المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌147 - باب ما جاء في إحفاء الشارب وقصه ونحو ذلك - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ: سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌137 - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌138 - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌139 - بَابُ ما روي في التَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌أبواب فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ

- ‌140 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌141 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ اللِّحْيَةِ

- ‌142 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي طُولِ اللِّحْيَةِ

- ‌143 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خِفَّةِ اللِّحْيَةِ

- ‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

- ‌145 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ وَطُولَ الشَّارِبِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

- ‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

- ‌148 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ

- ‌149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ

- ‌150 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّنَوُّرِ

- ‌151 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ

- ‌152 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌153 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌154 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنَ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ

- ‌155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ

- ‌156 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ

- ‌157 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌158 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خَضْبِ الْأَظْفَارِ

- ‌159 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَفْنِ الْأَظْفَارِ وَالشَّعَرِ وَالدَّمِ

- ‌160 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعَرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا

- ‌أبواب الْخِتَانِ

- ‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

- ‌163 - بَابٌ: هَلْ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بِالْخِتَانِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

- ‌165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌166 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَجِّ الْأَقْلَفِ

- ‌167 - بَابُ وَقْتِ الْخِتَانِ

- ‌168 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَعْوَةِ الْخِتَانِ

- ‌169 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ شُهُودِ الْخِتَانِ

- ‌170 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ بَوْلِ الْأَقْلَفِ

الفصل: ‌147 - باب ما جاء في إحفاء الشارب وقصه ونحو ذلك

‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

971 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((أَحْفُوا (انْهَكُوا) الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[اللغة]:

(أَحْفُوا): من الإحفاء، وهو المبالغة في القصِّ، انظر ما تقدَّم في باب:"إعفاء اللحية".

[التخريج]:

[خ 5893 "والرواية له" / م (259/ 52)"واللفظ له" / ت 2965 /

]

سبق برواياته وشواهدِه في باب: "إعفاء اللحية".

ص: 274

972 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:((الْفِطْرَةُ خَمْسٌ (خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ): الْخِتَانُ (الِاخْتِتَانُ)، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْآبَاطِ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م) عدا الروايةِ الثانية فلمُسْلم.

[التخريج]:

[خ 5889 "والرواية له ولمسلم"، 5891 "واللفظ له"، 6297 / م (257/ 49)، (257/ 50) "والرواية الثانية له" / د 4149 / ....... ]

سبق برواياته وشواهدِه في باب: "خصال الفطرة".

ص: 275

973 -

حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:

◼ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: ضِفْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ، فَشُوِيَ، قَالَ: فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ، فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ:((مَا لَهُ، تَرِبَتْ يَدَاهُ؟ )) [وَقَامَ يُصَلِّي]. قَالَ مُغِيرَةُ: وَكَانَ شَارِبِي وَفَى، فَقَصَّهُ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سِوَاكٍ، أَوْ قَالَ:((أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ)).

[الحكم]:

إسناده جيِّد، وصحَّحه الدارَقُطْني، وعبد الحق الإشْبيلي، والعراقي، والألباني.

[الفوائد]:

قال الحافظ: "واختُلِف في المراد بقوله: ((عَلَى سِوَاكٍ)) فالراجح: أنه وضع سواكًا عند الشَّفَة تحت الشعَرِ وأَخَذ الشعَرَ بالمِقصِّ. وقيل: المعنى: قصَّه على أثَرِ سواك، أي: بعد ما تَسوَّك. ويؤيِّد الأولَ: ما أخرجه البَيْهَقيُّ في هذا الحديث، قال فيه: ((فَوَضَعَ السِّوَاكَ تَحْتَ الشَّارِبِ وَقَصَّ عَلَيْهِ)) "(الفتح 10/ 347).

[التخريج]:

[د 187 "والزيادة له" / كن 6829 "مختصرًا" / حم 18212 "واللفظ له"، 18236 / طب (20/ 435/ 1058، 1059) / شما 167 / مث 1550 / طح (4/ 229 / 6556، 6557) / حرملة (هقع 1274) / هقع 1275 / تمهيد (21/ 67)، (24/ 144) / بغ 2848 / كما (28/ 380) / فقط (أطراف 4384)].

ص: 276

[التحقيق]:

انظر الكلامَ عليه فيما يأتي.

رِوَايَة: ((فَأَخَذَ بِشَارِبِي))

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((ضِفْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، فَأَخَذَ بِشَارِبِي (مِنْ شَارِبِي) عَلَى سِوَاكٍ)).

[الحكم]:

إسناده جيد.

[التخريج]:

[حرملة (هقع 1274) "واللفظ له" / هقع 1275 "والرواية له"].

[السند]:

أخرجه أحمد في (المسند)، قال: حدثنا وَكِيع، حدثنا مِسْعَر، عن أبي صَخرةَ جامِع بن شَدَّاد، عن مُغيرة بن عبد الله، عن المُغيرة بن شُعْبة، به. بلفظ السياقة الأولى.

وأخرجه الشافعي- كما في (سنن حرملة/ معرفة السنن والآثار) -، قال: أخبرنا سفيان، عن مِسْعَر، عن أبي صخرة، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل، عن المُغيرة بن شُعْبة، به. بلفظ السياقة الثانية.

ومداره عند الجميع على مِسْعَر بن كِدَام، عن أبي صخرة جامِع بن شَدَّاد، عن المُغيرة بن عبد الله، عن المُغيرة بن شُعْبة، به.

وقال الدارَقُطْني: "تفرَّد به جامع أبو صخرة، عن المغيرة عن المغيرة"

ص: 277

(أطراف الغرائب والأفراد 4384).

[التحقيق]:

هذا إسناد جيد؛ رجاله كلُّهم ثقاتٌ رجال الصحيحين، غيرَ المغيرة بن عبد الله اليَشْكُري؛ فمِن رجال مسلم فقط، روَى عنه جمْعٌ من الثقات، ووثَّقه العِجْلي وابن حِبَّان، كما في (تهذيب التهذيب 10/ 263)، وقال الحافظ:"ثقة"(التقريب 6842).

ولذا قال الدارَقُطْني: "وهو صحيح من حديث مِسْعَر"(أطراف الغرائب 4384).

وذكره عبد الحق الإشْبيلي في (الأحكام الوسطى 1/ 242)، وسكتَ عنه مصحِّحًا له.

وقال الحافظ العراقي: "إسناده صحيح، رجالهم محتَجٌّ بهم في الصحيح"(مسألة في قص الشارب ص 39).

وقال الألباني: "هذا إسناد صحيح على شرط مسلم"(صحيح سنن أبي داود 183).

ص: 278

رِوَايَةُ: ((تَسَحَّرْتُ مَعَ

)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، بِلَفْظ: تَسَحَّرْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِجَنْبٍ مَشْوِيٍّ، وَكَانَ يَقْطَعُ بِالْمُدْيَةِ، فَقَالَ:((لَقَدْ وَفَى شَارِبُكَ يَا مُغِيرَةُ))، فَقَصَّهُ عَلَى سِوَاكٍ بِالشَّفْرَةِ.

[الحكم]:

صحيح لغيره.

[التخريج]:

[طب (20/ 435 - 436/ 1060) "واللفظ له" / مث 1551 مختصرًا / جعفر 393 / شعب 6026 / فقط (أطراف 4383)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن عَمرو الوَكِيعي، حدثني أبي، (ح)

وحدثنا (عَلَّان)

(1)

بن عبد الصمد (ماغَمَّهُ)

(2)

، ثنا القاسم بن دينار، قالا: ثنا إسحاق بن منصور السَّلُولي، عن غالب بن نَجِيح، عن جامِع بن شَدَّاد، عن المغيرة بن عبد الله، عن المُغيرة بن (شُعْبة)

(3)

به.

(1)

تصحَّف في مطبوع "المعجم الكبير" إلى (غَيْلان)، وكذا في نسخة الظاهرية (10/ ق 324/ب)، والصواب المثبت، كما في كتب التراجم، وكذا جاء على الصواب في (معجم الطبراني) في غير ما موضع.

(2)

تصحَّف في مطبوع "المعجم الكبير" إلى (ماغمة)، والصواب المثبت، كما في نسخة الظاهرية (10/ ق 324/ب)، وكذا في كتب التراجم، وكذا جاء على الصواب في (معجم الطبراني) في غير ما موضع.

(3)

تصحَّف في مطبوع "المعجم الكبير" إلى (شَدَّاد)، والصواب المثبت كما في نسخة الظاهرية (10/ ق 324/ب)، وباقي المصادر.

ص: 279

ومداره- عند الجميع- على إسحاقَ بن منصورٍ السَّلُولي

به.

قال الدارَقُطْني في "الأفراد": "تفرَّدَ به إسحاق بن منصور، عن غالب بن نَجيح، عن جامِع بن شَدَّاد، عن المغيرة"(الأطراف 4383).

[التحقيق]:

هذا إسناد حسن؛ إسحاق بن منصور السَّلُوليُّ، قال فيه الحافظ:"صدوق"(التقريب 385).

