الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لو كان الأب فقيرا وابنه غني ولو كان للأولاد الكبار الفقراء أولاد صغار فقراء لا يعطون شيئا من الوقف لوجوب نفقتهم على جدهم ذكره الخصاف وهلال وهكذا الحكم في المرأة الموسرة إذا كان لها أولاد كبار وصغار فقراء وهم أقارب الواقف ولو كان للواقف قرابة فقيرة وزوجها غني لا يفرض لها شئ من غلة الوقف لغناها بغنى زوجها ولو بالعكس يفرض له لعدم غناه بغناها ولو كان له قرابة فقيرة ولها أخ وابن أخ أو خال موسر تدخل في الوقف وإن كان يفرض لها النفقة عليهم والأصل أن الصغير إنما يعد غنيا بغنى أبويه أو جديه من جهة أبويه فقط وأن الرجل الفقير والمرأة الفقيرة إنما يعدان غنيين بغنى فروعهما وزوجها فقط ولا يعد الفقير غنيا بغنى غيرهم من القرائب قال الخصاف وهذا مذهب أصحابنا رحمهم الله ثم قال الصواب عندي وبالله التوفيق انه يجب أن يعطى هؤلاء وإن كان يفرض لهم النفقة على أحد ممن تلزمه نفقتهم لأنهم قالوا ان للرجل أن يأخذ من الزكاة إذا كان له منزل وخادم ومتاع بيت لأفضل فيه ثم قال ولا أقول أن فقيرا يكون غنيا بغنى غيره والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كل ذي مال أحق بماله من الناس أجمعين ورده هلال بما حاصل أن أمر الناس على خلافه لأنا رأينا الناس لم يجوّزوا في كلامهم أن يقولوا أولاد الأغنياء من الفقراء ويضيفونهم إلى غنى آبائهم فكان الغني عندهم على ذلك وتجوز وصاياهم على ذلك ووقوفهم على معانيهم التي نرى أنهم أرادوها والله أعلم
[فصل في وقف داره على سكنى أولاده ثم على المساكين وبيان من عليه المرمة]
لو قال رجل داري هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا على أن يسكنها ولدي وولد ولدي ونسلي أبدا ما تناسلوا ثم من بعدهم تكون غلتها للمساكين صح الوقف ويكون سكناها لأولاده وأولاد أولاده ما بقي منهم أحد ولو لم يبق منهم غير واحد وأراد أن يؤجرها أو ما فضل عنه منها ليس له ذلك وإنما له السكنى فقط ولو كثرت
أولاد الواقف وضاقت الدار عليهم (1) ليس لهم أن يؤجروها وإنما تقسط سكناها على عددهم ومن مات منهم بطل ما كان له من سكناها وتكون لمن بقي منهم فلو كانوا ذكورا وإناثا وأراد كل من الرجال والنساء ان يسكنوا معهم نساءهم وأزواجهنّ معهن وحشمهم جاز لهم ذلك إن كانت الدار ذات مقاصير وحجر ويغلق على كل واحدة باب وإن كانت دار واحدة لا يمكن أن تقسم بينهم لا يسكنها إلا من جعل لهم الواقف السكني دون غيرهم من نساء الرجال ورجال النساء ولو جعل سكنى داره لبناته دون الذكور كانت لبناته لصلبه فقط ولو كان لهن أزواج كان الحكم فيهم كالمتقدمة ولو عمم سكناها لبناته وبنات أولاده وإن سفلن كانت السكنى لكل أنثى من ولده وولد ولده ونسله أبدا يقسم سكناها بينهن على عددهن ومن مات منهن سقط حقها وكذلك من تزوج منهن وخرجت مع زوجها فإن طلقها أو مات عنها وعادت عاد حقها في السكنى ولو شرط أن من تزوج منهن فلا سكنى لها سقط حق من تزوّج منهن ثم لا يعود حقها بموته أو طلاقها إلا أن يشترط أن من مات زوجها أو طلقها عاد حقها في السكنى وعلى هذا لو كان مكان البنات أمهات أولاد ولو شرط تقدم بطن على بطن كان كما شرط ولو شرط سكناها بعد انقراضهن أو تزوجهن للذكور من أولاد أولاده أبدا ما تناسلوا كان كما شرط ولو جعل سكنى داره لولده هم من بعده لرجل ليس لولده ولا لمن بعده ان يسكن غيره فيها إلا بطريق العارية دون الإجارة لأن العارية لا توجب حقا للمستأجر ولو جعل سكناها لواحد بعد واحد تكون مرمتها وإصلاحها على من بدأ به الواقف بالسكنى
(1) ليس للموقوف عليهم للسكنى أن يؤجروا وعند الشافعي له أن يؤجر
ويقال له رماها مرمة لا غنى عنها وهي ما يمنع من خرابها ولا يلزمه أزيد من ذلك ولو وزر الأول حيطانها أو أدخل جذوعها في سقفها بدلا عما انكسر منها ثم مات وانتقلت الدار إلى الثاني يكون ذلك لورثة الأول ويقال للثاني إن شئت فادفع إليهم قيمة ذلك ويكون ملكا لك وإلا تؤجر ويدفع إليهم قيمة ذلك من الأجرة ثم يعود سكناها إليك ولو انهدمت وقال الأول أنا أبنيها وأسكنها كان له ذلك وإذا مات يكون البناء لورثته ويقال لهم ارفعوا بناءكم عن الدار وخذوه والفرق بين هذه وبين ما قبلها أن ما رمم به لا يمكن تخليصه أو تمييزه إلا بضرر بخلاف البناء فإن كله لهم فلهم أخذه وليس للثاني أن يمتلك البناء بقيمته بدون رضاهم ولو جصصها الأول أو طين سطوحها ثم مات لا ترجع ورثته بشئ لأن ما لا يمكن أخذ عينه هو في حكم الهالك ألا ترى أن رجلا لو اشترى دارا وطين سطوحها وجصصها ثم استحقت ليس له أن يرجع بقيمة ذلك وإنما يرجع بثمن الدار وبما يمكن هدمه وتسليمه إليه ويرجع بقيمته مبنيا على البائع لكونه مغرورا ولو امتنع من له السكنى من مرمتها أجرها القاضي ورممها من أجرتها ثم إذا استغنت ترد إلى من له السكنى وهكذا الحكم إذا صارت للمساكين تؤجر وترمم من غلتها وما فضل منها يكون لهم ولو امتنع احد الموقوف عليهم من الترميم تقسم الدار ويؤجر نصيبه مدة يحصل منها قدر ينوبه لو دفع من عنده ثم بعد ذلك يرد إليه نصيبه ولو قال جعلت سكناها لزيد مدة حياته إن شاء سكنها وإن شاء أجرها وأخذ غلتها وله أن يجعل سكناها لمن شاء من الناس يفعل ذلك كلما يراه وإذا مات زيد ومن جعل له زيد السكنى تؤجر وتكون غلتها للمساكين صح وكان لزيد أن يجعل سكناها لقوم بعد قوم وليس له أن يفوَّض لغيره ما فوَّض إليه إلا بشرط منه له عند الوقف ولو كان الموقوف عليهم مرتين فجعل التفويض المذكور لواحد منهم بعينه اختص به ولو جعل سكناها لرجل معين ثم من بعده لبناته أو أمهات أولاده صح والله أعلم.