المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌164 - باب ختان الإناث - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ: سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌137 - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌138 - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌139 - بَابُ ما روي في التَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌أبواب فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ

- ‌140 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌141 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ اللِّحْيَةِ

- ‌142 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي طُولِ اللِّحْيَةِ

- ‌143 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خِفَّةِ اللِّحْيَةِ

- ‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

- ‌145 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ وَطُولَ الشَّارِبِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

- ‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

- ‌148 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ

- ‌149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ

- ‌150 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّنَوُّرِ

- ‌151 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ

- ‌152 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌153 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌154 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنَ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ

- ‌155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ

- ‌156 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ

- ‌157 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌158 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خَضْبِ الْأَظْفَارِ

- ‌159 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَفْنِ الْأَظْفَارِ وَالشَّعَرِ وَالدَّمِ

- ‌160 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعَرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا

- ‌أبواب الْخِتَانِ

- ‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

- ‌163 - بَابٌ: هَلْ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بِالْخِتَانِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

- ‌165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌166 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَجِّ الْأَقْلَفِ

- ‌167 - بَابُ وَقْتِ الْخِتَانِ

- ‌168 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَعْوَةِ الْخِتَانِ

- ‌169 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ شُهُودِ الْخِتَانِ

- ‌170 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ بَوْلِ الْأَقْلَفِ

الفصل: ‌164 - باب ختان الإناث

‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

1075 -

حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ:

◼ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(([إِذَا خَتَنْتِ فَـ] لَا تَنْهَكِي؛ فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ، وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ)).

[الحكم]:

ضعيف، وضعَّفه أبو داود، وابن عَدِي، والبَيْهَقي، وعبدُ الحق الإشْبيلي، وابن القَطَّان، والنَّوَوي، وابن المُلَقِّن، والعِراقي، وابن حَجَر، والمُناوي.

[اللغة]:

قَوْله: ((لَا تَنْهَكِي)) قال ابن الأثير: "أي: لا تبالِغي في استقصاء الخِتان"(النهاية 5/ 137)، وقال أيضًا:"أي: اقطَعِي بعضَ النَّواةِ، ولا تَسْتَأصِليها"(النهاية 2/ 503).

[التخريج]:

[د 5182 "واللفظ له" / عد (9/ 274) "والزيادة له ولغيره" / هق 17622، 17623 / شعب 8278 / ضح (2/ 346 - 347)].

[السند]:

أخرجه أبو داود في (السنن) - ومن طريقه البَيْهَقي في (الكبرى 17623)،

ص: 608

والخطيب في (الموضح) - قال: حدثنا سُلَيْمان بن عبد الرحمن الدمشقي، وعبد الوهاب بن عبد الرَّحيم الأَشْجعي، قالا: حدثنا مَرْوان، حدثنا محمد بن حسان- قال عبد الوهاب: الكوفيُّ-، عن عبد الملك بن عُمَير، عن أمِّ عطيةَ الأنصارية، به.

وأخرجه ابن عَدِي في (الكامل) - ومن طريقه البَيْهَقي في (الشعب) -: عن محمد بن خُرَيم القَزَّاز، عن هشام بن خالد، عن مَرْوان، به.

ومدارُه- عند الجميع- على مَرْوانَ بن معاوية الفَزَاري

به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه محمد بن حسان؛ وهو مجهول الحال والعين، وقيل: هو المَصْلوب الكذاب.

وبه أعلَّ الحديثَ أبو داود، فقال- عَقِبَه-:"ومحمد بن حسان مجهولٌ، وهذا الحديث ضعيفٌ".

وأقرَّه البَيْهَقي في (السنن الكبرى 17623)، وعبدُ الحق الإشْبيلي في (الأحكام الوسطى 4/ 144)، وابنُ القَطَّان في (أحكام النظر ص 179)، و (بيان الوهم والإيهام 3/ 265)، والنَّوَويُّ في (الخلاصة 1/ 92).

وقال ابن عَدِي: "يَروي عنه مَرْوانُ الفزاريُّ أحاديثَه لا يوافَق عليها"، ثم ذكر له هذا الحديثَ وحديثًا آخرَ، وقال: "وهذان الحديثان لمحمد بن حسان هذا، وليس بمعروف، ومَرْوانُ الفزاري يَروي عن مشايخَ غيرِ معروفين، منهم هذا محمد بن حسان. فالحديث الأول: يرويه عن ابن أبي مُلَيْكة عبد الله بن يحيى، والحديث الثاني: بهذا الإسناد، غريبٌ عن عبد الملك بن عُمَير، لا أعرِفُه إلا من هذا الطريق، ولم أرَ لمحمد بن

ص: 609

حسان غيرَ هذين الحديثين" (الكامل 9/ 274).

وصرَّح البَيْهَقي بجهالته في (المعرفة 13/ 62)، وابنُ دقيق العيد في (الإمام 1/ 373)، والذهبيُّ في (الكاشف 4791)، والحافظُ في (التهذيب 4/ 450) و (التقريب 5810) وقال:"وقيل: هو ابن سعيدٍ المَصْلوب".

قلنا: وهذا قول الحافظ عبد الغني بن سعيد الأَزْدي في (إيضاح الإشكال) - كما في (البدر المنير 8/ 746) -؛ حيث جزم أن محمد بن حسان هذا هو محمد بن سعيد المصلوب (الكذاب)، وذكر له هذا الحديثَ. وكذا قال الخطيب في (الموضح 2/ 346)، وابنُ كثير في (جامع المسانيد 4/ 357).

