المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكاية أخرى [الحجر النازل من السماء] - رحلة ابن بطوطة ط أكاديمية المملكة المغربية - جـ ٢

[ابن بطوطة]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثانى]

- ‌[تتمة] الفصل الخامس العراق وفارس

- ‌نحو مدينة البصرة

- ‌ مدينة واسط

- ‌حكاية [الرقص في النار]

- ‌ مدينة البصرة

- ‌حكاية اعتبار

- ‌ذكر المشاهد المباركة بالبصرة

- ‌حكاية [الشيخ السّخي]

- ‌ذكر ملك إيذج وتستّر

- ‌حكاية [عادة أهل ايذج في مأتم أمرائهم]

- ‌حكاية [ماتم ابن السلطان]

- ‌كرامة لهذا الشيخ

- ‌حكاية هي السبب في تعظيم هذا الشيخ وهي من الكرامات الباهرة

- ‌ذكر سلطان شيراز

- ‌حكاية [ملك الهند وكرمه]

- ‌حكاية تناسبها

- ‌حكاية تناسبهما

- ‌ذكر بعض المشاهد بشيراز

- ‌كرامة لهذا الشيخ

- ‌حكاية [الفقيه الجواد]

- ‌كرامة لبعضهم

- ‌ مدينة الكوفة

- ‌مدينة بغداد

- ‌ذكر الجانب الغربي من بغداد

- ‌ذكر الجانب الشرقي منها

- ‌ذكر قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين بها

- ‌ذكر سلطان العراقين وخراسان

- ‌ذكر المتغلّبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد

- ‌مدينة الموصل

- ‌ذكر سلطان ماردين في عهد دخولي اليها

- ‌حكاية [صلح بين زوجين]

- ‌الفصل السادس بين المحيط الهندي والخليج الفارسي

- ‌[جنوب الجزيرة- شرق افريقيا- الخليج]

- ‌حكاية [الأعمى والخاتم]

- ‌حكاية [الدّراهم المخبوءة بالعديلة]

- ‌ذكر سلطانها

- ‌ذكر سلطان حلي

- ‌ذكر سلطان اليمن

- ‌حكاية [كبش يعتق عبدا]

- ‌ذكر سلطان مقدشو

- ‌ذكر سلطان كلوا

- ‌حكاية من مكارمه

- ‌ ذكر التنبول

- ‌ذكر النارجيل

- ‌ذكر سلطان ظفار

- ‌ذكر وليّ لقيناه بهذه الجبل

- ‌كرامة [للحاج خضر]

- ‌ذكر سلطان عمان

- ‌حكاية [السلطان المتساهل]

- ‌ذكر سلطان هرمز

- ‌حكاية [فقراء مدينة لار]

- ‌ذكر سلطان لار

- ‌ذكر مغاص الجوهر

- ‌حكاية [مقتل أمير أحمد]

- ‌الفصل السابع آسيا الصّغرى

- ‌ذكر سلطان العلايا

- ‌ذكر الأخيّة الفتيان

- ‌ذكر سلطان أنطاليا

- ‌ذكر سلطان أكريدور

- ‌ذكر سلطان قل حصار

- ‌ذكر سلطان لاذق

- ‌ذكر سلطان ميلاس

- ‌حكاية [الشيخ الشاعر]

- ‌ذكر سلطان اللّارندة

- ‌ذكر سلطان برگي

- ‌حكاية [الطبيب اليهودي]

- ‌حكاية أخرى [الحجر النازل من السماء]

- ‌ذكر سلطان مغنيسيّة

- ‌ذكر سلطان برغمة

- ‌ذكر سلطان بلي كسري

- ‌حكاية [الفقير الصيّاح]

- ‌ذكر سلطان برصى [الملك الثاني في الامبراطورية العثمانية]

- ‌ذكر سلطانها

- ‌ذكر سلطان قصطمونية

- ‌الفصل الثامن القفجق بلاد السلطان محمد أوزبك خان

- ‌حكاية [أصوات النواقيس]

