المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُمَا كَانَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١١

[النووي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُمَا كَانَا

‌فَصْلٌ

إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُمَا كَانَا عَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ صَبِيَّيْنِ، أَوِ امْرَأَتَيْنِ، نَقَضَ حُكْمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ، كَمَا لَوْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ، فَوَجَدَ النَّصَّ خِلَافَهُ، وَلَوْ بَانَ ذَلِكَ لِقَاضٍ آخَرَ نَقَضَهُ أَيْضًا. فَإِنْ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ، فَكَيْفَ نُقِضَ (الْحُكْمُ) فِي مَحَلِّ الِاخْتِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَحَكَمَ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّهُمَا حُرَّيْنِ، وَلَا اعْتِدَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ يُخَالِفُ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي الْوِلَايَاتِ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، فَكَذَا الشَّهَادَةُ. وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ، نُقِضَ حُكْمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ: قَطْعًا.

وَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ، ثُمَّ فُسِّقَا قَبْلَ أَنْ نَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ نَحْكُمْ بِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ يَخْفَى غَالِبًا، فَرُبَّمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. وَلَوِ ارْتَدَّا قَبْلَ الْحُكْمِ، لَمْ يَحْكُمْ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهَا تُوقِعُ رِيبَةً، وَقِيلَ: لَا يُؤَثِّرُ حُدُوثُهَا بَعْدَ شَهَادَتِهِمَا. وَقَالَ الدَّارِكِيُّ: إِنِ ارْتَدَّ إِلَى كُفْرٍ يَسْتَسِرُّ أَهْلُهُ بِهِ، فَكَالْفِسْقِ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَثِّرُ.

وَلَوْ شَهِدَا فِي حَدٍّ أَوْ مَالٍ، ثُمَّ مَاتَا أَوْ جُنَّا أَوْ عَمِيَا، أَوْ خَرِسَا، لَمْ يَمْنَعْ حُدُوثُ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِمَا، لِأَنَّهَا لَا تُوهِمُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى. وَيَجُوزُ وُقُوعُ التَّعْدِيلِ بَعْدَ حُدُوثِهَا. وَلَوْ فَسَقَ الشَّاهِدَانِ، أَوِ ارْتَدَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا، وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، فَهُوَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، وَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَالِ، بَلْ يُسْتَوْفَى.

فَرْعٌ

قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ: قَدْ بَانَ لِي أَنَّهُمَا كَانَا

ص: 251

فَاسِقَيْنِ، وَلَمْ تَظْهَرْ بَيِّنَةٌ بِفِسْقِهِمَا، قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : إِذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِي قَضَائِهِ بِعِلْمِهِ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا، قَالَ: وَلَوْ قَالَ: أَكْرَهَنِي السُّلْطَانُ عَلَى الْحُكْمِ بِقَوْلِهِمَا، وَكُنْتُ أَعْرِفُ فِسْقَهُمَا، قُبِلَ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ، وَلَوْ بَانَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا وَالِدَيْنِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، أَوْ وَلَدَيْنِ، أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، نُقِضَ الْحُكْمُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ

قَوْلُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَا يَكْفِي الْحُكْمُ بِهِ إِلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى وَجْهٍ: إِنَّ الْقَضَاءَ بِالشَّاهِدِ، فَلَيْسَ فِيهِ اكْتِفَاءٌ بِشَاهِدٍ، بَلْ يُشْتَرَطُ مَعَهُ الْيَمِينُ. ثُمَّ الشَّهَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ، الْأَوَّلُ: الشَّهَادَةُ عَلَى الزِّنَى، فَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِأَرْبَعَةِ رِجَالٍ، وَتَثْبُتُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالزِّنَى بِرَجُلَيْنِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ أَرْبَعَةٌ، وَلَا يَثْبُتُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ إِلَّا بِأَرْبَعَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَثْبُتُ الْقَذْفُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَقَلَ أَبُو عَاصِمٍ قَوْلًا قَرِيبًا فِي اشْتِرَاطِ أَرْبَعَةٍ.

