الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب بيان ما يجوز وقفه وما لا يجوز وما يدخل تبعا وما لا يدخل وإنكار دخول بعض الموقوف فيه ووقف ما يقطعه الإمام]
إذا وقف الحر العاقل البالغ أرضه أو داره أو ما جرى التعارف بوقفه من المنقولات وهو غير محجور عليه ولا مرتد يصح لازما عند عامة العلماء وقال أبو حنيفة يجوز جواز الإعارة أو لا يجوز على ما بينا فى أول الكتاب فلو قال أرضى هذه صدقة موقوفة لله عز وجل أبدا ولم يزد تصير وقفا (1) ويدخل فيه ما فيها من الشجر والبناء دون الزرع والثمرة كما فى البيع ويدخل فيه أيضا الشرب والطريق استحسانا لأنها إنما توقف للاستغلال وهو لا يوجد إلا بالماء والطريق فكان كالإجارة بخلاف ما لو جعل أرضه أو داره مقبرة وفيهما أشجار عظام وأبنية فإنها لا تدخل فى الوقف فتكون له ولورثته من بعده ولو قال أرضى هذه صدقة موقوفة بحقوقها وجميع ما فيها ومنها وعلى الشجر ثمرة قائمة يوم الوقف قال هلال فى القياس تكون الثمرة له ولا تدخل فى الوقف وفى الاستحسان يلزمه التصدق بها على الفقراء على وجه النذر لا على وجه الوقف لأنه لما قال بجميع ما فيها ومنها فقد تكلم بما يوجب التصدق فيلزمه التصدق بالثمرة التي كانت متصلة به يوم الوقف وما يحدث بعده يصرف فى الوجوه التي سماها لكونه غلة الوقف وذكر الناطفي رجل قال جعلت أرضى هذه وقفا على الفقراء ولم يقل بحقوقها يدخل البناء والشجر الذي فيها تبعا ولا يدخل الزرع النابت فيها حنطة كان أو شعيرا أو غيره وكذلك البقل والآس والرياحين والخلاف والطرفاء وما فى الأجمة من حطب يقطع فى كل سنة والورد والياسمين وورق الحناء والقطن والباذنجان وزهر بصل النرجس والرطاب فإنها لا تدخل وأما الأصول التي تبقى والشجر الذي لا يقطع إلا بعد عامين أو أكثر فإنها تدخل تبعا ولو زاد بحقوقها تدخل
(1) بيان ما يدخل فى الوقف وما لا يدخل
الثمرة القائمة فى الوقف وهذا أولى خصوصا إذا زاد بجميع ما فيها منها ولو وقف دارا بجميع ما فيها وفيها حمامات يطرن أو بيتا وفيه كوَّارات عسل يدخل الحمام والنحل تبعا للدار والعسل كما لو وقف ضيعة وذكر ما فيها من العبيد والدواليب وآلات الحراثة فإنها تصير وقفا تبعا لها وإن لم يجز إيصاله كالماء والهواء والأطراف فى بيع الأراضي والعبيد ونفقتهم من غلة الوقف وإن لم يذكرها الواقف ولو زوج الحاكم جارية الوقف يجوز وعبده لا يجوز ولو من أمة الوقف لأنه يلزمه المهر والنفقة ولو ضعف بعضهم عن العمل يجوز للقيم بيعه وشراء غلام بدله وكذلك الدواليب والآلات يبيعها ويشترى بثمنها ما هو أصلح للوقف وليس للقيم قطع الأشجار المثمرة ولا بيعها وله بيع غيرها بعد القطع لا قبله لأنها ما دامت متصلة بالأرض تكون تبعا لها وإذا نبت الفسيل فى أصول النخل إن كان فى تركه ضرر بالنخل يقطع ويباع وثمنه غله للوقف كثمن السعف وإلا