الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقيل: كان من دين ذلك الملك أن لا يتعرض إلا لذوات الأزواج. كذا قيل. قال الحافظ: ويحتاج إلى تتمة: وهو إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أراد دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفهما.
وذلك أن اغتصاب الملك إياها واقع لا محالة لكن إن علم أن لها زوجاً في الحياة حملته الغيرة على قتله وإعدامه وحبسه وإضراره بخلاف ما إذا علم أن لها أخاً فإن الغيرة حينئذ تكون من قبل الأخ خاصة لا من قبل الملك فلا يبالي به وقيل أراد أن علم أنك زوجتي ألزمني بالطلاق. والتقرير الذي قررته جاء صريحاً عن وهب بن منبه. رواه عبد بن حميد في تفسيره.
وذكر الحافظ زكي الدين المنذري [ (1) ] رحمه الله تعالى في حاشية السنن عن بعض أهل الكتاب أنه كان من رأي الجبار المذكور أن من كانت متزوجة لا يقربها حتى يقتل زوجها فلذلك قال إبراهيم هي أختي لأنه إن كان عادلاً خطبها منه ثم يرجو مدافعته عنها، وإن كان ظالماً خلص من القتل وليس ببعيد مما قررته أولاً. وذكر ابن الجوزي نحو ما ذكره المنذريّ.
تفسير الغريب
قوله: فغطّ بضم الغين المعجمة على الصواب. والمراد بالشيطان هنا المتمرّد من الجن، وكانوا قبل الإسلام يعظمون أمر الجن ويرون كل ما يقع من الخوارق من فعلهم وتصرّفهم.
مهيم: وفي لفظ: مهيا. وفي لفظ: مهين. ويقال إن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أول من تكلم بهذه الكلمة.
كبت بكاف فباء موحدة مفتوحتين فمثناة فوقية: أي ردّه الله خاسئاً يقال أصله كبد أي بلغ السهم كبده ثم أبدلت الدال مثناة فوقية. انتهى كلام الحافظ.
ولإسماعيل صلى الله عليه وسلم عدة أولاد غير من ذكر في عمود النسب.
[ابن إبراهيم] إبراهيم نبي الله ورسوله وخليله أبو الأنبياء التي أتت بعده صلى الله عليه وسلم وهو اسم أعجمي معناه أب راحم.
[ (1) ] عبد العظيم بن عبد القويّ بن عبد الله، أبو محمد، زكي الدين المنذري: عالم بالحديث والعربية، من الحفاظ المؤرخين. له «الترغيب والترهيب» و «التكملة لوفيات النقلة» و «أربعون حديثا» و «شرح التنبيه» و «مختصر صحيح مسلم» في الهند مع شرحه لصديق حسن خان، و «مختصر سنن أبي داود» أصله من الشام، تولى مشيخة دار الحديث الكاملية (بالقاهرة) وانقطع بها نحو عشرين سنة، عاكفا على التصنيف والتخريج والإفادة والتحديث. مولده ووفاته بمصر. وصنف محقق كتابه «التكملة» بشار عواد معروف، توفي سنة 656 هـ. الأعلام 4/ 30.
قال في المطلع: وأكثر المحققين على أنه اسم جامد غير مشتق. وقال بعض المتكلفين: إنه اسم مركب من البراء أو البرء أو البراءة ومن الهيمان أو الوهم أو الهمة فقالوا:
برئ من دون الله فهام قلبه بذكره.
وقال بعضهم: برئ من علة الزّلّة فهمّ بالحلول في محل الخلّة. وقيل: برأه الله في قالب القربة فهمّ بصدق النية إلى ملكوت الهمة قال بعضهم:
وكنت بلا وجدٍ أموت من الهوى
…
وهام عليّ القلب بالخفقان
فلمّا أراني القلب أنّك حاضري
…
شهدتك موجوداً بكلّ مكان
وفيه لغات: إحداها إبراهيم بالياء بعد الهاء وهي اللغة المشهورة. وقرأه السبعة غير ابن عامر في جميع القرآن. الثانية إبراهام بالألف. وهي قراءة ابن عامر في مواضع من القرآن، الثالثة:
إبراهوم بالواو. الرابعة أبرهم بفتح الهاء من غير ألف. نقله أبو حاتم السّجستاني قراءةً عن بعضهم، الخامسة: إبراهم بكسر الهاء من غير ياء وهي قراءة عبد الرحمن بن أبي بكر في جميع القرآن، السادسة: إبراهم بضم الهاء في جميع القرآن من غير ياء.
وهذه اللغات الستة حكاها الفرّاء.
السابعة: بإمالتها. الثامنة إبراهام. بإمالة الألف الثانية لا غير. وقرئ به شاذا. التاسعة إبرهم بحذف الألفين وفتح الهاء نقلها أبو عمرو الداني، عن قراءة عبد الرحمن ابن أبي بكر، والثعلبي عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
قال في «المطلع» وجمع إبراهيم أباره وأباريه وأبارمة وأبارهة وبراهم وبراهيم وبراهمة وبراة وتصغيره: بريه. وقيل: أبيره وقيل بريهيم.
وكنيته أبو الضّيفان.
قال عكرمة وغيره: وهو أفضل الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما جزم به الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه وبرهن عليه وكذا غيره من الأئمة.
وروى البزار واللفظ له والإمام أحمد والحاكم بسند على شرط مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: خيار بني آدم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، وخيرهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم إبراهيم.
ومثل هذا لا يقال إلا عن توقيف فهو في حكم المرفوع وبه جزم الذهبي في عقيدته وشيخنا في النقاية.
واختلف في مولده فقيل ببرزة من غوطة دمشق. قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله تعالى: والصحيح أنه ولد بكوثا من إقليم بابل من أرض العراق.
واسم أمه نوبا ويقال ليوثا وقيل غير ذلك.
ولد على رأس ألفي سنة من خلق آدم وكان بين إبراهيم ونوح عشرة قرون.
