الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ
996 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: ((كَانَ يَتَنَوَّرُ))
◼ 1 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَنَوَّرُ، وَيَلِي عَانَتَهُ بِيَدِهِ)).
•2 وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اطَّلَى، وَوَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ)).
•3 وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اطَّلَى بَدَأَ بِعَوْرَتِهِ (بِعَانَتِهِ)، فَطَلَاهَا بِالنُّورَةِ [فَهُوَ الَّذِي يَلِيهَا]، وَسَائِرَ جَسَدِهِ أَهْلُهُ
(1)
)).
•4 وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اطَّلَى (تَنَوَّرَ)، وَلِيَ عَانَتَهُ (مَغَابِنَهُ) بِيَدِهِ)).
•5 وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَوِّرُهُ الرَّجُلُ، فَإِذَا بَلَغَ مَرَاقَّهُ
(2)
، تَوَلَّى هُوَ ذَلِكَ)).
(1)
"وَسَائِرَ" بالنصْب، و"أهلُه" بالرفع: أي: وطلَى سائرَ جسدِه أهلُه، فهو من عطف معمولَي عاملٍ واحد (حاشية السِّندي على ابن ماجه 1364).
(2)
المَرَاقّ: ما سَفَلَ من البطن فما تحتَه من المواضع التي تَرِق جلودُها، واحدها: مَرَق. (النهاية لابن الأثير 2/ 252)، وقال ابن الأثير أيضًا:"وفيه «أَنَّهُ اطَّلَى حَتَى بَلَغَ الْمَرَاقَّ» هو بتشديد القاف: ما رَقَّ من أسفل البطنِ ولَانَ، ولا واحدَ له، ومِيمُه زائدةٌ"(النهاية 4/ 321).
[الحكم]:
إسناده ضعيف، والصواب فيه الإرسالُ. وضعَّفه ابنُ المبارَك، وأحمدُ، والبَيْهَقي، وابن مُفْلِح، والبُوصِيري، وابن حَجَر، والألباني. واستغربه أبو نُعَيم.
[اللغة]:
قولُه: ((كَانَ يَتَنَوَّرُ)) أي: يَطْلي عانتَه وما قرُبَ منها بالنُّورَة. (فيض القدير للمناوي 5/ 270).
و"النُّورَة"- بضم النون-: حَجَر يُحرق ويُسَوَّى منه الكِلْسُ، ويُحلَق به شَعرُ العانة.
ثم غَلبتْ على أخلاطٍ تُضاف إلى الكِلْس مِن زِرْنِيخ وغيرِه؛ لإزالة الشعر. يقال: تَنَوَّرَ: أي: اطَّلَى بالنُّورة، ونوَّرْته: طلَيْته بها، وقيل: هي عربية، وقيل: مُعرَّبة. انظر (لسان العرب 5/ 244)، و (المصباح المنير 2/ 630).
وقال أبو بكر الأَنْباري: " النُّورة: سُميتْ نُورة؛ لأنها تُنير الجسدَ وتُبيِّضُه، وهي مأخوذة من النُّور، وكذلك نَوْر النبات، سُمِّي نَورًا؛ لبياضه وحُسنِه"(الزاهر في معاني كلمات الناس 2/ 302).
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [طي 1715 "واللفظ له" / هق 709]
تخريج السياقة الثانية: [جه 3778 "واللفظ له" / مع (النُّكت الظِّراف 13/ 4)، (مصباح الزجاجة 4/ 122)]
تخريج السياقة الثالثة: [جه 3777 "واللفظ له" / طب (23/ 326 / 748) "والرواية والزيادة له"]
تخريج السياقة الرابعة: [حل (5/ 67) "واللفظ له" / جصاص (1/ 82) "والرواية الثانية له" / إبراهيم الحربي (إمتاع 7/ 83) / ابن قانِع (إمتاع 7/ 83) "والرواية الأولى له"]
تخريج السياقة الخامسة: [مسخ 838]
[السند]:
أخرجه أبو داودَ الطيالسيُّ في (مسنده 1715) قال: حدثنا كاملٌ أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلَمةَ، به.
وأخرجه أحمد بن مَنِيع في "مسنده"- كما في (مصباح الزجاجة 4/ 122) -: عن أبي أحمدَ الزُّبَيْري.
وأخرجه ابن ماجه (3778): من طريق إسحاق بن منصور.
وأخرجه إبراهيم الحَرْبي- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 83) -: عن عُبيد بن إسحاقَ.
وأخرجه إبراهيم الحَرْبي- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 83) -، وابن قانِع- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 83)، ومن طريقه الجَصَّاص في (أحكام القرآن 1/ 82) -، وأبو نُعَيم في (الحلية 5/ 67): من طريق عاصم بن عليٍّ.
وأخرجه الخرائطي في (مساوئ الأخلاق 838) قال: من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائِدَة،
كلُّهم: عن كامل
(1)
أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلَمة،
(1)
تصحَّف في مطبوع "مساوئ الأخلاق"، تبعًا لأصله (ق 74/ ب) إلى:"كهيل"، وهو تصحيف ظاهر، ومع هذا اعتبره السُّيوطي في (الحاوي 1/ 404) طريقًا آخرَ للحديث، فأبعدَ النُّجْعةَ، وقد رواه أحمد بن مَنِيع - على الصواب -:(عن ابن أبي زائدة، عن كامل)، كما سيأتي في التحقيق، ويؤكِّد ذلك أنه لا يُعرَف في تلاميذ حبيب، ولا في هذه الطبقة كلِّها مَن اسمه "كهيل"، والله أعلم.