فَرْعٌ

سَبَقَ فِي السَّرِقَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى أَنْ يَذْكُرُوا الَّتِي زَنَى بِهَا، وَأَنْ يَذْكُرُوا الزِّنَى مُفَسَّرًا، فَيَقُولُونَ: رَأَيْنَا أَدْخَلَ ذَكَرَهُ، أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ فِي فَرْجِ فُلَانَةٍ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَى. وَلَا يَكْفِي إِطْلَاقُهُ الزِّنَى، فَقَدْ يَظُنُّونَ الْمُفَاخَذَةَ زِنًى، وَقَدْ تَكُونُ الْمَوْطُوءَةُ جَارِيَةَ ابْنِهِ، أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوِ ادَّعَتْ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَطَلَبَتِ الْمَهْرَ، فَإِنَّهُ يَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَطْءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُمْ: رَأَيْنَا ذَلِكَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَاكَ الْمَالُ، فَلَمْ يَلْزَمْ هَذَا الِاحْتِيَاطُ، وَقَدْ

ص: 252

وَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَقُولُ: رَأَيْنَا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَهَذَا التَّشْبِيهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ.

فَرْعٌ

هَلْ يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْفَرْجِ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَى أَوْ وِلَادَةٍ، أَوْ عَيْبٍ بَاطِنٍ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ وُقُوعِ النَّظَرِ (إِلَيْهِ) اتِّفَاقًا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ سَبَقَتْ فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ الْجَوَازُ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ فِي الزِّنَى دُونَ غَيْرِهِ، وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً، لَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ سَوَاءٌ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - كَحَدِّ الشُّرْبِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَقَتْلِ الرِّدَّةِ، وَحَقُّ الْعِبَادِ كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، أَوِ الطَّرَفِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ. وَالتَّعْزِيرُ كَالْحَدِّ، وَلَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عُقُوبَةٍ، فَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا: يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا رَجُلَانِ، وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ، وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ، وَالْبُلُوغِ وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَالْمَوْتِ، وَالْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَالْوَلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَرْحِ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلِهِمْ، وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ وَالْإِحْصَانِ، وَالْكَفَالَةِ وَالشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ غَيْرِ رَمَضَانَ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالْقَضَاءِ وَالْوِلَايَةِ إِنِ اشْتَرَطْنَا فِيهِمَا الشَّهَادَةَ، وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَكَذَا الْكِتَابَةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: تَثْبُتُ الْكِتَابَةُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَمِنْهُ الْوَكَالَةُ وَالْوِصَايَةُ وَإِنْ كَانَتَا مِنَ الْمَالِ، لِأَنَّهُمَا وِلَايَةٌ وَسَلْطَنَةٌ. وَمِنْهُ الْقِرَاضُ، وَكَذَا الشَّرِكَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

النَّوْعٍ الثَّانِي: مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَتَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِمَعْرِفَتِهِ غَالِبًا، فَيُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مُنْفَرِدَاتٍ، وَذَلِكَ كَالْوِلَادَةِ، وَالْبَكَارَةِ، وَالثِّيَابَةِ، وَالرَّتْقِ، وَالْقَرْنِ، وَالْحَيْضِ، وَالرَّضَاعِ،

ص: 253

وَعَيْبِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَرَصٍ وَغَيْرِهِ تَحْتَ الْإِزَارِ، حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَكَذَا اسْتِهْلَالُ الْوَلَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَكُلُّ هَذَا النَّوْعِ لَا يَقْبَلُ فِيهِ إِلَّا أَرْبَعَ نِسْوَةٍ أَوْ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَالْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ، وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو مِنْهَا فِي الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ. قَالَ: وَالْجِرَاحَةُ عَلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لَا يُلْحَقُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْجِرَاحَةِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ غَالِبًا، هَكَذَا قَالَهُ، لَكِنْ جِنْسُ الْعَيْبِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا، لَكِنْ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى الْعَيْبِ الْخَاصِّ، وَكَذَا هَذِهِ الْجِرَاحَةُ.

