:

[منده (أمالي ق 44/ أ) / طاهر (تصوف 541)].

[السند]:

أخرجه ابن مَنْدَه في مجالسَ من "أماليه"- ومن طريقه ابن طاهر المَقْدسي في (صَفْوة التصوف) والسياق له- قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن شعيب النيسابوري، قال: أنا سَهْل بن عمار العَتَكي، قال: أنا عُمر بن عبد الله بن رَزِين، قال: أنا خارجة بن مصعب، عن يَزيدَ بن عمير المَدِيني، عن عِياض بن عبد الله ابن أبي سَرْح، عن أبي سعيد الخُدْري، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: خارجة بن مصعب، قال عنه الحافظ:"متروك، وكان يدلِّس عن الكذابين، ويقال: إن ابن مَعين كذَّبه"(التقريب 1612).

وبه أعلَّه ابن المُلَقِّن، فقال:"رواه ابن طاهر في ((صَفوة التصوف))، وفيه خارجة بن مصعب، وقد ضعَّفوه"(البدر المنير 2/ 13).

ص: 253

الثانية: سهل بن عمار العَتَكي؛ كذَّبه غير واحد؛ ولذا قال عنه الذهبي: "متَّهم"(الميزان 2/ 240)، وانظر (لسان الميزان 3711).

الثالثة: يَزيد بن عُمير المَدِيني؛ قال عنه الخطيب: "أحد المجهولين"(تالي تلخيص المتشابه 2/ 501). وأقرَّه العراقي في (ذيل ميزان الاعتدال 744)، وابن حجر في (اللسان 8585).

ولذا ضعَّفه العراقي في (المغني عن حمل الأسفار ص 87)، وتبِعَه ابنُه أبو زُرعة في (طرح التثريب 4/ 174).

[تنبيهان]:

الأول: جاء هذا الحديث في المطبوع من (تاريخ الإسلام للذهبي 1/ 788) وبإِثره: "إسناده واهٍ".

وقال محققه في الحاشية: "كُتبت هذه الفقرةُ على هامش الأصل"ا. هـ.

فلا ندري أهذا من كلام الذهبي أم هو لغيره من العلماء؟ والله أعلم، وقد سقط الحديث برُمَّته من طبعة (دار الكتاب العربي 1/ 509).

الثاني: قال الحافظ العراقي في "شرح التِّرْمذي": "في سنن البَيْهَقي، عن أبي سعيد: ((كَانَ لَا يُفَارِقُ مُصَلَّاهُ سِوَاكُهُ وَمُشْطُهُ، وَكَانَ يُكْثِرُ تَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ)). وإسناده ضعيف"(شرح المواهب اللدنية للزُّرْقاني 5/ 505).

كذا قال، ولم نقف عليه في سنن البَيْهَقي ولا في غيره من كتبه، فالله أعلم.

ص: 254

966 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَمَرَّ بِرَكِيَّةٍ (بِرَكْوَةٍ) فِيهَا مَاءٌ، فَاطَّلَعَ (فَنَظَرَ) فِيهَا، فَسَوَّى مِنْ لِحْيَتِهِ وَمِنْ رَأْسِهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ:[وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ ] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ أَنْ يُهَيِّئَ (يُسَوِّيَ) مِنْ لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ [عز وجل] جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا، قَالَتْ: ((كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْتَظِرُونَهُ عَلَى الْبَابِ، فَخَرَجَ يُرِيدُهُمْ، وَفِي الدَّارِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي الْمَاءِ وَيُسَوِّي

(1)

شَعَرَهُ وَلِحْيَتَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ:((نَعَمْ، إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا، قَالَتْ:((خَرَجَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَرَّ بِرَكْوَةٍ لَنَا فِيهَا مَاءٌ، فَنَظَرَ إِلَى ظِلِّهِ فِيهَا، ثُمَّ سَوَّى لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، ثُمَّ مَضَى، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: ((وَأَيَّ شَيْءٍ فَعَلْتُ؟ نَظَرْتُ فِي ظِلِّ الْمَاءِ، فَهَيَّأْتُ مِنْ لِحْيَتِي وَرَأْسِي، إِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَفْعَلَهُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ إِذَا خَرَجَ إِلَى إِخْوَانِهِ أَنْ يُهَيِّئَ مِنْ نَفْسِهِ)).

[الحكم]:

منكر، دون قوله:((إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ))، والحديث بهذه

ص: 255

السياقة حَكَم بنكارته أبو حاتم الرازيُّ، وابن عَدِي، وأقرَّه ابن طاهر القَيْسَراني، وابن الجوزي وتبِعَه ابن عِرَاق. وحكَم السُّيوطي بوضعه، وتبِعَه الفَتَّنِي. وقال الألباني:"ضعيف جدًّا". وقولُه: "إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ" له شاهد من حديث ابن مسعود عند مسلم وغيرِه.