رواه الحاكم في المستدرك عن الواقدي.
وكان يتكلم بالسريانية أولاً وإنما نطق بالعبرانية حين عبر النهر فارّاً من نمروذ. وهو بضم النون وآخره ذال معجمة، لا ينصرف للعجمة والعلمية. ولا تدخله الألف واللام.
وروى الطبراني بسند رجال ثقاة عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بين إبراهيم ونوح عشرة قرون» .
وكان نمروذ قال للذين أرسلهم في طلبه: إذا وجدتم فتى يتكلم بالسريانة فردّوه. فلما أدركوه استنطقوه فحول الله لسانه عبرانياً وذلك من حين عبر النهر فسميت العبرانية بذلك.
وأما السريانية فذكر ابن سلام أنها سميت بذلك لأن الله تعالى حين علّم آدم الأسماء علمه سراً من الملائكة وأنطقه بها حينئذ.
وله عدة أولاد غير إسماعيل صلى الله عليه وسلم.
قال في المطلع: وكان لإبراهيم صلى الله عليه وسلم في طريق الحق عشر مقامات نال بها غاية الكرامات.
الأول: مقام الطلب: هذا رَبِّي.
والثاني: مقام الدعوة وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ.
الثالث: مقام الفضيلة وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى.
الرابع: مقام الفقر والفاقة رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ.
الخامس: مقام النعمة وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ.
السادس: مقام المغفرة وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ.
السابع: مقام المحبة أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى.
الثامن: مقام المعرفة وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ.
التاسع: مقام الهيبة إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ.
العاشر: مقام الوارثة، وفي هذا المقام حصل له الاستغناء عن الواسطة فقال:«حسبي من سؤالي علمه بحالي» .
قال المؤرخون: هاجر إبراهيم من العراق إلى الشام وبلغ عمره مائة وخمساً وسبعين سنة وقيل مائتي سنة. ودفن في الأرض المقدسة وقبره مقطوع بأنه في تلك المربعة. ولا يقطع بقبر
نبيّ ومكانه غير قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكان قبر إبراهيم أبيه صلى الله عليهما وسلّم.
وكان أول من اختتن. روى ابن أبي شيبة وابن سعد وابن حبان والحاكم بسند صحيح من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: اختتن إبراهيم وهو ابن عشرين ومائة سنة بالقدوم وعاش بعد ذلك ثمانين سنة.
قال سعيد- رحمه الله تعالى-: وكان إبراهيم أول من اختتن وأول من رأى الشّيب فقال:
يا رب ما هذا؟ فقال: وقار يا إبراهيم. قال: رب زدني وقاراً. وأول من أضاف الضيف، وأول من جزّ شاربه، وأول من قص أظافيره، وأول من استحدّ.
ورواه ابن عدي والبيهقي مرفوعاً.
وروى أبو يعلى وأبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة فعجل واختتن بالقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربّه فأوصى الله إليه: إنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته فقال يا ربي كرهت أن أؤخر أمرك.
عليّ بالتصغير. ورباح بالموحدة.
وروى الشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم»
[ (1) ] .
قال الحافظ: القدوم رويناه بالتشديد عن الأصيلي والفاسي- رحمهما الله تعالى- ووقع في رواية غيرهما بالتخفيف. قال النووي: لم يختلف الرواة عند مسلم في التخفيف. واختلف في المراد به فقيل: اسم مكان. وقيل: اسم آلة النجّار، فعلى الثاني هو بالتخفيف لا غير، وعلى الأول ففيه لغتان. هذا قول الأكثر. وعكسه الداودي. ثم اختلف فقيل: هي قرية بالشام. وقيل بلدة بالسّراة. والراجح أن المراد في الحديث الآلة. ثم ذكر أثر عليّ بن رباح.
والذي في الصحيح عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه-: أنه اختتن وهو ابن ثمانين سنة قال الحافظ: وعند ابن حبان عنه مرفوعاً أن إبراهيم اختتن وهو أبن مائة وعشرين سنة والظاهر أنه سقط من هذه الرواية شيء فإن هذا القدر مقدار عمره. قلت: ورواه الحاكم وصححه على شرطهما وأقرّه عنه الذهبي مرفوعاً بلفظ: بعد مائة وعشرين سنة. ووقع في كتاب العقيقة لأبي الشيخ من طريق الأوزاعيّ عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موصولاً مرفوعاً مثله. وزاد: وعاش بعد ذلك ثمانين سنة. فعلى هذا يكون عاش مائتي سنة. وجمع بعضهم بأن الأول حسب من مبدأ نبوّته والثاني من مبدأ مولده.
[ (1) ] أخرجه البخاري 4/ 279 كتاب الأنبياء (3355) ومسلم 4/ 1829 كتاب الفضائل (151- 2370) .
وروى وكيع عن إبراهيم النخعي [ (1) ]- رحمه الله تعالى- قال: كان إبراهيم أول من تسرول وأول من فرق وأول من استحدّ، وأول من اختتن، وأول من أقرى الضيف، وأول من شاب.
وروى وكيع عن واصل مولى أبي عيينة- رحمه الله تعالى- قال: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم: إنك أكرم أهل الأرض عليّ فإذا سجدت فلا تر الأرض عورتك. قال: فاتخذ سراويل.
وروى الديلمي عن أنس مرفوعا: أول من خضب بالحناء والكتم إبراهيم.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف والبزّار عن سعد بن إبراهيم- رحمه الله تعالى- قال:
أول من خطب على المنبر إبراهيم [ (2) ] .
وروى ابن عساكر عن حسان بن عطية [ (3) ]- رحمه الله تعالى- قال: أول من رتب العسكر في الحرب ميمنةً وميسرةً وقلباً إبراهيم عليه الصلاة والسلام لمّا سار لقتال الذين أسروا لوطاً- عليه الصلاة والسلام[ (4) ] .