- ‌ذكر العجلات التي يسافر عليها بهذه البلاد

- ‌ذكر السلطان المعظّم محمد أوزبك خان

- ‌ذكر الخواتين وتربيتهن

- ‌ذكر الخاتون الكبرى

- ‌ذكر الخاتون الثانية التي تلي الملكة

- ‌ذكر الخاتون الثالثة

- ‌ذكر الخاتون الرابعة

- ‌ذكر بنت السّلطان المعظّم أوزبك

- ‌ذكر ولديّ السلطان

- ‌ذكر سفري إلى مدينة بلغار

- ‌ذكر أرض الظلمة

- ‌ذكر تربيتهم في العيد

- ‌ذكر سفري إلى القسطنطينية

- ‌ذكر سلطان القسطنطينية

- ‌ذكر المدينة [القسطنطينية]

- ‌ذكر الكنيسة العظمى

- ‌ذكر المانستارات بقسطنطينية

- ‌ذكر الملك المترهّب جرجيس

- ‌ذكر قاضي القسطنطينية

- ‌ذكر الانصراف عن القسطنطينية

- ‌ذكر كرامة له

الفصل: ‌حكاية أخرى [الحجر النازل من السماء]

فلأجل هذا فعلنا ما رأيت من القيام له، فأخذني ما حدث وقدم من الامتعاض «87» ، فقلت لليهوديّ: يا ملعون بن ملعون، كيف تجلس فوق قرّاء القرآن وانت يهوديّ؟ وشتمته، ورفعت صوتي فعجب السلطان، وسأل عن معنى كلامي فاخبره الفقيه به، وغضب اليهوديّ فخرج عن المجلس في أسوأ حال، ولمّا انصرفنا قال لي الفقيه: أحسنت بارك الله فيك إن أحدا سواك لا يتجاسر عن مخاطبته بذلك ولقد عرّفته بنفسه!

‌حكاية أخرى [الحجر النازل من السماء]

وسألني السلطان في هذا المجلس، فقال لي: هل رأيت قطّ حجرا نزل من السماء؟

فقلت: ما رأيت ذلك ولا سمعت به. فقال لي: إنه قد نزل بخارج بلدنا هذا حجر من السماء، ثم دعا رجالا وأمرهم أن يأتوا بالحجر فاتوا بحجر أسود أصمّ شديد الصّلابة له بريق، قدّرت أنّ زنته تبلغ قنطارا وأمر السلطان باحضار القطّاعين فحضر أربعة منهم، فأمرهم أن يضربوه فضربوا عليه ضربة رجل واحد أربع مرّات بمطارق الحديد فلم يؤثّروا فيه شيئا، فعجبت من أمره وأمر بردّه إلى حيث كان.

وفي ثالث يوم من دخولنا إلى المدينة مع السلطان صنع صنيعا عظيما ودعا الفقهاء والمشايخ واعيان العسكر ووجوه أهل المدينة فطعموا وقرأ القرّاء القرآن، بالأصوات الحسان، وعدنا إلى منزلنا بالمدرسة وكان يوجّه الطعام والفاكهة، والحلواء والشّمع في كلّ ليلة، ثم بعث إليّ مائة مثقال ذهبا والف درهم وكسوة كاملة وفرسا ومملوكا روميا يسمّى ميخائيل، وبعث لكلّ من أصحابي كسوة ودراهم، كلّ هذا بمشاركة المدرّس محيي الدّين جزاه الله تعالى خيرا، وودّعنا وانصرفنا وكانت مدّة مقامنا عنده بالجبل والمدينة أربعة عشر يوما.