[التخريج]:

[عد (2/ 195) "واللفظ له" / لال (ملتقطة 4/ ق 325)، (ذيل اللآلئ 691) "والروايات والزيادتان له" / علج 1144 / خطج 914].

[التخريج]:

[حكيم 1611 / عتلال 352 "واللفظ له" / سمأ (ص 32) / جوزي (تلبيس 279)].

[التخريج]:

[جوزي (تلبيس 280) "واللفظ له" / علحا 2478 معلقًا]

[التحقيق]:

رُويَ هذا الحديثُ عن عائشة برواياته الثلاثِ من طرق كلها واهية، وإليك البيان:

الطريق الأول:

رواه ابن عَدِي في (الكامل 2/ 195/180) -ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل 1144) - قال: حدثنا ابن قُتَيْبة، حدثنا محمد بن آدم، حدثنا أبو المُحَيَّاة، عن أيوب بن مُدْرِك، عن مَكْحول، عن عائشة، به، بلفظ السياقة الأولى.

ورواه ابن لَالٍ في "مكارم الأخلاق"- كما في (الغرائب الملتقطة) و (ذيل

(1)

- في مطبوعة "الاعتلال" للخرائطي: "ويسري"، والمثبت من "أدب الإملاء" للسَّمْعاني، و"تلبيس إبليس" لابن الجوزي، وقد رَوَياه من طريق الخرائطي.

ص: 256

اللآلئ 691) - من طريق أحمد بن سعيد بن نجدة، حدثنا محمد بن آدم المِصِّيصي، حدثنا أبو المُحَيَّاة، عن أيوب بن مُدْرِك، عن مَكْحول، عن عائشة، أَنَّ النَّبِيَّ مَرَّ بِرِكْوَةٍ مِنْ مَاءٍ

" نحوه.

وهذا إسناد واهٍ جدًّا؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: أيوب بن مُدْرِك، قال ابن مَعين:"ليس بشيء، كذاب"، وقال أبو حاتم والنَّسائي والدارَقُطْني:"متروك"، وضعَّفه أبو زُرعة والفَسَوي وابن عَدِي وغيرُهم (اللسان 1/ 488)، ولذا قال الذهبي:"تركوه"(الديوان 530).

الثانية: انقطاعه بين مَكْحول وعائشةَ؛ فهو لم يسمع منها كما في (السير 5/ 156) و (جامع التحصيل 796).

وبهاتين العلتين أعلَّه ابن عَدِي، فنَقل جرْح ابن مَعين والنَّسائي لأيوبَ، ثم روَى له حديث الصلاة على أصحاب العمائم يوم الجمعة، ثم حديثَنا هذا، وقال عقبه: "ولأيوبَ بنِ مُدْرِك أحاديث، وعامة حديثِه عن مكحول، وإذا روى عن مكحول، فيكون مكحول عن صحابة، ولم يدركْهم، مثل مَن ذكرته: أبو الدَّرْداء، وعائشة

(وكل ذلك) مراسيلُ، وأيوب بن مُدْرِك فيما يرويه عن مكحول وغيرِه يتبيَّن على رواياته أنه ضعيف"، ثم قال ابن عَدِي: "وهذان الحديثان منكران عن مكحول، وروى أيوب هذا غيرَ هذين الحديثين عن مكحول مناكير" (الكامل 2/ 195 - 196).

وتبِعه ابن طاهر، فقال:"رواه أيوب بن مدْرِك الحنفي، عن مكحول، عن عائشة. وأيوبُ متروك الحديث، ومكحول عن عائشة منقطع؛ لأنه لم يُدْرِكْها"(ذخيرة الحفاظ 2754).

ص: 257

وأقرَّه أيضًا ابن الجوزي في حُكمه عليه بالنكارة، غير أنه لم يُعِلَّه إلا بأيوبَ (العلل المتناهية 1144)، ومع ذلك قال ابن عِرَاق:"أورده ابن الجوزي في الواهيات وأعلَّه بأيوبَ، وقال: تركوه، وبأنه من رواية مكحول عن عائشة ولم يُدركها"(تنزيه الشريعة 2/ 278).

قلنا: وفيه علةٌ أخرى، وهي:

الثالثة: انقطاعه بين أيوب بن مُدْرِك ومكحول؛ قال البخاري في (التاريخ الكبير 1/ 423): "أيوب بن مُدْرِك، عن مكحول؛ مرسَل".- أي: منقطع-، وقال ابن حِبَّان:"يروي المناكير عن المشاهير، ويدَّعي شيوخًا لم يَرَهم، ويزعم أنه سمِع منهم، روى عن مكحول نسخةً موضوعة، ولم يَرَه"(المجروحين 1/ 185 - 186).

