الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضاً
(1)
غَلَتْ حَرْبُ بَكْر واستطارَ أَديمُها
…
ولو أنّها إذا شُبّت الحَرْبُ بَرّتِ (2)
(1) قدم السكرى لهذه القصيدة بما نصه: قال أبو عمرو والجمحى: كان من حديث حذيفة بن أنس أنه خرج هو ورجلان من قومه يطلبون نفرا من بني عبد بن عدى بن الديل بن بكر، وخرج الآخرون فارّين حتى أتوا مرّا وعلافا، وأقبل حذيفة وأصحابه حتى استطلعوا من محمر، قرية بين علاف ومرّ، فلم ير إلا القوم يسيرون على كر علاف، والكر: الحسي، والجمع كرار، وأنشد: * بها قلب عادية وكرار *، فأبصرهم حذيفة حين صدروا، فرصدهم حتى مرّ عوف بن مالك وابنا أخيه في بلد، فلم يزالوا يسيرون حتى قالوا تحت أراك بالعرض الذي حذيفة بصدده؛ والقوم مغترون، فلم يزل يختلهم وهم في الأراك حتى وثب عليهم فقتلهم واستاق شاءهم هو وأصحابه حتى أصبحوا الغد بجنب عرنة، وقال وهم يسوقون الغنم:"نحن رعاء الصفحة المغبون" المغبون: الذي لا يسقون إلا غبا، فلما برز لأهله تبشروا بثلته، وخذله ابن عمه، ثم إن بنى عبد بن عدى بن الديل خرجوا بعد ذلك حتى حلوا الحضر، ثم وجدوا بعرس غلامين من بنى عمرو بن الحارث يرميان الصيد، فقتلوا أحدهما، وأعجزهم الآخر، وهو أبو البراء، ثم مر بنو عبد ابن عدى، وسمعتهم أم حذيفة وهم يذكرون أنهم قتلوا أحد الغلامين، فأخبرت حذيفة، فذهب يستصرخ عليهم طوائف هذيل، ولم يشعر العبديون حتى أخبرتهم أمه أنه قد سمع ما قالوا، فخرجوا يبتغونه في البيت فوجدوه قد ذهب، فظعنوا حتى أصبحوا نحو مر، وخرجت دار من بنى سعد بن ليث حتى حلوا في دار العبديين في رباعهم، فخرج حذيفة بالقوم فطالع أهل الدار من قلة السلام، فرأهم في رباعهم، فقال: اجتنبوا بيت أمي، وأراهم مكان البيت، وأمسى لا يحسبهم إلا بنى عبد بن عدى، فوقعوا في الدار آخر الليل، فجعلوا يستلونهم، ويقول حذيفة: لكأنى أطعن في بطون بنى سعد بن ليث، وقتل ابن امرأة منهم وأباها وأخاها فقالت: يا لسعد بن ليث، ما رأيت مثل هذه الليلة قط، قال: ارفعوا عنهم، فقال حذيفة بن أنس في ذلك، رواها الأصمعى. وقال ابن الأعرابي: بل خرجت بنو عمرو بن الحرث بن تميم ابن سعد بن هذيل مغيرين يريدون بنى عبد بن عدى بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقد كانوا عهدوهم في منزل، فظعنت بنو عبد بن عدى. من ذلك المنزل، ونزله بنو سعد بن ليث بن بكر، فبيتهم القوم وهم يظنون أنهم بنو عبد بن عدى، فأصابوا فيهم، وقتلوا منهم ناسا، وقتلوا غلاما كان فيهم مسترضعا، وهو ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وهو الذى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح، فقال في ذلك حذيفة بن أنس أخو بنى عمرو بن الحارث، وهو ابن الواقعه:"غلت حرب بكر" الخ.
(2)
قال السكرى في شرح هذا البيت ما نصه: غلت: ارتفعت. واستطار: تشقق. وأديمها جلدها، وإنما هذا مثل، أي تشتت أمرها وتشقق الشر فيما بينهم. وشبت: أوقدت. وبرت: وفت، من البر، وفي هذا اليوم وضع النبي صلى الله عليه وسلم دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في حجة الوداع.
