المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌162 - باب ختان الرجال بعد الكبر - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ: سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌137 - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌138 - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌139 - بَابُ ما روي في التَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌أبواب فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ

- ‌140 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌141 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ اللِّحْيَةِ

- ‌142 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي طُولِ اللِّحْيَةِ

- ‌143 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خِفَّةِ اللِّحْيَةِ

- ‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

- ‌145 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ وَطُولَ الشَّارِبِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

- ‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

- ‌148 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ

- ‌149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ

- ‌150 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّنَوُّرِ

- ‌151 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ

- ‌152 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌153 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌154 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنَ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ

- ‌155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ

- ‌156 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ

- ‌157 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌158 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خَضْبِ الْأَظْفَارِ

- ‌159 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَفْنِ الْأَظْفَارِ وَالشَّعَرِ وَالدَّمِ

- ‌160 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعَرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا

- ‌أبواب الْخِتَانِ

- ‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

- ‌163 - بَابٌ: هَلْ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بِالْخِتَانِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

- ‌165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌166 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَجِّ الْأَقْلَفِ

- ‌167 - بَابُ وَقْتِ الْخِتَانِ

- ‌168 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَعْوَةِ الْخِتَانِ

- ‌169 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ شُهُودِ الْخِتَانِ

- ‌170 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ بَوْلِ الْأَقْلَفِ

الفصل: ‌162 - باب ختان الرجال بعد الكبر

‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

1063 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[اللغة والفوائد]:

القَدوم: اختُلِف في ضبطها، وفي المراد بها؛ فقال بعضُهم:((بِالقَدُّومِ)) بتشديد الدال، وقال آخرون:((بِالقَدُومِ)) بالتخفيف، كما نبَّه على ذلك الإمام البخاريُّ عَقِبَ الحديث.

وقيل: المراد بها: اسمُ مكان، وقيل: آلةُ النَّجَّار.

قال ابن حَجَر: "فعلى الثاني هو بالتخفيف لا غير، وعلى الأول: ففيه اللغتان، هذا قول الأكثر، وعكَسَه الدَّاوُدي، وقد أَنكر ابنُ السِّكِّيت التشديدَ في الآلة، ثم اختُلِف؛ فقيل: هي قرية بالشام، وقيل ثَنِيَّة بالسَّراة، والراجح أن المراد في الحديث الآلةُ"(فتح الباري 6/ 390).

وسبقه لذلك الإمام النَّوَويُّ؛ حيث قال: "رُواةُ مسلمٍ متفقون على تخفيف القَدُوم، ووقع في روايات البخاري الخلافُ في تشديده وتخفيفه، قالوا: وآلةُ النَّجَّار يقال لها: قَدُوم، بالتخفيف لا غير، وأما القدوم- مكان

ص: 553

بالشام-: ففيه التخفيف والتشديد؛ فمَن رواه بالتشديد أراد القرية، ومَن رواه بالتخفيف يحتمل القرية والآلة، والأكثرون على التخفيف، وعلى إرادة الآلة" (شرح مسلم 15/ 122).

وقال أيضًا: "وهذا الذي وقع هنا: ((وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً)) هو الصحيح، ووقع في الموطأ ((وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً)) موقوفًا على أبي هريرة، وهو متأوَّلٌ أو مردودٌ"(شرح مسلم 15/ 122). وسيأتي الكلامُ على هذه الروايةِ قريبًا.

[التخريج]:

[خ 3356 "واللفظ له"، 6298 "والزيادة له" / م 2370 / حم 8281، 9408، 9622 / عه 10428 - 10430/ عل 5981 / بز 7828، 7939، 8358، 8853 / طش 124، 3323 / بخ 1244 / عيال 581 / طبت (1/ 286) / هقغ 3465 / هق 17634 / هريرة 24 / عد (7/ 138)، (9/ 566) / كر (6/ 195 - 198) / تمهيد (23/ 138) / شد 189 / حداد 3604 / وسيط (1/ 202 - 203) / عساكر (اختتان 9 - 11) / تحقيق 1868 / سبكي (1/ 488 - 489) / غلق (4/ 14 - 15) / طولون (إبراهيم ص 39) / تاريخ السراج (الفتح 11/ 90)]

[السند]:

قال أحمدُ (9408)، والبخاري (3356)، ومسلمٌ (2370): حدثنا قُتَيْبةُ بن سعيد، حدثنا مُغيرة بن عبد الرحمن القرشيُّ (الحِزامي)، عن أبي الزِّناد، عن الأَعْرج، عن أبي هريرة، به.

وأبو الزِّناد هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن ذَكْوان: ثقة ثبْتٌ فقيه إمامٌ.

ص: 554

والأعرج هو: عبد الرحمن بن هُرْمُزَ: ثقة ثبْتٌ عالم.

والمُغيرة بن عبد الرحمن، تَكلَّم فيه بعضُهم، ولذا قال الحافظ:"ثقةٌ، له غرائبُ"(التقريب 6845).

وقد ذَكر ابنُ عَدِي هذا الحديثَ في ترجمة مُغيرةَ من (الكامل)، عن النَّسائي، عن قُتَيْبة به، ثم قال:"وبهذا الإسنادِ حدَّثَناه ابنُ شُعيب، عن قُتَيبةَ، بأربعين حديثًا عامَّتُها مستقيمةٌ"(الكامل 9/ 566).

قلنا: ولم ينفرد به، بل تابعه غيرُ واحد من الثقات:

فأخرجه البخاري (6298) قال: حدثنا أبو اليَمان، أخبرنا شُعيب بن أبي حمزة، حدثنا أبو الزِّناد، به.

وأخرجه أحمد (8281) قال: حدثنا عليُّ بن حفْص، أخبرنا وَرْقاءُ، عن أبي الزِّناد، به، بلفظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ)).

وعليُّ بن حفْص هو أبو الحسن البغدادي: أثنَى عليه أحمدُ، ووثَّقه ابن مَعين، وابنُ المَدِيني، وأبو داودَ، وغيرُهم. انظر (تهذيب التهذيب 7/ 309).

وورقاء هو ابن عُمر اليَشْكُري: صدوق من رجال الشيخين (التقريب 7403). وقد تُوبِع الأعرجُ عليه، قال البخاري (عقب رقم 3356):"تابعه عَجْلانُ، عن أبي هريرة، ورواه محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمة".

قلنا: فأمَّا متابعةُ عَجْلانَ:

فأخرجها أحمدُ (9622) قال: حدثنا يحيى، عن ابن عَجْلان، قال:

ص: 555

سمعت أَبي يحدِّث، عن أبي هريرة، فذَكره.

وأخرجه البزَّار (8358) وأبو العباس السَّرَّاج في (تاريخه)، وغيرُهما: من طريق يحيى القَطَّان، به.

وأخرجه البَيْهَقي في (الصغرى 3465) من طريق اللَّيْث بن سعد، عن ابن عَجْلان

به.

وهذا إسناد حسن؛ فابنُ عَجْلانَ هو محمد بن عَجْلان، قال عنه الحافظ:"صدوق إلا أنه اختلطَتْ عليه أحاديثُ أبي هريرة"(التقريب 6136). يعني: أحاديثَه عن سعيدٍ المَقْبُري عن أبي هريرة خاصة، كما هو مشهورٌ في ترجمته.

وأبوه هو عَجْلانُ مولى فاطمةَ بنتِ عُتْبة: "لا بأس به" كما في (التقريب 4534).

ولذا قال الألباني: "إسناده جيِّد، على ما في محمد بن عَجْلانَ من ضعفٍ يسير"(الضعيفة 5/ 130).

قلنا: وأما متابعة أبي سلَمة:

فأخرجها البزَّار (7939) عن محمد بن بَشَّار، عن عبد الوهاب الخَفَّاف.