وروى البزار والطبراني عن معاذ بن جبل [ (5) ] مرفوعاً: «أن أتّخذ المنبر فقد اتّخذه أبي إبراهيم، وأن أتخذ العصا فقد اتّخذها أبي إبراهيم» .
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الرمي عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: أول من عمل القسيّ إبراهيم.
وروى ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان أول من أضاف الضيف إبراهيم»
[ (6) ] .
[ (1) ] إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبو عمران الكوفي الفقيه، ثقة، إلا أنه يرسل كثيرا، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين، وهو ابن خمسين أو نحوها. التقريب 1/ 46.
[ (2) ] ذكره السيوطي في الدر 1/ 115 وعزاه للديلمي.
[ (3) ] حسان بن عطية المحاربي مولاهم أبو بكر الدّمشقي الفقيه. عن أبي أمامة ولم يسمع منه وابن المسيّب. وعنه الأوزاعي وأبو غسان محمد بن عمر. وثقه أحمد وابن معين. قال الذهبي: بقي إلى قريب الثلاثين ومائة. انظر الخلاصة 1/ 207.
[ (4) ] ذكره السيوطي في الدر 1/ 115 وعزاه لابن عساكر.
[ (5) ] معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بمعجمة آخره ابن عدي بن كعب بن عمرو بن آدي بن سعد بن علي بن أسد بن سارذة بن تريد بمثناة ابن جشم بن الخزرج الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن المدني، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشهد بدرا والمشاهد له مائة وسبعة وخمسون حديثا. وعنه ابن عباس وابن عمر ومن التابعين عمرو بن ميمون وأبو مسلم الخولاني ومسروق وخلق، وكان ممن جمع القرآن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يأتي معاذ يوم القيامة أمام العلماء» .
وقال ابن مسعود: كنا نشبهه بإبراهيم عليه السلام وكان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين. توفي في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وقبر ببيسان في شرقيه. قال ابن المسيب: عن ثلاث وثلاثين سنة، وبها رفع عيسى عليه السلام. الخلاصة 3/ 36135.
[ (6) ] ذكره السيوطي في الدر 1/ 115 وعزاه لابن عدي والبيهقي.
وروى ابن سعد وابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب عن عكرمة- رحمه الله قال: «كان إبراهيم خليل الرحمن يكنى أبا الضيفان، وكان لقصره أربعة أبواب لكي لا يفوته أحد» .
وروى البيهقي عن عطاء- رحمه الله قال: كان إبراهيم خليل الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتغذى طلب من يتغذى معه ميلاً في ميل.
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والخطيب في التاريخ عن تميم الداري [ (1) ] مرفوعاً: إن أول من عانق إبراهيم- عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-.
وروى ابن سعد عن محمد بن السائب- رحمه الله تعالى- قال: إبراهيم أول من أضاف الضيف وأول من ثرد الثريد، وأول من رأى الشيب.
وكان قد وسع عليه في المال والخدم.
وروى الإمام أحمد في الزهد عن مطرف- رحمه الله تعالى- قال: أول من راغم إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين راغم قومه إلى الله تعالى بالدعاء.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف والشيخان والترمذي والنسائي [ (2) ] عن ابن عباس مرفوعاً وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وأبو نعيم عن عبيد بن عمير وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن عبد الله بن الحارث- رضي الله تعالى عنهم- أن الناس يحشرون حفاةً عراة فيقول الله: لا أرى خليلي عرياناً. فيكسى إبراهيم ثوباً أبيض.
ولفظ عبد الله بن الحارث: «قبطيتين فهو أول من يكسى، ثم يكسى النبي صلى الله عليه وسلم حلته الحبرة وهو على يمين العرش» [ (3) ] .
وروى ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن سلمان- رضي الله تعالى عنه- قال:
[ (1) ] تميم بن أوس بن خارجة الدّاري أبو رقيّة بتحتانية. أسلم سنة تسع وسكن بيت المقدس. روى عنه سيد البشر صلى الله عليه وسلم خبر الجسّاسة وذلك في (خ م) وناهيك بهذه المنقبة الشريفة. روى عنه أنس وعطاء بن يزيد. قال ابن سيرين: جمع القرآن. وكان يختم في ركعة. قال مسروق: صلى ليلة حتى أصبح يقرأ آية يرددها أم حسب الذين اجترحوا السيئات.
وقال أبو نعيم: أول من سرج في المساجد تميم. توفي سنة أربعين. الخلاصة 1/ 145.
[ (2) ] أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن النسائي: صاحب السنن، القاضي الحافظ، شيخ الإسلام. وجال في البلاد واستوطن مصر، فحسده مشايخها، فخرج إلى الرملة (بفلسطين) فسئل عن فضائل معاوية، فأمسك عنه، فضربوه في الجامع، وأخرج عليلا، فمات. ودفن ببيت المقدس، وقيل: خرج حاجا فمات بمكة. له «السنن الكبرى» في الحديث، و «المجتبى» وهو السنن الصغرى، من الكتب الستة في الحديث. وله «الضعفاء والمتروكون» صغير، في رجال الحديث، و «خصائص عليّ» و «مسند مالك» وغير ذلك.
توفي سنة 303 هـ. الأعلام 1/ 171.
[ (3) ] أخرجه البخاري 8/ 292 (4740) .
أرسل على إبراهيم- عليه الصلاة والسلام أسدان مجوّعان فلحساه وسجدا له.
وكان سبب موته أن ملك الموت قيل له: تلطف بإبراهيم. فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير لم يبق منه شيء فلما رآه إبراهيم رحمه. فأخذ مكتلا ثم دخل عنبه فقطف من العنب في مكتله، ثم جاء فوضعه بين يديه فقال: كل. فجعل يضع يده ويريه أنه يأكل ويمجّه على لحيته وعلى صدره، فعجب إبراهيم فقال: ما أبقت السنّ منك شيئاً! كم أتى لك؟
فحسب مدة إبراهيم. فقال: أتى لي كذا وكذا. فقال إبراهيم: قد أتى لي هذا وإنما أنتظر أن أكون مثلك! اللهم اقبضني إليك. فطابت نفس إبراهيم عن نفسه للموت. وقبض ملك الموت نفسه في تلك الحال.