ولذا، ذكره السُّيوطي في (الزيادات على الموضوعات 691) - وهو (الذيل) -، ثم قال:"أورده في (الميزان) في ترجمة أيوب بن مُدْرك، وقال: قال ابن مَعين: ليس بشيء، وقال مرة: كذاب، وقال أبو حاتم والنَّسائي: متروك، وقال ابن حِبَّان: روى عن مكحول نسخة موضوعة ولم يَرَه".

وتبعه الفَتَّنِي في (تذكرة الموضوعات ص 159).

وقال الألباني: "ضعيف جدًّا

ومقتضَى إيراده إياه في (الذيل) أنه حديث موضوع، وما هو عن الصواب ببعيد، لكن الجملة الأخيرة منه:"إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ" قد ثبتت في جملة من الأحاديث الصحيحة، وقد خرَّجت طائفة طيبةً منها في (الصحيحة 1626) " (الضعيفة 6291).

قلنا: وقد رواه عن مكحول: العلاء بنُ كثير، وأبو سعيد الشامي، فلعل

ص: 258

أيوب قد أخذه من أحدهما.

فأما رواية العلاء:

فأخرجها الخرائطي في (اعتلال القلوب 352) -ومن طريقه السَّمْعاني في (أدب الاملاء والاستملاء ص 32)، وابن الجوزي في (تلبيس إبليس 279) - قال: حدثنا أبو سهلٍ بُنَان بن سُلَيْمان الدَّقَّاق، قال: حدثنا عبد الرحمن بن هانئ النَّخَعي، عن العلاء بن كثير، عن مكحول، به، بلفظ الرواية الثانية.

وأخرجها أيضًا الحكيم التِّرْمذي في (نوادر الأصول 1611) قال: حدثنا بذلك أبي رحمه الله: ثنا أبو نُعَيم النَّخَعي، عن العلاء بن كثير، به، مختصرًا.

وهذا أشدُّ وَهاءً من الذي قبله، وفيه ثلاث علل أيضًا:

الأولى: انقطاعه بين مكحول وعائشةَ؛ كما سبق.

الثانية: العلاء بن كثير، هو الدمشقي؛ قال فيه ابن حجر:"متروك، رماه ابن حِبَّان بالوضع"(التقريب 5254).

الثالثة: عبد الرحمن بن هانئ النَّخَعي مختلَف فيه، والراجح أنه واهٍ، وإليك البيان:

* المجرِّحون: قال فيه أحمد بن حنبل: "ليس بشيء"، وقال ابن مَعين:"كذاب"، وقال أبو داود والنَّسائي:"ضعيف"، وقال العُقَيْلي:"ضعَّفه أبو نُعَيم الفضْل بن دُكَين"، وقال ابن عَدِي:"عامة ما له لا يتابِعه عليه الثقات"(تهذيب التهذيب 6/ 290)، وضعَّفه أبو زُرعة الرازي كما في (الضعفاء 273)،

ص: 259

وقال الدارَقُطْني: "متروك"(العلل 14/ 224).

ويلحق بهذا الرأي قول البخاري: "فيه نظر، وهو في الأصل صدوق"، قال المُعَلِّمي اليماني:"وكلمة "فيه نظر" معدودة من أشدِّ الجَرْح في اصطلاح البخاري، لكن تعقيبه هنا بقوله: (وهو في الأصل صدوق) يخفِّف من وَطْأتها"(التنكيل 1/ 278)، وقال الألباني:"وكأنه يعني: أنه صدوق في نفسه، شديدُ الضعف في حفظه"(الضعيفة 12/ 472).

* المعدِّلون: قال فيه أبو حاتم: "لا بأس به، يُكتب حديثُه"، وقال العِجْلي:"ثقة"، (تهذيب التهذيب 6/ 290)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 377)، وقال:"ربما أخطأ، في القلب منه"، وذكره ابن خَلْفُون في (الثقات) وقال:"اختلفوا فيه"(الإكمال لمُغْلَطاي 3264).

والرأي الأول القاضي بوَهائه هو الذي اعتمده الذهبي في (الميزان 2/ 595) و (الديوان 2498) و (المغني 3648)، فلم يَحْكِ غيرَه، ومع ذلك قال ابن حجر:"صدوق له أغلاط، أفرط ابن مَعين فكذَّبه، وقال البخاري: هو في الأصل صدوق"! ! (التقريب 4032).

وأما رواية أبي سعيد الشامي:

فرواها الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 914) قال: أنا أبو الحسن محمد بن عُبيد الله بن محمد الحِنَّائي، نا أحمد بن سُلَيْمان النَّجَّادِ إملاءً، نا محمد بن عبد الله بن سُلَيْمان، نا هارون بن إدريس، نا أبو يحيى الحِمَّاني، عن أبي سعيد الشامي، عن مَكْحُول، عن عائشة، قالت: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْوَةً فِيهَا مَاءٌ، فَاطَّلَعَ فِيهَا، فَرَأَى رَأْسَهُ وَلِمَّتَهُ

ص: 260

وَوَجْهَهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: ((إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ

)) الحديثَ، لم يذكر فيه اللحية، وهذا إسناد واهٍ كالذي قبله، وفيه ثلاث علل أيضًا:

الأولى: انقطاعه بين مكحول وعائشة؛ كما سبق.