وأخرجه أبو يَعلَى (5981، مع 5977) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 6/ 197)

(1)

- عن وَهْب بن بَقِيَّة، عن خالد بن عبد الله

(1)

إلا أنه وقع في مطبوع التاريخ: (خالد بن محمد بن عمر عن أبي سلمة)، فتحرفت (عن) إلى (بن)، و (محمد بن عمرو) إلى (بن عمر)، وقد جاء على الصواب في مسند أبي يَعلَى (5977).

ص: 556

الواسطي.

كلاهما عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد حسَنٌ مِن أجْل محمد بن عَمرو بن عَلْقَمة؛ فإنه صدوقٌ له أوهامٌ كما في (التقريب 6188).

وحسَّنه الألباني في (الضعيفة 5/ 131).

[تنبيهات]:

الأول: سَقطَ أبو اليَمان (شيخ البخاري) من المطبوع من (الأدب المفرد 1244)، وهو مُثْبَت في المخطوط.

الثاني: جاء في المطبوع من (تاريخ دمشق 6/ 197): "بكر يعني: ابنَ سُلَيْمان الصَّوَّاف بن أبي عجلان عن أبيه عن أبي هريرة

وذكر الحديثَ"!

كذا، والصواب:"بكر بن سُلَيْمان الصَّوَّاف، عن ابن عَجْلان".

* * *

ص: 557

رِوَايَة: ((وَاخْتَتَنَ بِالْفَأْسِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((

وَاخْتَتَنَ بِالْفَأْسِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف بهذا اللفظ، والمحفوظ:((بِالْقَدُومِ))، كما تقدم في الصحيحين.

[التخريج]:

[كر (38/ 431)]

[السند]:

قال ابن عساكر: كتب إليَّ أبو بكر عبد الغفار بن محمد الشِّيرُويي- وحدثني أبو المحاسن عبد الرزاق بن محمد الطَّبَسي عنه-، أنا أحمد بن إسحاق الحَرَشي، نا محمد بن يعقوبَ الأَصَمُّ، نا الحسن بن عليٍّ، نا عثمان بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبانَ، عن عبد الله بن الفضل، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علل:

الأولى: عثمان بن عبد الرحمن الطَّرائِفي، قال عنه ابن حِبَّان:" يروي عن أقوامٍ ضِعافٍ أشياءَ يُدلِّسها عن الثقات، حتى إذا سمِعها المستمعُ لم يشُكَّ في وضْعها. فلما كثُر ذلك في أخباره التزقَتْ به تلك الموضوعاتُ، وحمَلَ عليه الناسُ في الجرح، فلا يجوز الاحتجاجُ عندي بروايته كلِّها على حالة من الأحوال؛ لِمَا غلَبَ عليها من المناكير عن المشاهير، والموضوعاتِ عن الثقات "(المجروحين 2/ 70 - 71). وقد عنعن.

الثانية: أحمد بن إسحاقَ الحَرَشي، لم نقف له على ترجمة.

ص: 558

الثالثة: عبد الرحمن ابن ثَوْبان، مختلَفٌ فيه، وقد لخَّصه الحافظُ فقال:"صدوق، يُخْطئ، ورُمي بالقدَر، وتَغيَّر بأَخَرَة"(التقريب 3820).

ولكن المحفوظ عنه عن عبد الله بن الفضل، (عن الأعرج)، عن أبي هريرة، به بلفظ:((الْقَدُوم)).

كذا رواه الطبريُّ في (تاريخه 1/ 286)، والطبرانيُّ في (مسند الشاميين 124)، وابنُ عَدِي في (الكامل 7/ 138)، من طريق غَسَّانَ بنِ الرَّبيع.

ورواه ابن عساكر في (تاريخه 6/ 196)، من طريق الوليد بن مسلم، ومحمد بن يوسفَ الفِرْيابي،

جميعًا عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثَوْبان، عن عبد الله بن الفضْل، به، بلفظ:((الْقَدُوم)).

بل وكذا رواه البزَّارُ (8853) عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل، عن عثمان بن عبد الرحمن، به، على الصواب.

فإن ثبت ذلك؛ فيكون هذا اضطرابًا من الطرائفي، ولكن شيخ البزَّار لم نقف له على ترجمة.

وقد رواه أبو الزِّناد، عن الأعرج، به، على الصواب، كما في الصحيحين، وكذا رواه أبو سلَمةَ بنُ عبد الرحمن، وعَجْلَانُ المَدَني، عن أبي هريرة، به، كما تقدَّم.

وقد قال بعضُ العلماء: ((القَدُومُ)) هو الفأس

(1)

، فيكون من باب الرواية بالمعنى، والله أعلم.

* * *

(1)

ذكره الحافظ في (الفتح 11/ 90) عن يحيى القَطَّان.

ص: 559

رِوَايَة: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ عَلَى رَأْسَ ثَمَانِينَ سَنَةً)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ)).

[الحكم]:

شاذٌّ بهذا اللفظ.

[التخريج]:

[(كر 6/ 201)]

[السند]:

قال ابن عساكر: أخبرنا أبو المَعالي محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسين، أنا أبو حامد أحمد بن الحسن بن محمد الأزهري، أنا أبو محمد الْمَخْلَدي، أنا أبو العباس السَّرَّاج، أنا محمد بن عثمان بن كَرامةَ العِجْلي، نا أبو أسامة، حدثني محمد بن عَمرو، نا أبو سلَمةَ بنُ عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات إلا محمد بن عَمرو فـ"صدوقٌ له أوهام" كما في (التقريب 6188).

إلا أن لفظةَ: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ)) شاذَّة؛ فقد انفرد بها محمدُ بن عثمان بن كَرامةَ، عن أبي أسامة، عن محمد بن عَمرو، به.

وابنُ كَرامة وإن كان ثقة، إلا أنه خُولِف فيه ممن هو أحفظُ منه وأتقنُ، فقد رواه محمد بن عبد الله بن المبارَك (وهو ثقة حافظٌ إمام) - كما عند ابن أبي الدنيا في (قِرَى الضيف 5) -، عن أبي أسامة، عن محمد بن

ص: 560

عَمرو، به، مقتصرًا على الشَّطر الأول من الحديث فقط.

وقد رواه خالد بن عبد الله- كما عند أبي يَعلَى-، وعبد الوهاب الخَفَّاف- كما عند البزَّار-، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمةَ، عن أبي هريرة، بلفظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ)). ولم يَقُولا: (أَوَّلُ).

وكذا رواه الأعرج عن أبي هريرة، كما عند البخاري ومسلم وغيرِهما.

وكذا رواه محمد بن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة- كما عند أحمدَ والبزَّارِ وغيرِهما-.

وكان الشيخ الألباني قد حسَّن هذا الحديثَ في (الصحيحة 725)، و (صحيح الجامع 4451).

ثم تراجع عن ذلك في (الضعيفة)، فقال:" هذا إسناد حسن، وفي أوَّله زيادةٌ عند ابن عساكر، كنتُ قديمًا خرَّجتُها في "الصحيحة"، والآن داخَلني شكٌّ في رفْعها"(الضعيفة 5/ 131).

* * *

ص: 561

رِوَايَة: ((أَوَّل مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَة)):

• وَفِي رِوَايَةٍ مَرْفُوعَةٍ، بِلَفْظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَانَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنِ اخْتَتَنَ، وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ)).

[الحكم]:

منكَر بهذا اللفظ، وهو معلول بالوقف، وقد ضعَّفه ابن العَدِيم، وابنُ القيِّم، وابن حَجَر، والألباني، وغيرُهم. والمحفوظ أن ذلك كان عندما بلغ الثمانين من عُمُره عليه السلام.

[التخريج]:

[حب 6242"واللفظ له"، 6243/ شعب 8270 / طبل 11 / عد (1/ 502 - 503)، (6/ 503) "والرواية له ولغيره" / كر (6/ 198)، (53/ 300) / عساكر (اختتان 16، 17) / فوائد ابن السِّماك (الفتح 11/ 89)، (رسالة في أحاديثَ ضعيفة لابن عبد الهادي ص 65)].