به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع؛ فإن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من أمِّ سلَمةَ، قاله أبو زُرعة، كما في (المراسيل لابن أبي حاتم 47)، و (الجرح والتعديل 3/ 107). وقال عليُّ بن المَدِيني:"لَقِيَ ابنَ عباس، وسمِع من عائشةَ، ولم يسمعْ من غيرهما من الصحابة"(جامع التحصيل 117).
وبهذه العلةِ أعلَّه ابنُ مُفْلِح، في (الآداب الشرعية 3/ 53)، والبُوصِيري في (مصباح الزجاجة 4/ 122)، والألبانيُّ في (الضعيفة 9/ 194).
وأشار لذلك الحافظ في (النُّكَت الظِّراف 13/ 4)، حيث نقل قولَ ابنِ المَدِيني السابق.
ومما يؤكِّد انقطاعَه: أنه قد رواه بعضُهم عن كاملٍ عن حبيب، فصرَّح بوجود الواسطة؛
فأخرجه أحمدُ بن مَنِيع في (مسنده) - كما في (النكت الظِّراف 13/ 4)، (مصباح الزجاجة 4/ 122) -: عن يحيى بن زكريا بن أبي زائِدةَ،
وأخرجه (الطبراني 23/ 326) من طريق أبي غَسَّان مالك بن إسماعيل،
كلاهما: عن كاملٍ أبي العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن رجل (في رواية الطبراني: عن إنسان)، عن أم سلَمة، به.
وهذا ضعيف أيضًا؛ لإبهام الواسطة.
ولذا قال البُوصِيري: "وإسناده ضعيف أيضًا؛ لجهالة الرجل الذي لم يُسَمَّ"(الزوائد 4/ 122).
ثم إن كاملًا أبا العلاء مختلَفٌ فيه؛ فقد وثَّقه ابنُ مَعين، ويعقوب بن سفيان، والعِجْلي (1539)، وقال النَّسائي:"ليس به بأس". وقال في موضع آخَرَ: "ليس بالقوي". وقال ابن عَدِي: "رأيتُ في بعض رواياته أشياءَ أنكرْتُها، وأرجو أنه لا بأسَ به". وقال ابن سعد: "كان قليلَ الحديث، وليس بذاك". وقال ابن المُثَنَّى: "ما سمِعتُ ابن مَهْدي يحدِّث عنه شيئًا قط". وقال ابن حِبَّان: "كان ممن يَقلِب الأسانيدَ، ويَرفع المراسيلَ من حيث لا يدري، فبطَلَ الاحتجاجُ بأخباره". وقال الحاكم: "هو ممن يُجمع حديثُه". (تهذيب التهذيب 8/ 409)، ولخَّصه الحافظُ بقوله:"صدوق يخطئ"(التقريب 5604).
فمِثْله قد لا يُحتجُّ به إذا انفرد، فكيف إذا خُولِف؟ وهذه هي:
العلة الثانية: المخالفة؛ فقد رواه الثَّوْريُّ- كما عند عبد الرزاق في (المصنَّف 1127)، وأحمدَ في (العلل 5700)، وابنِ سعد في (الطبقات 1/ 380)، والبَيْهَقيِّ في (الكبرى 702) - عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِذَا اطَّلَى، وَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ)). هكذا مرسَلًا.
وكذا رواه أبو هاشمٍ الرُّمَّانيُّ- في الوجه الصحيحِ عنه- عن أبي مَعْشَرٍ
زياد بن كُلَيْب، عن حبيب، به، مرسَلًا. وسيأتي الكلامُ عليه قريبًا.
وبهذا أعلَّه البَيْهَقي؛ حيث قال عَقِبَ الحديثِ: "أسنده كاملٌ أبو العلاء، وأرسلَه مَن هو أوثقُ منه".
وقال ابن حَجر: "أخرجه ابن ماجه، والبَيْهَقيُّ، ورجاله ثقات، ولكنه أعلَّه بالإرسال، وأنكر أحمدُ صحتَه"(فتح الباري 10/ 344).
وقال أبو نُعَيم عَقِب الموصولِ: "غريبٌ من حديث حبيب، تفرَّد به كاملٌ"(الحلية 5/ 67 - 68).
قلنا: بل تُوبِع عليه كاملٌ، ولكنْ بما لا يُعتدُّ به؛ فقد أخرجه ابن ماجه (3777): حدثنا عليُّ بن محمد قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي هاشم الرُّمَّاني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلَمة، به.
وهذا إسناد رجالُه ثقاتٌ إلى أبي هاشم، وأبو هاشم:"ثقة من رجال الصحيح"، ولكن هذا الوجه غيرُ محفوظ عنه؛ فقد رواه ابن سعد في (الطبقات 1/ 380) قال: أخبرنا عارِم بن الفضْل، وموسى بنُ داودَ، قالا: أخبرنا حمَّاد بن زيد،
ورواه أحمد في (العلل 5701)
(1)
: من طريق أبَانَ العطَّارِ،
(1)
جاء في المطبوع من العلل: "قال أبو عبد الرحمن: وأخبرَنا أبانُ
…
"! كذا، وهذا خطأٌ، الصواب: "قال عبد الرحمن: وأخبرَنا أَبانُ
…
". وعبد الرحمن هو ابن مَهْدي، يروي عن أَبانَ، وهو تابِعٌ لسند الذي قبلَه. فلعل الناسخَ ظنَّه إسنادًا جديدًا من رواية عبد الله بن أحمدَ، وكُنيتُه أبو عبد الرحمن، فزاد لفظة (أبو)، فأخطأ، والله أعلم.
