الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا
1061 -
حَدِيثُ عُمَرَ:
◼ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ:((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَلْقِ الْقَفَا [بِالْمُوسَى] إِلَّا لِلْحِجَامَةِ)).
[الحكم]:
منكر، قاله ابن عَدِي- وأقرَّه ابنُ القَيْسَراني والإشْبيليُّ وابنُ القَطَّان-، وهو ظاهر صنيع أبي حاتم وأبي زُرْعة وابنِ حِبَّانَ والبَيْهَقيِّ. وضعَّفه السُّيوطي والألباني.
[الفوائد]:
قال إسحاق بن منصور الكَوْسَج: سألتُ أحمدَ عن حلق القفا؟ فقال: "لا أعلمُ فيه حديثًا، إلا ما يُروَى عن إبراهيمَ أنه كرِه"(مسائل أحمد وإسحاقَ رواية الكَوْسج 3488)، (الترجُّل للخلال 73).
وقال أبو بكر المَرْوزي: قلت لأبي عبد الله - يعني: أحمد بنَ حَنْبل-: يُكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهَه؟ فقال: "أما أنا فلا أَحْلِق قفاي، وقد رُوي فيه حديثٌ مرسَلٌ عن قتادةَ
(1)
فيه كراهيةٌ، قال: إن حلْق القفا مِن فعل
(1)
لم نقف على هذه الرواية المرسلة، وإنما الحديث مروي عن قتادة عن الحسن عن أنس عن عمر تارة، وتارة عن الحسن عن عمر دون ذكر أنس، وتارة عن أنس عن عمر، دون ذكر الحسن، كما سيأتي بيانه في التحقيق.
المجوسِ، ورُخِّص في وقت الحجامة" (الورع للمروزي 587)، (الترجل للخلال 75).
وعلى فرْض صحتِه، قال الطبراني:"معناه عندي- والله أعلم-: أنه عليه السلام استقبح أن يُفْرَد حلْقُ القفا دون حلْقِ الرأس"(المعجم الصغير 1/ 166).
وقال ابن عبد البر: "كان مالكٌ رحمه الله يكره حلْقَ القفا، وما أدري إنْ كان كرِهه مع حلْق الرأس أو مفردًا، وهذا ليس من شرائع الأحكام، ولا من الحلال والحرام، والقول في حلْق الرأس يُغْني عن القول في حلْق القفا، والقول في ذلك واحدٌ عند العلماء، والله أعلم. وقد يجوز أن تكون كراهيةُ مالكٍ لحلْق القفا هو أن يُرفَع في حلْقه حتى يُحلَق بعضُ مؤخَّرِ الرأس على ما تصنعه الرومُ، وهذا تشبُّهٌ؛ لِأنَّا قد رُوِّينا عن مالك أنه قال: أول مَن حلق قفاه عندنا دراقس النصراني"(التمهيد 6/ 79).
[التخريج]:
[طس 2969 "واللفظ له" / طص 261 / طش 2671 / معر 646 / مجر (1/ 401) / عد (5/ 475) "والزيادة له ولغيره" / أصبهان (1/ 398)، (2/ 207 - 280) / كر (56/ 204)، (71/ 314)، (73/ 14) / حلب (4/ 1813)]
[التحقيق]:
انظر الكلامَ عليه بعد الرواية التالية.
رِوَايَة: ((حَلْقُ الْقَفَا مِنْ غَيْرِ حِجَامَةٍ مَجُوسِيَّةٌ))
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((حَلْقُ الْقَفَا مِنْ غَيْرِ حِجَامَةٍ مَجُوسِيَّةٌ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعَّفه الألباني.
[التخريج]:
[معر 646 "واللفظ له" / كر (56/ 204)].
[التحقيق]:
هذا الحديث مدارُه على قَتادةَ، ورُوي عنه على عدة أوجُهٍ:
الوجه الأول: رُوي عن قتادةَ، عن الحسن، عن أنس، عن عُمر بن الخطاب
…
به.
