المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌144 - باب ما روي في الأخذ من اللحية - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٨

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ: سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌137 - بَابُ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌138 - بَابُ التَّوْقِيتِ فِي خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌139 - بَابُ ما روي في التَّنْفِيرِ مِنْ تَرْكِ خِصَالِ الْفِطْرَةِ

- ‌أبواب فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ وَإِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ

- ‌140 - بَابُ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌141 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ اللِّحْيَةِ

- ‌142 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي طُولِ اللِّحْيَةِ

- ‌143 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خِفَّةِ اللِّحْيَةِ

- ‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

- ‌145 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ قَصَّ اللِّحْيَةِ وَطُولَ الشَّارِبِ مِنْ عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌146 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ

- ‌147 - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ وَقَصِّهِ ونحو ذلك

- ‌148 - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَارِبِهِ

- ‌149 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ وَالتَّنَوُّرِ

- ‌150 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّوْقِيتِ فِي التَّنَوُّرِ

- ‌151 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَتَنَوَّرُ

- ‌152 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌153 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَقَصِّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌154 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْأَخْذِ مِنَ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ

- ‌155 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ فِي الْجِهَادِ

- ‌156 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ

- ‌157 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَرْتِيبِ الْأَصَابِعِ عِنْدَ تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ

- ‌158 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي خَضْبِ الْأَظْفَارِ

- ‌159 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَفْنِ الْأَظْفَارِ وَالشَّعَرِ وَالدَّمِ

- ‌160 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّعَرِ مِنَ الْأَنْفِ

- ‌161 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَلْقِ الْقَفَا

- ‌أبواب الْخِتَانِ

- ‌162 - بَابُ خِتَانِ الرِّجَالِ بَعْدَ الْكِبَرِ

- ‌163 - بَابٌ: هَلْ يُؤْمَرُ الرَّجُلُ بِالْخِتَانِ إِذَا أَسْلَمَ

- ‌164 - بَابُ خِتَانِ الْإِنَاثِ

- ‌165 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ

- ‌166 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي حَجِّ الْأَقْلَفِ

- ‌167 - بَابُ وَقْتِ الْخِتَانِ

- ‌168 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي دَعْوَةِ الْخِتَانِ

- ‌169 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَضْلِ شُهُودِ الْخِتَانِ

- ‌170 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ بَوْلِ الْأَقْلَفِ

الفصل: ‌144 - باب ما روي في الأخذ من اللحية

‌144 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْأَخْذِ مِنَ اللِّحْيَةِ

956 -

حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ:

◼ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ، مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا [بِالسَّوِيَّةِ])).

[الحكم]:

باطل، وقال البخاري:"ليس له أصل"، وضعَّفه التِّرْمذي، والعُقَيلي، وابن عَدِي، والبَيْهَقي، والنَّوَوي، والسُّيوطي، والمُناوي، والمُبارَكْفوري. وحكم الذهبي عليه بالنكارة، ونسب ابن حَجر ذلك للبخاري وأقرَّه. وحكم ابن الجوزي والألباني بوضعه.

[التخريج]:

[ت 2963 "واللفظ له" / عل (خيرة 4111، 5546) "والزيادة له" / عق (3/ 58) / عد (7/ 354) / خل 885 / شعب 6019 / علج 1142].

[السند]:

قال التِّرْمذي: حدثنا هَنَّاد، قال: حدثنا عُمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده، به.

وأخرجه أبو يَعلَى المَوْصلي في "مسنده": عن أبي الربيع الزَّهْراني، ثنا عُمر بن هارون، عن أسامة بن زيد، به. وذكر الزيادة.