كلاهما (حماد بن زيد، وأبانُ): عن أبي هاشم، عن حبيب، مرسلًا.
وحماد بن زيد ثقة ثبْتٌ إمام، هو وحدَه يُرجح على حماد بن سلمة، فكيف وقد تُوبِع؟
ويحتمل أن يكون الوهَمُ من الراوي عن حماد، وهو عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيدٍ مولى بنى هاشم، وثَّقه جماعة، ولكن قال السَّاجي:"يَهِمُ في الحديث"، وحكى العُقَيلي، عن أحمدَ بن حنبل أنه قال:"كان كثيرَ الخطإِ". (تهذيب التهذيب 6/ 209). ولذا قال الحافظ: "صدوق ربما أخطأ"(التقريب 3918).
فلعله هو الذي أخطأ في وصْل هذا الحديثِ.
وقد قال الخَلَّال في "العلل": قال مُهَنَّا: سألتُ أبا عبد الله عن حديث كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن رجل، عن أم سلمة
…
الحديثَ؟ فقال: "ليس بصحيح؛ لأن قَتادةَ قال: ((مَا اطَّلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) "(الآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 53، و 322).
وروى البَيْهَقي في (السنن الكبرى 712) بسنده عن عبد الله بن المبارَك أنه قال: "ما أدري مَن أخبرني عن قَتادةَ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَنَوَّرْ))، قال عبد الله: "وهو أَشبَهُ الأمرين أن لا يكونَ"، وذكرَ الحديث الآخَرَ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلِيَ عَانَتَهُ))، فقال: "هذا ضعيف" ا. هـ. وسيأتي تخريجُ مرسَلِ قَتادةَ هذا في الباب التالي.
* ومع ما تقدَّم من علل، قال الحُسيني، عن سند كاملٍ أبي العلاء:"وهذا سندٌ لا بأسَ به"! ! ، وقال عن سند حماد بن سلَمةَ:"وهذا سند صحيحٌ، ورجاله ثقاتٌ"(الإلمام بآداب دخول الحمام ص 174).
وقال ابن كَثير: "إسناد جيد"! (آداب دخول الحمام ص 73)، وأقرَّه السُّيوطي في (الحاوي 1/ 404)، وابن حَجر الهيتميُّ في (الفتاوي الفقهية 1/ 65). وصرَّح بجَودة سندِه السُّيوطيُّ في (الدر المنثور 1/ 595)!
وكلُّ هذا تساهُلٌ، حتى بالنسبة للحُكم على ظاهر إسناده؛ فإن حبيبًا مدلِّسٌ وقد عنعن، كيف وقد جزمَ الأئمةُ بأنه لم يسمع من أم سلَمةَ؟ ! هذا فضلًا عن المخالفة، والكلامِ في كاملٍ.
والحديث له شواهدُ كثيرةٌ مرسَلة وموصولةٌ- كما سيأتي-، ولكنها لا تَصلُح للاعتبار؛ لأن أكثرَها مراسيلُ لصغار التابعين، وعامَّةُ هذه المراسيلِ مردُّها إلى مرسَلِ حبيب بن أبي ثابت، وأما الشواهد الموصولةُ فكلُّها واهيةٌ كما ستراه.
997 -
حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اطَّلَى (تَنَوَّرَ)[بِالنُّورَة] وَلِيَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[عب 1137 "واللفظ له" / سعد (1/ 380) "والزيادة له" / علحم 5700، 5701 / هق 710، 711 "والرواية له"]
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في (المصنَّف).
وأحمدُ في (العلل 5700): عن ابن مَهْدي.
وابن سعد في (الطبقات 1/ 380): عن محمد بن عبد الله الأَسَدي (الزُّبَيْري)، وقَبِيصَة.
أربعتُهم: عن سُفْيانَ الثَّوْري، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، به.
وأخرجه ابن سعد في (الطبقات 1/ 380)، وأحمدُ في (العلل 5701): من طريق أبي هاشم الرُّمَّاني، عن حبيب بن أبي ثابت، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أنه مرسَلٌ؛ فحبيب بن أبي ثابت من الوُسْطى من التابعين كما في (التقريب 1084).
وقد أشار إلى تضعيفه بذلك المَقْرِيزي فقال- عَقِبَ ذِكرِه مع غيره من
مراسيلِ الباب-: "هذه الآثار كلُّها مرسَلة"(إمتاع الأسماع 7/ 106)، ولذا توقَّف في نسبة ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال في ترجمة الباب:"ذِكْر اطِّلاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالنُّورة إنْ صحَّ"(إمتاع الأسماع 7/ 105).
وقال ابن كثير: "إسناد جيِّد"(آداب دخول الحمام ص 73)، وقال المُناوي:"إسناده صحيح"(التيسير 2/ 240)، وهما يَعْنِيانِ: إلى مُرسِله.
998 -
حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعيِّ، قَالَ:((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اطَّلَى [بِالنُّورَةِ] وَلِيَ عَانَتَهُ [وَفَرْجَهُ بِيَدِهِ])).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[ش 1198 "واللفظ له" / سعد (1/ 380) "والزيادتان له" / علحم 2236، 2237 / سط (1/ 122) / ص (حاوي 1/ 405) / مقط (4/ 2090)]
[السند]:
رواه ابن أبي شَيْبة في (المصنَّف) - وعنه عبدُ الله بن أحمدَ في (العلل 2237) - قال: حدثنا هُشَيمٌ وشَرِيك، عن لَيْثٍ أبي الْمَشْرَفي، عن أبي مَعْشَر، عن إبراهيمَ، به، مرسَلًا.
