الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عسلا عظيم النفع طيّبا فيشتريه تجار الهند واليمن والصين، ويحملونه إلى بلادهم ويصنعون منه الحلواء.
وأمّا كيفيّة صنع الحليب منه فإنّ بكلّ دار شبه الكرسيّ تجلس فوقه المرأة ويكون بيدها عصا في أحد طرفيها حديدة مشرفة، فيفتحون في الجوزة مقدار ما تدخل تلك الحديدة، ويجرشون ما في باطن الجوزة، وكلّ ما ينزل منها يجتمع في صحفة حتّى لا يبقى في داخل الجوزة شيء، ثمّ يمرس ذلك الجريش بالماء فيصير كلون الحليب بياضا ويكون طعمه كطعم الحليب، ويأتدم به الناس، وأمّا كيفيّة صنع الزيت فانّهم يأخذون الجوز بعد نضجه وسقوطه عن شجره، فيزيلون قشره ويقطعونه قطعا ويجعل في الشمس فإذا ذبل طبخوه في القدور واستخرجوا زيته وبه يستصحبون ويأتدمون به ويجعله النساء في شعورهنّ وهو عظيم النفع.
ذكر سلطان ظفار
وهو السلطان الملك المغيث ابن الملك الفائز ابن عمّ ملك اليمن «95» ، وكان أبوه أميرا على ظفار من قبل صاحب اليمن، وله عليه هديّة يبعثها له في كلّ سنة، ثمّ استبدّ الملك المغيث بملكها وامتنع من إرسال الهديّة، وكان من عزم ملك اليمن على محاربته وتعيين ابن عمّه لذلك ووقوع الحائط عليه ما ذكرناه آنفا.
وللسلطان قصر بداخل المدينة يسمّى «96» الحصن، عظيم فسيح والجامع بازائه ومن عادته أن تضرب الطبول والبوقات والأنفار والصّرنايات على بابه كلّ يوم بعد صلاة العصر، وفي كل يوم اثنين وخميس تأتي العساكر إلى بابه فيقفون خارج المشور ساعة، وينصرفون والسلطان لا يخرج ولا يراه أحد إلّا في يوم الجمعة، فيخرج للصلاة، ثمّ يعود إلى داره ولا يمنع أحدا من دخول المشور وأمير جندار قاعد على بابه وإليه ينتهي كلّ صاحب حاجة أو شكاية، وهو يطالع السلطان ويأتيه الجواب للحين.
وإذا أراد السلطان الركوب خرجت مراكبه من القصر وسلاحه ومماليكه إلى خارج المدينة، وأتى بجمل عليه محمل مستور بستر أبيض منقوش بالذهب، فيركب السلطان ونديمه
في المحمل بحيث لا يرى وإذا خرج إلى بستانه وأحبّ ركوب الفرس ركبه ونزل عن الجمل.
وعادته أن لا يعارضه أحد في طريقه لرؤيته ولا لشكاية ولا غيرها، ومن تعرّض لذلك ضرب أشدّ الضرب فتجد الناس إذا سمعوا بخروج السلطان فرّوا عن الطريق وتحاموها.
ووزير هذا السلطان الفقيه محمّد العدنيّ، وكان معلّم صبيان فعلّم هذا السلطان القراءة والكتابة وعاهده على أن يستوزره إن ملك، فلمّا ملك استوزره فلم يكن يحسنها، فكان الاسم له والحكم لغيره! ومن هذه المدينة ركبنا البحر نريد عمان في مركب صغير لرجل يعرف بعليّ بن ادريس المصيريّ، من أهل جزيرة مصيرة، وفي الثاني لركوبنا نزلنا بمرسى حاسك «97» ، وبه ناس من العرب صيّادون للسمك ساكنون هنالك، وعندهم شجر الكندر «98» ، وهو رقيق الورق، وإذا شرّطت الورقة منه قطر منها ماء شبه اللبن، ثم عاد صمغا، وذلك الصمغ هو اللّبان، وهو كثير جدّا هنالك، ولا معيشة لأهل ذلك المرسى الّا من صيد السمك، وسمكهم يعرف باللّخم، بخاء معجم مفتوح، وهو شبيه كلب البحر، يشرح ويقدّد ويقتات به وبيوتهم من عظام السمك وسقفها من جلود الجمال.
وسرنا من مرسى حاسك أربعة أيّام ووصلنا إلى جبل لمعان «99» ، بضمّ اللام، وهو في وسط البحر، وبأعلاه رابطة مبنيّة بالحجارة وسقفها من عظام السمك وبخارجها غدير ماء يجتمع من المطر.
شجرة حصالبان كما وقفت عليها في ظفار- عمان بخور اللبان- صناعة تقليدية بعمان لاستخراج أجود أنواع العطور