ص: 222

ومداره عند الجميع على عُمر بن هارون

به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ساقط؛ فيه عُمر بن هارون البَلْخي؛ قال يحيى بن مَعِين وصالح جَزَرة: "كذاب"، زاد ابن مَعين:"خبيث، ليس حديثه بشيء". وقال ابن مَهْدي، وأحمد، والنَّسائي، وأبو عليٍّ الحافظ، وغيرُهم:"متروك الحديث". وقال أبو داود: "غير ثقة"، وقال عليُّ بن المَدِيني والدارَقُطْني:"ضعيف جدًّا". انظر: (الميزان 3/ 228)، و (تهذيب التهذيب 7/ 503 - 505). وقال ابن حِبَّان: "كان ممن يروي عن الثقات المعضلات، ويدَّعي شيوخًا لم يَرَهم

والمناكير في روايته تدل على صحة ما قال يحيى بن مَعين فيه" (المجروحين 2/ 63). ولذا قال الحافظ: "متروك" (التقريب 4979)، وقال الذهبي: "تركوه" (ديوان الضعفاء 3118)، وقال في (الكاشف 4118): "واهٍ، اتَّهمه بعضُهم".

ومع هذا اقتصر التِّرْمذي على قوله - عقب الحديث-: "هذا حديث غريب"، ثم نقل عن البخاري قولَه في عُمر هذا: "عُمر بن هارون مقارِبُ الحديث، لا أعرف له حديثًا ليس له أصل- أو قال: ينفرد به-، إلا هذا الحديث

لا نعرفه إلا من حديث عُمر بن هارون".

وقال العُقَيلي بعد أن رواه من طريقه: "لا يُعرف إلا به، وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيدَ جِيادٍ أنه قال: ((أَعْفُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ)). وهذه الرواية أَوْلى"(الضعفاء 3/ 58).

وكلام البخاري والتِّرْمذيِّ والعُقَيلي يقتضي أن عُمر بن هارون تفرَّد بهذا الحديث، لكن قال ابن عَدِي عقب روايته له: "وقد رَوَى هذا عن أسامةَ غيرُ

ص: 223

عُمر بن هارون" (الكامل 7/ 354).

قلنا: كذا قال، ولم نجدْه من غير رواية عُمر؛ ولذا قال البَيْهَقي- عقِب ذِكرِه كلامَ ابن عَدِي هذا-:"عُمر بن هارون البَلْخي غير قوي، ولا أدري مَن رواه عن أسامة غيرُه"(الشعب).

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتَّهم به عُمر بن هارون البَلْخي"(العلل المتناهية 2/ 686).

وقال النَّوَوي: "رواه التِّرْمذي بإسناد ضعيف لا يُحتج به"(المجموع 1/ 290).

وقال الذهبي في ترجمة عُمر بن هارون من التاريخ: "ومن مناكيره

" فذكر له هذا الحديث، ثم قال: "فهذا لا يُعرف إلا به، ويخالفه ما ثبت مِن قوله عليه السلام:((أَعْفُوا اللِّحَى)) " (تاريخ الإسلام 4/ 1173).

وقال ابن حَجَر: "أخرجه التِّرْمذي، ونَقل عن البخاري أنه قال في رواية عُمر بن هارون: (لا أعلم له حديثًا منكرًا إلا هذا) اهـ، وقد ضعَّف عُمرَ بن هارون مطلقًا جماعةٌ"(فتح الباري 10/ 350).

ورمز له السُّيوطي بالضعف في (الجامع الصغير 6933).

ونقل المُناوي حُكم التِّرْمذي بغرابته، ثم قال:"وقال غيره: ضعيف"(التيسير 2/ 268).

وقال المُبارَكْفُوري: "حديث عَمرو بن شُعيب هذا ضعيف جدًّا

؛ لأن مداره على عُمر بن هارون، وهو متروك كما عرفتَ" (تحفة الأحوذي 8/ 37). وقال أيضًا:"حديث ضعيف لا يَصلُح للاحتجاج به"(تحفة الأحوذي 8/ 39).

ص: 224

وقال الألباني: "حديث موضوع"(الضعيفة 288).

[تنبيه]:

ورد في كلام لابن القَطَّان متعقِّبًا على عبد الحق الإشْبيلي: "ومن الأحاديث التي صحَّحها وهي من رواية أسامة بن زيد حديث: أَنَّهُ عليه السلام كَانَ يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَعَرْضِهَا"(بيان الوهم والإيهام 3/ 415، 416)، ونقله عنه الزَّيْلَعي في (نصب الراية 2/ 310).