وغالب بن نَجيحٍ: وثَّقه يحيى بنُ مَعين، كما في (سؤالات ابن الجُنَيد 877)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 7/ 309). وقال فيه الحافظ:"مقبول"(التقريب 5349)، ولعله لم يقفْ على توثيق ابن مَعينٍ له.

وقد تابعه مِسْعَر، كما في الرواية السابقة.

ص: 280

رِوَايَةُ: ((ضِفْتُ بِآلِ رَسُولِ اللهِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: ضِفْت بِآلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَزَّ لِي رَسُولُ اللهِ مِنْ جَنْبِ شَاةٍ بِالشَّفْرَةِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ، وَقَالَ:((مَا لَهُ، تَرِبَتْ يَدَاهُ؟)) وَكَانَ شَارِبِي طَوِيلًا قَدْ وَفَي، فَقَالَ:((أَقُصُّهُ لَكَ؟))، فَقَصَّهُ عَلَى سِوَاكٍ.

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده غريب.

[التخريج]:

[طب (نسخة الظاهرية 10/ ق 325/ أ)

(1)

]

[السند]:

أخرجه الطبراني في (الكبير) - كما في (نسخة الظاهرية) -، قال: حدثنا عبد الله بن أحمدَ بنِ حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو أسامة، ثنا مِسْعَر بن كِدَام، عن زِياد بن عِلاقَة، عن المغيرة بن عبد الله، عن المُغيرة بن شُعْبة، به. بلفظ السياقة الثالثة.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أن ذكر زِياد بن عِلاقَةَ في هذا السندِ غريبٌ، والمحفوظ عن مِسْعَر عن جامِع بن شَدَّاد، كذا رواه وكيعٌ وسفيانُ بن عُيَيْنة عن مِسْعر، كما تقدَّم، والله أعلم.

(1)

سقط هذا السند من المطبوع، واستدركناه من النسخة الخطية.

ص: 281

رِوَايَةُ: رَأَى رَجُلًا طَوِيلَ الشَّارِبِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا طَوِيلَ الشَّارِبِ، فَدَعَا [النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم] بِسِوَاكٍ وَشَفْرَةٍ ، فَقَصَّ شَارِبَ الرَّجُلِ عَلَى عُودِ السِّوَاكِ (فَوَضَعَ السِّوَاكَ تَحْتَ الشَّارِبِ فَقَصَّ عَلَيْهِ))).

[الحكم]:

حسن لغيره، وإسناد ضعيف؛ لانقطاعه، وصحَّحه الألباني.

[التخريج]:

[طي 733 "والرواية له ولغيره" / طح (4/ 229/ 6554 "واللفظ له"، 6555 "والزيادة له") / هق 703 / هقغ 91 / شعب 6025].

[السند]:

أخرجه أبو داودَ الطيالسيُّ في (المسند)، قال: حدثنا المَسْعُودي، قال: أخبرني أبو عَوْنٍ الثقفيُّ محمد بن عُبيد الله، عن المُغيرة بن شُعْبة، به.

وأخرجه الطَّحاوي في (شرح معاني الآثار 6555) من طريق عبد الله بن رجاء، عن المَسْعُودي، به.

ومداره- عند الجميع- على المَسْعُودي، عن أبي عَوْنٍ الثقفي، عن المُغيرة بن شُعْبة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُه ثقات، إلا أن المَسْعُودي اختلط قبل موته، وضابِطُه: أن مَنْ سَمِع منه ببغدادَ فبَعْد الاختلاط، كما في (التقريب 3919)، وعبد الله بن رجاء ممن سَمِع منه قبل الاختلاط، كما قال الحافظ العراقي في (التقييد والإيضاح ص 454).

ص: 282

لكنْ في السند انقطاعٌ؛ بين أبي عونٍ محمد بنِ عُبيد الله الثقفيِّ وبين المُغيرة بن شُعْبة؛ فبيْن وفاتيْهما ما يَزيدُ على سبعين عامًا، ولم يذكر أحدٌ ممن ترجم لأبي عَوْنٍ المغيرةَ في شيوخه، وإنما يروي أبو عَونٍ عن المغيرة بواسطة أبيه تارة، وبواسطة وَرَّادٍ الثقفيِّ كاتبِ المغيرة تارةً أخرى، وقد قال أبو زُرعة:"محمد بن عُبيد الله الثقفيُّ عن سعدٍ مرسَلٌ"(المراسيل لابن أبي حاتم ص 184)، ومات سعدٌ (سنة 55 هـ)؛ فنفْيُ سماعِه من المغيرة وقد مات (سنة 50 هـ) من باب أَوْلى، والله أعلم.

ومع هذا قال الألباني: "وهذا إسناد صحيح؛ فإن المَسْعُودي ثقةٌ؛ إنما تكلَّموا فيه من أجل

حِفْظِه"! ! (صحيح سنن أبي داود 183).

كذا، ولعله أراد من أجل اختلاطِه، وهي منتفيةٌ هنا، لكن يبقى النظرُ في سماع أبي عَوْنٍ من المغيرة.

وعلى كلٍّ: يَشهَدُ لمتْنِه ما تقدَّم من رواية المغيرة بن عبد الله عن المُغيرة بن شُعْبة، وإن كان ظاهرُ رواية أبي عَوْنٍ هذه يخالفُ روايةَ المغيرة بن عبد الله، ففي رواية المغيرة: أن صاحب الحكاية هو المُغيرة نفْسُه، وفي رواية أبي عونٍ هذه: المغيرةُ يحكيها عن رجل آخَرَ.

ولكن هذا ليس بعلة؛ فربما أبهم الراوي نفْسَه لأسباب كثيرة. والله أعلم.

ص: 283

974 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ رَجُلًا وَشَارِبُهُ طَوِيلٌ، فَقَالَ:((ائْتُونِي بِمِقَصٍّ وَسِوَاكٍ))، فَجَعَلَ السِّوَاكَ عَلَى طَرْفِهِ، ثُمَّ أَخَذَ مَا جَاوَزَ.

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه البزَّار، وعبد الحق الإشْبيلي، والعراقي، والهيثمي، وابن حجر.

[التخريج]:

[بز (كشف 2969)].

[السند]:

قال البزَّار: حدثنا أيوب بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مُسْهِر، حدثنا هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عبد الرحمن بن مُسْهِرٍ أخو علي بن مُسْهِر، وهو ضعيف جدًّا؛ أسقطه أحمدُ وابن مَعين وأبو خَيْثَمة، وتركه أبو حاتم وأبو زُرعة والنَّسائي، وقال البخاري:"فيه نظر"(لسان الميزان 5/ 138 - 140).

وبه ضعَّفه البزَّار، فقال- عقبه-:"لا نعلم رواه عن هشامٍ إلا ابنُ مُسْهِر، ولم يتابَع عليه، وليس بالحافظ".

وقال عبد الحق الإشْبيلي: "ولم يتابَع عبدُ الرحمن على هذا، وهو متروك"(الأحكام الوسطي 1/ 242).

وقال الهَيْثَمي: "رواه البزَّار، وفيه عبد الرحمن بن مُسْهِر، وهو كذاب"

ص: 284

(المجمع 8848، 8859).

وتبِعه الحافظ ابن حجر فقال- متعقبًا البزَّارَ-: "بل هو كذاب"(مختصر زوائد البزَّار 1224).

وبه ضعَّفه أيضًا الحافظُ العِراقي، ثم قال:"وهذا المتن ضعيف لا يصلُحُ للاستشهاد به، وإنما ذكرته لأُنبِّهَ على ضعفه، والحجة قائمةٌ بحديث المُغيرة بن شُعْبَة"(مسألة في قص الشارب ص 40).

ص: 285

975 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحْفِي شَارِبَهُ)).

[الحكم]:

منكَر، وأعلَّه الألباني.

[التخريج]:

[بز 5399 "واللفظ له" / طس 6426 مطولا / سعد (1/ 386) / كك (2/ 257) / رقة 244].

[التحقيق]:

هذا الحديث له ثلاثةُ طرق عن ابن عُمر:

الطريق الأول:

أخرجه البزَّار في (مسنده 5399)، قال: حدثنا سُلَيْمان بن سَيْف، حدثنا محمد بن سُلَيْمان بن أبي داود، حدثنا أبو بكر بن بَدْر، قال: سمعت مَيْمون بن مِهْران يحدِّث، قال: سمعت ابن عُمر، به.

وأخرجه أبو علي القُشَيْري في (تاريخ الرَّقَّة 224) - وعنه أبو أحمد الحاكم في (الكنى 2/ 257) - من طريق محمد بن سُلَيْمان، عن أبي بكر بن بدر الأَسَدِي، عن ميمون، به.

وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أبو بكر بن بَدْر الأَسَدي، ترجم له أبو علي القُشَيْري في (تاريخ الرَّقَّة 37)، وأبو أحمد الحاكم في (الكنى 2/ 257)، وابن مَنْدَه في (فتح الباب 1066)، والذهبي في (المقتنى 897) بروايته عن ميمون بن مِهران، ولم يذكروا راويًا عنه غيرَ محمد بنِ سُلَيْمان بن أبي داود؛ فهو مجهول

ص: 286

الحال والعينِ معًا.

