الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال قيُس بن عَيْزارة حين أسرْته فَهْمٌ وأخَذَ سِلاحَه تأَبّطَ شَرّا واسمهُ ثابت
(1):
لَعَمْرُكَ أَنسَى رَوْعتِى يوم أَقْتُدٍ
…
وهل تَترُكَنْ نفسَ الأَسيرِ الرَّوائعُ (2)
غَداةَ تناجَوا ثم قاموا فأَجمَعوا
…
بقَتْلِىَ سُلْكَى ليس فيها (3) تَنازُعُ
يقول: تناجَوا فيما بينهم أي وَسْوَسوا، ثم استمرّ أمرهم على قَتْلى. وقوله: سُلْكَى، أي أَجمَعوا على أمرٍ ليس فيه اختلاف.
وقالوا عَدُوٌّ مُسرِفٌ في دِمائكْم
…
وَهاجٍ لأعراضِ العَشيرةِ قاطِعُ (4)
فسكّنتهمْ بالقَول حتّى كأنّهمْ
…
بَواقِرُ جُلْحٌ أَسكَنْتها المَراتِعُ (5)
جُلْح: بقرٌ لا قُرونَ لها. والمَراتع: مواضع تَرتَع.
(1) قدّم السكرى لهذه القصيدة بما نصه: حدّثنا الحلوانى قال: حدّثنا أبو سعيد قال: قال قيس ابن العيزارة، وهي أمه، وبها يعرف، وهو قيس بن خويلد أخو بنى صاهلة حين أسرته فهم، فأفلت منهم وأخذ سلاحه ثابت بن جابر بن سفيان، وهو تأبط شرا، "لعمرك" الخ البيت.
(2)
شرح السكرى هذا البيت فقال: أنسى، يريد لا أنسى، وأقتد: ماء؛ ويقال: موضع. والروائع، الواحدة رائعة. يقول: لا تدع نفس الأسير أن تصيبه رائعة، أي ما يروعه.
(3)
في رواية: "ليس فيه" أي ليس فيه تنازع، وقد اجتمعوا عليه سلكى، أي على استقامة؛ ويقال: أمر بنى فلان سلكى إذا تتابعوا عليه. كما يقال أمرهم مخلوجة إذا تخالجوه واختلفوا فيه. وتنادرا: وسوسوا بينهم، ثم استمرّ أمرهم على قتلى (السكرى ملخصا).
(4)
قاطع: أي قاطع للرحم، يقول: فاقتلوه لأنه قاطع للرحم مسرف في دمائكم وهجائكم (السكرى).
(5)
بواقر: جمع باقر، أي كأنهم بقر لا قرون لها سكنت وطابت نفسها في المراتع. وهكذا هم سكنوا بعد ما أرادوا قتلى.
وقلتُ لهمْ شاءٌ رَغيبٌ (1) وجامِلٌ
…
وكلُّكمُ من ذلك المالِ شابِعُ
وقالوا لنا البَلْهاءُ (2) أوَّلَ سُؤْلةٍ
…
وأعراسُها واللهُ عنّى يُدافعُ
يعني الذين أسروه وقالوا لنا البَلْهاء، وهى ناقةٌ عنده. وأعراسُها: ألاّفُها يريد أَخْذَ ما معها من الإبل. أوَّلَ سُؤلَة: أوَّلَ ما سَألنا.
وقد أَمَرتْ بى رَبَّتى أمُّ جُنْدَبٍ
…
لأُقتَلَ لا يَسْمَعْ بذلك سامِعُ (3)
رَبَّتى: يعني امرأة (4) الذى أَسَره قالت: اُقتُلوه سرًّا لا يسَمَع أحد.
تقول اقتُلوا قَيْسا وحُزُّوا لِسانَه
…
بِحَسْبِهم أن يَقْطَع الرأسَ قاطِعُ
ويأمُر بي شَعْلٌ لأُقْتَل مُقْتَلا
…
فقلتُ لشَعْلٍ بئسَما أنتَ شافِعُ (5)
سَرَا ثابتٌ بَزِّى ذَميما ولم أكُنْ
…
سَلَلْتُ عليه شَلَّ مِنّى الأَصابِعُ
(1) في الأصل: "رغيت" بالتاء، وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا نقلا عن السكرى الذي قال في شرح هذا البيت ما نصه: الرغيب: الكثير، يريد فقلت لهم خذوا مالى ودعونى. وجامل: جمع جمال (بكسر الجيم) أي سأعطيكم.
(2)
البلهاء: ناقته، وكانت نجيبة فارهة. وأعراسها: أصحابها وألافها. وسؤلة، أي أوّل ما سألنا. والله عني يدافع، أي والله يدافع عني الأسر. وقال أبو عبد الله: البلهاء أمنية عظيمة لا يقدر عليها. وأعراسها: أولادها. وقال أبو عمرو: ناقة كريمة كانت له فقالوا أوّل ما سألوه: أعطناها. (السكرى ملخصا).