وانتصر لهذا القول ابنُ المُلَقِّن، فقال- متعقِّبًا قولَ أبي داودَ السابقَ-:"قلت: أما جهالة محمد بن حسان فلا نُسلِّمُها له؛ لأنه الشامي المصلوب في الزندقة التالفُ، وقد استفدتُ ذلك من كتاب ((إيضاح الإشكال)) للحافظ عبد الغني؛ حيث قال: باب محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة، ثم ذكر له حديثًا، ثم قال: وهو محمد بن أبي قيس، وذكر له حديثًا، ثم قال: وهو محمد بن الطبري، وذكر له حديثًا، ثم قال: وهو محمد بن حسان وروَى له هذا الحديثَ، وذكر له حديثًا آخَرَ. وهذا نفيس يتعيَّنُ على طالب الحديث الوقوفُ عليه".

وقال: "وأما قولُه: "الحديث ضعيف" فهو كما قال

يكفي في ضعفه محمد بن حسان السالفُ التالف" (البدر المنير 8/ 746).

وقال في (خلاصة البدر المنير 2/ 328): "رواه أبو داود، ثم قال: "فيه مجهول". قلت: لا، بل معروف كذاب وضَّاعٌ كما بينْتُه في الأصل، وهو

ص: 610

حديث ضعيف".

وتمسَّك الحافظُ بصنيع ابن عَدِي وبنسبة عبد الوهاب الأشجعيِّ له كوفيًّا، فقال:"والمصلوب ليس كوفيًّا، وإن جزم البخاري بأن المصلوب قالوا فيه: محمد بن حسان، فلا مانع من اتفاق اسمِ الراوي وأبيه مع آخَرَ، وقد أفرده ابنُ عَدِي وأورد له الحديثَ المذكور وآخَرَ، ثم قال: ليس بمعروف، ومَرْوانُ يروي عن مشايخَ مجهولين"(التهذيب 9/ 113).

وقال في (التلخيص الحبير 4/ 155): "رواه أبو داود في السنن، وأعلَّه بمحمد بن حسان، فقال: إنه مجهول ضعيف، وتبِعه ابنُ عَدِي في تجهيله والبَيْهَقيُّ، وخالفهم عبدُ الغني بن سعيد، فقال: هو محمد بن سعيد المصلوب، وأورد هذا الحديثَ من طريقه في ترجمته".

العلة الثانية: الانقطاع بين عبد الملك بن عُمَير وأمِّ عطيةَ؛ فلا يعرف لعبد الملك روايةٌ عن أم عطيةَ سوى هذا الحديثِ، وقد رواه بعضُهم- كما سيأتي- عن عبد الملك، عن الضَّحَّاك بن قَيْس، قال: كانت بالمدينة امرأةٌ تَخفِضُ النساء، يقال لها: أمُّ عطية

الحديثَ.

وبهذه العلة أعلَّه الذهبيُّ، فقال- معقِّبًا على إعلال البَيْهَقي له بجهالة محمد بن حسان-:"ولا لقِيَ عبدُ الملك أمَّ عطية"(المهذب 7/ 3470).

وقال الحافظ ابن حجر: "وأخرجه البَيْهَقي من الطريقين معًا، وظهر من مجموع ذلك أن عبد الملك دلَّسه عن أم عطية، والواسطة بينهما هو الضَّحَّاكُ بن قيس المذكورُ"(الإصابة 5/ 376).

* والحديث ضعَّفه أيضًا العراقي في (تخريج الإحياء 1/ 91)، والمُناويُّ في (فيض القدير 1/ 216) فقال:"سنده ضعيف جدًّا".

وضعَّف سندَه أيضًا الشيخُ الألباني، لكن قوَّاه بشواهده، فقال: "لكن مجيء

ص: 611

الحديث من طرق متعددة ومخارجَ متباينةٍ لا يبعد أن يُعطي ذلك للحديث قوةً يَرتقي بها إلى درجة الحسن" (الصحيحة 722)! .

قلنا: جُلُّ طرق هذا الحديثِ مناكيرُ، بعضُها يعود إلى بعض، والأخرى شديدة الضعف- كما سيأتي بيانُه مفصلًا-، فمِثْلُها لا يُقوِّي بعضُها بعضًا، ولا ترتقي إلى الحسن، والله أعلم.

وذكر بعضَ هذه الشواهدِ ابنُ القَطَّان في (أحكام النظر ص 179) وضعَّفها كلَّها، ثم قال:"فلا يصحُّ في هذا شيءٌ".

وكذا فعل ابن المُلَقِّن، وقال:"فتلخَّص أن طرقه كلَّها ضعيفةٌ"(البدر المنير 8/ 749). وسيأتي بيانُ ذلك مفصلًا فيما يأتي.

[تنبيه]:

ذكر عبدُ الحق الإشْبيلي في (الأحكام الوسطى 4/ 144) الحديثَ من سنن أبي داودَ هكذا: " عن محمد بن حسان، قال: حدثنا عبد الوهاب الكوفيُّ، عن عبد الملك بن عُمَير

".

