الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتى أخي سنان والآخرون أصحاب الفتى أخي طومان «37» ، وكل طائفة ترغب أن يكون نزولكم عندهم، فعجبنا من كرم نفوسهم، ثم وقع بينهم الصلح على المقارعة، فمن كانت قرعته نزلنا عنده أوّلا، فوقعت قرعة أخي سنان، وبلغه ذلك، فأتى إلينا في جماعة من أصحابه فسلّموا علينا ونزلنا بزاوية له وأتى بانواع الطعام ثم ذهب بنا إلى الحمّام، ودخل معنا وتولّى خدمتي بنفسه، وتولّى أصحابه خدمة أصحابي يخدم الثلاثة والأربعة الواحد منهم، ثم خرجنا من الحمّام فاتوا بطعام عظيم وحلواء وفاكهة كثيرة. وبعد الفراغ من الاكل قرأ القراء آيات من الكتاب العزيز، ثم اخذوا في السماع والرقص واعلموا السلطان بخبرنا، فلمّا كان من الغد بعث في طلبنا بالعشيّ، فتوجهنا إليه وإلى ولده كما نذكره، ثم عدنا إلى الزاوية فألفينا الأخى طومان وأصحابه في انتظارنا فذهبوا بنا إلى زاويتهم، ففعلوا في الطعام والحمّام مثل أصحابهم وزادوا عليهم أن صبّوا علينا ماء الورد صبّا بعد خروجنا من الحمّام ثم مضوا بنا إلى الزاوية ففعلوا أيضا من الاحتفال في الأطعمة والحلواء والفاكهة وقراءة القرآن بعد الفراغ من الأكل ثم السماع والرقص كمثل ما فعله أصحابهم أو احسن وأقمنا عندهم بالزاوية أيّاما.
ذكر سلطان لاذق
وهو سلطان يننج بك «38» واسمه بياء آخر الحروف مفتوحة ثم نونين اولاهما مفتوحة والثانية مسكنة وجيم، وهو من كبار سلاطين بلاد الروم ولمّا نزلنا بزاوية أخي سنان كما قدّمناه، بعث الينا الواعظ المذكّر العالم علاء الدين القسطمونيّ، واستصحب معه خيلا بعددنا، وذلك في شهر رمضان فتوجّهنا إليه وسلّمنا عليه.
ومن عادة ملوك هذه البلاد التواضع للواردين ولين الكلام وقلّة العطاء فصلّينا معه المغرب وحضر طعامه فأفطرنا عنده، وانصرفنا وبعث الينا بدراهم ثم بعث عنّا ولده مراد بك وكان ساكنا في بستان خارج المدينة، وذلك في ابّان الفاكهة وبعث أيضا خيلا على عددنا كما فعله أبوه فأتينا بستانه وأقمنا عنده تلك الليلة وكان له فقيه يترجم بيننا وبينه، ثم انصرفنا غدوة.
وأظلّنا عيد الفطر بهذه البلدة «39» فخرجنا إلى المصلّى وخرج السلطان في عساكره والفتيان الأخية، كلهم بالأسلحة، ولأهل كل صناعة الأعلام والبوقات والطبول والأنفار، وبعضهم يفاخر بعضا ويباهيه في حسن الهيأة، وكمال الشّكّة، ويخرج أهل كل صناعة معهم البقر والغنم وأحمال الخبز، فيذبحون البهائم بالمقابر ويتصدّقون بها وبالخبز، ويكون خروجهم أوّلا إلى المقابر، ومنها إلى المصلّى ولمّا صلّينا صلاة العيد دخلنا مع السلطان إلى منزله وحضر الطعام فجعل للفقهاء والمشايخ والفتيان سماط على حدة وجعل للفقراء والمساكين سماط على حدة، ولا يردّ عن بابه في ذلك اليوم فقير ولا غني، وأقمنا بهذه البلدة مدّة بسبب مخاوف الطريق، ثم تهيّأت رفقة فسافرنا معهم يوما وبعض ليلة، ووصلنا إلى حصن طواس «40» ، واسمه بفتح الطاء وتخفيف الواو وآخره سين مهمل، وهو حصن كبير، ويذكر أنّ صهيبا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه من أهل هذا الحصن «41» ، وكان مبيتنا بخارجه، ووصلنا بالغد إلى بابه فسألنا أهله من أعلى السور عن مقدمنا، فأخبرناهم، وحينئذ خرج أمير الحصن إلياس بك «42» في عسكره ليختبر نواحي الحصن والطريق خوفا من إغارة السرّاق على الماشية، فلمّا طافوا بجهاته خرجت مواشيهم، وهكذا فعلهم أبدا.
ونزلنا من هذا الحصن بربضه في زاوية رجل فقير، وبعث الينا أمير الحصن بضيافة وزاد، وسافرنا منه إلى مغلة «43» ، وضبط اسمها بضم الميم واسكان الغين المعجم وفتح اللام، ونزلنا بزاوية أحد المشايخ بها، وكان من الكرماء الفضلاء يكثّر الدخول علينا بزاويته ولا يدخل إلّا بطعام أو فاكهة أو حلواء، ولقينا بهذه البلدة ابراهيم بك ولد سلطان مدينة ميلاس وسنذكره، فأكرمنا وكسانا ثم سافرنا إلى مدينة ميلاس «44» وضبط اسمها بكسر الميم وياء