الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم سافرنا منها إلى مدينة قيس وتسمى ايضا بسيراف «138» ، وهي على ساحل بحر الهند المتّصل ببحر اليمن وفارس وعدادها في كور فارس، مدينة لها انفساح وسعة طيّبة البقعة في دورها بساتين عجيبة فيها الرياحين والأشجار الناضرة، وشرب أهلها من عيون منبعثة من جبالها، وهم عجم من الفرس أشراف، وفيهم طائفة من عرب بني سفّاف «139» ، وهم الذين يغوصون على الجوهر.
ذكر مغاص الجوهر
ومغاص الجوهر فيما بين سيراف والبحرين في خور راكد مثل الواردي العظيم، فإذا كان شهر إبريل وشهر مايه تأتى إليه القوارب الكثيرة فيها الغوّاصون وتجار فارس والبحرين والقطيف ويجعل الغوّاص على وجهه مهما أراد أن يغوص شيأ يكسوه من عظم الغيلم، وهي السلحفاة، ويصنع من هذا العظم أيضا شكلا شبه المقراض يشدّه على أنفه، ثم
الغوص البحث عن اللؤلؤ- عن مجلة (الوثيقة) البحرينية
الغوص للبحث عن اللؤلؤ- عن مجلة الشراع والمجذاف (أبو ظبي)
يربط حبلا في وسطه، ويغوص ويتفاوتون في الصبر في الماء، فمنهم من يصبر السّاعة «140» والسّاعتين فما دون ذلك، فإذا وصل إلى قعر البحر يجد الصدف هنالك فيما بين الأحجار الصّغار مثبتا في الرمل فيقتلعه بيده أو يقطعه بحديدة عنده معدّة لذلك ويجعلها في مخلاة جلد منوطة بعنقه فإذا ضاق نفسه حرّك الحبل، فيحسّ به الرجل الممسك للحبل على الساحل فيرفعه إلى القارب فتوخذ منه المخلاة ويفتح الصّدف فيوجد في أجوافها قطع لحم تقطع بحديدة، فإذا باشرت الهواء جمدت فصارت جواهر فيجمع جميعها من صغير وكبير فيأخذ السلطان خمسه «141» ، والباقي يشتريه التّجار الحاضرون بتلك القوارب وأكثرهم يكون له الدين على الغوّاصين فياخذ الجوهر في دينه أو ما وجب له منه.
ثم سافرنا من سيراف إلى مدينة البحرين «142» وهي مدينة كبيرة حسنة ذات بساتين وأشجار وأنهار، وماؤها قريب المؤنة يحفر عليه بالأيدي فيوجد «143» ، وبها حدائق النخل والرمّان والأترج ويزرع بها القطن، وهي شديدة الحرّ كثيرة الرمال، وربّما غلب الرمل على بعض منازلها وكان فيما بينها وبين عمان طريق استولت عليه الرمال وانقطع فلا يوصل من عمان اليها الّا في البحر.
وبالقرب منها جبلان عظيمان، يسمى أحدهما بكسير، وهو في غربيّها ويسمى الآخر بعوير وهو في شرقيّها وبهما ضرب المثل فقيل: كسير وعوير، وكلّ غير خير «144» ، ثم سافرنا إلى مدينة القطيف «145» ، وضبط اسمها بضم القاف كأنّه تصغير قطف، وهي مدينة كبيرة حسنة ذات نخل كثير يسكنها طوائف العرب، وهم رافضيّة غلاة يظهرون
لو عاش ابن بطوطة لرأى الجسر العظيم الذي يربط بين البحرين والحجاز قلعة الرفاع بالبحرين بناها الشيخ سلمان ابن أحمد آل خليفة قبل عام 1816
الرفض جهارا لا يتّقون أحدا: ويقول مؤذّنهم في أذانه بعد الشهادتين: أشهد أنّ عليّا ولىّ الله، ويزيد بعد الحيعلتين: حيّ على خير العمل ويزيد بعد التكبير الأخير: محمّد وعليّ خير البشر، من خالفهما فقد كفر.
ثم سافرنا منها إلى مدينة هجر «146» وتسمّع الآن بالحسا بفتح الحاء والسين واهمالهما، وهي التي يضرب المثل بها فيقال: كجالب التّمر إلى هجر، وبها من النخيل ما ليس ببلد سواها، ومنه يعلفون دوابّهم وأهلها عرب وأكثرهم من قبيلة عبد القيس بن أقصى «147» .
ثم سافرنا منها إلى مدينة اليمامة وتسمى أيضا بحجر «148» ، بفتح الحاء المهمل واسكان الجيم، مدينة حسنة خصبة ذات أنهار وأشجار يسكنها طوائف من العرب من بني «149» حنيفة وهي بلدهم قديما، واميرهم طفيل بن غانم. ثم سافرت منها في صحبة هذا