وتبِعه ابن القطَّان على هذا الخطإ، فتعقَّبه بقوله: "وضعَّفه بأن محمد بن حسان مجهولٌ،

ولم يبيِّن حال عبد الوهاب هذا، وهي لا تُعرَف" (بيان الوهم والإيهام 3/ 265)!

وعبد الوهاب ليس شيخًا لمحمد بن حسان، بل هو الأَشْجعي شيخُ أبي داودَ، حيث رواه عنه مقرونًا بسُلَيمانَ بن عبد الرحمن الدمشقي، وإنما أراد أبو داودَ أن يبيِّنَ أن عبد الوهاب صرَّح بنسبة محمد بن حسان هذا، فقال:"الكوفي".

ص: 612

1076 -

حَدِيثُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ:

◼ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ امْرَأَةٌ تَخْفِضُ النِّسَاءَ (الجَوَارِي)، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عَطِيَّةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((اخْفِضِي، وَلَا تَنْهَكِي؛ فَإِنَّهُ أَنْضَرُ (أَسْرَى) لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ)).

[الحكم]:

ضعيف، وضعَّفه ابن دقيق العيد، والعراقي، وابنُ حَجَر، والسُّيوطي. وأشار إلى ضعفه: ابنُ مَعين، وأبو داود والبَيْهَقي، وابنُ كثير.

[الفوائد]:

قال عبد الملك بن حبيب: "قوله: ((أَسْرَى لِلْوَجْهِ)) يقال: وأنْضَر وأكثرُ ماءً للوجه، فإذا بالغتْ في القطع وأكثرَتْ؛ أذهب ذلك ماءَ وجهِها، ومات لونُها.

وقوله: ((أَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ)) يقال: ذلك أحسنُ في جماعها، ولا تبالِغ في قطع ذلك منها، فأدْنَى الأخذِ يَجْزي، وإنما هو ذلك للسُّنة" (أدب النساء ص 279).

[التخريج]:

[ك 6381 / طب (8/ 299/ 8137) "واللفظ له" / هق 17624"والروايتان له ولغيره" / هقغ 3468 / هقع 17480 / صحا 3898، 3899 / متفق 767 / صمند (تهذيب التهذيب 4/ 450)، (كبير 12/ 333) / كر (24/ 282)].

[التحقيق]:

هذا الحديث مدارُه على عُبيد الله بن عَمرو الرَّقِّي، وقد اختُلِف عليه على ثلاثة

ص: 613

أوجه:

الوجه الأول- وهو أرجحُها-: عن عُبيد الله بن عَمرو، عن رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضَّحَّاك بن قَيس، به.

أخرجه الطبراني في (الكبير 8137) - ومن طريقه أبو نُعَيم في (الصحابة 3898) -، قال: حدثنا المِقْدام بن داودَ المصري، ثنا عليُّ بن مَعْبَد الرَّقِّي، ثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضَّحَّاك بن قيس، به.

ورواه المُفضَّل بن غَسَّان الغَلَابي في (تاريخه) - كما في (تهذيب التهذيب 4/ 449)، ومن طريقه البَيْهَقي في (الكبرى 17624)، و (الصغرى 3468)، والخطيب في (المتفق والمفترق 767)

ورواه البَيْهَقي في (المعرفة 13/ 63): من طريق عبد الله بن أبي مسلم الحَرَّاني،

كلاهما (الغَلَابي، والحَرَّاني): عن عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، عن عُبيد الله بن عَمرو الرَّقِّي، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: إبهام الراوي عن عبد الملك بن عمير؛ فإنه لم يُسَمَّ.

ويُشْبه أن يكون هذا المبهمُ هو: محمد بن حسان (صاحبَ حديث أمِّ عطيةَ المتقدِّم).

فقد قال البَيْهَقي: "والرجل الذي لم يُسَمِّه أراه محمد بن حسان الكوفي"(الصغرى عقب رقم 3469).

ص: 614

وهو ظاهر صنيع ابن دقيق العيد؛ حيث قال: "هذا الرجل الذي من أهل الكوفة مجهول"(الإمام 1/ 418)، ثم ذكر كلام البَيْهَقي في تجهيل محمد بن حسان.

وإلى هذا القول ذهب الحافظ ابنُ حجر؛ حيث قال: "وقد أَدخلَ عبدُ الله بن جعفر الرَّقِّيُّ-وهو أوثق من منصور- بين عُبيد الله وعبدِ الملك، الرجلَ الكوفيَّ الذي لم يُسَمِّه، فيظهر من رواية مَرْوانَ بن معاوية أنه محمد بن حسان الكوفي، فهو الذي تفرَّد به، وهو مجهول"(التهذيب 4/ 450).

وسواء صحَّ هذا القولُ أم لا، فالحُكم واحد، وهو:"الجهالة"، وقد يُتعقَّب بتسمية العلاء بن هلال له عند الحاكم، كما في الوجه الثاني، وجوابُه: أن العلاء هذا لا يُحتجُّ به- كما سيأتي-، وعليه؛ فلا يُقبل تسميتُه لهذا الراوي المبهَم، لا سيما وقد قال فيه ابن حِبَّان:"يقلب الأسانيد، ويغيِّر الأسماءَ"، والله أعلم.

وقال ابن كثير- عَقِبَ طريقِ الطبراني هذا-: "أظن أن هذا المتهَم في هذا الإسناد هو محمد بن سعيد المصلوب الكذوب؛ فقد روَى أبو داودَ من طريقه، عن عبد الملك بن عُمَير، عن أمِّ عطيةَ الأنصاريةِ

" (جامع المسانيد 4/ 357).