(3)
في رواية: "ليقتل" مكان "لأقتل". وقوله: "لا يسمع بذلك سامع" جزمه على الدعاء، كأنه قال: لا يمكن ذاك. اهـ ملخصا من السكرى.
(4)
يعنى امرأة تأبط شرا الذي كان أسيرا عندها، لأنها هي التي قالت: اقتلوه سرا لا تخبروا بقتله أحدا.
(5)
أراد الشاعر بقوله: "بئسما أنت شافع" أي شافع قولك هذا بتكراره مرة أخرى، لأن امرأته كانت قالت اقتلوه. وشعل: لقب تأبط شرا. ومقتل: مصدر قتلته إذا حملته على أن يقتل، كأن شعلا حمل غيره على أن يقتل قيسا. وفي رواية:
ويأمر بى سمع لأقتل مقتلا
…
فقلت لسمع بئسما أنت شافع
وسمع: رجل (اهـ ملخصا من السكرى).
ثابت، يعني تأبَّطَ شرّا حين أَسرَ قيسَ بنَ عَيزْارة. سَرَا بزِّى: أي سَلبَه. وسَرَوْت عن ذراعى إذا حَسَرْت. وسَرَوْت الجُلَّ عن الفَرَس (1).
فَويْلُ أمِّ (2) بزٍّ جَرَّ شَعْلٌ على الحَصَى
…
فُوقِّرَ بَزٌّ ما هُنالِك ضائعُ
شَعْل: لَقَبُ تأبَّطَ شرّا، يريد فَوْيل أُمِّ بَزٍّ لهَلكَة شَعْل، وهو تأبّط شرّا وُلقِّب بذلك لأنه لبس سَيْف قيسٍ حين أَسَرَه، فجعل يجرّه على الحصَى. فوُقِّر أي صارت به وَقَرات وهَزَمات في السيف.
فإِنّك إذْ تَحْدُوكَ أمُّ عُوَيْمِرٍ (3)
…
لَذو حاجةٍ حافٍ مع القوِم ظالِعُ
قولُه: إذ تَحْدوك، أي تَتْبَعك الضَّبع، وهو مَثَل، أي تَسوقُك الضَّبعُ من ضَعْفِك. وظالِع، أي ضَعيف. يقول: تَسوقُك الضَّبعُ تَطمَع أن تَأكُلَك.
وقال نِساءٌ لو قُتِلتَ لساءَنا
…
سِواكُنّ ذو الشَّجْوِ الّذى أنا فاجِعُ
يقول: ما لكنّ تبكين، يَبْكى عليّ أَهْلى. والفَجْع: نزول المصيبة.
(1) يقال: سروت الجل عن الفرس، أي نزعته. كما يقال: سروت عن ذراعى أي كشفت وحسرت. وقوله: "ذميما" أي غير محمود. ثم قال: "شل مني الأصابع" دعا على نفسه فقال: شل مني الأصابع ألا أكون سللت عليه السيف فقتلته، كما تقول: ثكلتنى أمي، لم لم أقتله، وقد أورد السكرى بعد هذا البيت بيتا آخر، وهو:
فيا حسرتى إذ لم أقاتل ولم أرع
…
من القوم حتى شد مني الأشاجع
قال: وهذا البيت رواه أبو عمرو وحده.
(2)
شرح السكرى هذا البيت فقال: كان تأبط شرا قصيرا فلبس سيفه، أي سيف قيس، فجرّه على الحصى، فوقره جعل فيه وقرا. وقوله: فويل أم بز، أي فويل لأمه. وبزه: سلاحه، أخذه حين أسره فجعل يجرّه على الحصى، فأحدث هذا الجرّ بالسيف وقرات. (اهـ ملخصا).
(3)
أراد أم عامر، فصغر؛ وقوله:"حاف" كناية عن ضعفه وعدم قدرته على الهرب.
رِجالٌ ونِسْوانٌ بأكناِفِ رايَةٍ
…
إلى حُثُنٍ ثَمَّ (1) العُيونُ الدَّوامِعُ
يَعنِي بَناتَه وأهلَه. وراية: موضع. وأكنافُها: ما حَوْلَها. وحُثُن: موضع.
