المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قُلْتُ: أَمَّا الصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ، فَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَلَيْسَ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١١

[النووي]

الفصل: قُلْتُ: أَمَّا الصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ، فَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَلَيْسَ

قُلْتُ: أَمَّا الصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ، فَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَلَيْسَ لَهُمَا دَلِيلٌ يُعْتَمَدُ. وَمَعْنَى «يُوَافِي نِعَمَهُ» أَيْ: يُلَاقِيهَا، فَتَحْصُلُ مَعَهُ، «وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ» بِهَمْزَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ: يُسَاوِي مَزِيدَ نِعَمِهِ وَمَعْنَاهُ: يَقُومُ لِشُكْرِ مَا زَادَ مِنَ النِّعَمِ وَالْإِحْسَانِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ ذَكَرَهَا عَنْ إِبْرَاهِيمِ الْمَرْوَزِيِّ وَحْدَهُ، وَقَدْ يَسْتَأْنِسُ لِذَلِكَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَلَعَلَّهُ أَوَّلَ مَنِ اسْتَعْمَلَهَا، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ وَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِهِ أَنَّ أَفْضَلَ مَا يُقَالُ عَقِيبَ التَّشَهُّدِ فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِلَى آخِرِهِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ، فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إِلَى آخِرِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

‌فَصْلٌ

حَلَفَ: لَا يُصَلِّي، فَهَلْ يَحْنَثُ بِالتَّحَرُّمِ بِالصَّلَاةِ أَمْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَرْكَعَ؟ أَمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا الْأَوَّلُ. وَلَوْ أَفْسَدَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ، حَنِثَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَحْنَثُ عَلَى الثَّالِثِ، وَلَا عَلَى الثَّانِي إِنْ لَمْ يَكُنْ رَكَعَ، وَلَا يَجِيءُ الثَّانِي إِذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ. وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَ إِخْلَالِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ، لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا. وَلَوْ حَلَفَ: مَا صَلَّيْتُ وَقَدْ أَتَى بِصُورَةِ صَلَاةٍ فَاسِدَةٍ، لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا، وَصَلَّى، حَنِثَ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الصَّلَاةَ الْمُجَزَّئَةَ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُصَلِّي صَلَاةً، لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَفْرُغَ.

قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِسُجُودِ الشُّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ وَالطَّوَافِ، وَيَحْنَثُ بِالصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ، حَيْثُ يَحْكُمُ بِصِحَّتِهَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 66

وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَصُومُ، فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَنْ يُصْبِحَ صَائِمًا، أَوْ بِأَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَمْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُتِمَّ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْفَرَاغِ، فَهَلْ نَتَبَيَّنُ اسْتِنَادَ الْحِنْثِ إِلَى الْأَوَّلِ فِيهِ وَجْهَانِ.

قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَجِّ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ، أَمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ. وَعَلَى قِيَاسِ الثَّانِي اشْتِرَاطُ الرُّكُوعِ لِكَوْنِهِ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ يَجِيءُ وَجْهٌ ثَالِثٌ بِاشْتِرَاطِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ، وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِيءَ خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ سَاعَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ لَحْظَةٍ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَقْرَأُ حَنِثَ بِمَا قَرَأَهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -

النَّوْعُ السَّادِسُ فِي تَأْخِيرِ الْحِنْثِ وَتَقْدِيمِهِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: حَلَفَ: لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَلَا يَخْفَى الْبَرُّ إِنْ أَكَلَ غَدًا، وَالْحِنْثَ إِنْ أَخَّرَهُ عَنِ الْغَدِ مَعَ الْإِمْكَانِ. فَلَوْ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ الْغَدِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ، فَقَدْ فَاتَ الْبَرُّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَيَخْرُجُ حِنْثُهُ عَلَى قَوْلِي الْمُكْرَهُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ الْمَنْصُوصُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ، فَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ، أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ، فَقَطَعَ ابْنُ كَجٍّ بِالثَّانِي. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ، جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْ كَفَّارَتِهِ إِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ قَبْلَ الْغَدِ.

