الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
1081 -
حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ:
◼ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
ضعيف مضطرب. وضعَّفه البَيْهَقي، وابنُ عبد البر- وأقرَّه عبد الحق الإشْبيلي والعراقي-، وابن القَطَّان، وابنُ كَثير، وابن عبد الهادي، وابن المُلَقِّن، والبُوصِيري، وابن حَجَر، وبدر الدين العَيْني، والمُناوي، والشوكاني، والعظيم آبادي، والألباني.
[التخريج]:
[ش 26998 "واللفظ له" / مش (خيرة 481) / شد 186 / عل (خيرة 481/ 2) / عيال 576 / طب (7/ 273 - 274/ 7112، 7113) / خلا (ترجل 200) / مخلص 2807 / كر (22/ 156)]
[السند]:
أخرجه ابن أبي شَيْبة في (المصنَّف، والأدب، والمسند) - وعنه أبو يَعلَى- قال: حدثنا عَبَّاد بن العَوَّام، عن حَجَّاج، عن رجل، عن أبي المَلِيح، عن شَدَّاد بن أَوْس، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا، مسلسَل بالعِلل:
الأولى: إبهام الراوي عن أبي المَلِيح.
وأعلَّه بهذه العلةِ ابنُ كثير في (جامع المسانيد 4/ 210) فقال: "فيه ضعْفٌ، ومبهَم
(1)
".
وبعضُهم يُطلِق على المبهَم منقطعًا، ولعل هذا ما أراده ابنُ القَطَّان بقوله:"منقطع الإسناد"(أحكام النظر ص 179).
والثانية والثالثة والرابعة: ضعْفُ الحَجَّاج بن أَرْطَاة، وعنعنتُه، واضطرابُه؛ فقد قال فيه الحافظ:"صدوق، كثير الخطإِ والتدليسِ"(التقريب 1119)، وقد عنعن، واضطرب فيه على عدة أوجُهٍ:
الوجه الأول: عن حَجَّاج، عن رجل، عن أبي المَلِيح، عن شَدَّاد، به، وقد تقدَّم.
الوجه الثاني: عن حَجَّاج، عن أبي المَلِيح، عن شَدَّاد، به. (بإسقاط الرجل المبهَم).
أخرجه الخَلَّال في (الترجُّل 200): عن حرْبٍ الكرماني.
وأخرجه أبو طاهر المُخَلِّص في (المخلصيات 2807): عن يحيى بن صاعد، عن عليِّ بن المنذر.
وأخرجه ابن عساكر في (تاريخه 22/ 156): من طريق عليِّ بن حرْب.
ثلاثتُهم: عن محمد بن فُضَيل، عن حَجَّاج بن أَرْطَاة، به.
(1)
تصحفت في المطبوع إلى: "متهم".
الوجه الثالث: عن حَجَّاج، عن أبي المَلِيح، عن أبيه، عن شدَّاد، به. (هكذا بإسقاط الرجل، وزيادةِ أسامةَ والدِ أبي المَلِيح).
أخرجه ابن أبي الدنيا في (العيال 576)، والطبراني في (الكبير 7113): من طريق حفْص بن غِيَاث.
وأخرجه الطبراني في (الكبير 7112): من طريق محمد بن فُضَيل.
كلاهما عن حَجَّاج، به.
الوجه الرابع: عن حَجَّاج، عن أبي المَلِيح، عن أبيه، مرفوعًا.
أخرجه أحمد (المسند 20719) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق 1871) -: عن سُرَيج، عن عَبَّاد بن العَوَّام.
وأخرجه البَيْهَقي في (الكبرى 17630): من طريق حفْص بن غِيَاث.
كلاهما: عن حَجَّاج به. وسيأتي قريبًا.
الوجه الخامس: عن الحَجَّاج، عن مَكْحُول، عن أبي أيوبَ، مرفوعًا.
أخرجه البَيْهَقي في (الكبرى 17631)، من طريق عبد الواحد بن زياد، ثنا الحَجَّاج، به. وسيأتي قريبًا أيضًا.
فهذه خمسةُ أوجُهٍ رُواتُها كلُّها ثقات؛ مما يدل على أن الاضطراب فيها من حَجَّاج نفْسِه، والله أعلم.
وأعلَّه بالحجاج: البَيْهَقيُّ في (الكبرى)، وقال في (المعرفة 13/ 63):"ورواه الحَجَّاج بن أَرْطاة من وجهين آخَرَين مرفوعًا، ولا يثبُت".
