المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب بناء المساجد والربط والسقايات والدور في الثغور والخانات وجعل الأرض مقبرة] - الإسعاف فى أحكام الأوقاف

[البرهان الطرابلسي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الوقف

- ‌[باب فى ألفاظ الوقف وأهله ومحله وحكمه]

- ‌[فصل فى بيان ما يتوقف جواز الوقف عليه]

- ‌[فصل فى بيان اشتراط قبول الوقف وعدمه]

- ‌[باب بيان ما يجوز وقفه وما لا يجوز وما يدخل تبعا وما لا يدخل وإنكار دخول بعض الموقوف فيه ووقف ما يقطعه الإمام]

- ‌[فصل فى غرس الواقف أو غيره الأشجار أو بنائه فى الوقف]

- ‌[فصل فى وقف المنقول إصالة]

- ‌[فصل فى وقف المشاع وقسمته والمهايأة فيه]

- ‌[باب فى الوقف الباطل وفيما يبطله]

- ‌[فصل فى شرط استبدال الوقف]

- ‌[فصل فى اشتراط الزيادة والنقصان فى مقدار المرتبات وفى أربابها]

- ‌[باب فى بيان وقف المريض والوقف المضاف إلى ما بعد الموت وشرط رجوعه إلى المحتاج من ولده]

- ‌[فصل فى إقرار المريض بالوقف]

- ‌[باب في إقرار الصحيح بأرض في يده انها وقف]

- ‌[باب الولاية على الوقف]

- ‌[فصل فيما يجعل للمتولي من غلة الوقف]

- ‌[فصل في بيان ما يجوز للقيم من التصرف وما لا يجوز]

- ‌[فصل في اشتراط الواقف أن من أحده في الوقف حدثا يريد به إبطاله أو نازع القيم فهو خارج منه]

- ‌[فصل في إنكار المتولي الوقف وفي غصب الغير إياه]

- ‌[باب إجارة الوقف ومزارعته ومسافاته]

- ‌[باب بناء المساجد والربط والسقايات والدور في الثغور والخانات وجعل الأرض مقبرة]

- ‌[فصل في ذكر أحكام تتعلق بالمقابر والربط]

- ‌[باب الشهادة على إقرار الواقف بحصته من الأرض الفلانية ثم ظهورها أكثر مما ذكر واختلاف الشاهدين فيما شهدا به والرجوع عنها والشهادة على ذي اليد الجاحد]

- ‌[فصل في شهادة اثنين بالوقف لجهة وشهادة آخرين لها ولغيرها أو لغيرها]

- ‌[فصل في الشهادة بالوقف يجره لنفسه أو لوليه]

- ‌[فصل في غصب الوقف والدعوى به]

- ‌[فصل فيما يتعلق بصك الوقف]

- ‌[فصل في ذكر كحم الأوقاف المتقادمة]

- ‌[باب وقف الرجل على نفسه ثم على أولاده ثم على الفقراء والمساكين]

- ‌[باب ذكر الوقف على أولاده وأولاد أولاده ونسله وعقبه أبدا والوقف المنقطع]

- ‌[فصل فيما لو شرط في الوقف على أولاده أن من انتقل من الإثبات إلى مذهب الإعتزال فهو خارج أو ذكر غيره من الشروط]

- ‌[باب الوقف على أهل بيته وآله وجنسه وفيه منقطع البعض]

- ‌[فصل في الوقف على قرابته أو أرحامه أو أنسابه أو عياله أو أهله أو أقرب الناس إليه]

- ‌[فصل في بيان الأقرب من قرابته]

- ‌[فصل في إثبات قوم مشاركة القرائب فيما وقف عليهم]

- ‌[فصل في الوقف على فقراء قرابته وكيفيه إثباته وما بتعلق بذلك]

- ‌[فصل في الوقف على الصلحاء من فقراء قرابته أو الأقرب فالأقرب أو الأحوج فالأحوج منهم]

- ‌[فصل في وقف داره على سكنى أولاده ثم على المساكين وبيان من عليه المرمة]

- ‌[باب الوقف على العلوية أو المتعلمين في بغداد أو المدرسة الفلانية]

- ‌[باب الوقف على قوم بتقديم بعض على بعض أو على رجلين ويجعل لكل واحد سهما معينا أو على ورثة فلان]