بل وأورد أبو عليٍّ القُشَيْريُّ في (تاريخ الرَّقَّة 225) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 1/ 367) - حكايةً عنه تدُلُّ على خفة عقلِه؛ حيث قال: "سألت أبا عُمر هلالًا- يعني: ابنَ العلاء- عن أبي بكر بن بدر؟ فقال: ذَكروا أنه خرج يوم خميسٍ قد لبِسَ ثيابَه، يريد الجمعةَ، فمر بمَيْمون بن مِهْران، فقال له: أين تريد؟ قال: الجمعة. فقال له ميمون: قد أخَّروها إلى غدٍ! فرجَع إلى أهله، فقال لهم: قال لي ميمون بنُ مِهْران: إنهم قد أخَّروا الجمعةَ إلى غد"! .

الثانية: المخالَفة؛ فقد أخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 742) عن أبي سفيان عبد الرَّحيم بن مُطَرِّف، قال: حدثنا أبو الْمَلِيح، عن ميمون بن مِهران:((أَنَّهُ كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ، وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَفْعَلُهُ)).

وهذا إسناد صحيح رجالُه كلُّهم ثقات، فأبو الْمَلِيح- وهو الحسن بن عُمر الرَّقِّيُّ- وثَّقه أحمد وابنُ مَعينٍ وأبو زُرعة والدارَقُطْني وغيرُهم، انظر (تهذيب التهذيب 2/ 310).

فلا ريب أن روايتَه أَوْلى بالصواب من رواية ابنِ بدْرٍ المجهول.

ومما يؤكِّد ذلك، أنه قد رواه جماعةٌ أيضًا عن ابن عُمر موقوفًا، انظر (مصنف ابن أبي شَيْبة 26005)، و (الآحاد والمثاني 743)، و (شرح معاني الآثار 4/ 231 / 6566 - 6572)، وغيرها من المصادر.

الطريق الثاني:

أخرجه ابن سعد في (الطبقات)، قال: حدثنا عفَّان بن مُسْلِم، أخبرنا حمَّاد بن سلمة، قال: أخبرنا عُبيد الله بن عُمر، عن سعيد بن أبي سعيد

ص: 287

المَقْبُري، عن ابن جُرَيج: أنه قال لابن عُمر: رَأَيْتُكَ تُحْفِي شَارِبَكَ؟ قَالَ: ((رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحْفِي شَارِبَهُ)).

وهذا إسنادٌ ظاهرُه الصحة؛ رجاله كلُّهم ثقات رجال مسلم، ولكنه معلول؛ فقد خُولِف فيه حمَّادُ بن سلمة:

خالفه يحيى بن سعيد القَطَّان، كما عند أحمدَ في (المسند 4672).

وأبو أسامة حمادُ بن أسامة، كما عند ابن أبي شَيْبة في (المصنف 25553) - وعنه ابن ماجه في (السنن 3626) -.

وأبو داودَ الطيالسيُّ في (مسنده 2040).

ثلاثتُهم: عن عُبيد الله بن عُمر، عن سعيد بن أبي سعيد، أن عُبَيد بنَ جُرَيج، سأل ابنَ عُمر، قال: رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ بِالْوَرْسِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((أَمَّا تَصْفِيرِي لِحْيَتِي فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ)). ولم يذكروا إحفاءَ الشارب.

وكذا رواه مالك في (الموطأ/ كتاب الحج 31) - ومن طريقه البخاري (166، 5851)، ومسلم (1187)، وأحمد (5338) -، ومحمد بن عَجْلان- كما عند الحميدي في (مسنده 666) -، كلاهما عن سعيدٍ المَقْبُري، به، في تصفير اللحية كرواية الجماعة، عن عُبيد الله بن عُمر.

وهذا كلُّه مما يؤكِّد خطأَ حمَّادِ بن سلَمة في ذِكرِ إحفاءِ الشارب.

وقد ذكر الشيخ الألباني طريقَ أحمدَ وحدَه، وقال:"ويحيى: هو ابن سعيد القَطَّانُ الإمام؛ قال الحافظ: "ثقة متقِنٌ حافظ، إمام قدوة"، قلت: فهذا هو الحديث؛ ساقه هذا الحافظ المتقن عن عُبيد الله بن عُمر بتمامه؛ فأخطأ عليه حمادُ بن سلمة، فلم يسُقْه بتمامه، وذكر مكانَ

ص: 288

(اللِّحية)

(1)

: إحفاءَ الشارب" (الضعيفة 11/ 794).

الطريق الثالث:

قال الطبراني في (الأوسط 6426): حدثنا محمد بن عبد الغني، ثنا أبي، ثنا مُؤَمَّل، عن أبي أُمَيَّة بنِ يَعْلَى، عن نافع، قال: جاء رجل إلى ابن عُمر يقال له ابن جُرَيج، وكان رجلًا ممارِيًا، فقال: يا أبا عبد الرحمن، رأيتُك تصنعُ شيئًا لم أرَ أحدًا يصنعُه

قال: رأيتُك لا تُهِلُّ حتى تستويَ بك راحلتُك، ورأيتُك تُحْفِي شاربَك

؟ قال: أَمَّا إِهْلَالِي حِينَ تَسْتَقِلَّ بِي رَاحِلَتَى، فَإِنِّي ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَقِلَّ بِهِ رَاحِلَتُهُ))، وَأَمَّا إِحْفَائِي شَارِبِي، ((فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحْفِي شَارِبَهُ))

الحديثَ.

قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديثَ عن نافع إلا أبو أُمَيَّةَ، تفرَّد به مُؤَمَّل بن عبد الرحمن، والمشهور عند الناس مِن حديث سعيدٍ المَقْبُري، عن عُبَيد بن جُرَيج".

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: أبو أُمَية بنُ يَعْلَى وهو إسماعيل بن يَعْلَى الثقفي؛ قال عنه يحيى بن مَعين والنَّسائيُّ والدارَقُطْني: "متروك". وقال البخاري: "سكتوا عنه"، وضعَّفه أبو حاتم وأبو زُرعة والسَّاجي وغيرُهم، انظر (لسان الميزان 1266).

الثانية: مُؤَمَّل بن عبد الرحمن الثَّقَفي؛ قال عنه أبو حاتم: "ليِّن الحديث، ضعيف الحديث"، وساق له ابن عَدِي عدةَ أحاديثَ واهيةٍ، وقال: "عامة

(1)

في مطبوع (السلسلة الضعيفة): "الخلة"، والصواب:"اللحية".

ص: 289

حديثِه غيرُ محفوظ" (تهذيب التهذيب 10/ 383). وشذَّ ابن حِبَّان فذكره في (الثقات 9/ 187) وقال: "ربما أخطأ"، وقال الحافظ: "ضعيف" (التقريب 7031).

الثالثة: المخالفة؛ فقد رواه مالك، وعُبيد الله بن عُمر، ومحمد بن عَجْلان- كما تقدَّم-، عن سعيد المَقْبُري، عن عُبيد بن جُرَيج، أنه سأل ابنَ عُمر، قال: رأيتُك تُصَفِّر لحيتَك بالوَرْس؟ فقال ابن عُمر: ((أَمَّا تَصْفِيرِي لِحْيَتِي فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ)). ولم يذكروا إحفاءَ الشارب.

وسيأتي تخريجُ حديثِ ابنِ عُمرَ هذا في باب "ما يُصبَغ به"، إن شاء الله تعالى.

* * *

ص: 290

976 -

حَدِيثُ أُمِّ عَيَّاشٍ:

◼ عَنْ أُمِّ عَيَّاشٍ، قَالَتْ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحْفِي شَارِبَهُ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه الهيثمي، والمُناوي، والألباني.

[التخريج]:

[طب (مجمع 8842) / صمند (إصا 14/ 466)]

[السند]:

أخرجه ابن مَنْدَه في "معرفة الصحابة"- كما في (الإصابة) -: من طريق عبد الكريم بن رَوْح بن عَنْبَسَة بن سعيد بن أبي عَيَّاش، عن أبيه رَوْح، عن أبيه عَنْبَسَة، عن جدته أمِّ أبيه أمِّ عَيَّاش، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسَل بالعِلل:

الأولى: عبد الكريم بن رَوْح؛ قال ابن أبي حاتم: "رآه عَمرُو بن رافع، وقال: دخلت بالبصرة، ولم أسمع منه، وهو مجهول، ويقال: إنه متروك الحديث؛ فلم أسمع منه، سمعت أبي يقول ذلك

(1)

" (الجرح والتعديل 6/ 61)، وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 423) وقال: "يخطيء ويخالف"،

(1)

هكذا النص في "الجرح والتعديل"، وهو مُشْكِل؛ فيحتمل أن يكون أبو حاتم الرازي هو القائل:"هو مجهول ويقال: متروك"، وبهذا جزم به المِزِّي في (التهذيب 18/ 249)؛ ويحتمل أن يكون القائل هو الحافظ عمرو بن رافع، كما جزم به مُغْلَطاي في (إكماله 8/ 290)، وهذا خلاف لا يضر، فكلاهما إمامٌ حافظ، وقولهما معتبَر. والله أعلم.