أخرجه الطبراني في (الأوسط)، وفي (الصغير)، وفي (مسند الشاميين)، - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 71/ 314)، وابن العَدِيم في (تاريخ حلب) - قال: حدثنا إسماعيل بن قيراط الدمشقي، حدثنا سُلَيْمان بن عبد الرحمن ابن بنت شُرَحْبيل، حدثنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بَشِير، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب، به.
ورواه ابن عَدِي في (الكامل): من طريق عباسٍ الخَلَّال، عن سُلَيمان بن عبد الرحمن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سعيد بن بَشير، عن قتادة
…
به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه سعيد بن بَشير؛ وهو ضعيفٌ خاصَّةً في قَتادةَ، وانظر (تهذيب التهذيب 4/ 10)، و (التقريب 2276).
وذكره ابن حِبَّان في ترجمته من (المجروحين 1/ 400)، فكأنه يراه من
مناكيره، وتَبِعه ابن طاهر المقدسي فذكره في (تذكرة الحفاظ 934) وقال: "رواه سعيد بن بَشِير، عن قتادةَ
…
وسعيدٌ ضعيفُ الحديث في قَتادة".
واستدل به البَيْهَقي في (الخلافيات) على ضعْف سعيد بن بَشير؛ حيث ذكره مع عدة أحاديثَ أخرى تفرَّد بها سعيدٌ، ثم قال:"وفي هذا غُنْيَةٌ لمن تدبَّره على ضعْف حالِه"(مختصر الخلافيات 1/ 255).
وذكره ابن عَدِي أيضًا في ترجمة سعيد، ثم قال:"وهذا لا يرويه عن قتادةَ غيرُ سعيد بن بَشير، وهو متْنٌ منكَر عن سعيد، رواه الوليد بن مسلم"(الكامل 5/ 476)، وأقرَّه ابن طاهر المقدسي في (ذخيرة الحفاظ 5832)، وعبدُ الحق الإشْبيلي في (الأحكام الوُسطى 4/ 203)، وأقرَّه ابنُ القَطَّان، وزاد علةً أخرى، وهي سُلَيْمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، فقال:"ولم يبيِّن - يعني: الإشْبيليَّ- أنه من رواية سُلَيْمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، عن الوليد بن مسلم، عنه، وسُلَيْمان مغفَّل"(بيان الوهم والإيهام 3/ 223).
ولمَّا سأل ابنُ أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، قال:"هذا حديث كذِبٌ بهذا الإسناد! يمكن أن يكون دخل لهم حديثٌ في حديث، ورأيتُ هذا الحديثَ في كتاب سُلَيْمانَ بن شُرَحْبيل، فلم أكتبه، وكان سُلَيْمان عندي في حَيِّزٍ، لو أن رجلًا وَضَعَ له لم يَفْهَم"(العلل 2462). وأقرَّه أبو موسى المَدِيني في (اللطائف ص 99).
وقال أبو زُرْعة الرازيُّ: "باطلٌ، ليس هذا من حديث الوليد"(سؤالات البَرْذَعي له 472).
قلنا: كأنهما يشيران إلى أن هذا الحديث مما أُدخل على سُلَيْمان بن
عبد الرحمن، لكن قد تُوبِع سُلَيْمانُ على روايته هذه من إبراهيمَ الحَوْرَاني، ومحمد بنِ أبي السَّري، كما عند ابن حِبَّان في (المجروحين 1/ 401)، كلاهما عن الوليد، به، والله أعلم.
قلنا: وقتادة والحسن، معروفان بالتدليس، وقد عنعنا.
الوجه الثاني: رُوي عن قَتادةَ، عن أنس، عن عُمر، به، بدون ذكر الحسن.