[التحقيق]:

هذا الحديث منكَر الإسناد، والمتن؛ فأمَّا الإسنادُ، فرُوي من عدة طُرقٍ عن أبي هريرة:

الطريق الأول:

يُروَى من طريق ابنِ جُرَيج والأوزاعيِّ وعليِّ بن مُسْهِر: عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة.

وهذه الطرق كلُّها معلولة، وإليك بيانها بالتفصيل:

فأما طريق ابن جُرَيج؛

ص: 562

فأخرجه ابن حِبَّان (6242) قال: أخبرنا المُفَضَّل بن محمد الجَندي، بمكة، حدثنا عليُّ بن زياد اللَّحْجي، حدثنا أبو قُرَّة، عن ابن جُرَيج، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: عنعنة ابنِ جُرَيج، فإنه كان وحشَ التدليس، لا يدلِّس إلا فيما سمِعه من مجروح مِثْل إبراهيمَ بن أبي يحيى، وموسى بن عُبيدة، وغيرِهما، كما قال الدارَقُطْني في (سؤالات الحاكم له 265).

قلنا: وهذا ما فعله هنا؛ فقد رواه ابن عَدِي في (الكامل 1/ 502 - 503) قال: حدثنا محمد بن أبي علي الخُوارَزْمي، حدثني عبد الله بن أحمد بن سَوادة، حدثني هارون بن آدم، حدثنا حَجَّاج، عن ابن جُرَيج، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام).

وذكر الدارَقُطْني في (العلل) متابِعَيْن لحَجَّاج؛ فقال: "رواه ابن جُرَيج واختُلِف عنه؛

فرواه أبو قُرَّةَ موسى بنُ طارق، عن ابن جُرَيج، عن يحيى بن سعيد، (عن الزُّهْري)

(1)

، عن سعيد، عن أبي هريرة.

وخالفه صَفْوان بنُ هُبَيْرة، وهشام بن سُلَيْمان، فرَوَياه عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد، (عن) يحيى بن سعيد، مرفوعًا أيضًا" (العلل 3/ 427).

(1)

كذا، وقد وقع عند ابن حِبَّان من طريق أبي قرة بدون ذكر (الزُّهْري) - كما سبق -، فإما أنه سبْقُ قلَمٍ من الناسخ، أو وجْهٌ آخَرُ على أبي قُرَّة، والله أعلم.

ص: 563

فكأنَّ ابنَ جُرَيج دلَّسه لأبي قُرَّة، وسمِعه هؤلاء منه على الصواب، وأمَّا إبراهيم بنُ أبي يحيى هذا فكذَّبه مالك، ويحيى القَطَّانُ، وابن المَدِيني، وابنُ مَعِين، وغيرُهم (تهذيب التهذيب 1/ 158 - 159).

الثانية: المخالفة، فقد رواه ابن سعد في (الطبقات 1/ 30 - 31)، قال: أخبرنا مَعْنُ بن عيسى، أخبرنا مالك بنُ أنس.

ورواه ابن أبي شَيْبة في (المصنف 34620)، عن عَبْدَةَ بن سُلَيْمان.

ورواه البخاري في (الأدب 1250)، عن سُلَيْمان بن حرْب، عن حماد بن زيد.

ورواه البزَّار (7828)، عن محمد بن المُثَنَّى، عن عبد الوهاب الثَّقَفي.

ورواه الحاكم في (المستدرك 4071)، من طريق أبي معاوية.

ورواه البَيْهَقي في (الشُّعَب 8271)، من طريق جعفر بن عون.

ستتُهم: (مالك، وعَبْدَة، وحمَّاد بن زيد، وعبد الوهاب، وأبو معاوية، وابنُ عَوْن، وغيرُهم

(1)

) عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيِّب، عن أبي هريرة، موقوفًا.

وخالفهم ابنُ أبي يحيى (الكذاب) - كما في هذه الرواية-، فرواه عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيِّب، عن أبي هريرة، مرفوعًا.

وأما طريق الأَوْزاعي؛

فقد أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 6/ 198)، وفي (الاختتان

(1)

انظر (علل الدارَقُطْني 1352)، فقد بلغ بهم ثلاثةَ عشرَ راويًا.

ص: 564

17): من طريقين عن الوليد بن مسلم، قال: أخبرنا الأَوْزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

وهذا سند ضعيف؛ فهو من رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، والوليد ثقةٌ لكنه يدلِّس تدليسَ التَّسْوية، وقد عنعنه بين الأوزاعي وشيخِه، وكان الوليدُ مشهورًا بإسقاط الضعفاء من شيوخ الأوزاعي وتسويةِ حديثِه، كما سيأتي في كلام ابن القيِّم.

وعلى فرْض أنه صرَّح بالتحديث فهو شاذٌّ أيضًا؛ لأن الأوزاعي، وإن كان إمامَ أهل الشام، لا ينهض لمعارضة مَن هو أَوْلى منه عددًا وضبطًا (كمالك بن أنس، وعَبدَةَ، وحمادِ بن زيد، وعبد الوهاب الثَّقَفي، وغيرِهم) عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيِّب، عن أبي هريرة موقوفًا، كما تقدَّم آنفًا.

وقد أشار لذلك البزَّارُ، فقال:"وهذا الحديث رواه جماعةٌ عن يحيى بن سعيد، عن أبي هريرة موقوفًا. وأسنده عن يحيى: الأَوْزاعيُّ، رواه الوليد بن مسلم، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"(المسند 14/ 250).

وقال أبو محمد الجوهري: "وأكثر الرواةِ لم يرفعوه عن أبي هريرة، ورفعه الوليد بنُ مسلم فيما رواه الأَوزاعيُّ، وقد طُعن في روايته عن الأوزاعي. ثم ذَكرَ كلامَ مَن تكلَّم في الوليد، وهو من رجال الصحيحين الأثبات، لكنْ عنده تدليسٌ"(رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة لابن عبد الهادي ص 66).

فلا شكَّ بعد هذا أن رواية الأوزاعي - على فرْض سماعِه من يحيى-

ص: 565

شاذَّةٌ، وقد سُئِل الدارَقُطْنيُّ عن أثبتِ أصحابِ يحيى بن سعيد الأنصاري، فقال:" الثوري، ومالك، وسُلَيمان بن بلال، ويحيى بن سعيد القَطَّان، وعبد الوهاب الثَّقَفي"(سؤالات أبي عبد الله بن بُكَيْر البغداديِّ وغيرِه من المشايخ للدارقطني ص: 145).

وقال عليُّ بن المَدِيني: " ليس في الدنيا كتابٌ عن يحيى أصح من كتاب عبد الوهاب، وكلُّ كتاب عن يحيى هو عليه كَلٌّ - يعني: كتابَ عبدِ الوهاب-"(المعرفة والتاريخ 1/ 650).

وقال ابن مَعين: "لم يكن لحماد بن زيد كتابٌ إلا كتاب عن يحيى بن سعيد، قالوا: سمِعه هو وجَرير بن حازم من يحيى بن سعيد"(تاريخ ابن مَعين - رواية الدُّوري 187).