ورواه أحمد في (العلل 2236)، وسعيد بن منصور في (سننه) - كما في "الحاوي" للفتاوي-، وبَحْشَل في (تاريخ واسط) -، والدارَقُطْني في (المؤتلف): من طريق هُشَيمٍ- وحدَه- عن لَيْث، به.
ورواه ابن سعد في (الطبقات 1/ 380): عن موسى بن داود، عن شَريك- وحدَه- عن لَيْث، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: الإرسال، بل الإعضال؛ لأن إبراهيم- وهو ابن يَزيدَ النَّخَعي-
من صغار التابعين، ولم يسمع من أحد من الصحابة، فأقلُّ ما يكونُ بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنان.
ولذا قال الشيخ الألباني: "وعن إبراهيمَ؛ معضَلًا"(الضعيفة 4174).
الثانية: أنه قد رواه عن لَيْثٍ (هُشَيمٌ، وشَرِيك):
فأما شَريكٌ فسيِّئُ الحفظ، قال الحافظ:"صدوق يخطِئ كثيرًا"(التقريب 2787).
وأما هُشَيْم، فلم يَسمع من لَيْثٍ أبي المَشْرَفي شيئًا، كما قال أحمدُ في (العلل 2236)؛ فهو إذن منقطِع، ويحتمل أن يكون هُشَيمٌ قد أخذه من شَريك ودلَّسَه، وهو مشهور بالتدليس، فيعودَ الحديث إلى شَريك، وهو بمفرده علة؛ لأنه سيِّيءُ الحفظ كما سبق.
وقد اختُلِف فيه على شريك أيضًا:
فرواه ابن سعد في (الطبقات 1/ 380): عن الفَضْل بن دُكَين، عن شَريك، عن لَيْث أبي المَشْرَفي، عن إبراهيمَ، به. بإسقاط أبي مَعْشَر.
والفَضْل ثقة ثبْتٌ؛ فالظاهر أن الاضطراب فيه مِن شَرِيك.
وقد خُولِف شَريكٌ فيه:
فقد رواه بعضُ الثقات عن أبي مَعْشَر من حديثه مرسَلًا كما سيأتي.
وأبو مَعْشَر هو زياد بن كُلَيْب: ثقة من رجال مسلم. (التقريب 2096).
ولَيْثٌ أبو الْمَشْرَفي، قال فيه ابن مَعِين:"ليس به بأس"(الجرح والتعديل 7/ 180)، ولذا ذكره ابن قُطْلُوبُغا في (الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة 9219).
999 -
حَدِيثُ أَبِي مَعْشَرٍ:
◼ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ: ((أَنَّ رَجُلًا نَوَّرَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بَلَغَ الْعَانَةَ (مَرَاقَّهُ) كَفَّ الرَّجُلُ، وَنَوَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَلِي عَانَتَهُ بِيَدِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا؛ لإعضاله، وضعَّفه البَيْهَقي.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [مد 469 "واللفظ له" / هق 714 / إبراهيم الحربي (إمتاع 7/ 84) "والرواية له"]
تخريج السياق الثاني: [علحم 7500 "واللفظ له" / سعد (1/ 380)]
[السند]:
رواه أبو داودَ في (المراسيل) - ومن طريقه البَيْهَقي- قال: حدثنا أبو كاملٍ الفُضَيل بن الحُسْين الجَحْدَريُّ، حدثنا عبد الواحد، حدثنا صالح بن صالح، حدثنا أبو مَعْشَر، به.
ورواه إبراهيم الحَرْبي- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 84) -: من طريق عبد الواحد، به.
ورواه أحمد في (العلل 7500)، وابن سعد في (الطبقات 1/ 380): من طريق سُفْيانَ الثَّوْريِّ، عن صالح، عن أبي مَعْشَر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجالُه ثقات رجالُ الصحيح، لكنه معضَلٌ؛ فأبو مَعْشَر هو زياد بن
كُلَيْب، ذكره الحافظ في الطبقة السادسة (التقريب 2096)، وهي طبقة الذين عاصروا صغارَ التابعين، ولم يثبتْ لهم لقاءُ أحدٍ من الصحابة، كما قال الحافظ في (مقدمة التقريب ص 75).
فأقلُّ ما يكونُ بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم راويانِ، فأكثر.
ولذا قال البَيْهَقي: "منقطع"(السنن الكبرى عقب حديث 715)، وانظر ما سبق.
رِوَايَة: ((نَوَّرَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ))
• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَوَّرَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ، وَنَوَّرَ هُوَ عَوْرَتَهُ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا؛ لإعضاله.
[التخريج]:
[إبراهيم الحربي (إمتاع 7/ 84)]
[السند]:
قال إبراهيم الحَرْبي- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 84) -: حدثنا موسى، حدثنا أَبانُ، عن هشام، عن أبي مَعْشَر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أنه معضَلٌ.
ولكن هذا السند غريب، غيرُ محفوظ، نخشى أن يكون فيه سقطٌ أو تحريف، والله أعلم.
1000 -
حَدِيثُ مَنْصُورٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ مَنْصُورٍ، قَالَ:((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا اطَّلَى حَلَقَ عَانَتَهُ بِيَدِهِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا؛ لإعضاله، والصواب فيه: عن منصور، عن حبيب، كما تقدَّم.