قال أبو سعيد: قوله: واستطار أديمُها، هذا مَثَل، يقول: تشقّقتْ، وكل ما تشقّق فقد استطار، وإنما يريد أنّ الشرّ تَشقَّق فيما بين هؤلاء القوم.
وأخْطَأَ عَبْدًا ليلةَ الِجزْعِ عَدْوَتى
…
وإيّاهمُ لولا وُقُوها (1) تَحَرَّتِ
قال هو عَبْد بن عَدِىّ بنِ الدِّيل؛ عَدْوتى: حَمْلتى. يقول أَصبْنا قوما لم نُرِدْهم لولا أنهم وُقُوها.
أَصبْنا الّذين لم نُرِد أن نصيبَهمْ
…
فساءتْ كَثيرا من هُذَيلٍ وسَرّتِ (2)
أسائلُ عن سعدِ بنِ ليثٍ لعلّهم
…
سِواهم وقد صابَتْ بهم فاستحرّت
أسائل عن سعد، يقول: أقول: لعل الذين وقعَ بهم الأمرُ وقع بسواهم، وقد صابتْ بهم أي كان مُعظمُها (3) بهم. وقوله: فاستحرّت، يقال: استحرّ الأمرُ ببنى فلان إذا اشتد.
وكانت كداء البَطْنِ حِلْسُ ويَعْمَرٌ (4)
…
إذا اقتَربَتْ دَلّت عليهم وغَّرت
قوله: كداء البطن، يقول: كانت غائلتها تخفى كما يَخْفَى داءٌ لا يُدْرَى كيف يؤُتَى له.
(1) وقوها: أي وقاهم الله، من الوقاية. وتحرت: عمدت وقصدت اليهم. وعدوتى وعادتى وغارتى واحد (السكرى ملخصا).
(2)
روى السكرى هذا البيت بعد البيت الآتى، وشرحه فقال:"أصبا الذين". ويروى "أصبنا الأولاء لم نرد أن نصيهم".
(3)
شرح السكرى قوله: "صابت بهم" فقال: أوقعت بهم.
(4)
حلس ويعمر: قبيلتان من بني الديل، أي تدل علينا من أراد غزونا فنطمئن إليهم (اهـ ملخصا من السكرى).
يقول: فهؤلاء كداء البطن، لا خَير عندهم. وغَرّت، يقول: تغُرّهم فيطمئنون فَيَنزِل عليهم من يريد غِرّتَهمْ.
وتُوعِدُنا كلبُ بنُ عوفٍ بخَيْلِها
…
عليها الخسَارُ حيث شَدّتْ وكَرّت (1)
يقول: عليها الخسار، يدعو عليهم، كقولك: عليه لعنةُ الله.
فلا تُوعِدونا بالِجياد فإِنّنا
…
لكْمُ مُضْغةٌ ما لُجلِجَتْ فأَمَرّت (2)
يقول: يريدوننا فلا يَقدِرون علينا. قال: ومثلُه قولُ زهير:
تُلْجلجُ مُضْغةً فيها أَنِيضٌ
…
أَصَلَّتَّ فهي تحتَ الكَشْحِ داء (3)
(1) في السكرى "حيث شدّت وكرت" بالبناء للمجهول، وشرح قوله "شدّت وكرت" فقال: شدّت وكرت"، أي أرسلت الخيل. وكلب بن عوف من كنانة.
(2)
في السكرى "قد لجلجت" مكان "ما لجلجت" ولجلجت: رددت في الفم، أي لا تسيغوننا ولا تقدرون علينا. أمرت: صارت مرّة. وفي رواية:
فلا توعدونا بالهياج فإننا
…
لكم أكلة قد لجلجت فأمرت
ولجلجت: مضغت. اهـ ملخصا من السكرى.