ولذا قال ابن القيم: "هذا حديث معلول، فقد رواه جعفر بن عَوْنٍ وعِكْرِمَةُ بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي هريرة قولَه، والمرفوع الصحيحُ أَوْلى منه، والوليد بن مسلم معروف بالتدليس؛ قال هيثم بن خارجة: قلت للوليد بن مسلم: قد أفسدْتَ حديثَ الأوزاعي، قال: كيف؟ قلتُ: تَروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزُّهْري، وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، وغيرُك يُدخِل بين الأوزاعي وبين نافع عبدَ الله بن عامر الأسلميَّ، وبينه وبين الزُّهْري إبراهيمَ بن مَيْسَرة وقُرَّةَ وغيرَهما، فما يحمِلُك على هذا؟ قال: أُنبِّل الأوزاعيَّ أن يَرويَ عن مثل هؤلاء! قلتُ: فإذا روَى الأَوْزاعيُّ عن هؤلاء، وهؤلاء ضِعافٌ أصحابُ أحاديثَ مناكيرَ، فأسقطْتَهم أنت وصيَّرْتَها من رواية الأوزاعي عن الثقات؛ ضعَّفت الأوزاعي، فلم يَلتفت إلى قولي. وقال أبو مُسْهِر: كان الوليد بن مسلم يحدِّث بأحاديثِ الأوزاعي عن الكذابين، ثم يدلِّسُها عنهم. وقال

ص: 566

الدارَقُطْني: الوليد بن مسلم يَروي عن الأوزاعي أحاديثَ هي عند الأوزاعيِّ عن شيوخٍ ضعفاءَ عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعيُّ، مِثْل نافع وعطاء والزُّهْري، فيُسقِط أسماءَ الضعفاء ويجعلُها عن الأوزاعي عن عطاء" (أحكام المولود ص 157).

وقال الألباني: "هذا إسناد ضعيف، وإن كان يَظهر للمبتدئ في هذا العلم أنه صحيح، وليس كذلك، لا سيما وقد خُولِف في رفعه، فقد رواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد به موقوفًا على أبي هريرة"(الضعيفة 2112).

وقد نقل ابنُ عبد الهادي تضعيفَ ابنِ العَدِيم لهذا الطريق، وتصحيحَ المِزِّيِّ له، في رسالته الموسومة بـ (رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة ص 65).

وأما طريق عليِّ بن مُسْهِر؛

فقد أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 6/ 198)، وفي (الاختتان 16): من طريق أبي العباس السَّرَّاج، نا أبو همَّام السَّكُوني، نا عليُّ بن مُسْهِر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

وهذا إسناد مُعَلٌّ؛ فقد رواه عن عليُّ بن مُسْهِر، أبو همام السَّكُوني مرفوعًا، وخالفه سُوَيد بن سعيد- كما عند ابن أبي الدنيا في (النفقة 580) -، فرواه عن ابن مُسْهِر به موقوفًا، وهو الصواب.

وسُوَيد بن سعيد، وإن كان متكلَّمًا في حفظه كما في (تهذيب التهذيب 4/ 275)، إلا أنه من أرْوَى الناس عن عليِّ بن مُسْهِر كما قال العِجْلي (699).

ومع هذا فقد تُوبِع عن يحيى بن سعيد على وقْف الحديثِ كما

ص: 567

سبق، والله أعلم.

الطريق الثاني: عن ابن عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.

أخرجه ابن حِبَّان (6243) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجُنَيد، ببُسْتَ، حدثنا قُتَيْبة بن سعيد، حدثنا اللَّيْث، عن ابن عَجْلانَ

به.

وابن الجُنَيد، ذكره ابن حِبَّان في (الثقات)، وقال:"كتبْنا عنه نُسخًا حِسانًا، وكان شيخًا صالحًا "(الثقات 9/ 155 - 156).

لكن رواه البَيْهَقي في (الصغرى 3465) من طريق يحيى بن بُكَيْر، عن الليث، عن ابن عَجْلان، به بلفظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ حِينَ بَلَغَ ثَمَانِينَ سَنَةً)).

وإسناده جيد، وهو الصواب عن الليث؛ لأن يحيى القَطَّانَ رواه كذلك عن ابن عَجْلان؛ كما أخرجه أحمد في (المسند 9622)، وغيرُه، عن يحيى القطَّان، عن ابن عَجْلانَ به، وهي الرواية الثابتة عن أبي هريرة، كما في الصحيحين من طريق الأعرج عن أبي هريرة.

والحمْل في الرواية الشاذةِ على ابن الجُنَيد، وإلصاقُ الوَهَمِ به أَوْلى من إلصاقه بقُتَيْبةَ؛ فإنه إمام كبيرُ القَدْر، قال عنه الذهبي:"شيخ الإسلام، المحدِّث، الإمام، الثقة، الجوَّال، راوية الإسلام"(السير 11/ 13).

وغمَزه الألبانيُّ بابن عَجْلانَ، فقال:"وهذا شاذٌّ أو منكَر مخالفٌ لرواية يحيى المتقدمةِ عند أحمدَ، ويحيى هو ابن سعيد القَطَّانُ الحافظ الثقة النَّقَّادُ، لكن اللَّيْث- وهو ابن سعد- هو مثْلُه أو قريب منه، فلا أستبعدُ أن يكون الخطأُ من ابن عَجْلانَ نفْسِه. والله أعلم"(الضعيفة 5/ 131).

وذهب الحافظ إلى أنه سقط من المتن شيءٌ، وقال:"إن هذا القَدْر هو مِقدارُ عُمُرِه"(الفتح 6/ 391).

ص: 568

وردَّه الألباني بقوله: "هذا مما لا دليل عليه، وادِّعاءُ السقْط يردُّه أنه عند غير ابن حِبَّانَ كذلك! ومن هؤلاء ما جاء في تمام قول الحافظ المذكور: "ووقع في آخر "كتاب العقيقة" لأبي الشيخ من طريق الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيِّب موصولًا مِثْلُه، وزاد:((وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً)). فعلى هذا يكون عاشَ مائتَيْ سنةٍ، والله أعلم".

الطريق الثالث: عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلَمة، عن أبي هريرة

به.

أخرجه الطبراني في (الأوائل 11)، قال: حدثنا أحمد بن عمرو الخَلَّال المكِّي، حدثنا يعقوب بن حُمَيد بن كاسِب، حدثنا سَلَمة بن رَجاء، عن محمد بن عَمرو

به.

وهذا إسناد منكَر؛ فيه سلَمة بن رجاء، مختلَفٌ فيه؛ قال عنه ابن مَعين:"ليس بشيء"، وقال النَّسائي:"ضعيف"، وقال ابن عَدِي:"أحاديثه أفرادٌ وغرائبُ، ويحدِّث عن قوم بأحاديثَ لا يتابَع عليها"، وقال الدارَقُطْني:"ينفرد عن الثقات بأحاديثَ".

وفي المقابل: قَوَّاه أبو زُرْعة، فقال:"صدوق"، وقال أبو حاتم:"ما بحديثه بأسٌ"، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات). انظر (تهذيب التهذيب 4/ 145).

ولخَّص الحافظ الخلافَ فيه بقوله: "صدوق يُغْرِب"(التقريب 2490).

* ويعقوب بن حُميد بن كاسِب، مختلَفٌ فيه أيضًا، وهو أقرب إلى الضعف، كما تقدَّم تقريرُه قبل كذلك، وانظر (تهذيب التهذيب 11/ 383 - 384).

وقد خُولِف فيه؛ فقد رواه أبو يَعلَى (5981) من طريق خالدٍ الواسطي،

ص: 569

ورواه البزَّار (7939) من طريق عبد الوهاب الثَّقَفي،

ورواه ابن عساكر في (تاريخه 6/ 201) من طريق أبي أسامةَ حمَّاد بن أسامة.

ثلاثتُهم عن محمد بن عَمرو

به بلفظ: ((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِينَ سَنَةً)).

وهولاءِ جميعًا ثقاتٌ، وهذا يدلُّ على نكارة روايةِ يعقوبَ بنِ حُميد عن سَلَمة.

ومما يؤكِّد خطأَ يعقوبَ فيه أنه اضطرب فيه؛ فقد قال هنا: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً)).

وأخرجه ابن أبي عاصم في (الأوائل 19) عن يعقوب بن حُميد، عن سَلَمة بن رَجاء

به بلفظ: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ)).

الطريق الرابع: عن أبي الزِّناد، عن، الأعرج، عن أبي هريرة

به.