الثانية: الإرسال؛ فإن الضَّحَّاك بن قيس هذا ليس هو الفِهْريَّ الصحابي؛ كما ذهب إلى ذلك الحاكمُ، حيث أورد هذا الحديثَ في "ترجمته" من (المستدرك 6381)، وكذا ابنُ مَنْدَه وأبو نُعَيم في (الصحابة).

فقد جزم ابن مَعين وغيرُه، أن الضَّحَّاك هذا آخَرُ غيرُ الفِهْري؛

ص: 615

فقد قال المُفَضَّل الغَلَابي في "أسئلته لابن مَعين": سألتُ أبا زكريا - يعني: يحيى بنَ مَعين- عن حديث حدثَنيه عبد الله بن جعفر، عن عُبيد الله بن عَمْرو، حدثني رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عُمير، عن الضَّحَّاك بن قيس، قال: كان بالمدينة امرأةٌ

الحديثَ؟ فقال: "الضَّحَّاك بن قيس ليس هو الفِهْريَّ"(تهذيب التهذيب 4/ 449)، و (9/ 112).

وتبِعه الخطيبُ في (المتفق والمفترق 2/ 1229)، والبَيْهَقي في (المعرفة 13/ 63)، وفي (الكبرى 17624)

(1)

.

وقال ابن عساكر: "ذكر أبو الطيب فيما قرأتُه على أبي محمد السُّلَمي عنه: أن الضَّحَّاك بن قيس هذا آخَرُ غيرُ الفِهْري"(تاريخ دمشق 24/ 282).

ولهذا قال الحافظ: "هذا تابعيٌّ أرسل هذا الحديثَ"(الإصابة 5/ 375).

وقال السُّيوطي: "عن الضَّحَّاك مرسلًا"(الجامع الكبير 12/ 328/ 26801).

وقد أشار لذلك أيضًا أبو داودَ؛ حيث قال- عَقِبَ حديثِ أمِّ عطيةَ-: "رُوي عن عُبيد الله بن عَمرو، عن عبد الملك، بمعناه وإسنادِه"، ثم قال:"ليس هو بالقوي، وقد رُوي مرسلًا"(السنن 5271).

ومع هذا قال عليٌّ القاري: "رواه الطبراني بسند صحيح"! ! (مرقاة المفاتيح

(1)

كذا نقل كلامَ ابن مَعِينٍ ابنُ حجر في (تهذيبه)، ورواه البَيْهَقي والخطيبُ بسنديْهما إلى المُفَضَّل، ووقع في مطبوع (إكمال تهذيب الكمال 7/ 22):"الضَّحَّاك بن قيس هذا هو الفِهْري، وهو شيخ"! كذا بإسقاط كلمة "ليس"، والصواب بإثباتها، كما استفاض النقلُ بذلك.

ص: 616

7/ 2834).

قلنا: ولو غضضْنا الطرْفَ عن الضَّحَّاك، فكيف يصحُّ سندُ الطبراني وفيه- مع الرجل المبهم- المِقْدَام بن داود، وقد ضعَّفه النَّسائي والدارَقُطْني وغيرُهما، كما في (اللسان 7900).

الوجه الثاني: عن عُبيد الله بن عَمرو، عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضَّحَّاك بن قيس، به.

أخرجه الحاكم في (المستدرك 6381) قال: حدثناه أحمد بن سلمان الفقيهُ ببغداد، ثنا هلال بن العلاء الرَّقِّي، ثنا أَبي، ثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن زيد بن أبي أُنَيْسة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضَّحَّاك بن قيس، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه العلاء بن هلال، قال عنه أبو حاتم:"منكَر الحديث، ضعيف الحديث"، وقال النَّسائي:"هلال بن العلاء روى عن أبيه غيرَ حديثٍ منكَر، فلا أدري منه أتَى أو من أبيه"، وقال الخطيب:"في بعض حديثِه نُكْرةٌ"، وذكره ابن حِبَّان في (المجروحين) وقال:"يقلب الأسانيد، ويغيِّر الأسماء؛ فلا يجوز الاحتجاجُ به"، وانظر ترجمته في (التهذيب 8/ 193 - 194)، وليَّنه الحافظُ في (التقريب 5259).

وقد سار في هذا الحديث على الجادة، فقال:"عن عُبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنَيْسة"، والصواب:"عن عُبيد الله بن عَمرو، عن رجل"، هكذا مبهمًا، كما تقدَّم.

وعلى فرْض ثبوتِه، ففيه أيضًا علةُ الإرسال السابقة.

الوجه الثالث: عن عُبيد الله بن عمرو، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضَّحَّاك، به. بإسقاط الواسطة بين عُبيد الله وعبدِ الملك.

ص: 617

أخرجه أبو نُعَيم في (الصحابة 3899)، قال: حدثناه أبو عَمرو بن حَمْدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أحمد بن آدمَ الجُرْجاني، ثنا أبو النضْر منصور بن صُقَير، عن عُبيد الله بن عَمرو، عن عبد الملك بن عُمَير، عن الضحاك، به.

وأخرجه ابن مَنْدَه في (الصحابة) - كما في (تهذيب التهذيب 4/ 450) -، وابن عساكر في (تاريخه 24/ 282): من طريق منصور بن صُقَير

به.