قُلْتُ: الصَّوَابُ إِلْحَاقُ الْجِرَاحَةِ عَلَى فَرْجِهَا بِالْعُيُوبِ تَحْتَ الثِّيَابِ، وَعَجَبٌ مِنَ الْبَغَوِيِّ كَوْنُهُ ذَكَرَ خِلَافَ هَذَا، وَتَعَلَّقَ بِمُجَرَّدِ الِاسْمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا هُوَ مَالٌ أَوِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَالٌ، كَالْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ، وَالْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ، فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَبِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا يَثْبُتُ بِنِسْوَةٍ مُنْفَرِدَاتٍ، فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ الْبَيْعُ وَالْإِقَالَةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَالْحِوَالَةُ، وَالضَّمَانُ، وَالصُّلْحُ، وَالْقَرْضُ وَالشُّفْعَةُ وَالْمُسَابَقَةُ، وَخُيُولُ الْمُسَابَقَةِ، وَالْغَصْبُ، وَالْإِيلَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ بِمَالٍ، وَالْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ، وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ، وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي لَا تُوجِبُ إِلَّا الْمَالَ، كَقَتْلِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَقَتْلِ الْحُرِّ الْعَبْدَ، وَالْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّ، وَالْوَالِدِ الْوَلَدَ، وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا، وَكَذَا حُقُوقُ الْأَمْوَالِ، وَالْعُقُودُ كَالْخِيَارِ، وَشَرْطُ الرَّهْنِ وَالْأَجْلِ (وَ) فِي الْأَجَلِ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبُ سَلْطَنَةٍ، وَمِنْهُ قَبْضُ الْأَمْوَالِ، مِنْهَا نُجُومُ الْكِتَابَةِ، وَفِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ رَجُلَانِ، لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ، وَمِنْهُ الرَّهْنُ وَالْإِبْرَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ

ص: 254

فِيهِمَا، وَمِنْهُ طَاعَةُ الزَّوْجَةِ لِاسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ، وَقَتْلُ الْكَافِرِ لِاسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ، وَإِدْمَانُ الصَّيْدِ لِتَمَلُّكِهِ، وَعَجْزُ الْمُكَاتَبِ عَنِ النُّجُومِ، وَمِنْهُ الْوَقْفُ، وَفِي ثُبُوتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي ثُبُوتِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ، فَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ كَانَ رَجَعَ عَنِ التَّدْبِيرِ، وَقُلْنَا: يَجُوزُ الرُّجُوعُ، ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَلَوِ ادَّعَى رِقَّ شَخْصٍ، أَوِ ادَّعَى جَارِيَةً فِي يَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ، ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَوْ تَوَافَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الطَّلَاقِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: طَلَّقْتُكِ عَلَى كَذَا، وَقَالَتْ: بَلْ مَجَّانًا، ثَبَتَتْ دَعْوَاهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَعْتَقْتُكَ بِكَذَا، فَقَالَ: مَجَّانًا. وَلَوْ تَوَافَقَا عَلَى النِّكَاحِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ، أَوْ عَلَى الْخُلْعِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ، أَوْ صِفَتِهِ، ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ تَوَافَقَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ صِفَتِهَا، وَالْإِقْرَارُ بِكُلِّ مَا يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَفَسْخُ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَفَسْخُ الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِرَجُلَيْنِ.

فَرْعٌ

الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ كَالْمَرْأَةِ فِي الشَّهَادَةِ.

فَرْعٌ

لَوْ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتِ الْقَطْعُ، وَحُكِيَ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ، كَمَا لَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ الدِّيَةَ كَمَا لَا يُثْبِتُ الْقِصَاصَ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى صَدَاقٍ فِي نِكَاحٍ، ثَبَتَ الصَّدَاقُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ، أَوْ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى الْوِلَادَةِ، فَشَهِدَ بِالْوِلَادَةِ أَرْبَعُ

ص: 255