الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاجْتِمَاعِ فِيهِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا، بَلْ يَقْعُدُونَ خَارِجَهُ، وَيَنْصِبُ مَنْ يُدْخِلُ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ، وَلَوِ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِصَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَا بَأْسَ بِ
فَصْلِ
هَا، وَإِذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ وَلَا زَحْمَةَ، كُرِهَ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فِي أَوْقَاتِ خَلْوَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ.
الْأَدَبُ الْخَامِسُ: يُكْرَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي كُلِّ حَالٍ يَتَغَيَّرُ فِيهِ خُلُقُهُ وَكَمَالُ عَقْلِهِ لِغَضَبٍ أَوْ جُوعٍ أَوْ شِبَعٍ مُفْرِطَيْنِ أَوْ مَرَضٍ مُؤْلِمٍ، وَخَوْفٍ مُزْعِجٍ، وَحُزْنٍ وَفَرَحٍ شَدِيدَيْنِ، وَغَلَبَةِ نُعَاسٍ أَوْ مَلَالٍ أَوْ مُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ، أَوْ حُضُورِ طَعَامٍ يَتُوقُ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوَيُّ وَغَيْرُهُمَا: الْكَرَاهَةُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْغَضَبُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ آخَرِينَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَلَوْ قَضَى فِي هَذِهِ الْحَالِ، نَفَذَ.
فَصْلٌ
إِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ، فَحَلِفَ الْمُدَّعِي، ثُمَّ يَسْأَلُ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَوْ نَكَلَ، وَحَلِفَ الْمُدَّعِي، لَزِمَهُ إِجَابَتُهُ. وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ، وَسَأَلَ الْقَاضِي الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ سَأَلَهُ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ، فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى، لَزِمَهُ إِجَابَتُهُ، وَسَأَلَهُ أَحَدُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى لِيَحْتَجَّ بِهِ إِذَا احْتَاجَ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قِرْطَاسٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ الطَّالِبُ، لَمْ يَلْزَمْهُ إِجَابَتُهُ وَإِنْ كَانَ فَهَلْ يَجِبُ أَمْ يُسْتَحَبُّ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الِاسْتِحْبَابُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا بِالْكِتَابِ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِمَا ثَبَتَ، لَزِمَهُ الْحُكْمُ، فَيَقُولُ: حَكَمْتُ لَهُ بِهِ، أَوْ أَنْفَذْتُ الْحُكْمَ بِهِ، أَوْ أَلْزَمْتُ خَصْمَهُ الْحَقَّ، وَإِذَا حَكَمَ، فَطَلَبَ الْإِشْهَادَ عَلَى حُكْمِهِ، لَزِمَهُ الْإِشْهَادُ، وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهِ سِجِّلًّا، فَعَلَى التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابَةِ
الْمَحْضَرِ، وَنَقَلَ ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا ثَالِثًا أَنَّهُ يَجِبُ التَّسْجِيلُ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْوُقُوفِ وَأَمْوَالِ الْمَصَالِحِ. فَلَا يَجِبُ فِي الْحَالِّ وَالْحُقُوقِ الْخَاصَّةِ، وَسَوَاءٌ أَوْجَبْنَا الْكِتَابَةَ أَمِ اسْتَحْبَبْنَاهَا، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ الْمَكْتُوبِ، وَأَنَّهُ كَيْفَ يُضْبَطُ وَيُحْفَظُ، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَالْمَكْتُوبُ مَحْضَرٌ وَسِجِلٌّ، أَمَّا الْمَحْضَرُ، فَصُورَتُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ، وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهِمَا مَا يُفِيدُ التَّمْيِيزَ، وَهَذَا إِذَا عَرَفَهُمَا الْقَاضِي. وَيُسْتَحَبُّ مَعَ ذَلِكَ التَّعَرُّضُ لِحِلْيَتِهِمَا طُولًا وَقِصَرًا فِي الْقَدِّ، وَسُمْرَةً وَشُقْرَةً فِي الْوَجْهِ، وَيَصِفُ مِنْهُمَا الْحَاجِبَ وَالْعَيْنَ وَالْفَمَ وَالْأَنْفَ.
وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمَا، كَتَبَ: حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، وَأَحْضَرَ مَعَهُ رَجُلًا ذَكَرَ هَذَا الْمُحْضِرُ أَنَّهُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، وَلَا بُدَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنَ التَّعَرُّضِ لِحِلْيَتِهِمَا، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَادَّعَى عَلَيْهِ كَذَا مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِصِفَتِهِمَا، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَى، فَإِنْ أَنْكَرَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً كَتَبَ، فَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي فُلَانًا وَفُلَانًا شَاهِدَيْنِ، وَسَأَلَ الْقَاضِي اسْتِمَاعَ شَهَادَتِهِمَا، فَسَمِعَهَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَثَبَتَ عِنْدَهُ عَدَالَتُهُمَا، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى، فَأَجَابَهُ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي تَارِيخِ كَذَا، وَيُثْبِتُ عَلَى رَأْسِ الْمَحْضَرِ عَلَامَتَهُ مِنَ الْحَمْدَلَةِ وَغَيْرِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يُبْهِمَ الشَّاهِدَيْنِ فَيَكْتُبَ: وَأَحْضَرَ عَدْلَيْنِ شَهِدَا لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ، وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي كِتَابٌ فِيهِ خَطُّ الشَّاهِدَيْنِ، كَتَبَ تَحْتَ خَطِّهِمَا: شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ، وَأَثْبَتَ عَلَامَتَهُ فِي رَأْسِ الْكِتَابِ، وَاكْتَفَى بِهِ عَنِ الْمَحْضَرِ، جَازَ، وَإِنْ كَتَبَ الْمَحْضَرَ وَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، جَازَ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَحْضَرٍ يَذْكُرُ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوِ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَأَمَّا السِّجِلُّ، فَصُورَتُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فُلَانٌ الْقَاضِي بِمَوْضِعِ كَذَا فِي تَارِيخِ كَذَا أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ كَذَا، فَأَقَرَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ، أَوْ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَقَدْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَهُ، أَوْ بِيَمِينِهِ
بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ، وَأَنْفَذَهُ بِسُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ: ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا فِي كِتَابٍ هَذِهِ نُسْخَتُهُ، وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ. وَكَيْفِيَّةُ التَّعَرُّضِ لِنَسَبِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَحِلْيَتِهِمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَحْضَرِ.
وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ ابْنَ خَيْرَانَ لَمْ يُجَوِّزْ لِلْقَاضِي التَّسْجِيلَ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِذَا كَانَ الْمُتَدَاعِيَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا امْرَأَةً، وَاحْتَاجَ إِلَى إِثْبَاتِ الْحِلْيَةِ، فَلْيَكُنِ النَّظَرُ لِذَلِكَ، كَالتَّحَمُّلِ لِلشَّهَادَةِ، وَأَمَّا أَنَّهُ كَيْفَ يَضْبُطُ وَيَحْفَظُ، فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ الْمَحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ نُسْخَتَيْنِ يَدْفَعُ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ إِحْدَاهُمَا غَيْرَ مَخْتُومَةٍ، وَتُحْفَظُ الْأُخْرَى فِي دِيوَانِ الْقَضَاءِ مَخْتُومَةً، وَيَكْتُبُ عَلَى رَأْسِهَا اسْمَ الْخَصْمَيْنِ، وَيَضَعُهَا فِي خَرِيطَةٍ أَوْ قِمَطْرٍ، وَهُوَ السَّفَطُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ، وَيَكُونُ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ، خَتَمَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَتَمَهُ أَمِينٌ وَهُوَ يَنْظُرُ، ثُمَّ أَمَرَ بِحَمْلِهِ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَدْعُو بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَيَنْظُرُ فِي الْخَتْمِ، وَيَفُكُّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَفُكُّهُ أَمِينُهُ وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَضَعُ فِيهِ كُتُبَ الْيَوْمِ الثَّانِي كَمَا ذَكَرْنَا، وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأُسْبُوعُ، فَإِنْ كَثُرَتْ، جَعَلَهَا إِضْبَارَةً وَكَتَبَ عَلَيْهَا: خُصُومَاتُ أُسْبُوعِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَسِجِلَّاتُهُ، وَيَعْزِلُهَا. وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ تَرَكَهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ، ثُمَّ يَعْزِلُهَا، فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ، جَمَعَهَا، وَكَتَبَ عَلَيْهَا: كُتُبُ سَنَةِ كَذَا. لِيَسْهُلَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيَجْعَلُهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَإِذَا احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَوَلَّى أَخْذَهُ بِنَفْسِهِ، وَنَظَرَ أَوَّلًا إِلَى خَتْمِهِ وَعَلَامَاتِهِ.
فَرْعٌ
قَالَ الْهَرَوِيُّ: إِنْ أَوْجَبْنَا التَّسْجِيلَ عَلَى الْقَاضِي، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