المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَهُ، فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ عَاصَرَهُ حَصَلَ الْإِشْكَالُ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١١

[النووي]

الفصل: لَهُ، فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ عَاصَرَهُ حَصَلَ الْإِشْكَالُ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا

لَهُ، فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ عَاصَرَهُ حَصَلَ الْإِشْكَالُ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَثْبَتَ الْقَاضِي اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ كَمَا سَبَقَ، أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: حَكَمْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ مَثَلًا، فَالْحُكْمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ مُبْهَمٌ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِإِشَارَةٍ وَلَا وَصْفٍ كَامِلٍ بِخِلَافِ مَا إِذَا اسْتَقْصَى الْوَصْفَ، فَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى النُّدُورِ، حَتَّى لَوِ اعْتَرَفَ رَجُلٌ فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ وَأَنَّهُ الْمَعْنِيُّ بِالْكِتَابِ، لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِهِ فِي نَفْسِهِ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ، فَيُؤَاخَذَ بِهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاصِّ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ إِذَا وَرَدَ الْكِتَابُ، أَحْضَرَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبَ عَلَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ، أَخَذَهُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ رَفَعَ نَسَبَهُ وَذَكَرَ صِفَتَهُ أَمْ لَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ كَمَا يَنْبَغِي إِلَّا أَنَّهُ أَبْهَمَ فِي الْكِتَابِ اسْمَ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ، وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا، لِمَا سَبَقَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَوْلِ الشُّهُودِ لَا بِالْكِتَابِ.

‌فَصْلٌ

سَبَقَ أَنَّ لِإِنْهَاءِ حُكْمِ الْقَاضِي إِلَى قَاضٍ آخَرَ طَرِيقَيْنِ، أَحَدُهُمَا: الْمُكَاتَبَةُ وَسَبَقَ.

وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْمُشَافَهَةُ، وَتُتَصَوَّرُ مِنْ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنْ يَجْتَمِعَ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ، وَقَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي غَيْرِ الْبَلَدَيْنِ، وَيُخْبِرُهُ بِحُكْمِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَنْتَقِلَ الَّذِي حَكَمَ إِلَى بَلَدِ الْغَائِبِ، وَيُخْبِرُهُ، فَفِي الْحَالَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا يَمْضِي حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ إِخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ وِلَايَتِهِ، كَإِخْبَارِ الْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ.

ص: 183

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَحْضُرَ قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ فِي بَلَدِ الَّذِي حَكَمَ فَيُخْبِرَهُ، فَإِذَا عَادَ إِلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، فَهَلْ يُمْضِيهِ، إِنْ قُلْنَا: يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ الْقَاضِي: سَمِعْتُ الْبَيِّنَةَ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ إِذَا عَادَ إِلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِمَا، بِأَنْ وَقَفَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: حَكَمْتُ بِكَذَا فَيَجِبُ عَلَى الْآخَرِ إِمْضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنَ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ وَجَوَّزْنَاهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: حَكَمْتُ بِكَذَا فَإِنَّهُ يُمْضِيهِ، وَكَذَا إِذَا قَالَهُ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ فِي الْبَلَدِ وَبِالْعَكْسِ.

وَلَوْ خَرَجَ الْقَاضِي إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا نَائِبٌ، فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِحُكْمِهِ أَمْضَاهُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمَا، وَلَوْ دَخَلَ النَّائِبُ الْبَلَدَ، فَقَالَ لِلْقَاضِي: حَكَمْتُ بِكَذَا لَمْ يَقْبَلْهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي: حَكَمْتُ بِكَذَا فِي إِمْضَائِهِ إِيَّاهُ، إِذَا عَادَ إِلَى قَرْيَتِهِ الْخِلَافُ [فِي] الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ.

فَرْعٌ

إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِحَقٍّ، وَشَافَهَ بِهِ وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَهُ، فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي، وَكَذَا خَارِجَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ كَاتَبَ الْقَاضِي وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ، فَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ وَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ نَظَرَ الْقُضَاةِ وَتَوْلِيَةَ مَنْ يَرَاهُ، جَازَتْ مُكَاتَبَتُهُ، كَمَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا، أَوْ كَانَ، وَلَمْ يُفَوَّضْ إِلَيْهِ نَظَرُ الْقُضَاةِ، لَمْ تَجُزْ مُكَاتَبَتُهُ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ.

ص: 184