أخرجه ابن عَدِي في (الكامل 6/ 351) - ومن طريقه البَيْهَقي في (الشعب 8270) -: عن محمد بن يحيى بن سُلَيْمان المَرْوزي،

ورواه ابن السَّمَّاك في (فوائده) - كما في (رسالة في أحاديث ضعيفة لابن عبد الهادي ص 65)، و (فتح الباري 11/ 89): عن حَنْبل بن إسحاق،

كلاهما (المَرْوزي، وحَنْبل) عن عاصم بن عليٍّ، حدثنا أبو أُوَيس، عن أبي الزِّناد

به.

ص: 570

وهذا إسناد منكَر؛ فيه علتان:

الأولى: أبو أُوَيس، وهو: عبد الله بن عبد الله بن أُوَيس بن مالك بن أبي عامر الأَصْبَحي؛ ضعَّفه الجمهور، واتَّهمه ابنُ مَعِين بسرقة الحديث، وانظر (تهذيب التهذيب 5/ 281).

وبه ضعَّفه ابنُ حَجَر، فقال:"ورُوِّيناه في فوائد ابن السَّمَّاك من طريق أبي أُوَيس، عن أبي الزِّناد، بهذا السند مرفوعًا، وأبو أُوَيس فيه لِينٌ"(الفتح 11/ 89).

الثانية: مخالفة الثقاتِ في متْنِه؛ فقد رواه البخاري (6298) وغيرُه من طريق شُعَيب بن أبي حمزة، ورواه أحمدُ (2/ 322) من طريق وَرْقاءَ، ورواه البخاري (3356)، ومسلم (2370) وغيرُهما، من طريق المُغيرة بن عبد الرحمن؛ ثلاثتُهم عن أبي الزِّناد بلفظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ)).

ولذا قال ابن العَدِيم: "هذا حديث ضعيفٌ، راويه عن أبي الزِّناد، أبو أُوَيس عبد الله بن عبد الله بن أُوَيس الأَصْبَحي المَدَني، وهو ضعيف، وقد خالفه غيرُه عن أبي الزِّناد"(رسالة لطيفة في أحاديث متفرقة ضعيفة لابن عبد الهادي ص 65).

وقال ابن القَيِّم: "هذا حديث معلول، رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة قولَه، ومع هذا فهو من رواية أبي أُوَيس عبد الله بن عبد الله المَدَني، وقد روَى له مسلم في صحيحه محتجًّا به، وروَى له أهلُ السنن الأربعة، وقال أبو داود: وهو صالح الحديث، واختلفَتِ الروايةُ فيه عن ابن مَعين، فروَى عنه الدُّوْري: في حديثه ضعْفٌ، وروى عنه توثيقه،

ص: 571

ولكن المغيرة بن عبد الرحمن وشعيب بن أبي حمزة وغيرهما رَوَوْا عن أبي الزِّناد خلافَ ما رواه أبو أُوَيس، وهو ما رواه أصحابُ الصحيح:((أَنَّهُ اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً))، وهذا أَوْلى بالصواب، وهو يدلُّ على ضعْف المرفوع والموقوف" (أحكام المولود ص 156).

هذا، وسيأتي الكلامُ على الرواية الموقوفة قريبًا.

[تنبيه]:

وقع في (فردوس الأخبار 44) بلفظ: "أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ، وَهُوَ غُلَامٌ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً"!

كذا وقع في ط دار الكتب العلمية، وهو غريب جدًّا بهذا اللفظ، وإن لم نقف على سنده.

وجاء في (ط دار الكتاب العربي 44): "وَهُوَ غُلَامٌ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ"!!

لكن قوله: "وَهُوَ غُلَامٌ"، لا يستقيمُ مع قوله:"ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَة"، فنخشَى أن يكون المحقِّق زاد كلمة (مائة) اجتهادًا لتوافقَ بقيةَ رواياتِ الحديث، والله أعلم.

وعلى كلٍّ، فالمحفوظ في هذا الحديث أن إبراهيم اختتن وهو ابن ثمانين سنةً، وما عدا ذلك فشاذٌّ أو منكَر، كما تقدَّم، وكما سيأتي.

* * *

ص: 572

رِوَايَة: ((عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ، عَلَى رَأْسِ ثَلَاثِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ)).

[الحكم]:

منكَر بهذا اللفظ، والمحفوظ أن ذلك كان عندما بلغ الثمانين من عُمُره عليه السلام.

[التخريج]:

[سعل 19]

[السند]:

قال ابن أبي عاصم في (الأوائل): حدثنا يعقوب، حدثنا سَلَمة بن رَجاء، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة، مرفوعًا به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه سَلَمة بن رَجاء، ويعقوب بن حُمَيد، وكلاهما فيه ضعفٌ، وقد تقدَّم الكلامُ عليهما في الرواية السابقة.

وقد خُولِفا في متْنِه كما تقدَّم بيانُه، مع هذا الاضطرب في متنه، فقد تقدَّم عن يعقوبَ عن سَلَمة به بلفظ ((مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً)).

ويحتمل أن تكون هذه الروايةُ - نعني: قولَه "ثَلَاثِينَ"- خطأً من الناسخ أو الطابع كما أشار إليه الألباني في (الضعيفة 2112). فالله أعلم.

* * *

ص: 573

وَفِي رِوَايَةٍ: ((

وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ بِقَدُومِهِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، مَرْفُوعًا:((إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلُ مَنْ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلُ مَنْ رَأَى الشَّيْبَ، وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ بِقَدُومِهِ ابْنَ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ)).

[الحكم]:

منكر بهذا اللفظ. وضعَّفه ابن عَدِي، وابنُ القَيْسَراني، والألباني.

[التخريج]:

[عد (6/ 531) "واللفظ له" / شعب 8272]

[السند]:

أخرجه ابن عَدِي في (الكامل) - ومن طريقه البَيْهَقي-: حدثنا أبو عَرُوبة، حدثنا محمد بن يحيى بن كَثير، حدثنا عبد الله بن واقِدٍ، عن حمَّاد بن سَلَمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبو قَتادَة عبد الله بن واقِد؛ وهو ضعيف جدًّا، قال عنه البخاري:"منكَر الحديث، تركوه"(التاريخ الكبير 5/ 219)، وقال النساني:"متروك الحديث"(الضعفاء 337)، وقال ابن عَدِي بعد أنْ روَى له مجموعةَ أحاديثَ، منها هذا الحديث:"وله أحاديثُ كثيرةٌ غيرُ ما ذكرتُ وغرائبُ"(الكامل 6/ 533).

وقال الحافظ: "متروك

وكان يدلِّس" (التقريب 3687).

وبه ضعَّفه ابنُ القَيْسَراني، فقال:"وهذه الزيادات يرويها أبو قتادة، وهو ضعيف"(ذخيرة الحفاظ 1/ 517).

ص: 574

قلنا: وقد خالفه مَن هو أوثق منه، ألا وهو يَزيدُ بن هارون؛ فرواه عن حماد بن سَلَمةَ به موقوفًا مختصرًا مقتصرًا على ذِكر اختتانِ إبراهيمَ وهو ابنُ مائة وعشرين سنةً، كما عند الحاكم (2/ 551)، وقد سبق في الرواية التى قبلها.

* * *

ص: 575

1064 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: ((رَبَطَ إِبْرَاهِيمُ

)):

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((رَبَطَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام غُرْلَتَهُ وَجَمَعَهَا إِلَيْهِ، فَحَدَّ قَدُومَهُ، وَضَرَبَ قَدُومَهُ بِعُودٍ مَعَهُ، فَنَدَرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا أَلَمٍ وَلَا دَمٍ)).

[الحكم]:

باطل موضوع. وضعَّفه ابن عساكر.

[التخريج]:

[كر (6/ 200) "واللفظ له" / عساكر (اختتان 15)].