قُلْتُ: وَمِنْ فَوَائِدِهِ لَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ أَعْسَرَ، وَقُلْنَا: يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَّارَةِ حَالُ الْوُجُوبِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ص: 67

فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَهَلْ يَحْنَثُ إِذَا مَضَى مِنَ الْغَدِ زَمَنُ إِمْكَانِ الْأَكْلِ أَمْ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَقِيلَ: هُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ، فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا حِنْثَ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِي كَلَامَ ابْنِ كَجٍّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ زَمَنَ الْبَرِّ وَالْحِنْثَ. وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَقَبْلَ إِمْكَانِ الْأَكْلِ، فَهُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ التَّفْصِيلِ، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنْ لَا حِنْثَ.

أَمَّا إِذَا تَلَفَ الطَّعَامُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَيَنْظُرُ، إِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْأَكْلِ، فَهُوَ كَتَلَفِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ تَلَفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَالْمَذْهَبُ الْحِنْثُ، لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنَ الْبَرِّ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهِ وَلَمْ يَأْكُلْهُ حَتَّى تَلَفَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ قَطْعًا. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، أَمْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ أَتْلَفَ الْحَالِفُ الطَّعَامَ قَبْلَ الْغَدِ بِأَكْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ، حَنِثَ، وَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ، أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ، هُمَا لَوْ تَلِفَ. وَلَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ قَبْلَ غَدٍ، فَتَلَفَ قَبْلَ الْغَدِ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ، حَنِثَ. وَهَلْ يَكُونُ حِنْثُهُ فِي الْحَالِ، أَمْ إِذَا جَاءَ أَوَّلُ الْغَدِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الصَّيْدَلَانِيُّ. وَلَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّهُ الْيَوْمَ، فَيُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْغَدِ.

ص: 68

الثَّانِيَةُ: قَالَ: وَاللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، وَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ، نُظِرَ، إِنْ تَمَكَّنَ مِنَ الْقَضَاءِ فَلَمْ يَفْعَلْ، حَنِثَ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَعَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ وَالْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ غَدًا، وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَمَنْ أَثْبَتَ الْقَوْلَيْنِ إِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْغَدِ، أُثْبِتُهُمَا هُنَا، وَمَنْ قَطَعَ بِالْمَنْعِ، قَطَعَ بِالْمَنْعِ هُنَا أَيْضًا. وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ جَاءَ الطَّرِيقَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ وَمَوْتِ صَاحِبِ الْحَقِّ: لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ، لَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا عِنْدَ التَّقْيِيدِ بِالْغَدِ، لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ إِلَى الْوَرَثَةِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا، فَطَرِيقُ الْبَرِّ وَالْحِنْثِ ظَاهِرٌ، وَمَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ هُنَا كَتَلَفِ الطَّعَامِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقَضَاءِ، فَعَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ. فَإِنْ حَنِثْنَاهُ، فَهَلْ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ أَمْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَمَوْتُ الْحَالِفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ وَبَعْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ. فَإِنْ حَنِثْنَاهُ، فَلَا يُسْتَبْعَدُ كَوْنُ وَقْتِ الْحِنْثِ دَخَلَ وَهُوَ مَيِّتٌ، لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْيَمِينُ، وَكَانَتْ فِي الْحَيَاةِ، وَهُوَ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُتَعَدِّيًا، فَتَلَفَ بِهَا إِنْسَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، يَجِبُ الضَّمَانُ وَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ. وَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَقَدْ فَوَّتَ الْبَرَّ، فَيَحْنَثُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ عَنِ الْغَدِ، وَهُوَ كَإِتْلَافِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْغَدِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْإِبْرَاءُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ، فَقَبِلَ، حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبَرَّ بِاخْتِيَارِهِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَمِينِ: لَا يَمْضِي الْغَدُ، وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ،