[التخريج]:
[مسهر 9]
[السند]:
أخرجه عبد الرحمن بن القاسم الهاشميُّ في "نسخة أبي مُسْهِر" قال: حدثنا أبو مُسْهِرٍ عبدُ الأعلى بن مُسْهِر الغَسَّاني، حدثنا عيسى بن يونس، عن سُفيانَ، عن منصور، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجالُه ثقات لكنه مرسَلٌ، بل معضَل على التحقيق؛ فمنصورٌ هو ابن المُعْتَمِر، من صغار التابعين.
ولذا قال الألباني: "هذا معضل؛ رجاله ثقات"(الضعيفة 4174).
وهذا المرسل أو المعضل مَردُّه إلى مرسل حبيبٍ السابق؛ فإن المحفوظ عن الثَّوْري- من رواية الجماعة عنه- عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، مرسَلًا. كذا رواه ابن مَهْدي، وعبدُ الرزاق، وأبو أحمدَ الزُّبَيري، وغيرُهم، عن الثوري، به، كما تقدَّم.
[تنبيه]:
عزا هذا الحديثَ الشيخُ الألباني في (الضعيفة 4174) لابن سعد عن سفيانَ، عن منصور. وفيه نظرٌ؛ فإن ابن سعد إنما أخرجه من طريق سفيانَ، عن منصور، عن حبيب. والله أعلم.
1001 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: اطَّلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَطَلَاهُ رَجُلٌ، فَسَتَرَ عَوْرَتَهُ بِثَوْبٍ، وَطَلَى الرَّجُلُ سَائِرَ جَسَدِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((اُخْرُجْ عَنِّي))، ثُمَّ طَلَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَوْرَتَهُ بِيَدِهِ.
[الحكم]:
منكر.
[التخريج]:
[ابن قانِع (إمتاع 7/ 85) / جصاص (1/ 82 - 83)]
[السند]:
أخرجه عبد الباقي بن قانِع- كما في (إمتاع الأسماع 7/ 85)، ومن طريقه الجَصَّاص في (أحكام القرآن) والسياق له- قال: حدثنا (مُطَيَّن)
(1)
، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا مَعْنُ بن عيسى، عمَّن حدَّثَه، عن ابن أبي نَجِيح، عن مجاهِد، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: إبهام شيخِ مَعْنٍ الذي حدَّثه عن ابن أبي نَجيح.
الثانية: عبد الباقي بن قانِع، أحدُ الحفَّاظ، وثَّقه مشايخُ بغدادَ؛ ولكنه- كما قال الدارَقُطْني- "كان يحفظ ولكنه يُخطِئ ويُصِرُّ"، وقد ضعَّفه البَرْقاني، وقال ابن عَبْدانَ:"لا يدخل في الصحيح"، وكان قد أصابه شيءٌ
(1)
في مطبوع "أحكام القرآن": "مطير"، وهو خطأ، والصواب:"مُطَيَّن"؛ فهو المعروف في شيوخ ابن قانِع.
من الاختلاط في آخر عمرِه، وسمِع منه قومٌ في اختلاطه، فكثُرَت المناكيرُ في أحاديثه، انظر (اللسان 5/ 50، 51).
وعلى هذا؛ فتفرُّده بهذا الحديثِ إسنادًا ومتنًا يُعدُّ من مناكيره، والله أعلم.
1002 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كُنْتُ أَطْلِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَطْلِي نَفْسَهُ، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ مِنْهُ - يَعْنِي: الْفَرْجَ-، وَلِيَهُ بِنَفْسِهِ)).
[الحكم]:
إسناده تالفٌ بمَرَّة.
[التخريج]:
[أصبهان (2/ 314)]
[السند]:
أخرجه أبو نُعَيم في (تاريخ أصبهان)، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن يوسف، ثنا محمد بن عُمر بن حَفْص، ثنا الهيثم بن محمدٍ الأصبهانيُّ بفارسَ، ثنا سهْلُ بن سُقَيْر، ثنا إسماعيل بن يحيى، عن المَسْعُودي، ومحمد بن مسلم الطائفي، عن ابن أبي مُلَيكةَ، عن عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالفٌ بمَرَّة؛ فيه آفتان:
الأولى: إسماعيل بن يحيى بن عُبيد الله أبو يحيى التَّيْمي؛ قال صالح بن محمدٍ الحافظُ: "كان يَضَع الحديثَ"، وقال الدارَقُطْني والحاكمُ وغيرُهما:"كذاب"، وقال الدارَقُطْني أيضًا:"كان يكذب على مالك والثوريِّ وغيرِهما"، وقال ابن عَدِي:"عامَّةُ ما يرويه بَواطيلُ"، وقال الحاكم أيضًا:"روى عن مالكٍ ومِسْعَرٍ وابنِ أبي ذِئْبٍ أحاديثَ موضوعةً"، انظر (اللسان 1259).
الثانية: سهْل بن سُقَير أبو الحسن الخِلاطي، وقيل: ابن صُقَير- بالصاد-،
وقيل: سُعَير- بالسين والعين-، قال عنه ابن عَدِي - بعد أن ذكر له بعضَ المناكير-:"ولسَهْل بن صُقَيرٍ غيرُ ما ذكرتُ مما يقع فيه الإنكارُ، وسهْلٌ ليس بالمشهور، وأرجو أنه لا يتعمَّدُ الكذبَ، وإنما يغلَطُ أو يَشتبِه عليه الشيءُ فيرويه"(الكامل 6/ 33). وقال عنه الخطيبُ: "كان كذابًا يضع الحديث"(تلخيص المتشابه 1/ 563). وانظر (الميزان 3581)، و (تهذيب التهذيب 4/ 254). وقال الحافظ:"منكر الحديث، اتَّهمه الخطيب بالوضع"(التقريب 2662).