[السند]:

قال ابن عساكر في الموضعين- والسياق للتاريخ-: أخبرَناه أبو القاسم هِبة الله بن أحمد بن عُمر الحَريري، أنا محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر أبو الحسن، أنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن (بن

(1)

) محمد بن شَاذَانَ، نا أبو عليٍّ (الحُسين

(2)

) بن خير بن (حَوْثَرَة)

(3)

بن يَعيشَ بن الموفَّق بن أبي

(4)

النُّعْمان الطَّائي الحِمْصي بحِمْص، نا أبو القاسم

(1)

- في المطبوع "نا"، وهو خطأ، وقد جاء على الصواب في (الاختتان)، وانظر (تاريخ بغداد 1614).

(2)

- في المطبوع "الحسن"، والصواب المثبَت، انظر (اللسان 2/ 282)، مع (تاريخ دمشق 1/ 112، 2/ 181).

(3)

- في المطبوع "جويزة" بالزاي، وفي بعض المواضع من التاريخ "جويرة"(2/ 181)، وكذا جاءت في (اللسان 2/ 282)، وضبطها أبو غدة في نسخته:"حوثرة"(اللسان 2509)، وكذا جاءت في غير ما موضع من التاريخ (1/ 112)، (15/ 12)، وفي الاختتان:"حوثر" بدون تاء، والمثبَت أصحُّ.

(4)

- زِيد بعدها في المطبوع كلمة "عن"، وهي زيادة مقحمةٌ خطأ، وقد جاء على الصواب في المواضع الأخرى من التاريخ.

ص: 576

عبد الرحمن بن يحيى بن أبي (النَّعَّاس)

(1)

، نا عبد الله بن عبد الجبار الخَبائِري، نا الحَكَم بن عبد الله بن خُطَّاف، حدثني الزُّهْري، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقطٌ واهٍ؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: الحَكَم بن عبد الله بن خُطَّاف؛ وهو كذاب، وقال ابن مَعين والنَّسائيُّ:"ليس بثقة"، وزاد النَّسائي:"ولا مأمون"، وفي موضع آخَرَ:"ولا يُكتب حديثُه"، وكذَّبه أبو مُسْهِر، وكذا أبو حاتم فقال:"كذاب، متروك الحديث"، وقال الدارَقُطْني:"كان يضع الحديث، روَى عن الزُّهْري عن ابن المسيِّبِ نسخةً نحوَ خمسين حديثًا أو أكثرَ منكَرةً لا أصل لها". انظر (ميزان الاعتدال 2179)، و (تهذيب التهذيب 12/ 119).

الثانية والثالثة: الحسين بن خير بن حَوْثَرة بن يَعيشَ، وشيخُه أبو القاسم عبد الرحمن بن يحيى بن أبي النَّعَّاس؛ قال ابن عساكر:"هو وشيخُه مجهولان"(اللسان 3/ 442).

والحديث ضعَّفه ابن عساكر، فقال:"هذا الحديث إسناده ضعيفٌ، ولفظه غريبٌ ظريف، خالفه غيرُه في مبلغ عُمُر الخليلِ حين اختتن"(الاختتان ص 36).

* * *

(1)

- كذا في المطبوع بالعين والسين المهملتين، وكذلك في غير ما موضع من التاريخ، وفي (اللسان 3/ 442)"النقاش" بالقاف والشين المعجمة، وضبطها أبو غدة "النعاش" بالعين المهملة والشين المعجمة، وفي الاختتان:"النحاس"! بالحاء والسين المهملتين.

ص: 577

رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَوْقُوفَةُ:

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً)).

[الحكم]:

شاذ بهذا اللفظ، وإلى شذوذه أشار النَّوَوي، وابنُ القيم، وابنُ العَدِيم، وابن طُولُونَ. واستنكره الألباني مرَّةً، وحكم عليه بالوضع أخرى.

[التخريج]:

[ك 4070، 4071 / ش 26996، 34620 / بخ 1250 "واللفظ له" / عفان 3 / سعد (1/ 30 - 31) / عيال 580 / عَرُوبة (الأوائل 24) / شعب 8271 / كر (6/ 198 - 199، 202) / شد 184 / طولون (إبراهيم ص 41)]

[السند]:

قال البخاري في (الأدب المفرد): حدثنا سُلَيمان بن حَرْب، قال: حدثنا حَمَّاد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، به.

ورواه ابن أبي شَيْبة: عن عَبْدَة بن سُلَيمان، عن يحيى بن سعيد، به.

ومدارُ الحديث- عندَهم-: على يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، به

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقاتٌ رجالُ الشيخين، وهذا الموقوف أَوْلى من المرفوع السابق، إلا أن متْنَه شاذٌّ؛ فقد رواه عن أبي هريرة: الأَعْرج، وعَجْلانُ

ص: 578

المَدَني، وأبو سَلَمة، مرفوعًا بلفظ:((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِيُّ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ)).

واعتمده البخاري ومسلمٌ في صحيحيهما، وقد جمع بعضُهم بين الروايتين، بأنْ قال:"الروايتان صحيحتان، ووجْهُ الجمعِ بين الحديثين يُعرَف من مدة حياة الخليل، فإنه عاش مائتَيْ سنةٍ، منها ثمانون غيرُ مختون، ومنها عشرون ومائة سنةٍ مختونًا، فقولُه: اختتن لثمانين سنةً مَضَتْ من عُمُره، والحديث الثاني: اختتن لمائةٍ وعشرين سنةً بَقِيَتْ من عُمُره". نقله ابن القيِّم عن بعضِهم، وتعقَّبه قائلًا:"في هذا الجمع نظرٌ لا يخفى؛ فإنه قال: ((أَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً))، ولم يقل: اختتن لمائة وعشرين سنةً! وقد ذَكرْنا روايةَ يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة موقوفًا عليه: أَنَّهُ اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، والرواية الصحيحة المرفوعةُ عن أبي هريرة تخالِفُ هذا، على أن الوليد بن مسلم قد قال: أخبرني الأوزاعيُّ، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة يَرفَعُه، قال: ((اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ سَنَةً))، وهذا حديث معلول؛ فقد رواه جعفرُ بن عَوْن وعِكْرِمةُ بن إبراهيم، عن يحيى بن سعيد، عن أبي هريرة قولَه، والمرفوع الصحيحُ أَوْلى منه، والوليد بن مسلم معروفٌ بالتدليس"(أحكام المولود ص 156).

وقال ابن حَجَر: "وقد حاول الكمال بن طَلْحةَ في جزء له في الختان الجمعَ بين الروايتين، فقال: نُقِل في الحديث الصحيح أنه اختتن لثمانين، وفي رواية أخرى صحيحةٍ أنه اختتن لمائةٍ وعشرين، والجمع بينهما: أن إبراهيم عاش مائتَيْ سنةٍ، منها ثمانين سنةً غير مختون، ومنها مائة وعشرين وهو مختون، فمعنى الحديث الأول: اختتن لثمانين مَضَتْ من عُمُرِه، والثاني:

ص: 579

لمائةٍ وعشرين بَقِيَت من عُمُره.

وتعقَّبه الكمال بن العَدِيم في جزء سمَّاه "المُلْحة في الرد على ابن طلحة"، بأنَّ في كلامه وهْمًا من أوجه؛ أحدها: تصحيحُه لرواية مائة وعشرين، وليست بصحيحة، ثم أوردها من رواية الوليد عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة مرفوعة، وتعقَّبه بتدليس الوليد، ثم أورده من فوائد ابن المُقْرئ من رواية جعفر بن عَوْن عن يحيى بن سعيد به موقوفًا، ومن رواية عليِّ بن مُسْهِر وعِكْرِمَةَ بن إبراهيمَ، كلاهما عن يحيى بن سعيد كذلك.

ثانيها: قوله في كلٍّ منهما: "لثمانين""لمائة وعشرين"، ولم يَرِدْ في طريق من الطرق باللام، وإنما ورد بلفظ:((اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ))، وفي الأخرى:((وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ))، وورد الأول أيضًا بلفظ:((عَلَى رَأْسِ ثَمَانِينَ))، ونحو ذلك.