ص: 69

لَمْ يَحْنَثْ، لِبَقَاءِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَإِمْكَانِ قَضَائِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْتَاجُ الْإِبْرَاءُ إِلَى قَبُولٍ، سَقَطَ الدَّيْنُ. وَفِي الْحِنْثِ قَوْلَا الْإِكْرَاهِ، لِفَوَاتِ الْبَرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَالْهِبَةُ فِي الْعَيْنِ وَالصُّلْحُ عَنِ الدَّيْنِ، كَالْإِبْرَاءِ إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا إِلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ أُؤَخِّرَهُ، فَإِنْ قَضَاهُ غَدًا، بَرَّ، سَوَاءً شَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَمْ لَا. وَإِنْ لَمْ يُقْضِهِ فِي الْغَدِ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ تَأْخِيرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ، حَنِثَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أَنْ أُؤَخِّرَهُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَالْحِنْثُ عَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ. وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ، لَمْ يَحْنَثْ فِي الْحَالِ، لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَلَمْ يَقْضِ، حَنِثَ حِينَئِذٍ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ إِلَى الْغَدِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْقَضَاءَ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ الْغَدِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَشَأْ صَاحِبُ الْحَقِّ تَأْخِيرَهُ، حَنِثَ.

فَرْعٌ

حَلَفَ: لَيُطَلِّقَنَّ زَوْجَتَهُ غَدًا، فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الثَّلَاثَ، فَالْبَرُّ مُمْكِنٌ، وَإِنْ اسْتَوْفَاهُ، فَقَدْ فَوَّتَ الْبَرَّ، فَيَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ عَنْ نَذْرٍ، فَحَلَفَ لَيُصَلِّينَّهَا غَدًا، فَصَلَّاهَا الْيَوْمَ، حَنِثَ.

الثَّالِثَةُ: قَالَ: لَأَقْضِيَّنَ حَقَّكَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ، أَوْ مَعَ رَأْسِ الْهِلَالِ، أَوْ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ، أَوْ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ، فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَقَعُ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنَ الشَّهْرِ، وَلَفْظَتَا «عِنْدَ» وَ «مَعَ» تَقْتَضِيَانِ الْمُقَارَنَةَ. فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، حَنِثَ، فَيَنْبَغِي أَنْ

ص: 70

يُعِدَّ الْمَالَ وَيَتَرَصَّدَ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَيَقْضِيهِ فِيهِ، وَحَكَى الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَجْهًا أَنَّ لَهُ فَسْخَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا، لِأَنَّ اسْمَ رَأَسِ الْهِلَالِ وَالشَّهْرِ يَقَعُ عَلَيْهِمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا أَخَذَ فِي الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَبِمِثْلِهِ أُجِيبَ فِيمَا لَوِ ابْتَدَأَ حِينَئِذٍ بِأَسْبَابِ الْقَضَاءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، كَحَمْلِ الْمِيزَانِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى لِلشَّكِّ فِي الْهِلَالِ، فَبَانَ كَوْنُهَا مِنَ الشَّهْرِ، فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَا حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ أَوَّلَ الشَّهْرِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ. وَلَوْ قَالَ: أَوَّلَ الْيَوْمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، أَوْ إِلَى رَمَضَانَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ تَقْدِيمَ الْقَضَاءِ عَلَى رَأْسِ الشَّهْرِ، وَعَلَى رَمَضَانَ. وَقِيلَ: هُوَ كَقَوْلِهِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ.

فَرْعٌ

لَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى حِينٍ، لَمْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِزَمَانٍ مُقَدَّرٍ، بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، فَمَتَى قَضَاهُ، بَرَّ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ مَعَ التَّمَكُّنِ. وَلَوْ قَالَ: إِلَى زَمَانٍ أَوْ دَهْرٍ أَوْ حِقْبٍ، أَوْ أَحْقَابٍ، فَكَذَلِكَ، وَجَمِيعُ الْعُمْرِ مُهْلَةٌ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُكَ حِينًا أَوْ دَهْرًا أَوْ زَمَانًا أَوْ حِقَبًا، بَرَّ بِأَدْنَى زَمَانٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ، طِلِّقَتْ إِذَا مَضَى لَحْظَةٌ. وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ: طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ تَعْلِيقٌ، فَيَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا. وَقَوْلُهُ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ، وَعُدَّ، وَالْوَعْدُ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّكَ إِلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، لَمْ يَتَقَدَّرْ أَيْضًا، وَهُوَ كَالْحِينِ. فَلَوْ قَالَ: إِلَى أَيَّامٍ، فَوَجْهَانِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ: يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ.