وفيه الهيثم بن محمد الأصبهاني، ترجم له أبو الشيخ في (طبقات المحدِّثين 343)، وأبو نُعَيم في (تاريخ أصبهان 1830) وذكر له هذا الحديثَ، ولم يذكُرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وأما محمد بن عُمر بن حفص فهو أبو جعفرٍ الجُورْجِيريُّ، قال أبو سعد السَّمْعاني:"كان أحدَ الثقات المُعَدَّلين، صاحب أصول"(الأنساب 3/ 356)، وانظر (سير أعلام النبلاء 15/ 271).
1003 -
حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ:
◼ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيِّ، قَالَ: كَانَ ثَوْبَانُ [مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم] جَارًا لَنَا، وَكَانَ يَدْخُلُ الحَمَّامَ، فَقُلْتُ لَهُ:[وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَدْخُلُ الْحَمَّامَ؟ ! ] فَقَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْحَمَّامَ، وَيَتَنَوَّرُ)).
[الحكم]:
إسناده واهٍ جدًّا، ومتْنُه منكَر. وضعَّفه البَيْهَقي، والذهبي، وابنُ ناصر الدين، والسُّيوطيُّ، والمُناوي، والزُّرْقاني، والألباني.
[التخريج]:
[فة (2/ 433) / مسخ 837 "والزيادتان له" / هق 713 "واللفظ له" / كر (11/ 175) / ناصر (آثار 5/ 504 - 505)]
[السند]:
قال الخرائِطي في (مساوئ الأخلاق): حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاقَ بن صالحٍ الوَزَّانُ، ثنا سُلَيْمان بن سلمة الخَبائِري، ثنا سُلَيْمان بن ناشِرة، قال: سمعت محمد بن زياد، به.
ورواه يعقوب بن سفيانَ الفَسَويُّ في (المعرفة والتاريخ) - ومن طريقه البَيْهَقيُّ في (الكبرى)، وابن عساكرَ في (تاريخه) -: عن سُلَيْمان بن سلَمةَ الحِمْصي، حدثنا سُلَيْمان بن ناشرة الأَلْهاني، قال: سمِعت محمد
(1)
بن زيادٍ الأَلْهاني يقول
…
فذكره
(2)
.
(1)
وقع في مطبوع "المعرفة والتاريخ" للفَسَوي "عُمَيْر"، والصواب المثبت كما في باقي المصادر، وقد رواه البَيْهَقي من طريق يعقوب بن سفيانَ على الصواب، وكذا عزاه له غيرُ واحد.
(2)
وقع في "تاريخ دمشق" لابن عساكر زيادةٌ في سنده بين السُلَيْمانيْنِ: [ثنا بَقيَّةُ]، وكذا عزاه السُّيوطي ليعقوبَ بن سفيان في (الحاوي 1/ 404). والذي يبدو لنا أنه وهَمٌ من ابن عساكرَ تابعه عليه السُّيوطيُّ، وسببه - والله أعلم - أن الفَسَوي روى حديثين قال في أول كلٍّ منهما:"حدثني سُلَيْمان بن سلَمة الحِمْصي، حدثنا بقيَّةُ"، ثم قال: "وقال: حدثنا بَقيَّةُ قال حدثني أبو خالد السَّكُوني بَحِير بن سعيد وهو من ثقات رجالِ حِمْص. وقال: حدثنا مَنِيع بن السَّري
…
" فذكر حديثًا، ثم قال: "وقال: حدثنا المُؤَمَّل بن عُمر أبو قَعْنب العُتْبي
…
" فذكر حديثًا، ثم قال: "وقال: حدثنا سُلَيْمان بن ناشرة الأَلْهاني قال: سمِعت (محمد) بن زياد الأَلْهاني يقول: كان ثوبانُ جارًا لنا" فذكر الحديث.
فلعل ابنَ عساكرَ رحمه الله حمَلَ قولَه: ((وقال: حدثنا سُلَيْمان بن ناشرة
…
)) على أن القائل هو بَقيَّةُ بن الوليد. والصواب أن القائل سُلَيمانُ بن سلَمةَ الحِمْصي؛ فهو الذي روَى عن بَقيةَ، ثم عن مَنِيع بن السَّري، ثم عن المُؤَمَّل بن عُمر، ثم عن سُلَيْمان بن ناشرة. ويضاف إلى هذا أن بقيةَ بن الوليد ليست له روايةٌ عن هؤلاء الأربعة.
وقد رواه البَيْهَقي من طريق يعقوب بن سفيانَ على الصواب، ويدلُّ على ذلك أيضًا رواية الخرائطي. والله أعلم.
ورواه ابن ناصر الدِّين في (جامع الآثار)، من طريق الحسن بن عليِّ بن شَبيب، عن سُلَيْمان بن سلَمةَ به.