ثالثها: أنه صُرِّح في أكثر الروايات أنه عاش بعد ذلك ثمانين سنةً؛ فلا يوافِقُ الجمْعَ المذكورَ أن المائة وعشرين هي التي بَقِيَت من عُمُره.

ورابعها: أن العرب لا تزال تقول: "خَلَوْنَ" إلى النصف، فإذا تجاوزَتِ النصفَ قالوا:"بَقِينَ". والذي جمَع به ابنُ طلحةَ يقع بالعكس، ويلزم أن يقول فيما إذا مضى من الشهر عشرة أيام: لعشرين بَقِين! وهذا لا يُعرَف في استعمالهم. ثم ذكر الاختلافَ في سنِّ إبراهيمَ، وجَزَمَ بأنه لا يثبُتُ منها شيءٌ، منها قول هشام بن الكَلْبي عن أبيه، قال:((دعا إبراهيمُ الناسَ إلى الحج، ثم رجَع إلى الشام فمات به، وهو ابن مائتَيْ سنةٍ)). وذكر أبو حُذيفةَ البخاري أحدُ الضعفاء في المبتدأ بسند له ضعيفٍ أن إبراهيم عاش مائةً وخمسًا وسبعين سنةً. وأخرج ابن أبي الدنيا من مرسل عُبَيد بن عُمَير في

ص: 580

وفاة إبراهيمَ وقصتِه مع ملَك الموت ودخولِه عليه في صورة شيخ فأضافه فجعل يضع اللقمةَ في فيه فتتناثرُ ولا تَثبُتُ في فيه، فقال له: كم أتَى عليك؟ قال: مائة وإحدى وستون سنةً، فقال إبراهيم في نفْسِه- وهو يومئذ ابنُ ستين ومائةٍ-: ما بَقِيَ أن أصير هكذا إلا سنةٌ واحدةٌ، فكَرِهَ الحياةَ، فقبَض ملَكُ الموت حينئذٍ رُوحَه برضاهُ.

فهذه ثلاثة أقوال مختلفة يتعسَّرُ الجمعُ بينها، لكن أَرْجَحها الروايةُ الثالثة، وخطَرَ لي بعدُ أنه يجوز الجمعُ؛ بأن يكون المرادُ بقوله:((وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ)) أنه من وقت فارقَ قومَه وهاجرَ من العراق إلى الشام وأن الرواية الأخرى: ((وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ)) أي: مِن مَوْلِده، أو أن بعض الرواة رأَى (مائةً وعشرين) فظنَّها (إلا عشرين)، أو بالعكس. والله أعلم" (الفتح 11/ 89).

وقال النَّوَوي- معلِّقًا على رواية الصحيح-: "وهذا الذي وقع هنا: ((وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً)) هو الصحيح. ووقع في الموطأ: ((وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً)) موقوفًا على أبي هريرة، وهو متأوَّلٌ أو مردودٌ"(شرح مسلم 15/ 122).

وقال ابن طُولُون- عَقِبَ الرواية الموقوفة-: "والصحيح ما تقدَّم مرفوعًا في الصحيحين: ((أَنَّهُ عليه السلام اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً)). والله سبحانه أعلم"(تفسير {إن إبراهيم كان أمة} ص 42).

ولذا قال الألباني: "فهذه الطرق الصحيحة المرفوعةُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ((أَنَّ إِبْرَاهِيمَ اخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ)) تدلُّ على بطلان الرواية التي نحن في صدد الكلام عليها، فالصواب فيها الوقف، فلا داعي بعد هذا التحقيقِ إلى التوفيق بينها وبين الحديث الصحيح كما فعل بعضُهم، مثْلُ الكمال بن طَلْحة، وقد رَدَّ عليه ابنُ العَدِيم فأحسن، وصرَّح بأنها ليست بصحيحة، كما

ص: 581

تراه مشروحًا في (الفتح)". قال: "ومجمل القول: إن حديث الترجمة منكَرٌ، وإن تعددتْ طرقُه، وكثُرَ رواتُه؛ لمخالفتهم لمَن هُمْ أكثرُ عددًا، وأقوى حفظًا، فلا جَرَمَ أنْ أعرض عنه الشيخانِ وأصحابُ السنن وغيرُهم" (الضعيفة 5/ 131 - 134). وحَكَمَ عليه بالوضع في (ضعيف الجامع 225).

وزعم السُّيوطي أن البَيْهَقي صحَّحه كما في (الدر المنثور 1/ 598)!

والبَيْهَقي إنما صحَّح الوجه الموقوفَ دون المتن، وبينهما فرْقٌ لا يخفَى، والله أعلم.

* * *

ص: 582

1065 -

حَدِيثُ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ:

◼ عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَوَّلُ مَنْ أَضَافَ الضَّيْفَ إِبْرَاهِيمُ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ إِبْرَاهِيمُ، وَأَوَّلُ مَنِ اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بِالْقَدُومِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ)).

[الحكم]:

منكَر بهذا السياق. وضعَّفه ابنُ العَدِيم، وابن عبد الهادي، وابن القَيِّم.

[التخريج]:

[كر (6/ 201) "واللفظ له" / عساكر (اختتان 18)]

[السند]:

قال ابن عساكر- في كتابيه-: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، نا أبو بكر الخطيب، أنا أبو الحسن عليُّ بن يحيى بن جعفر بن عَبْدَكَوَيْه، أنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الرَّيَّان المصري المعروف باللُّكِّي بالبصرة، نا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيط بن شَرِيط أبو جعفر الأَشْجعي بمصر، نا أبي إسحاق، حدثني أبي إبراهيم، عن جدِّه نُبَيط بن شَريط، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ فيه أربع علل:

الأولى: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيط بن شَرِيط؛ كذاب، قال الذهبي:"صاحب النسخة المشهورة الموضوعة"(التاريخ 6/ 668)، وقال أيضًا:"أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نُبَيط بن شَريط عن أبيه عن جدِّه بنسخة فيها بلايا"، ثم قال:"لا يحل الاحتجاجُ به؛ فإنه كذاب" (الميزان

ص: 583

1/ 82) وأقرَّه الحافظ في (اللسان 391)، والسُّيوطيُّ في (ذيل اللآلئ 2/ 783)، وعدَّ نسختَه هذه من الموضوعات، وذَكَرَ بعضَها في (الذيل).

الثانية والثالثة: أبوه إسحاق، وجدُّه إبراهيم؛ لم نجد ترجمة لأيٍّ منهما.

الرابعة: راوي هذه النسخةِ، وهو أحمد بن القاسم، أبو الحسن المصري اللُّكِّي؛ ضعَّفه الدَّارَقُطْني، وابنُ ماكُولا، وقال الحافظ الحسن بن عليِّ بن عَمرو:"ليس بالمَرْضِي". وقال الذهبي: "له جزءٌ سمِعناه، فيه ما يُنكَر"(السير 16/ 113)، و (التاريخ 8/ 110)، و (الميزان 1/ 128).

ولذا قال ابن عبد الهادي: "وفي نسخة نَبِيط بن شُريط الموضوعةِ: أَوَّلُ مَنْ ضَافَ

"، فذكرَ الحديثَ، ثم قال: "قال ابن العَديم: وهذا الحديث من نسخة نُبَيط بن شَرِيطٍ برواية أبنائه عنه، ضعَّفها أئمةُ الحديث" (رسالة لطيفة في أحاديثَ متفرقةٍ ضعيفة لابن عبد الهادي ص 66 - 67).

وبنحوه قال ابن القَيِّم في (تحفة المودود بأحكام المولود ص 264).

* * *

ص: 584

1066 -

حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ:"كَانَ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللهُ تبارك وتعالى: ((وَقَارٌ [وَحِلْمٌ] 1 يَا إِبْرَاهِيمُ)) فَقَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي وَقَارًا".