وقال ابن عبد البر: "يدور على حَجَّاج بن أَرْطاة، وليس ممن يُحتج بما انفرد به"(التمهيد 21/ 59). وأقرَّه عبد الحق الإشْبيلي في (الأحكام الوسطى
4/ 144)، والعراقيُّ في (طرح التثريب 2/ 75).
وكذا ضعَّفه بالحَجَّاج: ابنُ كثير في (جامع المسانيد والسنن 4/ 184، 4/ 210).
وذكره ابن عبد الهادي في (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة ص 54).
وقال ابن المُلَقِّن: "هذا الحديث ضعيفٌ بمَرَّة"(البدر المنير 8/ 743)، وكذا ضعَّفه في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 29/ 160).
وقال البُوصِيري- بعد أن ذكر بعضَ الأوجه السابقة-: "وهذه الطرق مدارُها على الحَجَّاج بن أَرْطاة، وهو ضعيف"(إتحاف الخيرة 1/ 293).
وقال الحافظ: "لا يثبُت؛ لأنه من رواية حَجَّاج بن أَرْطاة، ولا يُحتج به"(الفتح 10/ 341).
وقال أيضًا: "والحَجَّاج مدلِّس، وقد اضطرب فيه"(التلخيص الحبير 4/ 153). وأقرَّه الشوكاني في (نيل الأوطار 1/ 146)، والعظيم آبادي في (عون المعبود 14/ 124). وقال الشوكاني في (السيل الجرار ص 724):"في إسناده مَن لا يقوم به الحُجَّةُ، مع كونه مضطربًا اضطرابًا شديدًا".
وضعَّفه أيضًا بدرُ الدين العَيْني في (عمدة القاري 22/ 272)، والألباني في (الضعيفة 1935) وقال- بعد أن ذكر بعضَ الأوجه السابقة-:"وبالجملة، فالحديث من طريق الحَجَّاج ضعيفٌ؛ لعنعنته واضطرابِه في إسناده".
ومع هذا رمز لحُسْنه السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 4129)! .
وتعقَّبه المُناوي، فقال:"وإسناده ضعيفٌ خلافًا لقول المؤلف: حسَنٌ"(التيسير 1/ 535).
* * *
1082 -
حَدِيثُ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ:
◼ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
ضعيف مضطرب. وضعَّفه: البَيْهَقي، وابن الجوزي، وابن القيِّم، وابن المُلَقِّن، والعِراقي، وابنُ حَجَر، والألباني.
[التخريج]:
[حم 20719 "واللفظ له" / هق 17630 / تحقيق 1871]
[السند]:
أخرجه أحمد في (المسند) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق) - قال: حدثنا سُرَيج، حدثنا عَبَّاد - يعني: ابنَ العَوَّام-، عن الحَجَّاج، عن أبي المَلِيح بن أسامة، عن أبيه، به.
وأخرجه البَيْهَقي في (الكبرى): من طريق حفْص بن غِيَاث، عن الحَجَّاج، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه من العلل ما في الحديث السابق، وهي: ضعْفُ الحَجَّاج وعنعنتُه، والاضطرابُ، وهذا أحدُ أوجهِ الاضطراب المذكورة آنفًا.
ولذا قال البَيْهَقي بإِثْره: "الحَجَّاج بن أَرْطَاة لا يُحتج به"(الكبرى)، وانظر (مختصر الخلافيات 5/ 35). وتبِعه ابنُ القيم في (تحفة المودود ص 175 - 176).
وقال ابن الجوزي بإِثْره: "الحَجَّاج ضعيف".
وقال ابن المُلَقِّن: "هذا الحديث ضعيفٌ بمَرَّة، وهو مَرْويُّ من طرق"، ثم ذكر هذا الطريقَ وقال:"وضعْفُه لائِحٌ؛ بسبب الحَجَّاج هذا"(البدر المنير 8/ 743). وكذا ضعَّفه في (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 29/ 160).
وقال العراقي: "أخرجه أحمد والبَيْهَقي من رواية أبي المَلِيح بن أسامة، عن أبيه، بإسناد ضعيف"(تخريج الإحياء 1/ 91).
وضعَّفه الألباني في (الضعيفة 1935).
ومع هذا قال عليٌّ القاري: "رواه أحمد بسند حسَنٍ عن والد أبي المَلِيح"!! (مرقاة المفاتيح 7/ 2814).
* * *
1083 -
حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ:
◼ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، ومَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
ضعيف مضطرب، وضعَّفه البَيْهَقي، وابنُ القيِّم، وابن المُلَقِّن، والألباني.