ذكره ابن أبي حاتم في (العلل 2462)، والبَرْذَعي في (سؤالاته لأبي زُرعة 2/ 54): من رواية سُلَيْمان بن عبد الرحمن، عن الوليد بن مسلم، عن قتادة
…
به.
وهذا الإسناد هو إسنادُ الوجه السابقِ نفْسُه، إلا أنه سقَطَ منه ذِكرُ "الحسن"، فهذا خلافٌ على سُلَيْمان بن عبد الرحمن، فهو ضعيف كسابقه.
الوجه الثالث: رُوي عن قتادة، عن الحسن، عن عُمر بن الخطاب، مرفوعًا، بلفظ:((حَلْقُ الْقَفَا مِنْ غَيْرِ حِجَامَةٍ مَجُوسِيَّةٌ)). هكذا بإسقاط أنس.
أخرجه ابن الأعرابي في (معجمه تحت رقم 646) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 56/ 204) -: عن محمد بن الوليد، عن محمد بن أبي السَّري العسقلاني، قال: نا عُمر بن عبد الواحد، عن رَوْح بن محمد، عن قتادة
…
به.
قال ابن أبي السَّري: فذكرْتُه للوليد، فقال: حدثنا رجل، عن قتادة، عن الحسن، عن عُمر بن الخطاب، قال:((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَلْقِ الْقَفَا مِنْ غَيْرِ حِجَامَةٍ)).
قال ابن أبي السَّري: "فكنا نرى أن الوليد دلَّسه عن عُمر بن عبد الواحد".
وهذا إسناد ضعيف؛ مسلسَلٌ بالعِلل:
الأولى: الانقطاع؛ فإن الحسن البصري لم يدرِكْ عُمر بنَ الخطاب، فقد وُلد لسنتين بَقِيَتا من خلافة عُمرَ. انظر (الطبقات الكبرى لابن سعد 9/ 157).
وبها أعلَّه الألباني، فقال:"منقطع؛ لأنه- أي: الحسن- لم يسمع منه"(الضعيفة 3496).
الثانية: رَوح بن محمد؛ لم نقف له على ترجمة، سوى أن المِزِّي ذكره في شيوخ عُمر بن عبد الواحد (التهذيب 21/ 448).
ولذا قال الألباني: "لم أعرفْه"(الضعيفة 3496).
الثالثة: محمد بن الوليد الرَّمْلي؛ ترجم له ابنُ عساكر في (تاريخه 56/ 204)، والذهبيُّ في (تاريخ الإسلام 6/ 830)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
والحديث رمز لضعفه السُّيوطي في (الجامع الصغير 9462)، وصرَّح بذلك في (الجامع الكبير / مسند عمر 427).
وضعَّفه الألباني بلفظَيْه في (الضعيفة 3496، 4727).
[تنبيهان]:
الأول: اقتصر السُّيوطيُّ في عزوه الحديثَ في (الجامع الصغير) على ابن عساكرَ، فتعقَّبه المُناويُّ في (فيض القدير 3/ 396) فقال:"ظاهر صنيعِ المصنِّف أنه لم يَرَهُ مخرَّجًا لأحد من المشاهير الذين وَضع لهم الرموزَ، مع أن الطبراني والدَّيْلميَّ خرَّجاه باللفظ (المذكور)، فكأنه ذَهَلَ عنه". وتبِعه
الصَّنْعاني في (التنوير 5/ 379).
قلنا: كذا قال، وفيه نظرٌ؛ فلم يخرِّجْه بهذا اللفظِ سوى ابنِ الأعرابي في (معجمه)، ومن طريقه رواه ابن عساكر، أما الطبرانيُّ فبغير هذا اللفظ.
الثاني: عزاه السُّيوطي هذا الحديثَ في (الجامع الكبير / مسند عمر 427) للطبراني في الأوسط وابنِ عساكرَ، وزاد: ابنَ مَنْدَه في غرائب شُعبة، وابنَ النَّجَّار، كلُّهم من حديث عُمر.
