الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ
1039 -
حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ:
◼ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نُحْفِيَ الْأَظْفَارَ فِي الْجِهَادِ، وَقَالَ:((إِنَّ الْقُوَّةَ فِي الْأَظْفَارِ)).
[الحكم]:
منكَر المتن، ضعيف الإسناد جدًّا، وقد أشار أبو حاتمٍ والذهبيُّ وابنُ حَجَر إلى نكارة الأحاديثِ التي تُروَى من هذا الطريق.
[التخريج]:
[جصاص (4/ 253)]
[السند]:
رواه الجَصَّاص في (أحكام القرآن)، قال: حدثنا عبد الباقي، قال: حدثنا جعفر بن أبي القتيل قال: حدثنا يحيى بن جعفر قال: حدثنا كَثِير بن هشام، قال: حدثنا (عيسى بن إبراهيم الثُّمَالي)، عن الحَكَم بن عُمَير، به.
هكذا جاء الإسناد في المطبوع، وفيه سقط؛ سقط منه صيغةُ التحمُّل بين عيسى بن إبراهيم، والثُّمَالي، وصوابه:"أنا الثُّمَالي"، أو "ثنا" أو "عن"، ودليل ذلك أمور:
الأول: أن عيسى لا يُعرف بالثُّمَالي، ولم ينسبه أحدٌ ممن ترجم له إلى
ثُمالة.
الثاني: أن عيسى إنما يروي عن الحَكَم بواسطة، فجُلُّ روايات الحَكَم التي رواها عيسى إنما رواها عن موسى بن أبي حبيب عن الحَكَم، وانظر على سبيل المثال:(المعجم الكبير 3/ 217)، (الكامل 1397)، (معرفة الصحابة لأبي نُعَيم 2/ 721)، مع (الجرح والتعديل 3/ 125). فهي نسخة مشهورة.
الثالث: أنه قد روَى أبو نُعَيم في (تاريخ أصبهان 1/ 264 - 265) حديثًا من طريق عيسى بن إبراهيم، أنا الثُّمَالي، قال: سمِعتُ الحَكَم بنَ عُمَير
…
فذكره، والثُّمَالي هذا هو موسى بن أبي حبيب، فقد ذكر أبو حاتم أن موسى هذا ابنُ أخي الحَكَم (الجرح والتعديل 3/ 125)، والحَكَم ثُماليٌّ كما في (طبقات ابن سعد 9/ 418) وغيرِه.
والخلاصة: أن الحديث إنما يرويه كَثِير بن هشام، عن عيسى بن إبراهيم، عن الثُّمَالي وهو موسى بن أبي حبيب، عن الحَكَم بن عُمَير الثُّمَالي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علل:
الأولى: عيسى بن إبراهيم، وهو ابن طَهْمان الهاشميُّ؛ متروك، وقد تقدمَتْ ترجمتُه في باب:"ما جاء في إحفاء الشارب".
الثانية: موسى بن أبي حبيب الثُّمَالي؛ ضعيف، ضعَّفه أبو حاتم، والدَّارَقُطْنيُّ، كما تقدَّم في الباب المشار إليه.
ثم إن الحَكَم بن عُمَيرٍ مختلَفٌ في صحبته، انظر تفصيلَه في الباب المشار إليه.
وقد أشار أبو حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 125)، والذهبيُّ في (الميزان 2193)، وابن حَجَر في (اللسان 3/ 251): إلى نكارة الأحاديث التي تُروَى من هذا الطريق.
وانظر أقوالَهم في الباب المشار إليه.
وللحديث شاهدٌ لا يُفرَح به، وهو الحديث التالي:
1040 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ
(1)
: ((لَا تَقُصُّوا الأَظْفارَ فِي أَرضِ العَدُوِّ؛ فَإنَّه أَشَدُّ لِلْقَبْضَةِ، وَأَحَلُّ لِلْعُقْدَةِ)).
[الحكم]:
منكر، قاله أبو زُرْعة الرازيُّ، وإسناده ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[علحا 2504 معلَّقًا]
[السند]:
علَّقه ابن أبي حاتم في (العلل 2504)، عن محمد بن مُصَفَّى، عن بَقِيَّةَ، عن رافِعٍ- أو رُوَيْفِع-، عن أبي الزُّبير، عن جابر، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه- سوى التعليقِ- ثلاثُ علل:
الأولى: رافِعٌ أو رُوَيْفِع هذا؛ مجهول، ولا يُعرَف مَن هو، ولم نجد له ذِكرًا في كتب التراجم، وبقيَّةُ يُكثر الروايةَ عن المجهولين.