- ‌[فصل في الوقف على قوم على أن يفضل أو يخص أو يحرم من شاء منهم أو يدخل معهم من شاء وفي أن يضعه أو يعطيه لمن شاء من الناس]

- ‌[باب الوقف على الموالي]

- ‌[فصل في الوقف على أمهات أولاده ومدبريه ومكاتبيه وممالكيه]

- ‌[باب الوقف على فقراء جيرانه أو على زيد مدة معلومة ثم من بعدها على غيره ثم من بعده على المساكين]

- ‌[باب الوقف في أبواب البر من الصدقة والاحجاج عنه أو الغزو وما أشبهه]

- ‌[باب الوقف على قوم على أنه إن احتاج قرابته يرد الوقف إليهم]

- ‌[باب وقف أرضين على جهتين واشتراط النفقة من غلة أحدهما على الأخرى أو تكميل ما سمي للموقوف عليه أحدهما من الأخرى]

- ‌[باب الوقف على اليتامى والأرامل والأيامى والثيبات والأبكار]

- ‌[باب أوقاف أهل الذمة والصابئة والزنادقة والمستأمنين]

- ‌[فصل في إقرار الذمي بأرض في يداه أن مسلما أو ذميا وقفها على وجوه سماها ودفعها إليه]

- ‌[باب الارتداد بعد الوقف]

- ‌[قال المؤلف رحمه الله]

الفصل: ‌[باب بناء المساجد والربط والسقايات والدور في الثغور والخانات وجعل الأرض مقبرة]

[باب بناء المساجد والربط والسقايات والدور في الثغور والخانات وجعل الأرض مقبرة]

قال أبو يوسف رحمه الله ليس التسليم بشرط في المسجد ولا في غيره من الأوقاف وقد تقدّم بيان وجهه فإذا قال جعلت هذا المكان مسجدا وأذن للناس بالصلاة فيه يصير مسجدا وقال محمد رحمه الله وهو قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يزول عن ملكه قبل التسليم وبه أخذ شمس الأئمة السرخسي ثم التسليم في المسجد أن يصلى فيه بالجماعة بإذنه وعن أبي حنيفة فيه روايتان في رواية الحسن عنه يشترط أداء الصلاة فيه بجماعة بإذنه اثنان فصاعدا وبها أخذ محمد وفي رواية أخرى عنه إذا صلى فيه واحد بإذنه يصير مسجدا إلا أن بعضهم قالوا إذا صلى فيه واحد بأذان وإقامة ولم يذكر هذه الزيادة في ظاهر الرواية فيكتفى بصلاة الواحد لان المسجد حق الله تعالى أو حق عامة المسلمين والواحد في استيفاء حق الله تعالى وحق العامة يقوم مقام الكل والصحيح رواية الحسن لأن قبض كل شئ وتسليمه يكون بحسب ما يليق به وهو في المسجد بأداء الصلاة بالجماعة أما الواحد فإنه يصلي في كل مكان ثم على الرواية التي لا يشترط الأداء فيها بجماعة إذا بني رجل مسجدا وصلى فيه هو وحده هل يصير مسجدا اختلفوا فيه فقال بعضهم نعم لأن محمدا ذكر في الكتاب أن على قول أبي حنيفة لا يصير مسجدا حتى يصلى فيه مبنيا للمجهول فيدخل فيه بانيه وغيره وقال بعضهم لا تكفي صلاته وهو الصحيح لأنها إنما تشترط لأجل القبض للعامة وقبضه لا يكفي فكذا صلاته ولو بناه وسلمه إلى المتولي هل يصير مسجدا قبل أداء الصلاة فيه لا رواية فيه عن أصحابنا واختلف المشايخ فيه قال بعضهم يصير مسجدا ويتم كما تتم سائر الأوقاف بالتسليم إلى المتولي لأنه نائب عن الموقوف عليهم قال في الاختيار وهو الصحيح وكذا إذا سلمه إلى القاضي أو نائبه وقال بعضهم