يتركه على حاله وإذا صار نخلا خرج من أن يكون غلة وصار وقفا وهكذا حكم سائر ما ينبت من أصول أشجار الوقف ولو كان فى الكرم الوقف شجر يضر ظلها بثمارها إن كان ثمرها يزيد على ما ينقص من ثمره لا يقطع ولا تقطع وهكذا الحكم لو أضرت بالأرض ولو وقف ضيعة له وقال شهرتها تغنى عن تحديدها جاز الوقف ثم لو قال عن بعض قطع من الأرض إنها غير داخلة فى الوقف ينظر إلى حدودها فإن كانت مشهورة وكانت تلك القطع داخلها كانت وقفا وإلا كان القول فيها قوله وهكذا الحكم لو وقف دارا وقال إن هذه الحجرة لم تدخل فى الوقف فإنه ينظر إلى حدودها وتسأل الجيران عنها فإن شهدوا أنها من الدار كانت وقفا وإلا كان القول قوله فيما أشكل كونه وقفا ولو وقف أرضا أقطعه إياها السلطان فإن كانت ملكا له أو مواتا صح وإن كانت من بيت المال لا يصح ولا يصح وقف أرض الحوز وهى ما حازاها السلطان عند عجز أصحابها عن زراعتها
وأداء مؤنها بدفعهم إياها إليه لتكون منفعتها للمسلمين مقام الخراج ورقبة الأرض على ملك أربابها فلو وقفها من أدخله السلطان فيها لعمارتها لا يصح لكونه مزارعا ولو وقف أرضا اشتراها بعقد فاسد يصح إن كان بعد القبض لأنه استهلكها بإخراجه إياها عن ملكه بالوقف وعليه قيمتها وإن كان قبله أو كان البيع باطلا كان الوقف باطلا ولو وهبت له أرض هبة فاسدة فقبضها ثم وقفها صح وعليه قيمتها ولو استحق ما وقفه لا يلزمه أن يشترى بثمنه الذي يرجع به على البائع أرضا ليقفها بدلا لأنه وقف ما لا يملك ولو استحق بعضه مشاعا وأخذه المستحق لا يبطل الوقف فى الباقي عند أبى يوسف لأنه يجيزه مشاعا ابتداء فبالأولى بقاه ولو اشترى أرضا بالخيار وقبضها ثم وقفها قبل مضى مدته يصح ويكون ذلك إبطالا لخياره وهكذا الحكم فى البائع إذا كان الخيار له ووقف ما باع ولو بعد التسليم ولو وقفها المشترى بعد القبض فى مدة خيار البائع فأمضى البيع لزم وبطل الوقف لأن البات إذا طرأ على موقوف أبطله ولو استحقت بعد الوقف فضمن قيمتها جاز شراؤه ووقفه ومثله العتق لاستناد الملك إلى زمن الاستيلاء ولو اشترى أرضا فوقفها ثم أطلع فيها على عيب رجع بالنقصان ولا يلزمه أن يشترى به بدلا لعدم دخول نقصان العيب فى الوقف ولو وقف ما اشتراه قبل قبضه أو ما رهنه بعد تسليمه صح ويجبره القاضي على دفع ما عليه إن كان موسرا وإن كان معسرا أبطل الوقف وباعه فيما عليه بخلاف عتق المرهون لعدم إمكان رفعه بعد نزوله وبخلاف الوقف بعد الإجارة والتسليم إلى المستأجر لعدم تعلق حقه بماليتها وذكر البقالي فى فتاويه اختلافا فى جواز وقف البناء بدون الأرض وذكر عن محمد رحمه الله أنه قال إذا وقف بناءه فى أرض الوقف على الجهة التي وقفت الأرض عليها جاز وذكر فى أوقاف الخصاف أن وقف حوانيت الأسواق يجوز إن كانت الأرض بإجارة فى أيدي الذين بنوها لا يخرجهم السلطان عنها من قبل انا رأيناها فى أيدي