رواه الإمام أحمد وأبو نعيم في الحلية عن كعب.
وله عدة أولاد غير إسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
ابن تارح تارح- بمثناة فوقية فألف فراء مفتوحة فحاء مهملة كما في الفتح والنّور، ورأيته بخط جماعة بإعجامها- ومعناه [يا أعوج] وهو آزر. قال الجوهري اسم أعجمي. وقيل عربي مشتق من آزر فلانا فلاناً إذا عاونه. فتارح وآرز اسمان له كما جزم به غير واحد. وصححه السهيلي.
قال: وقيل معناه يا أعوج. وقيل هو اسم صنم وانتصب على إضمار فعل في التلاوة في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أي دع آزر. وقيل إن آزر كلمة معناها الزجر والتعنيف وقال التوزري: كان لأبي إبراهيم اسمان: تارح وآزر هذا قول الحسن والسّدّي رحمهما الله تعالى.
قال: وقيل إن آزر اسم صنم منصوب بإضمار فعل تقديره: أتتخذ آزر إلهاً أتتخذ أصناماً.
هذا على قراءة من فتح الراء وأما على قراءة من ضمها، قلت: وهو يعقوب. فقيل: إنه في لغتهم عبارة عن المخطئ، أي يا مخطئ.
قال: وقيل إنها مشتقة من المؤازرة أي المعاونة، كان يعاون قومه على عبادة الأصنام.
قال: ويجوز أن يكون اسماً لأبي إبراهيم مع الرفع ويكون منادى بإسقاط حرف النداء وقال الزمخشري: آزر عطف بيان لأبيه وقرئ آزر بالضم على النداء وقيل: آزر اسم صنم، فيجوز أن يكون سمّي به للزومه عبادته أو أريد: عابد آزر، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقرئ: «أزراً أتتخذ أصناماً آلهة» ، بفتح الهمزة وكسرها بعد همزة الاستفهام وزاي
ساكنة وراء منصوبة منونة وهو اسم صنم ومعناه: لم تعبد آزر على الإنكار ثم قال: «أتتخذ أصناماً آلهة» تبييناً لذلك وتقريراً وهو داخل في حكم الإنكار كالبيان له وقال الإمام الثعلبي [ (1) ] في العرائس: اسم أبي إبراهيم الذي سماه به أبوه تارح فلما صار مع نمروذ قيّماً على خزانة آلهته سماه آزر.
ابن ناحور ناحور بنون فألف فحاء مهملة مضمومة وهو غير الذي سبق قبل إسماعيل.
قال ابن هشام في التيجان: عاش مائة وستة عشر عاماً وقال ابن حبيب: عاش مائة وثمانياً وأربعين سنة.
ابن شاروخ شاروخ بشين معجمة فألف فراء مضمومة فواو فخاء معجمة. كذا ضبطه الحافظ وضبطه النووي في الأمالي والتّوزري بالمهملات وقال الجوّاني: ساروغ بالغين المعجمة.
وقال الملك المؤيّد صاحب حماة: وربما قيل بالعين المهملة. قال ابن هشام: عاش مائتين وسبعة أعوام.
ابن راغو راغو: بغين معجمة مضمومة. وحكى التّوزري إهمالها. وأرغو بفتح الهمزة وسكون الراء وضم الغين المعجمة أو المهملة ويقال: رغو. بفتح الراء وسكون الغين المعجمة. ومعناه بالعربية قاسم. قال ابن حبيب: عاش مائتي سنة واثنتين وثلاثين سنة. وقال ابن الكلبي مائتين وستين سنة.
ابن فالخ قال النووي: بفاء فألف فلام مفتوحة فخاء معجمة ويقال فالغ بغين معجمة. وقال ابن هشام في التيجان: إنه اسم سرياني وتفسيره بالعربي: وكيل، وإنه أخو هود، وإنه حين تكلم أبوه بالعربية بجبل الجوديّ لم يتكلم بها، وإنه عاش مائة وسبعاً وستين سنة وقال ابن الكلبي:
مائتي سنة وتسعين سنة. قال ابن حبيب: مائتي سنة وتسعاً وثلاثين سنة. وقال الجوّاني: وأمه بيشاحا.
[ (1) ] أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أبو إسحاق مفسر، من أهل نيسابور له اشتغال بالتاريخ، من كتبه عرائس المجالس، والكشف والبيان في تفسير القرآن ويعرف بتفسير الثعلبي. توفي سنة 427 هـ. الأعلام 1/ 212، وأنباه الرواة 1/ 119، والبداية والنهاية 12/ 40.
ابن عيبر عيبر بعين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية فباء موحدة وزن جعفر. قاله الحافظ والنووي والتّوزريّ. قال: ويقال عابر بالألف. قال ابن حبيب: عاش مائة وأربعاً وثلاثين سنة. وقال ابن الكلبي: أربعمائة وثلاثاً وستين سنة. قال الجوّاني: وهو هود النبي صلى الله عليه وسلم. وقال السهيلي والحافظ: الراجح في نسب هود أنه هود بن عبد الله بن رباح بن حادر بن عاد بن عوص بن آدم بن سام بن نوح. قال الجواني: وأمه مرجانة وكانت من الطاهرات.
تنبيه: نقل السهيلي والتوزري عن الطبري ورأيته في تاريخه أن بين عابر وفالخ أباً اسمه قينان. ولفظ التوزري: قينن بقاف مفتوحة بعدها ياء مثناة تحتية فنونين. ترك ذكره في التوراة لأنه كان ساحراً. ونقل بعضهم عن ابن حزم أنه تعقب الطبري بأنه ثابت في التوراة بإجماعهم.
