الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَهَا، وَإِذَا تَرَاضَيَا بِقَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا، فَهَلْ يُشْتَرَطُ الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ أَمْ يَكْفِي الرِّضَى الْأَوَّلُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الِاشْتِرَاطُ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْمُعْتَبِرُونَ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ، وَفِي قِسْمَةِ الرَّدِّ يُشْتَرَطُ الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَعَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ بِخُرُوجِ الْقُرْعَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
وَإِذَا اشْتَرَطْنَا «الرِّضَى» بَعْدَ خُرُوجِهَا، فَصِيغَتُهُ أَنْ يَقُولَا: رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، أَوْ بِمَا أَخْرَجَتِ الْقُرْعَةُ، أَوْ بِمَا جَرَى، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الْبَيْعِ، وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا بَيْعٌ، اشْتُرِطَ لَفْظُ الْبَيْعِ أَوِ التَّمْلِيكِ، وَقِيلَ: لَا يَكْفِي قَوْلُهُمَا رَضِينَا بِهَذَا أَوْ بِمَا جَرَى، بَلْ يُشْتَرَطُ تَلَفُّظُهُمَا بِالْقِسْمَةِ بِأَنْ يَقُولَا: تَقَاسَمْنَا أَوْ رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ لِيُؤَدِّيَ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَحَيْثُ وَجَبَ الرِّضَى، فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ.
فَصْلٌ
تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ كَمَا تُقْسَمُ الْأَعْيَانُ، وَطَرِيقُ قِسْمَتِهَا الْمُهَايَأَةُ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، فَلَا إِجْبَارَ عَلَى الْمُهَايَأَةِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزْرَعَ هَذَا بَعْضَ الْأَرْضِ وَذَاكَ بَعْضَهَا، أَوْ يَسْكُنَ هَذَا بَعْضَ الدَّارِ وَذَاكَ بَعْضَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْسِمَ الْأَرْضَ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا إِجْبَارَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَيْنُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، كَالْقَنَاةِ وَالْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْحَمَّامِ، فَإِنِ اتَّفَقَا فِيهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ، فَذَاكَ، ثُمَّ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَلَى مَنْ يَبْدَأُ، وَقِيلَ: يَتَنَازَعَانِ، فَيُقْرَعُ، وَإِنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ، كَمَا فِي
قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ، وَلِئَلَّا يُعَطِّلَ عَلَى شَرِيكِهِ مُضَارَّةً، فَعَلَى هَذَا يَبْدَأُ بِالْقُرْعَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُجْبَرُ.
وَلَوْ رَضِيَا بِالْمُهَايَأَةِ، ثُمَّ رَجَعَ الْمُبْتَدِئُ بِالِانْتِفَاعِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ، مُكِّنَ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، غَرِمَ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نَوْبَتِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا إِجْبَارَ عَلَى الْمُهَايَأَةِ مُكِّنَ، وَغَرِمَ نِصْفَ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ لَمْ يُمَكَّنْ، بَلْ يَسْتَوْفِي الْأُجْرَةَ مُدَّتَهُ، وَإِنِ اسْتَوْفَى الْأَوَّلُ نَوْبَتَهُ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ مِنْ أَنْ يَنْتَفِعَ، وَيَسْتَوْفِيَ نَوْبَتَهُ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ، فَهُوَ مُضَيِّعٌ حَقَّ نَفْسِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا إِجْبَارَ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوِ انْهَدَمَتِ الدَّارُ، أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ نَوْبَةِ الْأَوَّلِ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
وَإِنْ قُلْنَا: لَا إِجْبَارَ وَأَصَرَّا عَلَى النِّزَاعِ فِي الْمُهَايَأَةِ، فَهَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي الْعَيْنَ عَلَيْهِمَا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا لَا، وَعَلَى هَذَا هَلْ يُتْرَكَانِ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَلَا يُؤَجَّرَ عَلَيْهِمَا، أَمْ يُؤَجَّرَ وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالْبَغَوِيُّ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ أَرْضًا، وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ الْخِلَافُ فِي الْإِجْبَارِ، وَإِنْ أَرَادَ قِسْمَتَهَا فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهَا جَائِزَةٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ. ثُمَّ إِذَا اقْتَسَمَا، وَحَدَثَ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا عَيْبٌ، فَلَهُ الْفَسْخُ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لِشَرِيكِهِ الْفَسْخُ أَيْضًا. وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْقِسْمَةَ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، حُكِيَ فِي إِجْبَارِهِ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
إِذَا جَرَتِ الْمُهَايَأَةُ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ مَالِكَيْنِ، أَوْ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