الثانية: أبو سعيد الشامي الذي يروي عن مكحول؛ قال الدارَقُطْني: "مجهول"، وأقرَّه الذهبي في (الميزان 4/ 530)، واعتمده ابن حجر في (التقريب 8131)، ويحتمل أن يكون هو عبدَ القُدُّوس بن حبيب؛ فإنه شامي، ويُكْنَى بأبي سعيد، ويَروي عن مكحول، فإن كان هو؛ فقد كذَّبه ابن المبارك، وقال الفَلَّاس:"أجمعوا على ترك حديثه"(الميزان 2/ 643)، وهذا الذي ذكرناه احتمالًا قد جزم به الألباني في حديث آخَرَ من رواية الحِمَّاني عن أبي سعيد الشامي عن مكحول (الضعيفة 3857)، ثم ذكر أنه لا يَستبعد أن يكون الذي حكم عليه الحافظ بالجهالة هو وعبدُ القُدُّوس واحدًا، وكيفما كان، فهو علة في الإسناد، والله أعلم.

الثالثة: هارون بن إدريس، لم نجد مَن تَرجم له بعد طول بحث وعناء، وانظر (معجم شيوخ الطبري 355).

وشيخه أبو يحيى الحِمَّاني اسمه: عبد الحميد بن عبد الرحمن، وهو مختلَف فيه، وذَكر ابن حجر هذا الاختلافَ في مقدمة الفتح، ثم قال: "إنما روَى له البخاري حديثًا واحدًا في فضائل القرآن

وهذا الحديث قد رواه مسلم من طريق أخرى

فلم يخرِّج له إلا ما له أصل" (المقدمة 416)، وفي (التقريب) قال: "صدوق يخطئ، ورُمي بالإرجاء".

ص: 261

الطريق الثاني:

رواه ابن الجوزي في (تلبيس إبليس 280) من طريق الحسن بن سفيان، ثنا [عبدالرحمن بن صالح، حدثنا] عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد

(1)

الله العَرْزَمي، عن أبيه، عن أم كلثوم، عن عائشة، به، بلفظ الرواية الثالثة.

وتُوبِع عليه عبدُ الرحمن بن صالح:

فقد علَّقه ابن أبي حاتم في (العلل 2478) قال: "سألت أبي عن حديث رواه محمد بن عبد الرحمن العَرْزَمي، عن أبيه، عن جده، عن أم كلثوم، عن عائشة؛ قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمُرُّ برَكْوَةٍ لَنَا فِيهَا مَاءٌ، فَيَطَّلِعُ فِيهِ، ثُمَّ يُسَوِّي مِنْ لِحْيَتِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: ((لَا بَأْسَ إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ أَنْ يُهَيِّئَ مِنْ نَفْسِهِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُهَيِّئَ مِنْ نَفْسِي))؟ قال أبي: "هذا حديث منكر".

قلنا: وسنده واهٍ جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن عُبيد الله بن أبي سُلَيْمان العَرْزَمي، تركه ابن مَهْدي، وابن المبارك، والقَطَّان، وابن مَعين، وغيرُهم، قال أحمد بن حنبل:"ترك الناس حديثَه"، وقال الحاكم:"متروك الحديث بلا خلافٍ أعرفه بين أئمة النقل فيه"(تهذيب التهذيب 9/ 323)، ولذا قال الحافظ:"متروك"

(1)

- تحرفت في (ط. دار الفكر ص 180) و (ط. دار الكتاب العربي ص 249) و (ط. دار ابن خلدون ص 205) و (ط. دار القلم ص 195) إلى: "عَبْد"، وجاء على الصواب في طبعة دار الوطن (رقم 280)، وكذا الزيادة من طبعة دار الوطن، وسقطت من الطبعات الأخرى! .

ص: 262

(التقريب 6108).

الثانية: عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد الله العَرْزَمي، ذُكِر لأبي نُعَيم، فقال:"كان هؤلاء أهلَ بيت يتوارثون الضعف قرنًا بعد قرن"(مسائل محمد بن عثمان بن أبي شَيْبة عن شيوخه 57)، وقال أبو حاتم:"ليس بقوي"(الجرح والتعديل 5/ 282)، وقال الدارَقُطْني:"متروك"(سؤالات البَرْقاني 443)، وقصَّر الذهبي فقال:"ضعَّفه الدارَقُطْني"(الميزان 2/ 585) و (المغني 3621)، مع أنه في ترجمة ابنه محمد بن عبد الرحمن من (الميزان 3/ 627) و (المغني 5737) قال:"قال الدارَقُطْني: متروك الحديث هو وأبوه وجده". وأما ابن حِبَّان فذكره في (الثقات 7/ 91) وقال: "يُعتبر حديثُه من غير روايته عن أبيه".

