الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني
في الكلام على
قوله صلى الله عليه وسلم: «لي خمسة أسماء»
[ (1) ] وطرقه اعلم أنه ورد من حديث جبير بن مطعم، وجابر بن عبد الله وعوف بن مالك وأبي موسى وحذيفة بن اليمان وابن مسعود وابن عباس، وأبي الطفيل- رضي الله تعالى عنهم-.
حديث جبير رواه عنه ابنه محمد، ونافع. ورواه عن محمد الزهري، وعنه خلق منهم سفيان بن عيينة وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، ومالك بن أنس، ومحمد بن ميسرة- رحمهم الله أجمعين-.
ذكر رواية سفيان لفظ روايته فيما
رواه الإمام أحمد ومسلم والتّرمذي في الجامع والشمائل: «إنّ لي خمسة أسماء: أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي»
[ (2) ] .
ولفظ رواية شعيب فيما رواه الشيخان والدارمي كلفظ رواية سفيان. ولفظ رواية معمر فيما رواه الشيخان والطبراني كلفظ رواية سفيان، لم يذكروا خمسة وإنما وقعت هذه اللفظة في رواية الإمام مالك ومحمد بن ميسرة.
ولفظ
رواية مالك فيما رواه يحيى بن بكير عنه، عن ابن شهاب، عن محمد بن جبير- رحمهم الله تعالى- إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن لي خمسة أسماء أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب» .
قال ابن عبد البر- رحمه الله تعالى-: وهو مرسل في رواية يحيى ووصله عنه معن بن عيسى وغيره. وقد ذكره الدارقطني في أوهام مالك.
قال الشيخ: وقد رواه البخاري من طريقه موصولاً.
قلت: قال الحافظ: كذا وقع موصولاً من عند معن بن عيسى عن مالك. وقال الأكثر:
عن مالك، عن الزهري، عن محمد بن جبير مرسلاً. ووافق معناً على وصله، عن مالك جويرية بن أسماء عند الإسماعيلي ومحمد بن المبارك عن عبد الله بن نافع عن أبي عوانة
[ (1) ] أخرجه البخاري من حديث جبير بن مطعم 5/ 24 كتاب المناقب (3532) ومسلم 4/ 1728 (124- 2354) وابن سعد في الطبقات 1/ 1/ 65، وابن عبد البر في التمهيد 9/ 151- 152. والبيهقي في الدلائل 1/ 154.
[ (2) ] انظر التخريج السابق.
وأخرجه الدارقطني في الغرائب عن آخرين عن مالك، وقال إن أكثر أصحاب مالك أرسلوه.
قال الحافظ: وهو معروف الاتصال عن غير مالك وصله يونس بن زيد وعقيل، ومعمر وحديثهم عند مسلم. وشعبة وحديثه عند المصنّف في التفسير، يعني البخاري، وابن عيينة عند مسلم، والترمذي، كلهم عن الزهري.
ولفظ
رواية محمد بن ميسرة: «إن لي خمسة أسماء أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب يعني الخاتم»
[ (1) ] . رواه البيهقي.
ذكر
رواية نافع بن جبير عن أبيه: «أنا محمد وأنا أحمد والحاشر والماحي والخاتم والعاقب» .
رواه الإمام أحمد والبيهقي وأبو نعيم.
قال الشيخ- رحمه الله تعالى-: هكذا عدّها وهي ستة وفيها دلالة على أنه لم يقع له لفظ خمس من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قال: لي أسماء. فذكر منها جبير ما ذكر أو ذكرها كلها وحفظ منه بعضها.
وقال عبد الملك بن مروان لنافع: أتحصي أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدّها؟. قال: نعم هي ستة: محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماحي.
فأما حاشر: فيبعث مع الساعة نذيراً لكم بين يدي عذاب شديد. وأما عاقب فإنه عقب الأنبياء وأما ماحي فإن الله محا به سيئات من اتبعه. رواه يعقوب بن سفيان بسند رجاله ثقات، والحاكم وصححه، والبيهقي وأبو نعيم.
وقال ابن دحية: هو مرسل حسن الإسناد.
وقال الشيخ: بل هو متصل، فإن نافعاً رواه عن أبيه وإنما لم يذكره لتقدم قول عبد الملك: التي كان جبير يعدها.
حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أحمد، وأنا محمد، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وإذا كان يوم القيامة كان لواء الحمد بيدي وكنت إمام المرسلين وصاحب شفاعتهم» .
[ (1) ] انظر التخريج السابق.
رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم من طريقه.
طريق أخرى وفيه حديث عائشة وأنس وعلي وأسامة بن زيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم.
روى ابن عدي عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ لي عند ربي عشرة أسماء: «أنا محمد، وإنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبيّ، وأنا الحاشر الذي يحشر الخلائق معي على قدمي، وأنا رسول الرحمة، ورسول التوبة، ورسول الملاحم، وأنا المقفّي قفّيت النبيين، وأنا قثم» . قال: والقثم: الكامل.
في سنده: أبو البختري وهب بن وهب وهو متّهم
[ (1) ] .
حديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه:
قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخولنا عليهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«يا معشر اليهود والله لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفّي آمنتم أو كذّبتم» ثم انصرف وأنا معه [ (2) ] .
رواه أبو نعيم.
حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه:
قال: سمّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء فمنها ما حفظناه قال: «أنا محمد وأنا أحمد والمقفّي والحاشر، ونبيّ التوبة، ونبي الرحمة» رواه أبو نعيم والمحامليّ.
ورواه الإمام أحمد ومسلم بلفظ: منها ما حفظناه ومنها ما لم نحفظ، قال:«أنا محمد وإنا أحمد وأنا الحاشر وأنا العاقب والمقفي. ونبي الرحمة والتوبة والملحمة»
ولفظ مسلم: ونبيّ الملحمة.
حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما.
قال: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة فقال: «أنا محمد وإنا أحمد وأنا نبيّ الرحمة ونبيّ التوبة وأنا المقفّي وأنا الحاشر ونبيّ الملاحم» .
رواه الإمام أحمد والترمذي في الشمائل ورجاله ثقات
[ (3) ] .
حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سكّة
[ (1) ] أخرجه ابن عدي في الكامل 7/ 64 وأبو نعيم في الدلائل 1/ 12.
[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 6/ 25.
[ (3) ] أخرجه أحمد في المسند 5/ 405، شرح شمائل الترمذي 2/ 228.
من سكك المدينة: «أنا محمد وإنا أحمد والحاشر والمقفّي ونبي الرحمة» .
رواه ابن حبان.
حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أحمد ومحمد والحاشر والمقفّي والخاتم» .
رواه الطبراني من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ولم يلقه
[ (1) ] .
حديث أبي الطفيل رضي الله تعالى عنه:
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي عشرة أسماء» قال أبو الطّفيل: حفظت ثمانية وأنسيت اثنتين: «أنا محمد وأحمد والفاتح والخاتم وأبو القاسم والحاشر والعاقب والماحي الذي يمحو الله بي الكفر» قال سيف بن وهب: فحدثت الحديث أبا جعفر فقال:
يا سيف ألا أخبرك بالاسمين؟ قلت: بلى. قال: طه ويس [ (2) ] .
رواه ابن مردويه وأبو نعيم والديلمي.
قال ابن دحية رحمه الله تعالى: هذا سندٌ لا يساوي شيئاً يدور على وضّاع وهو أبو يحيى وضعيف وهو سيف. وأقرّه الشيخ على ذلك. وليس كذلك فإن أبا يحيى التميمي اثنان أحدهما إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فهذا هو الوضاع المجمع على تركه، وليس هو الذي في سند هذا الحديث. والثاني أبو يحيى إسماعيل بن إبراهيم التيمي. كذا سمّي هو وأبوه وفي رواية ابن عساكر وهو كما قال الحافظ في التقريب ضعيف. والله تعالى أعلم.
فصل
قال الإمام المحدث أبو عبد الله أحمد بن محمد العزفي- وهو بفتح العين المهملة والزاي وقبل ياء النسب فاء وهو من تلامذة القاضي، وأبو العباس القرطبي شارح مسلم:
أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لي خمسة أسماء قبل أن يطلعه الله تعالى علي بقية أسمائه» .
ولابن عساكر في ذلك احتمالان أحدهما أن يكون ذلك العدد فيه لبس من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم وفيه كما قال ابن دحية والحافظ نظر. زاد الحافظ: لتصريحه في الحديث بقوله:
[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 4/ 81، وابن حبان (2095) ، والطبراني في الكبير 2/ 138، وابن سعد في الطبقات 1/ 1/ 65، والبيهقي في الدلائل 1/ 125.
[ (2) ] انظر الشفا للقاضي عياض 1/ 448.
الثاني: أن يكون ذلك من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقتضي ذلك الحصر. وخصّ هذه الخمسة بالذكر إمّا لعلم السامع بما سواها، فكأنه قال لي خمسة أسماء فاضلة معظّمة، أو لشهرتها كأنّه قال لي: خمسة أسماء مشهورة أو لغير ذلك مما يحتمله اللفظ من المعاني، وهذا الاحتمال استظهره ابن دحية والحافظ وزاد: أو:
«إن لي خمسة أسماء أختصّ بها لم يسمّ بها أحد قبلي» .
وقال القاضي: إنما خصت هذه الأسماء بالذّكر لأنها موجودة في الكتب المتقدمة وعند أولي العلم من الأمم السابقة.
وتعقّب بأن أسماءه الموجودة في الكتب المتقدمة أكثر من ذلك.
وقال الشيخ: إن قوله لي خمسة أسماء لا ينافي أن له أكثر من ذلك لأن قواعد الأصول أن العدد لا يخصّص، وكم ورد في الأحاديث ذكر أعداد لم يقصد الحصر منها، كحديث «سبعة يظلّهم الله في ظل عرشه» وقد وردت أحاديث بزيادة عليها ويحضرني الآن منها سبعون. وغير ذلك مما هو مشهور. قلت يأتي بيانها في الخصائص مع زيادة إن شاء الله تعالى.