ابن شالخ شالخ قال النووي بشين معجمة فألف فلام مفتوحة، فخاء معجمة. قال السهيلي: ومعناه الرسول أو الوكيل. قال ابن هشام: عاش ثلاثمائة سنة وثلاثاً وستين. وقال ابن حبيب أربعمائة وثلاثاً وثلاثين سنة. وقال ابن الكلبي: أربعمائة وثلاثاً وتسعين سنة. وهو وصيّ أبيه.
ابن أرفخشذ أرفخشذ. قال النووي والتوزري بفتح الهمزة فراء مهملة ساكنة ففاء مفتوحة فخاء ساكنة فشين زاد الثاني مفتوحة. فذال معجمات. قال الحافظ: ويقال فيه أرنخشذ بنون بدل الفاء والفخشذ باللام زاد صاحب «النور» الفشخذ باللام وتقديم الشين على الخاء قال السهيلي:
تفسيره مصباح مضيء. وشاذ مخفف بالسريانية: الضياء.
وأمه من بنات الملوك ابن خنوخ بن يرد بن قينان بن أنوش.
قال ابن هشام: عاش أربعمائة عام وثلاثة أعوام وهو وصيّ أبيه.
وقال ابن حبيب: أربعمائة سنة وستين سنة. وقال ابن الكلبي: أربعمائة وثمانية وستين سنة.
وله من الذكور عابر وهو وصيّ ومالك وقينان.
وهو أول من نظر في علم النجوم واستنبط ذلك من تنور صفر كان كتب فيها علمها قبل الطوفان ودفن في الأرض فاستخرجه وعلم ما فيه.
ابن سام سام: بسين مهملة مخفف الميم.
روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه وصححه
الحاكم من حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم»
[ (1) ] .
وروى البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولد نوح ثلاثة سام وحام ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر، والسودان» [ (2) ] .
وسنده ضعيف.
قال النووي رحمه الله: لما حضرت نوحاً الوفاة أوصى إلى ولده سام، وكان ولد قبل الطوفان بثمانية وتسعين سنة، ويقال كان سام بكره. قال ابن هشام: إنّه كان وصيّ أبيه وإنه ولي أهل الأرض. قال: وقال وهب رحمه الله تعالى: أتى الحواريون عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فسار بهم إلى قبر سام بن نوح فقال: أجبني يا سام بإذن الله تعالى. فقام بقدرة الله كالنخلة فقال له عيسى: كم عشت؟ قال: عشت أربعة آلاف سنة فقال عيسى: كيف كانت الدنيا؟ قال:
كبيتٍ له بابان دخلت من هذا وخرجت من هذا. وإنه كان جزوعاً من الموت فسأل نوح ربّه أن لا يميت سام حتى يسأل الموت. قال: وإنّ ساماً اعتلت نفسه ومرض مرضاً شديداً على كبر فسأل ربّه الموت فمات.
وقال ياقوت في معجم البلدان: نوى- بفتح النون والواو- بليدة من أعمال حوران من نواحي دمشق، وهي مدينة أيوب وبها قبر سام عليهما الصلاة والسلام.
تنبيه: قال الشيخ برهان الدين الناجي الدمشقي في مولده المسمى بكنز الراغبين العفاة:
ليس سام بنبيّ خلافا لما وقع لأبي الليث السمرقندي في بستانه فاحذره واحذر من قلّده.
انتهى.
وقد روى ابن سعد في الطبقات والزبير بن بكار في الموفقيات عن الكلبي رحمه الله تعالى أن ساماً كان نبيّاً. لكن الكلبي متروك.
ابن نوح نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال النووي: هو اسم أعجمي والمشهور صرفه وقيل يجوز صرفه وترك صرفه. انتهى.
[ (1) ] أخرجه الترمذي (3231) وأحمد في المسند 5/ 9 والطبراني في الكبير 7/ 254، وابن كثير في البداية والنهاية 1/ 115، وانظر الدر المنثور 3/ 327 كنز العمال (32395) .
[ (2) ] أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 546 وابن عدي في الكامل 3/ 919.
وقيل إنه عربي واشتقاقه من ناح ينوح نوحاً ونياحة لأنه أقبل على نفسه باللوم والنّوح.
واختلف في سبب ذلك فقيل: سببه أنه كان ينوح على قومه ويتأسف لكونهم غرقوا بلا توبة ورجوع إلى الله تعالى. وقيل في اسمه غير ذلك مما لا أصل له. قال جماعة: واسمه عبد الغفار. وهو آدم الثاني لأنه لا عقب لآدم إلا من نوح صلى الله عليه وسلم.
وأثنى الله تعالى عليه في عدة آيات. قال ابن قتيبة: وكان نوح نجاراً.
وروى الطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«بين نوح وآدم عشرة قرون»
[ (1) ] .
قال الشعبي [ (2) ] رحمه الله تعالى في العرائس: أرسل الله تعالى نوحا إلى ولد قابيل ومن تابعهم من ولد شيث.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: وكان بطنان من ولد آدم أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، فكثرت الفاحشة من أولاد قابيل وكانوا قد أكثروا الفساد، فأرسل الله تعالى نوحا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهو ابن خمسين سنة، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله تعالى ويحذّرهم ويخوّفهم فلم ينزجروا، فكان كما حكاه الله تعالى عنه:
قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً.
ولما طال دعاؤه لهم وإيذاؤهم له وتماديهم في غيّهم سأل الله تعالى فأوحى الله تعالى إليه أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فلما أخبره الله تعالى بأنه لم يبق في الأصلاب ولا في الأرحام مؤمن دعا عليهم فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إلى آخرها. فأمره الله تعالى باتخاذ السفينة قال: يا رب وأين الخشب قال: اغرس الشجر. فغرس الساج وأتى على ذلك أربعون سنة فكفّ عن الدعاء عليهم، وأعقم الله تعالى أرحام نسائهم فلم يولد لهم ولد، فلما أدرك الشجر أمره الله تعالى بقطعه وتجفيفه وصنعه الفلك وعلّمه كيف يصنعه، وجعل بابه في جنبه وكان طول السفينة ثمانين ذراعاً وعرضها خمسين وسمكها إلى السماء ثلاثين والذراع إلى المنكب.