فمدارُ الحديثِ عندهم: على سُلَيمان بن سلَمةَ الخَبائِري، عن سُلَيمان بن ناشرة، عن محمد بن زياد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد واهٍ بمَرَّة؛ فيه علتان:
الأولى: سُلَيْمان بن سلمةَ الخَبائِري: متروكُ الحديثِ، ورُمي بالكذب؛ قال ابن أبي حاتم: سمِع منه أَبي ولم يحدِّث عنه، وسألتُه عنه فقال:"متروك الحديث، لا يُشتغل به"، فذكرتُ ذلك لابن الجُنَيد، فقال: "صدق، كان
يكذب، ولا أُحدِّث عنه بعد هذا" (الجرح والتعديل 4/ 122)، وقال النَّسائي: "ليس بشيء" (الضعفاء والمتروكين 253). وانظر (اللسان 3622).
وبه أعلَّه الذهبي في (المهذب 1/ 155)، فقال:"سُلَيمان بن سلَمةَ الخَبائِري تركه أبو حاتم".
وقال ابن ناصر الدِّين: "هذا حديث غيرُ صحيح، والخَبائِري كذاب"(جامع الآثار في السير 5/ 504).
وقال الألباني: "هذا سندٌ واهٍ بمَرَّة، سُلَيمان بن سلَمة هو الخَبائِري، وهو متَّهَم بالكذب"(الضعيفة 1801).
العلة الثانية: سُلَيمان بن ناشِرة الأَلْهاني؛ تَرجم له البخاري في (التاريخ الكبير 4/ 40)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 147)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 6/ 381) وقال:"يُعتبَر حديثُه من غير رواية سُلَيمانَ بنِ سلَمةَ عنه".
وقد أشار إلى إعلاله بهذه العلةِ البَيْهَقيُّ، فقال:"ليس بالمعروفِ بعضُ رجالِه"(السنن الكبرى 1/ 152).
وقال الزُّرْقاني: "إسناده ضعيف جدًّا"(شرح المواهب اللدنية 5/ 514).
ثم إن الحديث يحمِل نكارةً في متْنِه؛ وهي: دخولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحمَّامَ، وهذا لم يصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي بيانُه مفصَّلًا في "فصل الحَمَّام".
وقد قال إمام الأئمةِ محمدُ بن إسحاقَ بنِ خُزَيمة: "لم يثبُتْ عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حمَّامًا قط"(جامع الآثار لابن ناصر الدين 5/ 504).
وقال ابن القيِّم: "لم يَدخلْ صلى الله عليه وسلم حمَّامًا قطُّ، ولعله ما رآه بعينه" (زاد المعاد
1/ 168).
والحديث ذكره السُّيوطي في (الجامع الصغير 7019)، وعزاه لابن عساكرَ، ورمز لضعفه، إلا أنه وهِمَ فجعله من حديث واثِلَةَ بدلًا من ثَوْبانَ! وتبِعَه على ذلك المُتَّقي الهندي في (كَنز العمال 18317)، والمُناوي في (فيض القدير 5/ 212)، وقال:"سند ضعيف جدًّا، بل واهٍ بالمَرَّة". وبنحوه في (التيسير 2/ 274).
1004 -
حَدِيثُ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ:
◼ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، قَالَ:((لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، جُعِلَتْ له مَأْدُبَةٌ، فَأَكَلَ مُتَّكِئًا، وَاطَّلَى [بِالنُّورَةِ]، فَأَصَابَتْهُ الشَّمْسُ، فَلَبِسَ الظُّلَّةَ (البُرْطُلَةَ))).
[الحكم]:
باطل، قاله أبو حاتم الرازي، وضعَّفه ابنُ المُلَقِّن، وقال الألباني: موضوع.
[اللغة]:
البُرْطُلَة: المِظلَّة الصيفيَّة، نبَطيَّة، وقد استُعملتْ في لفظ العربية. والبُرْطُل - بالضم-: قَلَنْسُوة. (لسان العرب 11/ 51).
[التخريج]:
[طب (22/ 62/ 149) "واللفظ له" / طش 3398 / علحا 2378 "معلقًا والزيادة والرواية له" / كر (45/ 78)].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) وفي (مسند الشاميين)، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق، ثنا داود بن رُشَيد، (ح) وحدثنا أحمد بن النَّضْر العسكري، ثنا أبو تَقِيٍّ، قالا: ثنا بَقِيَّةُ بن الوليد، عن عُمر الدِّمَشْقي، عن مَكْحول، عن واثِلَة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ساقط؛ عُمر الدمشقي هو عُمر بن موسى الوَجِيهي، كذَّبه ابنُ مَعين، وقال مرة:"ليس بثقة"، وقال البخاري:"منكر الحديث"، وقال
النَّسائي والدارَقُطْني وغيرُهما: "متروك"، ورماه أبو حاتم وابنُ عَدِي بوضع الحديث، انظر (اللسان 5698).
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديثٍ رواه بَقِيَّة، عن عُمر الدِّمَشقي
…
" فذكر هذا الحديثَ، فقال أبو حاتم: "هو عُمر بن موسى الوَجِيهي، وهذا حديث باطلٌ" (العلل 2378).
وقال ابن المُلَقِّن: "ضعيف جدًّا"، ونقل كلامَ أبي حاتم وأقرَّه (البدر المنير 7/ 445).
وقال الهيثمي: "رواه الطبراني من رواية بَقِيَّة، عن عَمرو الشامي، وبَقِيَّةُ ثقةٌ، ولكنه مدلِّس، وعَمرو لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات"(المجمع 7917).
كذا قال، وقد تحرَّف عليه الاسمُ؛ فلم يَعرفْه.
وقال الألباني: "موضوع"، وأعلَّه بعُمرَ، وعنعنةِ بَقِيَّةَ (الضعيفة 6201).