وهذا إسناد منكر؛ فيه منصور بن صُقَير؛ قال عنه أبو حاتم: "ليس بقوي، وفي حديثه اضطراب"، وقال ابن حِبَّان:"يروي المقلوبات، لا يجوز الاحتجاجُ به إذا انفرد به"، وضعَّفه الحافظ في (التقريب 6903)، وانظر ترجمته في (التهذيب 10/ 309 - 310).

وقد خالف الجماعةَ بإسقاط الواسطة بين عُبيد الله بن عَمرو وعبدِ الملك.

وثَمَّة أوجهٌ أخرى على عُبيد الله بن عَمرو، سيأتي الكلامُ عليها فيما يأتي من شواهدَ.

والحديث ضعَّفه العراقي في (تخريج الإحياء 1/ 91).

ومع ما تقدَّم مِن علل، وتضعيفِ العلماء له، رمز لصحته السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 297)! وحسَّنه الألباني بشواهده في (الصحيحة 722)! وقد تقدَّم الجوابُ عن ذلك.

* * *

ص: 618

1077 -

حَدِيثُ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ:

◼ عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ خَافِضَةٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ عَطِيَّةَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((أَشِمِّي وَلَا تَحُفِّي؛ فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ)).

[الحكم]:

ضعيف.

[التخريج]:

[عيال 579 "واللفظ له" / مديني (صحابة- أسد 7/ 356)]

[السند]:

قال ابن أبي الدنيا في (كتاب العيال): حدثنا يحيى بن يوسف الزَّمِّي، حدثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن عطيةَ القُرَظي، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد منقطع؛ عُبيد الله بن عَمرو لم يسمع من عطيةَ، بل ولم يدركه؛ فقد وُلد عُبيدُ الله بعد موت عطيةَ القُرَظي بما يزيدُ على ثلاثين سنةً، وإنما يَروي عنه بواسطة عبد الملك بن عُمير.

وقد وصله أبو موسى المَدِيني في (ذيل معرفة الصحابة) - كما في (أُسْد 7/ 356)

(1)

- من طريق الوليد بن صالح، عن عُبيد الله بن عمرو، عن

(1)

كذا في (أُسْد الغابة)، وعزاه ابن المُلَقِّن في (البدر المنير 8/ 748) لأبي نُعَيم الأصبهاني في (معرفة الصحابة)، ونقل عنه نحو ما نقله ابن الأثير عن أبي موسى، ولم نجده في المطبوع، فالذي يبدو أنه سبْق قلم، والصواب ما ذكره ابنُ الأثير، والله أعلم.

ص: 619

عبد الملك بن عُمير، عن عطيةَ به.

وهذا إسناد ظاهره الصحة إنْ صح إلى الوليد، فإننا لم نقف على سنده من أبي موسى المَدِيني إلى الوليد، وبينهما مفاوز.

ولو صح فيكون هذا وجهًا آخَرَ للخلاف على عُبيد الله بن عَمرو؛ فيكون اضطرابًا، والله أعلم.

وقال أبو موسى- عَقِبه-: "وهذا الحديث يُروَى بغير هذا الإسناد".

* * *

ص: 620

1078 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نِسْوَةٌ مَنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: ((يَا نِسَاءَ الْأَنْصَارِ، اخْتَضِبْنَ غَمْسًا

(1)

، وَاخْفِضْنَ وَلَا تُنْهِكْنَ؛ فَإِنَّهُ [أَسْرَى لِلْوَجْهِ، وَ] 1 أَحْظَى [لِإِمَائِكُنَّ

(2)

] 2 عِنْدَ أَزْوَاجِكُنَّ، وَإِيَّاكُنْ وَكُفْرَ الْمُنَعَّمِينَ)). قال مِنْدَلٌ: يعني: الأزواجَ.

[الحكم]:

ضعيف، وضعَّفه البَيْهَقي، وابن القطان، وابنُ المُلَقِّن، والهَيْثمي، وابن حَجَر.

وحكم ابن عَدِي وابن طاهر المقدسيُّ على أحد طريقيه بالوضع.

[اللغة]:

قال ابن منظور: "اختضبَتِ المرأةُ غَمْسًا: غمسَتْ يديها خِضابًا مستويًا من غير تصوير"(لسان العرب 6/ 156).

[التخريج]:

[بز 6178 "واللفظ له" / عد (4/ 299 - 300) "والزيادة الأولى له" / شعب 8279 "والزيادة الثانية له" / سمعانش (ص 611 - 612) / أصم 530]

(1)

تصحفت في مطبوع "مسند البزَّار" إلى: "خمسًا"، والصواب المثبت كما في (كشف الأستار 3014) و (مجمع الزوائد 8881)، وكذا نقله عن البزَّار غيرُ واحد، وكذا في بقية المصادر، وانظر اللغة.

(2)

كذا في طبعة الرشد لشعب الإيمان، ووقعت في طبعة دار الكتب العلمية:"لِإِنَاثِكُنَّ"، وفي مصنفات الأَصَمِّ:"لأيامكن".

ص: 621

[التحقيق]:

هذا الحديث له طريقان عن ابن عُمر:

الطريق الأول:

أخرجه البزَّار في (المسند)، قال: حدثنا سَهْل بن بحْر، حدثنا عليُّ بن عبد الحميد، حدثنا مِنْدَل بن عليٍّ، عن ابن جُرَيج، عن إسماعيل بن أُمَيَّة، عن نافع، عن ابن عُمر، به.