[ (1) ] ذكره الهيثمي في المجمع 6/ 321 عن ابن عباس موقوفا بلفظ «كان بين آدم ونوح عشرة قرون
…
» إلخ وعزاه للبزار وقال: فيه عبد الصمد بن النعمان وثقة ابن معين.
[ (2) ] عامر بن شراحيل الشّعبي: بفتح المعجمة، أبو عمرو، ثقة مشهور، فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة، وله نحو من ثمانين. التقريب 1/ 387.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان طولها ستمائة ذراع فأمره الله تعالى أن يحمل فيها من كل جنس من الحيوان زوجين اثنين وحشرها الله تعالى إليه من البر والبحر.
وأول ما حمل في السفينة الدّرّة وآخره الحمار.
قيل كان المؤمنون في السفينة سبعة: نوح وبنوه سام وحام ويافث وأزواج بنيه. وقيل ثمانية. وقيل عشرة. وقيل اثنان وسبعون. وقيل ثمانون من الرجال والنساء.
وكان نوح عليه الصلاة والسلام أطول الأنبياء عمراً حتى قيل إنه عاش ألف سنة وثلاثمائة سنة. ولما نزل عليه الوحي كان عمره ثلاثمائة سنة وخمسين سنة. فلبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم.
قال في «المطلع» : ما أسلم من الشياطين إلا شيطانان: شيطان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشيطان نوح عليه الصلاة والسلام. وقال إبليس لنوح عليه الصلاة والسلام: خذ مني خمساً. فقال: لا أصدقك فأوحى الله تعالى إليه: أن صدّقه في الخمس. قال: قل. قال إياك والكبر، فإني إنما وقعت فيه بالكبر. وإياك والحسد فإن قابيل قتل هابيل أخاه حسداً. وإياك والطمع فإن آدم أورثه ما أورثه الطمع. وإياك والحرص فإن حواء وقعت فيما وقعت بالحرص. وإياك وطول الأمل فإنهما وقعا فيما وقعا فيه بطول الأمل.
وسماه الله تعالى عبداً شكوراً. روى الفريابي وابن جرير والحاكم وصححه عن سلمان رضي الله تعالى عنه قال: كان نوح إذا لبس ثوباً أو طعم طعاماً حمد الله تعالى فسمّي عبداً شكوراً.
ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم ما رواه النسائي والحاكم والبزّار عن رجل من الأنصار من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال نوح لابنه: إني أوصيك بوصية وقاصرها لكي لا تنساها:
أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين. أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه وهما يكثران الولوج على الله تعالى: أوصيك بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض لو كانت في حلقة قصمتهما ولو كانت في كفة وزنتهما وأوصيك بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة الخلق وبها يرزق الخلق وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً وأما اللتان أنهاك عنهما فيحتجب الله منهما وصالح خلقه: أنهاك عن الشّرك والكبر» .
تنبيه حديث ابن مسعود مرفوعا: «إن نوحاً اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال: تنظر إلي وأنا أغتسل جار الله لونك. فاسوّد فهو أبو السّودان» رواه الحاكم وصححه وتعقّبه الذهبي بأن
في سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلة وقد ضعفوه. انتهى [ (1) ] .
والوارد في ذلك ما
رواه الإمام أحمد وابن سعد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسّهل والحزن والخبيث والطيّب»
[ (2) ] .
ابن لامك لامك بميم مفتوحة وبكسر الكاف ويقال لمك بفتح اللام وسكون الميم. ويقال بخاء معجمة بدل الكاف. قال في التيجان: لامك بالعبراني. وبالعربي: لمك. وبالسرياني لمخ.
وتفسيره: متواضع.
قال السهيلي رحمه الله تعالى: وهو أول من اتخذ العود والغناء ومصانع الماء.
قال ابن هشام: عاش سبعمائة وسبعين سنة.
ابن متوشلخ متوشلخ بميم فمثناة فوقية مشددة مضمومتان وتفتحان فواو ساكنة وتفتح فشين معجمة مفتوحة وتسكن فلام ساكنة وقد تفتح وتكسر، فخاء معجمة. قال ابن حبيب: عاش تسعمائة وستين سنة. قال الجوّاني وأمه بروخا. وكان له إخوة انقرضوا وهو وصي أبيه.
ابن خنوخ خنوخ بمعجمتين بعد الأولى نون بوزن ثمود. وقيل بزيادة ألف في أوله وسكون المعجمة الأولى. وقيل كذلك لكن بحذف الواو الأولى وقيل كذلك لكن بدل الخاء الأولى هاء وقيل كالثاني لكن بدل المعجمة مهملة. وهو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون.
روى الحاكم في المستدرك بسند واهٍ عن وهب رحمه الله تعالى أنه سئل عن إدريس
[ (1) ] ذكره العجلوني في كشف الخفا 1/ 299 وعزاه الحاكم عن ابن مسعود موقوفا وصحح إسناده وقال في الدرر المنتثرة: رواه الحاكم عن ابن مسعود وصححه انتهى. ولابن أبي حاتم والحاكم أيضا لكن بسند ضعيف عن أبي هريرة.
[ (2) ] أخرجه الترمذي (2955) وأبو داود (4693) وأحمد في المسند 4/ 400، والحاكم في المستدرك 2/ 61، والطبري في التفسير 1/ 170، وابن سعد في الطبقات 1/ 1/ 6، وأبو نعيم في الحلية 2/ 104.
فقال: هو جد أبي نوح. وقيل: جد نوح. قال الحافظ: والأول أولى، ولعل الثاني أطلق ذلك مجازاً لأن جد الأب جد.