وليس مراد ابن القَطَّان أن عبد الحق صحَّح هذا الحديث، بل مراده أنه لم يُعِلَّه بأسامة بن زيد، وإنما اقتصر على إعلاله بعُمرَ بن هارون؛ فاستدل ابن القطان بذلك- وغيرِه- على أن أسامة صحيحُ الحديث عند عبد الحق، انظر (بيان الوهم والإيهام 4/ 84، 85، 5/ 467).

-[تنبيه آخر]-

قال الماوَرْدي في (الحاوي الكبير 4/ 163): "ويستَحب أن يأخذ - يعني: الحاجَّ أو المعتمر- من شعر لحيته وشاربه، وإنْ لم يجب عليه

ومنع ابن داود من ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَمَرَ بِإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ))، والدلالة عليه روايةُ ابن عُمر:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْحَالِقَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لِحْيَتِهِ طُولًا وَعَرْضًا)) "! ! .

كذا قال، ولم نقف على رواية ابن عمر هذه في شيء من الكتب، فلعله أراد (ابن عَمرو) فتصحَّفت، مع رواية الحديث بالمعنى، والله أعلم.

ص: 225

957 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ، وَلَكِنْ مِنَ الصُّدْغَيْنِ)).

[الحكم]:

منكَر، أشار إلى ذلك الحافظ أبو نُعَيم بقوله:"غريب". وقال ابن عَدِي: "غير محفوظ"، وأقرَّه ابن طاهر القَيْسَراني. وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وأقرَّه الذهبي والألباني في أحد قوليه، وقال في موضع آخر:"ضعيف جدًّا".

[التخريج]:

[عد (8/ 547) "واللفظ له" / صحا 3179 / حل (3/ 323، 324) / خط (6/ 418) / ضو 1450]

[السند]:

أخرجه ابن عَدِي في (الكامل)، قال: حدثنا عليُّ بن أحمد بن مَرْوان، حدثنا محمد بن الوليد المَخْزُومي، حدثنا أبو اليمان، حدثنا عُفَير بن مَعْدان، عن عطاء، عن أبي سعيد الخُدْري، به.

هكذا في المطبوع "محمد بن الوليد المَخْزومي"، وهو معروف في هذه الطبقة، لكن لعله:"أحمد بن الوليد المُخَرِّمي"، فقد أخرجه الخطيب في ترجمته كما سيأتي، وعلى كلٍّ فقد تُوبِع عليه ابن الوليد هذا:

فرواه أبو نُعَيم في (المعرفة 3179)، و (الحلية 3/ 323) - ومن طريقه الدَّيْلمي معلَّقًا- قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عليِّ بن مُخْلد، ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا أبو اليمان، ثنا عُفَير بن مَعْدان، عن عطاء بن

ص: 226

أبي رباح، سمعت أبا سعيد، به، بلفظ: ((لَا يَأْخُذِ الرَّجُلُ

)).

ورواه الخطيب فجمع في روايته بين المُخَرِّمي والبلدي:

فرواه في ترجمة المُخَرِّمي من (تاريخ بغداد 2641) -ومن طريقه ابن الجوزي في (الموضوعات 3/ 225) - من طريق محمد بن مَخْلَد العطَّار، حدثنا أحمد بن الوليد وإبراهيم بن الهيثم البلدي، قالا: حدثنا أبو اليمان، حدثنا عُفَير

به.

فالحديث مداره عندهم على أبي اليمان، عن عُفَير بن مَعْدان، به.

قال أبو نُعَيم: "غريب من حديث عطاء، لا أعلم عنه راويًا غيرَ عُفَير بن مَعْدان"(الحلية 3/ 324).

[التحقيق]:

هذا سند واهٍ جدًّا؛ فيه عُفَيْر بن مَعْدان؛ قال عنه أحمد: "ضعيف، منكر الحديث"، وقال يحيى:"ليس بشيء"، وقال مرة:"ليس بثقة"، وسُئل:"تضمُّه إلى أبي مَهدي؟ قال: "هو قريب منه"، وأبو مهدي هذا متروك رُمِيَ بالوضع. وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، يكثر الرواية

بالمناكير ما لا أصل له، لا يُشتغل بروايته"، وقال النَّسائي: "ليس بثقة، ولا يُكتب حديثه". انظر (تهذيب الكمال 20/ 177 - 178)؛ ولذا قال الذهبي:"ضعَّفوه"(الكاشف 3828)، وقال الحافظ:"ضعيف"(التقريب 4626).

