الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَقُولُهُ: وَعَلَى صَاحِبِهِ الْبَيِّنَةُ. وَإِنْ قَالَ: سَهَا، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. وَلَوِ اعْتَرَفَ الْقَاسِمُ بِالْغَلَطِ أَوِ الْحَيْفِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الشُّرَكَاءُ، انْتَقَضَتِ الْقِسْمَةُ، وَإِلَّا فَلَا تُنْتَقَضُ وَعَلَيْهِ رَدُّ الْأُجْرَةِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَاضِي: غَلِطْتُ فِي الْحُكْمِ، أَوْ تَعَمَّدْتُ الْحَيْفَ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَحْكُومُ لَهُ، اسْتَرَدَّ الْمَالَ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الْقَاضِي الْغُرْمُ.
أَمَّا إِذَا جَرَتِ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي بِأَنْ نَصَبَا قَاسِمًا، أَوِ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا غَلَطًا، فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرِ الرِّضَى بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوِ ادَّعَى الْغَلَطَ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، وَإِنِ اعْتَبَرْنَاهُ وَتَرَاضَيَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازٌ، فَالْإِفْرَازُ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ التَّفَاوُتِ، فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ إِنْ لَمْ تَقُمْ، وَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْجَوَابُ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمَا تَرَاضَيَا لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهَا قِسْمَةُ عَدْلٍ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَا أَجْرَ لِلْغَلَطِ، وَإِنْ تَحَقَّقَ، كَمَا لَا أَثَرَ لِلْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ. كَأَنَّهُمُ اقْتَصَرُوا عَلَى الْجَوَابِ الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ
إِذَا قُسِّمَتِ التَّرِكَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ، فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ إِفْرَازٌ، فَهِيَ صَحِيحَةٌ، ثُمَّ تُبَاعُ الْأَنْصِبَاءُ فِي الدَّيْنِ إِنْ لَمْ يُوَفُّوهُ، وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ، فَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ وَجْهَانِ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْوَارِثِ التَّرِكَةَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ وَلَا دَيْنَ فِي الظَّاهِرِ، ثُمَّ ظَهَرَ. فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فَفِي الْقِسْمَةِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ، فَالْقِسْمَةُ الْجَارِيَةُ صَحِيحَةٌ، فَإِنْ وَفَّوُا الدَّيْنَ، اسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهَا، وَإِلَّا
نُقِضَتْ وَبِيعَتِ التَّرِكَةُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْهُ، فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ جَرَتْ قِسْمَةٌ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَقْسُومِ، نُظِرَ إِنِ اسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ كَالثُّلُثِ، فَبَطَلَتِ الْقِسْمَةُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الْبَاقِي طَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا:. يَبْطُلُ فِيهِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَبْطُلُ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْقِسْمَةِ تَمْيِيزُ الْحُقُوقِ، وَبِالِاسْتِحْقَاقِ يَصِيرُ الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكَ كُلِّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ كَانَ شَرِيكًا، وَانْفِرَادُ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ بِالْقِسْمَةِ مُمْتَنِعٌ، وَإِنِ اسْتُحِقَّ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ، نُظِرَ إِنِ اخْتُصَّ الْمُسْتَحَقُّ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا، أَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ، بَطَلَتِ الْقِسْمَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقَّانِ مَنْ نَصِيبِهِمَا، سَوَاءٌ بَقِيَتِ الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ. وَلَوْ ظَهَرَتْ وَصِيَّةٌ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُرْسَلَةً، فَهُوَ كَظُهُورِ دَيْنٍ عَلَى التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ مُعَيَّنٍ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَدَعْوَى الْغَلَطِ لَا تَخْتَصُّ بِقِسْمَةِ الْمُتَشَابِهَاتِ، بَلْ تَعُمُّ أَنْوَاعَ الْقِسْمَةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: قِسْمَةُ التَّعْدِيلِ وَالْمُشْتَرَكِ الَّذِي تُعَدَّلُ سِهَامُهُ بِالْقِيمَةِ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُعَدُّ شَيْئًا وَاحِدًا، وَإِلَى مَا يُعَدُّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا، أَمَّا الْأَوَّلُ، فَكَالْأَرْضِ تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهَا لِاخْتِلَافِهَا فِي قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ وَالْقُرْبِ مِنَ الْمَاءِ، وَفِي أَنَّ بَعْضَهَا يُسْقَى بِالنَّهْرِ، وَبَعْضَهَا بِالنَّاضِحِ فَيَكُونُ ثُلُثُهَا لِجَوْدَتِهَا كَثُلُثَيْهَا بِالْقِيمَةِ مَثَلًا، فَيُجْعَلُ هَذَا سَهْمًا، وَهَذَا سَهْمًا إِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَنْصِبَاءُ، كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ، جُعِلَ سِتَّةُ أَسْهُمٍ بِالْقِيمَةِ دُونَ الْمِسَاحَةِ، وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْقِسْمَةَ، فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ: نَعَمْ، إِلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ، بِالتَّسَاوِي فِي الْأَجْزَاءِ (عَلَى هَذَا) هَلْ
تُوَزَّعُ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ أَمْ بِحَسَبِ الْمَأْخُوذِ مِنْهَا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْكَثِيرِ أَكْثَرُ، وَكَمَا يَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَتِ الصِّفَاتُ تَجْرِي فِيمَا إِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ نُخْلٌ، وَبَعْضُهُ عِنَبٌ، وَالدَّارُ الْمَبْنِيُّ بَعْضُهَا بِالْآجُرِّ، وَبَعْضُهَا بِالْخَشَبِ وَالطِّينِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ، وَقِسْمَةُ الرَّدِيءِ وَحْدَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ لَمْ يُجْبَرْ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي أَرْضَيْنِ تُمْكِنُ قِسْمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِالْأَجْزَاءِ، لَا يَجْرِي الْإِجْبَارُ عَلَى التَّعْدِيلِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يُعَدُّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا وَهُوَ ضَرْبَانِ عَقَارٌ وَغَيْرُهُ، أَمَّا الْعَقَارُ، فَإِذَا اشْتَرَكَا فِي دَارَيْنِ أَوْ حَانُوتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيِ الْقِيمَةِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُجْعَلَ لِهَذَا دَارٌ وَلِهَذَا دَارٌ، أَوْ حَانُوتٌ وَحَانُوتٌ، لَمْ يُجْبَرِ الْمُمْتَنِعُ، سَوَاءٌ تَجَاوَرَ الْحَانُوتَانِ وَالدَّارَانِ، أَمْ تَبَاعَدَا، لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ وَالْأَبْنِيَةِ.
وَلَوِ اشْتَرَكَا فِي دَكَاكِينَ صِغَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ لَا تَحْتَمِلُ آحَادُهَا الْقِسْمَةَ، وَيُقَالُ لَهَا: الْعَضَايِدُ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَسَّمَ أَعْيَانًا، فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا كَالْمُتَفَرِّقَةِ وَكَالدُّوْرِ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ لِلْحَاجَةِ، وَكَالْخَانِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ، هَكَذَا صَوَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَوَّرَهَا صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» فِيمَا إِذَا احْتَمَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الْقِسْمَةَ وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا أَعْيَانًا وَالْآخَرُ قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا.
وَأَمَّا الْأَقْرِحَةُ، فَإِنْ كَانَتْ
مُتَفَرِّقَةً، فَهِيَ كَالدُّورِ. وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَاوِرَةً، فَفِي «الشَّامِلِ» أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ جَعَلَهَا كَالْقِرَاحِ الْوَاحِدِ الْمُخْتَلِفَ الْأَجْزَاءِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ: إِنَّمَا يَكُونُ كَالْقِرَاحِ الْوَاحِدِ إِذَا اتَّحَدَ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ، قَالَ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله.