ورواه أبو العباس الأَصَمُّ كما في (مجموع مصنفاته)، والبَيْهَقيُّ في (الشُّعَب)، والسَّمْعاني في المنتخب): من طريق محمد بن صالح، عن عليِّ بن عبد الحميد، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: فيه مِنْدَل بن عليٍّ، وهو "ضعيف" كما في (التقريب 6883).

وبه ضعَّفه البَيْهَقي، حيث قال عَقِبه:"مِنْدَل بن عليٍّ ضعيفٌ"(الشعب).

وقال ابن القَطَّان: "ضعيف؛ لضعف مِنْدَل"(أحكام النظر ص 179).

وقال الهيثمي: "رواه البزَّار، وفيه مِنْدل بن عليٍّ، وهو ضعيف، وقد وُثِّق، وبقية رجاله ثقات"(المجمع 8881).

وكذا ضعَّفه بمِنْدَل: ابنُ المُلَقِّن في (البدر المنير 8/ 749)، وابنُ حجر في (التلخيص 4/ 155).

الثانية: عنعنة ابن جُرَيج؛ وهو مدلِّس قبيحُ التدليس، لا يدلِّس إلا فيما سمِعه من مجروح، مثل إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرِهما، كما قال الدارَقُطْني في (سؤالات الحاكم 265).

ص: 622

الطريق الثاني:

أخرجه ابن عَدِي في (الكامل)، قال: حدثنا عُبيد بن هشام، حدثنا خالد بن عَمرو القُرَشي، عن اللَّيْث، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن سالم، عن أبيه، به.

وهذا إسناد تالف؛ فيه خالد بن عَمرو بن محمد القُرَشي؛ وهو كذاب وضَّاعٌ، قال الحافظ:"رماه ابن مَعِين بالكذب، ونسبه صالح جَزَرة وغيرُه إلى الوضع"(التقريب 1660).

وذكر ابن عَدِي هذا الحديثَ في ترجمته - مع جملة من أحاديثه- ثم قال: "وهذه الأحاديث التي رواها خالد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب كلُّها باطلةٌ، وعندي أن خالد بن عَمرو وضعها على الليث؛ ونسخة الليثِ عن يزيدَ بن أبي حبيب عندنا من حديث يحيى بن بُكَيْر وقُتَيْبةَ وابنِ رُمْح وابنِ زُغْبَة ويزيدَ بن مَوْهَب، وليس فيه من هذا شيءٌ"(الكامل 4/ 301).

وقال ابن القَيْسَراني: "خالدٌ هذا متروك الحديث. والحديث موضوع"(الذخيرة 6463).

وقال ابن القَطَّان: "يرويه عن الليث خالدٌ

وهو ضعيف جدًّا، في حدِّ مَن يُتَّهَم" (أحكام النظر ص 179)، وتبِعه ابن المُلَقِّن في (البدر المنير 8/ 749).

وقال الحافظ: "وفي إسناده - يعني: البزَّار- مِنْدَلُ بن عليٍّ، وهو ضعيف، وفي إسناد ابن عَدِي خالد بن عَمرو القرشيُّ، وهو أضعف من مِنْدَل"(التلخيص 4/ 155).

وذكر الألباني في (الصحيحة 722) طريقَ مِنْدَل، وأعلَّه به، ثم قال:

ص: 623

"وبالجملة، فالحديث بهذه الطرق والشواهدِ صحيحٌ. والله أعلم"!!.

والذي نراه- والله أعلم- عدمُ تقوية هذه الطرق بعضِها ببعض؛ لنكارتها وشدةِ ضعفِها.

وقد أشار لذلك ابنُ المُلَقِّن، عَقِب تضعيفِه لحديث ابن عُمر هذا؛ حيث قال:"فتلخَّص أن طرقه كلَّها ضعيفة، وقد صرَّح ابن القَطَّان الحافظُ في كتابه "أحكام النظر" أيضًا بأنه لا يصحُّ منها شيءٌ"(البدر المنير 8/ 749).

* * *

ص: 624

1079 -

حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:

◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ عَطِيَّةَ: (([يَا أُمَّ عَطِيَّةَ] إِذَا أَخْفَضْتِ فَأَشِمِّي، وَلَا تَنْهَكِي؛ فَإِنَّهُ أَسْرَى (أَضْوَأُ) لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا. وضعَّفه البَيْهَقي، وابنُ القَيْسَراني، وابن القطان، والذهبي. واستنكره عُبيد الله بن عُمر القَوَاريريُّ، وهو ظاهر صنيع ابن عَدِي.

[اللغة]:

قوله: ((أَشِمِّي، وَلَا تَنْهَكِي))، قال ابن الأثير:"شبَّه القَطْعَ اليسيرَ بإشمام الرائحة، والنَّهْكَ بالمبالغة فيه، أي: اقطعي بعضَ النواة ولا تستأصليها"(النهاية 2/ 503).

[التخريج]:

[طس 2253 / طص 122 / عيال 578 "واللفظ له" / هق 17625 / جرح (3/ 613) / عد (5/ 154) / غخطا (2/ 360 - 361) / لا 1821 / خط (3/ 277 - 278) "والزيادة والرواية له" / أمالي ثعلب (كبير 12/ 328/ 26802) / وعاة (2/ 415)].