ص: 71

لا يصير مسجدا بالتسليم إلى المتولي وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله إذ قبض كل شئ بما يليق به كما مر في شرط التسليم رجل له ساحة لا بناء فيها فأمر قوما ان يصلوا فيها بجماعة قالوا إن أمرهم بالصلاة أبدا أو لم يذكره ولكن أراده ثم مات لا يورث عنه وإن أمرهم بالصلاة شهرا أو سنة ثم مات يكون لورثته لأنه لا بد من التأبيد والتوقيت ينافيه ولو جعل داره مسجدا وجعل رجلا واحدا مؤذنا وإماما فأذن الرجل وأقام وصلى وحده كان تسليما لأن أداها بأذان وإقامة كإقامة الجماعة ولهذا قالوا لو صلى واحد من أهل المسجد بأذان وإقامة لا يكون لمن يجئ بعده من أهله أداؤها فيه بالجماعة عند البعض ولو جعل متولي المسجد منزلا موقوفا على المسجد مسجدا وصلى الناس فيه سنين ثم تركت الصلاة فيه وأعيد منزلا مستغلا جاز لعدم صيرورته مسجدا يجعل المتولي ولو اتخذ رجل مسجدا لصلاة الجنازة أو لصلاة العيد هل يكون له حكم المسجد اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يكون مسجدا حتى إذا مات لا يورث عنه وقال بعضهم ما اتخذ لصلاة الجنازة فهو مسجد فلا يورث عنه وما اتخذ لصلاة العيد لا يكون مسجدا مطلقا وإنما يعطى له حكم المسجد في صحة الإقتداء بالإمام وإن كان منفصلا عن الصفوف وفيما سوى ذلك فليس له حكم المسجد وقال بعضهم له حكم المسجد حال أداء الصلاة لا غير وهو والجبانة سواء ويجنب هذا المكان عما تجنب عنه المساجد احتياطا ولو اتخذ مسجدا وتحته سرداب أو فوقه بيت أو جعل وسط داره مسجدا وإذن للناس بالدخول والصلاة فيه من غير أن يفرز له طريقا لا يصير مسجدا ويورث عنه إلا إذا كان السرداب أو العلو لمصالح المسجد أو كانا وقفا عليه وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه أجاز أن يكون الأسفل مسجدا إذا كان الأعلى ملكا لأن الأسفل أصل وهو مما يتأبد دون العكس وعن محمد رحمه الله انه لما دخل

ص: 72

الري أجاز ذلك بكل حال لضيق المنازل وعن أبي يوسف مثله لما دخل بغداد (1) ولو خرب المسجد وما حوله وتفرق الناس عنه لا يعود إلى ملك الواقف عند أبي يوسف فيباع نقضه بإذن القاضي ويصرف ثمنه إلى بعض المساجد ويعود إلى ملكه أو إلى ورثته عند محمد وذكر بعضهم أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف وبعضهم ذكره كقول محمد وهذا بناء على ما تقدم من اشتراط التسليم عند محمد ابتداء فكذا وبقاه وعدمه عند أبي يوسف رحمه الله مطلقا ومن بني رباطا أو خانا أو حوضا أو حفر بئرا أو جعل أرضه سقاية أو مقبرة أو طريقا للمسلمين فعند أبي حنيفة لا يلزم ما لم يحكم به حاكم أو يعلقه بموته على ما تقدم من أصله وعند أبي يوسف يلزم بمجرد القول لما تقدم من ان التسليم ليس بشرط عنده وعند محمد يشترط التسليم وهو النزول في الخان والرباط والشرب من الحوض والاستقاء من البئر والسقاية والدفن في المقبرة بإذنه في الكل ويكتفى فيه بفعل واحد لتعذر الكل كما تقدم في أول الفصول وفي قاضيخان وقال محمد إن دفن فيها اثنان فلا رجوع وكأنها رواية عنه ووجهها أنه اعتبر أدنى جمع الميراث والوصية ولو بني مارستانا لتعالج فيه المرضى ووقف عليه أرضا لتنفق غلتها على ما يحتاج إليه المرضى والأطباء يجوز إن جعل آخره للمساكين ولو كان طريق العامة واسعا فبنى فيه أهل محلة مسجدا للعامة وهو لا يضر بالمارة قالوا لا بأس به وهو يروي عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله لأن الطريق للمسلمين والمسجد لهم أيضا ولو احتيج إلى توسعته من الطريق أو توسعة الطريق منه ولا ضرر فيها على الآخر يجوز لما قلنا (2) وليس لأهل المحلة أن يدخلوا شيئا من الطريق في دورهم ولو لم يضر بالمارة ولو ضاق المسجد على الناس