وتفرُّد مثْلِ هذا عن مثل عطاء يُعدُّ منكَرًا.

وبه أعلَّ الحديثَ ابنُ عَدِي، فرواه- مع غيره- في ترجمة عُفَيْر من (الكامل)، ثم قال:"وعامة رواياته غيرُ محفوظة"(الكامل 8/ 548).

وتبعه ابن القَيْسَراني، فقال: "رواه عُفَير بن مَعْدان

وعُفير ليس بشيء"

ص: 227

(ذخيرة الحفاظ 6260).

وقال الذهبي: "فيه عُفير بن مَعْدان، واهٍ"(تلخيص الموضوعات 707).

ولمَّا رواه الخطيب في ترجمة أحمد بن الوليد المُخَرِّمي قال عقبه: "قال أبو عبد الله ابن مَخْلَد: "أحمد بن الوليد المُخَرِّمي [لا] يسوي فَلْسًا" (تاريخ بغداد 6/ 418).

وبهذا أعلَّه ابن الجوزي في (الموضوعات)، وزاد عليه فقال:"وقال ابن عَدِي: إبراهيم بن الهيثم كذَّبه الناسُ".

وتعقَّبه السُّيوطي، فقال: "أما إبراهيم بن الهيثم فقال في الميزان: وثَّقه الدارَقُطْني، وذكره ابن عَدِي في الكامل وقال: حديثه مستقيم سوى حديثِ الغار؛ فإنه كذَّبه فيه الناس

وأحاديثه جيدة، وقد فتَّشْت حديثه الكثيرَ فلم أجد له حديثًا منكرًا يكون من جهته"، قال الذهبي: وقد تابعه على حديث الغار ثقتان"، وقال في اللسان: وقد ذكره ابن حِبَّان في الثقات"، وقال الخطيب:

وإبراهيم عندنا ثقة ثبْتٌ لا يَختلف شيوخُنا فيه،

" انتهى، وأما أحمد بن الوليد فذكره ابن حِبَّان في الثقات، والله أعلم"(اللآلئ 2/ 226، 227).

وتبِعه ابن عِرَاق في (تنزيه الشريعة 2/ 274)، والفَتَّنِي في (تذكرة الموضوعات ص 160)، والشوكاني في (الفوائد ص 198)، غير أن الأخيرين اختصرا الكلام عليه.

وقد غفلوا جميعًا عن علة الحديث الحقيقيةِ التي بيَّنَّاها آنِفًا.

والحديث تكلَّم عليه الألباني في موضعين، قال في الأول:"موضوع"(الضعيفة 3990)، وقال في الثاني:"ضعيف جدًّا"(الضعيفة 5453).

ص: 228

958 -

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ:

◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مُجْفِلَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، فَقَالَ: ((عَلَامَ يُشَوِّهُ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ

(1)

؟ )) قَالَ: وَأَشَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى لِحْيَتِهِ وَرَأْسِهِ، يَقُولُ:((خُذْ مِنْ لِحْيَتِكَ وَرَأْسِكَ)).

[اللغة]:

قولُه: (مُجْفِل الرأس واللحية)، يقال: جفَل الشَّعرُ: أي: شعِث وانتصب. (المعجم الوسيط (1/ 127).

[الحكم]:

منكَر بهذا اللفظ، وإسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه البَيْهَقي والألباني.

[التخريج]:

[أصبهان (2/ 244) "واللفظ له" / شعب 6020 / خطج 866 مختصرًا].

[السند]:

قال أبو نُعَيم في "تاريخ أصبهان": حدثنا أحمد بن عُبيد الله بن أحمد بن سعيد القَصَّار، ثنا أبو عبد الله محمد بن سعيد، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا شَبَابَة بن سَوَّار، عن أبي مالك النَّخَعي، عن محمد بن المُنْكَدِر، عن جابر، به.