ص: 291

وضعَّفه الدارَقُطْني، كما في (تهذيب التهذيب 6/ 373). وقال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 4150).

وبه ضعَّفه الهَيْثَمي، فقال: "رواه الطبراني

(1)

، وفيه عبد الكريم بن رَوْح وهو متروك" (المجمع 8842).

الثانية: أبوه رَوْح بن عَنْبَسَة؛ "مجهول" كما في (التقريب 1964).

الثالثة: جدُّه عَنْبَسَة بن سعيد؛ "مجهول" أيضًا كما في (التقريب 5202).

ومع ذلك رمز له السُّيوطي بالحُسن في (الجامع الصغير 7009)! .

وتعقَّبه المُناوي، فقال:"إسناد ضعيف، وقول المؤلف: "حسَنٌ"، غيرُ حسَنٍ"(التيسير 2/ 273).

وقال الألباني: "ضعيف جدًّا"(الضعيفة 11/ 790 / 5455).

(1)

كذا عزاه الهيثمي، والسُّيوطي في (الجامع الصغير 7009) للطبراني، ولم نجدْه في مطبوع الطبراني مع وجود مسند أمِّ عيَّاش في الأجزاء المطبوعة، وقد راجعْنا النسخة الخطية (12/ 324/ أ) كذلك، فلم نجده، وقد وجدناه ساق بالسند المذكور عدةَ أحاديثَ، وهو نسخة رُوِي بها عدةُ أحاديثَ، فالظاهر أن سند حديثنا الساقطِ، هو من الطريق المذكورة نفْسِها، فالحمد لله. وانظر (السلسلة الضعيفة 5455).

ص: 292

977 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه، قَالَ:((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُرُّ شَارِبَهُ طَرًّا)).

[الحكم]:

منكَر، والصواب فيه الوقف، وضعَّفه الهَيْثَمي، واستغربه أبو نُعَيم.

[اللغة]:

يَطُرُّ شاربَه: "أي: يَقُصُّه"(النهاية لابن الأثير 3/ 118).

[التخريج]:

[طب (مجمع 8851) / طش 922، 1048، 1447 "واللفظ له" / عد (2/ 464) / تمام 195 / حل (6/ 89) / ضيا (9/ 52 - 53/ 29 - 31)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين 1048)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحَضْرمي، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن المتوكل القَرْقَساني، ثنا أبي، ثنا منصور بن إسماعيلَ الحَرَّاني، عن أبي بكر بن أبي مريم، وصفوانَ بنِ عمرو، وحَرِيز بن عثمان، عن عبد الله بن بُسْر، به.

ومدارُه عند الجميع على منصور بن إسماعيلَ الحَرَّاني، به.

قال أبو نُعَيم الأصبهاني: "تفرَّد به منصورٌ الحَرَّاني"(الحلية 6/ 89).

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: منصور بن إسماعيل الحَرَّاني؛ ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح

ص: 293

والتعديل 8/ 170)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره العُقَيلي في (الضعفاء 3/ 620 - 621)، وقال:"عن ابن جُرَيج، لا يتابَع عليه"، ثم ذكر له حديثًا عن ابن جُرَيج، وقال:"ليس بمحفوظ من حديث ابن جُرَيج، وإنما يُعرَف بطلحةَ بنِ عَمرو، وتابعه قومٌ نحوُه في الضعف".

وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 9/ 172) وقال: "يُغرِب". وانظر (لسان الميزان 7918).

وقال أبو نُعَيم عَقِبَ الحديث: "غريب من حديث أبي بكر، تفرَّد به منصورٌ الحَرَّاني"(الحلية 6/ 89).

وقال الهَيْثَمي: "رواه الطبراني، وفيه يعقوب بن محمد الزُّهْري، وهو ضعيف وقد وُثِّق، ومنصور بن إسماعيل ضعَّفه العُقَيلي، وبقية رجاله ثقات"(المجمع 8851).

قلنا: ورواية يعقوبَ بنِ محمد الزُّهْري لم نقف عليها في معجم الطبراني الكبير، الذي أراده الهيثمي بإطلاق العزو إليه؛ لأن مسند عبد الله بن بُسْر من الأجزاء المفقودة حتى الآن، وقد رواها الضياء في (المختارة 31) من طريق الطبراني، ولكنه متابَع؛ وإنما العلة في منصور.

وفيه علة أخرى، وهي:

الثانية: المخالفة؛ فقد رواه ابن أبي عاصم (الآحاد والمثاني 1338): عن عبد الوهاب بن نَجْدَة الحَوْطي، ثنا أبو المُغيرة، ثنا حَرِيز

(1)

بن عثمان، [قال]

(2)

: ((رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ بُسْرٍ رضي الله عنه يَقُمُّ شَارِبَهُ وَلَا يَحُفُّهُ)).

(1)

تصحَّف في مطبوع "الآحاد والمثاني" إلى: "جرير"، والصواب ما أثبتناه.

(2)

ما بين المعقوفين، ساقط من المطبوع.

ص: 294

ورواه أبو القاسم البَغَوي في (معجم الصحابة له 2344) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 27/ 149) -: عن زياد بن أيوبَ (الطُّوسي الحافظ)، عن مُبَشِّر بن إسماعيلَ الحَلَبي، عن حَرِيز بن عثمان، قال:((رأيت عبد الله بنَ بُسْرٍ وثيابُه متشمّرةٌ، ورِداؤُه فوقَ القميص، وشعَرُه مَفْرُوق يغطِّي أذنيه، وشاربُه مقصوصٌ مع الشَّفَة)).

هكذا رواه أبو المُغيرة وهو عبد القُدُّوس بن الحَجَّاج، ومُبَشِّر بن إسماعيل الحَلَبيُّ- وهما من رجال الشيخين (التقريب 4145، 6465) - عن حَرِيز، موقوفًا على عبد الله بن بُسْر، ولم يَرفعاه.

وعليه؛ فروايةُ منصورٍ الحَرَّانيِّ هذه منكَرةٌ، والله أعلم.

رِوَايَة: ((حِيَال شَفَتِهِ))

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((رَأَيْتُ شَارِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ (بِحِيَالِ) شَفَتِهِ)).

[الحكم]:

منكَر، والصواب فيه الوقف، وأشار إلى نكارته أبو حاتمٍ الرازيُّ- وأقرَّه الذهبي وابنُ حجر والألباني-.

[التخريج]:

[طش 1047 "واللفظ له" / تمهيد (24/ 144) "والرواية له" / مديني (عوالي 73)].

[السند]:

أخرجه الطبراني في (مسند الشاميين) - ومن طريقه أبو موسى المَدِيني

ص: 295

في (عواليه) -، قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نَجْدَة، قال: ثنا جُنَادةُ بن مَرْوان، ثنا حَرِيز بن عثمان، عن عبد الله بن بُسْر، به.

ورواه ابن عبد البر من طريق محمد بن عَوْف، عن جُنَادة بن مَرْوان، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: جُنَادة بن مَرْوانَ الأَزْديُّ؛ قال أبو حاتم: "ليس بقوي، أخشى أن يكون كَذَبَ في حديث عبد الله بن بُسْر: أَنَّهُ رَأَى فِي شَارِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيَاضًا بِحِيَالِ شَفَتَيْهِ"(الجرح والتعديل 2/ 516). وأقرَّه ابن الجوزي في (الضعفاء 693).

وقال الذهبي: "اتَّهمه أبو حاتم"(ميزان الاعتدال 1573).

وقال ابن حجر: " أراد أبو حاتم بقوله: كذَبَ: أخطأ. وقد ذكره ابن حِبَّان في الثقات.

وأخرج له هو والحاكمُ في الصحيح. وأما قول ابن الجوزي، عن أبي حاتم أنه قال:(أخشى أن يكون كذَبَ في الحديث) فاختصارٌ مُفْضٍ إلى ردِّ حديثِ الرجل جميعِه، وليس كذلك إن شاء الله تعالى" (لسان الميزان 2/ 495).

وقال الألباني: "فسَّر الحافظُ في اللسان قولَه: "كذَبَ" بـ: "أخطأ"، وردَّ على الذهبي قولَه: "اتَّهمه أبو حاتم"؛ فأصاب"(الضعيفة 14/ 427).

الثانية: المخالفة؛ فقد رواه أبو المُغيرة وهو عبد القُدُّوس بن الحجاج، ومُبَشِّر بن إسماعيلَ الحَلَبيُّ- كما تقدَّم في الرواية السابقة- عن حَرِيز، موقوفًا على عبد الله بن بُسْر، ولم يَرفعاه.

ص: 296

وأبو المُغيرة وهو عبد القُدُّوس بن الحجاج، ومُبَشِّر بن إسماعيلَ الحَلَبيُّ: ثقتان من رجال الشيخين.

وعليه؛ فرواية جُنَادةَ هذه منكَرةٌ، ولعل رفْعَ جُنَادةَ للحديث هو الخطأ الذي أشار إليه أبو حاتم في قوله السابق، والله أعلم.