(1) مطلب خراب المسجد وما حوله

(2)

مطلب ليس لأهل المحلة ان يدخلوا شيئا من الطريق في دورهم

ص: 73

ويجنبه أرض ملك لرجل تؤخذ منه بالقيمة كرها دفعا للضرر العام ويجبر الخاص بأخذ القيمة ولو كانت وقفا على المسجد وأرادوا الزيادة فيه منها يجوز بإذن القاضي ولو أراد فيم المسجد أن يبني حوانيت في حرم المسجد وفنائه قال الفقيه أبو الليث لا يجوز له أن يجعل شيئا من المسجد سكنا ومستغلا ولو أذن السلطان لقوم أن يجعلوا أرضا من أراضي البلدة حوانيت وقف على المسجد أو أن يزيدوا في مسجدهم قالوا إن فتحت عنوة وهو لا يضر بالناس ينفذ أمره فيها وإن فتحت صلحا لم ينفذ لأنها إذا فتحت عنوة تصير ملكا للغانمين فينفذ أمره فيها وإذا فتحت صلحا تبقى على ملك ملاكها فلا ينفذ أمره فيها (1) ولو حول أهل المحلة باب المسجد من موضع إلى موضع آخر جاز ولو اشترى رجل موضعا وجعله طريقا للمسلمين وأشهد على ذلك صح ويشترط مرور واحد من الناس فيه بإذنه على قول من يشترط القبض في الوقف قال في قاضيخان وسوَّى في الكتاب بين الطريق والمقبرة وسائر الأوقاف وقال على قول أبي حنيفة يكون له الرجوع فيها إلا في المسجد خاصة وروى الحسن عي أبي حنيفة أنه لا يرجع في المقبرة في الموضع الذي دفن فيه ويرجع فيما سواه لان النبش قبيح وحكي عن الحاكم المعروف بمهرويه انه قال وجدت في النوادر عن أبي حنيفة أنه أجاز وقف المقبرة والطريق كما أجاز المسجد وكذا القنطرة يتخذها الرجل للمسلمين يتطرقون فيها ولا يكون بناؤها ميراثا لورثته وقال الخصاف بعد ذكره أوقاف الصحابة ومما يؤيد ذلك ويصححه بناء المساجد فإن الناس جميعا أجمعوا عليها ثم قال وكذلك بناء الخانات للسبيل وكذلك عمارة السقايات للمسلمين وكذلك بناء الدور في الثغور للسبيل وكذلك بناء الدور بمكة ينزلها الحاج وكذلك رجل جعل داره أو بعضها طريقا للمسلمين وأخرجه عن ملكه وأبانه له فليس له الرجوع في ذلك

(1) مطلب حول أهل المحلة باب المسجد جاز

ص: 74

ولا رده إلى ملكه فهذه الأشياء كلها خارجة عن أملاك مالكيها إلى السبل التي جعلوها فيها فالوقوف مثلها وظاهر أن ما ذكره الخصاف من جنس ما حكي عن الحاكم من وجدانه الرواية عن أبي حنيفة فكان عنه ثلاث روايات الرجوع إلا في المسجد خاصة على ما قاله قاضيخان من تسوية الكتاب الخ والرجوع إلا في المسجد وموضع الدفن على رواية الحسن والرجوع إلا فيما ذكره الحاكم والخصاف والله أعلم، رجل قال جعلت حجرتي هذه لدهن سراج المسجد ولم يزد عليه قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تصير الحجرة وقفا عليه إذا سلمها إلى المتولي وعليه الفتوى وليس له أن يصرفها في غير الدهن وعن أبي حنيفة إذا جعل أرضه وقفا على المسجد وسلم جاز ولا يكون له الرجوع لأن الوقف عليه بمنزلة جعل الأرض مسجدا أو بمنزلة زيادة في المسجد رجل تصدق بداره على المسجد أو على طريق المسلمين تكلموا فيه والفتوى على أنه يجوز وذكر الناطفي أنه يجوز ويكون ميراثا عنه وقد تقدم ذكر الخلاف في هذه المسألة في فصل ما يتوقف جواز الوقف عليه وفي قاضيخان لو وقف أرضه على كل مؤذن يؤذن أو يؤم في مسجد بعينه قال الشيخ إسماعيل الزاهد لا يجوز هذا الوقف لأنه قربة وقعت لغير معين وقد يكون ذلك المؤذن أو الإمام غنيا وقد يكون فقيرا فلا يجوز وإن كان المؤذن فقيرا وتجوز الصدقة على الفقير لكن الوقف على هذا الوجه لا يجوز أيضا والحيلة في ذلك أن يكتب في صك الوقف وقفت هذا المكان على كل مؤذن فقير يكون في هذا المسجد أو المحلة فإذا خرب المسجد أو المحلة تصرف الغلة إلى الفقراء أما إذا قال وقفت على كل مؤذن فقير فهو مجهول فلا يصح كما لو قال أوصيت بثلث مالي لواحد من عرض الناس فإنه لا يصح رجل أعطى دراهم في عمارة المسجد أو مصالحة أو نفقته قيل بأنه يصح ويتم بالقبض ولو أوصى بثلث ماله لأعمال البر يجوز إسراج المسجد منه ولا يزاد على