[السند]:

قال ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال": حدثنا محمد بن سلَّام الجُمَحي، حدثنا زائِدة بن أبي الرُّقَاد، عن ثابت، عن أنس بن مالك، به.

ورواه الطبراني في "معجميه": عن أحمد بن يحيى ثَعْلَب النَّحْوي، عن محمد بن سلَّام الجُمَحي، به.

ص: 625

ومدار الحديث- عند الجميع- على محمد بن سلَّام الجُمَحي، عن زائِدة بن أبي الرُّقاد، به.

وقال الطبراني بإِثْره: "لم يروِ هذا الحديثَ عن أنسٍ إلا ثابتٌ، ولا عن ثابت إلا زائِدةُ بن أبي الرُّقاد، تفرَّد به محمد بنُ سلَّام الجُمَحي"(الأوسط).

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه زائِدة بن أبي الرُّقاد؛ قال عنه ابن مَعين: "ليس بشيء"(تاريخ أسماء الضعفاء لابن شاهين 219)، وقال البخاري:"منكَر الحديث"(التاريخ الكبير 3/ 433) - واعتمده الذهبي في (الكاشف 1607) -، وكذا قال النَّسائي في (الضعفاء والمتروكين 219)، وقال في الكنى:"ليس بثقة"(تهذيب التهذيب 3/ 305)، وقال أبو حاتم:"يحدِّث عن زياد النُّمَيْري عن أنس أحاديثَ مرفوعة منكرة، فلا ندري منه أو من زياد، ولا أعلم روَى عن غير زياد، فكنا نَعتبِر بحديثه"(الجرح والتعديل 3/ 613).

قلنا: وهذا الحديث من غير روايته عن زياد، وهو منكَر لم يروِه عن ثابتٍ غيرُه، ولذا قال ابن حِبَّان:"يروي المناكير عن المشاهير، لا يُحتجُّ به، ولا يُكتب إلا للاعتبار"(المجروحين 1/ 386). وقال الحافظ: "منكر الحديث"(التقريب 1981).

وأما عُبيد الله بن عُمر القَوَاريري، فنَقل عنه ابنُ أبي خَيْثَمة أنه قال:"لم يكن بزائدةَ بن أبي الرُّقاد بأسٌ، وكتبتُ كلَّ شيء عنده"، وأنكر هذا الحديثَ الذي حدثنا به ابنُ سلَّام. (الجرح والتعديل 3/ 613).

قال ابن شاهين: "وهذا الكلام في زائدةَ بن أبي الرُّقاد يوجب التوقفَ فيه؛

ص: 626

لأن يحيى بن مَعين ذمَّه، والقَواريري - وكان من نبلاء أهل العلم- مدحه، وأنكر أن يكون حدَّث بحديث ثابت عن أنس هذا الذي حدَّث به محمد بن سلَّام. والله أعلم" (المختلف فيهم ص 31).

قلنا: لم يذُمَّه ابنُ مَعين وحدَه، بل تابعه على ذلك جهابذةُ الحديث ونُقَّادُه، والقَواريريُّ- وإن كان من نبلاء أهل العلم- إلا أنه ليس من المعتنين بالجرح والتعديل ونقدِ الرجال، فلعله مدحه لدينه وصلاحه. والله أعلم.

والحديث ذكره ابن عَدِي في ترجمته، وقال:"وهذا يرويه عن ثابتٍ زائدةُ بن أبي الرُّقاد، ولا أعلم يرويه غيره، وزائدة بن أبي الرُّقاد له أحاديثُ حِسانٌ، يروي عنه المُقَدَّمي، والقَواريري، ومحمد بن سلَّام، وغيرُهم، وهي أحاديثُ إفراداتٌ، وفي بعض أحاديثه ما يُنكَر".

ولذا قال البَيْهَقي: "ورُوِّينا في رواية ضعيفة عن أنس، في هذا الحديث: ((إِذَا خَفَضْتِ فَأَشِمِّي، وَلَا تَنْهَكِي)) "(الصغرى 3470).

وأعلَّه بزائدةَ: ابنُ القَيْسَراني في (ذخيرة الحفاظ 1488)، وابنُ القَطَّان في (أحكام النظر ص 179)، والذهبيُّ في (المهذب 7/ 3471).

ومحمد بن سلَّام الجُمَحي أيضًا، وإن كان من أئمة الأدب، وقال فيه الحافظ صالح جَزَرة:"صدوق"، فقد قال أبو خَيْثَمة زُهَير بن حرْب:"لا يُكتَب عن محمد بن سلَّام الحديثُ، رجلٌ يُرمَى بالقدَر، إنما يُكتَب عنه الشِّعرُ، وأما الحديثُ فلا". انظر (لسان الميزان 6849).

وقد استُنكر عليه هذا الحديثُ، كما تقدَّم عن القَواريري. وفي (تاريخ بغداد 3/ 276) حديثٌ آخر خطَّأه فيه الإمام أحمد. هذا مع أنه مقِلٌّ جدًّا من رواية الحديث، ولم يخرِّج له أصحابُ الكتب الستة ولا التسعة شيئًا،

ص: 627

ومن هنا يظهر ترجيحُ كلام أبي خَيْثَمة على صالح جزرة، والله أعلم.

ومع ذلك قال الهيثمي: "إسناده حسن"!! (المجمع 8886).