الضَّرْبُ الثَّانِي غَيْرُ الْعَقَارِ إِذَا اشْتَرَكَا فِي عَبِيدٍ أَوْ دَوَابَّ، أَوْ أَشْجَارٍ، أَوْ ثِيَابٍ وَنَحْوِهَا، فَلَهَا حَالَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَيُمْكِنُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَدَدًا وَقِيمَةً، كَعَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيِ الْقِيمَةِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، وَكَثَلَاثِ دَوَابَّ، أَوْ أَثْوَابٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقِيمَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَتِهَا أَعْيَانًا، لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِخِلَافِ الدُّورِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ، وَابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: هِيَ كَالدُّورِ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ فِي الْعَبِيدِ وَفِي غَيْرِهَا الْخِلَافُ.
وَإِنْ لَمْ تُمْكِنِ التَّسْوِيَةُ فِي الْعَدَدِ كَثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ لِرَجُلَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ إِلَّا أَنَّ أَحَدَهُمْ يُسَاوِي الْآخَرِينَ فِي الْقِيمَةِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ، فَهُنَا قَوْلَانِ، وَهُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْأَرْضِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَجْزَاءِ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّرِكَةُ لَا تُرْفَعَ إِلَّا عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ، كَعَبْدَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ، وَقِيمَةُ الْآخَرِ مِائَتَانِ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ لِيَخْتَصَّ مَنْ خَرَجَتْ (لَهُ) قُرْعَةُ الْخَسِيسِ بِالْخَسِيسِ، وَيَكُونُ لَهُ مَعَ ذَلِكَ رُبُعُ النَّفِيسِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا إِجْبَارَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَوْ قَوْلَانِ، الْأَصَحُّ لَا إِجْبَارَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَرْتَفِعُ بِالْكُلِّيَّةِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْأَعْيَانُ أَجْنَاسًا، كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ، وَحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ، وَدَابَّةٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ أَنْوَاعًا كَعَبْدَيْنِ تُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ، وَثَوْبَيْنِ
إِبْرِيسَمٍ وَكَتَّانٍ، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقْسَمَ أَجْنَاسًا وَأَنْوَاعًا لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كَذَلِكَ بِالتَّرَاضِي. وَلَوِ اخْتَلَطَتِ الْأَنْوَاعُ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ كَتَمْرٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ، فَلَا قِسْمَةَ إِلَّا بِالتَّرَاضِي هَذَا مَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَطَرَدَ السَّرَخْسِيُّ الْخِلَافَ فِي الْإِجْبَارِ عِنْدَ اخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَزَادَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فَأَجْرَيَاهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ.
فَرْعٌ
إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَةٌ وَثُلُثُهَا بِالْمِسَاحَةِ نَصِفٌ بِالْقِيمَةِ، لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَاءِ فَهِيَ قِسْمَةُ تَعْدِيلٍ، وَفِيهَا الْخِلَافُ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يُجْبَرُ عَلَيْهَا قَطْعًا وَلَا يُبَالِي بِهَذَا التَّفَاوُتِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنِ الْأَصْحَابِ.
فَرْعٌ
اللَّبِنَاتُ إِنْ تَسَاوَتْ قَوَالِبُهَا، فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ الْمُتَشَابِهَاتِ، فَيُجْبَرُ قَطْعًا، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ قَوَالِبُهَا، فَقِسْمَةُ تَعْدِيلٍ، وَفِيهَا الْخِلَافُ.
فَرْعٌ
دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا عُلُوًّا وَسُفْلًا، أَجْبَرَ الْآخَرَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَ الْعُلُوَّ لِوَاحِدٍ، وَالسُّفْلَ لِآخَرَ لَا يُجْبَرُ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْقِسْمَةُ سُفْلًا وَعُلُوًّا، جُعِلَ السُّفْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعُلُوُّ لِلْآخَرِ مِنْ جُمْلَةِ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُقْسَمَ السُّفْلُ، وَيُتْرَكَ