ص: 75

سراج واحد ولو في رمضان لأنه إسراف ولو أوصى لعمارة المسجد قال أبو القاسم يصرف فيما كان من البناء دون التزين قيل أيصرف ذلك المال في (1) المنارة قال ذلك من بناء المسجد وسئل أبو بكر البلخي عن الوقف على المسجد أيجوز لهم أن يبنوا منارة من غلته قال إن كان ذلك من مصلحته بأن كان أسمع لهم فلا بأس به وإن كان بحال تسمع الجيران الأذان بغير منارة فلا أرى لهم أن يفعلوا ذلك ولو نقش القيم المسجد من غلة الوقف على عمارته كان ضامنا ولو قال أوصيت بثلث مالي للمسجد قال أبو يوسف هو باطل حتى يقول على المسجد وقال محمد هو جائز وذكر الناطفي إذا وقف ماله لإصلاح المساجد يجوز وإن وقف لبناء القناطر أو لإصلاح الطريق أو لحفر القبور أو اتخاذ السقايات والخانات للمسلمين أو شراء الأكفان لهم لا يجوز وهو جائز في الفتوى ولو جعل أرضه صدقة موقوفة على مرمة مسجد كذا وما يحتاج إليه وهي مثل تطيين سطحه وتأزير حيطانه وإدخال جذوع في سقفه أو ثمن بواريه وزيت قناديله ذكر الخصاف أنه باطل لأنه قد تخرب المحلة فيبطل المسجد ولا يحتاج إلى مرمة فإن زاد على ذلك وقال فإن استغنى عنه المسجد كانت الغلة للمساكين جاز لأنه مما يتأبد ولو كانت الأرض وقف على عمارة المساجد أو على (2) مرمة المقابر جاز لأن ذلك مما لا ينقطع أرض وقف على عمارة المسجد على أن ما فضل من عمارته فهو للفقراء فاجتمعت الغلة والمسجد غير محتاج إلى العمارة قال الفقيه أبو بكر البلخي تحبس الغلة لأنه ربما يحدث بالمسجد حدث وتصير الأرض بحال لا تغل وقال الفقيه أبو جعفر الجواب كما قال وعندي انه لو علم أنه اجتمع من الغلة مقدار ما لو احتاج المسجد والأرض إلى العمارة يمكن العمارة بها ويفضل تصرف الزيادة إلى الفقراء على ما شرط الواقف مسجد انهدم

(1) مطلب المنارة من بناء المسجد

(2)