ولحديث أنس طريقٌ آخَرُ تراه فيما يلي:

رِوَايَةُ (أُمِّ أَيْمَنَ) بَدَلَ (أُمِّ عَطِيَّةَ)

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَتْ خَتَّانَةٌ بِالْمَدِينَةِ، يُقَالَ لَهَا: أُمُّ أَيْمَنَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا أُمَّ أَيْمَنَ، إِذَا خَفَضْتِ فَأَضْجِعِي يَدَكِ، وَلا تَنْهَكِيهِ؛ فَإِنَّهُ أَسْنَى

(1)

لِلْوَجْهِ، وَأَحْظَى عِنْدَ الرِّجَالِ (لِلزَّوْجِ))).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[محد (3/ 346 - 347) "واللفظ له" / أصبهان (1/ 296) "والرواية له"]

[السند]:

رواه أبو الشيخ في (طبقات المحدِّثين) - وعنه أبو نُعَيم في (تاريخه) - قال: حدثنا جعفر بن أحمد [بن فارس]، قال: ثنا إسماعيل بن أبي أُميَّة، قال: ثنا أبو هلال الرَّاسِبي، قال: سمِعت الحسن، قال: ثنا أنس بن مالك، به.

(1)

كذا عند أبي الشيخ وأبي نُعَيم، والذي تقدَّم في الأحاديث السابقة:"أَسْرَى"، فنخشى أن تكون لفظة "أَسْنَى" مصحفةً منها، والله أعلم.

ص: 628

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: إسماعيل بن أبي أُميَّة؛ لم يتبيَّن لنا مَن هو، والظاهر أنه هو الذي قال عنه الذهبي- وتبِعه الحافظ-:" حدَّث عن أبي الأَشْهب العُطارِدي. تركه الدارَقُطْني"(الميزان 850)، و (اللسان 1137).

وإلى هذا جَنَح الألباني في (الصحيحة 722).

الثانية: أبو هلال الرَّاسبي، وهو وإن وثَّقه بعضُهم؛ فالجمهور على تليينه لسُوء حفظه، ولذا قال الحافظ:"صدوق، فيه لِينٌ"(التقريب 5923).

فتفرُّد مثلِه عن الحسن البصري- وهو مَن هو- لا يُحتمَل.

ومع هاتين العلتين حسَّنه الألباني بشواهده في (الصحيحة 722)! .

ص: 629

1080 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ:

◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَتْ خَفَّاضَةٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِذَا خَفَضْتِ فَأَشِمِّي، وَلَا تَنْهَكِي؛ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ لِلْوَجْهِ، وَأَرْضَى لِلزَّوْجِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا. واستغربه الدارَقُطْني.

[التخريج]:

[خط (14/ 232 - 233) "واللفظ له" / فقط (أطراف 432)]

[السند]:

قال الخطيب في (تاريخ بغداد): أخبرنا عليُّ بن القاسم بن الحسن الشاهد بالبصرة، قال: حدثنا عليُّ بن إسحاق المَادَرائي، قال: حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا أبو غَسَّان عوف بن محمد، (ح)

وأخبرنا الحسن بن الحسين النِّعالي- واللفظ له-، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن عليٍّ اليَقْطِيني، قال: حدثنا صالح بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا محمد بن موسى بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عَوْف بن محمد أبو غَسَّان، قال: حدثنا أبو تَغْلِبَ عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: حدثنا مِسْعَر، عن عَمرو بن مُرَّةَ، عن أبي البَخْتَري، عن عليٍّ، به.

ورواه الدارَقُطْني في (الأفراد): من طريق عوف بن محمد، به. وقال:"تفرَّد به عَوْفُ بن محمد، عن أبي تَغْلِبَ"(أطراف الغرائب والأفراد 1/ 279).

ص: 630

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاع بين عليٍّ رضي الله عنه وأبي البَخْتَري؛ فإن أبا البَخْتَري لم يسمع من عليٍّ شيئًا ولم يدرِكْه، كما قال شُعبةُ وابنُ مَعين وابن المَدِيني وأبو حاتم وأبو زُرْعة وغيرُهم. انظر (المراسيل لابن أبي حاتم ص 74، وص 76 - 77) ولذا قال العَلَائي: "كثير الإرسال عن عُمر وعليٍّ وابنِ مسعود وحُذيفةَ وغيرِهم"(جامع التحصيل 242).

الثانية: أبو تَغْلِب عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن؛ لم نجد له ترجمة، وكذا قال الألباني في (الصحيحة 2/ 345).

وقد تفرَّد بهذا الحديث عن مِسْعَر دون أصحابه الثقاتِ المعروفين، مما يجعله منكَرًا.

وقد أشار لذلك الدارَقُطْني بقوله: "غريبٌ من حديث مِسْعَر عن عَمرو بن مُرَّةَ عنه، تفرَّد به عَوف بن محمد عن أبي تَغْلِبَ عنه".

ومع ذلك حسَّنه الألباني بشواهده في (الصحيحة 722)! .

وأضاف علة أخرى في سنده، وهي أن عوف بن محمد ترجم له الخطيبُ، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.

كذا قال! وعَوْفٌ هذا، قال عنه أبو حاتم:"ثقة"(الجرح والتعديل 7/ 16)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 521)، (8/ 523).

ص: 631