[التخريج]:
[حرب (طهارة 417) "واللفظ له" / هق 17631 / عساكر (اختتان 26)]
[السند]:
أخرجه حرْبٌ الكرماني في (مسائله)، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا عبد الواحِد، قال: ثنا الحَجَّاج، عن مَكحُول، عن أبي أيوبَ، به.
وأخرجه البَيْهَقي- ومن طريقه ابن عساكر في (الاختتان) -: من طريق يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا عبد الواحد بن زياد، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه من العلل ما في الحديث السابق، وهي: ضعْفُ الحَجَّاج وعنعنتُه، واضطرابُه فيه، وهذا أحد أوجه الاضطراب المذكورة آنفًا. وقد تقدَّم الكلامُ على هذه العلل.
وفي هذا السند علةٌ أخرى، وهي: الانقطاع بين مَكْحُول وأبي أيوب؛ فقد قال البَيْهَقي: "وقيل: عن الحَجَّاج، عن مكحول، عن أبي أيوبَ، وهو منقطع"(الكبرى عقب حديث 17630).
وذلك لأن مَكْحُولًا الشاميَّ لم يسمع من أبي أيوب؛ قال أبو حاتم: سألت أبا مُسْهِر: هل سمِع مكحولٌ من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما صح عندي إلا أنس بن مالك" (جامع التحصيل 796).
وقال ابن عساكر- عَقِب الحديث-: "هذا حديث ضعيف؛ الحَجَّاج لا يُحتج به، ومَكْحُول لم يدرِكْ أبا أيوبَ ولم يَرَهُ"(الاختتان ص 44).
وقال ابن عبد الهادي: "ورواه عبد الواحد بن زياد، عن الحَجَّاج، عن مَكْحُول، عن أبي أيوبَ مرفوعًا، وهو منقطع"(تنقيح التحقيق 4/ 581).
وقال ابن المُلَقِّن: "وهو ضعيف منقطعٌ كما قاله البَيْهَقي"(البدر المنير 8/ 744).
وكذا ضعَّفه ابن القيم في (تحفة المودود ص 175 - 176).
* وفيه علةٌ أخرى أشار إليها أبو حاتم الرازيُّ، فقال: "الذي أتوهَّم: أن حديث مَكْحُول خطأٌ؛ وإنما أراد - يعني: عبدَ الواحد بن زياد- حديثَ حَجَّاج ما قد رواه مَكْحول، عن أبي الشِّمَال، عن أبي أيوبَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خَمْسٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ: التَّعَطُّرُ، وَالْحِنَّاءُ، وَالسِّوَاكُ
…
)) فتَرَك أبا الشِّمَال، فلا أدري هذا من الحَجَّاج أو من عبد الواحد. وقد رواه النُّعْمان بن المُنْذِر، عن مَكْحُول، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الْخِتَانُ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)) " (علل الحديث 2231).
قلنا: وإلصاقُها بالحَجَّاج أَوْلى؛ فإن عبد الواحد بن زياد ثقةٌ، وأما الحَجَّاج فضعيفٌ مضطرب، وقد اضطرب أيضًا في الحديث المذكور ألوانًا، كما تقدَّم بيانُه في باب:"خصال الفطرة". والله أعلم.
* * *
1084 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْخِتَانُ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا. وضعَّفه البَيْهَقي- وأقرَّه ابنُ عبد الهادي-، وابن القيِّم، والألباني.
[التخريج]:
[طب (11/ 233/ 11590) "واللفظ له" / طش 146 / هق 17628]
[السند]:
قال الطبراني في (كتابيه): حدثنا عَبْدانُ بن أحمد، ثنا أيوب بن محمد الوَزَّانُ، ثنا الوليد بن الوليد، ثنا ابن ثَوْبان، عن محمد بن عَجْلان، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، به.
ورواه البَيْهَقي: من طريق أبي محمد بن حَيَّان، عن عَبْدانَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ الوليد بن الوليد، وهو العَنْسي القَلَانسي الدمشقي؛ قال الذهبي:"قال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارَقُطْني وغيرُه: "متروك، وروَى له نصرٌ المقدسي في أربعينه حديثًا منكرًا، وقال: تركوه، وقال صالح جَزَرة:"قَدَري"(الميزان 4/ 350).
قال الحافظ عَقِب كلامِ الذهبي السابق: "وذكره ابن حِبَّان في الثقات، فقال: يروي عن الأوزاعي مسائلَ مستقيمةً، وعنه الذُّهْلِي. ثم غفل ابن حِبَّان فذكره في الضعفاء، فقال: روَى عن ابن ثَوْبان نسخةً أكثرُها مقلوب. وأورد له عن الأوزاعي، عن الزُّهْري، عن عُرْوة، عن عائشة، خبرًا قال فيه: لا أصل له
من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: هو الوليد بن الوليد الدمشقي الذي تقدَّم، وهو الوليد بن موسى، وموسى أظنُّه جدَّه، فهذا رجل واحدٌ جعله ثلاثة! .