مطلب وقف على مرمة المقابر جاز

ص: 76

وقد اجتمع من غلة الوقف على مرمته ما يحصل به البناء قال الخصاف لا تنفق الغلة في البناء لأن الواقف على المرمة ولم يأمر بأن يبني هذا المسجد والفتوى على أنه يجوز البناء بتلك الغلة ولو كان الوقف على عمارة المسجد هل للقيم أن يشتري سلما ليرتقي به على السطح لكنسه وتطيينه أو يعطي من غلته أجر من يكنس السطح ويطرح عنه الثلج ويخرج التراب المجتمع في المسجد قال أبو نصر له أن يفعل ما في تركه خراب المسجد (1) ولو كان باب المسجد في مهب الريح فيصيب المطر بابه ويبتل داخله والخارج منه ويشق على الناس دخوله قال الفقيه أبو جعفر يجوز أن يتخذوا له ظلة من غلة وقفه إن كان لا يضر بأهل الطريق ولو بسط من ماله حصيرا في المسجد فخرب المسجد واستغنى عنها فإنها تكون له إن كان حيا ولورثته إن كان ميتا عند محمد رحمه الله وإن بليت كان له أن يبيعها ويشتري بثمنها حصيرا أخرى وهكذا الحكم لو اشترى قنديلا ونحوه للمسجد واستغنى عنه وعند أبي يوسف يباع ويصرف ثمنه في حوائج المسجد وإن استغنى عنه هذا المسجد يحوّل إلى مسجد آخر وهذا الاختلاف بناء على الاختلاف في المسجد عينه إذا استغنى عنه لخراب ما حوله ولو كفن رجل ميتا فافترسه الأسد يكون الكفن للذي كفنه لو حيا ولورثته لو ميتا وإذا صار ديباج الكعبة خلقا يبيعه السلطان ويستعين به على أمرها لأن الولاية عليها له لا لغيره ولو كان بجنب المسجد ماء يضر بحائطه ضررا بينا فأراد القيم أو أهل المسجد أن يتخذوا من ماله حصنا بجانبه ليمنع الضرر عنه قالوا إن كان الوقف على مصالح المسجد يجوز للقيم ذلك لأن هذا من مصالحه وإن كان على عمارته لا يجوز لأن هذا ليس من العمارة ولو باع أهل المسجد حشيشه أو جنازة صارت خلقة وفاعلها غائب اختلفوا فيه فقال بعضهم يجوز والأولى أن يكون بإذن

(1) مطلب لو كان مهب الريح في باب المسجد

ص: 77

القاضي وقال بعضهم لا يجوز إلا بإذنه وهو الصحيح وليس لمتولي المسجد أن يحمل سراج المسجد إلى بيته ولو ادعى رجل في مسجد أو مقبرة حقا وقضى القاضي له على واحد من أهل المحلة بالبينة كان ذلك قضاء على جميعهم لأن واحدا منهم خصم عن الباقين وفي الخان لا يقضي حتى يحضر القيم أو نائبه ولو اشترى شيئا لمرمة المسجد بدون إذن القاضي قالوا لا يرجع بقيمته في مال المسجد ولو أدخل المتولي جذعا من ماله في الوقف جاز وله أن يرجع بقيمته في غلة الوقف رجل بني مسجدا في سكة فاحتاج إلى العمارة فنازعه أهل السكة فيها كان الباني أولى منهم بعمارته وليس لهم منازعته فيها وكذلك لو نازعوه في نصب الإمام والمؤذن كان ذلك إليه دونهم إلا إذا عينوا رجلا أصلح ممن عينه هو فحينئذ لا يكون تعيينه أولى (1) ولا بأس أن يترك سراج المسجد فيه من المغرب إلى وقف العشاء ولا يجوز أن يترك فيه كل الليل إلا في موضع جرت العادة فيه بذلك كمسجد بيت المقدس ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الحرام أو شرط الواقف بركه فيه كل الليل كما جرت العادة به في زماننا ويجوز الدرس بسراج المسجد إن كان موضوعا فيه للصلاة وإن كان موضوعا فيه لا للصلاة بأن فرغ القوم من الصلاة وذهبوا إلى بيوتهم وبقي السراج فيه قالوا لا بأس بأن يدرس بنوره إلى ثلث الليل لأنهم لو أخروا الصلاة إلى ثلث الليل لا بأس به فلا يبطل حقه بتعجيلهم وفيما زاد على الثلث ليس لهم تأخيرها فلا يكون له حق الدرس ولو أن قوما بنو مسجدا وفضل من خشبهم شئ قالوا يصرف الفاضل في بنائه ولا يصرف إلى الدهن والحصر هذا إذا سلموه إلى المتولي ليبني به المسجد والا يكون الفاضل لهم يصنعون به ما شاءوا ولو جمع مالا لينفقه في بناء المسجد فأنفق بعضه في حاجته ثم ردَّ بدله في نفقة المسجد لا يسعه أن يفعل

(1) مطلب في الكلام على السراج

ص: 78