ص: 71

وَقَالَ آخَرُونَ، مِنْهُمُ الْمُحَامِلِيُّ: هُوَ كَالْحِينِ، لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. يُقَالُ: أَيَّامُ الْعَدْلِ، وَأَيَّامُ الْفِتْنَةِ، فَلَا يَتَقَدَّرُ.

قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا أَيَّامُ الْفِتْنَةِ وَنَحْوَهُ، فَتَخْرُجُ بِالْقَرِينَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

النَّوْعُ السَّابِعُ فِي الْخُصُومَاتِ وَنَحْوِهَا فِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إِلَّا رَفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي، فَلَهُ أَحْوَالٌ. إِحْدَاهَا: أَنْ يُعَيِّنَ الْقَاضِي فَيَقُولُ: إِلَى الْقَاضِي فُلَانٍ، فَإِذَا رَأَى مُنْكَرًا، لَا يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، بَلْ لَهُ مُهْلَةٌ مُدَّةَ عُمُرِهِ وَعُمُرِ الْقَاضِي، فَمَتَى رَفَعَهُ إِلَيْهِ، بَرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَيْهِ مَعَ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَحْضُرَ وَحْدَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَيُخْبِرَهُ أَوْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا بِذَلِكَ فَيُخْبِرُهُ، أَوْ يَكْتُبَ بِهِ كِتَابًا (إِلَيْهِ) ، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ، حَنِثَ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الرَّفْعِ لِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ جَاءَ إِلَى بَابِ الْقَاضِي فَحُجِبَ، فَفِيهِ قَوْلَا حِنْثِ الْمُكْرَهِ. وَلَوْ بَادَرَ بِالرَّفْعِ، فَمَاتَ الْقَاضِي قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهِ فَطَرِيقَانِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا يَحْنَثُ قَطْعًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ. وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ فِي صُورَةِ الْمُبَادَرَةِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَى الْقَاضِي، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ. فَلَوْ عُزِلَ ذَلِكَ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ نِيَّتُهُ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ وَهُوَ قَاضٍ، أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ لَمْ يَبَرَّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ، وَلَا يَحْنَثْ. وَإِنْ كَانَ تَمَكَّنَ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا وَلِيَ ثَانِيًا، وَالْيَمِينُ عَلَى التَّرَاخِي. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يُوَلَّى، تَبَيَّنَّا الْحِنْثَ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَذَكَرَ الْقَضَاءَ تَعْرِيفًا لَهُ، بَرَّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَهَلْ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، كَمَا لَوْ قَالَ:

ص: 72

لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ، فَلَا يَحْنَثُ هُنَا تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ.

الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ: إِلَّا رَفَعْتُهُ إِلَى قَاضٍ، فَيَبِرُّ بِالرَّفْعِ إِلَى أَيِّ قَاضٍ كَانَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَغَيْرِهِ.

الثَّالِثَةُ: يَقُولُ: إِلَّا رَفَعْتُهُ إِلَى الْقَاضِي، وَلَا يُعَيِّنُ أَحَدًا بِلَفْظِهِ وَلَا بِنِيَّتِهِ، فَهَلْ يَخْتَصُّ بِقَاضِي الْبَلَدِ؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: لَا، بَلْ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إِلَى أَيِّ قَاضٍ كَانَ، وَالصَّحِيحُ اخْتِصَاصُهُ بِقَاضِي الْبَلَدِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ. وَهَلْ يَتَعَيَّنُ قَاضِي الْبَلَدِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ، أَمْ يَقُومُ مَقَامَهُ مَنْ يَنْصِبُ بَعْدَهُ؟ وَجْهَانِ وَيُقَالُ: قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، حَتَّى لَوْ عُزِلَ الْأَوَّلُ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إِلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. فَإِذَا قُلْنَا: يَتَعَيَّنُ قَاضِي الْبَلَدِ فِي الْحَالِ، فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ، هَلِ الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْيَمِينِ، أَمْ بِحَالِ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضِيَانِ، وَجَوَّزْنَاهُ، فَيَرْفَعُ إِلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. وَلَوْ رَأَى الْمُنْكَرَ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي الْمَرْفُوعِ إِلَيْهِ، قَالَ فِي «الْوَسِيطِ» : لَا مَعْنَى لِلرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ يُشَاهِدُهُ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنَّمَا يَحْصُلُ الْبَرُّ بِأَنْ يُخْبِرَهُ