وقد نقل بعضهم الإجماع على أنه جد لنوح. قال الحافظ: وفيه نظر، فقد روى عبد بن حميد وابن أبي حاتم بإسناد حسن عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إلياس هو إدريس ويعقوب هو إسرائيل. وروي نحوه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وسنده ضعيف.
ووجه الدلالة أنه إن ثبت أن إلياس إدريس لزم أن يكون من ذرية نوح لا أن نوحا من ذريته، لقوله تعالى في سورة الأنعام: وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ إلى أن قال: وَعِيسى وَإِلْياسَ فدل على أن إلياس من ذرية نوح سواء أقلنا إن الضمير في قوله وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ لنوح أو لإبراهيم لأن إبراهيم كان من ذرية نوح فمن كان من ذرية إبراهيم فهو من ذرية نوح لا محالة.
وذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى في المبتدأ أن إلياس بن فنحاص بن العيزان بن هارون بن عمران عليهما الصلاة والسلام. وقال الحاكم في المستدرك: اختلفوا في نوح وإدريس فقيل: إن إدريس قبله. قال: وأكثر الصحابة على أن نوحاً قبل إدريس. كذا قال وقد جرى القاضي أبو بكر بن العربي على أن إدريس لم يكن جد نوح وإنما هو من بني إسرائيل، لأن إلياس قد ورد/ أنه من بني إسرائيل واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء للنبي صلى الله عليه وسلم
«مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح»
ولو كان من أجداده لقال كما قال آدم وإبراهيم: والابن الصالح. وهو استدلال جيد. إلا أنه قد يجاب عنه بأنه قال ذلك على سبيل التواضع والتلطف، وليس نصّا فيما زعم. أشار إلى ذلك النووي.
وقول ابن إسحاق أن خنوخ هو إدريس فيما يزعمون أشار به إلى أن هذا القول مأخوذ عن أهل الكتاب. وقال المازريّ: ذكر المؤرخون أن إدريس جد نوح، فإن قام الدليل على أن إدريس أرسل لم يصح قول النسّابين إنه قبل نوح
لإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: ائتوا نوحاً فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.
وإن لم يقم دليل جاء ما قالوا به وصح أن إدريس كان نبياً ولم يرسل.
قال السّهيلي: وحديث أبي ذر الطويل ينص على أن آدم وإدريس رسولان. انتهى.
والحديث رواه الطبراني والحاكم وابن حبان وصححاه. وفيه أن إدريس كان نبياً رسولاً، وأنه أول من خطّ بالقلم.
وروى الحاكم بسند ضعيف عن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: كان إدريس رجلاً أبيض طويلاً ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس، وكانت
إحدى عينيه أعظم من الأخرى وكان في جسده نقطة بيضاء من غير مرض. قال ابن قتيبة وكان رقيق الصوت.
وسمي إدريس لكثرة ما كان يدرس من كتب الله وسنن الإسلام. وهو أول من خاط الثياب ولبسها وكان من قبل يلبسون الجلود. واستجاب له ألف إنسان ممن كان يدعوه. فلما رفعه الله تعالى اختلفوا بعده وأحدثوا الأحداث.
قال ابن قتيبة: وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة.
وقال في المطلع: إدريس بالسريانية خنوخ. ومعناه كثير العبادة وأما إدريس فاسم أعجمي غير منصرف وقيل مشتق من الدرس والدراسة بمعنى الكتابة. وسمي به لكثرة ما درس من كتب الله عز وجل، فإنه كان يحفظ صحف آدم وصحف شيث على ظهر قلبه، وكانت صحف آدم إحدى وخمسين صحيفة وصحف شيث عشرين صحيفة، وصحفه خاصة ثلاثون، وكان يحفظ الجميع ويدرسه. وكان إدريس أول من خاط وأول من أخبر عن علم الهيئة والحساب وأحكام النجوم بالتأييد السماوي. رفع الله تعالى عنه بدعائه إحساس حرارة الشمس، وعبد الله تعالى حتى تمنت الملائكة صحبته.
ابن يرد يرد بمثناة تحتية مفتوحة فراء ساكنة فدال مهملة ونقطها الجوّاني. وعليه جرى الملك المؤيد في تاريخه. قال ابن هشام في التيجان: اسمه في التوراة يارد عبراني وتفسيره ضابط.
واسمه في الإنجيل بالسريانية يرد تفسيره بالعربي: ضبط أي ضبط في الإباء فعمل بأمر الله تعالى، فلما بلغ غاية الدعوة قبضه الله تعالى وعاش تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة وهو وصيّ أبيه. قال ابن حبيب ثمانمائة سنة وخمساً وتسعين سنة.
ابن مهلاييل مهلاييل: بميم مفتوحة فهاء ساكنة فلام فألف. وقد يقال بالباء بعد اللام الأولى. قال السهيلي معناه الممدّح قال في التيجان: وولي الأرض بوصية من أبيه. واسمه بالسريانية في الإنجيل مهلاييل وتفسيره بالعربي يسبح الله. فسار بأمر الله، فلما بلغ الغاية من العمر قبضه الله، وعاش مائتي سنة وعشرين سنة قال السهيلي: وفي زمنه كان بدء عبادة الأصنام.
ابن قينن قينن: بقاف مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فنونين الأولى منهما مفتوحة وزن جعفر ويقال قينان بالألف قال في التيجان: قينان عبراني وتفسيره باللسان العربي مستوى واسمه في الإنجيل
قانيان وتفسيره بالعربي عيسى. وهو وصي أبيه. وخليفته. وقام بحق الله تعالى، وبلغ من العمر مائة سنة وعشرين سنة قال في النّور: قال بعض مشايخي إن قينان هو الذي بنى أنطاكية.
ابن يانش يانش: بمثناة تحتية فنون مفتوحة فشين معجمة. ويقال أنوش بفتح الهمزة وضم النون.