(1)
قال محقِّقوه: كذا في جميع النسخ، وإن لم يكن هناك سقطٌ أو تَكرار، فإنَّه يَحتمل وجهين: الأول: أنَّ "قال" الأُولى لأبي الزُّبير، والثانية لجابر، والمراد: قال أبو الزبير: قال جابر. والثاني: أن يكون هذا من قَبيل الحديثِ المرفوع حُكْمًا، والمراد: قال جابر: قال النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الحافظ ابن حجر في (نزهة النظر ص 108): "وقد يقتصرون على القول مع حذف القائل، ويريدون به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، كقول ابن سِيرِين، عن أبي هريرة، قال: قال: ((تُقَاتِلُونَ قَوْمًا
…
))، وفي كلام الخطيب أنه اصطلاح خاصٌّ بأهل البصرة". هذا، والله أعلم.
الثانية: بَقِيَّة بن الوليد، ثقة، لكنه أكثرَ الروايةَ عن الضعفاء والمجهولين، ودلَّس عنهم؛ ولذا نصَّ كثيرٌ من النُّقَّاد على أنه يُتَّقَى حديثُه إذا ما روَى عن غير الثقات المعروفين، لاسيما إذا عنعن. انظر (تهذيب التهذيب 1/ 474).
الثالثة: محمد بن مُصَفَّى، وهو صدوق كما قال أبو حاتم والنَّسائيُّ؛ ولكنْ ذكرَ أبو زُرْعة الدمشقيُّ أنه كان ممن يدلِّس تدليسَ التَّسْوية، وقال صالح بن محمد الحافظُ:"كان مخلِّطًا، وأرجو أن يكون صادقًا، وقد حدَّث بأحاديثَ مناكيرَ"، (تهذيب التهذيب 9/ 461)، ولذا قال ابن حجر:"صدوقٌ، له أوهامٌ، وكان يدلِّس"(التقريب 6304).
وقد سُئِل أبو زُرْعة الرازيُّ عن هذا الحديث، فقال:"هذا حديث منكَر"؛ وأبَى أن يحدِّث به، (العلل لابن أبي حاتم 2504).
وقد رُوي معنى هذا الحديثِ عن عُمر موقوفًا، ولا يصحُّ، رواه سعيد بن منصور في (السنن 2884)، عن عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي الأَحْوَص حَكيم بن (عُمَير)
(1)
، قال: كتب عُمر بن الخطاب: ((أَنْ وَفِّرُوا الْأَظْفَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ فَإِنَّها سِلَاحٌ)).
ورواه مُسَدَّدٌ في (مسنده) - كما في (إتحاف الخِيَرة 4410) - عن عيسى بن يونس، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن أشياخه، أن عُمر رضي الله عنه قال:((وَفِّرُوا أَظْفَارَكُمْ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ فَإِنَّها سِلَاحٌ)).
قال البُوصِيري: "هذا إسناد ضعيف، وفيه انقطاعٌ"(الإتحاف 5/ 147).
(1)
- تصحَّف في المطبوع إلى: "جبير"، والصواب المثبَت، انظر ترجمة ابن أبي مريمَ وشيخِه أبي الأَحْوَص في تهذيب الكمال.
قلنا: فأمَّا بيانُ ضعفِه؛ ففيه: أبو بكر بنُ عبد الله بن أبي مريم الغَسَّاني الشامي، قال ابن حَجَر:"ضعيف، وكان قد سُرِق بيتُه فاختلط"(التقريب 7974).
وأما بيان انقطاعه؛ فأشياخُ ابنِ أبي مريمَ ليس فيهم مَن سمِع عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، على أنه قد فُسِّر الأشياخُ في رواية ابن المبارك بأحد أشياخه فقط، وهو أبو الأَحْوص حَكِيم بن عُمَير، وروايتُه عن عُمر مرسَلةٌ كما في (تهذيب التهذيب 2/ 450).
* * *