هذا، وقد رواه ابن عساكر في (تاريخه) من طريق أبي القاسم اليافوني، عن أحمدَ بن عبد الرحمن العَسْقلاني، نا موسى بن أيوبَ، نا بَقِيَّة، عن عُمر بن سُلَيمان الدمشقي، به.
فسمَّاه عُمرَ بن سُلَيمان، وليس عُمرَ بنَ موسى، وهكذا ترجم له ابنُ عساكر، فقال:"عُمر بن سُلَيمان من أهل دمشق، من أصحاب مَكْحول. روَى عن مَكْحولٍ وشَهْرِ بن حَوْشَب، وسعد بن سِنَان. روى عنه بَقِيَّةُ، وعَبَّاد بن كَثير، ومَيْسَرة بن عبد الله"(تاريخ مدينة دمشق 45/ 78). وتبِعَه الذهبي في (تاريخ الإسلام 3/ 712)، ولم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وأحمد بن عبد الرحمن العَسْقَلاني؛ قال ابن عساكر: "كذا فيه، وهو أحمد بن أبي عبد الرحمن، سمَّاه اليافونيُّ كذلك في غير موضع" (تاريخ
دمشق 45/ 78).
قلنا: ولم نجد له ترجمةً، فلعلَّه هو الواهمُ في نسَب الوَجِيهي، فتَبِعَه ابنُ عساكرَ وترجمَ له، والله أعلم.
ثم إن متْن الحديث منكَرٌ؛ ففي صحيح البخاري (5398) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَا آكُلُ مُتَّكِئًا)). وفي رواية عند البخاريِّ أيضًا (5399): ((لَا آكُلُ وَأَنَا مُتَّكِئٌ)).
ولذا قال الألباني: "ومِن نكارة الحديثِ أنه مخالِفٌ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي لَا آكُلُ مُتَّكِئًا))، رواه البخاري. بل ثبَتَ عنه النهيُ عن الأكل متكِئًا"(الضعيفة 13/ 436).
1005 -
حَدِيثُ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ:((لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، أَكَلَ مُتَّكِئًا، وَتَنَوَّرَ)).
[الحكم]:
مرسل ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[ص (حاوي 1/ 405)].
[السند]:
قال سعيد بن منصور في (سننه) - كما في "الحاوي" للسُّيوطي-: حدثنا الصُّغْدي بن سِنَان العُقَيلي، عن محمد بن الزُّبَير الحَنْظلي، عن مَكْحول، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه- مع إرساله- علتان:
الأولى: محمد بن الزُّبير الحَنْظلي؛ وهو "متروك"، كما في (التقريب 5885).
الثاني: صُغْدي بن سِنَان البصري، قال فيه أبو حاتم:"ضعيف الحديث". وروى عباسٌ، عن ابن مَعين:"ليس بشيء"، وذكرَ له ابن عَدِي حديثًا من روايته عن جعفر بن الزبير، قال:"يتبيَّنُ على حديث صُغْدي الضعفُ". وقال السَّاجي: "ضعيف". وقال الدارَقُطْني: "متروك". وذكره العُقَيلي، وابنُ الجارود، وابن شاهين في "الضعفاء". انظر (لسان الميزان 3928).
وقال السُّيوطي: "هذا الحديثُ فات ابنَ كثير فلم يذكرْه، وهو مرسل"(الحاوي للفتاوي 1/ 405).
1006 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اطَّلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنُّورَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ:((يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْكُمْ بِالنُّورَةِ؛ فَإِنَّهَا طَيِّبَةٌ وَطُهُورٌ، وَإِنَّ اللهَ يُذْهِبُ بِهَا عَنْكُمْ أَوْسَاخَكُمْ وَأَشْقَاءَكُمْ)).
[الحكم]:
باطل موضوع، وهو ظاهر صَنيعِ ابنِ عَدِي، وابن طاهر المَقْدسي.
[التخريج]:
[عد (4/ 16)]
[السند]:
قال ابن عَدِي: حدثنا عبد الله بن خالد بن يَزيدَ المؤذِّنُ- وكان صالحًا-، حدثنا عمَّار بن رَجاءٍ، حدثنا الحُسين بن عَلْوان، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالِفٌ؛ فيه الحُسين بن عَلْوان الكَلْبي؛ كذَّبه ابنُ مَعِين وغيرُه، ورماه صالح جَزَرة وابنُ حِبَّان وغيرُهما بوضع الحديث، انظر (لسان الميزان: 3/ 190 - 191).
وقال ابن عَدِي- بعد أن ذكر للحسين هذا الحديثَ وغيرَه-: "وللحسين بن عَلْوان أحاديثُ كثيرة، وعامَّتُها موضوعة، وهو في عِداد مَن يضَع الحديث"(الكامل 4/ 19).
وقال ابن طاهر المقدسي: "رواه حسين بن عَلْوان
…
وحسينٌ كذاب" (ذخيرة الحفاظ 1/ 413).
[تنبيه]:
ذكر السُّيوطي في (الحاوي 1/ 403)، وتبِعَه أبو الفرج الحَلَبي في (السيرة الحلبية 2/ 754)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 167)، أن هذا الحديثَ أخرجه الإمام أحمدُ، وهذا خطأٌ مَحْض؛ فلم يخرِّج أحمدُ هذا الحديثَ الباطل، وحاشاه من ذلك. ولعله أراد (أبو أحمدَ) يعني: ابنَ عَدِي، فسقطتْ لفظةُ (أبو)، والله أعلم.
* * *