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله.

[التخريج]:

[طا 2668 "واللفظ له" / ش 26997، 32492 / شد 185 / بخ 1250 / شعب 5975 / قرى 6 / كر (6/ 199 - 200) / عساكر (اختتان 19)].

[السند]:

رواه مالك: عن يَحْيَى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، به.

ومدارُ الحديث - عندهم- على يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقاتٌ رجال الشيخين، وقولُ سعيدٍ هذا من العلماء مَن يعطيه حُكمَ الرفع، فمِثْلُه لا يقال بالرأي، فيكون مرسلًا؛ لأن ابن المسيِّب تابعيٌّ لم يدرك النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

قال السخاوي: "ألحقَ ابنُ العربي بالصحابة في ذلك ما يجيء عن التابعين أيضًا، مما لا مجال للاجتهاد فيه؛ فنصَّ على أنه يكون في حُكْم المرفوع،

ص: 585

وادَّعى أنه مذهب مالك، قال: ولهذا أَدخل عن سعيد بن المسيِّب: ((صلاة الملائكة خلف المصلي)) " (فتح المغيث 1/ 166).

قلنا: وأصل كلام ابن العربي في (القبس في شرح موطأ مالك بن أنس ص 207)؛ حيث قال في معرض ذكره لما له حكم الرفع: "إذا روى التابعي ما لا يقتضيه القياس ولا يوصل إليه بالنظر، ولذلك أدخل- يعني مالكًا - عن سعيد: ((صلاة الملائكة خلف المصلّي)) ".

* * *

رِوَايَة: (وَأَوَّلُ النَّاسِ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، وَجَزَّ شَارِبَهُ، وَاسْتَحَدَّ):

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلُ النَّاسِ أَضَافَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلُ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلُ النَّاسِ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ، وَجَزَّ شَارِبَهُ، وَاسْتَحَدَّ)).

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله.

[التخريج]:

[ش 32491 "واللفظ له"، 36888]

[السند]:

قال ابن أبي شَيْبة: حدثنا عبد الله بن نُمَير، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، به.

[التحقيق]:

رجاله ثقاتٌ، إلا أنه مرسَلٌ، وانظر تحقيق الرواية السابقة.

ص: 586

رِوَايَة: ((وَاخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ))

• زَادَ فِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: ((

وَاخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ [سَنَةٍ، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ]، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ مِائَتَيْ سَنَةٍ)).

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله، وهذه الزيادة إنما تُعرَف عن سعيدٍ عن أبي هريرةَ مِن قوله.

[التخريج]:

[عب 21165 "واللفظ له" / شعب 8273 "والزيادة له"]

[السند]:

رواه عبد الرزاق- ومن طريقه البَيْهَقي في (الشُّعَب) - قال: أخبرنا مَعْمَر، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيِّب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أن زيادة: ((وَاخْتَتَنَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ وَمِائَةِ

))، المحفوظ فيها عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيِّب، عن أبي هريرة موقوفًا، كذا رواه جماعةٌ من الثقات الأثبات عن يحيى بن سعيد، كما تقدَّم.

فلعل مَعْمَرًا وهِمَ هنا فأدرجها في المرسَل، ومَعْمَرٌ متكلَّمٌ في روايته عن غير الزُّهْري وابنِ طاوس.

قال البخاري: "ما أعجبَ حديثَ مَعْمَرٍ، عن غير الزُّهْري؛ فإنه لا يكاد يوجَدُ فيه حديثٌ صحيح"(شُعب الإيمان 6/ 459).

وقال ابن معين أيضًا: ((إذا حدثك مَعْمَر عن العراقيين فخفه؛ إِلَّا عن الزُّهْرِيّ، وابن طاووس)) (تاريخ ابن أبي خيثمة - السفر الثالث 1194).

* * *

ص: 587

1067 -

حَدِيثُ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ مُوسَى بْنِ عُلَيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ أُمِرَ أَنْ يَخْتَتِنَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَعَجِلَ فَاخْتَتَنَ بِقَدُومٍ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، فَدَعَا رَبَّهُ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: إِنَّكَ عَجِلْتَ قَبْلَ أَنْ نَأْمُرَكَ بِالْآلَةِ، قَالَ: يَا رَبِّ، كَرِهْتُ أَنْ أُؤَخِّرَ أَمْرَكَ"، قَالَ:"وَخُتِنَ إِسْمَاعِيلُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَخُتِنَ إِسْحَاقُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ".

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله. ولعله مأخوذٌ من الإسرائيليات.

[التخريج]:

[عل (مط 247/ 2)، (خيرة 293/ 1) مختصرًا / عقيقة (الفتح 10/ 342)، (در 1/ 597) / أصبهان (1/ 384 - 385) / هق 17636 "واللفظ له" / هقغ 3466 / عساكر (اختتان 13، 14) / كر (6/ 197، 201)]

[السند]:

أخرجه أبو يَعلَى المَوْصلي في (مسنده) قال: حدثنا زُهَير، حدثنا عبد الله بن يَزيدَ، عن موسى بن عُلَيٍّ، عن أبيه، به.

وقال البَيْهَقي في (الكبرى): أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عَمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عُبيد الله، ثنا أبو عبد الرحمن المُقْرئ، ثنا موسى بن عُلَيٍّ، به.

ومدارُه - عندهم- على عبد الله بن يَزيدَ المُقْرئ، عن موسى بن عُلَيِّ بن رَباح، عن أبيه، به.

ص: 588

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات، وهذا الأثرُ له حُكْم الرفع؛ لأنه لا يقال من قَبيل الرأي، فيكون مرسَلًا؛ لأن عُلَيَّ بن رَباح اللَّخْمي، تابعيٌّ من الثالثة (التقريب 4732).

وإنْ قال قائلٌ: لعله مأخوذٌ من الإسرائيليَّات، فله وجْهٌ، والله أعلم.

[تنبيه]:

عزاه البُوصِيري في (إتحاف الخِيَرة 293/ 2) إلى الحاكم، ولم نجِدْه في نسخ (المستدرك) المطبوعة، ولا عزاه له الحافظُ في (إتحاف المَهَرة)، والذي يبدو أنه اعتمد في ذلك على رواية البَيْهَقي عنه، أو لعله في كتاب آخَرَ للحاكم كالتاريخ أو غيرِه، والله أعلم.

* * *

ص: 589

1068 -

حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:"اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَأَوْحَى اللهُ عز وجل إِلَيْهِ: ((يَا إِبْرَاهِيمُ، إِنَّكَ قَدْ أَكْمَلْتَ إِيمَانَكَ (الْإِسْلَامَ)، إِلَّا بَضْعَةً مِنْ جَسَدِكَ، فَأَلْقِهَا، فَخَتَنَ نَفْسَهُ بِالْفَأْسِ)) ، وَصَرَفَ بَصَرَهُ عَنْ عَوْرَتِهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا". قال عِكرِمةُ: "فَلَمْ يَطُفْ بَعْدُ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ بِالْبَيْتِ إِلَّا مُخْتَتِنٌ".

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله. ولعله مأخوذ من الإسرائيليات.

[التخريج]:

[مكة 622]

[السند]:

قال الفاكهي في (أخبار مكة): حدثنا حسين بن حسن، وأبو بِشْر بكر بن خلَف، قالا: ثنا يَزيدُ بن زُرَيْع قال: ثنا عُمارة بن أبي حَفْصة، عن عِكرِمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقاتٌ، وهذا الأثر له حُكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قَبيل الرأي، فيكون مرسَلًا؛ لأن عِكرِمَة- وهو موْلَى ابن عباس- تابعيٌّ من الثالثة (التقريب 4673).

وإن قال قائل: لعله مأخوذٌ من الإسرائيليات، فله وجْهٌ، والله أعلم.

* * *

ص: 590