قال في التيجان: هو باللسان السرياني: إنوش بكسر الألف وتفسيره باللسان العربي صادق.
وهو ولي أمر الله تعالى في الأرض فعمل بطاعة الله حتى بلغ من العمر تسعمائة وخمسين سنة.
قال السهيلي: وهو أول من غرس النخلة وبوّب الكعبة وبذر الحبة. وقال أبو الحسن بن الأشرف أبي العباس أحمد بن القاضي الفاضل رحمه الله تعالى أول من زرع الحبة آدم، فإنه كان يحرث ويزرع قال الجواني: وأمه لبود بنت آدم وله إخوة بنون وبنات انقرضوا.
ابن صيث شيث: بشين معجمة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فثاء مثلثة ويقال فيه شياث بإمالة الشين وبالصرف فيهما ويقال بلا صرف. ويقال فيه شيث بفتح الشين وتشديد الياء بلا صرف وتفسيره هبة الله ويقال عطية الله. وقال ابن هشام: نصب لأن عليه وعلى ذريته نصبت الدنيا، وكان أجمل ولد آدم وأفضلهم وأشبههم به وأحبّهم إليه، وكان وصيّ أبيه وولي عهده، وهو أبو البشر كلهم، وإليه انتهت أنساب الناس، وعاش تسعمائة سنة واثنتي عشرة سنة.
ابن آدم آدم صلى الله عليه وسلم: يكنى أبا البشر وآدم والخليفة. فأما آدم فقيل إنه سريانيّ وهو عند أهل الكتاب آدام بإشباع فتحة الدال بوزن خاتام، ووزنه فاعال وامتنع من الصرف للعجمة والعلمية.
وقال الثعلبي: التراب بالعبرانية آدام فسمي به آدم، وحذفت منه الألف الثانية وقيل هو عربي، وجزم به الجوهري والجواليقي. ولم يحك في المطلع غيره.
واختلف في اشتقاقه فقيل هو بوزن أفعل من الأدمة وقيل من الأديم لأنه خلق من أديم الأرض. رواه الفريابي وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه.
وروى ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رحمه الله تعالى قال:
تدرون لم سمّي آدم؟ لأنه خلق من أديم الأرض ووجّهوه بأن يكون كأعين ومنع من الصرف للوزن والعلمية، وقيل هو من أدمت بين الشيئين إذا خلطت بينها، لأنه كان ماء وطيناً فخلطا جميعاً. وقال قاسم بن ثابت في الدلائل عن محمد بن المستنير قطرب: إنه لو كان من أديم الأرض لكان على وزن فاعل وكانت الهمزة فيه أصلية فلم يكن يمنعه من الصرف مانع، وإنما
هو على وزن أفعل من الأدمة. قال السهيلي: وهذا القول ليس بشيء لأنه لا يمتنع أن يكون من الأديم ويكون على وزن أفعل تدخل الهمزة الزائدة على الهمزة الأصلية كما تدخل على همزة الأدمة.
وأما الخليفة فلقوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً والخليف والخليفة:
من يخلف من تقدّمه، وكان آدم خلف قوماً من الخلق يسمون الجان، ولأنه ناب مناب ملائكة السماء.
وأما البشر فلقوله تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ وقيل: وسمي بشراً لمباشرته أعظم الأمور. وقيل لما كان في وجهه من البشر والبشاشة.
وأما الإنسان فلقوله تعالى: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً وسمي بذلك لأنسه بجنسه فإن الإنسان من اجتمع فيه اثنتان: أنسه بالغير وأنس الغير به. وقيل: اشتقاقه من النّوس وهو الحركة لكثرة حركته فيما يتحراه. وقيل: من الإيناس وهو الإبصار لأنه يدرك ببصره الظاهر وببصره الباطن.
واختلفت الآيات فيما بدئ من خلق آدم، ففي موضع: خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ وفي موضع مِنْ طِينٍ لازِبٍ وفي موضع مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وفي موضع مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ قال العلماء: وهذه الآيات راجعة إلى أصل واحد وهو التراب الذي هو أصل الطين، فأعلمنا الله تعالى إنه لمّا خلقه من تراب جعله طيناً، ثم انتقل فصار حمأ مسنوناً، ثم انتقل.
فصار صلصالاً كالفخار. قال الثعلبي في قوله تعالى حكاية عن إبليس أنه قال: خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قال العلماء أخطأ عدو الله تعالى في تفضيله النار على الطين، لأن الطين أفضل من النار، لوجوه أحدها: أن من جوهر الطين الرزانة والسكون والوقار والحلم والأناة والحياء والصبر، وذلك سبّب توبة آدم وتواضعه فأورثه المغفرة والاجتباء والهداية. ومن جوهر النار الخفّة والطيش والحدّة والارتفاع والاضطراب، وذلك سبّب استكبار إبليس فأورثه اللعنة والهلاك.
الثاني: أن الجنة موصوفة بأن ترابها المسك ولم ينقل أن فيها ناراً.
الثالث: أنها سبب العذاب بخلاف الطين.
الرابع: أن الطين سبب جمع الأشياء والنار سبب تفرقها
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله خلق آدم يوم الجمعة»
[ (1) ] .
[ (1) ] أخرجه مسلم 2/ 585 كتاب الجمعة (17- 854) .
وفضّل الله تعالى آدم بأمور: خلقه بيده وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته واصطفاه، وكرّم ذريته وعلّمهم جميع الأسماء، وجعله أول الأنبياء وعلّمه ما لم تعلم الملائكة المقربون، وجعل من نسله الأنبياء والمرسلين والأولياء والصديقين. واشتهر في كتب التواريخ أنه عاش ألف سنه صلى الله عليه وسلم. وقد بسطت الكلام على الأنبياء المذكورين في النسب الشريف مع تراجم بقية الأنبياء في كتاب الجواهر النفائس في تحبير كتاب العرائس أعان الله على إكماله وتحريره.