قلنا: وهذا من روايته عن أبيه؛ فلا يُعتبر به إذًا.

وابنه محمد بن عبد الرحمن قد مرَّ قريبًا أنه متروك، ولكن قد تابعه عبد الرحمن بن صالح، وهو العَتَكي، وثَّقه ابن مَعين وغيرُه، وكان شيعيًّا غاليًا (تهذيب التهذيب 6/ 197).

الطريق الثالث:

رواه ابن السُّنِّي في (عمل اليوم والليلة 174)، عن عليِّ بن محمد بن عامر، ثنا محمد بن إسحاقَ بنِ جُوتِي

(1)

، ثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن عثمان بن عمرو بن عبد الرحمن بن الحَكَم بن أبي العاص بن

(1)

- تحرف في المطبوع "حوثي"، وفي طبعة الهلالي:"حوتي" وذكر أنه في نسخة: "جوثي"، قلنا: صوابه "جوتي" بضم الجيم ثم واو ساكنة ثم مثناة فوقية مكسورة (توضيح المشتبه 2/ 547).

ص: 263

أُمَيَّةَ بن عبد شمس، ثنا عيسى بن واقِد الزاهد

(1)

الإسكندراني، عن عطاء بن السائب، عن مُعاذة العَدَوية، قالت: سمِعتُ عائشة رضي الله عنها تقولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى إِخْوَانِهِ- أَوْ قَالَتْ: إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ- فَنَظَرَ فِي رَكْوَةٍ مِنْ مَاءٍ إِلَى لِمَّتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْتَ الْقَائِلُ الْفَاعِلُ حِينَ نَظَرْتَ إِلَى وَجْهِكَ؟ قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ عز وجل جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ)).

ولم يذكر فيه تسوية اللحية؛ ولذا لم نخرِّجه هنا، وسيأتي في باب النظر في المِرآة من هذه الموسوعة إن شاء الله تعالى، وإسناد هذه الرواية تالف؛ وفيه علل:

العلة الأولى: عُثْمَان بن عبد الله الأُمَوي، مختلَف في نسَبه؛ وقد رُمي بالكذب ووضْعِ الحديث وسرِقتِه، قال ابن عَدِي:"يروي الموضوعاتِ عن الثقات"، وقال الدارَقُطْني:"متروك الحديث"، وقال أيضًا:"يضع الأباطيل على الشيوخ الثقات"، وقال الجُورَقاني:"كذاب يسرق الحديث"(اللسان 5/ 394)، وقال الحاكم:"كذاب، قدِمَ خراسان فحدَّث بأحاديثَ أكثرها موضوعة [والحمْل فيها عليه] "(سؤالات السِّجْزي 42 بتصرف) والزيادة من (اللسان 5132)، وقال الخطيب:"كان ضعيفًا، والغالب على حديثه المناكير"(تاريخ بغداد 6006)، وقال الذهبي:"متهَمٌ واهٍ، رماه بالوضع ابن عَدِي وغيرُه"(ديوان الضعفاء 2769).

(1)

- كذا في المطبوع، وذكر الهلالي أنه جاء في هامش بعض النسخ:"في نسخة: الزاهري"، قلنا: وهذا هو الصواب، والله أعلم.

ص: 264

الثانية: عيسى بن واقِد؛ قال الهيثمي-وتبِعه الألباني-: "لم أجد مَن ذكره"(المجمع 1/ 293)، و (الضعيفة 490).

قلنا: ذكره ابن عَدِي في أثناء ترجمة الحسن بن عَمرو بن يوسف من (الكامل 462)، وقال:"شيخ بصري"، وذكره ابن ناصر الدِّين في (توضيح المشتبه 4/ 260) بلا جَرحٍ أو تعديل، وروى له ابن خُزَيمة في (صحيحه 1913)، وروى عنه جماعة.

الثالثة: عطاء بن السائب؛ فإنه كان قد اختلط، ولا يُحتج من حديثه إلا بما رواه القدماء من أصحابه، وعيسى بن واقد ليس منهم، (تهذيب التهذيب 7/ 206).

هذا وقد قال الحافظ العراقي بشأن هذا الحديث: "قد جاء ما يعارضه، روَى الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس: ((لَا يَنْظُرْ أَحَدُكُمْ إِلَى ظِلِّهِ فِي الْمَاءِ))، لكنه من طريق طلحة بن عَمرٍو الحَضْرمي؛ فليس بحجة"(تنزيه الشريعة 2/ 278).

قلنا: كلاهما ليس بحجة، وهذا الحديث الذي أشار إليه ذكره الألباني في (الضعيفة 6292) وقال:"موضوع"، وسيأتي تخريجه في بابه من هذه الموسوعة المباركة إن شاء الله تعالى.