ص: 297

978 -

حَدِيثُ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ:

◼ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ أَبَا هَاشِمِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ كَانَ لَهُ شَارِبٌ يَعْقِدُهُ خَلْفَ قَفَاهُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ شَارِبِكَ وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ مَا جَاءَ؟ ! فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَخَذْتُ شَارِبِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَيَّ، فَقَالَ:((مَتَى أَخَذْتَ شَارِبَكَ؟ ))، قُلْتُ: السَّاعَةَ، قَالَ:((فَلَا تَأْخُذْهُ حَتَّى تَلْقَانِي))، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ أَلْقَاهُ، فَلَنْ أَجُزَّهُ حَتَّى أَلْقَاهُ.

[الحكم]:

موضوع، وهو ظاهر قولِ الهَيْثَمي.

[التخريج]:

[طب (7/ 303/ 7202) "واللفظ له" / كر (67/ 294)].

[السند]:

رواه الطبراني في (الكبير) - ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه) - قال: حدثنا الحسن بن العباس الرازي، ثنا محمد بن هارون الرازي، ثنا الوليد بن سلَمة الأُرْدُنِّي، ثنا يزيد بن حسَّان، عن أبيه، أن أبا هاشم بنَ عتبة بن ربيعة كان له شارب يَعْقِدُهُ

الحديثَ.

[التحقيق]:

هذا إسناد هالك؛ فيه الوليد بن سلَمة الأُرْدُنِّي، وهو وضَّاع كذاب؛ قال دُحَيْم وأبو مُسْهِر:"كذاب". وقال ابن حِبَّان: "يضع الحديثَ على الثقات"، وقال أبو حاتم والدَّارَقُطْني:"ذاهب الحديث"، وقال أبو زُرعة:"كان ابنُه يحدِّث بأحاديثَ مستقيمةٍ، وكان صدوقًا، فلما أَخذَ في أحاديثِ أبيه جاء بالأوابد". انظر (لسان الميزان 8357). وقال الحاكم: "روَى عن

ص: 298

عُبيد الله بن عُمر وابنِ أبي ذِئْب أحاديثَ موضوعة" (المدخل إلى الصحيح 214).

وبه ضعَّفه الهيثمي، فقال:"رواه الطبراني، وفيه الوليد بنُ سلَمة الأُرْدُنِّي، وهو كذاب"(المجمع 8841).

ويَزيدُ بن حسَّان وأبوه مجهولان، وقد تَرجم ابن عساكر في (تاريخ دمشق 65/ 153) ليزيدَ بنِ حسان، برواية إسماعيلَ بنِ حصن والوليدِ بن سلَمة عنه، ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. ولم نجدْ لأبيه ترجمة.

ص: 299

979 -

حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ:

◼ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((قُصُّوا الشَّارِبَ (قَصُّ الشَّوَارِبِ) مَعَ الشِّفَاهِ)).

[الحكم]:

ضعيف جدًّا، وكذا قال الألباني، وهو ظاهر صنيعِ الهيثمي. وضعَّفه السُّيوطي والمُناوي. وقد أشار أبو حاتم والذهبيُّ وابن حجر إلى نكارة الأحاديث التي تُروَى من هذا الطريق.

[التخريج]:

[طب (3/ 219/ 3195) "واللفظ له" / مث 2415 "والرواية له" / قا (1/ 205) / فر (فيض القدير 4/ 517)].

[السند]:

قال الطبراني في (الكبير) - ومن طريقه الدَّيْلمي، كما في (فيض القدير) -: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نَجْدَة الحَوْطي، حدثني أَبي، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا عيسى بن إبراهيم، عن موسى بن أبي حَبيب، عن الحَكَم بن عُمَير الثُّمَالي، به.

ورواه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني)، وابن قانِع في (الصحابة): من طريق بَقِيَّةَ، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مسلسَل بالعِلل:

الأولى: عيسى بن إبراهيم بن طَهْمان، وهو متروك؛ قال عنه يحيى بن مَعين وأحمد وأبُو داود وغيرُهم:"ليس بشيء"، وقال البخاري والنَّسائي

ص: 300

والساجي: "منكَر الحديث"، وقال أبو حاتم والنَّسائي:"متروك الحديث"، وقال ابن عَدِي:"عامة رواياتِه لا يُتابَع عليها"، وقال الحاكم:"واهي الحديثِ بمَرَّة". انظر (لسان الميزان 6/ 257 - 259).

وبه ضعَّفه الهيثمي، فقال:"رواه الطبراني، وفيه عيسى بن إبراهيم بن طَهْمان، وهو متروك"(المجمع 8850).

الثانية: موسى بن أبي حبيب، وهو ضعيف؛ ضعَّفه أبو حاتم كما في (الجرح والتعديل 8/ 140)، والدارَقُطْني في (السنن/ مَن تكلَّم فيه الدارَقُطْني لابن زُرَيق 404).

الثالثة: عنعنة بَقِيَّةَ فيما بين شيخِه وشيخِ شيخِه، وهو معروف بتدليس التَّسْوِية، كما تقدَّم تقريرُه.

ولذا رمز لضعفِه السُّيوطيُّ في (الجامع الصغير 6128)، وضعَّفه المُناوي في (التيسير 2/ 197)، وقال الألباني:"ضعيف جدًّا"(الضعيفة 9/ 53/ 4056).

وهناك علتان أُخْرَيان، أشار إليهما بعضُ أهل العلم:

الأولى: الانقطاع بين موسى والحَكَمِ بن عُمَير؛ قال الذهبي في ترجمة موسى بن أبي حَبيب: "له عن الحكم بن عُمَير- رجل قيل: له صحبةٌ-، والذي أرَى أنه لم يَلْقَه، وموسى مع ضعفِه متأخِّرٌ عن لُقِيِّ صحابيِّ كبير، وإنما أعرف له روايةً عن عليِّ بن الحُسين"(الميزان 4/ 202).

وهذه العلة فيها نظر؛ فقد صرَّح موسى بالسماع من الحَكَم في غيرِ ما حديث، وقد ذكر أبو حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 125) أنه ابنُ أخي الحَكَم، فكيف يَبعُدُ لقاؤُه للحَكَم؟ ! ثم إن الذهبي رحمه الله قد جزم بأن الحَكَم لا صُحبةَ له، فكيف يكون هنا صحابيًّا كبيرًا؟ ! وهذه هي العلة:

ص: 301

الثانية: أن الحَكَم بن عُمَير مختلَفٌ في صحبته؛ قال أبو حاتم: "الحَكَم بن عُمَيْر روَى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يَذكُرُ السماعَ ولا لقاء- أحاديثَ منكَرةً، من رواية ابن أخيه موسى بن أبي حبيب- وهو شيخ ضعيفُ الحديث-، ويروي عن موسى بن أبي حبيب: عيسى بن إبراهيم- وهو ذاهب الحديث-"(الجرح والتعديل 3/ 125).

وقال الذهبي: "جاء في أحاديثَ منكَرةٍ، لا صحبةَ له"(ميزان الاعتدال 2193).

وتعقَّبه الحافظ ابن حجر، فقال:"ذكره في الصحابة أبو منصورٍ الباوَرْدي، وابن عبد البر، وابنُ مَنْدَه، وأبو نُعَيم، ووصفه بالصُّحبة التِّرْمذيُّ، وابن أبي حاتم، والبَرْقي، والعَسْكَري، وخليفةُ، والطبري، والطبراني، والبَغَوي، وابن قانِع، وَابن حِبَّان، والخطيبُ، وأخرج له بَقِيُّ بن مَخْلَدٍ في مسنده عدةَ أحاديثَ، وذكره ابن حِبَّان في ثقات التابعين، وقال: "يقال: إن له صحبةً"، وقد شرط المؤلف أن لا يذكرَ صحابيًّا، فناقضَ شرطَه؛ فإن الآفة في نكارة الأحاديثِ المذكورة من الراوي عنه"(اللسان 3/ 251).

هذا ويُستفادُ ضمنيًّا مما سبق عن أبي حاتم والذهبيِّ وابن حجر أن كل حديثٍ يُروَى من هذا الوجه بهذا الإسناد فهو حديث منكَرٌ.

ص: 302

980 -

حَدِيثُ يُونُسَ الظَّفَرِيِّ:

◼ عَنْ إِدْرِيسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((خُذُوا (جُزُّوا) الشَّوَارِبَ)).

[الحكم]:

صحيح المتن، وإسناده مرسَلٌ ضعيف.

[التخريج]:

[صحا 6668 "واللفظ له" / صمند (جامع المسانيد 10785)، (أسد 1/ 754)، (إصا 11/ 509) "والرواية له" / شاهين (صحابة- إصا 11/ 509)].

[السند]:

أخرجه ابن مَنْدَه في "الصحابة"- كما في (جامع المسانيد 10785) وغيرِه-، وأبو نُعَيم في "الصحابة" أيضًا، قالا- والسياق لأبي نُعَيم-: أخبرنا محمد بن محمد بن يعقوب الحَجَّاجي- في كتابه-، ثنا عبد الله بن أبي داود، ثنا أحمد بن صالح، (عن)

(1)

ابن أبي فُدَيْك، عن إدريس بن محمد بن يونس، عن أبيه، عن جَدِّه، به.