سَقَى اللهُ ذات الغَمْر وَبْلاً ودِيمةً
…
وجادتْ عليها البارِقاتُ (2) اللَّوامِعُ
بما هِى مقْناةٌ أنِيقٌ نَباتُها
…
مِرَبٌّ فتَرْعاها (3) المخَاضُ النَّوازِعُ
قوله بما هي مقناة أنيقٌ، أي سقاها اللهُ نَدًى، يريد ذاتَ الغَمْر. ومقْناة ملزمة، ومنه: اقْنَيْ حيَاءَكِ، أي الزَمِيه. وأَنِيق: مُعجِب. والنَّوازِع: تَنْزع إلى أَوْطانها. والمخَاض: إِبِلٌ حَوامِل. مِرَبّ، أي مُجتمعٌ للنّاس. ومِرَبُّ الإبِل: الموضعُ الّذى ارتبَّتْ به أي أقامتْ.
وإن سالَ ذو ماوَيْنِ (4) أَمْسَتْ قِلاتهُ
…
لها حَدَبٌ تَسْتَنُّ فيه الضَّفادِعُ
(1) في رواية "تلك" أي هناك في هذا الموضع من يبكى عليّ وتدمع عينة. وأورد السكرى بعد هذا البيت. بيتا آخر لم يرد في الأصل، وهذا نصه:
ستنصرنى أفناء عمرو وكاهل
…
إذا ما غزا منهم مطىّ وعاوع
المطىّ: الرّجالة، واحدهم مطو. ووعاوع: جريئون على السير لا يبالون أليلا ساروا أم نهارا واحدهم وعوع.
(2)
بارقات: سحائب فيها برق. ولوامع: تلمع بالبرق.
(3)
في رواية "فتهواها" وأراد بقوله "مقناة" أنها موافقة لكل من نزلها. ولغة هذيل "مفناة". بالفاء. والمخاض: الإبل الحوامل لستة أشهر، قد تمخض حملها في بطونها، ومرب الإبل: الموضع الذي أربت به أي لزمته (السكرى).
(4)
في رواية "ذو الماوين" وفي رواية: "لها حبب" ويشرح السكرى هذا البيت فيقول: القلات: جمع قلت، وهى مناقع ماء تكون عظيمة أو وقع فيها البختىّ لغرقته. والحبب: بكسر الحاء: طرائق الماء. قال السكرى: "ويروى لها حدب" كما في الأصل. والحدب: منون وقلات في الأرض. وذو الماوين: مكان.
ذو ماوَيْن: موضع. والقِلات: النَّقْرُ في الصَّخْر. ولها حَدَب: للقِلات.
إذا صَدرتْ عنه تمشّتْ مخَاضُها
…
إلى السِّرّ تَدْعوها إليه الشَّفائعُ (1)
يقول: إذا صدرت عن ماوَين. والسِّرُّ: بطنُ الوادى وأكرَمُ موضعٍ فيه، ومنه فلانٌ في سِر قومه. تَدْعوها إليه الشَّفائع، كأنّ هذا الموضع شَفيعٌ لها فتأتيه فتَرعىَ به.
لها هَجَلاتٌ سَهْلَةٌ ونِجادَةٌ
…
دَكادِكُ لا تُوبَى بهنّ المرَاتِع (2)
الهَجَلات: بطونٌ من الأرض مطمئنّة، واحدُها -هجل. والنِّجاد: ما ارتَفعَ من الأرض. ولا تُوبىَ بهنّ: لا تنقص. يقال: أُوبِيَتْ هذه الأرض: إذا قلَّ نبتهُا.
كأنّ يَلَنْجُوجًا ومِسْكًا وعَنْبَرًا
…
باشرافِه طلَّت عليه المرَابِع (3)
طَلّت: من الطَّلّ، وهو النَّدَى، شبهّ طِيبَ النَّبتْ به. المرابع: سحاب تمُطر في الربيع.
(1) في رواية: "إذا حضرت عنه" ويشرح السكرى هذا البيت فيقول: يقال: حضرنا عن ماء كذا أي تحوّلنا عنه. قال: والسر: مشرب. وقوله: "الشفائع" يقول: كأن في ذلك البيت شيئا يشفع لها إليه، قال الفرزدق:
رأت هنيدة اطلاحا أضر بها
…
شفاعة النوم للعينين والسهر
(اهـ ملخصا).
(2)
في رواية: المراضع. وفسر السكرى هذا البيت فقال: الهجل: بطن من الأرض لين. والنجاد: شرف غليظ يلقاك معترضا. و"دكادك" أي ليس بمرتفع كالجبل. توبي: تنقطع. والعرب تقول: في أرض بنى فلان فلات لا توبي، أي لا ينقطع ماؤها. والمراضع: السحاب. وفي رواية: "تأبى بهن المرابع": والمرابع: الإبل التى لا ترد الماء إلا ربعا، أو هي التى تأكل الربيع (اهـ ملخصا).
(3)
اليلنجوح: العود، شبّه طيب النبت به. وطلّت: نديت. والمرابع: سحائب تمطر في الربيع وهي من الإبل التى تنتج في أوّل النتاج، الواحدة مرباع. (اهـ ملخصا من السكرى).