[تنبيه]:

هذا الحديث أورده السُّيوطي في (الجامع الكبير 12/ 640/27309)، وعزاه لابن السُّنِّي في عمل اليوم والليلة، وقال:"وفيه أيوب بن مُدْرِك، متروك"! ! .

ص: 265

قلنا: وهذا وهَمٌ؛ فقد سبق أن الحديث عند ابن السُّنِّي ليس من رواية أيوب بن مُدْرِك؛ وإنما رواية أيوبَ عند ابن عَدِي وابنِ لَالٍ وابنِ الجوزي كما بيَّنَّاه آنِفًا.

ص: 266

967 -

حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ ثَائِرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ: أَنِ اخْرُجْ- كَأَنَّهُ يَعْنِي: إِصْلَاحَ شَعَرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ- فَفَعَلَ الرَّجُلُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُكُمْ ثَائِرَ الرَّأْسِ، كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ؟ ! )).

[الحكم]:

إسناده ضعيف؛ لإرساله، وأشار إلى هذه العلةِ البَيْهَقيُّ وابن عبد البر وابن حجر والألباني، ولكن قال البَيْهَقي: إنه مرسَلٌ جيِّدٌ.

[الفوائد]:

قال ابن عبد البر: "وفيه: إباحة اتخاذ الشعَرِ والوَفَراتِ والجُمَم؛ لأنه لم يأمرْه بحَلْقه. وفيه: الحضُّ على ترجيل شعرِ الرأس واللحية، وكراهيةُ إهمالِ ذلك والغفلةِ عنه، حتى يتشعَّثَ ويَسمُجَ، وهذا عندي أصلٌ في إباحة التزيُّن والتنظُّفِ كلِّه ما لم يتشبَّهِ الرجلُ في ذلك بالنساء.

وأما قوله في الحديث: ((كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ)) فهو محمول على المعروف من كلام العرب؛ لأنها كانت تُشبِّه ما استقبحَتْ بالشيطان، وإن كان لا يُرى؛ لِما أوقع الله في نفوسهم من كراهية طلْعتِه، ومن هذا المعنى قولُه عز وجل في شجرة الزَّقْوم:{طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] " (التمهيد 5/ 50 - 51).

[التخريج]:

[طا 2732 / شعب 6043 / هقد 696]

ص: 267

[السند]:

أخرجه مالك في "الموطأ"- ومن طريقه البَيْهَقي في (الشُّعب) و (الآداب) -: عن زيد بن أسلمَ، أن عطاء بن يَسارٍ أخبره، قال:

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقات، إلا أنه مرسَل.

ولكنه مرسل قويٌّ؛ فعطاء بن يسار من كبار التابعين، جُلُّ رواياته عن الصحابة، لا يَكاد يَروي عن غيرهم.

ولهذا قال البَيْهَقي: "هذا مرسَل جيِّدٌ"(الآداب 696).

وقال الألباني: "أخرجه مالك في "الموطأ" بسند صحيح، ولكنه مرسَل"(الصحيحة 1/ 892).

قال ابن عبد البر: "ولا خلاف عن مالك أن هذا الحديث مرسل، وقد يتصل معناه من حديث جابر وغيرِه"(التمهيد 5/ 50). ويعني بحديث جابر، ما رواه الأوزاعي قال: حدثني حسَّان بن عطية قال: حدثني محمد بن المُنْكَدِر، عن جابر بن عبد الله قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم زَائِرًا فِي مَنْزِلِنَا، فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا، فَقَالَ:((أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ))، وَرَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ:((أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ)) " (الاستذكار 8/ 436).

وأشار إلى هذا الشاهدِ أيضًا الحافظُ، فقال:"وهو مرسل صحيحُ السند، وله شاهد من حديث جابر، أخرجه أبو داودَ والنَّسائيُّ بسند حسن"(فتح الباري 10/ 367).

لكن حديث جابرٍ هذا ليس فيه ذِكرُ اللحية، ثم إنه معلول، أعلَّه الإمام أحمدُ والنَّسائي وغيرُهما، كما سيأتي بيانُه في باب:"إكرام الشعر".

ص: 268

968 -

حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:

◼ عَنْ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِالْمُشْطِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ؛ عُوفِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ، وَزِيدَ فِي عُمُرِهِ)).

[الحكم]:

باطل موضوع، حَكمَ بوضعِه ابنُ حِبَّان والدارَقُطْني وابنُ الجوزي- وأقرَّه الذهبي وابن حجر والشوكاني-، وقال أبو نُعَيم:"منكَرٌ بمَرَّة"، وأقرَّه السُّيوطي وابن عِرَاق.

[التخريج]:

[مجر (1/ 335) / أصبهان (2/ 265) "واللفظ له" / تمام 1663 / قطغ (لسان 3/ 18) / كر (54/ 85) / سمأ (ص 31) / ضو 1452].