وأخرجه ابن شاهين في (الصحابة) - كما في (الإصابة) -: من طريق ابن أبي فُدَيْك، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف؛ مسلسَلٌ بالعِلل:

الأولى: جهالة إدريسَ بنِ محمد بن يونس؛ ترجم له البخاري في (التاريخ

(1)

سقطت لفظة (عن) من مطبوع (جامع المسانيد).

ص: 303

الكبير 2/ 37)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 265)، ولم يَذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 132)، على قاعدته في توثيق المجاهيل.

الثانية: أبوه محمد بن يونس، لم نقف له على ترجمة.

الثالثة والرابعة: جدُّه يونسُ هو ابن محمد بن فَضَالةَ الظَّفَري الأنصاري، ذكره ابن حِبَّان في (الثقات 5/ 555) في التابعين، وقال:"يروي عن أبيه وله صُحْبة، روَى عنه فُضَيْل بن سُلَيْمان النُّمَيْري". وكرَّره في الموضع نفْسِه، وقال:"يَروي عن أبيه وله صُحْبة، روى عنه ابن ابنه إدريسُ بن محمد بن يونس". ثم أعاده في (الثقات 7/ 647) في طبقة أتباع التابعين، وقال:"من أهل المدينة، يروي عن جماعة من التابعين، روى عنه أهلُها، تُوُفِّي سنة خمسٍ وخمسين ومائة وهو ابن خمسٍ وثمانين سنة". فجعله ثلاثةً وهو واحد. وانظر (الصحيحة 6/ 1079 - 1080).

وعلى هذا فهو تابعي، ولم يوثِّقه مُعتبَرٌ؛ فهو مجهول، وحديثه مرسَلٌ.

وقد ذكره ابن شاهين، وابن مَنْدَه، وأبو نُعَيم في "الصحابة"؛ اعتمادًا على هذه الرواية، وفيها نظر؛ فإن المحفوظ بهذا السند (عن إدريسَ بن محمد بن يونس الظَّفَري، عن جدِّه يونسَ، عن أبيه محمد بن أنس)، كذا رواه يعقوبُ بن محمد الزُّهْريُّ، عن إدريسَ، في غير هذا الحديث، انظر (التاريخ الكبير للبخاري 1/ 16)، و (الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 2207)، و (المعجم الكبير للطبراني 19/ 244/ 547)، و (معجم الصحابة لابن قانِع 3/ 24)، و (معرفة الصحابة لأبي نُعَيم 1/ 180).

وكذا رواه ابن أبي فُدَيْك عن إدريسَ أيضًا، كما في (الآحاد والمثاني

ص: 304

2207).

ولهذا قال العَلَائي- عن سند حديثِنا-: "هذا وَهَمٌ، والصواب: إدريسُ بنُ محمد بنِ يونسَ بنِ أنس بن فَضَالةَ، عن أبيه، عن جدِّه يونسَ، عن أبيه محمد بن أنس بن فَضَالةَ". قال: "وقد أخرجه ابن مَنْدَه على الصواب في ترجمة محمد بن أنس"(الإصابة 11/ 509).

قال الحافظ: "وسيأتي في أواخر الكنى أن ابن أبي عاصم عقَدَ لأبي يونسَ هذا ترجمةً، وأخرج من هذا الطريقِ: عن إدريسَ بن محمد بن يونس، عن جدِّه يونسَ، عن أبيه: ((أنه حَضَرَ حجَّةَ الوَداعِ وهو ابن عشرين سنةً)) وهذا مما يقوِّي اعتراضَ العَلَائي، والله أعلم"(الإصابة 11/ 509).

وعلى كلٍّ، فمَتْنُ الحديثِ صحيح ثابتٌ عن عدد من الصحابة كما سبق، بل هو قريبٌ من المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 305

981 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ:

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ (يَجُزُّ) شَارِبَهُ (مِنْ شَارِبِهِ)، وَكَانَ أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ [خَلِيلُ الرَّحْمَنِ] مِنْ قَبْلِهِ يَقُصُّ (يَجُزُّ) شَارِبَهُ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف، وضعَّفه الألباني.

[التخريج]:

[ت 2960 "والزيادة والرواية الأولى له ولغيره" / حم 2738 "واللفظ له" / عل 2715 "والرواية الثانية له ولغيره" / طب (11/ 277/ 11725) / طح (4/ 230/ 6558) / شعب 6023 / خل 817، 818 / خلال (ترجل 85) / تمهيد (21/ 66) / استذ (27/ 63 - 64) / مج 3521 / كر (6/ 201) / ضيا (12/ 50 - 51/ 48، 49، 51) / مظفر 46].

[السند]:

قال التِّرْمذي: حدثنا محمد بن عُمرَ بن الوليد الكِنْدي الكوفي، قال: حدثنا يحيى بن آدمَ، عن إسرائيلَ، عن سِمَاكٍ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، به.

وأخرجه أحمد (2738)، وأبو يَعلَى (2715) وغيرُهما: من طريق يحيى بن أبي بُكَيْر، عن الحسن بن صالح، عن سِمَاك، به.

ورواه ابن المُظَفَّر كما في"جزء من حديثه": من طريق شَرِيك، عن سِمَاك، به.

ورواه الباقون من طريق الحسن بن صالح، عن سِمَاكٍ، به.

ص: 306

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقاتٌ خلا سِمَاكٍ فمتكَلَّم في حفظه، وهو صدوق، ولكن روايته عن عِكْرِمَةَ خاصَّةً مضطربةٌ كما قال ابن المَدِيني ويعقوبُ بن شَيْبَة، واعتمده الحافظ في (التقريب 2624). وقد استثنى بعضُ أهل العلم من ذلك روايةَ القدماءِ من أصحابه؛ وهم:(شُعْبَة، وسفيان، وأبو الأَحْوَص) ولم يروِ أحدٌ منهم هذا الحديثَ عن سِمَاك.

وقد اضطرب سِمَاكٌ في هذا الحديث؛

فرواه الحسن بن صالح وإسرائيلُ وشَرِيكٌ عنه، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، مرفوعًا. كما في هذه الرواية.

ورواه عُبيد الله بنُ موسى وغيرُه: عن حسن بن صالح، عن سِمَاكٍ، عن عِكْرِمَة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسَلًا. وسيأتي تخريجُه والكلامُ عليه.

ورواه زائِدَةُ بنُ قُدَامة- كما في (مصنف ابن أبي شَيْبة 26014)، وغيرِه-: عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، موقوفًا، بلفظ:((أَخْذُ الشَّارِبِ مِنَ الدِّينِ)).

وأشار ابن عبد البر إلى هذا الاختلاف، فقال:"وروَى الحسن بنُ صالح عن سِمَاكٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابن عباس: ((أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيَذْكُرُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ))، وروَتْه طائفةٌ، منهم: زائِدَةُ، عن سِمَاك، عن عِكرِمَة، عن ابن عباس، موقوفًا"(التمهيد 21/ 63).

ولذا ضعَّفه الألباني في (الضعيفة 11/ 801).

ومع هذا قال التِّرْمذي: "هذا حديث حسَنٌ غريب"! .

وصحَّح سندَه العَيْني في (نخب الأفكار 13/ 175)! . فأبْعَدَ.

ص: 307

[تنبيه]:

جاء في مطبوع (المعجم الكبير 11725): "عن الحسن بن صالح وسِمَاك"، وهذا تحريفٌ واضح، والصواب:"عن الحسن بن صالح، عن سِمَاك"، كما في (النسخة الخطية 6/ ق 207/ أ)، وبقيةِ المصادر.

رِوَايَة: ((أَوْفُوا اللِّحَى)):

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَوْفُوا اللِّحَى، وقُصُّوا الشَّوَارِبَ))، قَالَ:((وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، يُوَفِّي لِحْيَتَهُ، ويَقُصُّ شَارِبَهُ)).

[الحكم]:

الفقرة الأولى صحيحةُ المتن، وأما الفقرة الثانية فإسنادُها ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[طب (11/ 277/ 11724)].

سبق الكلامُ على هذه الرواية في باب: "إعفاء اللحية"، فانظرْه هناك.

ص: 308

982 -

حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ((مِنَ الدِّينِ)) أَوْ: ((مِنَ السُّنَّةِ)):

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:((أَخْذُ الشَّارِبِ مِنَ الدِّينِ (مِنَ السُّنَّةِ))).

[الحكم]:

إسناده ضعيف.

[التخريج]:

[ش 26014 / علحا (6/ 57) / شعب 6033 / ضيا (12/ 51/ 50) "والرواية له"].

[السند]:

قال ابن أبي شَيْبة: حدثنا حُسين بن عليٍّ.

ورواه أبو حاتم الرازي، كما في (العلل 6/ 57): عن أحمدَ بنِ يونسَ.

ورواه البَيْهَقي في (شُعَب الإيمان) من طريق عَمرو بن مرزوق.

ورواه الضِّياء في (المختارة): من طريق سَمُّويه، عن محمد بن سعيد (الأَصْبهاني).

أربعتُهم: عن زائِدةَ، عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقات، خلا سِمَاكٍ فإنه صدوق، ولكنْ روايتُه عن عِكرِمَةَ خاصَّةَ مضطربةٌ، وهذا أحد أوجُهِ اضطرابِه، كما تقدَّم بيانُه.