[بِهِ] . وَلَوْ رَأَى الْمُنْكَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِ الْقَاضِي عَلَيْهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ فَاتَ الْبَرَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيُّ: أَنَّهُ يَبَرُّ بِالْإِخْبَارِ وَصُورَةِ الرَّفْعِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ. وَلَوْ لَمْ يَرَ الْحَالِفُ مُنْكَرًا حَتَّى مَاتَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي حَالِ تَعْيِينِ الْقَاضِي. وَلَوْ لَمْ يَرَ مُنْكَرًا حَتَّى مَاتَ الْقَاضِي، فَكَذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَلَوْ رَآهُ بَعْدَ عَزْلِهِ، فَإِنْ نَوَى الرَّفْعَ إِلَيْهِ فِي حَالِ الْقَضَاءِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَصَدَ عَيْنَهُ، فَلْيُخْبِرْهُ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَرْفَعُ مُنْكَرًا إِلَى الْقَاضِي فُلَانٍ، حَنِثَ بِالرَّفْعِ إِلَيْهِ وَهُوَ قَاضٍ. فَلَوْ رَفَعَ بَعْدَ الْعَزْلِ، عَادَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ. وَإِنْ قَالَ: إِلَى الْقَاضِي، فَهَلْ يُحْمَلُ

ص: 73

عَلَى قَاضِي الْبَلَدِ حِينَئِذٍ، أَمْ يَحْنَثُ بِالرَّفْعِ إِلَى مَنْ يُنَصَّبُ بَعْدَ عَزْلِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: حَلَفَ: لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ، فَفِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرَانِ، أَحَدُهُمَا: فِي حَقِيقَةِ الْمُفَارَقَةِ، وَالْقَوْلِ فِيهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي افْتِرَاقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنِ الْمَجْلِسِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْعَادَةِ. فَإِنْ فَارَقَ الْحَالِفُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ مُخْتَارًا، حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ. وَلَوْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ وَفَرَّ مِنْهُ، فَقِيلَ قَوْلَانِ كَالْمُكْرَهِ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ سَوَاءً تَمَكَّنَ مِنَ التَّعَلُّقِ بِهِ وَمَنْعِهِ أَوْ مِنْ مُتَابَعَتِهِ أَمْ لَا، بَلْ لَوْ كَانَتْ مُفَارَقَتُهُ بِإِذْنِ الْحَالِفِ، لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْغَرِيمِ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: يَحْنَثُ إِنْ أَذِنَ لَهُ. وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: يَحْنَثُ إِنْ أَمْكَنَهُ مَنْعُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: يَحْنَثُ إِنْ أَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ، لِأَنَّهُ بِالْمُقَامِ مُفَارِقٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ: وَلَوْ كَانَا يَتَمَاشَيَانِ، فَمَشَى الْغَرِيمُ، وَوَقَفَ الْحَالِفُ، فَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، لِأَنَّ الْفَارِقَةَ حَصَلَتْ بِحَرَكَةِ الْغَرِيمِ، لَا بِسُكُونِ الْحَالِفِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَاهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ أَنَّهُ إِذَا مَضَى أَحَدُهُمَا فِي مَشْيِهِ وَوَقَفَ الْآخَرُ، حَنِثَ الْحَالِفُ، لِأَنَّهُ إِنْ وَقَفَ الْغَرِيمُ، فَقَدْ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بِمَشْيِهِ، وَإِنْ وَقَفَ الْحَالِفُ فَقَدْ فَارَقَهُ بِالْوُقُوفِ لِأَنَّ الْحَادِثَ هُوَ الْوُقُوفُ، فَنَسَبَ الْمُفَارَقَةَ إِلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ، فَابْتَدَأَ الْغَرِيمُ بِالْمَشْيِ، لِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَاكَ الْمَشْيُ، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا حِنْثَ بِمُفَارَقَةِ الْغَرِيمِ. فَلَوْ فَارَقَ الْحَالِفُ مَكَانَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَمْ يَحْنَثْ. أَمَّا إِذَا قَالَ: لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْكَ حَقِّي أَوْ حَتَّى تُوَفِّيَنِي حَقِّي، فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى فِعْلِ الْغَرِيمِ. فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ مُخْتَارًا، حَنِثَ الْحَالِفُ، سَوَاءً كَانَتْ مُفَارَقَتُهُ بِإِذْنِهِ أَمْ دُونَ إِذْنِهِ. وَقِيلَ: إِنْ فَرَّ مِنْهُ، فَفِي حِنْثِهِ الْقَوْلَانِ فِي