[السند]:

أخرجه ابن حِبَّان في (المجروحين)، قال: أخبرناه محمد بن المسيِّب، ثنا الفتح بن نُصَير الفارسي، ثنا حسان بن غالب، أخبرني مالك بن أنس، عن ابن شِهاب، عن سعيد بن المسيِّب، عن أُبَيِّ بن كعب، به.

ورواه الدارَقُطْني في (غرائب مالك) كما في (اللسان)، وأبو نُعَيم في (تاريخ أصبهان) -ومن طريقه ابنُ عساكر في (تاريخ دمشق) -، وتمَّام في (الفوائد)، والسَّمْعاني في (أدب الإملاء)، وابن الجوزي في (الموضوعات): من طُرق، عن الفتح بن نُصَير

(1)

، عن حسَّان بن غالب،

به.

(1)

في (الفوائد): "ابن نصر"، وكذا ورد في ترجمته عند ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 7/ 91) وتبعه السَّمْعاني في (الأنساب 5/ 99)، والذهبي في (الميزان 3/ 340) وابن حجر في (اللسان 6/ 317)، وكذا في (تنزيه الشريعة 2/ 274)، مع أنه قد ورد في موضع آخر من (الميزان 1/ 479) و (اللسان 3/ 18):"ابن نصير"، وهو الموافق لما في بقية المراجع، والله أعلم.

ص: 269

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ فيه علتان:

الأولى: حسَّان بن غالب، قال فيه ابن حِبَّان:"شيخ من أهل مِصرَ، يَقْلب الأخبارَ على الثقات، ويروى عن الأثبات المُلزَقاتِ، لا يحلُّ الاحتجاجُ به بحال، ولا الروايةُ عنه إلا على سبيل الاعتبار"، ثم روى له هذا الحديثَ، (المجروحين 1/ 271).

وقال الحاكم: "له عن مالك أحاديثُ موضوعة"، وقال أبو نُعَيم:"حدَّث عن مالك بالمناكير"، وقال الدارَقُطْني:"ضعيف متروك"، وشذَّ ابنُ يونسَ فوثَّقه! ! (اللسان 3/ 18).

وقد رُمِي حسانُ بوضعَ هذا الحديث، أشار إلى ذلك ابن حِبَّان فيما نقلْناه آنِفًا؛ ولذا قال السُّيوطي:"قال ابن حِبَّان: موضوع؛ آفتُه حسَّان شيخُ أهل مصر، كان يروي عن الثقات المَلزوقات"(اللآلئ 2/ 227)، وقال ابن الجوزي:"موضوع، والبلاء فيه من حسان بن غالب المصري"(الموضوعات 3/ 54)، وقال ابن طاهر: "رواه حسان

وحسان هذا من أهل مِصرَ، يَقْلب، ويروي عن الثقات المقلوباتِ" (التذكرة 831) وقال الذهبي:"وضعه حسان بنُ غالب"(تلخيص الموضوعات 709).

الثانية: الفتح بن نُصير أو نَصر الفارسي، المصري، قال ابن أبي حاتم:"تكلَّموا فيه، وضعَّفوه؛ فلم نسمع منه"(الجرح والتعديل 7/ 91)، وقال الدارَقُطْني:"ضعيف متروك"(لسان الميزان 6/ 317). والحديث أورده

ص: 270

الدارَقُطْني مع آخَرَ في غرائب مالك، وقال:"هذا لا يصحُّ عن مالك، وفتْحٌ وحسان ضعيفان، وهذا الحديث وحديثُ المُشْطِ موضوعان"(اللسان 3/ 18)، (الفوائد المجموعة ص 198).

وقال أبو نُعَيم بعد أن أخرجه في (تاريخ أصبهان): "منكَرٌ بمَرَّة"، نقله السُّيوطي في (اللآلئ 2/ 227)، وابن عِرَاق في (تنزيه الشريعة 2/ 274)

(1)

.

ونقل الحافظ في (لسان الميزان 6/ 317)، عن الدارَقُطْني أنه قال في الفتح:"ضعيف متروك"، ثم قال: "وأورد له هذا الباطلَ عن حسان بن غالب، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة

وقد تقدَّم في ترجمة حسان بن غالب، وأن الدارَقُطْني ضعَّفه". وكذا ذكر ابن عِرَاق في (تنزيه الشريعة 2/ 274) أن الدارَقُطْني أخرج هذا الحديث في الغرائب من حديث أبي هريرة، من طريق الفتح بن نصر، بإسناد حديث أُبيٍّ نفْسِه.

والذي في (اللسان 3/ 18) في ترجمة حسانَ ظاهرُه أنه خرَّجه من حديث أُبَيِّ بن كعب؛ لأنه أحاله على سند ابن حِبَّان، وهو الموافق لما في سائر المراجع، وإلا فإن لم يكن ما ذكراه سبْقَ قلمٍ، فيكونُ قد اختُلف على الفتح في سنده، وكلاهما موضوع كما قاله الدارَقُطْني وغيرُه، والله أعلم.