لكن فرَّق أبو نُعَيم الأصبهانيُّ
(1)
بين الوليد بن موسى الدمشقي فقال: روَى عن الأوزاعي خبرًا منكرًا. وقال في الوليد بن الوليد العَنْسي: روَى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثابت موضوعاتٍ" (اللسان 8/ 394).
ولذا قال المُعَلِّمي اليماني: "نعم، ذَكر في اللسان أنهما واحد، لكنه رجع فذكر أن أبا نُعَيم فرَّق بينهما، وهو الظاهر"(تحقيقه لموضوعات الشوكاني ص 486).
قلنا: وهو كما قال، وكذا فرَّق بينهما ابنُ حِبَّان في (المجروحين 2/ 423 - 424)، وابنُ عساكر في (تاريخ دمشق 63/ 298، 305)، ورجَّحه أبو غدة في تعليقه على (اللسان)، وهذا هو الأقرب إلى الصواب.
والوليد بن موسى هذا قال عنه الذهبي: " قال الدارَقُطْني: منكر الحديث، وقوَّاه أبو حاتم، وقال غيره: متروك. ووهَّاه العُقَيلي وابنُ حِبَّان، وله حديثٌ موضوع"(الميزان 4/ 349).
فعلَّق الحافظ قائلًا: "ولفظ أبي حاتم: صدوق الحديث، ليِّنٌ، حديثه صحيح، وقال الحاكم: روَى عن عبد الرحمن بن ثابت عن ثوبانَ، أحاديثُه موضوعة، وبين الكلامين تباينٌ عظيم"(اللسان 8/ 392).
قلنا: ولفظ أبي حاتم هذا غيرُ موافق لما في الجرح والتعديل، والذي فيه لفْظُه هكذا:"صدوق، ما بحديثه بأسٌ، حديثه صحيح"(الجرح 9/ 19).
(1)
انظر الضعفاء له (261، 262).
وبهذا يستقيم الكلامُ، بخلاف السياق الذي ذكره الحافظ؛ فإنه متناقض، وإلى هذا أشار الألباني في (الضعيفة 13/ 258).
لكن هذا الكلام المنسوب لأبي حاتم إنما ذكره ابنُه تحت ترجمة الوليد بن الوليد، وليس ابن موسى كما يوهِمُه صنيعُ الحافظ، غير أن عُذْر الحافظ في ذلك أنه جعلهما واحدًا، والذهبي وإنْ فرَّق بينهما في الترجمة إلا أنه خلَط بينهما في نقل كلام الأئمةِ فيهما.
وعلى أية حال، فكلاهما ضعيف، وعليه؛ فالحديث ضعيف، والله أعلم.
ولذا قال البَيْهَقي: "والذي رُوي عن ابن عباس وغيرِه، مرفوعًا: ((الْخِتَانُ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ))، لا يصحُّ رفعُه"(السنن الصغرى 3471)، ونحوه في (المعرفة 13/ 63).
وقال أيضًا: "هذا إسناد ضعيف، والمحفوظ موقوفٌ"(الكبرى عقب حديث 17628). وأقرَّه ابن عبد الهادي في (التنقيح 4/ 582)، وابن القيِّم في (تحفة المودود ص 175 - 176).
والموقوف الذي أشار إليه البَيْهَقي: أخرجه الطبراني في (الكبير 12009، 12828) وفي (مسند الشاميين 2697)، وابنُ عَدِي في (الكامل 2/ 45)، والبَيْهَقي في (الكبرى 17629)، وغيرُهم. ولكنه ضعيف أيضًا؛ ولذا لم نُعَوِّل عليه.
قال الألباني: "وجملة القول أن الحديث ضعيفٌ، مرفوعًا وموقوفًا"(الضعيفة 1935).
ومع هذا رمز السُّيوطي له بالحُسْن في (الجامع الصغير 4129)! فلم يُصِبْ.
* * *
1085 -
حَدِيثُ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْخِتَانُ: سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ، مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله، بل لإعضاله.
[التخريج]:
[علحا (5/ 648)]
[السند]:
ذكره أبو حاتم في (العلل) - معلَّقًا- فقال: رواه النُّعْمان بن المنذر، عن مَكْحول، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإرساله، بل لإعضاله؛ فمَكْحولٌ من صغار التابعين، كما في (التقريب 6875)، فجُلُّ رواياته عن التابعين، ولا يثبُتُ له كبير سماع عن الصحابة، بل قيل: إنه لم يَسمَع إلا من أنس بن مالك. انظر (جامع التحصيل 796).