ص: 74

الْمُكْرَهِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْفِرَارِ. فَإِنْ فَارَقَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، خَرَجَ الْحِنْثُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَنَقَلَ الْبَغَوِيُّ طَرِيقًا قَاطِعًا بِالْحِنْثِ، وَأَنَّ الِاخْتِيَارَ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي فِعْلِ الْحَالِفِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنَ الْغَرِيمِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَيَجِيءُ وَجْهٌ أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَ الْغَرِيمَ مُتَابَعَتُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، حَنِثَ. وَلَوْ قَالَ: لَا افْتَرَقْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ، أَوْ لَا تَفْتَرِقُ لَا أَنَا وَلَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ فَالْيَمِينُ عَلَى فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَأَيُّهُمَا فَارَقَ الْآخَرَ مُخْتَارًا، حَنِثَ الْحَالِفُ. فَإِنْ فَارَقَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، فَفِيهِ الْخِلَافُ. وَلَوْ قَالَ: لَا افْتَرَقْنَا حَتَّى أَسْتَوْفِيَ، أَوْ لَا نَفْتَرِقُ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُفَارِقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرَ. وَأَصَحُّهُمَا: يَحْنَثُ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: افْتَرَقَا.

فَرْعٌ

النَّظَرُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، فَإِذَا قَالَ: لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْكَ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ وَفَارَقَهُ، حَنِثَ، لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبَرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَهَلْ يُحْكَمُ بِالْحِنْثِ بِنَفْسِ الْإِبْرَاءِ، أَمْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ؟ يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي نَظَائِرِهِ. وَلَوْ أَفْلَسَ الْغَرِيمُ، فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُلَازَمَتِهِ فَفَارَقَهُ، فَفِيهِ قَوْلَا حِنْثِ الْمُكْرَهِ. وَإِنْ فَارَقَهُ بِاخْتِيَارِهِ، حَنِثَ. وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ وَاجِبًا كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ، حَنِثَ. وَلَوْ أَحَالَهُ الْغَرِيمُ عَلَى رَجُلٍ، أَوْ أَحَالَ هُوَ عَلَى الْغَرِيمِ غَرِيمًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، ثُمَّ فَارَقَهُ، فَطَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ اسْتِيفَاءٌ أَمِ اعْتِيَاضٌ؟ إِنْ قُلْنَا: اسْتِيفَاءٌ، لَمْ يَحْنَثْ، وَالْمَذْهَبُ الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ اسْتِيفَاءَ حَقِيقَةٍ وَحَيْثُ جَعَلْنَاهَا اسْتِيفَاءً، فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا كَالِاسْتِيفَاءِ فِي