وقد رواه بعضُهم عن زائدةَ، عن سِمَاكٍ، عن عِكرِمَةَ، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الدِّينِ))، ذكره ابن أبي حاتم لأبيه، فقال أبو حاتم: "حدثَنَاه أحمدُ بنُ يونسَ، عن زائِدَةَ، موقوفٌ بهذا الإسناد،

ص: 309

وهو أصحُّ ممن يرفعُه" (العلل 6/ 57/ س 2314). ولم نقفْ على الرواية المرفوعةِ هذه مسندَةً في شيء من المصادر.

ص: 310

983 -

حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُصُّ مِنْ شَارِبِهِ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللهِ يَقُصُّ شَارِبَهُ، أَوْ: مِنْ شَارِبِهِ)).

[الحكم]:

مرسَلٌ ضعيف.

[التخريج]:

[ش 26015 "واللفظ له" / سعد (1/ 361)].

[السند]:

أخرجه ابن أبي شَيْبة في (المصنَّف): عن يحيى بن آدمَ، عن حسن بن صالح، عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة، به، مرسَلًا

(1)

.

وأخرجه ابن سعد في (الطبقات الكبرى): عن عُبيد الله بن موسى، عن حسن بن صالح، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجالُه ثقاتٌ خلا سِمَاكٍ فإنه صدوق، ولكنْ روايتُه عن عِكْرِمَةَ

(1)

كذا في طبعات "المصنَّف" الثلاث (ط دار القبلة/ وط دا رالفاروق/ وط دار الرشد)، وقد رواه ابن عبد البر في (التمهيد 21/ 66) و (الاستذكار 8/ 428) من طريق ابن وضَّاح، عن ابن أبي شَيْبة، عن يحيى بن آدمَ، عن حسَنٍ، عن سِمَاكٍ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، موصولًا. وكِلا الوجهين محفوظان عن الحسن بن صالح، فلعله كان عند يحيى بن آدمَ عن الحسَن على الوجهين، فرواه ابن أبي شَيْبة عنه كذلك، لاسيما وروايةُ المصنَّف من طريق بَقِيِّ بن مَخْلَد عن ابن أبي شَيْبة، وهو غير الطريق الذي ساقه منه ابنُ عبد البر، والله أعلم.

ص: 311

خاصَّةً مضطربةٌ، وهذا أحدُ أوجُهِ اضطرابِه، كما تقدَّم بيانُه.

وفي هذا السند علةٌ أخرى، ألا وهي الإرسال؛ فعِكْرِمَةُ- وهو مولى ابنِ عباس- تابعيٌّ مشهور.

ص: 312

984 -

حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:((قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ السُّنَّةِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيفٌ معلول.

[التخريج]:

[عَرُوبة 46].

[السند]:

قال أبو عَرُوبة الحَرَّاني في "جزء له": حدثنا عُبيد الله بن الحَجَّاج بن المِنْهال، ثنا بَدَلُ بن الْمُحَبَّر، عن زائِدَة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبد الله، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير عُبيدِ الله بن الحَجَّاج بن المِنْهال، فلم نجد له ترجمةً.

وبَدَل بن الْمُحَبَّر، قال فيه الحافظ:"ثقة ثبْتٌ إلا في حديثه عن زائدة"(التقريب 645).

وهذا من روايته عن زائدة، وقد أخطأ في سند هذا الحديث؛ فقد خالفه حُسينُ بن عليٍّ، وأحمدُ بن يونسَ، وعَمرو بنُ مرزوق، ومحمد بن سعيدٍ الأصبهانيُّ، فرَوَوْه عن زائدةَ، عن سِمَاكٍ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس- كما تقدَّم قريبًا-، ولا ريب أن رواية الجماعة أصحُّ.

ص: 313

985 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:

◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَوَّلُ مَنْ قَصَّ شَارِبَهُ: إِبْرَاهِيمُ عليه السلام).

[الحكم]:

إسناده تالفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[فر (ملتقطة 1/ ق 6)].

[السند]:

أخرجه أبو منصورٍ الدَّيْلميُّ في "مسند الفردوس"- كما في "الغرائب الملتقطة"- قال: أخبرنا والدي، أخبرنا عليُّ بن محمد المَيْداني، حدثنا عليُّ بن عُمر بن أحمدَ بن محمد بن عُمر، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرَّازيُّ، حدثنا محمد بن حَمْدان بن مِهْران، حدثنا محمد بن القاسم الطايكاني، حدثنا علي بن محمد الْمَنْجُوراني، حدثنا مالك، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاء بن يَسار، عن ابن عُمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف جدًّا؛ فيه محمد بن القاسم الطايكاني؛ قال ابن حِبَّان: "روى عن أهل خُراسانَ أشياءَ لا يحلُّ ذِكرُها في الكتب"، وقال الحاكم:"كان يضع الحديث"، وقال الجُورَقاني:"كان يضع الحديثَ ويكذب"، وقال الدارَقُطْني في "الغرائب"- وقد روى حديثًا من طريق محمد بن أحمدَ بن مِهران، عن محمد بن القاسم، عن عليِّ بن محمد المَنْجُوري-:"كلُّهم ضعفاء"، وذكر له الذهبي عدةَ أحاديثَ منكرة، ثم قال:"هذا من اختلاق الطايقانى"(الميزان 4/ 11 - 12)، وانظر (اللسان 7314).

ص: 314

ولعل الحافظَ أراد إعلالَ الحديثِ به، حينما ذكره عَقِبَ الحديثِ في (الغرائب الملتقطة)، وإنْ لم يقل فيه شيئًا.

وفيه: أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي؛ ضعَّفه الدارَقُطْني، وقال الذهبي:"لا أعرفُه، لكن أتَى بخبرٍ باطل هو آفتُه"(الميزان 7146)، وانظر (اللسان 6380).

وفيه أيضًا: عليُّ بن عُمر بن أحمد بن محمد بن عُمر، وهو وأبوه لم نقفْ لهما على ترجمة.

وأما الراوي عنه محمد بن حَمْدان بن مِهْران، ويقال: ابن أحمدَ، فقد تقدَّم أن الدارَقُطْنيَّ ضعَّفه في "الغرائب" مع محمد بن القاسم وعليٍّ الْمَنْجُوري. لكنْ قال فيه الحاكمُ أبو أحمدَ:"إنه صدوق، وإن الذنب في رواياته المنكرةِ مِن شيخه محمد بن القاسم"(لسان الميزان 6416).

وكذا عليُّ بن محمدٍ الْمَنْجُوريُّ أو الْمَنْجُوراني، تقدَّم تضعيفُه عن الدارَقُطْني أيضًا، وكذا ضعَّفه في غير موضع من "الغرائب"، كما في (لسان الميزان 6/ 19)، لكن الجمهور على خلافه؛ فقد ذكره ابن حِبَّان في (الثقات 8/ 466)، ووثَّقه الحاكم كما في (سؤالات السِّجْزي له 171)، والخليلي في (الإرشاد 3/ 951). فيقال فيه ما قيل في ابن مِهران، والله أعلم.

وقد ورد نحوُ هذا الحديثِ عن سعيد بن المسيِّبِ موقوفًا عليه؛ رواه مالك في (الموطأ / كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم 4): عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيِّب، أنه قال: ((كَانَ إِبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلَ النَّاسِ ضَيَّفَ الضَّيْفَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ اخْتَتَنَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ قَصَّ الشَّارِبَ

)).

ص: 315

ورواه ابن أبي شَيْبة في (المصنَّف 32491، 36888) عن عبد الله بن نُمَيْر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد، بنحوه.

وإسناده إلى سعيدٍ صحيحٌ على شرط الشيخين، فكأنَّ رفْعَه منكرٌ. والله أعلم.

ص: 316

986 -

حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو:

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:((أُمِرْنَا أَنْ نَبْشُرَ الشَّوَارِبَ بَشْرًا)).

[الحكم]:

إسناده تالف.

[اللغة]:

قوله: ((أُمِرْنَا أَنْ نَبْشُرَ الشَّوَارِبَ بَشْرًا)) قال الخَطَّابي: "البَشْر: حلْقُ البَشَرة، يريد: قَصَّ الشاربِ حتى يُلحَف وتَبينَ البَشَرةُ، ومنه قولُهم: بَشَرتُ الأَديمَ بَشْرًا: إذا قَشَرتَ باطنَه بشَفْرة"(غريب الحديث 2/ 496). وقال ابن الأثير: "أي: نُحفيها حتى تَبينَ بَشَرتُها، وهي ظاهر الجلد"(النهاية 1/ 129). وقال صاحب (تاج العروس 10/ 184): "البَشْر: إحفاءُ الشاربِ حتى تَظهرَ البَشَرةُ".

[التخريج]:

[ش 26010].

[السند]:

قال ابن أبي شَيْبة: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا هُرَيم، عن ابن عَجْلان، عن مَكْحُول، عن عبد الله بن عَمرو، به.

