الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا انقرضوا تكون الغلة للفقراء ولا يصح عند محمد لاحتمال الانقطاع ولو قال وقفت أرضى هذه على ولد زيد أو ذكر جماعة بأعيانهم لم يصح عند أبى يوسف أيضا لأن تعيين الموقوف عليه يمنع إرادة غيره بخلاف ما إذا لم يعين لجعله إياه وقفا على الفقراء ألا ترى فرق بين قوله أرضى هذه موقوفة وبين قوله موقوفة على ولدى فصحح الأول دون الثاني لأن مطلق قوله موقوفة ينصرف إلى الفقراء عرفا فإذا ذكر الولد صار مقيدا فلا يبقى العرف فظهر بهذا أن الخلاف بينهما فى اشتراط ذكر التأبيد وعدمه إنما هو فى التنصيص عليه أو على ما يقوم مقامه كالفقراء ونحوهم وأما التأبيد معنى فشرط اتفاقا على الصحيح وقد نص عليه محققو المشايخ رحمهم الله تعالى والرابع اشتراط الواقف الإنتفاع بالوقف لا يمنع من صحته عند أبى يوسف رحمه الله ويمنع عند محمد رحمه الله وسيأتي فى باب الوقف على النفس أن الفتوى قول أبى يوسف وأن معه جماعة والله أعلم.
[فصل فى بيان اشتراط قبول الوقف وعدمه]
قبول الموقوف عليه الوقف ليس بشرط إن وقع لِأقوام غير معينين كالفقراء والمساكين وإن وقع لشخص بعينه وجعل آخره للفقراء يشترط قبوله فى حقه فإن قبله كانت الغلة له وإن رده تكون للفقراء ويصير كأنه مات ومن قبل ما وقف عليه ليس له الرد بعده ومن رده أول مرة ليس له القبول بعده فلو قال وقفت أرضى هذه على أولاد زيد ونسله وعقبه ومن بعدهم على المساكين فقبله بعضهم ورده بعضهم تكون الغلة كلها لمن قبل منهم وإن رده كلهم تكون للمساكين وإن قبل كل واحد منهم بعضه ورد الباقي يكون ما ردوه للمساكين فإن حدث لزيد ولد أو نسل وقبله كلهم أو بعضهم رجع لمن قبله منهم وإن رده كلهم كان للمساكين وهكذا إلى أن ينقرضوا بخلاف ما لو أوصى بثلث ماله لجماعة بأعيانهم فردها بعضهم فأن حصتهم تكون لورثة الموصى وكذلك لو ردها
الكل والفرق بينهما أن الموصى إنما أوصى لهم فقط فما بطل منها يكون لورثته وأما الواقف فإنه قد جعله بعدهم للمساكين فإذا بطل كونه لهم يصير للمساكين ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبداً على زيد وعمر وما عاشا ومن بعدهما على المساكين ثم مات أحدهما أو رَدّ تكون حصته للمساكين ولا يستحقها الآخر لأنه جعل الوقف لله عز وجل ابتداء ثم أوجبه لهما وما كان لله تعالى فهو للمساكين فمن قبل منهما وبقى حيا تقدم عليهم بحصته فقط بخلاف المسألة الأولى فإنه أوجبه لهم أولا ثم جعله من بعدهم للمساكين فلا يكون لهم شئ ما لم يردّ الكل أو ينقرضوا ولو قال وقفت أرضى هذه على زيد وأولاده ومن بعدهم على المساكين فقال زيد لا أقبل لنفسي ولا لأولادي يصح رده فى حصته فقط وأما أولاده فإن كانوا كبارا فالرد والقبول إليهم وإن كانوا صغارا تكون حصتهم لهم ولو قال وقفت أرضى هذه على زيد ومن بعده على المساكين فقال زيد قبلت غلة هذه السنة ورددت ما بعدها أو قال قبلت ثلثها أو نصفها ورددت الباقي استحق ما قبله وكان الباقي للمساكين ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا على زيد وعمرو ما عاشا إن قبلا ومن بعدهما على المساكين فقبل أحدهما ورد الآخر استحق القابل حصته وتكون حصة الراد للمساكين وقد روى عن زفر رحمه الله أنه قال إذا أوصى أن يجرى على زيد وعمرو من ثلثه فى كل شهر دراهم لكل منهما ما عاشا إنه إذا مات أحدهما تبطل وصية الآخر لكونه قال ما عاشا والمراد من هذا عنده حياتهما معا وقال سائر أصحابنا رحمهم الله وصية الباقي منهما على حالها ولا تبطل بموت الآخر ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا على زيد وعمرو ومن بعدهما على المساكين وكان أحدهما ميتا تكون الغلة كلها للحى منهما لعدم جواز الوقف على الميت فإذا مات الحي تصير الغلة للمساكين