ثم إننا لم نقف على سنده إلى النُّعْمان بن المُنذر.
* * *
1086 -
حَدِيثُ عَلِيٍّ:
◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه: ((أَمَّا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ ومُحَسِّنٌ فَإِنَّمَا سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَقَّ عَنْهُمْ، وَحَلَقَ رُؤُوسَهُمْ، وَتَصَدَّقَ بَوَزْنِهَا، وَأَمَرَ بِهِمْ فَسُرُّوا وَخُتِنُوا)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعَّفه الهيثمي.
[التخريج]:
[طب (3/ 29/ 2571) "واللفظ له" / كر (45/ 304)]
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، حدثنا عَبَّاد بن أحمد العَرْزَمي، ثنا عمِّي، عن أبيه، عن عَمرو بن قَيْس، عن عطية، عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، قال: قال عليٌّ رضي الله عنه:
…
الحديثَ.
ورواه ابن عساكر: من طريق عبد الله بن ناجية، عن عَبَّاد بن أحمد العَرْزَمي، بإسناده إلى أبي سعيد قال: "مررتُ بغلام له ذُؤَابةٌ وجُمَّةٌ إلى جنب عليِّ بن أبي طالب، فقلت: ما هذا الصبيُّ إلى جانبك؟ قال: هذا عثمان بن عليٍّ، سميتُه بعثمان بن عفان، وقد سميتُ بعُمرَ بن الخطاب، وسميتُ بعباسٍ عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وسميتُ بخير البرية محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فأمَّا حسَن وحُسين ومُحَسِّنٌ
…
الحديث.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أربع علل:
الأولى: عَبَّاد بن أحمد العَرْزَمي؛ قال عنه الدارَقُطْني: "متروك"(سؤالات البَرْقاني 330).
الثانية: عمُّ عَبَّاد؛ وهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد الله العَرْزَمي، قال الدارَقُطْني:"متروك الحديثِ، هو وأبوه وجدُّه"(اللسان 7077).
الثالثة: عبد الرحمن بن محمد بن عُبيد الله العَرْزَمي، سبَق قولُ الدارَقُطْني فيه أنه:"متروك".
الرابعة: عطيَّةُ العَوْفي؛ قال فيه ابن حَجَر: "صدوق يخطيء كثيرًا، وكان شيعيًّا مدلِّسًا"(التقريب 4616)، وقال الذهبي:"ضعَّفوه"(الكاشف 3820).
وبه ضعَّفه الهيثميُّ، فقال:"رواه الطبراني في الكبير، وفيه عطيةُ العَوْفي، وهو ضعيف، وقد وُثِّق"(المجمع 6205).
1087 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:((الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْحِجَامَةُ، وَالْخِتَانُ، مِنَ السُّنَّةِ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[فقط (السادس 51)].
[السند]:
قال الدارَقُطْني في (الأفراد): حدثنا أبو ذَرٍّ القاسم بن داود الكاتب، قال: حدثنا محمد بن سعد العَوْفي، قال: حدثنا أَبي، حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبي إسحاق، عن صِلَةَ بنِ زُفَرَ، عن ابن عباس، به.
وقال عقبه: "هذا حديث غريبٌ من حديث أبي إسحاقَ السَّبِيعي، عن صِلَةَ، عن ابن عباس. تفرَّد به عَمرو بن ثابت عنه، ولم يروِه عنه غيرُ سعد بن محمد العَوْفي".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عَمرو بن ثابت؛ ضعَّفه غيرُ واحد، وقال النَّسائي:"متروك الحديث"، وقال ابن حِبَّان:"يروي الموضوعاتِ عن الأثبات". انظر: (تهذيب التهذيب 8/ 9 - 10).
ولخَّص ابنُ حَجَر حالَه، فقال:"ضعيف، رُمِي بالرفْض"(التقريب 4995).
الثانية: سعد بن محمد بن الحسن العَوْفي؛ قال أحمد: "جَهْمي، ولو لم يكن هذا أيضًا لم يكن ممن يستأْهِل أن يُكتَب عنه، ولا كان موضعًا لذاك". (لسان الميزان 3388).
الثالثة: محمد بن سعد العَوْفي، قال الدارَقُطْني:"لا بأس به"؛ ولكن قال الخطيب: "كان ليِّنًا في الحديث". (لسان الميزان 6823).
* * *