هُرَيم هو ابن سفيانَ البَجَلي.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ ابن عَجْلان، هو عطاء بن عَجْلان

(1)

؛ قال فيه الحافظ:

(1)

فهو المذكور في شيوخ هُرَيم كما في (تهذيب الكمال 20/ 168)، وروايته عنه في (مكارم الأخلاق للخرائطي 405)، أما محمد بن عَجْلان، فلا يُعرف لهُرَيم روايةٌ عنه، والله أعلم.

ص: 317

"متروك، بل أَطلق عليه ابن مَعين والفَلَّاس وغيرُهما الكذبَ"(التقريب 4594).

وفيه علة أخرى: وهي أنه لا يُعرَف لمكحولٍ الشاميِّ سماعٌ من ابن عَمرو، ومكحولٌ معروف بكثرة الإرسال عمَّن لم يَلقَهم، حتى قيل: إنه لم يسمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس. انظر (جامع التحصيل 796).

ص: 318

987 -

حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ:

◼ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ، قَالُوا:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ الشَّارِبَ مِنْ أَطْرَافِهِ)).

[الحكم]:

إسناده ضعيف جدًّا.

[التخريج]:

[سعد (1/ 386)].

[السند]:

قال ابن سعد: أخبرنا الفَضْل بن دُكَين، أخبرنا مِنْدَل، عن عبد الرحمن بن زياد، عن أشياخٍ لهم، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ مُسلسَلٌ بالعِلل:

الأولى: مِنْدَل وهو ابن عليٍّ العَنَزي؛ "ضعيف" كما في (التقريب 6883).

الثانية: عبد الرحمن بن زياد هو ابن أَنْعُمٍ الإفريقي؛ قال فيه الحافظ: "ضعيف في حفظه"(التقريب 3862).

الثالثة والرابعة: إبهام أشياخِ عبدِ الرحمن، والإرسال؛ فإن عبد الرحمن بن زياد من أتباع التابعين، فأشياخه من التابعين؛ فالحديث مرسَلٌ.

وقد ضعَّفه الشيخ الألباني في (الضعيفة 11/ 802) بمِنْدَلٍ، وقال:"وعبد الرحمن بن زياد لم أعرفْه، ويحتمل أن يكون عبدَ الرحمن بن زياد- تابعيٌّ روى له التِّرْمذي-، أو عبدَ الرحمن بن زياد مولى بني هاشم، وكلاهما مقبولٌ عند الحافظ. والله أعلم".

ص: 319

كذا قال- رحمه الله، والأظهر أنه ابنُ أَنْعُم الإفريقي، فرواية مِنْدَلٍ عنه معروفةٌ كما في (المعجم الكبير للطبراني 14/ 49/ 14642). والله أعلم.

ص: 320

988 -

حَدِيثُ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ: أَنَّ حَجَّامًا أَخَذَ مِنْ شَارِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَأَى شَيْبَةً فِي لِحْيَتِهِ، فَأَهْوَى إلَيْهَا [لِيَأْخُذَهَا]، فَأَخَذَ (فَأَمْسَكَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَقَالَ:((مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).

[الحكم]:

ضعيف؛ لإرساله.

[التخريج]:

[ش 26473 "واللفظ له" / شعب 6390 / سعد (1/ 373) / خلا (ترجل 93)]

[السند]:

أخرجه ابن أبي شَيْبة في (المصنَّف)، وابن سعد في (الطبقات): عن وكيع بن الجراح، عن سفيان، عن أيوبَ السَّخْتِياني، عن يوسفَ، عن

(1)

طَلْقِ بن حبيب، به.

ورواه الخَلَّال في (التَّرجُّل) عن محمد بن إسماعيل الأَحْمَسي، عن وكيع، به.

ويوسف هو ابن ماهَك.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه مرسَلٌ؛ فطَلْقُ بن حبيب من الوُسْطى من التابعين، كما في (التقريب 3040).

(1)

تصحَّفتْ في جميع طبعات الطبقات الكبرى لابن سعد إلى (بن)، وهي على الصواب في بقية المصادر.

ص: 321

ورواه البَيْهَقي في (الشُّعَب) قال: أخبرنا أبو عبد الله البَجَليُّ المقرئُ بالكوفة، أنا أبو بكر بن أبي دارِم، أخبرني الحسين بن جعفر بن محمد القُرَشي، ثنا عبد الحميد، ثنا وَكِيع، عن سفيان، عن رجل، عن طَلْق بن حبيب

به.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبو بكر بن أبي دارم، وهو أحمد بن محمد بن السَّري؛ قال الذهبي:"كان رافضيًّا، يَروي في ثلْبِ الصحابةِ المناكيرَ، واتُّهِم بالوضع"(تاريخ الإسلام 8/ 40).

ص: 322

989 -

حَدِيثُ أَبِي جَعْفَرٍ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ حَجَّامًا أَخَذَ مِنْ شَارِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَتْ شَعْرَةً بَيْضَاءَ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((دَعْهَا)). كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَأْصِلَهَا.

[الحكم]:

إسناده تالف.

[التخريج]:

[عب 21106]

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق: عن مَعْمَر، عن جابر، عن أبي جعفر، به.

وأبو جعفرٍ هو محمد بن عليِّ بن الحُسينِ الباقِرُ، التابعيُّ المشهور.

[التحقيق]:

هذا إسناد تالف؛ ففيه- مع إرساله- جابر وهو ابن يَزيدَ الجُعْفيُّ؛ كذَّبه ابنُ مَعين وأحمد وابن عُيَيْنة وأيوبُ السَّخْتِياني وزائدةُ والجُوزَجاني وابن الجارود وغيرُهم كثيرٌ، وتركه يحيى القَطَّانُ وابن مَهْدي وغيرُهما، وقال النَّسائي:"متروك"، وقال مرةً:"ليس بثقة، لا يُكتب حديثُه"، وكذا قال ابن مَعين أيضًا، وزاد:"ولا كرامة"، وقال ابن سعد:"كان يدلِّس، وكان ضعيفًا جدًّا في رأْيِه وروايتِه"، وضعَّفه أبو حاتم وأبو زُرعة وأبو داودَ والعِجْليُّ وابن سعد وغيرُهم. وشذَّ شُعبةُ وغيرُه فأثنَوْا عليه، كأنه لم يتبيَّنْ لهم ما تبيَّنَ لغيرهم. ولهذا قال الذهبي:"وثَّقه شعبةُ فشذَّ، وتركه الحُفَّاظ"(الكاشف 739). وانظر (العلل لأحمد- رواية الميموني 466)، و (ميزان

ص: 323

الاعتدال 1425)، و (إكمال تهذيب الكمال 921)، و (تهذيب التهذيب 2/ 46 - 50). وتساهَل الحافظُ في (التقريب 878) فقال:"ضعيف رافضيٌّ"، وقد قال في غير موضع مِن كُتبه:"متروك"، كما في (المطالب 502)، و (التلخيص 1/ 456، 2/ 168)، و (الدراية 2/ 283)، وقال في مواضعَ أخرى:"ضعيف جدًّا" كما في (المطالب 1554)، و (التلخيص 1/ 372، 2/ 8). وقال في موضع: "وجابرٌ اتَّهموه بالكذب"(التلخيص 1/ 424) مقِرًّا بذلك، ونحوه في (الفتح 9/ 113). وهذا هو المعتمَد، والله أعلم. وقد قال الإمام أحمد- وسُئِل عن حديث جابرٍ الجُعْفي-:"ليس له حُكمٌ يُضطَرُّ إليه"(الضعفاء للعقيلي 1/ 391). فالحمد لله.

[تنبيه]:

ذكرَ الهيثميُّ في (مجمع الزوائد 5/ 166/ 8843) تحت: "باب ما جاء في الشارب": "عن عُبَيْدٍ قَالَ: ((أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالِاحْتِفَاءِ)) ". وعزاه للطبراني.

فكأنه فَهِمَ الاحتفاءَ في الحديث بمعنى إحفاءِ الشارب، وليس كذلك؛ فإن هذا الحديثَ له قصةٌ تبيِّنُ معناه، كما عند أحمدَ (23969)، وأبي داودَ (4112) وغيرِهما: عن عبد الله بن بُرَيْدةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ

فَرَآهُ حَافِيًا، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ حَافِيًا؟ قَالَ: ((إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا)). اللفظُ لأحمدَ. ولكنْ هذا من مسند فَضَالةَ بنِ عُبيد، وقد رواه بعضُهم فجعله من مسند هذا الصحابيِّ وسمَّاه (عُبيدًا)، كما عند (النَّسائي 5239)، وغيرِه.

ورواية الطبرانيِّ التي ذكرها الهيثميُّ، لم نقف عليها في الأجزاء المطبوعة من "المعجم الكبير"، ولكنْ رواها أبو نُعَيم في (معرفة الصحابة 4800) عن الطبراني، بسنده عن عبد الله بن بُرَيْدَةَ، عن رجل يقال له:

ص: 324

عُبَيدٌ، قَالَ:((أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالِاحْتِفَاءِ)).

وسيأتي الكلامُ على هذا الحديثِ في: "باب كراهية الإفراط في الترجل للرجال".

ص: 325