ص: 188

ثم قصدنا مدينة تيرة «88» وهي من بلاد هذا السلطان، وضبط اسمها بكسر التاء المعلوّة وياء مدّ وراء، مدينة حسنة ذات أنهار وبساتين وفواكه، ونزلنا منها بزاوية الفتى أخي محمّد، وهو من كبار الصالحين صائم الدهر، وله أصحاب على طريقته فأضافنا ودعا لنا، وسرنا إلى مدينة أيا سلوق «89» ، وضبط اسمها بفتح الهمزة والياء آخر الحروف وسين مهمل مضموم ولام مضموم وآخره قاف، مدينة كبيرة قديمة معظّمة عند الروم وفيها كنيسة كبيرة مبنيّة بالحجارة الضخمة، ويكون طول الحجر منها عشر أذرع فما دونها منحوتة أبدع نحت والمسجد الجامع بهذه المدينة من أبدع مساجد الدنيا لا نظير له في الحسن، وكان كنيسة للروم ومعظّمة عندهم يقصدونها من البلاد، فلمّا فتحت هذه المدينة جعلها المسلمون مسجدا جامعا «90» ، وحيطانه من الرخام الملوّن وفرشه الرخام الابيض وهو مسقّف بالرصاص وفيه إحدى عشرة قبّة منوّعة، وفي وسط كل قبّة صهريج ماء، والنهر يشقّه «91» ، وعن جانبي النهر الأشجار المختلفة الأجناس ودوالي العنب ومعرّشات الياسمين، وله خمسة عشر بابا، وأمير هذه المدينة خضر بك بن السلطان محمد بن ايدين، وقد كنت رايته عند أبيه ببركي، ثم لقيته بهذه المدينة خارجها فسلّمت عليه وأنا راكب، فكره ذلك منّي، وكان سبب حرماني لديه، فإنّ عادتهم إذا نزل لهم الوارد نزلوا له وأعجبهم ذلك، ولم يبعث إليّ ثوبا واحدا من الحرير المذهّب يسمّونه النّخ «92» ، بفتح النون وخاء معجم، واشتريت بهذه المدينة جارية روميّة بكرا بأربعين دينارا ذهبا.

ثم «93» سرنا إلى مدينة يزمير «94» ، وضبط اسمها بياء آخر الحروف مفتوحة وزاي مسكّن وميم مكسورة وياء مدّ وراء، مدينة كبيرة على ساحل البحر معظمها خراب، ولها قلعة

ص: 189

جامع أياسلوق

ص: 190

متّصلة بأعلاها نزلنا منها بزاوية الشيخ يعقوب، وهو من الاحمديّة صالح فاضل، ولقينا بخارجها الشيخ عزّ الدين بن أحمد الرفاعيّ ومعه: زاده الأخلاطيّ، من كبار المشايخ، ومعه مائة فقير من المولّهين، وقد ضرب لهم الأمير الأخبية وصنع لهم الشيخ يعقوب ضيافة وحضرتها، واجتمعت بهم، وأمير هذه المدينة عمر بك بن السلطان محمّد بن آيدين المذكور آنفا، وسكناه بقلعتها، وكان حين قدومنا عند أبيه، ثم قدم بعد خمس من نزولنا بها فكان من مكارمه أن أتى إليّ بالزاوية فسلّم عليّ واعتذر، وبعث ضيافة عظيمة وأعطاني بعد ذلك مملوكا روميّا خماسيّا اسمه نقوله، وثوبين من الكمخا «95» وهي ثياب حرير تصنع ببغداد وتبريز وبنيسابور وبالصين وذكر لي الفقيه الذي يؤمّ به أنّ الامير لم يبق له مملوك سوى ذلك المملوك الذي أعطاني بسبب كرمه رحمه الله، وأعطى أيضا للشيخ عزّ الدين ثلاثة أفراس مجهّزة وآنية فضّة كبيرة تسمّى عندهم المشربة مملوّة دراهم، وثيابا من الملفّ والمرعزّ والقدسيّ «96» ، والكمخا وجواري وغلمانا.

وكان هذا الأمير كريما صالحا كثير الجهاد «97» ، وله أجفان غزويّة يضرب بها على نواحي القسطنطينية العظمى فيسبي ويغنم ويفني ذلك كرما وجودا، ثمّ يعود إلى الجهاد إلى أن اشتدّت على الروم وطأته فرفعوا أمرهم إلى البابه، فأمر نصارى جنوه وافرانسه بغزوه فغزوه وجهّز جيشا من رومه وطرقوا مدينته ليلا في عدد كثير من الأجفان وملكوا المرسى والمدينة، ونزل إليهم الأمير عمر من القلعة فقاتلهم، فاستشهد هو وجماعة من ناسه «98» ، واستقرّ النّصاري بالبلد ولم يقدروا على القلعة لمنعتها.

ص: 191

مدينة يزمير

ص: 192