(3)
ورد هذا البيت في شرح ديوان زهير بن أبي سلمى المطبوع في دار الكتب المصرية ص 82 وهو من قصيدتة الهمزية المشهورة التى أوّلها:
عفا من آل فاطمة الجواء
…
فيمن فالقوادم فالحساء
وقد ورد فيها قبل هذا البيت قوله:
فأبرئ موضحات الرأس منه
…
وقد يشفى من الجرب الهناء
وشرح البيت الذي نحن بصدده بما نصه: "يقول: أخذت هذا المال فأنت لا تأخده ولا تردّه، كما يلجلج الرجل المضغة فلا يبتلعها ولا يلقيها. والأنيض: اللحم الذي لم ينضج. فيريد أنت تريد أن تسيغ شيئا ليس يدخل حلقك، أي تظلم ولا تترك الظلم، وأنشد: "مثل النوى لجلجه العواجم" وأصلت: أنتنت، فهى مثل هذا الذي أخذت، فإن حبسته فقد انطويت على داء. ويقال: صل اللحم وأصل وفيه صلول. والكشح: الجنب. وورد بعد هذا البيت مباشرة قوله:
غصصت بنيئها فبشمت عنها
…
وعندك لو أردت لها دواء
نشَأْنا بنى حَرْبٍ تَربَّت صِغارُنا
…
إذا هي تُمْرَى بالسَّواعد كَرّتِ (1)
نشأْنا، يقول: نشأْنا عليها ثم نَغْتَبِقُها (2) إذا هي تُمْرَى بالسواعد، يقول إذا هي تُمْرىَ في سواعدها، والسواعد: مَجارِى اللّبن في عروق الضَّرْع، يقول: إذا مَرَينْاها لنَحلُبها دَرّت. وكَرّت: عادت.
ونَحمِل في الأبطال (3) بِيضًا صَوارِماً
…
إذا هي صابتْ بالطَّوائف تَرّتِ
صابت: نَزلتْ وقَصَدَتْ، أي كما يَصُوب الغَيْث، أي يَنحدِر. والطوائف: النَّواحى، يريد الأيْدى والأرْجُل. تَرّت: قَطَعتْ. في الأبطال: أي مع الأبطال.
وما نحن (4) إلَاّ أهلُ دارٍ مقيمةٍ
…
بنَعْمانَ من عادتْ من النّاس ضرَّت
(1) ورد هذا البيت في السكرى هكذا:
وكنا بني حرب تربت صغارنا
…
إذا هي تمرى بالأسنة عرت
وشرحه فقال: عرتهم بشر. وتمرى: تحرك.
(2)
الغبق والتغبق والاغتباق: شرب العشىّ. (اللسان).
(3)
رواية السكرى "في الآباط منا" مكان "في الأبطال بيضا" وشرح البيت فقال: الصوارم المواضى، يعنى سيوفا. وصابت: وقعت. وترت: طنت، أي طنت الطوائف، قال طرفة:
أي طن. وأورد بعد هذا البيت بيتا آخر لم يرد في الأصل، وهو:
وقد هربت منا مخافة شرنا
…
جذيمة من ذات الشباك فمرت
وجذيمة: من كنانة (اهـ ملخصا).
(4)
في السكرى "وهل نحن" مكان "وما نحن".
وفي هذه الحرب يقول جُنادةُ (1) بنُ عامر أحد بني الدَّرْعاء، والدَّرْعاء (2): حيٌّ من عَدْوان ابن فهم بنِ عَمْرو بن قيس عيلان، واسم عَدْوان الحارث، وخلفهم في بنى سَهْم بن معاوية فيِ تميم بن سعد بن هُذَيل:
لعَمْرُكَ ماونَى ابنُ أبى أُنَيْسٍ
…
وما خامَ القِتالَ وما أَضاعَا
قال أبو سعيد: قولهُ: خامَ القتال، أي عَدَل عنه.