وتصحَّف في المطبوع من (كَنز العمال 17375) إلى: "عن عليٍّ"!
1062 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَلْقِ الْقَفَا إِلَّا فِي الْحِجَامَةِ)).
[الحكم]:
منكَر، وأنكره الدارَقُطْني، وأبو موسى المَدِينيُّ.
[التخريج]:
[قطغ (لسان 7/ 552) / مديني (لطائف 157، 158)].
[السند]:
أخرجه الدارَقُطْني في (غرائب مالك) - كما في (لسان الميزان) -، ومن طريقه أبو موسى المَدِيني في (اللطائف 157)، قال: حدثني أحمد بن محمد اليَامُوري، حدثنا جعفر بن محمد الحسَني، حدثنا محمد بنُ نَهَار، سمِعتُ الرِّيَاشي، سمِعتُ الأصمعيَّ قال: كنت عند مالك فدخل الأَوْزاعيُّ، فقال له مالك: حديثٌ تَرويه عن يحيى بن أبي كثير في حلْق القفا، فحدَّث عن يحيى، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة
…
به.
وأخرجه أبو موسى المَدِيني في (اللطائف 157) أيضًا: من طريق آخَرَ، عن عليِّ بن سِراج، عن محمد بن نَهَار، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف منكَر؛ آفتُه محمد بن نهار، وبه ضعَّفه الدارَقُطْني، فقال:"هذا باطلٌ لا يصحُّ عن مالك، ولا عن الأوزاعي، ومحمد بن نَهار ضعيفٌ"(لسان الميزان 7506).
وقال أبو موسى: "هذا حديث غريبٌ بهذا الإسناد، لم يروِه إلا محمدُ بن
نَهار، وليس بالقوي" (اللطائف 157).
قلنا: وقد وقفنا له على إسنادٍ آخَرَ عن الأوزاعي؛
قال أبو موسى المَدِيني في (اللطائف 158): ويُروَى بسندٍ آخَرَ عن الأوزاعي: أخبرنا أحمد بن محمد بن فَضْلُويه- فيما أَذِن لي وكتبْتُه من خطه-، أنا أحمد بن محمد بن أحمد الأديب، أنا عليُّ بن أحمد بن مِهران الصَّحَّاف المَدِيني، أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن شزرة الخطيب المَدِيني، ثنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المَدِيني إملاءً سنة عشرين وثلاثمائة، حدثني أبو سعيد الحسن بن عليٍّ العَدَوي ببغدادَ، ثنا عثمان بن عَمرو الدَّبَّاغُ، ثنا ابن عُلَاثة، ثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به.
وهذه إسناد تالفٌ بمَرَّة؛ فيه أبو سعيد الحسن بن علي العَدَويُّ الملقَّبُ بالذِّئْب، وهو كذاب وضَّاع؛ قال عنه ابن حِبَّان: "يروي عن شيوخٍ لم يَرَهم، ويضع على مَن رآهم الحديثَ
…
حدَّث عن الثقات بالأشياء الموضوعاتِ ما تَزيد على ألف حديثٍ سوى المقلوباتِ" (المجروحين 1/ 292 - 293)، وقال ابن عَدِي: "كان يضع الحديث، ويسرق الحديث، ويُلزِقه على قوم آخرين، ويحدِّث عن قوم لا يُعرَفون، وهو متَّهم فيهم أن الله لم يخلقهم
…
وحدَّث عنهم عن الثقات بالبواطيل
…
وعامَّةُ ما حدَّث به العدويُّ- إلا القليلَ- موضوعاتٌ" (الكامل 3/ 548، 557 - 558)، وقال الدارَقُطْني: "متروك" (سؤالات السَّهْمي 253)، وقال الذهبي: "جريءٌ على وضع الأسانيد والمتون" (تاريخ الإسلام 7/ 353).