ص: 75

الْحُكْمِ، لَكِنْ لَوْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ وَعَلَيْهِ حَقٌّ، لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ، وَفَارَقَهُ، حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا ذَكَرْنَا، وَسَوَاءً كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ مِثْلَ حَقِّهِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ حَقَّهُ، وَإِنَّمَا اسْتَوْفَى بَدَلَهُ. وَإِنْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ وَكِيلِ الْغَرِيمِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَبَرَّعَ بِهِ، وَفَارَقَهُ، حَنِثَ إِنْ كَانَ قَالَ: حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْكَ، وَلَا يَحْنَثُ إِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي. وَلَوِ اسْتَوْفَى ثُمَّ فَارَقَهُ، ثُمَّ وَجَدَ مَا اسْتَوْفَاهُ نَاقِصًا، لَمْ يَحْنَثْ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ، بِأَنْ كَانَ حَقُّهُ الدَّرَاهِمَ، فَخَرَّجَ الْمَأْخُوذَ نُحَاسًا أَوْ مَغْشُوشًا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ، حَنِثَ، وَإِلَّا، فَعَلَى قَوْلِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ.

فَرْعٌ

حَلَفَ الْغَرِيمُ: لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ، أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَقَّهُ، فَالْقَوْلُ فِي مُفَارَقَتِهِ مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا وَفِي الْحَوَالَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يُعْطِيهِ حَقَّهُ، فَأَعْطَاهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ. وَلَوْ قَالَ: لَا يَأْخُذُ وَلَا يَسْتَوْفِي، فَأَخَذَ، حَنِثَ، سَوَاءً كَانَ الْمُعْطِي مُكْرَهًا أَوْ مُخْتَارًا. فَلَوْ كَانَ الْأَخْذُ مُكْرَهًا، فَفِيهِ الْخِلَافُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حَلَفَ عَلَى الضَّرْبِ، تَعَلَّقَتِ الْيَمِينُ بِمَا يُسَمَّى ضَرْبًا، وَلَا يَكْفِي وَضْعُ الْيَدِ وَالسَّوْطِ وَرَفْعُهُمَا، وَلَا الْعَضُّ وَالْقَرْصُ وَنَتْفُ الشَّعْرِ. وَفِي الْوَكْزِ وَاللَّكْزِ وَاللَّطْمِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ

ص: 76

ضَرْبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِيلَامُ، وَلِهَذَا يُقَالُ: ضَرَبَهُ وَلَمْ يُؤْلِمْهُ، بِخِلَافِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْإِيلَامُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا الزَّجْرُ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِإِيلَامٍ، وَالْيَمِينُ تَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ. وَحُكِيَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِيلَامُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.

قُلْتُ: وَلَوْ ضَرَبَ مَيِّتًا، لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ ضَرَبَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَكْرَانَ، حَنِثَ، لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلضَّرْبِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

حَلَفَ: لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ خَشَبَةٍ، أَوْ لَيَجْلِدَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَإِنْ شَدَّ مِائَةَ سَوْطٍ وَضَرَبَهُ بِهَا، فَقَدْ وَفَّى بِمُوجَبِ اللَّفْظِ، وَإِنْ ضَرَبَهُ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً، حَصَلَ الْبَرُّ إِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْجَمِيعَ أَصَابَ بَدَنَهُ. وَفِي الْمُرَادِ بِإِصَابَةِ الْجَمِيعِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُلَاقِيَ جَمِيعَ الْقُضْبَانِ بَدَنَهُ أَوْ مَلْبُوسَهُ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَنْكَبِسَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، بِحَيْثُ يَنَالُهُ ثِقَلُ الْجَمِيعِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبَعْضِ حَائِلًا بَيْنَ بَدَنِهِ وَبَيْنَ الْبَعْضِ، كَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا، مِمَّا لَا يَمْنَعُ تَأَثُّرَ الْبَشَرَةِ بِالضَّرْبِ. وَالثَّانِي: لَا يَكْفِي الِانْكِبَاسُ، بَلْ يُشْتَرَطُ مُلَاقَاةُ الْجَمِيعِ بَدَنَهُ أَوْ مَلْبُوسَهُ، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ الْجَمِيعُ، لَمْ يَبَرَّ. وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَنَصَّ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ: لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، فَلَمْ يَدْخُلْ، وَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ شَاءَ أَمْ لَا: أَنَّهُ يَحْنَثُ، فَقِيلَ بِتَقْرِيرِ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ

ص: 77