(1)

ولم نجده في المطبوع من التاريخ، والظاهر أنه سقَطَ من النُّسَّاخ؛ فقد رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 54/ 85) من طريق أبي نُعَيم بسنده ومتنه، وفي آخره:"منكَرٌ مُمَوَّه"! هكذا في المطبوع، وصوابه:(بمَرَّة)، وهي من قول أبي نُعَيم كما نقله السُّيوطي عنه، ولكن نسبها محققُ التاريخ لابن عساكر، فوضع قبلها بين معكوفين:" [قال ابن عساكر] "، وقال في الحاشية:"زيادةٌ منَّا للإيضاح"! ! .

ص: 271

969 -

حَدِيثُ الْحَكَمِ مُرْسَلًا:

◼ عَنِ الْحَكَمِ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمُشْطِ)).

[الحكم]:

مرسَل ضعيف الإسناد، وأعلَّه العراقي.

[التخريج]:

[خطج 909 / سمأ (ص 31)]

[السند]:

رواه الخطيب في (الجامع) - ومن طريقه السَّمْعاني في (أدب الإملاء) - قال: أنا محمد بن الحُسين القَطَّان، أنا دَعْلَجُ بن أحمدَ، أنا أحمد بن عليٍّ الأَبَّارُ، أنا أبو ذَرٍّ الحَدَّادُ الصقر بن حسين، بصري، نا أبو بكر الحنَفي، عن مِسْعَر بن كِدَام، عن لَيْث، عن الحَكَم، به.

[التحقيق]:

هذا إسناده ضعيف؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الإرسال؛ فالحَكَم- وهو ابن عُتَيْبة- تابعيٌّ من صغار التابعين.

الثانية: لَيْث، وهو ابن أبي سُلَيْم، ضعَّفه أحمد وأبو زُرعة وأبو حاتم وغيرُهم (تهذيب التهذيب 8/ 468) وقال الحافظ:"صدوق اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثُه؛ فتُرِك"(التقريب 5685).

الثالثة: الصقر بن حسين، لم نجد له ترجمة.

وبقية رجال الإسناد ثقاتٌ مشاهيرُ، والحديث ذكره العراقي في (المغني ص 87)، وأعلَّه بالإرسال فقط.

[تنبيه]:

تصحَّفَ الحَكَم في (الحاوي للسيوطي 1/ 463) إلى (الحسن).

ص: 272

970 -

حَدِيثُ عليٍّ: ((عَلَيْكُمْ بِالْمُشْطِ)):

◼ عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه مرفوعًا: ((عَلَيْكُمْ بِالْمُشْطِ؛ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الْفَقْرَ، وَمَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ (حِينَ)

(1)

يُصْبِحَ كَانَ لَهُ أَمَانًا حَتَّى يُمْسِيَ؛ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ زَيْنُ الرِّجَالِ، وَجَمَالُ الْوَجْهِ)).

[الحكم]:

باطل موضوع، قاله السُّيوطي، وابن حجرٍ الهَيْتمي، والعَجْلُوني.

[التحقيق]:

لم نجدْه مسنَدًا، وإنما ذكره السُّيوطي في (الحاوي 2/ 46) عن عليٍّ رضي الله عنه مرفوعًا، ثم بيَّن بعد ذلك أنه حديث مقطوعٌ ببطلانه (الحاوي 2/ 64).

بينما ذكره عبد الرحمن الصَّفُّوري في (نزهة المجالس ومنتخب النفائس 2/ 309) عن عليٍّ رضي الله عنه موقوفًا، بلفظ: "مَنْ سَرَّحَ لِحْيَتَهُ

". دُون أوَّلِه.

وسُئِل عنه ابنُ حجر الهيتمي مع عدة أحاديثَ أخرى، فقال:"هذه الأحاديث كلُّها كذِبٌ موضوعة، لا يحلُّ روايةُ شيء منها إلا لبيان أنها كذِبٌ مُفترَى على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أفاد ذلك الحافظ السُّيوطيُّ شكر الله سعْيَه"(الفتاوى الحديثية ص 124).

وذكره العَجْلُوني في (كشف الخفاء 2/ 315) وقال: "موضوع كحديث: "مَنْ أَمَرَّ الْمُشْطَ عَلَى حَاجِبَيْهِ؛ عُوفِيَ مِنَ الْوَبَاءِ"، وكحديث: "عَلَيْكُمْ بِالْمُشْطِ؛ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الْفَقْرَ"، جميعًا موضوع كذِبٌ، كما نَقل ذلك ابنُ حجر المكيُّ عن الحافظ السُّيوطي".

ولم يبيِّنْ واحدٌ منهم مَن أخرجه! ! .

(1)

تصحفت في (الحاوي) إلى: "حتى"، وجاءت على الصواب في بقية المصادر المذكورة في التحقيق.

ص: 273