رَمىَ بقِرانِها حتّى إذا ما
…
أتاه قِرْنُه بَذَلْ المِصاعا
قوله: رَمَى بقِرانها، يعني نَبْلا. والقِران: المستوية. يقول: لمّا أنفَدها قاتَلَ بَسيْفِه. والمِصاع: القتال بالسيف.
بذى رُبَدٍ تَخالُ الأَثْرَ فيه
…
طريقَ غرانِقٍ خاضت نِقاعا
رُبَد: آثارٌ فيه تَلمَع سَوادا، وإنّما يصف سيفا. وأَثْرهُ: فِرِنْدُه، وهو الّذي تراه كأنّه مَدَبّ نَمْل. فيقول: تَحسَب هذا الأَثْرَ الّذي في مَتْن هذا السيف طَريق غَرانِق، وهي طيرٌ. خاضت نِقاعا. يقول: كأنها خاضتْ في طينٍ فتُرَى أثارُ أرجُلِها. فشبّه فِرِنْدَ السيف بآثارها. وواحدُ الغَرانِق غُرْنَيْق (3).
(1) لم يرد في السكرى ولا في البقية ذكر لجنادة بن عامر هذا.
(2)
في الأصل "الدرغاء" بالغين المعجمة، وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا نقلا عن شرح القاموس فقد ورد فيه عن ابن دريد أن في الدرعاء بالفتح مع المد قبيلة من العرب، وتبعه ابن سيده في (المحكم) وهم حيّ من عدوان بن عمرو، وهم حلفاء في بني سهم من بنى هذيل. وقال ابن منظور: رأيت في حاشية نسخة من حواشى ابن بري الموثوق بها ما صورته: الذي فى النسخة الصحيحة من أشعار الهذليين الذرعاء على وزن فعلاء، وكذلك حكاه ابن التولمية في المقصور والممدود بذال معجمة في أوّله. قال صاحب التاج: وأظن ابن سيده تبع في ذكره هنا ابن دريد (اهـ ملخصا).
(3)
الغرنيق (بضم الغين وفتح النون): طائر أبيض، وقيل: هو طائر أسود من طير الماء طويل العنق.
إذا مَسَّ الضريبةَ شَفْرَتاه
…
كفاكَ من الضّريبة ما استَطاعا
ما استطاعا، أي ما وَجَد مَذْهبا.
فإنْ أكُ نائياً عنه فإِنّى
…
سُرِرتُ بأنّه غَبَنَ البِياعا
غَبَن البِياع، أي ظَفِر بأصحابهم. وغَبَنَهم، أي خَدَعَهم. قال: ويريد بالبِياع المُبَايَعة.
وأَفلتَ سالمٌ منه جَريضًا
…
وقد كَلمَ الذُّؤابةَ والذِّراعا
يقال للرجل إذا أفلَتَ بآخِر رَمَق: أفلَتَ جَريضا. كَلَم الذُّؤابَة والذِّراعا، يقول: أصاب ذُؤابَته وذِراعَه. ويريد بالذُؤابة الرأسَ. وذؤابة كلِّ شئٍ أعلاه.
ولو سَلِمتْ له يمُنَى يَدَيْه
…
لعَمْرُ أبِيك أطعَمَه السِّباعا
يقول: قتَلَه فصار طُعْمَةً للسِّباع.
كأنّ محرَّبا من أُسْدِ تَرْجٍ (1)
…
يُسَافِعُ فارِسَىْ عَبدٍ سِفاعَا (2)
(1) ترج: مأسدة بناحية الغور؛ ويقال في المثل "هو أجرأ من الماشى بترج" لأنها مأسدة (اللسان).
(2)
يسافع: يضرب، من قولهم سفعه بالعصا: إذا ضربه، كما يقال: سافع قرنه مسافعة وسفاعا إذا قاتله. وروى هذا البيت في اللسان "كان مجربا" بالجيم، ونسبه إلى خالد بن عامر. واستدرك مصححه هذا فيكتب على هامشه ما نصه: في شرح القاموس: جنادة بن عامر، ويروى لأبى ذؤيب.