ومداره- عندهم- على أبي مالك النَّخَعي، به.

(1)

تصحفت في (الشعب/ ط العلمية) إلى: "أمس"، أما في ط الرشد فأثبتوا الكلمتين، فأبعدوا النُّجْعة.

ص: 229

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه أبو مالك النَّخَعي؛ وهو "متروك" كما في (التقريب 8337).

وبه ضعَّفه البَيْهَقي في (الشُّعَب)، والألباني في (الصحيحة 493). وقال:"واعلم أنه لم يثبت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخذُ من اللحية، لا قولًا - كهذا-، ولا فعلًا"(الضعيفة 2355).

ثم إنه منكر بهذا اللفظ؛ فالمحفوظ عن ابن المُنْكَدِر في هذا الحديثِ ما رواه الجماعة عنه مرسلًا: ((أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ اتَّخَذَ شَعَرًا

)) الحديثَ.

وانظر تفصيل الكلام على هذه العلة، مع بقية روايات هذا الحديث، في باب:"إكرام الشعر".

ص: 230

959 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((خُذُوا مِنْ عَرْضِ لِحَاكُمْ، وَاعْفُوا طُولَهَا)).

[الحكم]:

منكر، وإسناده ضعيف جدًّا، وضعَّفه السُّيوطي.

[التخريج]:

[عطار (حديث ق 107/ ب)].

[السند]:

أخرجه أبو عبد الله محمد بن مَخْلَد العطار في (جزء له)

(1)

قال: حدثنا طاهر (وهو ابن خالد بن نِزار الأَيْلي)، حدثني أبي،

(2)

أخبرني عُمر بن قَيس، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عُمر بن قيس المكي المعروف بسَنْدل، وهو "متروك" كما في (التقريب)، وقال ابن عَدِي:"عامة ما يرويه لا يُتابَع عليه، وخالد بن نِزار يحدِّث عنه بنسخة وفيها عجائب. وعُمر ضعيف بالإجماع لم يشُكَّ أحد فيه "(الكامل 5/ 8).

قلنا: وهذا الحديث من العجائب التي رواها خالد بن نِزار عنه، ولعل

(1)

وعزاه له السُّيوطي في (الجامع الصغير)، وتبِعه صاحب (كنز العمال 17225).

(2)

وقع في الأصل زيادة في السند في هذا الموضع: (أنبا إبراهيم، حدثني شعبة، عن حُمَيْدِ بن هلال، عن مُطَرِّفٍ)، وهذا سند الحديث الذي قبله، كرَّره الناسخ في هذا الموضع سهوًا. والله أعلم.

ص: 231

لأجل رواية خالد بن نِزار لهذه المناكير عن عُمر بن قيس؛ قال فيه ابن حِبَّان: "يُغرب ويخطيء"(الثقات 8/ 224)، وقال الحافظ:"صدوق يخطيء"(التقريب 1682). هذا مع أن خالدًا هذا وثَّقه الدارَقُطْني وغيرُه.

وقال ابن عَدِي في طاهر بن خالد بن نِزار الأَيْلي: "له عن أبيه إفرادات وغرائب". وقال الذهبي: "صدوق، وله ما يُنكر"(الميزان 3977)، مع أن طاهرًا هذا وثَّقه الدارَقُطْني، والخطيب، وقال ابن أبي حاتم:"كتبت عنه مع أبي بسامَرَّاءَ، وهو صدوق"، انظر (اللسان 3981).

والمتن منكَر؛ لمخالفته الثابتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأمر بإعفاء اللحية وتوفيرها، دون التعرُّض لعَرضها، أو تقييدٍ بطولها، والله أعلم.

والحديث رمز لضعفه السُّيوطي في (الجامع الصغير 3898).

[تنبيه]:

الحديث ذكره الدَّيْلمي في (الفردوس 2833)، ولم نقف على كتاب "مسند الفردوس". لكن قال المُناوي في (فيض القدير 3/ 436):"ورواه الدَّيْلمي في الفردوس عنها، وبيَّض لسنده". يعني: لم يذكر سندًا له. وانظر (المداوي 3/ 476).

ص: 232